Skip to main content

Full text of "مجلة فصول"

See other formats




ابرح التجريب 


7 (الجزه اول 


. دناست ات وجسد الإنسان‎ 7 ET 

| التجريب والإ,ديولوجيا 
الواحد. وا المتعدد 
جماليات التلتى 

مسارح آسيا 

3٠‏ || المسرح.الحانق 
السياسة والمسرح 


4 
هی 


۱ د م . 
شالت سس( : 
متابعات ‏ الوعي بالمکان 

"التشکیل الدال 





العدد الرايسع 


شستاء ۱۹۹۵ 


۳ 











تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب .. اله 


رئيس باجاس الإدارة: سسمفيسر سترحسان 


سس س 


رئيس التسمسریر ۰ جسابر عصنور 


!]|| سب سم بء مت 


8۰ فرشا 


ااضراع الفسستی : سسعید آلسیری 


ل سے 
بدير التلسمفسرير ٠‏ حمسين چو د0 
کک تم 
اسسسریسر . حسازم شصاته 

ناصطمة قنديل. 





سعرتسارية. أآيال صسلاج 
ملح راد 





ه الأسعار فى البلاد العربية: 
الكوبت ”ارا دبنار- السعودية ۲۷ ربال - سوریا ۱۳۳ لیرة - الضرب ۸۰ درهم - سلطنة عمان ۲۲١‏ بيزة - 
العراق ۲ دیار - لبان 4۰۰۰ لیرة - البحرین ۲۷۳۷ فلس - الجمهور اليمتبة ۱۰۰ رپال - الرون ۲۰۰۰ 
فلس - قطر ۲۷ رپفل - غرة ۲۹7 سنت - توني 8 دبنار- الإمارات ۲۷ درهم - السودان ۱۷ جتبها - الجزتر 
۶ دینار - لیا ۷ر۱ دینار. 


۵ الاشتراکات من الداخل : 
عن منة (أریعة آعداد) قرنا + مصاریز الرید ۱۵۰ قرشاء ترسلل الاشترا کات بحوللة پربلية حکوم. 
عن منة (أربعة أعداد) 16 درلارً لاد - ۲۲ درلارا للهيعات. مضاف إليها مصاريف البريد (اليلاد العربية ‏ ما 
يعادل 5 دولارات) (أمريكا وأيروها - ١7‏ دولارة) , 
© ترسل الاشتراكات على العنوان التالي : 
مجلة فصول الهبئة المصمربة المامة للكتاب - نارح كورنيش النبل ‏ بولاق - القاعرة ج : م : غ٠‏ 
» الإعلانات : يتفق عليها مع إدارة اجلة آو مندوبیها المتمدين. 








الد سالد 
الشالث عشسسر 
القسدد السز اسع 





1١946 شستاء‎ 


۱۳۳ 


manne, 





المسسرج والتجريب 


( الجزء الأول ) 


8 فى هذا ERE ani!‏ الاك 


- مفتتح رئيس التسحرير ° 
_ السرح وج الإا فرزی نهمی آحمد ١١‏ 
المسرح والتجريب رالائزر الشبى عبد الكريم برشيد ۱۵ 
ملا حظ ا عر اسب وی بارخ جلال حافظ ۲۵ 
التجریب والایدیولوچیا محمن مصيلحى 4١‏ 
- السرح التجریی ومفهوم اللاتخدد مایکل فاندبن هوثیل 9۲ 
التجريب بين الكلاسيكية والحداثة نارق أوهانت 4" 
الواحد واعدد بین انجتمع والسرح سامح مسهران ‏ ۷۰ 
إشكال الغرب والخصوصيات فى التنظير السرحی ‏ عبد الرحمن بن زیدان ‏ ۸۱ 
البحث عن صيغة مسرحية جدیدة مفید فالح الحوامدة ۱۰۷ 
نظربات القراءة والمشاهدة س وزان بینیت ۱۱۸ 
- جمالیات التلفی والسرح دیتیس اندر ,۱6۱ 
- الانان والشیء فی السرح جرف قنباشروسکی:. +۱۵ 
_ خطاب الممثل: الایماء أن آرپس یلد ۱۵۸ 
معملية التجريب المسرحى عبد الرحمن عرنوس ١١17‏ 
- آنطونین آرنو وحلم جزر بالی کابیل بررنکو ۱۸۲ 
- مسارح أسيا حون جاكلير ۲۰۱ 


u‏ هه ل له 


المسرع والتجريب 


الجرء الأول ) 


أله THN‏ ات ات له 1 


جمالیات السرح الحانق 
علاقة النص بالعرض السرحي 
- التناولات النسائية للسياسة والمسرح 
- الارهاب رالسرح الحدیث 
© متابعات 


- الوعی بالکان ودلالائه 
- الشکیل الدال: قراعة و 1إشراتات؛ رفعت سلام 





حطسن عطية 
سالم أكسويندى 
جبل دولان 


جون أور- دراجان كليك 


سن حماد 
أثسرف عطية هاشم 





۲۰۹ 
۳۹۹ 
۳۳ 
۲۳۸ 


۳:۹ 
۳۹ 
۳۷۵ 





+ همههه 


مفتتح 








حين خططنا لإصدار مجلة «فصول» منذ سنوات بعيدة » وضعنا قائمة بالموضوعات الأساسية التى كنا نريد 
للمجلة أن تعالجها فى أعدادها المتلاحقة . وكان من الطبيعى أن نركّز على الموضوعات التى كانت حديئة » أو 
تبدر غريبة على الوعى الأدبى العام» فى مطالع الشمانينيات. وكانت البنيوية وما بعد البنيوية ونظريات الاستقبال 
كالهرمنيوطيقا والسميوطيقا والنقد النسائى موضوعات جاذبة » شدتنا إليها بوصفها نظريات جديدة » نحرص على 
تقديمها للقارئ العربى حرصنا على وصل هذا القارئ بمنجزات العالم الجديد. ولم يكن ذلك اغتراباً عن الواقع 
كما ترهم البعض» رولا بحثاً عن الجديد مجرد الجدة؛ أو حرصا على الإغراب الذى يبهر » وإنما كان تأكيدا 
لحضورنا فى عالم يتحول إلى قرية كونية صغيرة » مع الثورة الهائلة فى تكنولوجيا الاتصالات» وتأكيدا لمعنى 
وجودنا فى هذا العالم الذى يزيد المتقدم تقدما والمتخلف تخلفا . ولم نتخيل ٠‏ 5ل» أن التراث يمكن أن يكون 
عائقا فى الوعى بمشكلات العصر المعقدة؛ ففى التراث جوانب تؤكد معنى التقدم الذى يضيف به اللاحق إلى 
السابق»ء وتؤكد البعد الإنسانى لتبادل المعرفة بين أبناء المعمورة الإنسانية؛ بهدف تتميم النوع الإنسانى ‏ إذا جاز 
آن نستخدم عبارة الكندى الفيلسوف . وكان وعينا بمشكلات الحاضر يعنى إدراكنا أهمية أن نصل هذا الوعی 
بخبرات الاضی فی کل مجالیه وأقطاره» وخبرات الحاضر بكل اتجاهاته فى كل بقعة من المعمورة الإنسانية. ولم . 
تکن «الاصالة» فی هذا الفهم سوی الوجه الاخر من «العاصرةه» بالقدر الذی کان السجریب ومغامرة البحث 
وحرية الفکر والابداع ووضع کل شی موضم السژال» الوجه الاخر من الحدائة. 

ومع ذلك كله » لم يخطر ببالنا » حين خططنا للأعداد الأولى من مجلة «فصول» ؛ أن نخصص عددا عن 
«التجریب؛ فى الفنون والآداب بعامة أو المسرح بخاصةء فقد كان مفهوم «التجريب» ؛ مثل مفهرم (الطليعة؛» 
مفهوما نحاول أن نعيشه فى مغامرة إصدار مجلة «فصول؛ أكثر مما نؤصل له أو نسعى إلى تأسيسه. وكنا فى ذلك 
الوقت» عام ٠۱۹۸ء‏ أقرب إلى الحداثة احافظة التی تتمرد علی الواقع؛ لکن مع ا! مفاظ على خيوط الوصل التی 
لا تنقطع مع صدمة الجاوزة المعرفية» أو صدمة تأصيل الجديد الذی توجس منه الجمیم» فالحدائة التی تبنیناها فی 





مجلة «فصول؟ كانت حدالة الإضافة الكمية التى تأمل أن تتحو[ ل إلى إضافة كيفية؛ يتغير معها المجال والدی 
بفعل التراکم. ها ل كنا على حق فى ذلك؟ مسألة فيها نظرء وتتعدد فيها الآراء. . غير أن المهم أن مجلة «فصول» 
سارت فى خطى صاعدة وحتقت الکثیر» وکانت أعلى أعدادها فى لسبة ة التوزيع الأعداد التى أصلت للاتماهات 
المعاصرة تنظيرا وتطبيقا. 
وأنذكر: الآنء العدد الذى أصدرناه عن «المسرح؛ منذ سنوات عدة» مخديدا فى يونيو 13485 . وكان عددا 
متواضعا بالقياس إلى غيره من الأعداد» لم يتسع لكل الكتابات الواعدة؛ ولم ینفتح؛ بالقدر الکافی» على كل 
الأقلام العربية فى محيطها الطليعى» فانغلق فى أكثره على المعالجات التقليدية. كانت هناك دراسة مخدثت عن 
أنتونان آرتو وسرح القسوة؛ وثانية عن مسرح العبث فى فرنساء وثالثة عن قناع البرختية» ورابعة عن مسرح الحياة 
اليومية فى فرنساء وخامسة عن المسرح الحى فى أمريكاء »لکن بقية الدراسات ظلت أسيرة الدواثرالألوفة, وا ناهج 
الطروقة. حتی مقال عبد الرحمن بن زیدان عن أدب الحرب فی فی السرح الغربی» وهو القال الذى يؤكد معنى 
استقلال السرح الغربی فی بحثه الغاضب عن هوية قومية» لم یتعد عن هذه الدواثر تماماء ولم ینطلی من محاولة 
تأصيل «الشكل» عند الطيب الصديفى» أو تقنيات الغضب عند عبد الكريم برشيدء إلى طرح مفهوم عن 
«التجريب؛ فى المسرح المغربى الجديد. ولم يكن من قبيل المصادفة أن الإشارة اليتيمة إلى التجريب فى العدد 
الخاص بموضوع «المسرح: اجاهاته وقضاياه؛ کانت ف باب عروض الكتب» بعيدا عن الدراسات المعمقة والواقع 
الأدبى والمناقشات» إلى جوار العره ض السريع للدوريات الأجنبية. 


کان العرض الذى قدمه أسامة أبو طالب لكتاب جيمس إيائز عن «المسرح التجریی من ستانسلافسکی إلى 
الیوم» (ترجمة فاروق عبد القادر) هو الوقفة العابرة الوحيدة عن التجريب فى عدد عن الجاهات المسرح وقضاياه» 
كما لو كان التجريب لم يصبح قضية ملحة على كل اتجامات المسرح المالی العاصر بوجه عام؛ ومسرح العالم 
الغالث بوجه خاص. وقد حاول العرض الذى قدمه أسامة أبو طالب أن یستعرض التجريب و فى المسرح الحديث» 
تاریخه واماهاته, وعلافته بالتراث؛ ومستقبل ما هو قائم منه . ولكن غلب على العرض التلخيص ى التأريخى لتعاقب 
إمجازات المسرح التجریی ؛ دون أية وقفة عند معنى التجریب السرحی نفسه» ودون محاولة لتأصيل الفهوم» 
خصوصا فى كتاب يهدف إلى الكشف عن حقيقة فكرة التجريب المسرحى ويربطها بجذورهاء ريؤطر مجاربها 
داخل الصورة الكلية للاجتهادات؛ بدءا من الجذور حتى آخر التجارب طليعية؛ فيما یقول العر 


والواة أننى لا أريد التهوين من شأن عدد المسرح الذى سبق أن أصدرناه منذ ثلائة عشر عاماء ولكنة 
فع اننى بين ج ی عدر و 
م ل لي بتأصیا ل مفهوم للتجريب فى ذلك الوقتء لأن المفهوم لم 
يكن مطروحا بشكل ملح على الوعى النقدىء أو الممارسة المسرحية فى عمومها. . صحيح أنه كانت هناك 
مجموعات طليعية هامشية» معناثرة» مفككة» فى الوطن العربى» تسعى إلى تأسيس مسرح جدید» وتخاور التجارب 
الطليعية فى العالم کله, لکن دون وقفة تنظيرية» و اهتمام تأصیلی یفرض نفسه علی الوعی النقدی؛ ویصوغ 
إجازا يفرض نفسه فى الحضور. 


ويمكن أن نسة نستخدم مجلة «فصول» نفسها بوصفها موشرا مرة آعری؛ من حيث مجموع المقالات أو 
الأبحات الت خصصتها للتجريب فى أعدادها امختلفة. وأمامى» وا أکتب هذه اللاحظات» الدلیل ال ۰ 
خصصتها ب فی ۱ وامامی» وا : س 
سنوات (19/4 - 1990) من المجلة؛ وهو دليل قيم أصدره مركز المعلومات والتوثيق فى الهيئة المصرية العامة 
للکتاب عام ۱۹۹۳ . وبین ستین دراسة ومقالا وعرضا منشورة فی مجلة «فصول» » عن اجالات الخاصة بالسرح » 
فى هذه السنوات العشرء وهى نسبة ضعيفة عدديا بالقياس إلى الدراسات الخاصة بالموضوعات الأخرى» لا توجد 
دراسة واحدة عمل عنوان «التجریب؟ فى علاقته بالسرح أو غير المسرح. 


هذا الموقف يعنى» عندما أسترجع دلالته اليوم» غیاب الوعی التجریبی عن الکتابة, وأن ثقافتنا المعاصرة كانت 
لا تزال نائية عن الوققة الفاحصة: التأسيسية؛ التأصيلية» التى تنتقل بمفهؤم التجريب من علاقات الغياب إلى 
علاقات الحضور؛ ومن هامش الاهتمام النقدى إلى مركزه ويؤرته؛ ويعنى أخبيرا أن وعينا النقدى لم يكن» 
وأحسبه لا يزال» قادراً على مشارفة التمرد الجذری الذى يقتحم أفق الوعى الضدى بالمسلمات المألوفة. 


ولقد استمر هذا الموقف إلى أن أقيم مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى للمرة الأرلى عام ۱۹۸۸ . 
وكان المهرجان مغامرة جريئة» جسورة» فعلا من أفعال التجريب» فى بلد تغلب على ثقافته عناصر المحافظة» وينظر 
المهيمنون على مؤسسات الثقافة والإعلام فيه إلى المسرح نظرتهم إلى وسيلة التسلية والترفيه» وإلى التجريب بوصفه 
بدعة من بدع الهراطقة, خاصة فى السنوات الساداتية التى غلب عليها النفور من الثقافة الواعدة» والنظرة الستريية 
إلى المثقفين بوصفهم أسرع الفئات خروجا على الإجماع. 

وكانت الدورة الأولى لمهرجان القاهرة الدوا ى للمسرح التجريى بداية وعد جديد؛ تعبيرا عن مرقف طليعة 
آمنت أن التجريب كان» وسیظل» سمة لصيقة بالسرح خاصة والفن عامة, وأن نزعة التجریب قد صاحبت الفنان 
المبدع منذ بداية الابداع» وأنه بواسطة التجريب ومن خلاله تتناغم العلاقة بين الفن والحياة؛ وتتجدد صورة کل 
منهما وتزداد حيوية: فى سياق التغير الاجتماعى الذى يغتنى بشيوع معنى التجريب وفعله الخلاق. ولعل هذا 
الفهم هو الذى دعا الطليعة التى فكرت فى إقامة هذا المهرجان إلى عدم المبالاة بالهجوم على الفكرة» والمضى فيها 
قدماء والإضافة المتوسعة فى كل عامء والإلحاح على ضرورة اقتران الفعل المسرحى بفعل التجريب» اقتناعا بأن 
ذلك إضافة جديدة إلى مهرجانات المسرح العربى القائمة من ناحية؛ ووعيا بأن الوخم الثقافى الذى يتمدد من 
امحيط إلى الخليج يحتاج إلى فعل جسور ينفضه من ناحية ثانية. ولم تشأ إدارة المهرجان أن تتوقف عند تعريف 
محدد للتجريب؛ بل أخذت بالحدود الواسعة للطليعة؛ وسلمت بحق الاختلاف ومغايرة الاجتهاد ودعمت الصلة 
المتحولة بين فعل التجريب وفعل الواقع . وتركت إدارة مهرجان التجريب للدول المشاركة أن تختار ما ترى هى أنه 
ریبی» فى إطار واقعها المسرحى واجتهادها الخاص. ولأن بداية هذا المهرجان كانت تنطوى على معنى التجريب 
نفسه» فقد حدئت الإفادة من الأخطاءء رالإضافة إلى الحاولات التمهيدية الناجحة؛ والانطلاق بالاختبارات الواعدة 
إلى ما يكملها. وظلت مغايرة الفهم حادة الحدة التى نضع بين طرفى نقيض ما يطلق عليه اسم التجريب فى هذا 


القطر العربى أو ذاك. لكن ذلك كات الشمن الذى لابد من دفعه لاحترام الاختلاف والتفاوت والتباين والتناقض 
والتعارض فى مستويات التجارب الإبداعية فی الوطن العربی. 

وإذا كان المسرح فی العالم قد جدد تفسه بواسطة التيارات التجريبية المتتابعة» وإذا كان العالم الغالث أخذ 
يسهم بقوة فى ثقافة التجريب التى غدت؛ فى جائب منهاء ثقافة للتحرر والتغيير والتشويرء فلا شك أن الإلحاح 
على إقامة مهرجان دولى للتجريب؛ فى الوطن العربى» إنما هو إلحاح يمكن أن يسهم فى قضية التغيير 
الاجتماعى والثقافى» وتعميق معنى التطلع إلى الأفق الواعد من التجدد الذى لا يعرف حداً أو نهاية. وقد عاصرناء 
فى مصرهء ثم فى غيرها من الأقطار العربية التى انطوت على المجموعات الطليعية؛ فعلا مسرحيا لم يتردد فى 
الاقتراب من فضاء التجريب» فى فترة المشروع القومى» حين انسرب الشك فى مطلقانه» ويجلت الشروخ فى بنائه. 
وقد ازداد هذا الفعل حدة فى اقترابه» أو مقاربته التجريبية» حين انكسر هذا المشروع انکساره الدوی؛ فکان لزاما 
وضعه موضع المساءلة. وحتى عندما بدا أن التجريب قد صمتء أو فرض عليه الصمت فى مصره وأن معناه قد 
انتفل إلى علاقات الغياب فى الثقافة العربية السائدة» وتخول إلى معنى هامشى تماماء طوال الفترة الساداتية؛ فقد 
جاء مهرجان التجريب ليؤكد حضور المعنى التجريبى» ويدفعه إلى منطقة التأثير» وفضاء الإبداع. وفى الوقت نفسه 
يثرى الهوية القومية للفن؛ بما يمكن أن تنطوى عليه من إمكانات التنوع والغامرة والوعى الضدى الذى لاتتناقض 
به هذه الهوية مع الوعى الجديدء بزوال الحواجز المكانية والزمانية بين البشرء فى عصر الأقمار الصناعية وتكنولوجيا 
الاتصال» وعصر انهیار الأنساق الكبرى» ونسبية المعرفة» وموت 2 ونهاية التاريخ. 


وها هر مهرجان التجریب» بعد ست دورات كاملة» قد فرض معنى التجريب على الكثيرين» وصدم الأذواق 
التقليدية برعيه الضدى» ووضع المؤسسات التقليدية للمسرح موضع الساءلة» وأسهم فی اين وعی نقدی 
مغايرء وتكوين أجيال نقدية وإبداعية واعدة» وأكد أهمية التجريب فى كل أشكال الإبداع وأنواعه. وإلى جانب 
العروض العالية واحلية؛ فى هذا المهرجانء كانت الإصدارات المترجمة والمؤلفة» إبداعية ونقدية» تحمل فعل 
التجريب ووعيه إلى القارئ العربی للمرة الأولى على هذا النحو الكمى والكيفى. وأمامى» وأنا أكتب هذه 
اللاحظات, ثلاثة وأربعين كتاباء من مطبوعات مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى؛ تضم إبداعات يونسكوء 
وكانتور» وبركه؛ ودار يوفو» وتوماس ربنهارد» وكاربل تشرشل» وبوتو شترارس» وجولى تايمور» ومرجريت دوراس» 
وإدوارد بوند» وفيرز فاسبندر» وهیانز موللر» وجروتوفسكى» وميجيل اوسترياس: وأرابال. وتضم مؤلفات نقدية ترتبط 
بأبعاد التجریب وامماهانه وأقطاره. وللمرة الاولی» یطالع القاری العربی؛ فی هذه الاصدارات؛ معنی دولية الخیال» 
ودروس میلانوه ونصول أفنيون؛ ولغات خشبة السرح» والزمن والحجرة» وأصل الشهد التجربی فی السرح 
الأمريكى المعاصرء والسينوجرافياء وموت المؤلف المسرحىء والمسرح المتحررء ومسرح الصوره وسحرة المسرح» وغير 
ذلك من الكتب المهمة التى تؤسس لوعى غنى بمعنى التجريب لدى القراء. 

وكان من الطبيعى أن ترتفع الصرخات والصيحات مهاجمة التجريب؛ فالتجربييون هم الهراطقة الجددء 
اللاحدة الحمر؛ الفوضويون التدميريون» دعاة الفعنةء غارسو الغواية» ناشرو الفساد؛ مضرمو الحرائق. وكان ذلك 


كله طبيعيا ؛ فالتجريبيون هم الممسوسون بالتغير» المهوسون بتمرد الوعى الضدى» محطمو الأرثان» الحالون 
بالمستقبل الأنقى الذى يظل فى حاجة إلى الكشف» فأن جرب يعنى أن تخرج على القاعدةء أن تكسر النمط؛ أن 
تخطم العرف؛ أن تستجيب إلى روح المغامرة الذى يبحث عن أفق مغاير» فلا يجد مراحه إلا فى الحركة رالانطلاق 
والتأبى على القيد. وحين يوجد التجريبيون يوجد نقيضهمء وتتحرك الاوثان التی تخنی منهم. وقد هاجت الدنيا 
وماجت» قامت ولم تقعد» على مشهد وحيد فى مسرحية من مسرحيات إحدى دورات مهرجان التجريب. وظل 
دعاة الأخلاق النقلية والاتباع الجامد يشنعون على مسرحيات التجريب فى كل عام. وضجت قاعات مجلس 
الشعبء غير مرة؛ من صيحات المدافعين عن التقليد والتقاليد. وشهدت بعينى أكثر من واحد منهم ؛ وسمعت 
بأذنى أكثر بن زعيم من زعمائهم يهدد بالويل والثبور . وأين؟ فى قاعة مجلس الشعب التى شهدت دفاع سعد 
زغلول عن حرية الفكر التى حفزت طه حسين إلى تأليف كتابه عن الشعر الجاهلى» ؛ وقادت العقاد إلى شن 
حملاته المعروفة على طفيان الملك فؤاد . ولماذا كل ذلك الهجوم على التتجريب ومهرجانه؟ أهو بسبب هذه 
المسرحية أو تلك ؟ أم بسبب دعوى الحرص فى إنفاق امال العام؟ أم بسبب ما ينطوى عليه معنى التجريب نفسه؟ 
أحسب أنه المعنى والمفزى والأفق المتلهب الذى لا يستطيع أن يوقفه أحدء إذا انطلق فعل التجریب من عقاله » 
وتخرر فى تدافعه ؛ وخول إلى عاصفة ربيعية خلاقة ؛ تهدد كل الأنساق الجامدة » وتوقظ النوام على جمود الواقع 
وثبات مطلقاته . والحق أن الهجوم على التجريب هر هجوم على كل ما ينقض معنى التسلط؛ الرأى الواحد » 
اليقين المطلق » التسلیم الخانع » الانباع القانع » التقليد العاجز ‏ النقل الذليل ؛ الإجماع القمعى . وهو هجوم 
على كل ما يزرع فى الإنسان روح التمرد ؛ المغامرة ؛ التطلع إلى المستقبل » البحث عن أفق أكثر اكتمالاء 
ووضع كل شئ موضع المساءلة . وإذا كنا قد تعلمنا من ديكارت دلالة الكوجيتو الذى يقرن الوجود بالفكر » فإن 
التجريب يعلمنا ما يدفع بالوجود إلى ذروة الحضور » وبالفكر إلى فورة الإبداع » وبالإبداع إلى قمة القحول ؛ 
حيث لامكان للمطلق بل النسبى » ولا وجود للثابت بل المححول » ولا اقتناع بحدود الإجابة المغلقة بل بالمدى 
المفعوح للسؤال » ولا سلطة سوى سلطة الوعى الذى يتحرر » ويعلم التحرر » من الإذعان والخدر رالخنوع الذى 
يتسرب إلى عقولنا ونفوسنا » بحكم العرف والعادة والتقاليد والتقليد. 


هذا المعنى العام للتجريب فى العالم المعاصر قرين إلغاء الحواجز المصطنعة بين الأنواع » مخطيم الجدران 
الفاصلة بین الفنون » وقرین تفاعل الفنون والأنواع والعلاقات؛ حیث الراح العفوی للجسد الذی یسط حضوره 
على خشبة السرح » عفیا » غنيا » متمرداً » حاثرا ؛ شاکا » راقصا » مغنيا » محاوراً نفسه» ومحاوراً غيره؛ متموجا 
بالوعد » مرهفا بالدلالة » حالقا جمالیات الجسد فی الحركة وبالحركة؛ وجماليات غياب الكلمة المنطوقة التى قد 
تصمت حين يتكلم الجسد ؛ ويقول ما تعجز عنه الكلمات ؛ ويصبح حضوره ه الكلمة التى تؤازرها الألوان 
والأضراء والنغمات . لكن هذا المعنى العام للتجريب لا يكتمل إلا بتتبع سياقاته فى العالم الثالث » بعیدا عن 
المركزية الأمريكية الأوروبية التى هى نفيض لمعنى التجريب ومغزاه » فالتجريب فى النهاية تدمير لسلطة المركز » 
نفى ا أطلق عليه جاك ديريدا «مركزية اللوجوس» » السبب الأوحد » الأصل الواحد » العلة التى لا علة سواها » 





السلطة التى لا تنازعها سلطة . ولم يكن من قبیل الصادفة » والأمر كذلك ٠‏ أن تشيع فى العالم الثالث فكرة 
الورش وامختبرات متعددة الاحتصاصات؛ وأن يتجمع الباحثون والمبدعون بحا عن تقنيات جديدة » واستتباطا ناهج 
أجدء وابتداعا لما يتناسب وعوالمهم ومشكلاتهم الخاصة. وكما تهتم أنشطة التجريب » فى العالم الثالث ؛ بقضية 
الهوية ؛ وتعدد الداهج » وحوار التقنیات » وتنوع الأساليب » فإنها نسعى إلى تأكيد الثراء الذى يتميز يه التراث 
الشعبی » والعتقدات البومية » والحيوية العفرية التی بنطوی علبها سلوك رجل الشارع الذی لا یخلو من معنی 
الإبداع . وذلك ما فعله مجريبيون يشتعلون حماسا فى بلد لا يختلف عن بلدنا فی مستواه الحضاری وتطلعه (لی 
الستقبل » وهو الهند » حيث تلقى فى المبادين » أحياناً من يؤدى أداءً مسرحيا ؛ يخترق به فعل التجريب عوالم 
القمع » ويواجه كل مشكلات الواقع ۰ وأهمها مشكلة التعصب الدينى . وقد هزنى ما شاهدته من هذه العروض 
الحية ف الميادين 2 وتابعت الاحتفاء بذكرى واحد من هوّلاء البدعین الهنود الذین فقدوا وا حياتهم لأنهم اقتحموا 
بفنهم عرین التعصب الکریه» داعين إلى التسامح الذی هو التاخ الطبيعى للإبداع. 

وكان ذلك قبل أن تتسسارع دورة إرهاب الب دعین فى الوطن العربی» وينجح دعاة الإظلام فى 
اغتيال عبد القادر علولة؛ أحد رموز الاستنارة الساطعة فى الثقافة الجزائرية العربية المعاصرة» وأحد رموز التجريب 
السرحی العاصر الذی تصدی لسطوة القمع؛ وحارب غیلان التطرف والتکفیر بالكلمة المنطوقة والکلمة احسدة» 
رأثبت آن البحث عن تقنیات جديدة لیس فعلا من آفعال التسلية, وانما هو فعل من آفعال الواجهة والتحدی» 
واشاعة الاستنارة وسط آشباح الظلام وجدرانه التکائفة. 


هذا الفعل الذی بقرن التجریب بالتتویر: فی الجهد الابداعی للمجموعات الطليعية فی الوطن العربی» هر 
الذی یقرن التجریب بالتشویر فی مختلف آنواع الفنون» وینتقل بمعنی التجریب من فضاء السرح الی فضاء الحیاة 
فى شتى مجالاتها؛ حيث الثقافة التى يتمرد فيها فيها العقل علی النقل, واجتمع الذی یحث فيه التعدد عن حق 
الوجود؛ والفكر الذى يؤكد حضوره بتأكيد حريته؛ والإبداع الذى لا يكف عن التجريب لأنه لا يكف عن 
محاولة اغناء الحياة. وأخیرام السرح الذی یدی دور الطليعة التجريبية» بحكم جماهيريته التى تنشر عدواها فى 
كل أنواع الفنون حولهاء بحثا عن أفق مغایره وهوية مستقلة, وانجاز بدفع من يشاهده إلى المشاركة فى صنعه؛ 
لأنه يجد فیه ما یحقق العنی الخلاق لحضوره فی الوجود. 


وها نحن أخيراء فى مصر وغيرها من الأقطار العربية؛ نؤكد هذا المعنى الخلاق بتأكيد حضور التجريب. 
ونبدأ من المسرح لأنه الفضاء الذى تتجاوب فيه كل الفنون» رالذى ينقل عدواه إلى كل الفنون. ونبحث عن هوية 
السرح المدحولة؛ فى غنى التعدد والاختلاف» فى الوقت الذى نعيد اكتشاف هويتنا التى تشرى بالتعدد 
والاختلاف. ولذلك نقتحم دائرة جديثة علينا من دوائر التجريب المسرحى» هی دائرة الورش والختبرات» حيث 
العمل الجماعی العفوی» واطلاق سراح التعدد والاختلاف» والجدل بين الفرد والمجموعة» فى فاعلية الحوار الذى 
يفضى إلى حلول إبداعية جديدة؛ ورؤى تقنية غير معروفة. وينتقل إلينا تشاط الورش والختبرات» ولهيب البحث عن 
وسائل وتقنيات مغايرة» فنسعى إلى الإفادة من الإمجازات التى تعرفناها فى الهند» وأمريكا اللاتينية» ويوجسلافياء 


وغاناء وبولنداء وغيرها من دول العالم الثالث التى أكدت خصوصيتهاء وتنوع عناصر هويتهاء فى دوائر التجريب 
العالمى» وألبعت أن التجريب ليس مغامرة العالم المتقدم المرفهة؛ وإنما هر حلم العالم الثالث المقموع ورغبته 
الإبداعية فى التحرر من التبعية والاتباع على السواء. وفى هذا المجال» نشط مركز الهناجر فى القاهرة نشاطا 
ملحوظاء فأقام الورش» ودعا بعض مخرجى التجريب فى العالم الثالث» لنقل خبرتهم إلى المبدعين انحليين» وذلك 
بالتنسيق مع أكاديمية الفنون التى ترعى أحلام التجريب الإبداعى فى مصر على مستوى المسرح» وتعمل على 
تقل خبرات التجريب فى العالم الثالث والحوار معها. وقد بدأت الأكاديمية خطوتها الأولى فى نقل خبرات العالم 
الثالث بواسطة الترجمة؛ واستضافة مبدعى العالم الثالث البارزين فى التجريب المسرحى 


ولذا کنت» فی هذه الملاحظات» أحتفى بالمسرح بوجه خاص» فذلك لأنى احتفى بحضوره الذى يؤكد 

معنی الديمقراطية, فالسرح هو الفعل الابداعی الجمعی الذی یجسد حق الاختلاف فی انجتمع» ویتجسد به فی 
بنائه الذى يقوم على التباين فى الواقف والتعددية فی الاتماهات» والحوار بین الشخصیات التصارعة» تأكيدا 
للقيم التی تصون حق الاحتلاف» وحتمية الغايرة» وتنوع الابداع» وحرية الرأی» واندفاعة الوجدان فی تاسيين 
ثقافة الغد التى يستنزلها فعل التجريب» حين يمتد بحضور الدولة المدنية إلى أفقها الآتى بأحلام المستقبل الأكمل 
والانضر والاجمل. 


وبعك.. 


فاننی» حين أقارن هذا العدد الجديد من «فصول؛ بالعدد الذى سبق أن أصدرناه منذ ثلاثة عشر عاماًء أجد 
الفارق لافنا من حيث انتشار مفهوم التجريب وتأصله فى وعيناء وانساع مجالات الكتابة عنه؛ إلى الحد الذى 
أصبح معه هذا العدد بداية أعداد عن التجريب. وإذا كنا نحاول» فى هذا العدد؛ أن نربط التجريب برؤى متنوعة 
وتناولات متباينة؛ من نظريات التلقى والمشاهدة إلى مفهوم «اللاخدد»ء ومن المأثور الشعبى إلى الإيديولوجياء ومن 
الكلاسيكية إلى الحداثة» فإننا نلح على البحث عن خخصوصية تتصل بالهوية وهمومها التى نبدأ من جماليات 
#السرح الحانق» لتواجه الارهاب والعنف اللذین نشهدهما فی حیاتنا. 


ولا يسعنى» مع صدور هذا العددء إلا أن اشكر كل من شاركنا بجهده؛ وأخص الزملاء والأصدقاء فى 

أكاديمية الفنون بالقاهرة وإدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبى وإدارة مركز الهناجر للفنون» وأولهم فوزى 

نهمی رئيس الأكاديمية والعقل المدبر للمهرجان؛ مند أن أصبح ترجمة لفكرة طليعية من أفكار الفنان فاروق 
رئيس التحرير 


1١ 


et ا‎ 


| لسسرخ 





وحسد ال سسان 





ع * 
نوزی نهمی أحمد 


ERLE‏ اساسا 


ظاهرة اهتمام عروض السرح الأزرنی الساصر 
بالجسد الانسانی؛ واختزال اللغة الکلامية؛ وتضییق 
مساحة استخدامها» والاعتماد الرئیسی علی التعبیر 
الجسدى وبناء الصورة المرئية؛ وهو ما نلاحظ تكراره فى 
العروض التجريبية التى تشارك فى مهرجان القاهرة الدولى 
التجريبى؛ وخاصة عروض البلدان الأورويية؛ أمر تبرره 
معطيات الحضارة الاوروبية عبر تاريخها وتطورها؛ إذ 
تشكل «اللغة» وكذلك «الجسد»» باعتبارهما من وسائل 
الاتصال الإنسانى» مشكلتين مهمتين فى الثقافة الغربية» 
نالتا حظا كبيرا فى الدراسات انختلفة والمتنوعة؛ فلسفيا 
واجتماعيا وعلميا واقتصاديا. 

فاللغة الکلامية تعرضت لعدد من الاتهامات» حیث 
ثار علیها السریالیون والعبشیون وغیرهما» وواجهت [دانات 
بزیفها وفسادها وعدم قدرتها علی خلق السواصل 
الإنسانى» مما يؤدى إلى ضياع الفعالية بين البشر؛ إذ إن 


* رئيس أكاديمية القنون بالقاهرة. 





۱۳۲ 


الجماعة البشرية تعحلل عند انقطاعها عن فعل شی» 
والفعل الإنسانى ‏ بمعناه الواسع - هو العلاقة الفاعلة 
المزدوجة بين الجماعات. وفساد اللغة الكلامية أدى إلى 
فساد الروابط الاجتماعية, وفساد التواصل يفقد الصلات 
البشرية جرهرها. 


ورأى البعض أن التواصل الإنسانى لا ينشأً ولا يوجد 
داخل جماعة باللغة الكلامية وحدهاء بل بكل 
المارسات الاجتماعية التی تقوم بها الجماعات» بما فى 
ذلك الامور احسوسة والعلامات؛ فالبشر یتواصلون 
بالوجوه واللابس والأثاث والایماءات؛ الاحتفالية منها 
والعفوية؛ والموسيقى.. إلخ» و کلها تقوم بدور يعادل اللغة 
الكلامية؛ إذ إن وظيفة التواصل ملازمة للممارسة 
الاجتماعية التامة» أكثر ما هى مائلة فى اللغة الكلامية 


وحدها. 


وبذلك» تعرضت اللغة الكلامية» باعتبار أنها ليست 
الوسيلة الوحيدة للتواصل ؛ لزجوم شنته «الصورة؛ بحكم 





تزايد أهمية منظومات العلامات غير الكلامية فى امجتمع. 
إذ أصبحت الرسائل غير الكلامية ذات قيمة فى التواصل 
الانسانی» مع مخفظ لابد من تأكيدهء وهو أن كلا من 
«الصورة؛ و«الكلام؛ يزيد من قيمة الآخر أو ينقصهاء 
ولكن لا يحد أحدهما الآخر. 

كما كشفت الدراسات التى تمت فى أوروباء عن أن 
الجسد البشری یحظی باهتمام ملح» کان من نتائجه أن 


أفرز تراجعا فى مفهوم «الشخص» أدى إلى أن أصبح . 


«الجسد؛ يعد ملكية للإنسان أكثر منه جوهرا له؛ أو 
أصلا للتعريف به وتوارت التقاليد الشعبية التى كانت 
ترى فى الجسد البشرى موجة للاتصال والاندماج 
الإنسانى» بل الرابط للإنسان مع الجماعة والطبيعة 
والكون؛ باعتبار أن الكون جسم حى يتجدد بشكل 
مرحلى بتجدد إيقاعاته. وکانت الکرنشالات الشعبية 
تجسد هذا الامتزاج والشرابط بلا تمييز بين الجسد 
الإنسانى والعالم؛ فالكرنقال لا يقسم الناس إلى ملين 
ومشاهدين؛ إذ هو بسقط كل أنواع المسافات التى 
تفصل بین الناس» فالناس تعیش الکرنشال ولا تتفرج 
عليه وهو يقوم أساسا على إلغاء التمايز بين البشر 
جسديا واجتماعياء ويعمق «عدم الكلفة؛ بين الإنسان 
والعالم» فهو یقرب الناس ویوحدهم» من خلال لغة 
كاملة غير كلامية؛ ويصعب أيضا ترجمتها إلى لغة 
لسانية. وتتكون اللغة الكرتفالية من الأشكال الرمزية 
الملموسة؛ فى شكل مجموعة من الحركات والإرشادات 
الإيمائية الكرنفالية, وهذه اللغة غیر اللسانية مجسد موقفا 
من العالم تنظم فیه العلاقة التبادلة بين الانسان والانسان 
والعالم؛ فى شكل حسى ملموسء وهذا المفسهوم 
الكرنقالى هو خصاد تراكمات لتجارب حيانية عبر آألاف 
السنين؛ بين جماهير شعبية جد واسعة فى المجتمعات 
الأوروبية امختلفة. 


وعندما تأسست النزعة الفردية فى المجتمع الأوروبى» 
صار الجسد يدل على الحدود بين فرد وآخر؛ وتشكل 


السرح وجسد الانسان 


مفهوم للجسد بری فیه مرتکزا للفرد؛ رحلا لعلافته مع 
العالم» ويراه كذلك منفصلا عن الانسان؛ وفی الوقت 
ذاته یعطیه حضوره» وشحب بذلك الترهج الاجتماعی 
للكرنفالات والأعياد الشعبية التى كانت تؤكد الصلات 
بين الجسد الإنسانى بوصفه كلاً؛ بل بين مفردات 
الكون جميعهاء وانطلق علی الجانب الاخر فن «رسم 
الوجه» من حیث هو تعبیر عن الفرد ورمز له» عاکسا 
بذلك الاهتمام الجدید بأهمية الفرد وم کدا اختلافه 
وفردیته من خلال الوجه. ثم بانتشار عملیات التشریح 
للجسد الانسانی» واضفاء الشروعية علیها» فی مواجهة 
احرمات واحظورات کافة» بدأت الاستهانة بقيمة العارف 
الشعبية وتصورانها عن الجسد الانسانی» وتطمت کل 
الفاهیم السابمَة عنه, کاتصاله وامتزاجه بالعالم وتمائله 
بوصفه کلا» رأصبح الجسد منقطما موضوعیا عن الکون 
والطبيعة والانسان الذی کان یجسده. وتبدی الجسد 
البشرى كمادة تشريحية يجرى تزف بنیته الداخلية؛ 
وظهر إمكان اقتناء جثث بشربة أو بعض منهاء وتتخول 
الجسد البشرى بذلك إلى مادة للعرض والاقتناء» وسلبت 
المعارف العلمية عنه كل قيمة ذات طابع أخلاقى. 


وتصارع فى الثقافة الأوروبية نياران يشكلان رؤيتين 
للجسد الإنسانى» وهما تيار ما یسمی «الْقافة العالةه 
التى تستمد معارفها من العمليات التشريحية 
والفيزيولوجية» التى يقترن الجسد لديها بالملكية» وتراه 
مختلفا عن الإنسان الذى يجسده؛ وتميزه بصفته. والتيار 
الثانى هو ما يسمى بقايا «الثقافة الشعبية» التى تعيش 
علی ترائها وخبراتها التوارئة» والتى يقترن الجسد لديها 
«بالکینونة» ؛ وتصر علی الوحدة الجوهرية بین الانسان 
وجسده. ثم بداً يتحرر بعض الناس من تقاليد الشقافة 
الشعبية الشائعة؛ نتيجة تراكم الأشكال الجديدة 
للمعارف؛ خاصة عندما انتقلت هذه المعارف من مرحلة 
التأمل إلى مرحلة العلم الفعال؛ وكان أيضا للانقطاع 
المعرفى الذى أحدثه جالیلیو وغیره آثره الهم» كما أن 


1 


فوزى فهمى أحمد 


طرح النموذج الميكانيكى» بوصفه مبداً لفهم العالم 
عقلياء آفرغ الطبيعة من أسرارهاء هاء وأحالها إلى «لعبة 
ميكانيكية» . وساهمت الاكتشافات التقنية واستخدامهاء 
کالتلیسکوب والیکروسکوب وغیرهما» فی نفى كفاءة 
الحواس البشرية؛ وذلك بظهور استخدامات للحواس 
منفصلة عن الجسد الإنسانى؛ الأمر الذى أكد الانقطاع 
بين «الحواس» و(الحقيقة؛؛ وعمق التميز بين الإنسان 


وجسده. 


وقد أفرز الإنقان التقنى تباعدا بين الإنسان والجسد» 
كما أن انتشار الآليات استزرع لدى الإنسان شعورا 
بالقوة, غذت رغبة السيطرة لدی التکوینات الاجتماعية 
الجديدة, وتم احضاع الانسان لدموذج الآلة» والصاقه 
بهاء دون آن بتمیز عنها» واختزل الجسد الانسانی فی 
حبود وظائفه إلى مجرد هيكل ميكانيكى تمارس عليه 
مجموعة من الأنظمة التى فرضت نفسها بالقدر الذى 
أصبح مسعه الجسد قابلا «للاستخدام؟ ومطالبا 
«بالانقیاد» ؛ وتحدد التوجه بأن لا سلطة إلا لمن استغل 
الجسد وامتلکه؛ ولا جسد خارج دائرة السياسة والاستثمار 
السياسى» رأن السلطة هى فن صناعة الأجساد. 


من هناء يستجوب المسرح الأوروبى حضارته؛ ويبحث 
عن الجواب الثقافى للسؤال المطروح: هل يخضع الإنسان 


وي واا ل ا ا ی جاح 2 


لا یسمی «التشریح السیاسی للجسد؛ الذى يجعله أفضل 
إنتاجاء بمعنی آن یخضم لتکنولوچیا الانضباط والانتظام» 
وينحصر الجسد فى بعد واحد هو البعد الانتاجی؛ بحیت 
یصبح النموذج للجسد هو الإنسان الآلى: هل تتاكل 
كل نشاطات الجسد البشرى أمام الخترعات الحديثة. 


ويحفر المسرح الأوروبى فى تاريخ ثقافته ويستدعى 
ترائه ويحاوره..ترى هل يطرح مخاربه المعاصرة تلك التى 
تعتمد على الجسد الإنسانئ واللغة غير الكلامية» للعردة 


لی المفهوم الكرنفالى» » بمعناه الفکری وصيغته الغنية» 


التى مسد اتخاد الجسد الإنسانى مع كل أفراده و 

العالم والكون؛ ويستلهم كذلك اللغة الكرنفالية» غير 

اللسانيةء التى تؤكد هذا الموقف المشحون بالمساراة 
والحرية» رالعلاقات المتبادلة بين الأشياءء وإلغاء المسافات 
الفاصلة بين البشرء وإشاعة روح عدم الكلفة؛ والتحرر 
من سلطة أى شكل من أشكال الواقع القائم على 
التمايز» والسماح للجوانب الخفية من الطبيعة البشرية 
والنشوة الباطنية؛ بالتكشف من خلال شكل ملموس 
ومحسوس ومعيش» يرز قدرات لامتناهية للجسد 
الإنسانى» باعتبار أن الجسد هو موطن المعنى. م ترى أن 
تجريبية المسرح الأوروبى جريبية شكلية من غير ذى 


تأسیس !۱ 


اا 1111111 سل 





المسرح والتجريب 
والماثور الشعبى 


بين الفن والصناعة والعلم والإيديولوجيا 








* 
. 
عبدالكريم برشيد 
ناذا تلا طارقا اتا تنا انالا لجا لالزلا سانانالا 
«كل شئ بيدأ من الاحتفال وفى الاحتفال. يدأ منه ويمضى إليه. وقد 
بغيب» ثم يعرد إليه» يعود مع الدورة الاحنفالية التى تراقق الخحياة والا. :ياء ودورة 
الطيعة. 
إن الاحتفال - فى معناه الحقبقی - ماذا يمكن أن يكون مؤى أنه تحرر 
- تحرر بصيغة الجمع - تحر هر أو لا يكون. 
عندما أريد لابد أن أقدر. وعندما أقدر, یبغی آن افعل ما لا یمکن الا آن 


من البیان السادس عماعة السرح الاحتفالی- سلا - ۹۳ المغرب. 





فی البدء لابد من التساژل التالی: 

- بين السرح والتجريب والمأثور الشعبى» هل هناك 
علاقة أو علاقات ما؟ وإن كانت؛ فما طبيعة هذه 
العلاقة أو العلاقات؟ 

نحن هنا أمام مثلث يتشكل من الاضلاع التالية : 

- المسرح. 

- التجريب. 


e 


والمأثور الشعبى . 





* کاتب مسرحی واقد» الرباط» الغرب. 





ویهمنا - بلاشك - آن تمرف هذا الثلث؛ وأن 
نقارب لغاته وحوارانه ومصطلحانه وآلیته الداخلية. إن 
السرح والئور الشعبی لایختلفان؛ وعلاقتهما - آحدهما 
بالاخر - هی علاقة قديمة وعريقة جدا جدا. وما السرح 
اليونانى - فى حقیقته- الا قراءة آخری» أو كتابة 
جديدة, للمأئور الشعبی البونانی. ولکن التجریب الذی له 
علاقة بالعلوم البحتة» والأی کان دائما فعلاً لاشعبیا - 
كيف يمكن أن تربطه ؛السرح؟ لا أحد يجهل أن . 
المسرح هو بالأساس فن شعبى؛ وهو أيضاً تظاهرة ميدانية 
مفتوحة. وبذلك؛ یکون الاختلاف» ولیس الائتلاف» هو 
أساس العلاقة الكائنة أو الممكنة بين هذه الأضلاع 
المكونة للمثلث. 


عبد الكريم برشيد لاسا مب ب ببح ااا ااا ااا 


إن التجريب هو فعل يتحرك ويمشىء وذلك 
. بائتجاه الممكن رباتجاه الآتى» وبالجاه المفترض» إنه رهان 
على حقائق» غائبة أو حفية أو ملتبسةء وان أقصى حد 
يمكن أن يصل إليه هذا الفعل هو حد الحال. 

- أما المأثور الشعبى فهو «شئ» له اتتماء إلى 
الماضى» وإلى الكائن» والی الذی کان؛ انه الحضورء فى 
الجد أو فى محمولات الجدء وهو المعروف والمألوف» وهر 
الراقعی والوقائعی؛ وهو الملموس والنمحسوسء وهو المتخيل 
أيضاً. 

إن التجريب هو بالأساس فيض من الممكنات 
والاحتمالات» إنه مغامرة» قد تصل حد المقامرة» مغامرة 
قد تكون ناجحة وقد تكون فاشلة؛ وما آکثر احاولات 
التجريبية الفاشلة فى تاريخ العلوم والفنون والصناعات. 

هذاء إذن» عن علاقة التجريب بالمأثور الشعبى» 
فماذا عن علاقة التجریب بالسرح؟ 

إننا نعرف أن المسرح هو فن/ آدب/ علم شعبی؛ 
هكذا كان دائماء وهكذا سوف يبقى. أما التجريب» فهو 
فعل نخبوی بامتیاز» فعل تقوم به الصفوة العالمة, وتفهم 
آليانهم الصفوة آیضاء وذلك قبل آن تتقل نتائجه 
الناجحة إلى عامة الناس. 

إن المسرح ينطلق من نزعة احتفالية ومن وعى 
حسى» ومن رژية وجودية خاصة؛ رژية قد تکون مأساوية, 
وقد تکون «عیدیة»» وقد تكون رؤية مركبة. وكل رؤية 
- کما نعرف - لابد آن تستتبم موقفا معینا من الوجود. 

ما التجریب - علی العکس من هذا تماما - فهو 
بنطلق من نرعة علمية خالصة؛ لا ینطلق من الذات» 
ولکن من الاشیاء. وبذلك» فهو ليس رؤية وليس موقفاء 
وإنما هو فعل لاستنطاق الأشياء ولاستخراج القواعد 
والقوانین التی تسکنها. 


۷۹ 


ومخبری» فهل يلتقيان؟ وكيف؟ وبأى الأدرات أو 
الآليات یمکن مشقبق ذلك؟ ان السرح حالات 
واحساسات وقضایا وتصورات وهلوسات ومقامات 
وافتراضات وخیالات وتوقعات وتنبوات وشطحات ذهنية 
ونفسية وروحية. أما التجريب» فهو نتائج محسوسة 
وملموسة وهو فعل مغلق ومحدود ومحدد - فی الزمان 
والکان - ونتائجه ید رکها العقل» وحده؛ آما الذوق الفنی 
فلا محل له من الاعراب فی هذا التجریب. 

ان الحدیث عن السرح والتجریب رالأثور الشعبى» 
يجعلنا نقفء وجها لوجه» أمام التساؤل العالى: كيف 
يمكن - نظرياً وإجرائيا ‏ أن نوحد بين الأطراف» أو 


'الأضلاع؛ رن نمد بینهما جسرا من التفاهم والتکامل 


والتجانس والانصهار؟ 


والجواب عن هذا التساژّل سوف یأتی فی تضاعیف 
هذه المداخخلة. 


مورفولوچیا الوروث الشعبی: 

ان الترات هو الذاکرة الحية؛ الذاکرة الوشومة 
بالصور والأصوات والألوان وبالوقائع التى لها ألف معنى. 

هذه الذاكرة» قد يكون معناها الالتفات إلى 
الماضى؛ ولکن: ما الاضی؟ وهل الاضی یمضی فعلا؟ 
وإذا مضى؛ فإلى أين يذهب؟ إن التسراث ‏ فى معناه 
الحقيقى ‏ هو الحاضرء ولعل هذا ما جعل فؤاد زكريا 
يقول: «إن الصراعات الحقيقية حول التراث هى فى 
الواقع صراعات حول الحاضره؛. إن الحركات الأصولية 
فی العالم العربی والاسلامی - تناضل باسم الماضى » 
ولكنها فى حمَيقة الأمر لا تفعل ذلك إلا من زاوية 
واحدة فحسب. 

لارجود لتراث خالص» تراث مستقل ومنعزل عن 
الورئة الحقيقيينء وعن الفاعلين فيه والمنفعلين به. إن 








ید 


التراث هو نحنء وهو يحيا بحياتناء ويموت ناه زغر 
يقسع باتساع اهتماماتنا وأفاقناء ويضيق بضیق قضایانا 
ومحدوديتها. إن السلفيين» قد قالوا دائماء ويقولون: 

كما كان هذا الثراث - فى الماضى ‏ علينا أن 
نکون نحن فی الحاضر. آما روح هذا العصر - وروح 
المسرح أيضا - فيقتضيان أن نقول ما یلی: 


- كما نكون اليوم ‏ هنا ينبغى أن يكون ترائنا. 


إن التراث الحق هو التراث الموظف توظيفاً حقيقياً 
وواقعياً وعلمياً, فما معنى أن ترث یا قد تکو له قيمة 
كبيرة» ولكنك لا تعرف معناه ولامغزاه؛ ولا نعرف لأى 
شئ يمكن أن يصلح. وإن أی تراث - کیفما کان - س 
بعد من لابد أن يبقى بلا فائدة» وبلا 

معنى. إن الموروث الشعبى لايستمد قيمته الحقيقية إلا 
ل ها العلاقة 3 تلك. إن 
الارتباط بالموروث» من خلال علاقة التقديس» لايمكن 
أن يعطى - فى النهاية ‏ إلا موروثا جامدا وثابتا. وميعاً 
ومنحطا . أما العلاقة الميكانيكية بهء فإنها لايمكن أن تنتج 
تراثا معح رکاء وآقسی ما يمكن أن تعطيه هو موروث 
حادی البعد والستوی؛ موروث لا یفعل ولاینفعل» 
ولايؤثر ولايتأثر» ولايغير ولا يتغير. 

إن أسلم علاقة وأضمنهاء وأكثرها مردودية؛ في 
العلاقة الجدلية» هى العلاقة التی تأخذ من التراث شيعا 
وتعطيه أشياء؛ والتى تقرأ منطوقه وصامتهء والتى تلامس 
سطحه وتغفر فی آغواره» والتی ريدم غيابه حضورأء 
وسکونه حرکة» وماضیه حاضراً وستقبلاء والتى تتدخل 
فى وجهة ة هذا التراث - أو ذاك - وتجعله يمشى فى اماه 
ما هو إنسانى وحيوى ومدنى وحقيقى وعقلى وعلمى 
وعيدى. 

إن التسراث العربى والإسلامى ليس تراثا واحدا 
موحداً؛ فهذا التراث فى الغرب الأوروبى يتخذ صورة 
حاصة؛ فهو الجواری والقیان والعبید والحریم والجلادون 


وبشاطة الرنخ والتجار وأسواق النخاسة وحفلات السکر 
والعربدة ومجالس اللهو وامجون وهز البطن. 


هذا العراث نفسه؛ هو عند السلفیین العصرب 
والمسلمين شئ آخر؛ إنه صورة للعلم والعمل وللعدل 
والإحسان والحكمة والفلسفة والتكافل الاجتماعى. إنه 
مجالس للعلماء والفقهاء ولعلماء اللغة والطب والفلك 
والتاريخ والعمران. 

إن هذا التراث ‏ إذن ‏ تنعدد أبعاده ومستوياته» 
وفى تنوع قراءاته وقرائه ‏ يحتاج إلى رؤية علمية؛ رؤية 
غير إيديولوجية: تكون عامة وشاملة ومتحركة رغیر 
منحازة» إلا إلى الحق والحقيقة وإلى ما يخدم القيم 
الإنسانية» الثابتة والمتجددة دائماً. 


هذا السراث له عند الماركسيين وجه؛ وله عند 
الليبراليين وجه آخرء وله عند الوطنيين المتحصبين وجه» 
وعند القوميين وجه آخر مسختلف وسفایر» وله عند 
المستشرقين العلماء وجه مناقض تماما. وفى أغلب هذه 
الوجوه؛ لايحضر التراث» فى حقيقته؛ رلكن يحضر 
الاسقاط الایدیولوچی. 

هذه الانتقائية القائمة على الإقصاءء هى التى 
ظلت تسحكم ‏ لزمن طويل ‏ فى رؤية المسرحيين 
العرب؛ وفى إبداعاتهم امختلفة. فالذين ينادون بالسياسة 
والتسييس ينتقون مواقف وشخصيات وحالات خاصة من 
هذا العراث. أما أهل الوعظ المنادون بالإحسان والأمر 
بالمعروف والنهى عن المنكرء فينتقون مواقف أخرىا 
وشخصيات مغايرة» وبذلك فقد بات ضروريا اليوم أن 
يستعيد هذ! التراث حقيقته؛ وأن يبتعد عن الإيديولوجياء 
وأن يقعرب ما أمكن من العلم ومن التجريب العلمى؛ 
ومن جوهر المسرح الحق؛ القائم أساساً على إعطاء 
الكلمة» وليس فرضهاء بعطائها لكل مكونات الفعل 
المسرحىء ولكل الجهات التى تمتلك وجهات نظر 
مختلفة متنوعة. 





عبد الكريم برشيد 


مورفولوجيا التجريب المسرحى: 
وبعد الحديث فى التراث» أو عن التراث؛ يمكن أن 
ننتقل إلى التجریب السرحی, سواء کان ذلك فی واقعه 
- السجریب السرحی» كيف يتأسس؟ ومن 


يۇمىسە ؟ ولأى هدف؟ 

لم ایضا: 

- ما شروطه ومكوناته وما حدوده وأخلاقياته ‏ إن 
كانت له حدود حقيقية وأحلاقیات ؟ 


فی المسرح ج كما فی غيره من العلوم والفنون 
والاداب والصناعات الأخرى ‏ يمكن الإشارة إلى 
الأسس التالية: 


الجرأة: 

وهی مطلب ضرورى وحيوى؛ وذلك لأن من 
يجرب لابد أن يصطدم بلائحة طويلة وعريضة من 
المنوعات واحظورات واحرمات» وبذلك» فقد كان 
التجريب - فى معناه الحقيقى - فى حاجة إلى أن يكون 
صداميا بالضرورة. إن الأمر إذن يتعلق بكتابة ما لم 
يكتبء وبتقديم مالم يقدم» بالدخول فى الفضاءات 
البکر» الجديدة والتجددة. 

والشهد السرحی حالیا - علی امتداد الخارطة 
العربية - یوئشه الصمت والخوف والقناعة بالوجود؛ 
ویعشش فیه السکوت عنه» وتنتصب داخله علامات الْنع 
وکثیر من صور التفاق الاجتماعی والتقية السياسية. 
وبذلك. فقد كان هذا المسرح فى حاجة مؤكدة إلى 
حركة قوية من الجرأة ومن الجسارة التى يسميها المغاربة 
«الدسارة) . 


الحرية: 
وهى شرط الجرأة وشرط كل إبداع مشاغب 
ومشاكس وصدامى. 0 


14 





إن الإبداع الحق يحتاج» دائماء إلى أن يتنفس 
بشکل طبیعی» وذلك داخل أجواء نقية وصحية؛ أجواء 
غير اصطناعية بالضرورة؛ يحيا فيها الإبداع» وينموء 
ويدمدد؛ ويؤدى رسالته؛ وذلك فى غياب تام لاية رقابة 
خارجية أو لأى شكل من أشكال العقاب والقهر. 


إن التجريب الحق هو محاولة جادة وجديدة 
للخروج من المملوكية إلى الحرية؛ من الجبر إلى 
الاختيار» ومن الواحد الأوحد إلى المتعدد؛ ومن الكائن 
إلى الممكنء ومن المنغلق إلى المنفتح. وهو كذلك 
محاولة أو محاولات للتحرر من الجاذبيات امختلفة 
والمتعددة: جاذبية الشباك وإغراءات الجمهور وإغراءات 
السلطة ونعيمها الأرضى ورضاهاء وجاذبية النقاد 
وقواعدهم المدرسية وقوانينهم القديمة والبالية والمستهلكة» 
وجاذبية المركزية الغربية؛ وذلك بترسانتها العرفية 
والجمالية والايديولوچية الرهيبة والقامعة؛ وبكل مدارسها 
وانخاهاتها واجتهادانها اختلفة والتنوعة» وجاذبية السرح 
الکامل واللب الستورد والجاهز للاستعمال؛ وجاذبية 
الیومی» بکل حقائقه وأوهامه؛ وبکل شعاراته الستفزة 
والخرية. 

إن التجريب حرية بالأساس» هو هكذا أو لا يكون: 
حرية فى التفكير وإعادة التفکیر؛ والدخول بالتفکیر فی 
«اللامفکر فیه؛ . 

هذه الحرية ‏ فى معناها الحقيقى ‏ تقوم اساسا 
على الاختراق؛ وعلى محاولة النفاذ إلى الجانب الآخر. 
إن الواقع المادى له حدود ثابتة» والمطلوب من الإبداع أن 
يخترق كل الحدود الكائنة والممكنة؛ وأن يصل بالعين 
إلى حدود اللامعروف باللامألوف» وأن يرتفع بالمسرح» 
من المستوى الواقعى إلى مستوى أكبر وأخطر؛ مستوی 
یحضره الحلمی والأسطوری والتخیل» وذلك إلى جانب 
اللموس واحسوس. 


س وج ی رت و ,جرع راربا 


وت هذا الاخمعراق - التجريى - تدمير 
«قوانین» وقواعد وأعراف مسرحيةء قديمة متوارثة» رمن 
بین هذه (القوانين؟ جد قانون الجاذبية وقانون وحدة 
الهوية ووحدة الزمان ووحدة المكان ووحدة الموضوع؛ 
ووحدة الحالة, داخل السرحية الواحدة» كما نجد 
«قواعد» لا معنى لهاء محدد أخلاقیات التفرج» وتشحنها 
بکثیر من التزمت والتصنم والافتعال. وهناك ۱ قوانین؟ 
آحری» فی الكتابة والاحتفال؛ وفی الکان والفضاءء 
ختاج إلى الاختراق. 

إن التجريب الحق يعتمد على شعار «خالف 
تعرف» ‏ بفتح التاء وكسر الراء. لنجرب إذن طرقا 
آحری» وسبلا مختلفة: إذا كنا نريد أن نصل إلى 
محطات جديدة؛ مسحطات تكون مختلفة ومغايرة 
بالضرورة» أما الذين ساروا - ويسيرون - على الطريق 
نفسه؛ وبالسرعة نفسها والإيقاع نفسه؛ فهم الذين 
وصلوا ‏ ويصلون دائماً ‏ إلى المخطات نفسهاء المعرونة 
والمألرفة. 


لأن التجريب ‏ فى أحد معانيه ‏ هو محاولة 
لمسابقة الزمن» يبقى كثير من الأفعال غير مفهوم بشكل 
جيد؛ وذلك لأن هذه الأفعال تسبق زمنهاء وتخرج عن 
للشك والعداء والإقصاء. إن انجربين هم «الخوارج؛. 


ونتساءل الآن: 


- هذا المسرح التجريبى: هو خارج ماذا؟ أو خارج 
من؟ 

إنه مسرح آخرء له لغة أخرى ومفردات أخرى» وهر 
فى هذا الخروج ضد القوانين المصطنعة والقواعد القامعة؛ 
هو مسرح مشاغب ومشاكس» وهو بالضرورة ضد التيار: 
تيار المسرح الرسمى أو التقليدى؛ وتيار السلطة؛ وتيار 


المعارضة السياسية» إنه معارضة المعارضة» التى لا تختكم 
إلا للنتائج المعملية والمحسوسة والحقيقية. 


هذا المسرح» أين موقعه؟ فى اليمين أو فى اليسار؟ 
هكذا قد يتساءل المتساءلون: ويمكن أن نقول جوابا عن 
هذا التساؤل الافتراضى ما يلى: 


إنه ليس هنا وليس هناك» وليس مع هؤلاء؛ وليس 
مع أولفك» إنه ليس فى اليمين ولا فى اليسارء ولكنه فى 
الطليعة؛ فهو الذى يحمل لواء المسرح والمسرحيين 
ليمشى فى المقدمة؛ وييقى اليمين إلى يمينه واليسار إلى 


يساره. 
العنف: 

والمسرح - كيفما كان وأينما كان - لايمكن أن 
يكون إلا عنيفاء لماذا؟ 


لأنه فى بنيته العميقة والأساسية» يقوم فى الحقيقة 
وعلى الحقيقة. والحقيقة فى كل وجوهها لا يمكن أن 
تكون إلا قوية وعنيفة ومرعبة ومخلخلة ومدمرة. إن 
الحقيقة هى التى فقأت عينى أوديب» وقتلت جوكاستاء 
وما مسرحية (أودیب ملکا) لسفوکلیس الا محاولة 

إن الحقيقة تقفز إلى العيون - كما يقول 
الفرنسيون ‏ وبذلك كان العمى جزاء أغلب العرافين» 
وتريزياس هو أحدهم أو هو أولهم وهو عنوانهم الذى يدل 

والعنف الذى يمارس التجريبء أو يحياه بشكل 
إجبارى» يمكن أن يتجلى فى المسرح عبر المستويات 
التالية: ْ 


۱ عنف المعرفة: 


لأن المسرح هو فعل للحفر والبحث؛ إنه ملاحقة 
للمعرفة الجديدة. ومن طبيعة الأفكار الجديدة ‏ دائماً - 


1 


عبد الکریم برشید 


نها تدمر القناعات القديمة؛ وتکشف زیفهاء وتخلخل 
البديهيات التى قد تصل فى كشير من الأحيان إلى حد 
الاعتقاد. 


؟ - عنف الحيال: 

ويتمظهر فى إطار صور جديدة وغريبة ومدهشة 
ومشيرة؛ صور تتحدى الواقع؛ وتتحدى الطبيعة؛ وتعيد 
تركيب الوجود والموجودات بشكل آخر مختلف. هذه 
الصور هى بالأساس مشاهدات ماورائية» یوسسها الخیال» 
ویغذیها بغذاء الحلم والوهم والحكايات والأساطير امختلفة. 


۳ - عنف الوقف: 

لأن الرؤية المغايرة لايمكن أن تعطى إلا موقفا 
مغايراً» كما أن المعرفة العتيقة والبالية والمستهلكة 
لايمكن أن تعطى غير مواقف عتيقة وبالية وكربونية 
أيضاً؛ فإن مواقف التجريب هى بالأساس مواقف وجودية 
واجتماعية وسياسية قوية؛ مواقف تكون دائماً فى مستوى 
المفكر فيه نفسه؛ وفى مستوى المتخيل» وفى مستوى 
استقلاليته وحريته وجرأنه وخروجه عن ثقافة الاستهلاك. 


التجريب الثورى والثورة فى التجريب: 

إن التجريب ‏ فى معناه الحقیقی - هو التخییر» 
وهو فى الوقت نفسه ‏ البحث عن الادوات والالیات 
لإحداث التغيير المطلوب؛ وذلك فى العناصر والأشياء» 
وفى المفاهيم والعلاقات والبنيات الختلفة. 

فی الستینیات والسبعینیات من هذا القرن» كان 
القغيير- فى العالم العربى ‏ لايعنى شيئاً آخر غير 
الثورة؛ وذلك فى معناها السياسئ الواسع. لقد كان ذلك 
التغيير فعلا إيديولوجيا خالصاء وكان المسرح السياسى 
أسبق فى الاهتمام من السرح السرحی. 

وبمناسبة الحدیث عن التغییره فانه لابد آن 
تساءل: 





- ما الذى يتغير - فى الئاس والأشياء والعلاقات ‏ وما 
الذي یستعصی على التغيير؟ 

هناك ثوابت وجوديةء وهناك - فى المقابل - 
متغيرات اجتماعية وسياسية ومعرفية وجمالية وأخلاقية. 
وعندما نخرج الكائن - أى كائن ‏ من وجوده الحقيقى 
ومن هويته؛ هل يكون هذا الفعل تغییرا ثوریا؟ أم أنه 
شكل من أشكال المسخ؟ وعندما تجد التجریب السرحی 
فى وجه من وجوهه - يتعدى الشوابت ويقفز عليهاء 
فماذا يمكن أن نقول عن هذا الفعل؟ 

هل من حقنا أن نسمح بأن يخرج المسرح من 
المسرحء وأن يصبح غيره» وذلك من أجل أن يكون هذا 
الخروج مجريباء أو شكلا من أشكال السجسریب؟ ان 
التجریب - کما سبقت الاشارة - بقوم علی الخروج» 
ولكن تبقى الإشارة ضرورية إلى أن الخروج المقصود هو 
الخروج داخل الثوابت وداخل الهوية السرحية الحقيقية. 


إن فعل الاعتداء على إنسانية الإنسان وعلى حيوية 
الحياة وعلى مدنية المدينة؛ لايمكن أن يكون فعلاً ثورياً 
أبداً. الشئ نفسه يمكن أن نقوله عن المسرح. إن 
الاعتداء على روح السرح وعلی جوهره وعلی وابته 
لايمكن أن يدخل فى إطار التسجسريب» وهو- فى 
حقیفته - تخريب معرفى وجمالى وأخلافى» غير معلن. 

إن العلاقة» إذن؛ بين التجريب والتخريب» هى 
علاقة دقيقة جداء وذات حساسية عالية» وان بینهما 
شعرة دقيقة»ء والطلوب من اجربین هو أن يدمروا كل 
شئ إلا هذه الشعرة. إن المسرح هو بالأساس احتفال. 
وای فعل جریبی يقصى الاحتفال؛ ويستبعد الجمهور 
ويصادر المشاركة الوجدائية» لايمكن أن يكون جريا 


| حقيقياً. والمسرح أيضاً هو الإنسان الحى؛ الإنسان الفاعل 


والمنفعل» داخل الزمان والمكان. وأى محاولة لتعويض 
الممثل الإنسان» سواء بالكراكيز أو الأضواء أو الألوان أو 
الخيالات أو الأشياء المتحركة؛ لايمكن أن تكون مجريباً 


0 


EE E E 


ا اس سس یب بو ا تسد المسرح والعجريب 


مسرحیا. وکثیرة هی السجارب التی یلحقها الشرود؛ 
لتخرج من السرح السرحی؛ وتدخل - من حيث 
لاتدری - فی جلد فنون أخرى مغايرة ومختلفة؛ مثل 
فنون الباليه أو الأوبرا أو الأوبريت أو خصيال الظل أو 
عروض الكباريه والنوادى الليلية. 


إن شرط التجريب المسرحى هو أن يكون مسرحيأء 
ران یتم فعل التغيير من داخل ثوابت المسرح ويأدواته 
وفى أدواته الخاصة والخالصة. لقد ارتبط السرح» کما 
ارتبطت فنون أخرى كثيرة» بالإيديولوجياء ولقد انطبع 
هذا الارتباط بطابع التبعية» ويجدر بنا أن نتساءل الآن: 

- التجريب والإيديولوجياء هل يلتقيان؟ 

إن التجريب هو الشك وهو الفسرضيات 
والاحتمالات: أما الإيديولوجيا فهى اليقين أو ما يشبه 
اليقين. وهل يمكن للشك أن يلتقى باليقين؟ وكيف 
ذلك ؟ 

ان آنطونان آرتو - وهو آحد شیوخ السجریب 
السرحی - قد ارتبط» فی بدایانه الاولی» بجماعة 
السوریالیین. ولکن» عندما انعطفت هذه الجماعة» 
ومالت إلى الإيديولوجياء مع أراجون وأندريه بروتون؛ فقد 
كان ضروريا- وهو التجريبى الحقيقى ‏ أن ينفصل عن 
يقينها الإيديولوجى؛ فهر ثورى حقاً» مثل کل البدعین 
الکبار؛ ولكن ثورته ليست أحادية البعد ولا محدودة ولا 
ثابعة ولا مودلچة. یقول: 


«فی آوروبا وفی فرنسا آیضاء آناس واعوذ» 
هولاء هم الشوربون. وأنا وری مثلهم ولکنی 
أطمح إلى طرح مسألة الثورة يصورة شاملة» 
وأرى أن الماركسية غير كافية لإنجاز تصور 
شامل للثورة]37 , 
إن الشورية إذن - فى معناها الحقيقى - أعمق 
وأوسع وأشمل من المعنى الإيديولوجى الذى أعطى لهاء 


و زکب لها: والذی تداوله الفنانون والشقفون العرب» 
وذلك علی امتداد عقود طویلة من الزمن. 

ٍن السرح هو بالأساس فن/ علم ثورى. إنه الصورة 
الأكثر واقعية وحقيقية والأكثر صدقاً وشفافية فى الحياة. 
والحياة ثورية» تماماً كما أن الحقيقة ثورية أيضاً. فى 
السياسة يكون الهدف واحداً وقريباً وهر استبدال حزب 
بحزب؛ أو استبدال برنامج اقتصادى واجتماعى يبرنامج 
آخرء أو استبدال طبقة أو شريحة اجتماعية بغيرها - فى 
السلطة ‏ ولقد تم إسقاط هذا القصد السياسى على 
المسرح» وبذلك آصبحت الثورية المسرحية مختصرة 
ومختزلة فى المشهد التالى: 


إسقاط مسرح برجوازى» رجعى ونخبوى وسلفى؛ 
وإقامة مسرح آخر مغاير» مسرح برولیتاری» حقيقى 
ومستقبلى وجماهيرى وثورى وتقدمى وشعبى وعلمى 
وتربی وطلائعی. وفی السرح - کما فی الحياة - لیس 
هناك صورة واحدة ومرحدة فى الحياة. إذنء هناك 
ملايين الصور وملايين الإمكانات والاحتمالات. 
وبذلك» فإن الراهنة علی میسرح واحد» هو وحده 
الحتیتی» لایمکن آن تکون الا ضربا من ضروب 
العبت. ان الواقعية الاشتراكية هی بات کید وجهة نظر 
واحدة» ليس أكثر. وهی مشروطة بشروطها ومتفاعلة مع 
معطياتها وخلفياتها المعرفية والجمالية والأخلاقية. الشئ 
نفسه يمكن أن نقوله عن الملحمية وعن كل التجارب 
المؤدلجة؛ القائمة على قمع الاجتهاد ومصادرة التجريب 
الميدانى. 

فى الستينيات والسبعينيات أيضاًء اختلطت الأوراق 
بشكل فظيع» وتماهت الأسفلة المسرحية فى الأسعلة 
السياسية؛ وأصبح المسرح متداخلاً فى الفعل السيامى» 
وبذلك؛ فإنه لم يفعل سوى أنه كر الأسكلة نفسها 
والقضايا نفسها والاهتمامات نفسها. هذه التبعية ستعيد 
تاج الأسعلة والقضايا والاهتمامات نفسهاء هذه التبعية 


اف 


عبد الكريم برشيد 


ستعيد إنتاج الأسكلة السياسية نفسها والخطاب نفسه» 
وذلك فى الكتابات النقدية والإبداعية معاً. 


ويمكن أن نقف الآن عند نموذج واحدء من تلك 
الأسفلة؛ 


- من یحکم من؟ وبای حق؟ 
- والسلطة لمن ؟ أو لأية طبقة؟ 


- وكيف تتشكل هذه السلطة على المستوى 
العربى؟ بالانقلاب أو بالشورة أو عبر صناديق 
الاقتراع؟ 
وهذه السلطة كيف نمت» و«ازدهرت» 
وتطورت» وتعملقت» بهذا الشكل الأسطورى 
والخرافی؟ وعلى حساب من أو ماذا؟ على 
حساب المشروعية؟ أو على حساب كرامة 
الواطن وانسانية الانسان؟ 
- وهل يمكن إقامة شكل من أشكال الحكم دون 
حكمة؟ 
مع هذه الأسئلة ‏ وأخرى غيرها شاع الكلام 
واللغو والخطابة والهتاف والشعارات. إن طغيان المد 
الإيديولوجى قد تم - ويتم دائماً - على حساب التجريب 
والبحث والاجتهاد. وبهذا أصبح التجديد فعلا يثير الريبة 
والشك. فهو عند البعض - هروب وترف واستغراب 
ومضيعة للوقت وشكلائية خالصة:؛ وهو أيضاً تخريب 
وموضة عابرة ونرجسية.. إلخ. وهو محاولة للهروب من 
«الحقائق الجاهزة والكونية والأممية والبحث عن حقائق 
وهمية وشبحية لاوجود لها؛ وهو عشق ‏ مرضى - 
للغريب والمشير والمدهش. وهو هلوسات وخيالات 
وشطحات ليس لها معنى. هكذا هو التجريب» أو هى 
صورنه فى الخطاب الإيديولوجى. فالمسرح هو القضية» 
ولاشئ أكثر؛ قضية واضحة بين طرفين أو بين قطبين» 


۳۲ 





ولاشئ يمكن أن يهم فى هذا المسرح» سوى الصراع 
والصراع وحده. وبهذا خان السرحیون السرح» وذلك 
عندما اکتفوا بأن يلعبوا أدوارا ليست آدوارهم» وآن بسیروا 
خلف السیاسیین انحترفین» رذلك عوض آن یکرنوا هم 
فى الطليعة. هذا عن علاقة الایدیولوچیا بالتجریب؛ آما 
عن علاقتها بالموروث الشعبى» فيمكن أن نرصدها فى 
الصورة التالية: إن الإيديولوجيا تراهن على الآنى والآتى» 
فى حين أن الموروث الشعبى ينتمى إلى الماضى؛ فهر 
بالضرورة. وبذلك؛ فإن التعامل مع هذا التراث هو انحياز 
صریح للماضی وللاقطاعية» وهو تراجع إلى الخلف» 
ووقوف إلى جانب القوى الرجعية. وبهذا فقد طالب 
کثیر من الکتابات (الثوریة) باعدام التراث» فى المسرح 
والقصة والشمر والرواية والتشکیل والسینما؛ وفی کل 
الفنون والآداب !مختلفة. إن التتجريب هو العلم وهو 
العقلانية والمنطق والرصانة والنزاهة والحياد والاحتكام إلى 
الواقع وإلى الحقيقة. 


إن التجريب لايصادر حق الأشياء فى أن تعبر عن 
نفسها بنفسهاء وأن تثبت - بالملموس - حقائقها الكائنة 
والممكنة. 
وبخلاف هذا العلم ‏ العاقل وا محسايد فإن 
الإيديولوجيا مسكونة بالنوايا وبالأهواء؛ فهى وجهة نظر 
لا تعرق ولا تعترف بأنها مجرد وجهة نظر» قد تكون 
ثبة وقد تكون خاطة» وقد تكون مجرد هلوسات 
ذهنية؛ ولاشئ أكثر. هذه الإيديولوجياء بتمركزها على 
الذات قد أضرت كثيراً بالثقافة العربية» خصوصاً الثقافة 
المشرقية. وإلى هذه الحقيقة المرعبة يشير هشام جعيط؛ 
ففى رأيه أن ما أعطى الفكر المغاربى أهميته وتميزه 
وقيمته العلمية؛ هو ابتعاده عن الایدیولوچیات «التی 
تاکلت وأکلت الشارقة. وهذا الابتعاد عن الایدیولوچیا 
یفرز نوعا من العقلانية الواضحة» ولهذا اعتبر آن الفکر 
الغاربی یتجه نحو العقلانية, وهو مرتبط ارتباطا جذریا 





بالماضى وهو منفتح على الحاضر فى نفس الوقت» ثم إنه 
فکر اسلامی اکشر منه فکر عربی» ۹ . والایدیولوچیا 
لیست ضد العلم فقط ولکنها آبضاً ضد السرح وضد 
الاجتهاد السرحی وضد الحرية السرحية. ويمكن أن 
نقول بأن تخلف السرح العربی - فی أحد جوانبه - 
يرجع إلى أنه پیدیولوچی اکشر ما یلزم؛ فهو شعارات 
وخطب وتخليلات سياسية فجة» وكتابة تعيد كتابة ما 
يدشر فی الجرائد واجلات. هذا السرح یلزم نفسه بما لا 
يلزم» ويريد أن یصلح العالم بالسرح وفی السرح» وآن 
بقدم الحلول والوصفات الجاهزة: وآن یجعل من رجل 
المسرح نبيا أو مصلحا أو زعيما سياسياء وليس هذا من 
طبيعة السرح. فشکسبیر - مثلا - كان شاعراً قبل كل 
شوم. وفی کثیر من «الإبداعات» السرحية یحضر الرأی 
السیاسی ويغيب الشعر أو تغيب روح الشعر؛ وذ 

الإيديولوجيا یغیب التسامح ویفیب الحوار؛ وهو جوهر 
الفعل السرحی. انه لا کلمة تعلو- فی الایدیولوچیا - 
علی کلمة الصراغ» آما التعايش فله معنی الانحراف 
والخيانة. الشوم نفسه یمکن آن نقوله عن الاختلاف 
والحق فی الاختلاف» الذی هو آساس الفعل السرحی. 


التجریب بین العمل والیدان: 

يتم التجريب العلمى فى المعامل دائماًء فهر فعل 
سرى أو شبه سرى» تقف خلفه الأبواب والأقفال ويلفه 
النموض. آما السرح؛ فهو عکس هذا تماماء فهو حقا 
علم ولكنه ليس علما خالصاً. وهو فن كذلك؛ ولكنه 
ليس فنا بحق» وهو صناعة ولكنه ليس صناعة بسيطة؛ إنه 
مرکب ومعقد ودقیق؛ فهو نسیج مادی وروحی زذهنی 
ونفسی ومحسوس ومتخیل» تتداغل فیه الستویات 
وتتقاطع وتدکامل رتتحاور بلغة خرساء. وبهذا كان 
للتجریب السرحی خصوصیت التى لايمكن التنكر لها أر 
القفز عليها. إننى - شخصيا ‏ لا أنصور مخرجاً مسرحياآ 
يمكن أن يدخل امختبرء وأن يغلق خلفه الأبوابء وأن 


المسرح والعجريب 


يشرع فى البحث والتجريبء لأن السؤال الإشكالى 
سيبقى قائماً يتحدى: 


هذا اخرج یجرب ماذا؟ وما امادة» اشتفاله؟ 


إن المادة الأساسية ‏ فى الاشتفال السرحی - هی 
قضایا الناس» وهی نبض الشارع وتفکیره ووجدانه, وهذه 
الأشياء لا يمكن أن نعثر عليها إلا فى الساحات والميادين 
والحارات والمقاهى وفى الأماكن العامة. 


إن السرح - فى شقه الأول - هو أشياء ترى 
وتسمع وتلمس أشياء لها طول وعرضء ولها كثافة 
معينة» ولها أشكال وأحجام وألوان» ولها أصوات خخاصة» 
أشياء يمكن أن تعرض بطرق متعددة» ويمكن أن تتحرك 
بآليات خاصة؛ وذلك من أجل أن تعطى سينوغرافيا 
خاصة:؛ وأن تكون لها لغتها التى تخاطب العين» 
وتخاطب الأذن كذلك. ولكن المسرح - فو. حقیقته - 
هو أكبر من هذا وأخطر. وجماليات المسرح البصرية/ 
السمعية هى نفسها جماليات الكباريه والأندية الليلية 
والسارح الاستعراضية. هذا هو ظاهر المسرح» أما باطنه 
وجوهره؛ فیتمثل فی رسالته وفی خطابه. وبهذا؛ فقد 
أمكن لنا أن نقول بأن أى تخريب مسرحى لا يوازن بين 
الشکل والضمون؛ ولايؤسس حواراً داخلياء بين المفردات 
السينوغرافية ومعناها أو معانيهاء لايمكن أن يكرن إلا 
شكلا من أشكال العبث. 

إن الهم, إذنء هو أن نحمل داخلنا نزعة مجريبية؛ 
نزعة علمية لها ارتباط عضوی بانحسوس واللموس؛ ولها 
علاقة حية ومتح رکة» وذلك بکل ما هو مرئی وسموع 
وواقعى وحقيقى. أما العقول المسكونة بالحقائق المجردة 
وبالیتین الایدیولوچی» فلايمكن أن تدخل فضاء 
التجريب. ويتمظهر هذا اليقين فى شكل أساطير قومية 
متوارثة؛ أو فى شكل أساطير سياسية جديدة» أو فى شكل 
انحياز عقائدى لأطروحة سياسية أو دينية أو أخلاقية. 


۳۳ 


ا ا ا ا ج 0 


إن المغقف التقليدى - فى العالم العربی - قد راهن 
دائماً على السياسى» وذلك على حساب ما هو فكرى 
وجمالی. وبذلك» فان المسرح العربى اليوم بحاجة ماسة 


إلى مثقف جدید؛ مثقف بعطی للجمالیات حقها فی . 


الابداع» ویعید للفن وظیفته الحقيقية, وآن یکون - فى 
سل وکه وابداعه - فی مشل حرية الحیاة» ونی مشل 
حيويتها وشفافيتهاء وفى مثل شموليتها وتعدد مستوياتها 
وأبعادهاء وفى مثل احتفاليتها وعيديتها المتجددة. 

إن الإيديولوجيا ‏ فى العالم العربى - أنشجت 
مثقفين «سيكولوجيين؛ لهم فى كل رجه عين واحدة» 
وليس أكثر. هذه العين الواحدة لا تدرك إلا لونا واحداء 
ولا تعترف إلا بحقيقة واحدة موحدة. والمسرحى هو 
مرخ الوجدان» وعلی من یژرخ آن بری کشیرا وآن 
یسمع کشیرا؛ آن یتحرر من «الخرافات؛ والحکایات 
والأساطير الخفية؛ وعليه أيضاً أن يمثل واقع الداس من 
حوله؛ أن يعيش الوقائع - كما هى - رأن يسجلها 
بوعى العالم والفنان والصانع. 

هذا المبدع الجديد ‏ أو المشقف الجديد ‏ هو 
المؤهل وحده لممارسة التجريب» وذلك فى معناه ومبناه. 
يقول ميشيل فوكو: 


الهوامش: 


(۱)_رسائل انطونان آرطوه ترجمة رضا الكافى؛ مجلة «الکرمل». 


«أحلم بالشقف هدام القناعات والبدیهیات 
العمومية. أحلم بالمتقف الذى يستكشف فى 
عطائه الحاضر وإكراهاته نقاط الضعف 
والشقوق وحطوط القوة. أحلم بالثقف الذی 
يتحرك باستمرار دون توقف» غير عارف أين 
سیصیبح غداء لانه شدید الالسصاق 
بالحاضر؟ ۲۳۲ . 


فى الإيديولوجيا لا تفعل سوی آن نعید انتاج 
القناعات والبدیهیات العمومية ولا نقدم جدیداء لأن 
الجدید انحراف وخریف وخيانة وخروج عن الخط؛ و 
فعل يحتاج إلى المحاسبة وإلى الطرد» سواء من الحزب أو 
من الجماعة أو ... من رحمة الله. وعلى عكس هذا 
كان التجريب» ويكون دائماً. ولأن المسرح - فى الوقت 
نفسه ‏ هو علم وفن وصناعة» ققد أمكن أن نتبنى - فى 
التجریب - معملية العلوم البحتة؛ وذلك لتطوير الأدوات 
أو العناصر المسرحية؛ وأن نعتمد ‏ فى المقابل - على 
المنهج الاجعماعى والأنشروبولوجى؛ وذلك من أجل 
دراسة الإنسان ميدانياء وتناول قضایاه وهمومه وسل وکه» 


والخوض فى وجدانه الشعبی وفی وعیه ولاوعیه. 


م هنام جعبط » آراء ومواقف فى الثقافة العربية؛ من كتاب لقاءات قابس » فى العقلانية والتقدم» ”؛ منشورات مهرجان قابس الدوای» ۹ص ۰1۲ 
(۳) من مقابلة مع النرفيل أوبسرفانور ۱۲ مارس ۰۷۷ ترجمة هشام صالح» مجلة الکرعل», ۰۱۳ ۰۱۹۸4 می ۰۱۵ 


۲ 


تا 





ملاحظات عن 


التجریب فسی المسرح 





جلال حانظ" 


1ا8ا اتا ااا ا اناا ا اا الا ا سس 


السرح التجریبی؛ فی تعریف بافيس» هو «مسرح 
یکرس نفسه للبحث عن صيغ جديدة تكعبیر» وعمل 
علی المثل» وطرح للتساژلات حول مکونات الفعل 
السرحی(۲۱. ويضية بائیس: 
«إن كل مسرح جدير بهذا الاسم» يجب أن 
یخضم » جزئیا علی الاقل, لنظام جریب 
مستمر وأن لا یقبل آبدا أسالیب معروفة 
وم کدة النجاح سلفاه!۲۳. 
التعريفء على هذا النحوء يكاد يربط فكرة المسرح 
التجريبى بطبيعة المعمل؛ حيث تختير كل عناصر العرض 
المسرحى بحثا عن تقنيات جديدة. والمعامل المسرحية 
می أیضا مسارح جريية تبحث فى مجال تقنيات 
الممثل والاحراج» دون هدف جاری»؛ بسل حتی دون 





* عميد معهد الفنون السرحية بالقاهرة. 





امتمام بتقدیم عرض مسرحی کامل لجمهور 
کر 
فى إطار هذا الفهو, للتسجریب؛ یصبح السرح 
السجریی «اتجاها؛ فنياً معاصراً وهو کذلك بالفعل 
باعتباره «حركة؛ » أو «تيارآه يسعى إلى البحث عن 
أساليب مسرحية جديدة للتعبير. ومن هنا نأنى لسؤال 
مهم: اذا التجریب فى السرح؟ 
الاجابة فی بساطة شديدة: لأن فن المسرح بطبیعته 
أكثر الفنون تقليدية» وهو فن تنطبق عليه مقولة إليوت 
المشهورة فى دراسته عن وما هو کلاسیکی)» حین 
يوضح أن النضج: ۱ 
«فى الأدب يعنى أن يكون الشاعر على رعى 
بأسلاف» آن ندرك نحن وجود هؤلاء 
الأسلاف خلت مؤلفه؛ تماما كما نتعرف 


۳۵ 


ا س 


ملامح الأجداد فى شخص ما يتمتع فى 
الوقت نفسه بتفرده وتميزه» . 


رهذه العرفة والوعی بالتراث هما ما يشير إليه إليوت 
فى نظريته عن «التمالید؛ بمعناها التاريخى؛ فتلك المعرفة 
بالتقاليد هى الركيزة الأساسية لعملية الخلق والإبدا ع . 


والمسرح برزح» رغم كل التطورات» مخت تقاليد 
ثقيلة تعود إلى قرون بعيدة» تحكمهاء رغم التغيرات» 
قواعد ابتة تتطلق من مفهوم طبيعة السرح ووظیفة 
السرح, اللذین» رغم تخورهما من عصر إلى عصرء 
يدوران فى الفلك نفسه تقریا. 


والسرح من حیث هو فن تقلیدی» آصبح بالضرورة 
فنا متمرداء فى عالم كعالمنا تتغير فيه كل الثوابت؛ ذلك 
أن التقليدية تورث التمرد. 

لکن عالنا کان دائما - رغم احتلاف الایقاع - 
عالما متغيراء وهذا يقودنا إلى سؤال آخر مهم: هل ینحصر 
التجريب فى إطار مسرحنا المعاصرء ألم يعرفه تاريخ 
السرح العالی من قبل؟ 

إن فن المسرح يستند فى جوهره إلى تقاليد متوارثة» 
يقننها المنظرون؛ حينا بعد وحينا قبل» أن يتعامل بها 
ومعها الولفون واخرجون رالمثلون وانجمهور. هذه 
التقاليد تتطور من داخل نفسها حيناء ومجدد عمداً حینا 
آخر. فحين أدخل الشاعر اليونانى سوفوكليس الممثل 
الغالك إلى السرح» كان مجددا. وحين تغيرت وظيفة 
الجوقة فى مسرح مواطنه يوريبيديس» كان ذلك تطورا 
طبیعیا متمشیا مع تطور تقنیات السرح"۲ نتيجة للتطور 
الفكرى العام رتطور ذوق الجمپور. ولکن هل كان 
دید سوفوکلیس مجریسیا؟ هنا تختلف الاجابات: 
(حدی وجهات النظر تمربء باعتباره بحا عن تقنية أداء 


۳۹ 


ثلانية بنية اسعکشاف امکانانها» مقارنة بعقنية الأداء 
الثنائية الموروثة. وقد لا يعد جديد سوفوكليس من وجهة 
نظر أخرى تجريباء باعتبار أن جديده كان تراكميا ليس 
ابتکاریا. فهل الابتکار وحده هو قانون التجریب؟ قطعا 
لاء والا لکان لنا آن نعتبر ثورة الرومانتيكية علی «قواعد 
السرح الکلاسیکی» تریبا, (وٍن کان مسرحها - کما 
سنوضح - فی جمالیانه نوعا من التجریب) » وخوض 
التعبیریین فى أعماق اللاوعى الفردى ثورة مجريبية على 
أنماط الميلودراما التقليدية» بقوالبها الجامدة ومسرحياتها 
النمطية» ومحاولة برناردشو تخويل المسرح إلى مناقشات 
علی الطريقة الابسنية - إن صح التعبير - محاولة مجريية 
مضادة لهذه الأنماط التقليدية نفسها.. الخ.. فالابتکار 
- على نحو ما هو معروف - سمة أساسية فى الفنان 
البدع عامة فى كل عمل من أعما؛ وبالتالى فهى 
سمة عامة من ممات تطور الفنون. ولكن حين حاول 
كوكتو فى مسرحيته (عروسا برج إيفل) أن يخلق علاقة 
حقيقية بين المنظر المسرحى والمثل» بهدف تغییر صیفة 
العرض وطبيعة التأثير على المتلقى» عن قصد واع؛ فإنه 
كان يجرب كالعالم فى معمله؛ لأن لديه قوانين الدراما 
القديمة التى تؤكد له وظيفة الديكور» وطبيعة وكيفية 
أداء الممثل التقليدى؛ وما ينتج عن ذلك من تأثير محقق 
وناجح لدى الجمهور. فإذا ما حاول كوكتو أن يغير فى 
طبيعة هذه القوانين» توقعا لنتيجة أخرى؛ افتراضية» فى 
مجال التأثير على المتلقىء كان مجربا. وبهذا المعيار نفسه 
يعتبر بريخت مجربا؛ لأنه حاول التصدى للقانون العام 
للدراما الأسطورية فى مجال تأثييرها الانفعالى على 
الجمهور: مستهدناء عن وعى وقصدء تحقيق تأثير 
عقلانى. وبالمثل أيضاء فإن الكاتب الدانماركى صوياء 
يكون قد دخل تاريخ التجريب بمسرحياته» خاصة 
مسرحية (عليك أنت أن تختار) حيث تجح فى بناء 
حبكة تجعل السلوك الخير» أخلافياء تنتج عنه كوارث 


محققة: على حين ينجم عن فعل الشر سعادة 
والأمثلة الشلاثة التى فرغنا من ذكرها هى فى 
جوهرها ابتكار. إلا أن الابتكار هنا صاحبه البحث عن 
جماليات جديدة: خلق علاقة بين الديكور والممثل 
تشكل جوهر العرض المسرحى مع تفییر فى أدوات أداء 
المثل (من خلال فونوغرافین) فی حالة كوكتوء وتغيير 
فى طبيعة العلاقة بین العرض رالتلقی» وفی نتائج هذه 
العلاقة عند بريخت» وتغيير فى صياغة التركيبة الدرامية 
علی مستوی القدمات والنتائج فى حالة صويا. ذلك 
الا کتشاف للجمالیات الجدیدة, هو الفهوم العصری 
نفسه الذى يؤكده بافيس فى إشارته إلى «البحث عن 
صيغ جديدة للتعبير» . فالأساس فى التجريب هر تعمد 
كسر القراعد الموروثة» أو باوز التقالید فی محاولة 
للبحث عن» واكتشاف» وسائل جديدة للتعبير؛ بهدف 
خقيق تأثير معين على المتفرجء استنادا إلى فرضية ذهنية. 
نخلص من ذلك إلى أن التجريب فى المسرحء وإن 
کان «ح رکةه أو «اجاها» أو اتيارأ» فنيا معاصراء ليس 
جدیدا على تاريخ السرح من حیث کونه - التجریب - 
منهجا إبداعيا. بل نحن نعتقد أنه» خاصة فی مجال 
النص الدرامى؛ جد قديم؛ فهر فى نظرنا - يرجع إلى 
القرن السابع عشرء حين بدأ بالفعل ترسيخ مفهوم 
التقاليد ومذهبتها؛ ذلك أنه: 
«(حين أرست الكلاسيكية مبدأ محاكاة 
القدماء» فإنها فتتحت الأبواب واسعة أمام 
شعراء السرح للتجريب على مادة 
كلاسيكية» دون أن تقصد إلى التجريب» 
رغم ما قد يبدر من تناقض بين مصطلحى 
«محاکاة؛ و «جریب» , دلك آن لتلك 
انحا کاة عند نقاد الكلاسيكية شروطها» وفی 
مقدمتها الالتزام بمحاكاة ما يتفق وطبيعة 


ملاحظات عن التجريب 


العصر؛ وبلغتنا الحديثةء إعادة صياغة المادة 
الفنية بما یتواعم مع رؤية الشاعر وغاياته. 
فالکانب الکلاسیکی, شأنه شأن کتابنا 
وإنما يسعى لترظيفه. فهو باستناده إلى 
الأساس الفلسفى الكبير للمذهب» وهر 
العقلانية» كان يقف من: التراث موقفا نقدیا: 
نسوريل هاجم هوميروس؛ وأوجييه نقد 
سوف وكليس» وميريه يرى أن المسرحيات 
القديمة مزعجة. وشابلان يرى أخطاء فى 
آشعار هومیروس وفیرجیل. وهکذا خلصت 
الكلاسيكية الأبطال القدامی من هالاتهم 
الأسطورية 9 . 
وهذا نفسه ما يفعله امحدثون بالتراث من منطلقات 
فكرية وفنية متباينة» تتراوح بين استهداف العودة إلى 
المنابع الأصيلة للفن المسرحى؛ والسعى إلى تفريغ 
الأساطير القديمة من محتواها لشحذها بفكر جديد: تلك 
هى على سبيل المثال حالات: أندريه جيد مع (أوديب) » 
وجيرودو مع (إلكترا»؛ وانوى مع (ميديا) ؛ وسارتر فى 
(الذباب) ؛ وإليوت فى (اجتماع شمل العائلة) .... إلخ. 
وهذا هو تفسه ما یفعله العاصروت؛ سواء بالتراث 
الأسطورى أو التراث المسرحى السابق عليهم؛ وتلك هی 
على سبيل المثال حالات: كازانتزاكس فى (عطيل يعود) 
ویونسکو فی (مکبت)» ورايئر فاسبندر فى (إيفيجينيا فى 
تاوریس) و(أجاکس) » وهاینرموللر فی (هرقلیس) ولية 
هملت)»؛ وتوم ستوبارد فی (موت رونگرانتس 
وجیلدنشتیرن) .. إلخ. 
إن کتاینا العاصرین: 


١‏ حين يستلهمون تراث اليونان أو الرومان أو 
عصر النهضة:. إلخ, سعياوراء التجریب» 


۳۷ 





ينطلقون من موقف عقلاتى مائل لوقف 
العقلانية الكلاسيكية؛ يستهدف استكشاف 
إمكانيات التراث فى التعبير عن رؤى شعرية 
محددة تعكس واقع عصرهم. واستكشاف 
التراث قديما كان يستند إلى ثقافة تتصف 
نسبيا با محدودية » تمتد من أرسطو وهوراس 
إلى سكاليجر وكاستلفترو وشابلان ودوبينياك 
وبوالوء وكلها تدور حول مشكلة القواعد 
الفنية. لكن استكشاف المادة الدراثية فى 
عصرنا يمر بعقل شديد التعقيد» عرف هيجل 
وفروید ومارکس رآینشتین ودورکايم وبوغ 
وفریزر وسوسیر وی کوبسون ودریدا وبارت 
ولااکان وشتراوس .. الخ. 

وحين تمر الادة القديمة بهذا العقل الحدیث 
المركبء لا تفقد فقط هالاتها الأسطورية 
وقوامها الترائی؛ وانما تنتقل الرژی من انحدود 
إلى اللانهائی؛ وتستحیل الخيالات إلى 
حقائق؛ والحقائق إلى أوهام» ويلتف الخط 
الروح بالادة وتمتزج عوالم الإنسان يعوالم 
الشياطين والملائكة فى وحدة تؤكد اتساق 
العالم وتنافره كقانون أساسه التضاد والتوافق 


فی آن ۲ . 


فإذا ما انتقلنا من مجال النص الدرامى إلى عناصر 
العرض السرحی؛ وجدنا أن محاولات البحث عن صيغ 
جديدة للتعبير تتجاوز «التقاليد؛؛ كانت تظهر من حير 
4 آخر فی تاریخ السرح قبل عصرنا الحدیث؛ ولعل 
ذج الرومانتيكية _ کماذکرنا- من آبرزها؛ وهو 
کر هنا للدلالة على مانريد تأكيده: 


يعد عرض مسرحية (هرنانى) ؛ لفيكتور هيجو؛ على 
مسرح الکومیدی فرانسیز عام ۱۸۳۰ مجديدا وتجرييا فى 


۳۸ 


کل عناصر العرض السرحی. فالمثلون الکلاسیکیون 
اجمدون فی قوالب النبل الکلاسيكية» کانوا عاجزین 
عن آداء آدوار جريشة, متقلبة الزاج» حادة الطباع؛ 
کادوار مسرحية (هرنانی) ؛ بل إن مدموازيل مارس» تجمة 
الفرقة» فزعت» ونفرت بشدة من دور #دوناسول؛ » حتى 
إن المؤلف حاول طردها من العرض"*؟» فتراجعت واضطر 
الجمیع» مع التدريبات الشاقة» إلى تغيير أسلوب الأداء 
الكلاسيكى إلى أسلوب أداء أكثر مرونة 9وطبيعية. ولقد 
سبق لفولتير محاولة التجديد فى عناصر الديكور 
المسرحى» لكنها كانت محاولة محدودة التأثيرء إلى أن 
جاء هيجو ونص بدقة على عناصر العرض المسرحى من 
ديكور وأزياء؛ وإضاءة وحركات الممثلين. فجاء عرض 
(هرنانى» فى ديكورات فخمة وأزياء باذخحة وألوان 
متنوعة؛ مع جموع ضخمة من الممثلين تتخم خشبة 
المسرح. كان العرض نوعا جديدا تماما على الجمهور 
الفرنسى المعتاد على كلاسيكيات راسين البسيطة المتوازنة 
فى كلماتها وأدائها وعناصر عرضها. فعرض هرنانى حاد 
الأداءء متقلب المزاج» فخم المنظر بألوان فاقعة حادة» 
متنافرة؛ لكنه فى النهاية يعكس طابع العصر الذى عشق 
الألوان وعنف التضاد علی نحو ما نجد فی رسومات 
دیلا کروا. 


كان هيجو يبحث عن قيم جمالية جديدة وجح 
عرض مسرحية (هرنانى) باعتبارهاء أول مسرحية 
روسانتيکية تلاقی النجاح الکبیر؛ فى أن يمد المسرح 


. ۳ ۶ (۲۰) 
بصیغ جمالية جدیدة "۰ 


هذا التجديد فى جماليات السرح کان جریا 
بالفهوم نفسه الذى أشرنا إليه فى صدر دراستنا . 


إن التجريب فى مجال النص والعرض ظاهرة قديمة 
واكبت تطور الفن المسرحى. والتجريب المعاصر» وإ 
كان لا يضرب بجذوره فى هذا الماضى البعيد» » إلا أنه 
امتداد وتأكيد للظاهرة نفسها. 





وحركة التجريب المعاصرة تستمد أصولها من نظريات 
رواد التجدید فی السرح الحدیث وأفکارهم ومحارلاتهم» 
وفی مقدمتهم آییا وکریج رکویو وآرتو وتایروف ومایرهولد 
وجسنر وكالسرء.. إلخ؛ حیث نزع هوّلاء الرواد إلى 
البحثك عن «مسرح جدید)» «مسرح حقیقی) ؛ وانجهت 
جاربهم إلى مجالات العلاقة بين المؤلف والخرج والممثل 
والفضاء المسرحى» وإلى العلاقة بين هذه العناصر 
ی 
فی عام ۰۱٩۳۰‏ صرح لیوبولد جسنر بائه: 
«لابد من ٍحضاع مولفات الکلاسیکیین 
لعمل انخرج الذی تتمثل رسالته فی تطويع 
هذه المؤلفات للعصر الحاضر كى نستطيع أن 
نحسها ونفهمهاب ۱ . ب 2 


تلك دعوة صريحة للخلاص من سيطرة الوّلف؛ 
وخطوة مهمة على طريق كسر مفهوم الأمانة فى تقل 
رسالته. وذلك يتفقء بصورة ماء مع ما صرح به من قبل 
أدولف آبيا فى حدیشه عن دراما فاجنر» من آه یجب 
على احرج «أن يترك لنفسه العنان کی تنقاد كلية, 
وبدقةء لكل ما تكشف له الدراماء التى يريد عرضهاء من 
حياته الخاصة:!؟21. جسنر يرى عمل المخرج من مفهوم 
ثقافى موضوعى» وابيا يراه من مفهوم سيكولوجى ذاتى » 
إلا أن الاثنين يضعان «العرض؛ فى المقام الأول » وينزلات 


بالنص إلى مرتبة أدنى . 
ویفضل آبیا الجمع بين مهمة تأليف النص الدرامى 


والوسیقی» ومهمة الاخراج» حین یدرك اللف مدى 
«تعدد الا فکار والعواطف التی بودعها فی کلمة واحدة؛ 
بينما تنتمى هذه العواطف والأفكار إلى الفضاء 
[السرحی] والزس»6۱۳؛ فالسرح عند ابيا دفن 
شامل۲. وهو «طقس)؛ يستند أساسا إلى فن الممثل» 


ملاحظات عن التجريب 


والحركة ؛ والإيقاع؛ والإضاءة. والإخراج عنده فن 
يعرض فى الفضاء ما يعجز المؤلف عن نقديمه إلا فى 
الزمن. 

هنا جد بعضء إن لم يكن كل» التعاليم الأساسية 
لحركة التجريب المعاصرة: المسرح طقس - الفن 
المسرحى هو العرض - الممئل وحركته هما العنصر المهم 
فى العرض (مع ضرورة الإشارة إلى مفهوم آبيا الخامن 
بأن الموسيقى حركة» ‏ اغخرج هو المبدع بالدرجة الأولى 
- الثص عنصر ثانوی من عناصر العرض. ا 


وقد اهتم جوردون کریج - مثل آبیا الذی سبقه إلى 
معظم آفکاره - بتخلیص السرح من الرسوم الخداعة , 
والواقعية الزخرفيةء إلا أنه مضى أبعد من آيبا حين فكر 
فى أن مسرح المستقبل سيستغنى عن الممثل. كذلك 
دعا كريج إلى خرير الخرج من كل عبودية للنص 
الأدبى» فالمسرح ولد من «الإيماء والحركة 
والرقص»(*۱) و«الراقص هو الجد الأعلى للمسؤلف 
المسرحى2350, 

هنا اكتملت تقريبا التعاليم الأساسية التى يستند إليها 
التجريب المعاصر فى أسسه ومبادئه؛ وفتح الباب واسعا 
حاولات إلغاء النص والاستناد فقط إلى الرقص والإيماء 
والحركة. 


وت تأثير آراء كريج؛ سعى مايرهولد فى روسيا إلى 
الخلاص من التمشيل السیکولوجی باستخدام تقنية 
التمثيل الآسيوى «والكوميديا دى لارتى؛ . وكان من 
غاياته الببحث عن وسائل ینفصل بها الممثل عن دوره 
وشخصيته؛ ليبدو كأنه يعلق ويشرح ما يمثله (ولنلاحظ 
أن هذا نفسه ما سوف يسعى إليه بريخت) . وتتلخص 
لهء فى أن الحقيقة الانسانية, على مستوى العلاقة بين 


۳۲۵۹ 


جلال حافظ ا ی او لم م ع ۱ 


اللاس » وعلی مستوعه السلوك الفردی» لا تعكسها ولا 
تعبر عنها الكلمة؛ وإنما الحركة والإيماءة. 

وفى ألمانيا سعى رينهارت وليوبولد جسنر إلى البحث 
عن فن مسرحى مستقل بذاته؛ يعتمد - إلى جانب روعة 
الديكور وعنف المواقف ‏ على مجديد فى مناهج العرض. 
إن رينهارت يعتقد أن المسرح الحديث عليه احتواء الحياة 
الحديثة على نحو ما كان مسرح الآربنا الإغريقى يحتوى 
حياة امجتمع الإغريقى. وفى سبيل ذلك» » استلهم تقنيات 
المسرح الصبنى والیابانی وعروض سدع أحيانا 
معجزات العصور الوسطی؛ ما جعل بعض 0 فى 
نيويورك ولندن وبرلين تنحول بدورها إلى كنائس لتقديم 
عروض مائلة. 

كذلك عمد جسنر فی مجال التجديد إلى أن بقدم» 
عام 1411 مسرحية (عطيل) على منصة عاربة إلا من 
مصطبة ذات مستویات» لیسمح بشحدید مستویات 
الحدث» ثم قدم بعدها (هاملت) فی ملابس عصرية. 


وفى هذا الخضم الهائل من التجديد الشورى لدور 


الغرج وعناصر العرض المسرحى فإن جاك كوبو وزملاءء 
فی فرنسا کانوا آکشر حذرا بسبب ما کبلتهم به 
«التقاليده الفرنسية الثقيلة فى التعامل التحفظ مع النص. 


لکن محاولات كربو» رغم ذلك؛ تعد نوعا من 
التجديد التجريبى: ففى مسرح الفييه كولومبيه. كما 
Vieux - Colomnbier‏ حاول الفنان الفرنسى تخليص منصة 
العرض من الوثرات السرحية الاستعراضية الطابع 
باستخدام مسرح بسیط مفتوح» مؤكداً أن الفن السرحی 
فن مثل, وان کان - علی غیر الاناه الشوری الساند 
خارج فرنسا يرى أن أصالة الإخراج تستند إلى تفسير 
النص اعتمادا على المعرفة الكاملة به. 


رأخخيراء حوالى عام ۱۹۲4 بعد إغلاق مسرحه» 
حاول مع جماعة من شباب الممثلين» » نحت تأثير آراء 
كريج » التدريب والتجریب؛ لا من خلال نصوص» ولكن 
من حلال موضوعات» مع استخدام الأقنعة والارتجال» 
0 مسرح النو اليابانى؛ بحيث يصبح فن المسرح 
ن مل اجره فی أدائه الصامت ورقصه وحركته 
و 0 باعتبار أن هذه هی التقنیات الأساسية للتعبير 


المسرحى. 


وتنتقل تعالیم کوبو وتترسخ عند تلامذنه الکثیرین» 
خاصة لوی جوفیه وشارل دیلان وجاستون باتی وچان 
فیلار ومارسیل مارسو؛ کما تتبلور عند يحم السرح 
الفرنسى المعاصر جان لوى بارو الذى يؤكد أن «العرض 
السرحی علاقة حب» نعطى» ؛ تمنح أنفستاء » نتبادل 
العطاء والنح» ) ونتحده ۰۲۱ وکویو فی نظر بارو هو بو 
المسرح الحديث»» وهو لقب نقله عن بارو الناقد جيمس 
روس - لیفانز الذی _ 0 كان أول من بحث 
عما نطلق عليه «المسرح الفقير لفقیره"“. 


رت هین فی ل ای و یا له 

زتوء لكنها لم تشمر إلا بعد ذلك بحين - وکتابات آرو 
غامضة رمتناقضة إلا أنها فى جوهرها تخدد: نشأة 

سرخ وتطوره» طبيعة المسرحء قوانين الفن المسرحى» 
ل 

وارتو یستمد نظريته من تخليله للمسرح فى بالی 
الذى يعد فى نظره مسرحا احتفظ بجوهره الأصيل منذ 
النعأة الأرلى» , لاعتماده الأساسی علی الجسد» وامتفلال 
الفضاء المسرحى. فالحركة والإشارة تمنحان هذا المسرح 
قوة مطلقة لإثارة الإحساس بالقرى السحرية التى يخضع 
لها هذ العالم. رهذا المسرح يعكس حقيقة 
أخرى غير حقيقة الحياة اليومية التى يقدمها المسرح 
الغربى؛ فهى حقيقة ثرية مركبة مستمدة من قوى 


ية 4 , 


ويدعو آرتو إلى تخليص المسرح من شعثر اللفة 
واستبداله بشعر الفضاء السرحی من خلال الحركةء 
والتصوير والإضاءةء والتمثيل الصامت والإيماء, والغناء 
والموسيقى» والتعاويذ السحرية والح رکات البدائية»کما 
يدعو صراحة إلى وضع حد لديكتاتورية المؤلف» حيث 
يجب أن تتحدد أهمية الكلمة حسب طبيعة وظيفتها فى 
العرض المسرحى الذى يستلزم نوظيف كل القسيم 
«السعریذیة» السحرية للکلمة» لتتواعم بدقة مع المتطلبات 
المادية للعرض. وعلى هذا النحوء ولأن «السرح هو 
الیزانسین آکثر منه الحواره(۲۱۹؛ فانخرج الذی یناط به 
وحده السيطرة على جميع عناصر العرض» وخحلق 
التناسق بينهاء هو السيد الوحيد فى السرح, 

يمثل آبیا ۱۸1۲۲ ۱۹۲۸)» وکریج (۱۸۱۹ - 
۷ النابع الاولی فی مجال التجريب الحديث. 
ومن عباءتيهما خرج مایرهولد (۱۸۷4 - ۰6۱۹4۰ 
ورینهات (۱۸۷۳ - ۱۹۳)؛ وک‌وبو (۱۸۷۸ - 
۰ وارتو (۲ ۱۸۹ - ۱۹4۸)» الذین بمشلون 
الجيل الثانى فى التطور (رغم معاصرتهم تقرييا لآبيا 
وكريج قياسا إلى مفهوم البحث عن مسرح جديدء إلا 
فى كتابه عن المسرح التجريبى!'''. فجميعهم» فى 
كتاباتهم أر إنتاجهم المسرحى» عملوا على خلق مسرح 
جسربة؛؛ أو سعوا إلى «بحث شریبی؟ علی الفن 
السرحی. 

ولا يمكن لنا أن تتجاهل أن هؤلاء الرواد كسانوا 
المصادر الأساسية لحركة التجريب المعاصر؛ لاه - كما 
يلاحظ روس إيفانز» فى مقولة بارعة مستندة إلى مفهرم 
إليوت عن «التقاليد والموهبة الفردية؛ ‏ : 


«العمل التجریی الحقیقی له أصوله» وليس 
مجرد طفرة مندفعة. ولا يمكن لهذا العمل 
أن یتحقق الا فی ضوء ما أنجزه الآخرون فعلا 


ملاحظات عن التجريب 


فى الحقل نفسه. ذلك أنه كى نتقدم فلايد. . 
أرلا من النظر إلى الوراء. فمعرفة ما تم إلجازه 
فى أزمان مختلفة وفى أجراء مختلفة من 
العالم؛ تدعم الإحساس بالتقاليد وبالجذور 
الشقافية والإبداعية لدى [صاحب العمل 
التجریبی) . والعقول البدعة الحقيقية مذل 
جروتوفسکی وبریخت تعترف بدینها 
للماضی. فمثل هژّلاء الرجال یشیدون 
بناءوهم علی ما یجدونه بالفعل قائما. فنص 
لا ي یمکننا أن نهرب من دیننا للماضی حتی 
ولو اقستسضت الضسرورة قطع كل صلعنا 

)۱ 
بە0 أ . 
بداهة» نحن لا نحاول هنا التأريخ للمسرح التجريى؛ 
أو تشأنه وتطوره» لكننا نرصد فقط بعض الملاحظات عن 
نظريات الرواد وأفكارهم التى يمكن تلخيصها فى 
مجموعة نقاط أساسية وجوهرية : 
- المسرح طقسء أو شعيرة؛ يشارك فيها المؤدى والمتلقى 
(مع اختلاف بين الرواد حول مفهوم الطقس وغاياته» 
سينتقل إلى تلامذتهم العاصرین لنا). 
الكلمة؛ فهى مجرد عنصر من مجموعة عناصر 
- مكونات العرض المسرلحى الأساسية؛ حركة وإيماء 
وغناء وموسيقى. 
- المثل هو العنصر الأساسى فى العرض المسرحى. 
- فى الفنون التى تعتمد على الجسد وسيلة للتعبير» ليس 
للكلمة إلا قيمة ثانوية. 
بناء السرح (منصة العرض» وصالة العرض) وحدة 
واحدة قق التواصل بین المؤدى والتلقی. 


۳۱ 


ومن هنا نأنى لسؤالنا الرئيسى: ما فلسفة التجريب؟ 

ما معنى البحث عن امسرح جديد» ؟ وهل هو جديد 
کل الجدة ؟ 

يوضح أوجست كونت أنه فى البدايات الأولى 
كانت: 


«الراسم الدينية تتضمن العناصر الإيمائية 
للعرض السرحی؛ وبانفصال السرح عن 
العبادة [أر الدين] نزع إلى أن يصبح فنا عبر 
تطو ركانت» خاتمته أن الفن وجب عليه أن 
يحل محل العبادة» ووجب معه بالضرورة 
الطقسی»(۲۲۲. 
ومن الملاحظ أن معظم أفكار الرواد التى عرضنا لهاء 
مستمدة من مصدرين: عليل لنشأة السرح ولفهرم 
المسرح فى بداياته؛ وتخليل لطبيعة المسرح فى الشرقاء 
والمسرح الشرقى هنا هو النموذج المفتقد للمسرح 
الغربى. إن مصدر هذه التأملات فى النهاية واحد: 
المسرح من حيث هو عبادة والسرح من حيث هو 
طقس من ناحية الوظيفة, وبالتالی بالضرورة من ناحية 
الشکل. 
فالسرح فى محاولات دید نفسه یجرب مناهج 
تربطه بأصوله: السرح فی بحثه عن حاضره » ومستقبله 
الأصلية: صورته الديثرامبية» الطقسية والشعائرية: فى 
القرن السادس قم وقبل ذلك» حول مذبح الإله 
دیونیزوس. کان الراقصون یودون آدوارهم بینما یحیط بهم 
السفرجون الذین تتعلق عبونهم رآذانهم وأرراحهم 
بحرکات کورس الدیشرامبوس وایقاع اجسادهم 
وأصواتهم ؛ عند الذیح؛ حيث الجمیع » مودون وجمهور: 


۳۳ 


یتنفسون الهواء النقی؛ والضوء الطبیعی یلفهم فی 
أحضانه؛ وتربطهم معاً الروح الديونيزوسية. 

ولم يخطىء المعلم الأول» حين حدد وظيفة 
العراجيدياء فى القرن الرابع ق.م بالکاثارسیس» وان 
غمض العنی علی شراحه؛ فی القرث السادس عشر؛ فانه 
لم يكن بحاجة إلى شرحه لمعاصريه » فالمعنى كان لايزال 
ماثلا فى عقولهم. 

على أبدى الرومان تحول الطقس والشعيرة إلى 
ملاعب سیرك» بعضها دموی. وهرب النص الدرامى من 
مسرح الآريناء لتتعلق كلماته لا بشفاه الممثلين» ولكن 
بالصفحات التى خطها سينيكا. وتعود الشعيرة والطقس 


مرة أخرى صيغة للمسرح حين يولد من جديد فى 


العالم الكاثوليكى فى العصور الوسطى. وتكفى مطالعة 
شارل ماجنان فى دراسته الفذة عن (أصول المسرح)”؟"2 
لعف أبعاد تلك الظاهرة الدينية التى هی فى أساسها 
طقوس وأسرار عرفها الیونان» والصریون من قبلهم. 
وحين استكشف عصر النهضة أصوله الإغريقية 
والرومانية:؛ تأثر أشد ما تأثر» فى بداياته» بالمفسهوم 
والأسلوب الرومانى قبل أن يشأثر بالأسلوب والمفهرم 
الاغریقی. وجودیل» وجاك جریقان» وجان دی لاتای» 
وروبیرجارنییه: ومونت کریتیان فی فرنسا» وتوماس کید 
وکریستوفر مارلو وشكسبير فى إجلتراء الدليل على ذلك. 
هناء حد سینیکا اکثر ما مد سوفوکلیس: السرح 
للإثارة العاطفية وليس للتطهير. وحين تسرتقى التراجيديا 
كما فى حالة شکسبیر - فهى لإثارة الفكر والوجدان 
معا. وحتى حين حاول راسين؛ بعد ذلك بقرن من 
الزمان» «العودة إلى المنابع»؛ غرق فى عنف الإثارة» رغم 
مسحة الرقة التی تغلف؛ علی السطح» مسرحه. 1 
وهكذاء مع مضی الزمن؛ انسحب المثل من آمام 
المذبح ليختبىء خلف الستار» ويمثل داخل علبة منعزلا 


ع ممه 





عن مشاهدیه, الفابعین» هم أيضاء فى ألواجهم 
وبناويرهم » واختفمی الطقس الجماعی للکورس؛ ليحل 
محله فن الاداء الفردی لمثل مم. وتحول الاحتفال 
«الطقسی» الی احتفال «اجتماعی»» یتمثل فی اللقاءات 
بين الجمهور فى أبهاء البناء المسرحى وبمراته فيما بين 
فصول العرض. وأصبحت هذه «المتعة) الأساسية» جزءا 
من وظيفة المسرح» إلى جانب الاستمتاع - عن يعدب 
بأداء المثل النجم داخل علبته. 

وبإيجازء انحدر المسرح من سمو الطقس الدينى إلى 
ابتذال الحياة اليومية. 
. علی هذا النوع من السسرح ثار انجددون احدئون» 
وکان النموذج الذی تعرفوه نموذجاً شرقیا آسیویا, لکنه 
مواز- فى جوهره- للسموذج اللقسى الذى اندثر: 
السرح آسرار وطقس وشعيرة؛ يشارك فيها الممثل بچسله 
وروحه؛ والجمهور بروحه وعواطفه. وکان حتما اخراج 
المثل من علبته» والجمهور من ألواجه وبناويره» وإلغاء 
الفواصل بين الصالة والمنصة؛ والغاء الفواصل الزمنية بين 
أجزاء العرض؛ سعیا وراء (مسرح بوتفة» ینصهر فیها 
الودی والتلقی معا » حتی ولو باستخدام «القسوة) » فى 
حدود مفهرم آرتو بداهة. بعدهاء کان لابد من التجریب؛ 
أو- بمعنی أدق- مواصلة التجریب الذی فتح طریقه 
آبیا رکریج» وعمقه خاصة مایرهولد ورینهارت وکوبر 
وارتو.. إلخ. 

ولنختبر الآن عنصرين فى حركة التجريب المعاصرة: 

العودة إلى المنابع 
- استلهام نظريات الرواد وانجربین انحدئین. 

وست رکز اختبارنا علی خمسة نماذج: 

۱ - قد یختلف الورخون والنقاد حول دید بدایات 
ح رکة التجریب الماصرة: بری البعض أن مسرح الفن 


ملاحظات عن التجریب 


فى متؤسكر كان معملا مجريبياء وأن مسرح رينهارت 
كان مسرحا جریبیا وکذلك مسرح أندريه أنطوان . ويرى 
البعض أيضا أن المسرح الحى فى أمريكا كان محاولة 
بجريبية؛ مثلها مثل بدايات العروض النحدودة لمسرح 
العبث... إلخ. 


إلا أنه من المتفق عليه أن معامل التجريب» خاصة 
معمل جروتوفسکی؛ بداية مؤكدة من بدايات التجريب 


العاصر 


ولا بمکن» حالیاء القول بأن هناك «وصفة؛ محددة 
لجروتوفسکی» ولکن یمکن القول بأن هناك منهجا 
لجروتوفسكى كان يتطور مع. صاحبه بصفة مستمرة؛ وان 
هذا المنهج كان يسعى» فيما يخص التجريب فى مجال 
فن المثل» إلى اكتشاف إمكانات جديدة للتعبير» من 
خلال تدريب خاص شاق طويل. وهذا التدريب - رغم 
طول مدته ‏ ليس هدفا فى حد ذاته وإنما هو مجرد 
وسيلة تحقیق هدف آکبر بکثیر» يتمثل فى إزاحة 
الحدود بين الجسد والروح» مع توفیر اصلابةه وائقل؟ 
للجسد يصبح معهما أداة طيعة للتعبير. والتدريبات تشمل 
النظام الصارم؛ والتركيزء والتفكير فى «تيمات» العرض 
إلى جانب تدريبات الصوتء والإلقاء والرقص 
والأكروبات وألعاب القوى. وكل هذا يهدف إلى جاوز 
الممثل حدود المهارة فى الأداء للارتقاء إلى ما هو 
أسمی: القدرة على الإبداع؛ وهو إبداع يتم فى إطار 
فلسفة متكاملة؛ حيث يسعى الممثل إلى تقديم 
جسده قربانا كى يصل إلى الآخرين» ويدصل بهم؛ 
ليتواصل ويتحد الطرفان بالمشاركة فى الطقس 
السرحی. 
فالجانب الروحی للممثل هو الهم الأرل 
جروتوفسکی ؛ فتدريباته تعمل على الوصول بممثله 
إلى لحظة وعى روحى حاد أشبه ما يكون بالوجد 
الصوفى. 


YY 


ااا لس او ات بح تسد 


وفى هذا «المسرح الفقير»؛ يجب على الممثل أن 
يكون قادراً علی الابداغ دون کل «بهارج» السرح 
التقليدية من ملابس وماکیاج ودیکور واضاءة وموثرات 
صولية. فالعرض السرحی یستند الی فلسفة ساسية؛ وهی 
خلق علاقة حية بين المثل والتفرج» بل خلق وحدة 
واحدة: مثل/ متفرج. والمثل هنا راهب یستحوذ علی 
آرواح مشاهدیه من خحلال علاقة «توتر سیکولوجی؛ 
تربط - فی دائرة واحدة ‏ المؤدى والمتلقى. لكنه ليس أى 
متلقى ! إنما هو وحده ذلك المتفرج الذى يسعى إلى 
إشباع احتياجاته الروحية العميقة؛ من خلال عملية 
الیل نفسی جمعی». فجمهور جروتوفسکی؛ شاه 
شأن مشله» ذی الطابع الخاص» جمهور خاص. 

والتجريبء هناء يدور أساسا فى مجال فن المثل؛ 
حيث يصبح الجسد فى هذا «السرح الفقيرة» هو العنصر 
الأساسى والأول فى التعبير. الجسدء الجسد خالصاء لكنه 
معبر اتصال روحى بين فريق الممثلين والجمهور. 


1 والمسرح هنا يختصر الطريق لينهل مباشرة من المنابع 
الاولی للفن السرحی» حيث الراقص الديثرامبى يتخذ من 
جسده أداة مباشرة لممارسة الطقس الديونيزوسى» ملتحما 
بجمهور امحتفلين بالشعائر الديونيزوسية. وفى الوقت 
نفسه؛ فمنهج جروتوشسکی» رغم جدته» لیس کلية من 
ابتکار صاحبه؛ فللمنهج روافده وأصوله: متانسلافسکی 
ومايرهولد فى تقنية البيوميكانيك؛ فاختا جوف وديلان 
ودلسارت فى مجال ردود الأفعال الداخلية والخارجية» 
والكاتاكالى الههندى والنو اليابانى من حيث هو صيغ 


نمذجة فنية. 
أما تأثير آرتو ويوغ» فإن جروتوفسكى وبعض النقاد 


ینفونه» ورغم ما بين نظرياتهما وأفكار جروتوفسكى من 
مشابهات. 


١‏ - مسرح الأودن بالداتيمارك؛ الذى أسسه عام 
۶ أوجينيو بارباء النلميذ الحقيقى الوحيد 


٤ 


لجروتوفسكى حسب إقرار الأستاذ نفسه. مسرح جريى» 
يستمد أصوله من المعمل البولتدى المشهورء إلا أنه أصبح 
تدريجيا ‏ النموذج الرفيع المحتذى لمات الفرق 
المشابهة» التى يطلق عليها باربا اسم «المسرح الثالث» : 
الاول السرح الذى تدعمه الدولةء والمسرح التجارى. 
والشانی مسرح الطلیمة الذی أهمل قيمة المثل» 
ودالسرح الشالث» هو ذلك السرح الذی یواجه التلقی 
برسالة تنفذ إلى عالمه الداخلى» بعیدا عن العقل النطقی. 
انه مسرح یخاطب؛ بمفهوم بوغ عن اللاوعی الجمعی» 
فی کل متلق؛ مباشرة» خبرته اللفسية الداخلية الخاصة. 
والمثل مطالب أساساء لا بلمب دور محدد معروف؛ 
ولکن بمواجهة هذا الدور من خحلال ذاتیته» وتقديم 
نتيجة هذا الصدام بين الدور وذاته إلى جمهوره. ویتیح 
باربا لممثله» حتى ولو لبضع سنواتء أن يقوم ايبحثهة 
من خلال التدريبات والتجريب المتحرر تماما من كل 
«التقاليد» المسرحية؛ ولا أدل على ذلك من أن الأعضاء 
المؤسسين لفرقته فى البداية» كانوا مجموعة من الممثلين 
الذين فشلوا فى الالتحاق بمعهد المسرح الرسمى. 
والغاية فى النهاية أن يصل الممثل إلى لحظة يصبح 
فیهاء من حیث هو مد وشخص, وحدة واحدة تواجه 
التلقی . 

وباربا يدرك جيدا بعكس غيره من أمثال بسكاتور 
وبريخت - أن المسرح عاجز عن تحقيق تغيير راديكالى؛ 
لذلك فهر يأملء ويسعى إلى؛ أن يكشف لنا دخيلة 
أنفسنا من خلال كشف الممثل دخيلة نفسه؛ وهو بذلك 
يساعد جمهوره على التواصل مع الآخرين. وجمهوره 
هذا جمهور محدود جدا لا يتعدى الثمانين» وأحيانا 
الأربعين» فقط. وقد يكون من المفيدء الآن» أن نعرض 
بإيجاز نموذجا لواحد من أهم عروض بارباء وواحد من 
أهم عروض المسرح التجرییی العاصر: (فاوست) . 


جمع بارباء سعیا وراء الزج بین السرح ال وروی 
والأسیوی» مجموعة راقصین وموسیقیین من الهند 





واليابان؛ ليقدموا عرضه لمتفرجين غربيين» هم فى 
الحقيقة من شارکوا فى مراحل إعداد النص / العرض 
تخت إشراف باربا. كان اخمتيارهم ‏ بناء على طلب 
افرج - منصبا على بعض مشاهد من (فاوست) جوته» 
تلخص جوهر الفعل السرحی فی شکل سیناریو لا يعتمد 
أساسا على الكلمات ولا يستند إلى تأمل فلسفى أو 
غليل سيكولوجى. وجاء النص» إِنْ جاز اعتباره نصاء 
مجرد مثيرات لأفعال مسرحية» ترتبط ٠تيميا»‏ بأسطورة 


فاوست. 


ويؤدى العرض ذا الأصول الغربية الأصيلة مؤدون 
آسیویون, بأداگهم الشرقی الصرف» الذی - رغم وحدة 
طابعه - یختلف تماما فی صیفته الهندية عنه فی صیفته 
اليابانية. استحالت فكرة جوته فى هذا العرض إلى مجرد 
«فعل» ؛ على متفرج باربا «المثالى» أن يعيشه من خلال 
أداء حركى وإيمائى راقص مشحون بتعبيير انفعالى ذى 
معنى ينسم بالشمولية الإنسانية؛ المتولدة من تداخل 
الثقافات المتباينة» الممتزجة فى عناصر هذا العرض الذى 
یحاول صنع «رحدة ثقافیة» من خلال المواجهة بين 
ترائین مسرحیین متضادین. ومرة أخرى» جد امین 
البدائى» والبحث عن العودة بالفن إلى منابعه الأصيلة» 
من خلال مسرح الشرق الذى لايزال يحتفظ بروائه 
و (ابدائيته) . 


ومسرح بارباء الذى يعد واحدا من أقيم مسارح 
العصر؛ لم يولد من فراغ. فجذوره تمعد من آندربه 
آنطوان لتمر بستانسلالسکی ومایرهولد وکوبوه لتصل 
إلى أوجستو بوال» وان کان عرقها الاصلی بجد نبضه 
عند جروتوفسكى الذى يقر باربا بأستاذيته» رغم اختیاره 
إبداع فنه فى أصالة خاصة يعترف له بها النقاد 
العاصرون. 8 


۳ - ولا یمکن لفحصنا آن یکتمل - فی ضوء 
المقدمات التى أشرنا إليها من أفكار الرواد الأوائل ‏ درن 


ملاحظات عن التجريب 


أن نتطرق إلى امحارلات التجريبية لمارتا جراهام فى 
الرقص» ونحدد فلسفتها ومصادرها التجريبية. ريرجع 
الفضل لإيزادورا دنكان فى ميق الارتباط بين الانفعال 
الداخلى والحركة الخارجية المعبرة عن الانفعال. فالرقص 
فی مفهومها لیس تسلية؛ ولکنه «دین۲۲*(4» وعلی هذا 
الاساس الفلسفی طورت مارتا جراهام فنها الراقص» من 
خلال مفهوم الكشف عن «داخل الانسان» أو روح 
الانسان». فالرقص عندها دراما سیکولوجية تعکس 
الصراع الداحلی؛ علی نحو تکون معه حركة الراقص 
نايعة من ذات نفسه؛ لتعبر عن انسان العصرء في بحثه 
الروحی؛ فی مواجهة عالم غارق فی الادية. 

والسرح عند مارتا جبراهام یسعی حشیشا لی 
استكشاف المنابع الأولى للفن: الدين. وهى (شأنها شأن 
جروتوفسکی وباربا اللذين لا يطلبان من الممثل أداء 
الدور» ولكن إعادة خلقه من خخلال خبرته الذاتية) لا 
تقدم عروضها إلا من خلال جربتها الذائية الفردية 
والشخصية البحتة. فهى لا تقدم الميشولوجيا الإغريقية 
(مثل فيدر أو جوكاستا»؛ وإنما تعيد صياغتها على 
شاكلة مارتا جراهام» وصراعاتها الداخلية من حيث هی 
انسان معاصر. فالسرح عندها «علاج ی (علی 
نحو یذ کرنا بدرجة ما بنظرية القيمة عند أ.أ. ريتشاردز) . 


ومارتا جراهام تستلهم الیولوجیا الاغريقية مستندة 
إلى تعاليم يوج» وبذلك تربط فنها الحدیث بالنموذح 
البدائى للرقص على نحو ما یکده النقاد آمثال جون 
مارتن» وغيره» الذين يرون أن فن الرقص فى عالم مارتا 
جراهام طقس دينى کامل("۳۳. 

4 - لکن ظاهرة متحویل السرح (لی طقس دینی؛ 
لیست وحدها ما یشغل اجربین العاصرین؛ فالتجریب 
أخذ مسارات متعددة لمفهوم الطقس. ولنذ کر هنا علی 
سبیل الثال جربة الستینیات الفرنسية» فی میدان 
«التألیف الجماعی»: 


فى عام ۵ نشر ميشيل كوستاف دراسة عن 
آرتوه فی مجلة ۳:۳:110»» حدد فيها منهج الاجاه الجديد 
فى العروض المسرحية الذى يضع النص المسرحى موضع 
التهدید» بل یتباً بندمیره مستقبلا؛ حبث أشار كوستاف 
إلى سعى الخرجين إلى عرض مسرحى تتميز كل لحظة 
فیه بأعلی درجة من الکثافة واتعقید والتناقض» مستندین 
أساسا إلى التعبير بجسد المثل» دون اهتمام بالکلمة؛ 
علی نحو بصبح معه النص ومژلفه مهددین بصورة 
مباشرة. 
ہاسر 


وبالفعل؛ صاحب نشر هذا المقال وتلاه ظهور مسرح 
شاب جديد يقدم عروضه خخارج دور العرض لكسر قاعدة 
تقليدية غدت» فى نظر أصحاب هذا المسرح» بورجوازية» 
ولتدمير النصوص المسرحية من خلال الاعتماد الكامل 
على المنثل (من حيث هو عنصر محورى للعرض 
المسرحى) الذى يقوم بالارئجال المتجدد المستند إلى فكرة 
أو سيناريو مسفق عليه أصلا من خلال ؛التأليف 
الجماعى» . وكانت تلك الحركة المسرحية الشابة ذات 
الطابع السيامى الاجتماعى؛ تدين بفلسفتها إلى 
جماليات مخريرية (أو ذات أهداف خريرية) ؛ بمعنى بمعنى أن 
غاياتها تربوية بمفهوم باكونين وبرودون ولیس بمفهوم 
مارک 


إن الهدف الطوباوى لهذه الحركة التجريبية للتأليف 
الجماعی آن تکون للناس وبالناس . فالجمهور مدعو 
للتدخل واقتراح التيمات والانتقاد بل المشاركة فى 
التتمشيل من واقع مجاربه الشخصية. هذا التجريب كان 
بحثا عن صيغ جديدة تلغى الانفصال التقليدى بين 
الممثل والجمهور؛ وتضع موضع التساؤل لعبة والأدواره 
علی الستوی السرحی والاجتماعی؛ وبالتالی سلم 
التدرج الطبقى والاضطهاد الاجتماعى. فهى فى جوهر 
هذفها يوتوبيا سياسية» لانطلاقها من تساؤل حول 5 
المسرح الاجتماعية والسياسية. 


۳۹ 


وراء تلك التجربة يقفء بلا شك» جروتوفسكى وأرتر 
وبريخت وجان قيلار. والمنابع القديمة واضحة: الكوميديا 
دى لارتى والصيغ الأخرى البدائية التلقائية لمسرح 
الشارع الشعبى الذى اختفى من العالم الغربى . 

وهى فى الوقت نفسه تلتحم مع أصول أقدم للفن؛ 
فهى تسعى إلى أن يصبح العرض المسرحى طقساء لكنه 
هنا كما يؤكد النقاد «طقس صدمة وتمزق؛ اکثر منه 
طقسا احتفالياة 9 , 


ه - فإذا ما انتقلنا إلى عملاق المسرح المعاصر» بیتر 
بروك*"؛ وجدناه؛ مثله فى ذلك مثل كل كبار 
0 المسرح؛ يجرب ويبحث على مستوى فلسفى/ 
تقنى: ما المسرح: طبيعته ووظيفته؟ ما المسرحية: كلمة 
ا من العرض المسرحى فى نفس 
امتفرج وعقله؟.. إلخ. ويعتقد بروك أن الانفعالات القى 
تصاحب الهزل والجد تختفى سريعاء والحجج المنطقية 
أيضا سرعان ما تفقد تأثيرها. لكنه يعتقد أنه إذا ما 
ارتبطت الانفعالات والمنطق برغبة المتلقى فى التعمق فى 
فهم ذاته» ترك العرض عنده أثرا لا يمحى. الغاية هناء 
مرة أخرى» هى مساعدة التفرج علی فهم نفسه؛ كما 
كانت الحال عند جروتوفسکی وباربا بدر< 


ویس مل بروك منذ عام ۱۹۷۱ بام ركز الدولى 
للمسرح, بالبحث فی کل التساژلات حول الفاهیم 
السرحية. وفی بحه فی مجال الکلمات» أجرى التجارب 
حول ماهية الكلمة: هل هى حركة أم موسيقى أم 

مفهوم.. إلخ؟ ووصل إلى تأكيد ما كان يعتقده من قبل 

من 3 يخاربه المسرحية» من أن الكلمات لا تفيد؛ أو 
على الأقل لا تكفى» حين يحاول القلب» أو ا لمعدة 
الحدیث. ومن ثم ضرورة لشجریب للبحث عن «لفةة 
أخمرى قادرة على التعبير الدقيق عن داخل النفس 





الإنسانية المعاصرة: الصوت والحركة. على أن يكون 
استخدام الممثل لهما هو الابتخدام نفسه للكلمات لدى 
الشاعر» وذلك يعنى استخدام الاصوات والحركات على 
شکل اندفاعات_تلقائية» تنبع من الحدود ما بین الحلم 
هه هر ما نمهب اه تیا 
السيكولرجى» التى يجب على الممثل أن يتدرب على 
تركيبها وبنائها والإبداع من خلالها. 


وفى هذا المجال التجريبى» قدم بروك عام ۰۱۹۷۱ فی 
صورة محدودة» مسرحية (آورجاست - 6008080 ؟ حیث 
تعامل الممثلون مع أصوات: مصدرها کلمات (تجليزية 
مضطنعة لا معنئ لها؛ إنما هى أصوات وإيقاعات أكثر 
منها كلمات لغة معروفة. التقنية المسرحية فى هذا 
العرض تستند إلى أساس علمى: العودة إلى اللغة البدائية 
الأولى الموازية مهوم اللاشعور الجمعى عند يوج» وذلك 
مخاطبة عدد لامحدود من الجماهير. وكان على الممثل 
هنا أن يصل» من خلال العدرييات» إلى القدرة على 
الإبداع من خلال هذا النمط اللغوى الخترع للغة شبه 
بدائية. مع ملاحظة أن بروك» فى جاربه فى مجال 
التتدرييات الجسدية والصوتية؛ لا يؤمن بأن التعبير 
الجسدى غاية مستقلة» أو أن الأصوات يمكن أن غل 
كلية محل اللغة. فالجسد وسيلة؛ والأصوات قدرة من 
قدرات الممثل لابد من استخدامها وتطويعها وتطويرها 
بوصفها وسيلة من وسائل التعبیر السرحی؛ بحشا عن 
«لغة؛ مسرحية (أی تقنية مسرحیة) عالية» تمثل فى 
بحث بروك هما أساسياء یحاول حل معضلته من خلال 
«تبادل الخبرات الثقافیة» فى معمله الکون من مؤدين 
متعمددی الجنسیات واللغات والشقافات. (نها برتوبیا؛ 
لکنها مجال واسم للتجریب. 

والسرح فی مفهوم بروك» لیست له الوظيفة نفسها 
لوسائل الاتصال الأحری» لکن السرح الحقیقی لحظة 
آنية من «الصدق» حقق تغییرا فی الفاهیم؛ ذلك أن کل 





ملاحظات عن التجريب 


واحد منأ ٠يعمى»‏ - بطريقة ما ويدرجة ما عن 
الحقيقة. لكن المسرح يمكن أن يجعلنا نعى جانبا من 
الحياة بفضل الصورة «الکشفة» و «الطلقةه , والانسان 
المعاصر فى مسيس الحاجة إلى هذا الغذاء الروحى. 
ولحظة «المعجزة؛ فى المسرحء هى اللحظة التی تتحقق 
فیها هذه الصورة «الکثفة» التى بفضلها ينبثق الوعى. 
فى هذه اللحظة؛ يتحول صمت العالم الخارجى إلى 
«صمت حى؛. إن المسرح يمتلك إمكان توفير ذلك 
الغذاء الروحى؛ حيث يعرض للمتفزج الحياة أكثر 
وضوحا فى لحظة تكثيف وصدق. 

والممثل أيضاء فى تدريياته وتجاربه؛ يحقق لنفسه 
الوعى بالحياة؛ وبالذات. ومن قبل كان كوبر أيضا يرى 
أن تدريبات الممثل ليست فقط من أجل التوصل إلى 
مهارة الأداء» وإنما هى أيضا للارتقاء. بصفاته الإنسائية. 
وهذا يتشابه أيضا مع «العلاج الخلاصی» بالرقص عند 
مارتا جراهام؛ ويقترب من مفهوم باريا عن الارتقاء 
بالممثل إلى درجة المهارة من خلال إجادة ما يمارسه من 
«عمل حیاتی؟ . 

وتجارب بروك عظيمة الثراء» شديدة التنوع» إلا أن 
للفنان الکبیر من ورائها غاية كبيرة: أن يصبح المسرح 
ضرورة كالغذاء والجنس؛ احتياجا عضوياء على نحو ما 
كانت عليه الحال فى المجتمعات القديمة. ولذلك» ده 
يسعى إلى تقديم عروض تصلح لأى إنسان وفى كل 
زمان ومكان. هنا يختلف بروك مع مجربين آخرين» 
خاصة جروتوفسكى وباربا اللذين يتوجهان إلى جمهرر 
«معملی» محدود. وینفتح بروك على ١الإنسان»‏ عامة» 
فیلتصق علی هذا النحو بمفهوم السرح فی منابعه 
الأصلية: المسرح للناس جميعا باعتباره تجربة إنسانية 
عامة؛ فى حين يحصر بعض النجربين مجاربهم فى حدود 


الصفوة. 


۳۷ 


جلال حافظ ام م ا ج ص ر ل 


ال ر الطيور) اا من قصيدة الشاعر 
الصوفى فريد الدين العطار الذى استغرق إعداده الكامل 
سنوات عدة. جرب بروك شلدرات منه من عام ۱۹۷۱ 
فى غابات أفريقياء ثم فى باريس وكاليفورنياء وبعدها فى 
شوارع مينسوتا وبروكلين بالمشاركة مع بعض الهنود. ثم 
عاد بعد سنوات فقدمه فى صورته النهائية من إعداد چان 
كلودكاربيه. امحاولات الأولى للعرض كانت تستند إلى 
إلى عرض ثابت بدرجة ماء يعكس القصيدة الصوفية 
برمتها بما فيها من صور خيالية متعددة المستويات عالمية 
الضمون» علی نحو تتجاوز معه حواجز الثقافات امحلية. 
واعتمد العرض فی صورته النهائية على مفهوم بروك 
للصياغة المسرحية بالفهوم الشکسبیری. فبروك قد 
أكد بزضوح فی كتاباته أن النموذج الشکسبیری هو 
«نموذجنا» 5۳۹ 

وفی مجال التجریب شدید التنوع» خاض بروك فی 
عالم الأربراء مغيرا كل شروط العروض الأوبرالية التقليدية 
من الفخامة والأوركسترا والثيات حتى إلى أسعار التذاكر 
للترجه إلى جمهور عريض»؛ يعرض زهيد التكاليف» 
بسيط جذاب ومؤثر. 


فى عام لاملل داخل بقايا مسرح «الیوف دی 
نور قدم بروك رائعته (كارمن). كان ذلك فى داخل 
مسرح شوهته آثار الحريق» متداعى البناء؛ حيث قدمت 
(كارمن) مجردة من كل تقاليد الأوبراءكان المغنون 
يلتحمون بالجمهور الجالس على مقاعد خشبية بدائية 
غير مريحة؛ والفضاء المسرحى هو صالة العرض نفسها 
التى رصدت فيها تلك المقاعد المحاطة ببقايا الألواج 
والبناوير المحترقة؛ والموسيقى تنبعث من بيانو وسط 
التفرجین؛ وكارمن تغنى» فوق رعرسهم وفى أذانهمء أو 
فی قلوبهم مباشرة. 


۳۸ 


وتأکیدا لقولة بروك من آن لحظة الصدق السرحی 
تنطبع طيلة الحياة فى عالم التفرج» فليسمح لی القارئ 
أن أذكر أنه منذ مشاهدتى هذا العرض» فإن مقطع 
الأغنية المشهورة لكارمن بألحان بيزيه : 
Si Tu ne m' aimes pas, je t'aime‏ 


Si je aime, prends garde è toi! 


يهاجمنى بغتة فى لحظات معينة كهاجس داخلى. 
وهی ربة وجدانية لم تتحقق لی فی عروض (کارن) 
الأخرى التقليدية التى شاهدتها.فإذا نظرنا الی مجربة 
آخری لبروك» وهی تمثل واحدا من أهم عروض المسرح 
المعاصر وهى (المهابهارانا» » المستمدة من الملحمة الهندية 
الشهورةء التى قدمها بروك عام ۱۹۸۲ من إعداد چان 
كلود كاربيه أيضاء وجدناه يتخذ مدخلا سرديا ملحمياً 
إلى الهند الأسطورية وا معاصرة فى آن. فالعرض بقدر ما 
يقدم الأسطورةء محتفظا بالأسماء والمصطلحات 
السنسكريتية» فإنه يقدم أيضا مشاهد مخترعة تماماء 
بالإضافة إلى بعض ما يتصل بالحياة اليومية فى الهند 
المعاصرة. 


والعرض يعتمد ‏ كعادة بروك غالبا على نموذج 
الصياغة الشكسبيرى» بخلق روابط بين الميتافيزيقياء 
والفانتازياء والحياة اليومية؛ مع تصوير التناقض والتضاد» 
واستخدام التكثيف والتفتيت على مستوی التقنية. 
والعرض فى مجمله يمد جذوره فى أرض الهند؛ ويسمو 
فی الوقى نفسه إلى مستوى الاستعارة الكونية. وهكذا 
یخلق بروك توازنا بین اللموس واجرد؛ وبين الخاص 
والعام. والتجریب؛ من خلال ملحمة (المهابهاراتا؛ أناح 
لبروك تمزيق بنية مفاهيم القيم الحضارية الغربية الخاوية 
عن الخير والشر. فالملحمة الهندية فى نظره تصور الصراع 
الأبدى فى داخل المجتمعات الإنسانية» وفى داخل 
الانسان الفرد: الصراع بین «الدهارما؛ 0 وضدها. 


قد يكون ذلك فى رأى يروك الصراع بين منبع الحركة 
وعدمها أو السلب. لكن على الأقل بالمفهوم الغربى» فإن 
«الدهارما» شئ لا يمكن شرحه فى كتابء و تفسیره 
فى فلسفة. إلا أن المسرح» كما يعتقد بروك» يمكن أن 
يعبر عنه. فإحدى وظائف المسرح فى مفهوم بروك هى 
ترجمة ما لا يمكن ترجمته. ويتم ذلك فى عرض 
«الهابهاراتا؛ من خلال ریب طقسی یستهدف البحث 
عن (الصدق» السرحی. 


را لمسرحية التى استغرق إعدادهاء بحثا ونجريباء عشر 
سنوات» ويستغرق عرضها تسع ساعات (على نحو يذكر 
بالشروح الأرسطية لكاستلفترو) تمزج بين تقاليد المسرح 
الشعبى والصيغ الفنية التراثية المعروفة فى بساطة متناهية» 
بأساليب تقنية شديدة التعقيد والدقة. وبهذا المزج بين 
التعقيد والبساطة فى صميم بنية النسيج المسرحى» 
يتحقق مبدأ «الصورة الطلفة؛و «الجوهریة» فى المسرح» 
التى تغنى عن العديد من الصور المسرحية التقليدية. وهر 
نفسه ما كان يسحث عنه ‏ بدرجات مختلفة - 
جروثوفسكى وباربا ومارتا جراهام وكوبو مع ملاحظة 
تاريخية» وهى أن الكاتاكالى يحقق ذلك منذ أمد طويل. 
وتکمن محاولات هژلاء اجربین فی (عادة نمذجة 
«الیزانسین» الغربی علی نسق التراث الأمیوی؛ بحثا عن 
النموذج الفتقد - لدیهم - للفن السرحی فی منابعه 
الأصلية. 


النماذج الخمسة؛ على نحو ما رأيناء تؤكد لنا توفر 
العنصرين موضع الاختبار فى حركة التجريب العاصر: 
- التجريب المعاصر يتجه بالمسرح إلى منابعه الأصلية. 


التجريب المعاصر يستمد تعاليمه من نظريات رواد 
التجديد فى المسرح الحديث. 


ملاحظات عن التجريب 


ونوجز ما أردنا إليه من ملاحظات: 


۱ - آن السرح فن تقلیدی راسخ. وقد زعزعت رسوخ 
تقاليده محاولات تجريبية عدة أعانت على بقائه 


واستمراره. 


۲ - التجریب ظاهرة عرفها تاریخ السرح فی بعض 
مراحل تطوره؛ لکنها لم تشکل مذهبا أو حركة 
فنية؛ فهى محاولات متفرقة زمانا ومکاناء مختلفة 


قيمة ومستوى وتأثيرا. 


۳ - التجریب فى المسرح المعاصر حركة کاملة تسعی 
لی محدیث السرح؛ بل تغیبره. 


؟ - التجریب العاصر من حیث هو حركة فنية؛ بدأت 
بواكيره فی نهایات القرن السابق وبدایات الفرن 
الحالی» فی محاولات فردية أثمرت الحركة المعاصرة 
التی تمثل حالیا الوجه الحقیقی للمسرح العالی 
المعاصر الذى يستند إلى تعالیم رواد التجدید. 


© حركة التجريب غيرت وستغير ماهية السرح 
الحديث ووظيفته. 


الفن المسرحى خرج من قلب الدیانات البدائية: 
مسرح/ طقسء وتخول إلى مسرح رجل الشارع .بدأ 
سامیا بعالم الیتافیزیقا » وانحدر إلى عالم الماديات 
والشفاهات. والمسرح المعاصر يبحث من خلال 
التجريب عن العودة إلى صيغته الأولى: مسرح / 
طقس. 


۷ هذا التطور للمسرح المعاصر فى ارتداده للمنابع 
الأصلية؛ يخضع تماما لمقولة أستاذ المدرسة الحديثة 
فى تاريخ الأدب» جوستاف لانسون» من أنه فى 
الأدب والفن لا شىء يأتى من لا شیم. 


۳۹ 


الهوامش 


Pavis (Patrice), Dictionnaire du théğtre, Paris, Editions sociales 1980. انظر:‎ )۳۰ ۲, ۱( 
Eliot (T.S.) , What is a classic, London, Taber, & Faber 1955 p, 14. (0 
- Tradition and the individual Talent, Selected Essays, London, Fiber, 1948 P.153. انظر:‎ )9( 
Lucas, (F.L) Euripides and his influence, New York. Coper Square puhlishers Inc. 1963. np. 5-9. (0 


(۷) جلال حائظ؛ «التجريب على مادة كلاسيكية» برنامج الوقائع الثقائية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريى» ۰۱۹۹۳ 


(۸) الرجم نفسه. 
Cf. Dumas, (Alexandre)Méımoires, P.p 202-20-208. 04)‏ 
Cf. Gregh, (Fernand), Allocution sur la scène de la comédie Française (ù la matinée du cenlenaire J' Hernani 1930. 1.)‏ 


Cf. Les Cahiers du théãtre, décembre 1930, n. 7. p. L5. (Déclaralion au congrès international du théãlre, Hambourg. 12-21 juin 1930.) (11) 


من كلمة جستر فى المؤتمر العالمى للمسرح بمدينة هامبورج ۰۱۹۲۲ 





Cité par André Veinstein:La mise en scène thédtrale et sa condition exthêtique, Paris, Flammarion, 2 ed, 1955, P.306. انظر:‎ )۱۲( 
Appia (Adolph), L' eurve d'art vivant. Paris - Genéve, AMtar - Baillaudot, 1921. P.832. انظر:‎ ۱۳( 
Craig (Edward Gordon), De L’art du théûtre, Paris, Lieutier, 1942, Pp. 104. انظر:‎ )۱4( 
Ibid, p. 105. انظر:‎ )۱۵( 
Barrauli,(Jean - Louis), Mise en scêne de Phédre de Racine - Paris, Editions du Seuil, 1946, p. 34, انظر:‎ )( 
Cf. Roose - Evans, (James), Experimental ۱۵۵۷ ۵ Stanistavsky to Peter Brook, London, Roulledge, 1990, 1991, p.60. 0¥) 
Artaud. (Antonin), Le thétre et son double. Paris, Gallimard, 1964 pp. 73 et S. 153. انظر؛‎ )۱۸( 
ibid p. 42. انظره‎ )15( 
Veinstein, (André), Le théûtre experimental, Tendances et propositions, Bruxelles - Paris, la Renaissance du livre, 1967. انظر:‎ )۲۰( 
Roose - Evans, (James), OP. cit. p. 75. انظر؛‎ )۲۱( 
Veinstein, (André), La mise en scêne théatrale et sa condition esthétique, Paris, Flarnmarion, 2¢ ed. 1955, p.39. انظر:‎ )۲۲( 
Magnin, (Charles), Origines du théatre, plan de la tour, Editions d'Aujoud'hui, 1981. انظر:‎ )۲۳( 
CF. Roose - Evans, (James,) op. cit, 92, (۲4 
Cf. Ibid p. 166. (Ye) 
CF, Ibid p. 94. ۲50 
Cf. "La Création collective et la fonction sociale du théûtre, dans, Esprit", Juin, 1975, p, 2. ۲۷ 
CE. Broak, (Peter), The Empty space, London. McGibbon 2 Kve, 1968. 1 (A) 
^ Le Mahabharata ou les Pouvoirs d'une histoire, Paris, Alternalives, théitrales, No, 24. 1985, 
~ The shifting point, New York Harper & Row 1987. : 
Cf. Id. The Empty space, OP. cil., p. ۰ انظر:‎ )۹( 


اا11االاانا ناا طاااطاة اطااط را ااا لا لاطا اناا ااا 





النجريب 


والندیولود 


هیوارد برنتون : الذئب فى الحظیرة 
قراءة فى علاقة التجريب بالإيديولوجيا 





ااا ااا اناالا اال لاا ااا ارا لاطا ااا لا لاط ااا ۱] 


لاجدال فی آن هیوارد برنتون (الولود عام ۰6۱۹4۲ 


يعد واحدا من أهم كتاب السنرح البریطانی» وظهور 


مسرحياته مصحوب دائما بالجدل على المستريات 
الجماهيرية والنقدية والصحفية وأحيانا القضائية . وبرنتون 
كاتب غزير متنوع الإنتاج ؛ فقد كتب الشعر والقال 
والرواية والقصة القصيرة والمسرحية التليفزيونية والإذاعية» 
ومارس الترجمة والاعداد الدرامی؛ ولکنه کتب عددا 
هائلا من المسرحيات منذ أن وضع أقدامه فى قلب 
المؤسسات المسرحية الكبرى فى إتجلترا ؛ منفردا أر 
بالتعاون مع آخرین : 

وفکرة الابداع الشترك تقودنا مباشرة الی قلب 
الح رکة السرحية فی بربطانیا منذ آواسط الستینیات حتی 
الآن» وتقييم دور برنتون فيها . والسمة الأساسية فی هذه 
الكتابات المشعركة هى التعلي المباشر على الأحداث 
السياسية المعاصرة؛ من وجهة نظر تقدمية فى الغالب » 
بوسائل درامية تركز على صدمة المتفرج فى سبيل ممقيق 


* مدرم الدراماء المعهد العالى للمنوث المسرحية. 
رت د 


الوعى . وقد استهدفت تلك المسرحيات , أحيانا » 
وضع التفرجین موضع اقضاة » وترك القضية السياسية 
العروضة لحكمهم الدائى»'. ولأن تلك الفترة 
شهدت حركة مد واسعة لفرق ما يمكن تسميته ٠‏ عربياء 
باسم «السرح المتمرد 6۵ ۱۳۳۵۵ الرافض 
للمؤسسات المسرحية الکبری» فنها شهدت اللجوء إلى 
أماكن عرض غير تقليدية» وإلى جمهور جديد يسدر 
غفلا من الأحكام السبقة. 

تكونت أول فرقة من فرق المسرح المتمرد تحت اسم 
7 عام ۵۰ كرد فعل لفشل حكومة حزب 
العمال (بزعامة فى إصلاح الجتمع » أو إقامة 
حكومة اشتراكية تقوم بت بتغيير المجتمع تغييرا جذريا » ومن 
هنا يبدو الارتباط واض .حا بين المسرح الجديد 
والإيديولوجيا. وكثر عدد ذه الفرق. ولكن العام 159574 
شهد أحداثا كان لها وقم عميق على الجيل الثانى من 
كتاب المسرح البريطائي المعاصر , وأهمهم داقيد هيرء 
دافيد إدجارء چون ماکجراث؛ تریشور جریفث» و 
هیوارد برنتون أکثرهم مجریبا نی مجال الشکل السرحی. 








محسن مصیلحو 


وقد حفل هذا العام بأحداث هائلة » علی الستویین 
المالی واحلی» لکننا سنرکز فقط علی آمرین : 


الأول : أحداث مايو 1۸ 
من قلب أحداث مايو 117/8 فى باريس» استطاعت 
بعض الفصائل اليسارية أن تعيد تقييم وجهة النظر 
الا ركسية التقليدية فی النقطة التی یمکن عندها تغییر 
الفرد» آو تفییر علاقته باجتمع. لقد ظل تغییر اجتمع 
هدفا نهائيا عند تلك الفصائل » لکنها اکتشفت أن 
المجتمع الرأسمالى يستغل الإنسان ليس فى أماكن 
الانتاج» بل فى أماكن الاستهلاك ‏ استهلاك 
الإيديولوجيا البرجوازية بشكل أساسى ‏ عبر الثقافة 
وأجهزة الإعلام . ورأت تلك الفصائل أن علاقة الفرد 
بامجتمع أصبحت أشبه بعلاقة المشاهد بما يجرى على 
الشاشة؛ وما يحدث فيها من تلت سلبى. وكان على 
الشوربين » إزاء ذلك» أن يدمروا الور المقدمة 
للاستهلاك العام» أو يحدثوا تغييرا ثوريا جذريا. وهكذا » 
استهدفت هذه الفصائل صورة الحياة العامة لكشف 
حقائق الحياة الخاصة واليومية خت السطح» وأصبح دور 
الفنان إفساد الصورة / المشهدء أو إفساد صورة الفرد عن 
مجتمعه ١‏ وتقديم صورة بديلة 29. 
هذه الأحداث الطلابية ‏ العمالية ؛ وتلك النظرة 

الإيديولوجية:» أثرتا تأثيرا كبيرا على هذا الجيل من 
الكتاب» فغير بعضهم أساليبه الدرامية » وبحث آخخرون 
عن وسائل أكثر فعالية توصلوا إليها بدرجة أو بأخرى من 
النجاح. لكن مجمع الفنانين فى فرق مسرحية أصبح هو 
المطلب الملح للمؤمنين بهذه النظرة الإيديولوجية 
الجديدة» خاصة فى ظل الأزمة الثقافية التى كانت 
تعيشها بريطانيا فى تلك الفترة : 

«إن التغيرات الحادة فى الحياة السياسية 

والاجتماعية فى بريطانيا السعينيات نفت 

فكرة کاتب السرح بوصفه فرداً له فکره 


1۲ 





الخاص بأن جمعت بين هذا الفرد والفرقة 
المسرحية التى تعمل وفقاً لمبادئ فكرية 
وإيديولوجية» فى عمل واحد ناج عن التأليف 
الجماعى أكثر منه عن الإبداع الفردى. لكن 
بعض الإبداعات الفردية لكتاب السبعينيات 
بقيت وأصبحت علامات فارقة على تلك 
الحقبة 70 , 
ترکت أحداث مایو 1۸ آثرها الباشر علی برنشون؛ 
فکان آن انضم الی: فرقة السرح الشتقل -192 فاطاه۳۵ 
۰ فى العام الشالی لانشائها عام ۸ کما نها 
ظهرت بوضوح فى مسرحية (روعة (Magnifîcence‏ عام 
۳ تلك المسرحية التى تظهر اهتمام برنتون 
بالأحداث السياسية الساخنة » وتظهر أهم صفات الشكل 
المسرحى عنده؛ حين يختلط الانى بالتاريخى» والواقعى 
بالخیالی: ۱ 
«ألیس : تدخل عنیف . افساد . مشهد ضد 
مشهد . آلعاب نارية فی وجه الطبقة 
الحا کمةه(۲۹. 


الثانی: الغاء الرقابة علی السرح 

فى ذلك العام ۸ أيضا ألغيت الرقابة على 
المسرح فى بريطانيا » بعد صراع خاضه الفنانون والكتاب 
مثل إدوارد بوند » رجو أررتون » على نحو أدى إلى 
انفتاح باب حرية التعبير على مصراعيه . وقد «وفرت 
تلك الحرية أبعادا جمالية وإيديولوجية عميقة»(“ لهؤلاء 
الكتاب. وكانت التعيجة المنطقية هى إعادة النظر 
الشاملة فى الأحداث والشخصيات التى ظلت مقدسة 
لفترات طويلة. وكان برنتون ضمن كتيبة كبيرة من 
الکتاب قدمت بریطانیا فی إبداعاتها ؛ من حيث هى 
مجتمع متفسخ يشبه الجثة المتعفنة 6 أو بيوت 
الدعارة . 





وعلى عكس جيل الخمسينيات رالستينيات » فان 
موّلاء الکتاب الجدد استخدموا أشكالا مسرحية 
«مفتوحة۲ تهدد حساسيات الجمهور البرجوازى وتؤثر فيه 
بوسائل غير تقليدية ؛ دون خوف من إيقاف عروضهم 
رقابيا. وكان أول ما فعلته تلك الزمرة المبدعة هو 
الاستمتاع بحرية النظر إلى الماضى القريب إليهم ليس 
فقط لقربها الشاریخی منهم » وإنما لأنهم أبناء تلك 
الفترة. [نها الفترة التی شهدت فكرة حزب العمال عن 
مجتمع الرفاهية 5086 ۷۰۱/۵۲۵ التی حصلوا فی ظلها 
على فرصة التعليم العالى شبه المجانئ. هذه الحرية 
الجديدة قد تفسر اتتشار ذلك النوع من المسرحيات 
البانورامية التى نقدم تاريخ إتجلترا » وصولا إلى اللحظة 
الآنية » لتعرض أهم سلبياته » فى الفترة الواقعة بين نهاية 
الستينيات وبداية السبعينيات - مسرحيات لكتاب مثل 
چون ماکجراث؛ سنو ويلسون » كريس ويلكنسون » 
دافید هیر » وهیوارد برنتون. 


برنتون فی برایتون : 

لم تكن سربة برئتون مع «السرح التتقل» أولى 
مخاربه مع هذا النوع من الفرق» وانما انضم برنتون إلى 
فرقة صغيرة قبلها تسمی اثتلاف برایتون Brighton C0m-‏ 
bination‏ لإيمانه بقدرة هذا الائتلاف على اتتحام 
مشروعات مسرحية فعالة ومؤثرة على المستويات 
الاجتماعية والسياسية » وبسبب استخدامه أشكالا 
مسرحية جريبية تعتمد علی استفزاز التفرج ؛ والتهجم 
على حساسياته الجمالية الستقرة » وسبب استهدافه 
حلق مسرح بیگی موجه للطلبة والعمال والماطلین عن 
العمل »فى إطار عروض شاملة للقراءات الشعرية ؛ 
والرقص » وفنون العرض يشكل عام. 

جرب برنتون معنى العمل الجماعی - مثلا وكانبا - 
فى هذا الائتلاف الذى كان يشارك فى یداع واتتقاد 
وتمشيل وإخراج الأعمال المسرحية » ومنها مسرحية 


الجريب والإيديولوجيا 


برنتون (جرجانتویا (Gargantua‏ ~ الأحرذة عن رابليه. 
يقول برنتون: 
«لقد کتبت سیناریو مقسماالی ثمانية 
مشاهدء واستخدم هذا السيناريو نقطة انطلاق 
فى البروقفات. وبعد ظهر كل يوم كان 
الممئلون يقومون بإجراء تدريبات ارتجال على 
الأفكار الرئيسية المطروحة: يصرخون 
ويصيحون كما يريدون . وفى المساء كنت 
أختلى بنفسى لأكتب المشهد بشكل أكثر 
إحكاما وانضباطا مستخدما ما قدمه الممثلون. 
وفى صباح اليوم التالى» کنا جری بروقات 
دقيقة على المشهدء ثم نر جل المشهد العالى 
بعد الظهر» ق 
كانت جربة برنتون فى برايتون صورة مكثفة لما 
يجرى فى المسرح المتمرد فى أنحاء بريطانيا : تنوع هائل 
فى الوسائل والأساليب المسرحية؛ وتنوع الأفكار المطروحة 
من مشهد إلى مشهد » والتركيز على كيفية صياغة 
العمل السرحی ؛ للتعبیر عن القضایا اللحة فی الجتمع. 


مع السرح التتقل : 

انضم هیوارد برنتون ای دافید هیر وتونی بیکات» فی 
السترح التنقل . وفى هذه الفرقة كتب برنتون 
مسرحیتین» الاولی هی (استراحة علی الطریق ۷ظ لاض) 
عام ۱ بالتعاون مع ستة کتاب آخرین » ثم تلاها 
بتجربة حادة وصارخة ؛ لأنها تعرضت لمشكلة أيرلندا 
الشمالية التى كان الصمت يلفها تماما فى المجتمع 
الإتجليزى» ويقال إن هذا الصمت كان هو الشئ الوحيد 
المشترك بين حزب العمال وحزب المحافظين . كانت 
تلك مسرحية أيرلندة إتجلعرا لمداء1 England's‏ 
(۱۹۷۲) وكتبها بالتعاون مع ستة كتاب آخخرين أيضا. 

مع هذا الفريق من الكتاب والفنانين» عرف برنتون 
أهمية التعاونء خاصة فيما يتعلق بالكتابة عن قضية 


۳ 


محسن مصيلحى 


سياسية حسامة » واحتك بتقئيات کتاب جیله عن قرب؛ 
وجرب التآمر الصامت ضد الكاتب المسرحى فى مجتمع 
بلا رقابة حين عرضت السرحية الثانية لفترة قصيرة» ثم 
رفضت دور العرض الأخرى استضافتها فى أى مكان فى 
إمجلترا . وقد كان هذا الفشل (الاقتصادى) هو السبب 
لمباشر فى حل هذا الفريق » والسبب المباشر فى قرار 
برنتون بالتوجه إلى جماهير المسرح ؛الطبيعية؛ التى ترقاد 
المسارح الكبرى. اكتشف برنتون أن المسرح المتمرد 
استنفد أغراضه العاجلة ؛ وأن عليه أن يدق باب 
المؤسسات المسرحية الكبرى حتى يخاطب أعرض جمهور 
مکن. 

ولكن برندون واصل التعاون مع كتاب آخرين » 
للتعليق على الأحداث السياسية الساخنة » فى عروض 
مسرحية کتب لها النجاح ؛ كما أن بعض النقاد يرى أن 
تعاون برنتون مع هير كان له أكبر الأثر فى إضفاء 
التحليل السياسى المنطقئ الهادئ على أعمال 
برنشون۳). من هذه الأعسال «ریح لأوروبا 10 ۴۵۴۸ ۸ 
عمس (مع داقید (دجارء ۱۹۷۳) و «أفعال 005 
(مع کین کامبل» تریفور جریفث» ودافید هیر» ۱۹۷۸) 
و «بوابة واریك ٤1ع wek‏ ۲ (مع عشرة کتاب 
احرین؛ ۱۹۷۹)و «صدمة قصيرة حادة 14510 
ge) Sharp Shock‏ تونی هیوارد ۰ ۱۹۸۰)) و «رجال 
شرطة نائمون ۳۵۱66۳60 5۱660108 ] (مع الکاتب 
الیچیری نوندی ٍیکولی ؛ ۱۹۸۳) و «برافداه (مع 
دافید هیر ؛ ۰)۱۹۸۵ ثم آخیرا «لبال لیرنیت» (۱۹۸۹) 
و !ذهمب مسوسکو 60۵ Moscow‏ 4 )144°( مع 
الکاتب البااکستانی طارق علی. 


مع الرويال كورت + 
ثم جاءت مرحلة تعاون فیها برنتون مع مسرح الرويال 
كورت الذى اشتهر بتقديمه لكتاب جيل الغضب » 


خاصة بعد أن خول المسرح قاعته العلوية إلى مسرح 
صغير يستضيف هؤلاء الكتاب الغاضبين الجدد عام 


11 





۹ استطاعت تلك القاعة أن تكون «نقطة لقاء 
لجيلين من كتاب المسرح وفتانيه» وأتيحت الفرصة 
لبرنتون » وإن كانت محدودة ؛ لكى يرى وقع أسلوبه 
الذى اكتسيه فى السرح التمرد علی رواد السرح 
التقلیدیین » وفى إطار مادى وتقنى أفضل . قدم برنتون 
مسرحيته (انتقام (Revenge‏ فى القاعة الصغيرة عام 
5 ,»ثم قدم (فاكهة:نم5) للمسرح الرئيسى عام 
۰ فى استجابة مباشرة لنجاح حزب احافظین 
(بزعامة هيث) فى الانتخابات العامة . ومن هذه 
المسرحية يظهر اعتراض برنتون على اعتبار الصراع 
الطبقى سبيلا للتغيير السياسى أو محقيق المجتمع المنشود ؛ 
ثم ن هجومه علی التفرجین كان ماديا » حيث قام 
عمال النقابات المضربين فی السرحية بالقاء القنابل 
الحارقة علی التفرجین فی صالة السرح. 

لم یقعصر نشاط برنتون علی هذه الفرق » وانما 
کتب للفرق الجامعية ومسارح الهواة ؛ لان حرکته 
کانت جزءا من حركة عامة يشارك فیها کتاب آخرون 
یشا رکونه الرژی والوسائل نفسها. وفی هذا الاطار » قام 
برنتون - طوال مشواره الفنی - باستخدام مسرحیات 
«الأجداد العظام» لخدمة أغراضه » فأعد مسرحیات 
لچینیه وهوفماتستل وبریخت وجورکی وبوخنر » ولکن 
آهمها (عداده الثیر لسرحية شکسبیر (دقة بدقة) فی 
(کستر عام ۱۹۷۲ ؛ وهی منطقة معروفة بانحیازها 
لحزب احافظین. 

حول برنتون السرحية ٍلی الزمن العاصر » فی حقبة 
مخکمها سیاسات اليمین » حیث تفتح السرحية والدوق 
يتنازل عن ملكه أثناء مباراة فى الكريكت فى ملعب 
شهير هر ملعب لوردز » وإتجلترا مهزومة هزيمة منكرة 
أمام لاعبى جزر الهند الغربية. وتخول بطل المسرحية 
«أنچلوه (لی رجل عنصری » وکلاودیو الی جم غناء 
أسود متورط فى تقديم أفلام جنسية » وبعض مونولوجات 
المعاناة النفسية التى تقال فى مرحاض . كانت تلك جرأة 
على شكسبير » والأهم هو وضعه فى إطار يغير من 





صورته التقليدية «القدسته آمام التفرجین » کجزء من 
الهجوم على الثقافة الرسمية ورموزها ؛ وهجوم على 
امجتمع المريض» المفكك ؛ العنصری. 


مسرحية تشرشل ومسرحية برنتون: 

فى سياق طیم الصور المقدسة للمجتمع ورموزه ¢ 
تأت )رة (The Churchill Play J‏ 14۷6( 
واحدة من أهم إنجازات برنتون؛ لأنه يعيد النظر فى 


ماضى إتجلترا » خاصة أثر ونستون تشرشل فى صياغة ٠‏ 


الحاضر ؛ ویتباً بمستقبل دموی ومظلم لذلك الوطن . 
ولاهمية السرحية » فانها مرت بصیاغات مختلفة فى 
أزمنة مختلفة » ولكننا جتزئ من تاریخها التطورات 
الأخيرة فقط للدلالة على ما لقيته من معارضة ضارية 
فى بريطانيا . فالنسخة الأولى عرضث فی مایو ٠۹۷١‏ 
فی مسرح تونتجهام» وأحدائها تقع فى عام 1144 » 
٠‏ كما يشير برنتون فی عنوانه الفرعی الطویل : «مسرحية 
تشرشل کما سوف تمثل فی شتاء ۱۹۸4 بواسطة 
المعتقلين فى معسكر تشرشل فى مكان ما بإتجلترا؛ ۴ 
أعاد برنتون كتابة أجزاء فيها عام 151/8 (رهذه هى 
النسخة المنشورة» لتعرض فى ستراتفورد ؛ ولكن عبارة 
«فى شتاء 21984 حذفت من العنوان . وللمرة الثانية 
أعاد برنتون كتابة أجزاء فيها (لم تنشر) ولم یعطها عنوانا 
فرعيا ؛ وإنما وضع على غلافها عبارة تشرشل الشهيرة 
«قد يصعب التنبؤ بالستقبل » ولکن الاضی يجب أن 
يمنحنا الأمل؛ » والواضح أن برنتون يسخر ويناقض تلك 
القولة بمسرحیته . هذه اللسخهة الاخيرة هی التی 
عرضت فى لندن للمرة الأرلى عام 191/4 . 

فى هذه المسرحية وضع برنتون لنفسه هدفا محددا؛ 
وهو إعادة كتابة التاريخ من منظور البسطاء » يعرض 
التضحیات التی أجبروا علی تقدیمها » ومعاناتهم زمن 
الحرب والسلم » وربما كانت تلك أكشر وسائل برنتون 
عنفا فى تخطيم صورة تشرشل شبه المقدسة فى بريطانيا . 
وهو لا يكتفى بتحطيم الأيقونة فقطء بل يستهدف إفساد 


التجريب والإيديولوجيا 


المشهد الثقافى زالسياسى الرسمى كلهء رإن كان هجومه 
هذه المرة اکثر وعیا علی الستوی السياسى من مسرحياته 
فى المسرح المتمرد. كما أنه لا يقدم تشرشل جلادا على 
طول الخط وانما يقدم الجانب الانسانی الضعیف فیه؛ 
يقدمه على أنه ضحية لموت أبيه المأساوى وضحية لتعليمه 
وطبقته. 


حين تفتتح آلسرحية ؛ نری الليل وهو يرخى سدوله 
على بعض العسكريين الذین یمثلون جميع الأسلحة 
العسكرية أثناء حراستهم نعش تشرشل عام 1958.. 
والرجال » فی لحظة استرخاء أثناء الحراسة؛ يسمعون 
ضجيجاً قادما من النعش » فيفترضون ‏ ساخرين ‏ أن 
برنتون صورة الرجل عند البسطاء فى لغة عامية هابطة: 
«رجل البحرية : سوف يخرج » سوف يخرج» 
أنا أصدق أنه قادر على ذلك. قادر على أى 
شئ» هذا الإنسسان . (بحلة) لكى 
بخد ع 018267 الكادحين . (يكح . یصمت. 
بحدة). نحن فى ويلز لم نغفر له بدا . لقد 
أرسل جنودا ضدنا , هذا الرجل الدموى. لقد 
أرسل جنودا ضد عمال المناجم الويلزيين سنة 
۰. ثلائة قتلوا . الكادحون فى ويلز 
یعرفون عدوهم . لقد کان هو عدونا . لقد 
کرهنا جراه..» ۷). 
ثم يرتفع غطاء النعش ليظهر تشرشل بالفعل فى زى 
الحرب ؛ رانعا الوسطی والسبابة ؛ کما تعود دائما فى 
لحظات الانتصار. ومن الظلمة يأتى صرت آمر بإضاءة 
الکان . ولم یکن ما رآه التفرج الا جزءا من مسرحية 
یعدها العتقلون فی معسکر اعتقال باسم اتشرشل» » مع 
مایحمله هذا من دلالات علی تمولات السياسة 
البريطانية المبنية فى أساسها على انتصارات الرجل. هذه 
لحظة من لحظات «الصدمة» ۰ کما یقدمها برنشون » 
كما أنه من خلال تقنية السرحية داخل السرحية - 
بری الواقع كله من خلال الإيهام. 


هذه السرحية جزء من سهرة یعدها العتقلون 
(معارضون سياسيون؛ ومجرمون ؛ ومعارضون للحرب فى 
آیرلندا) لاستقبال لجنة برلمانية تحقق فى ظروف هذه 
المعتقلات . لكن وظيفة المسرحية الداخلية بوضوح ھی 
تعرية أسطورة رجل الدولة الذى تسيبت إيديولوجيته 
الرأسمالية فى ترسيخ أعمدة هذا المعسكر فى بريطانيا 
«الستقبل». وسأکتفی » هنا » بهذا النموذج البنائى من 
المسرحية للدلالة على ما محختويه من إشارات ودلالات 
على الغليان الذى يسود المعسكر » والذى يقود إلى 
محاولة هروب دموية . وبناء برنتون الدرامی یعرض لجذور 
هذا العنف فى احتلال إتجلترا لأيرلندا الشمالية» 
والاضرابات العمالية عام ۱۹۷۲ ؛ والصراع الطبقى» 
والجشم الرأسمالی ؛ ثم فی النهاية انتصارات تشرشل 
نفسها . واذا کانت السرحية الداخلية تعرض داخل 
العسکر » فان برنتون یعادل ما یحدث داخل العسکر بما 
یحدث فی اتجلترا کلها: معسکر هائل» متفسخ » یمور 

بالعنف والدماء ؛ محاط برجال الشرطة. 
ويستخدم برنتون فى هذه المسرحية الشرائح الملونة» فى 
رحلة تاريخية استرجاعية » ليقدم صورة بانورامية لتاريخ 
(جلترا حتی يؤكد معادلته القدمة . وبالرغم من 
الصموبات التی واجهتها السرحية حتی عرضت فى 
لندن» فان برنتون لم یقدم ی تنازل » سواء فی رسالته 
السياسية و فی الوسائل الحاملة لهذه الرسالة. لقد ظل 

برنتون : 

«مخلصا لبادی) مسرح التمرد التی تنظر بعين 
الشك إلى وحدة أى عمل فنى - والتی 
تفضل تقنية اللاتساوق » وتسيرها الرغبة فى 

صدم المتفرج واستثارته» 280 . 


قرب روت من ات اكه ف 
لندن » مثل السرح القومی وفرقة شكسبير الملكية » بقرار 


11 


فردی منه » وعلی عکس التیار السائد رقتها . وفی 
غضون خمس منوات فقط من ظهور أولى مسرحياته فى 
لندن , كان المسرح القومى يكلف برنتون بكتابة 
مسرحية خصيصا له ؛ وهی «أسلحة !landدة Weapons‏ 
Happiness‏ /ه » (1519/5), وكانت تلك نفسها أول 


مسرحية جديدة تعرض فى المسرح القومى . كان السؤال 


المطروح أمام برنعون هو : إلى أى مدى يمكن أن تؤثر 
هذه الدعوة على مبادئه الفنية والسياسية التى عاش بها 
وعمل من خلالها ٠‏ لكن الأيام أببتت أنه ظل 
مخلصا لإيديولوجيته » مؤمنا بقدرة وسائله على توصيل 
«رسالته». ۱ 

لقد توازنت وسائل برنتون الدرامية مع وجهة نظره فی 
السرح باعتباره «مکانا قذرا » وليس مکانا لتتحليل 
اجتمع عقلانیا - ان السرح موجود لضايقة هواجسنا 
وأفکارنا وشخصیاتنا العامة» . وحتی حین اجتاز عقمات 
المسرح القومى» فإنه نظر إلى مجموعة العمل التى تقدم 
المسرحية باعتبارها «عربة مصفحة مکنظة بالبشر متوقفة 
داخل أسوار السرح القومی - لقد أحضرنا مفاهيمنا 
معناء لأننا نريد » عن وعى » أن نستسخدم (مکانات 
السرح القومی لاظهار عملنا فی أکمل صورته (210. 
وکما نظر برنتون إلى اللسارح الکبری نظرت هی لیه 
باعتباره «الذئب داخل أسوار الحظيرة؛ . 

قدم برنتون مسرحيات عدة لهذه المسارح مثل «حلوق 
مریضته (۱۹۷۹) و «العبقری» (۱۹۸۳) و «صحراء 
من ال کاذیب و الشمر اللموذ» (۱۹۸۶)و «الارض 
الخضراء» (۱۹۸۸) و «هسی میت» (۱۹۸۹) وغیرها. 
ومن هذه السرحیات » يمكننا أن نلخص وسائل برنتون 
الدرامية فی التالی: 


آ- خشبة السرح مکان الناورات : 


إن اببسكارات برنتون فى الشكل المسرحى ؛ لم 
تتبعت - كما اعترف ‏ من حبه للمسرح » ولكنها 





تنطلق من محاولة جعل مسرحياته | 5 حقيقية . هذه 


«الحقیقیة» اسعدعت ضرورة الخروج من الطبیعی و 


الاعتیادی أر الواقعى » والبحث عن لحظات تمکنه من 
الخروج من إطار الفردى والذاتى » إلى عالم أكثر رحابة 
يختلط فيه التاريخى بالسيامى ؛ والماضى بالحاضر » 
والعام بالخاص» فی «حقيقة) مسرحية واحدة E‏ 
مسرحية (روعة) » علی سبیل الْثال » تتحول خشبة 
المسرح إلى معادل لما يدور فى عمل بطلها جيد 160: 
بجسد خيالاته وأوهامه وهواجسه . ومن قلب هذه 
الخيالات يقدم برنتون شخصية تاريخية هى شخصية 
لينين ؛ وسط إضاءة حمراء ۱۱۱ تخ تغمر المسرح الذى 
يموج بالأعلام والرايات والأغنيات . إن برنتون 0 
الدموذج الفكرى الذى يقتديه يد » وهكذا يطرح عليه 
9 دود حلي نين 
الاجابة. 

لا یحس برنتول بأى حرج ف تقدیم هذه اللحظات 
الحاسمة فى الدراما ؛ لأنه يستهدف إجبار المتفرج على 
المقارنة والقياس والنظر إلى قعل فى إطاره الكامل . ولهذاء 
فهر يكرر مثل هذه اللحظات فى مسرحياته . فى (أسلحة 
السعادة) مسد خشبة المسرح ما يجرى داخل عقل 
بطلها جوزیف فرانك» حین یقارن بین حاضره من 
حيث هو لاجئ سياسى » يعمل فى مصنع لشرائح 
معارضا للسلوك السوفييتى هناك» وجذور هذا السلوك فى 


ب- الألعاب البريئة القاتلة : 
بحثا عن غير المتوقع » عمد برنتون منذ بداياته المبكرة 
إلى استخدام لعب الأطفال البرئ» غير الواعى » وسيلة 
4 أغراضه؛ كأن يجعل الأطفال يلعبون بأسماء رجال 
تاريخيين عظام كما لو كانوا يلعبون بأسماء أبطال 
مجلاتهم الكوميدية النحببة . برنتون هنا بهدم میئولوچیا 
العظام ونظرتهم إلى العالم عن طريق إسقاط الهالة 


التجريب والإيديولوجيا 


كيل 


القدسية عنهم . ثم إنه يستخدم ألعاب الصبية فى مناقشة 
قضايا الحرب والسلام بشكل يسخر من التاريخ الرسمى 
المكتوب . فالحرب العالمية الثانية » من منظور الطفل » 
حدئت وانتهت کالتالی : 
«أبى يسول إن هتلر کان أکبر رجل سبی 
ظهر علی وجه الأرض . وقد وقف ونستون 
تشرشل علی منحدرات دوفر فى زى المعركة 
وألقى خطبة عن ملء الفجوة بالوتی من 
الإمجليز . بعد هذا أخرج ونسئون تشرشل 
بندقيته الهائلة وحطم أدولف هتلري ٠١‏ . 
وفی مسرحيتة «هتلر یرقص ۵066۵ ۱۳6۲ 
(۱۹۷۲), یودی الأطْفال لعبة الحرب على قبر أحد 
جنود العاصفء الالان » ما یژدی إلى بعث الجندی ؛ 
وفرض دوره عليه مرة أخرى ؛ ومن ثم إحياء الحرب 
وأهوالها » من جديد على المسرح . 


ج- قصة واحدة لا تكفى : 

تطورت تقنيات برنتون الدرامية من البناء الشهدی 
الستقل »الی دمج قصتین مختلفتین فی بناء کلی 
یعتمد علی الجدل » بهدف اظهار واحدة منهما فی 
ضنوء الشانية » تارکا للمتفرج مهمة الخروج بالنتائج 
«المنطقية» . يحدث هذا فى (هتلر يرقص) و(أسلحة 
السعادة)» لكن برنتون تخطى حاجز هذه الثنائية فأصبح 
يعرض عددا هائلا من القصص المتبايئة زمنيا »أو 
المتجاورة جغرافيا » متجاوزا تماما البناء التقليدى كزمن 
متوال يؤدى إلى نهاية زمنية منطقية . إن هدف برنتون ؛ 
بساطة » من هذه الوسيلة الدرامية هو «إبعاده المشفرج 
وجدانيا عن التفاعل مع هذه القصص, بخلق آکشر من 


منطقة اهتمام فی سیاق العرض السرحی الواحد «۱۳. 


فى هذا السياق يمكننا أن ننظر إلى مسرحيته 
(الرومان فى (The Romans in Britain Lilly‏ عام 
۲ ه,التى تظهر فيها مجموعة التقنيات التى 


1۷ 


وو ل اح ا ج ي 


استخدمها برنتون فى معظم أعماله . وبالإضافة إلى 
التعرض المباشر لقضية أيرلندا » يسوى برنتون بين الغزو 
الرومانى لبريطانيا والغزو البريطانى لأيرلندا » وهو بهذا ققح 
. على لفسه عش الزنابير الصحفية والنقدية» ونتح على 
مخرع المسرحية عاصفة قانونية أمام انحاكم لمدة تزيد عن 
م لأن القوانين البريطانية عجزت عن الإمساك 
18 برنتون نفسه ووضعه داخل القفص. 


وحین کتب برنتون هذه المسرحية؛ كان السرح 
السياسى البريطانى قد أرسى مجموعة من الأساليب 
والوسائل الدرامية التى تصدم المتفرج بغية إفاقته إلى 
حقيقة الأوضاع السياسية والاجتماعية المعاشة. ولايتوانى 
برنتون عن استخدام هذه الوسائل - بما فى ذلك عرض 
اللواط » أو محاولة اللواط فى مسرحية سياسية » لكى 
يصل بالأثر المرجو إلى منتهاه . 


ويركز الجزء الأول من المسرحية وعنوانه ٠سئة‏ قيصر» 
على فحص الآثار لترتبة على الغزو البريطانى ؛ متجاهلا 
الدور الحضارى المنسوب للرومان فى بريطانيا . إن برنتون 
يعيد قراءة التاریخ من وجهة نظره» ویفسر بعض اغموض 
فی حال اجتمع قبل الغزو الرومانی » مکتشفا الأسس 
التى يقوم عليها هذا امجتمع فى عام 54 قبل الميلاد . 
وتبداً المسرحية بمجرمين أيرلنديين هاربين إلى هذه 
الأرض التى لم مخقق هويتها بعد» والتى تقع شمال نهر 
التيمز (كانت أيرلندا قد حققت هويتها بالفعل) 
ليصطدما بمصالح السكان الذين يهددهم الغزو الرومانى 
للجزيرة. وبهرب انجرمان لیطاردهما بعض الاخوة » إلى 
آن بصطدم هولاء بالجنود الرومان وجها لوجه » ووسط 
جوعام من الالعاب الصبيانية یحدث مشهد اللواط » 
ویقعل أحد الاخوة . ثم بقدم برنتون الدور الرومانی فی 
بریطانیا » ذلك المكان التافه على حافة الأرض المأهولة » 
فى صورة قيصر الذى لا تشغله إلا تسوية حساباته 
القديمة وتزوير ذكرياته الشخصية ٠‏ خالا من نفسه تلك 
الأسطورة المعروقة ! 


A 


فى نهاية الجزء الأول » وبعد جريمة قتل قق 
لامرأة من العبيد حريتها » يحقتق برنتون مفاجأنه الصارخة 
حين يعود الجيش الرومانى إلى الظهور بعد أن غادر 
بريطانياء لکنه بظهر هذه المرة وهو فى زى وعتاد الجيش 
البریطانی الحدیث: مصحوبا بصوت الدافع الرشاشة » 
وتحميه الطائرات الهليوكبتر من السماء. إنها: 
«لحظة تحبس الأنفاس ٠‏ وافتراض جر باه 
لافارق حقيقيًا بين الجندى الروسانى 
والجندی السریطانی عدا التکنولوچیا » وأن 
البریطانیین غزاة فى أيرلندا كما كان الرومان 
فى بريطانياة ۶ , 
والجزء الثانى من المسرحية بعنوان 9قبر آرثر) يجسد 
حلم بقظة لعميل من عملاء الخابرات البر يطانية » وهو 
فی انتظار مقابلة أحد قادة جيش التحرير الأيرلندى 18۸۵» 
وفى هذا الحلم يتسرارح عقل العميل بين الآنى 
والتساريخى» بين الأرض التى يقف عليها فى أيرلندا 
وأرض أجداده التى كانت ساحة لمعارك بينهم وبين الغزاة 
من الرومان والساکسون. وتخطیط الشاهد » فی هذا 
الجزء » یخضع تماما للحركة الحرة للصور والأفكار فى 
عقل العمیل» (۱9. هذه الح رکة الحرة » و القارنات 
الزمنية » تؤدى إلى إيقاظ وعى العميل (والمتفرج؟) على 
حقيقة دوره الامبریالی فی آیرلندا. 
يكتشف العميل أنه مراقب من «الأعداءه » الذين 
يطبقون عليه : مقدمين تبريرا لعنفهم القادم بسؤاله : (أية 
أمة من الأم تعلمت أبدا من المعاناة التى سببتها 
للآحرين ؟؛ والإجابة بالسلب تؤدى إلى إطلاق 
الرصاص عليه 


الزمن / التاريخ / الأسطورة ٠‏ 
بين الرومان والبريطانيين: 

إذا كان برنتون قد فجر الآنى من قلب التاريخى فى 
تهاية الجزء الأول » فإنه لم يكن يستهدف غايات 





جمالية فى ذاتها » وإنما صدمة المتفرج الإتجليزى فى 
أفكاره عن الواقع السياسى الرير . ويتلاعب برنتون بدور 
قيصر الذى يعيد كتابة التاريخ من أجل أهدافه الشخصية 
بوصفه غازیا منتصرا » وهو برنتون - بهذا يقدم دليلا 
على إمكان التلاعب بالحاضر أيضا لخدمة أغراض 
الغزاة/ البريطانيين . إن قيصر يخلق أسطورته أمامنا . 
والأسطورة هی » بمعنی من العانی + ما ترسخ عبر الزمن 
أو عبر لتاریخ الشوه » وهکذا بطلعنا برنتون علی كيفية 
خلق الاساطیر فی العالم الحدیث . ولا تنتهی السرحية 
دون أن یقدم برنتون تفسیره لأمطورة اللك آرثر التی 
کانت الادة القصصیه التی جمم حولها من بقی من 
السکان الأصليين للجزيرة » بوصفه ملكا لم يوجد أبدا » 
وإنما خلقته الحاجة للبقاء ؛ والحاجة للسلام والاستقرار: 
«الطباخ الأول : فى الحقيقة » لقد كان 
ملكا لم يوجد أبدا . كانت 
حکومته هی شعب بریطانیا . 
وسلامه کان شائعا کالطر ار 
آشمة الشمس . وقانونه کان 
طبیعیا کالحشائش التی ننمو 
فی الروج... 
مسورجانا : ماذا کال اسمه ؟ 
الطباخ الأول : آي اسم یا عزیزتی (للطباخ 
الثانى) ماذا کان اسمه؟ 
الطباخ الثانى: حسنا .111 أى اسم قدیم . 


ارثر ؟ 


OU 1‏ 
ارثر ؟ه 1 


فى مرحلة تعاونه مع السرح التمرد 6 حاول برنتون 
جاهدا أن يوازن بين السياسى والدرامى فى أعماله » لكن 
رؤيته للمجتمع البريطانى مالت نحو العدمية ؛ لأنها رؤية 


اللجریب والایدیولرچیا 


ٍ 


رکزت علی تفسخ انجتمم وعنصریته ورجعیته التزايدة . 
لکن معظم هذه الفرق التمردة » رفض کل تفالید 
السرحیات الطبيعية والاجتماعية » ومی التقالید التی 
حکمت السسرح الیساری بداية من مبقصف 
الخمسینیات» کما نها رفضت النموذج البریختی 
الدیالکتیکی ۰۱۷ ونضلت وسائل الشهجم على 
الکفرجین ومجتمعهم النهار . وئح السرح التمرد .. 
لبعض الوقت . ۱ 
لكن البنية الثقافية البريطائية تغيرت سريعا ؛ مما أدى 
إلى جاح السياسات «الزنجعية؛ فى السيطرة على 
«الشهده کاملا؛ وفی تلك الفترة ضافت قاعات 
العروض بالسرحیات الشمردة » واكتشف برنتون أن 
جمهور السرح التمرد هر صفوة الثقفین والتعلمین » 
وأن ذلك السرح نفسه «ینتمی إلى ثقافة مغايرة » لکنه 


۱ لاینشمی إلى ثقافة ثورية ؛ مسرح موجه إلى الصفوة... 


وليس إلى الطبقة العاملة المكافحة ضد الرأسمالية 
والبيروقراطية؛ (۲۱۸. کانت تلك مرحلة الأسئلة العظيمة 
والمآزق الفكرية الأعظم؛ وقد ظهر هذا وذاك فى 
مسرحیات برنتون . 
حين كتب برنتون (روعة) - وهی تقع فی منتصف 
المسافة بين مسرحياته الكبيرة والصغيرة ‏ كان برنتون 
ییحث عن طبيعة الفعل الشوری » لکن الفعل الشوری 
يعنى العنف ويعنى ضياع الذات .. وکل هذا قائم فى 
المسرحية. إن بطل المسرحية جيد يعتمد الاغتيال 
السياسى وسيلة للتغيير الاجتماعى ؛ لكنه يموت بوسيلته 
نفسها حين تنفجر فيه قنبلة كان يعدها للانفجار . لكن 
برنتون یعطی الخاتمة لشخص آخر ؛ یتدخل بلسان 
المؤلف تقريياً » ليعلق على الخسارة الإنسانية التى تصيب 
الحركة الثورية بانتهاجها هذا النهج: 
«کلیف : چید .یا للخسارة . لا يمكن أن 
آغفر لك هذا. 
(لحظة صمت) 


1۹ 


محسن 


يالخسارة غضبك الضائع . ليس 
القتل» فالقتل شائع بما فيه الكفاية 
وليس العنف» ا يحدث كل 
برم. مالا أستطيع أن أغفره لك 
يا چید» یا عزیزی »یا صدیقی 
الميت» هو تضییع التفی»*۱. 
وكما لم یجبن برنتون عن مواجهة الذات ؛ ونقد 
سلبیات استخدام العنف فی تلك السرحية » قإنه لم 
یجبن عن مواجهة «الرفاق الاشتراکیین» فی مسرحیته 
(الليلة الشالعة عىشرة ple (Thirteenth Nigh‏ 1۹۸1« 
حين هاجم الرعب الستالينى؛ ودموية اليسساريين» 
والاضطهاد فى درل العالم الاشتراکی؛ والذين يجبنون 
عن تسمیته باسمه .. نها «هجوم علی التفکیر المزدوج 
من أشباه جورج أررويل : فالاضطهاد ‏ فى أى مكان- 
يجب آن بسمی اضطهاداه (۲۲۳. 
ثم واجه برنتون - ككل كتاب جيله ‏ المأزق العظيم 
المتجسد فى انهيار الا تحاد السوقييتى ؛ ولكنه حاول أن 
بقدم تفسيره الشخصى لهذا السقوط حين كتب 
مسرحية (ذهب موسکو) التی عرضتها فرقة شكسبير 
الملكية عام ۰ (بالتماون مع طارق علی) . كانت 
تلك أزمة تمس المعتقدات عند جذورها ء ولهذا كاك 
على الكاتبين أن يعودا إلى جذور تكون تلك 
الإيديولوجياء وكيفية صياغتها فى أرض الواقع» وتغيراتها 
حتى وصلت إلى ما وصلت إليه فى أرض الواقع 
المعاصر. لهذا السبب توازن (ذهب موسكو) بين الفرد 
وا مجتمع؛ بين الماضى والحاضر » رصولا إلى تصورات 
مستقبلية لهذا المجتمع» بل لجورباتشوف نفسه. 
توازى المسرحية بين قصة عاملة نظافة فى الكرملين 
وأسرتها : الزوج رجل مخابرات سابق (شهد مقتل 
مایرهولد) ین - کزوجته - بقدرة جورباتشوف علی 
إنقاذ الشورة» وتقیق النجاح مع «البیروسترویکا» كما 


حققها مع «الجلاسنوست» . یموت ابنهما فی حرب 
أفغانستان» وينتقل الابن الآخخر من الأمل إلى التطرف. 
اليسارى إلى اليأس العام : إلى الهرب فى النهاية إلى 
أرض o‏ . بموازاة هذه القصة الفردية 
«یفتح؟ برنتون (وطارق على) المسرحية کعادته على 
التاريخى والعام : فا مسرحية تبدأ بعرض أحداث 7 
عام ۱۹۱۷ حتى تصل إلى عصر جوربانش ر 
دفن من حكام أوروبا الشرقية » مشل 8 

شاوشیسکو » فى بانوراما هائلة لما يحدث فى أوروبا 
در كلهاء من طرابير الخبز فى شوارع موسكو إلى 
هدم حائط برلین. 

ویظهر آثر مایرهولد راضحا فى أسلوب برنتون » حين 
بوازی بین الجدل السیاسی الساخن » والعقلید الساخحر 
واستخدام «الفارس» والأغانى والدمى والانتقال الحر فى 
الزمان والمكان » فى هذه المسرحية التى تختوى على 
٠١+‏ شخصية . لكن السمة الأساسية فى المسرحية هى 
محاولة برنتون تفادى الإحساس البريختى باليقين من 
مسيرة التاريخ» فلم يكن هناك أكثر من سقوط ذلك 
الاتحاد الهائل لكى يهز معتقدات الإنسان . 

وانعكاسا لهذا الإحساسء ترك برنتون «مساحات» 
داخل المسرحية تملؤها الأحداث المتحركة وقتها فى واقع 
الكتلة الشرقية كلهاء ثم إنه ترك المشاهد النهائية کی 
تماد کتابتها وفقا لاخر التطورات التى توردها وكالات 
الأنباء #ساعة العرض: » فی محاولة لخلق الصدق الفنی 
والصدق السیاسی والایدیولوچی فی الوفت نفسه, وقد 
تكون تلك نهاية «طبیعیةه لهیوارد برنتون » لکن ما یبقی 
له هو تلك احاولات التجريبية فى الشكل الدرامى » رذ 
تقنيات العرض المسرحى (بقدر ما يعنى الأمر المؤلف) 
لدفع التفرج دفعا لإعادة النظر فيما استقر عليه العرف 
من أحكام » ودفعه لطرح التساؤلات والبحث عن 
إجابات جديدة » بدلا من الخمول الذهنى المبنى على 
الاطمئنان إلى ما هو مستقر من إجابات. 





الجريب رالإيديولرجيا 


الهوامش ؛ 


۱ 
(¥) 
(f) 
($) 


(o) 
(0 


2 
(A) 
۹ 
۱۰1 


(11) 


O0 
(O) 


(14) 
(1o) 
۱۹0 
۱۷ 


۱۸ 


۱۹ 
(۰) 


Michelene Wandor, Look Back in Gender, Methuen, 1987, p. 103. / 


ار 
انظر: 

Richard Boon, Brenton, The Playwright, Methuen, 199t, PP.54-55. انظر:‎ 
Wanor, op. cit., p. 90. انظر:‎ 
Howard Brenton, Plays : One, Methuen, p. 102. انظر:‎ 


ويقرل برتتون عن آثر أحداث مايو54: وإن تلك الأحداث حطمت ما تبقى من إعجاب بالثقافة الرسمية . لقد أوضحت تلك الأحداث أن الأجداد العظام ليسرا 
أكثر من جلث تقل كراهلنا . كما أن تلك الأحداث حطمت فكرتنا عن الحربة الشخصية ٠‏ والفعل الثورى الفوضرى . إن جيلا كان يحلم بالبوتربيا الجميلة قد 
تلفى ركلة ‏ ركلة أفاقته ولم تمنه. فى : 





‘Petrol Bombs Through the Proscenium Arch', Theatre Quarterly, V, 17 (1975), p. 20. 

Michael Billington, ‘London Avant Garde: Who? What? Where? Plays and Players, June 1970, pp. 20-21. 

بری ریتشارد آلان كيف 0806 أن التطور الذى طرأ على برنتون » والنضج الذی حقفه فى أعماله الطريلة» يعردان إلى تعاونه مع دالبد هير ابتداء من مسرحبة الرقبة 
الس‌حاسية ۱۹۷۳۱8۴۵550۵6۸ لأن هیر أضفی المنطقية الفكرية ؛ :والجدل , والمناقشات؛ علی مسرحیات برنتون الصاخبة العنيفة الصادمة لحواس التفرج 


ومشاعره. 

Richard Allen Cave, New British Drama in Performance on the London Stage 1970-1985, Colin Smythe, 1989, P.184. 
Brenton, The Churchill play, in Plays: one, op. Cil, p. 113. انظر:‎ 
R.A. Cave, op. cit. , p. 179. انظر:‎ 
Catherine ltzin, Stages in the Revolution, Methuen, 1980, p. 187. انظر؛‎ 
See for example his interviews in Plays and Players, Feb. 1972; The Times, LO August 1976, Stages in the revolution, .ص0‎ :رظil‎ 


cit, p. 197. ۲ 

من بين الإيجازات النى حققها برنتوث فى مسرحية روعمة » وهى ند دیا للرضع السائد ؛ ما تام به من اجبار مسرح الروبال کورت علی التخلی عن نظام 

الإضاءة البريختى «الممتمد؛ للمسرح ؛ وهو النظام الذى ظل ساريا طرال حقبة الستينيات » وقد أصر برنتون على الاضاءة اللرنة العبرة, والتخلی عن الإضاءة 
امحايدة الباردة؛ لأنه رغب فى تأكيد التغيرات العقلية أو الوجدانية للشخصية الدرامية . انظرد 

Philip Roberts, The Royal Court Theatre 1965-1972, Routledge & Kegan Paul, 1986, 154-55. 

John Bull, New British Political Dramatists, Macmillan, 1984, pp. 30-32. انظر:‎ 

. New Theatre Quarterly, IV, 16 (Nov, 1988), انظر:‎ 





Richard Boon, ‘Setting Up the Scaffolding: Howard Brenton's “Hider Dances 
p.336. 





Richard Boon, Brenton, the Playwright, op. cit., p. 199, انظر:‎ 
R.A. Cave, Op. Cit., p. 183. أنظر:‎ 
Brenton, The Romans in Britian, in Plays : Two, Methuen, 1989, pp. 94-5. انظر؛‎ 


تغيرت العلاقة بين برنتون وبريخت من الكراهية إلى الإعجاب الشديد: ففى عام 141/8 هاجم بریخت » راصفاً مسرحياته بأنها متحفبة » غیر مسقة » غير درامية » 

ل تناسب السبعینیات . ثم عمد برنتون إلى «اعادة تشکیل السرح الملحمى البريطانى فى المنوات التالية؛ إلى أن.قام بإعداد مسرحية بريخت حياة جاليليو للمسرح 

القومى عام ۰ فاکش عظمة بريخت وقارنه بشكسبير . رفى عام ۱۹۸۲ كنب برنتون مقالا يغنى عنوانه عن عرض محتواه : «أفضل مالدينا : پاللحسرة : 
ملاحظة عن بربخت؟ ۰ لزید من التفاصيل راجع : 

Malcolm Hay & Philip Roberts. ‘Interview: Howard Brenton’, Performing Arts Journal, 3,3 (Winter 1979), The Red Theatre 

Under the Bed’, Interview with Tony Mitchell, New Theatre Quarterly, II, II (August 1987). 





Jonathan Hammond. quoted in Time Out, June 1972. See also his ‘A Potted History of the Fringe’, Theatre Quarterly, II, 12 :رظil‎ 
(1973). 


Brenton, Plays : One, op. cit.. p. 106. انظر:‎ 





Brenton, Plays: Two, p. xi. 


انظر: 


۱ 


یس1۳0 





ومفهوج الا نحدد : 


ا 
دراسة حالة فى نظرية الكيوتيكا 





م ۰ 3 * 
مایکل فاندین هوثیل 


سس 


۹ 


مقد‌مه : 

بحث هذا القال مجموعة العلاقات التشابكة 
رافاعلة بين العرض المسرحى من جهة؛ ووجهات 
النظر والتصورات التی تطرحها «العلوم الجدید:» ۱۷۶۷ 
666۵ |زاء الطبيعة من جهة آخری ۰ وفی هذا السياق 
يؤكد مايكل هوفيل هنا المشابهات القائمة بين علم 
الكم Quantum Sceince‏ والعرض المسرحى؛ تلك 
الشابهات التی تبوز لنا بشکل آکشر فعالية نی ضوء 
مجموعة الدراسات التى تبحث فى طبيعة الإدراك 
الإنسانى ؛ والتى تبلور لنا وعى المشفشرج بما يمكن أن 


نسميه «حدثية ٠65‏ -2781» العرض المسرحى. ومن 





The Politics of the paradigm: .: العنوان الأصلى لهذا المقال هر‎ 
a case Study in chaos theory . 
New Theatre Quarterly , Ix, 35 (august) .1993 وقد نشر بمجلة:‎ 
ترجمة سامح فكرى  مركز اللغات رالترجمة » أكاديمية‎ ++ 
الفنونء القاهرة.‎ 





oY 


جهة أخرىء فإن النماذج النظرية التى يطرحها علم 
جديد هو علم «الكيونيكا؛ 0200165 06 561676 تبدو 
أكثر قابلية للتطبيق على ذلك النمط من العروض التى 
تسعى إلى جاوز الظاهراتية لتوجد فى دائرة الخطاب 
الفقانى. وفى هذا الإطارء يقدم هوقيل مثالا لمسرح 
ما بعد الكم nîn « post - quantum theatre‏ ف 
مجموعة العروض المسرحية التى قدمتها فرقة ووسترجروب 
ter Group‏ بنيويورڭ - وتميزت عروض هذه الفرقة 
بأنها تخلق منظومة تفاعلية من الحوار بين مفهومى 
النظام واللانظام؛ وهو ما يؤدى بدوره إلى إبراز العلاقات 
الدينامية القائمة بين مفسهومين آخخرين فى الشقافة 
الأمريكية» هما مفهرم السيادة آو الهيمنة 1۱6261000۷ 
ومفهوم المغايرة 011166206 . يعمل مایکل فاندین هوفیل 
أستاذاً مساعداً فى الأدب الإتجليزى والدراسات الإنسانية 
بجامعة وأريزوناه » ومن بين أهم مؤلفاته فى المسرح 
كتاب له بعنوان (أداء الدراما /مسرحة العرض : المسرح 





Performing Drama  ظعصهن2- البدیل والتص الدرامی‎ 
ing Performance: Alternative Theatre and The Dra- 


matic Text). 


«أكتب هذا البيان لأريكم أنه بإمكانكم أن 
تأتوا بأفعال يحكمها التضاد وذلك فى 
الحظة واحدة طازجة) . 


تريستان تزارا 


(The Monkey Gram- ala يفول أوكتاثيوباث فى‎ 


: marian) 


«إن الرؤية الشعرية هى تلك التى تقوم على 
الفاربة 00۷۵726000 بين الأشياء امختلفة 
(...)» وفضلاً عن ذلك هى تلك الرؤية التى 
تستجلى الكون ليس باعتباره تعابعاً من 
الأشياء » ولكن باعتباره منظومة من العوالم 
فى حالة من الدوران «مناهامم) . 


تتأسس مثل هذه الرؤية على التفاعل الدينامى بين 
مفهومى المقاربة والدوران ‏ أى ذلك التفاعل المتزامن 
بين نظام استانيكى يقوم على التتابع أو التوالى وأخر 
دينامى يقوم على الدوران . وبشكل مشابه ينظر إلى 
الواقع من خلال دينامسيكا الكم» dynamics of‏ 
باعتب‌اره یترارح بين حالة من التقلب أو 
السحول العشوائی للمادة والطاقة والظهور الفاجرم لحالة 

يمكن القول » إذنء إن نموذج نظرية الكم ينظر إلى 
العالم من خلال شبكة من الأحداث الات نرى فيها 
بنى صفيرة 10101050۳1610765 تتسم بعلم القبات 
والاحتمالية تخلق وتوجد بنى كبيرة 104٥۲05171٥1۷765‏ 
تتسم بالثبات» وان کانت لا تخلو من سمة الاحتمالية. 
وهكذا ؛ فإننا إذا نظرنا إلى عالم الذرة سنجد چسیمات 
تتحول إلى موجات والعکس صحیح» ومثل هذه 








السرح التجرییی ومفهوم اللاتخدد 


الجسیمات والوجات تقوم بنشاط کمی لا یخضع . 
للاحعمال ء إلا أنه مع هذا السلوك من هذه البنی 
الصغيرة تظل الأشياء ‏ مثل الكراسى والمناضد ‏ لها 
سمة الثبات النسبى. ومن ثم » فإن الواقع الكمى يرى 
عالاً يوجد فيه بشكل منظومى كل من اللانظام 
واللائبات » جنبا إلى جنب هع النظام والغبات. 

رغم ذلك» فقد فسرت فیزیقا الکم - خصوصا من 
قبل الشتفلین بالعلوم الانسانية - لیس باعتبارها علماً 
وضعياً له قراعده احددة التی تتحکم فی الاحتمالات 
اختلفة بقدر کبیر من الدقة ؛ ولکن باعتبارها أساسا 
علماً غير محدد يتمثل إمجازه فى كشفه عن تلك 
الحقيقة التی مفادها آن ما یخضم للاحتمال فقط هو ما 
یمکن (حضاعه للدراسة والبحت» ویتضح لا ذلك فی 
الفردات التی یستخدمها الشتفلون بالعلوم الانسانية فی 
خطابهم بخصوص نظرية الکم؛ وتنتحصر هذه الفردات 
فى «الاحتمالية» و«الشك» و(التعددية؛ وهالمجز الانسانی 
آمام غموض الطبيعة»(۲۱. وهذه النظرة للعلم بصفة عامة 
ولعلم فیزیقا الکم بصفة خاصة » هی ما جعلت واحدا 
من نقاد الأدب انحدئین هو جیرالد جراف 0:01 يقول: 


«إننا عندما نحاول التوفيق بين الأدب والعلم» 
فإننا نفعل ذلك ليس من خلال إعادة النظر 
فى أطررحات الأدب» إنما من خلال تقويض 
آطروحات العلم» ۲۲ , 
وفى واقع الأمرء لم تقتصر هذه النظرة علی الشتفلین 
بالعلوم الإنسانية؛ فقد رأى بعض العلماء أن فيزيقا الكم 
اتسمت بأحادية فى التوجه ‏ تلك الأحادية التى جعلتها 
تنحصر فى مفهوم اللاتعين Indeterminacy‏ « کما 
جعلتها تنعزل عن اللغة الطبيعية وعن إدراكنا البديهى 
للمالم الادی » وهذا ما جعل عالماً مثل مايكل فينباوم 
۴e bum‏ يقول عن نظرية الكم 1 
«إن توصيف هذه النظرية للعالم لا يضع فى 
اعتباره حدسنا بهذا العالم (...) فهذه النظرية 


۳ 


مایکل فاندین موفیل سس تست مت مت تس س 


تبتعد عن نهجا الطبیعی وامألوف فى تصور 


الأشياءة 0 


إعادة تعريف مفهوم اللاتحدد 0205 : 

ساعدت الأطروحات السابقة على ظهور منحى جديد 
فى الحقول العلمية انختلفة» وهو منحی یرکز بشکل 
خاص وإبداعى على العلاقة الدينامية القائمة بين النظام 
واللانظام» بين الثبات واللاتغين. وي ركز هذا المنحى على 
ما يمكن تسميته بديناميكا الأنظمة اللاخطية ٠١1ا‏ - ۸0١‏ 
Le ia, « car systems dynamics‏ جعل العلماء يدرجرن 
هذا المنحى تحت نظرية «اللاتحدهه أو «الكيوتيكاه 
his‏ . وعلى النقیض من میکانیکا الکم؛ تبحث 
الكيوتيكا فى الأنظمة غير الحتمية وغير الحوازنة» بغرض 
فهم الكيفية التى تؤثر بها التقلبات والتحولات التى تتم 
فى البنى الميكروسكوبية على البنى العيانية الكبيرة التى 
ترارح بين الأنظمة المناخية وديناميكا السوائل » واختفاء 
أجناس حيوانية مختلفة وظهورها ؛ والتقلبات التى تحدث 
فى أسواق المال, وما إلى ذلك. 

ومن ثم يمكن القول بأن الفارق الدال بير 
الكم والكيوتيكا يكمن ن فى اهتمام الا ۷ اساسا 
بمیکانیکا اللاتعين «mechanics of indeterminacy‏ 
وذلك فى حين أن علماء الكيوتيكا ينشغلون بالتأثيرات 
الى خحدث فى الأنظمة العيانية الكبيرة؛ وذلك نتيجة 
التحولات غير المتوقغة فى البنى الصغيرة التى تغير من 
مسار هذه الأنظمة. 

يوجد الآن ول فی فهم مدلول «اللاخدد مهاء»» 
وذلك فى عدد من المباحث العلمية والثقافية. فبيدما 
كان هذا المصطلح يستخدم ليوحى بحالة من الغياب 
والخواء وفقدد المعنى* (ويتذكر امرء فى هذا السياق قول 


۰ لمل هذا الاستخدام يرجع إلى الممنى الحرفى للكلمة! حبث يعنى هذا 
المصطلح فى أصله اليوناتى اد اللامتشکلة التی یفترض نها سبقت وجود 
الکون الترجم], 


o4 


عطيل لديدمونة» الذى يستخدم فيه الكلمة ذاتها بالمعنى 
السابق نفسه » فيقول: 


When I Hove thee not / chaos is come again 


أصبح المصطلح ذاته اليوم يوحى بتلك القوة 
الإيداعية الخلاقة التى تمهد لاستجلاء المعنى » وأصبح 
هذا الاستخدام للمصطلح يسم عددا من الحقول الثقافية 
؛ مثل الخطاب السياسى وتكنولوجيا المعلومات ونظرية 
الأنظمة »وليل متغيرات سوق المال والنقد الأدبى 
وغيرها. ومثل هذا الاستخدام للمصطلح أدى إلى طرح 
أسكلة حول الكيفية النى تعمل بها مجموعة الأحداث 
والمتقيرات العشوائية فى سباق الأنظمة المعقدة » لتؤدى 


. بهذه الأنظمة ليس إلى حالة من الفوضى واللانظام وإنما 


إلى حالة من التطور المنظومى شديد التعقيد. 

من ثمء فقد أعيد النظر فى فهم الأنظمة التى تتسم 
باللا تحدد؛ وأصبح ينظر إليها باعتبارها كليات 65لانالةع 
غنية بالمعلومات ؛ هذا فضلاً عن كونها تنطوى على 
طاقة كامنة تسمح باعادة تنظیمها» وذلك على مستويات 
اکثر تعقیدً - وهذا بدوره أزاح وجهة النظر التقليدية التى 
ترى أن مثل هذه الأنظمة تفتمر إلى النظام. رهكذاء 
أصبحنا جد فى نظرية العلومات - علی سبيل المثال - أ. 
كلما انسم نظام ما باللا تحدد كان أكثر قدرة على إنتاج 
العلومات (وعلینا التمییز هنا بین العلومات والعرفة) ؛ 
وهذا الترجه ذانه هو ما ده و فى التفكيك الأدبى» فكلما 
انطوى الدال على قدر كبير من التباين والمغايرة؛ وكلما 
کان آکثر جلبة دام فى احداث دلالته؛ كان أكثر 
فاعلية فی اطار مشروغ تفكيك وتذويب الأنطولوجيا 
والثيولوجيا النى تقوم عليها اليتافيزيقا الغربية . 

وهكذا ‏ مجد.أن مثل هذه التجليات والتطبيقات 
شهرم اللاتحدد أصبيحت تستخدم ف أشكال الأدب 


امختلفة: وهذا ما مجده على سبيل المثال فى مجموعة 


الررايات الستی تسنبنی علی نظرية الأنظمة مثل 





رن 


اس سح الح التجريى ومفهرم اللاخدد 


روایات بینشون Pynchon‏ وكوقر 00006 وديليلو 
10 وآخرين؛ كما نلحظ هذه التجليات أيضا فى 
روايات كتاب مثل ويليام جیبسون ٩0ء60‏ هتا » 

اه ۰ 0 ۰ ۱ (4) 
وستانيسلاف ليم Slaw E‏ 6 وويليام مارشال 
Wiliam Marshall‏ إلا أن مايثير الدهشة انه لم یکتب 
الكثير عن العلاقة بين «الكيوتيكا؛ والسرح؛ وهر 
موضوع له دلالته وبحاجة إلى دراسة ؛ فالسرح يتميز 
عن غيره من أشكال الفن الأخرى بأنه ذلك الملتقى 
الذى يجتمع فيه الفنانون والمفكرون من الحقول المعرفية 
امختلفة : ليقوموا معأ بفحص واستكناه تصوراتهم للعالم» 
وكيفية تجسيد هذه التصورات. 


ونتيجة لهذا التميز الذى يتسم به المسرح عن غيره 
من الأشكال الفنية الأخرى؛ يمكننا أن نلحظ على مر 
التاريخ نلك العلاقة التفاعلية القائمة بين النظومات 
الفکرية التی نطرحها العلوم انختلفة حیال الطبيعة وما 
یحدث فیها من عملیات؛ و بین الاطروحات والبنی التی 
یطرحها الذهن الابداعی للمسرح الفربی. فالسرح 
الأرسطى - على سبيل الشال - سعى دائما إلى طرح 
وتتجسيد المقولات الإبستمولوجية والانطولوجية التی 
ينطوى عليها العلم القیاسی 6 ۱۱0۲۱۱۵۱ بعشلانیته 
ووضعیته وخطیته ۱۱16۵7 . علی النقيض من ذلك » 
فد وعی السرح السجریی الحدیث ضرررة تطریر 
«أجروميات» مسرحية غير أرسطية؛ وغير وضعية » تطرح 
تصورات جديدة للذات والإبستيمولوجيا والواقع ؛ وذلك 
بشكل مواز للقصورات التى تطرحها العلوم الجديدة » 
مثل مفهوم النسبية ونظرية الکم. 


اشکالات العرض غیر اخحطی ۲1262۲ - ۱۷۵۰ 

ظهر فی السنوات الأخیرة عدد من القالات والکتب 
المهمةء التى قامت بتوصيف سعى المسرح التجريبى 
المعاصر إلى جاوز تلك الخطية التى يتسم بها النص 
الدرامى وما يلازمه من سيادة وهيمنة للمؤلف » فضلاً 


عن محاولة هذا المسرح تطعيم العرض الذرامى 
بالدينامية والحدثية ۷۵۸-5 اللتين نظرت لهما 
العلوم الحديفة ٠‏ . وهذه الأفكار ذاتها أصبحت تشغل 
اهتماماً كبيراً فى الخطاب النقدى المعاصرء وذلك 
بفضل مجموعة كبيرة من النظريات؛ مثل مابعد البنيوية 
ونظرية الخطاب والنظرية النسوية ؛ والتحليل النفسى 
كماطرحه لاكان 1.220 والنظرية الثقافية لديليوزء2 
leuze‏ وجاتارى 002/371 ؛ وتقوم هذه النظريات جميعا 
فى جوهرها على الاستخدام الواعى لمفهوم الأدائية 


. Performativity 


على الرغم من الفائدة التى عادت على الممارسة 
والنقد المسرحيين من هذه النظريات جميعاً » ومعها 
نظرية الكم بتصورها للواقع » فإننا جد أنفسنا بحاجة إلى 
أخذ ما قاله فنباوم فی الاعتبار ؛ بخصوص نظرية الكم, 
عند النظر فى إسهامات هذه النظريات فى مجال المسرح. 
ولعلنا نلحظ أن جهرد عدد من أبرز نقاد عصرنا مثل 
فرانك لینتریشیا 101۳1۵ و کریستوفر نوریس۱0۳5( 
وتيرى إيجلتون قد تركزت فى محاولة الإجابة عن 
التساؤل الذى طرحه فينباوم » وهو: ماذا يحدث للنظرية 
عندما تخرج من حیز الخطاب الا کادیمی لتندمج بخبرتنا 
اليومية بالعالم وفى العالم (دإن الخطيئة الكبرى للمثقف 
- كما يقول تريلينج 8 هى أنه لا يختبر أبداً 
أفكاره فى ضوء ما يمكن أن تعنیه لوجاز هو عملیاً فی 
الخبرة ذاتها التى يطرحهاه) . 

هذا الإشكال نفسه يبرز أمامنا فى الممارسة والنقد 
المسرحيين » فعند فحصنا أعمال فنانين مسرحيين مثل 
ریتشار فورمان وروبرت ویلسون وغیرهم ۰ وتخلیل الكيفية 
التى يتناول بها هؤلاء الأشكال والمصيغ غير المحددة 
الدلالة من خلال التقنيات البصرية واللفظية والسمعية 
والإيمائية؛ علينا أيضا فى الوقت ذاته أن نتساءل حول 
الكيفية التى يواجه بها هولاء الفنانون المالم » والكيفية 


مایکل فاندین هوفیل 


التى يستخدمون بها المسرح لمساعدة المتفرجين على أن 
. بكلمات أخرى ١‏ إذا كان كعاب المسرح وقتائرة 
يقدمون للمتفرج رؤية كمية للواقع تقوم على التحول 
والتنافض » فكيف يمكن لهم مساعدة هذا المتفرج على 
العودة إلى العالم الفعلى الذى يتسم بقدر من الثبات وقد 
تغيرت رؤيته لهذا العالم. 

وفی (طار تعمیق استخدام المنظومات العلمية فى 
مجال المسرحء أرى أنه بالإضافة إلى الدماذج النظرية 
التى تطرحها نظرية (الكم) , فإن نظرية الكيوتيكا يمكن 
أن تطبق تطبيقاً يتداسب وبعض أشكال المسرح البديل 
المعاصر» وعلى وجه الخصوص تلك الأعمال المسرحية 
التى تسعى إلى توظيف علم السياسة الثقافى بشكل له 
دلالته. فضلاً عن ذلك؛ أحسب أن الاهتمام الواعى 
والدؤوب بنماذج الواقع التى تطرحها نظرية الكيوتيكاء 
يمكن أن يسهم فى إيجاد حلول للإشكالات التى أشار 
إليها النقاد فيما يتعلق ببعض أشكال المسرح التجريبى: 
ومن بين هذه الإشكالات تركيز المسرح التجريبى - فى 
بعض أنماطه ‏ على الشكلانية الخالصة» وافتقاره إلى 
المحتوى الدال؛ هذا فضلا عن افتقاره إلى 
التاريخانية .a politicality qld êيؤرلا a historicism‏ 


العرض المسرحى واللاخطية: 

دخلت تطبیقات نظرية الكيوتيكا مثلها مثل 
تطبيقات نظرية الكم ‏ إلى الخطاب المسرحى فى إطار 
مفهوم والعرض؛ 6ءمةدصم عم الذى لم يعد ينظر إليه 
باعتباره تالياً فى المرتبة للنص الدرامى » ولکن باعتباره 
سكلا مستقلاً من أشكال التعبير الفنى. وحديثاً أصبح 
مفهوم «الادائية) 067108111011 يستخدم فى نظريات 
ما بعد الحداثة؛ باعتباره معيارا للكيفية التى يجب أن 
تنظم وتنتج بها المعرفة + كيه وت ی 
أيضاً فى نظريات مابعد البنيوية للتعبير عن أداة تفكيك 


۹٩ 





النصوص التى تسم بمركزية الكلمة عمنمءءمعما؛ 
وكذلك تفكيك مسلمات الواقعية الكلاسيكية 
والشيولوجيا الوضعية التى تعضدها مثل هذه 
التضوض . 
دائما ما تطرح نظرية العرض الحديثة هذه الشابهة 
بين استبعاد التصور النيوتونى (نسبة إلى إسحق نيوتن) 
للكون باستاتيكيته بواسطة الرياضيات الحديثة وفلسفة 
اللغة والعلوم الجديدة من جهة ٠‏ وعملية الاستبعاد التى 
تعرض لها النص الكلاسيكى الدرامى ببنيته الجامدة 
وامحددة من قبل التقنيات التعبيرية للعرض المسرحى بما 
تنطوى عليه من تعددية ولانهائية من جهة أخرى. 
ونتراوح هذه التقنیات بین الارتجال واستخدام الارداف 
8 ۲ والمارسات التفكيكية » کذلك استخدام 
الاستراتیجیات الا خراجية ذات الطابع التفاعلی. ویعزز من 
فاعلية هذه التقنیات حضور اللاتعین 1۳3616711000۷ 
واللائیقن. فی راقع الأمره فإن الكثير بما نطلق عليه ما 
بعد حدائى فى المسرح يقوم على التطبيقات اختلفة التی 
يطرحها مفهوم العرض» باعتباره أداة لتقويض الحتمية 
التى يتسم بها النص الدرامى التقليدى. 


وهكذاء لمجد أن المسرح التجريبى المعاصر تشريه 
مجموعة من الفنائين والمنظرين الذين استبصروا محدودية 
البنية الأدبية التقليدية لفن الدراما » وأدى هذا بهم إلى 
يجاوز مفهوم النص إلى مفهوم العرض . ومثلها مثل 
نظريتى الككم والكيونيكةه حاولت النظريات والمارسات 
المسرحية التى تتأسس على مفهوم العرض تقویض 
الأساس الإبستيمولوجى الذى يقوم عليه كل من الفكر 
والدراما الغربيين منذ أرسطو. يشبه مفهوم العرض نظريتى 
الكم والكيوتيكا فى تأكيده مفهرم اللاخطية -6ما! - ممه 
۷ الذی يعنى عدم إمكان تقديم حلول محددة 
للإشكالات امختلفة: وذلك لصموبة التعامل مع المدائل 
الختلفة بشکل یقوم على الشبات . ويتجلى مفهوم 
اللاخطية فى استبعاد العرض للسرد القائم على السببية 





واللغة المترابطة والبناء المحددء وفى استبعاده مبداً الحضو 
المطلق للممثل على الخشبة. 


تركز كل من نظرية الكم والكيوتيكا على التعددية 
والثراء اللذین تتسم بهما الأشكال والصيغ غير الخطية؛ 
وهو التركيز ذاته الذی ده لدی فنانی السرح 
المعاصرين الذين يسعون إلى صياغة عروضهم ليس على 
مبدأ الشكل العضوى (وهو مبدأً أرسطى»؛ ولكنهم 
يشكلون هذه العروض باعتبارها كليات غير مكتملة تقرم 
على البنى اللاتراكمية للأحداث والسيميوطيقيا الإيمائية 
غير المترابطة التى ينسم بها الرقص الحديث؛ والأشكال 
الاردافية 027900000 التی یتسم بها الشعر الحديث 
والفنون البصرية. مجمل القول» إن مفهوم العرض - 
تماما مثل نظریتی الکم والکیوتیکا - يسعى إلى بلورة 
رژية للحیاة تسم بالتعددية والاحتمالية ولتعشید 
واللاتعين. 

وكما رأيناء فقد كانت هذه الحقبة التى ازدهرت 
فيها التفكيكية بمثابة السياق الذى شجع على ظهور 
الأشكال المسرحية غير الأرسطية . برغم ذلك » فقد كان 
لاساءة الفهم الذى شاب بعض الأفكار ا منعلقة 
بالتفكيك ونظرية الكيوتيكا تأثيره الكبير؛ إذ أدى ذلك 
فى بعض الأحيان إلى احتفاء بعض التیارات السرحية 
بمبدأ اللاتعين لإعههتصمعاء100 فى حد ذاته. 

وهكذاء وجدنا فنائين يعلنون فى أعمالهم أن 
«اللامعنى؛ هو المعنى الأعظم ؛ يدنعهم فى ذلك 
فهمهم الخاص لتصورات ما بعد البنيوية إزاء اللنة» 
وفهمهم للواقع الكمى . ومن قم » فقد أعلت جل 
الأعمال الفنية التى برزت فى هذا الإطار من شأن 
الصدفة واللانظام باعتبارهما المبدأين اللذين يحكمان 
الطبيعة والثقافة بعد الحدائية. كما وجدنا أيضا فنانين قد 
روا تخرراً تاماً من القيود التقليدية للدراما الأدبية؛ 
ومنحوا أنفسهم حرية الحركة جيقة وذهاباً فى النص 


- المسرح التجريبى ومفهوم اللا تخدد 


الدرامى» ما أدى بهم إلى دفن ال مؤلف (على حد تعبير 
بارت) وتفكيك الخشبة المسرحية ؛ وهؤلاء الفنانين بدا 
لهم على حد قول فيلسوف العلم ميشيل سير 
Serres‏ ۸/0۲0 - «أن اللانظام له الأسبقية على النظام » 
واللانظام وحده هو الحقیقی) . 

رکما ذکرت من قبل » فقد کان کل ما رآه 
المشتغلون بالعلوم الإنسانية فى فيزيقا الكم هر مبدأى 
اللاتعين واللانتحقق. وعلى المنوال نفسه انه المؤيدون 
الأرئل للتفكيكية - ومن أبرزهم مدرسة «يبل) بأمريكا - 
إلى الاحتفاء بالتعددية النصية ومبدأ اللاتعين » وذلك 
على حساب اهتمامات اجتماعية آکبر. ولذلك » مجد أن 
التفكيكية فى صورتها الأكاديمية الشائعة لا تخرج عن 
كونها حجزيئا للدوال 1:5/أمعأ5 بغرض استجلاء اللانظام 
واللاثبات اللذين يحكمان علامات اللغة والخطاب 
بشکل عام. 

وفی مجال السرح » كانت رؤى الواقع المتأئرة بنظرية 
الكم والامجاهات بعد البنيوية؛ باعثاً على ظهور نمط من 
العروض المسرحية التى هدفت إلى تفكيك مفاهيم 
الحضرر واللغة وأنظمة دالة أخسرى؛ وذلك بغرض 
الاحتفاء بتهافت السيبية والعقلانية والمرجعية وم ركزية 
الكلمة #«تكتتاةء06ع10؛ وفى هذا السياق يستحضر ذهن 
المرء أمثلة لعروض مسرحية لها هذا الطابع » مشل 
الأعمال البکرة لروبرت ویلسون » التى سعت إلى 
تفكيك اللغة؛ ومسرحیات ریتشا شارد فورمان التی اندرجت 
خت اسم السرح الأنطولوجى الهستیری- »0000۵1 


«Hysteric Theatre 


3 الكيوتيكا ورؤاها المغايرة: 

يمكن القول بأن فنانى الممسرح الذين ارتكنوا إلى 
مفهوم المرض بشكله القائم على اللاتعين المطلق » 
يتجاهلون حقيقة أن اللاتعين واللا تخدد لا يمثلان إلا 
جانبا واحدا من اْنظومة النظرية لنظرية الکم. 


۷ 


مايكل قاندين هوقيل 


ومن ثمء يمكن القول بأن نظرية الكم بشكلها 
المتطرف الذى يركز على اللاتعين - وهو التوجه نفسه 
الذی تتسم به معظم العروض التجريبية السرحية - 
لانتسق وکل من التفكيكية (بدکلها الحقیقی والکامل) 
ونظرية الکیرتیکا, ففی هاتین النظریتین یعبر مفهوم 
اللا تحدد عن تلك المنطقة الرمادية الواقعة بين النظام 
واللانظام » الحضور والغياب .إن مفهوم اللا تخدد فى 
ضوء التفكيكية والكيوتيكا يحمل فى طياته إمكان 
حضور المبادئ المتضادة والمتقابلة فى نسق واحدء يقوم 
على التكامل وليس الاستبعاد والنفى. 

يتم التركيز فى نظرية الكيوتيكا ‏ والأمر ذاته يجده 
نی التطبيقات التفكيكية عند ديريدا ‏ على خليل الآثار 
الى خدثها ظاهرة «اللاتعين» داخل الأنساق الكبيرة 
التی تتسم بقدر ما من النظام . وقد كان غرض ديريدا 
الصريح ف مشروعه هو امداد الاحرین بمجموعة 
الأدوات القرائية التى تسمح بكشف النقاب عن 
الإيديولوجيا أى استجلاء 0000(:16۷172 العملية التى 
تکتسب من خلالها البنی اللغوية غير الثابتة إيهامية 
الحضور . ومن ثم» يمكن القول بأن الهدف الذى ترمى 
إليه الدراسة التفكيكية دائما هو إظهار الكيفية التى 
يمكن للغة من خلالها أن تكون غائبة (أى الاكتمال 
والقدرة علی |ظهار العنی والنظام بصفة عامة) . 


وبشکل مشابه »تمیز نظرية «الکیوتیکا» نفسها عن 
نظرية الكم» وذلك بطرحها تصوراً مخایرا لفاهیم مثل 
اللانظام واللاخدد. تسحث »الکبوتیکاه مجموعة 
العملیات التی یمکن من خلالها أن تخلق الأنظمة التى 
النظام . 


وفى ضوء هذا التوجه لنظرية الكيوتيكاء ينظر إلى 
«اللانظام؛ باععباره مؤديا إلى النظام وشريكاً له وليس 
نقيضاً. ونظرية الكيوتيكا ‏ كما عرضها بشكل واف 


oA 





عالم الكيمياء الحائز على جائزة نويل إيليا بريجوجين” 
1ya Prigogine‏ - ترى أن الأتنظمة الغنية بالطاقة 
المتاحة Î) entropy - rich systems‏ تلك الأنظمة الى 
تفتقر إلى النظام والتوازن» هى تلك الأنظمة التى تساعد 
علی» ولا تموق ؛ إيجاد حالة من التطور فى مجاه أنظمة 
أخرى فرعية تتسم بدرجة عالية من التنظيم الذاتى ومن 
الغنى بالمعلومات . يمكن القولء إذن » إن نظرية 
الكيوتيكا - بهذه الصورة - ترى فى العلاقة بين النظام 
واللانظام تفاعلاً خصباً وثرياً» أكثر مما ترى تضاداً ثنائياً 
یقوم على التراتب » ويجعل من اللانظام ذلك الاخر 
الذی ینفی ویستبعد النظام. 

وفی ضوء هذا التصور الذی تطرحه «الکیوتیکا؛ ؛ 
لايصبح مفهوم «اللا تحددة هو الأساس المطلق لرؤية 
الراقع» ومن هذا المنطلق لا بصلح سفهوم «اللامخدد؛ 
وحده لأن يكرن أساساً لأى نشاط |بستمولوچی و 
اجتماعی أو مسرحی. وهذه النظرة الشوازنة تنفی أية 
سيادة أحادية لأى من مفهرمى النظام واللانظام» وهذا ما 
یوضحه عالم الانثروبولوچیا [دجار مورین ۲/0۲0 ۳۵۵07 


بق له : 
بقو! 


«ليس الأمر مجرد إعلاء لمفهرم «النظامة على 
مفهوم الا العكسء فلا تكفى 
الحتمية وحدها أو الصدفة وحدها لتكرين 
صورة كلية ‏ إنما الرؤية الصحيحة نكتمل 
بوجودد النظام واللانظام؛ الصدفة 
والضرورةه *. 
ومثلهم مثل ديريدا ؛ یهدف علماء «الکیوتیکا» إلى 
دراسة العلاقات التفاعلية الحادثة بين هذه الأضداد كما 
یهدفون أيضاً إلى استخلاص الكيفية التى يتمخض بها 
اللانظام عن نظام . 
وهكذاء يمد تصورات علمية وفلسفية عدة تنفى 
سيادة وأسبقية مفهوم النظام بشكله المثالى والحتمى فى 


ااا سصسسسسس سس المسر التجريى ومفهوم اللاتحدد 


رؤيتنا للواقع. وفى الوقت ذاتهء فإن التصورات العلمية 
التى عرضت لها فيما سبق لا جعل مفهوم اللانظام 
مطلقا . وفی القسم التالی؛ ساعرض مثالا لنموذج 
مسرحى سعى إلى تمثل واستدخال أطروحات الكيوتيكا؛ 
وقد جاوز هذا النموذج المسرحى استخدام مفهوم 
اللاغدد بشکله الطلق» فى محاولة منه للكشف عن 
العلاقة الدينامية بين 0 واللانظام؛ تلك العلاقة التى 
تسمح بوجود خطابات سيادية تقابلها أخرى مغايرة 
ومباینة. 


نظرية الكيوتيكا والعرض المسرحى 
«مدرسة نایات» (56۲00 ۵ رد۱۷ : 

أود فى هذا الحيز أن أعرض مشالاً لنموذج من 
السرح السجریبی المعاصرء وهو مشال يستجلى نلك 
الديدامية الإبداعية بين النظام واللانظام » التى 
استعرضناها فى إطار نظرية الكيوتيكا؛ وسأعرض هنا 
للمميزات التى تتسم بها تلك الصيغة المسرحية التى 
تمزج بين الاستراتيجيات النصية (التى تتم بالنظام 
والخطية) والاسترانيجيات الأدائية (التى تتسم باللا تخدد 
واللاتشكل) ؛ وهى تلك المميزات التى تفرق هذه الصبغة 
المسرحية عن الدراما التقليدية من جهة» وتفرقها أيضا 
عن الأنماط المسرحية التى تنتهج «اللاتخدد» المطلق من 
جهة أخرى . وسأعتمد هنا على مجموعة العروض الى 
قدمتها فرقة «ووسترجروب» بنيويورك » وهی الفرقة التى 
تقودها إليزابيث ل وكرم Elizabeth Le Comple‏ « 
والتى أتجزت الكثير من الأعمال المسرحية التى استحقت 
عنها جائزة أوبى ةس ^ 00/6 عام ۰۱۹۹۱ 

وسأحصر تليلى أعمال هذه الفرقة فى العرض 
السرحی الذی قدمته عام ۱۹۷۸ حت اسم (مدرسة 
(Nayatt School lli‏ « وذلك باعتبار أنه عملهم الأول 
الذى يمزجود فيه بين نصوص ثقافية عدة (من بينها 
عمل درامى أدبى) وبنى أدائية مختلفة ؛ وذلك لخلق 


كل دينامى. وقبل هذا العمل كانت فسرقة 
«ووسترجروب؛ تميل إلى تقديم أعمال تقوم فقط على 
مفهوم الا داء والعرض» مثل ذلك العرض التجر 

الراقص الذى قدمته عام 9 بعنوان (Sak nnet‏ 
۳0۱80 ؛ ویعکس هذا العرض الأولوية والتركيز اللذين 
یوجهان إلى الصدفة واللاتعین واللانظام» رهی جمیماً 
مفاهیم سادت فى الممارسات الأولى للمسرح التجریی 
فى بدایاته » وهی تلك الفاهیم عينها التى استخلصها 
المسرحيون بشكل جزئى من التفكيكية ونظرية الكم. أما 
فی عرض (مدرسة نایات) ؛ فلم يكن مفهوم «اللانظام» 
وحده هو الذى استرعى انتباه «لوكومت»؛ لكنها ركزت 
اهعمامها على ذلك التطور المعقد الذى ينشأ نتيجة 


للتفاعل الدينامى الذى يحدث بين النظام واللانظام . فی 


الوقت ذاته» فإن هذا العرض كان العمل الأول لأعضاء 
هذه الفرقة الذين بدأوا يحدثون فيه نوعاً من التلاقی 


المقصود ب بين الكيوتيكا والسياسة . 


ينقسم عرض (مدرمة نايات) إلى ستة أجزاء؛ 
يعطى كل منها عنواناً واحداً هو «تخص النص 
>Ji «Examination of the text‏ هنا أن العناوين 
الفرعية لهذه الأجزاء تعطى إيحاء بالتحليل الموضرعى 
والوضعى للمسرحية . رغم ذلك » فإن هذا العرض؛ فى 
واقع الأمرء يعمل على تفكيك هذا الإحساس باليقين 
الموضوعى والانغلاق اللذين توحى بهما تعبيرات مثل 
فحص وانص» » وحتى تعبير ۱مدرسة؟ الذى يتضمنه 
العنوان الرئيسى . 

قد يوحى التشكيل الإخراجى للعرض منذ البداية 
بفضاء نیوتونی ۷۱۵0180 قیاسی؛ إذ مد امامنا بیتا 
صغيراً يوجد أعلى ب یمین السرح» ویوجد أمامه منضدة 
محاضرة؛ الا آن هذا الایحاء بوجود فضاء خطى وحتمى 
تماماً لیس الا مجرد حيلة, مثله فى ذلك مثل كل 
مكونات العرض الأخرى . إن البيت الصغير يتموضع فى 
منظور معاکس للجمهور ؛ وهو بهذا الوضع يؤثر على 


۹۹ 


مايكل فاندين هوقيل 


الفضاء السرحی؛ فیضفی علیه الحرکة. کدلك تجد 
منضدة احاضرة » وهی تتموضع بزاوية مائلة حادة على 
الخشبة » وذلك بدلاً من مواجهة التفرج بشکل مباشر. 
آخیرآ, مد التفرجین وقد جلسوا فی قاعة مشاهدة تمیل 
بانحدار إلى الخلفء بينما تجد الفعل الدرامى يدور فى 
مستوى ينخفض عن المستوى الأرضى. 

ومثل هذا الترتيب يؤكد لنا أن الفعل الدرامى الذى 
پدور بین النضدة والجمهور لن يرى دائماً بشكل واضح 
تماماً وكما يحدث فى أى نظام غير خطى» فإنه يصعب 
تقديم توقعات أو تقديرات بشكل حتمى تماماً. على 
النقيض من الدراما التقليدية التى تقوم على ذلك المفهوم 
«الهيومانى؛ humanistic‏ القائل بأن «جمال الاشیاء لا 
يوجد إلا بمعرفتنا بهذه الأشياء؛؛ فإن هذا العرض فى 
جانب منه يسقى غير خطى؛ ويظل بعيداً عن السيطرة 
الكاملة للمتفرج . 

بالإضافة إلى تغيير إحساس الجمهومر بالمنظور 
الموضوعىء فشكل الفضاء المستخدم هنا يغاير أيضاً توقعنا 
للنسب والزوايا التى مجدها فى الخشبة المسرحية 
النموذجية . من جهة أخرى » فإن الجسهور فى عرض 
(مدرسة نایات) يتطلع إلى العرض من أعلى؛ ولايتلقاه 
من خلال المستوى البصری الذی ده فی قاعة المشاهدة 


التقليدية . 
تذويب سلطة المؤلف: 


يتركزفمل اللاتحدد فى هذا العرض فى الكيفية التى 
بها تناول النص الدرامى وفحصه؛ فالنص الدرامى القبلى 
:لها - 206 الذى يخضع للتناول هنا هو مسرحية ت.س 
إليوت (حفل الكوكتيل 2229 00۵12 186) ؛ ويعد 
هذا النص مثالا جيداً يعرض لفكرة الحضور الكامل 
للمؤلف الذى يتجاوز فى هذا النص التناقض والمغايرة 
ليطرح تصوره عن الخلاص الثقافى والروحى. وفى هذا 
العرضء تقدم فرقة «ووستر جروب» استراتيجيات ادائية 





مختلفة ؛ تقوم على اللانظام والتفکیك» وهی بذلك 
تقابل ما يطرحه إليوت من نظام فى خخطابه . فى الفحص 
الأول للنصء الذى يتحدث فيه مبولدینج jz Spalding‏ 
نفسه » يؤدى سبولدينج جراى مونولوجا يحاول فيه إرساء 
علاقة مع الجمهور من خلال حضور مسرحى يتراكم 
ص خلال استدعاء بعض الأحداث فى مسرحية إليوت 
العروفة لدى الجمهور. 

يعد الحضور عنصراً مهما فى الدراما الأدبية 
التقليدية» وفيه يستغل الممثل كلمات المؤلف بدرجة ما 
من العاطفية ؛ وذلك ليستحث الجمهور على تقبله 
(وينطوى هذا على تقبل نص المؤلف) باعتباره يمثل 
رؤية حياتية للواقع. إلا أن هذا التوجه نحو تأسيس نظام 
ومرجعية ثابتة خارج مسرحية إليوت؛ ليس إلا مجرد 
حيلة؛ قفى الفحص الثانى للنص الذى يلعب فيه جراى 
دور الطبيب ويقدم لنا امرأة تلعب دور «سیلیا) celia‏ ثم 
بقومان معاً بفراءة النص, يتغير موقف جرای؛ فهو الآن 
يوجد داخل إطار نص مسرحية إلبوت ؛ إذ يقوم بأداء دور 
«سیر هنری ها رکورت رایلی» احلل النفسى» الذى 
یسعی الی مساعدة الشخصیات الأخری وشفائها من 
الاضطرابات العديدة وحالات اللانظام التى تعتريهاء 
وذلك من خلال تقدیم علاجه الذى يقوم على إنكار 
الجسد ورجاء الروح. وبدلاً من الوجود خارج النص 
بشکل موضوعی, فجرای - فى هذه الحالة - يدخل إلى 
نسق النص باعتباره نظاماً فرعياً Sub - System‏ « يمكن 
أن يتأثر بحالة اللانظام التى يستحضرها العرض إلى نص 
مسرحية |لیوت. 

ومثل الشخصية احورية فی السرحية » فالنص 
الدرامى لمسرحية إليوت يتم تناوله بحیث لا یختفی وراء 
حضور الممثل من جهة ؛ وبحيث لا ينظر إليه باعتباره 
مصدراً للسلطة المطلقة من جهة أخرى. وهكذا » يقوم 
كل من ججسراى وجوان جونز(التى تؤدى شخصية 
«سيلياه) بقراءة فقرات من النصء إلا أنهما فى 





تقديمهما أدوارهما لا يفعلان ذلك بعاطفية شذيدة أو 
بموضوعية مغالية. إنما تقدم هذه القراءة بشكل رتيب 
دونما وجود سياق من الحركة المسرحية أو الإضاءة أو 
الصوت . وفضلا عن ذلك» فإن نص مسرحية إليوت 
جراى وجران (المؤديان) يقاطع أحدهما الآخر كثيراً 
للتعليق على أو نقد قراءة كل منهما للنصء وأحياناً 
يشيران إلى وجود فجوات فى النص ؛ ففى لحظة ما 
يقول جراى لجوان : «أظن أنك نسيت فقرة ما! فترد 
عليه قائلة : «ليست هذه الفقرة فى النص الذى بیدی» ؛ 
والعنی الراد توصیله هنا هو آن نص (حفل الک وکتیل)؛ 
علی الرغم من اتسامه بالنظام من وجهة النظر الميانية 
والسطحية ؛ ینطوی على فجوات نصية تخلق إمكان 
إحداث حالة من المغايرة والحركة. 


لحظة أخرى يحدث فيها هذا التقابل بين نص إليوت 
والعرض » مجدها عندما يصل جراى إلى تلك الفقرة 
المهمة التى يتحدث فيها «رايلى؛ عن اختيار طريق 
الخلاص؛ وهنا يؤدى جراى هذه الفقرة فى صورة 
محاضرة ذات نبرة عالية» لتأكيد حقيقة أن ما يقدمه 
رايلى هو الطريق الحقيقى الأرحد؛ بل إننا جد جراى 
أحيانا يستوقف نص إليوت لتوضيح ما يغمض؛ وذلك 
لنفى كل شك فيما يقول . إلا أننا أنناء استماعنا 
محاضرته» تبرز من خلفية السرح موسیقی دیسکو 
صاخبة توشك علی العشویش الکامل علی احاضرة » 
وهذا ما یجعل جرای یژدی جملة رایلی الأخيرة التى 
یقول فیها «اذهبی فی سلام یا ابنتی »> تممی خلاصك 
باجتهاد» بصوت عال . وهنا بامکاننا أن نرى مثالا لتلك 
المناوأة التى متحدث 07 السيادة النصية لنص إليوت وحالة 
اللاخدد واللانظام التى يحدثها العرض» وذلك بغرض 
السقلیل من النظام و الحضور الطلق الذی یوحی به 
التص . 


السرح التجرییی ومفهوم اللا تخدد 


یلعب جُرای فی الجزء الثالث دور طبیب آخر (ولکنه 
مجنون بشکل میلودرامی) یتحکم فی مربض مسکین. 
يمثل الأطباء - حصوصا احللین النفسیین - بالنسبة الی 
لوكومت ۶ مآ رمزا لتحدى السلطة ؛ إذ بامکانهم 
القضاء على حالات اللانظام واللاعادية . إلا أننا فى هذا 
الشهد » عندما یقوم جرای بفحص مریضه نسمع فى 
حلفية السرح تسجیلاً حاضرة طبية بعنوان «معرفة 
سرطان الثدی وفحصه؟» وفی الوقت ذانه یمرض علی 
الحائط الخلفی شریط فیدیو یظهر تطور الرض. 
وفی آثناء التکاثر التسارع للخلایا السرطانية » یعلق 
الصوت القادم من خلف السرح بشکل ساخر قائلا: 
«يرى بعض علماء الطب أن السرطان يبدو 
كأنه یمثل نوعاً من الفوضى» فهذه الخلايا 
تجرى وتنتشر فى الجسد بشكل متوحش. 
وهنا يجد العلم نفسه فى مأزق». 
والصورة المراد نقلها هنا من خلال تفكيك نص 
إليوت » ومن خلال شخصيات الأطباء بالذات فى هذا 
النص» أننا بإمكاننا أن جد اللاتوازن واللا تخدد حتى فى 
أكثر النظم انتظاماً. وكما رأينا فى التفكيكية: فان کل 
مفهوم (كما فى حالة مفهوم «الحديث؛» «اعممم5 عند 
ديريدا» يوضع فى مقابله مفهوم آخر مضاد يفقده 
حضوره الطلق. 
ومکذا » جد أن من يمثلون «النظام» فى عرض 
سيماء اللانظام. إن كل الأنظمة التى تمثل النظام » فى 
المسرحية» تقدم باعتبارها خخطابات لها قوتهاء تهدف إلى 
خجیم وجهات النظر البديلة واللغات المغايرة وأنماط 
الوجود الخالقة. ومن هذا المنظور » فان کل عناصر 
العرض التى تمثل أو ترمز إلى اللانظام (مثل الخلايا 
السرطانية) » توظف بحیث تعمل بوصفها عناصر مناوئة 
لهذه الخطابات . 


11 


مایکل فاندین هثل لاوا اا ي 


وهذا التقابل بين النظام واللانظام » تجده فى أكثر 
صوره وضوحاً فى نهاية المسرحية؛ إذ تخد على الخشبة 
أطفالاً صغارا 0 شفاههم بينما نسمع قراءات 
لمقاطع من نص إليوت . وبيدما يقوم هؤلاء الأطفال بإلقاء 
مقاطع من مشهد موت سيليا صلب ؛ یحملهم جرای 
لأعلى» » ريما ليوحى بالكيفية التى ستتأثر بها الأجيال 
الشالية بمواعظ الدکتور رایلی» وعملية سرد قصة 
استشهاد «سیلیاه کثیرا ما نقاطمها موسیقی الدیسکو» ثم 


بعد ذلك يحدث انفجار على الخشبة؛ وبعدها جد شاباً 


وفتاة يتراقصان بينما يتوه الأطفال ويصرخون » ثم نسمع 
بعد ذلك صوتاً لطلقات نار 

وبعدما يحكى لنا جراى (الذى يؤدى دور رايلى) 
كيف أعد سيليا وهيأها لملاقاة الوت » تستشری حالة 
من اللانظام على الخشبة . إننا تجد الأطفال رهم 
يزحفون علی أرضية الخشبة؛ كما يهرع اثنان من 
المؤدين - وهما عريانان تقرياً - على لوح من الخشب» 
کل ها پینما بجملس جرای ساکنا بجر البيت 
الصفیر. 


خلق ديناميكية اللاتحدد: 

على الرغم من الفوضى التى تعترى المشهد الأخير» 
فهذا لايعنى أن العرض هنا يعطى الأولوية للانظام على 
النظام الذى يطرحه نص إليوت» فقبل تفكيك نص 
إليوت سن خلال الاستراتيجيات الأدائية» يقدم لا العرض 
في البداية أجزاء من نص (حفل الکوکسیل)؛ وهذه 
الأجزاء ھی ماتمنح الجمهور إحساباً بالنظام» » وذلك 
قبل تركه فى خضم الموسيقى والرقص وحالة اللانظام 
التى تسود العرض بعد ذلك. 

وبدلاً من إبراز اللاتوازن فى نص إليرت» رالاحتفاء 
بتقويض هذا النص» فإن عرض (مدرسة نايات) يفكك 
بنيات النص وف منطقه من الداخل؛ وتعمل عملية 
التفكيك تلك على الكشف عن التناقضات والاحتمالية 


1Y 


الكامنة فى مجموعة الخطابات التى تعمل داخا 
المسرحبة. ومن خلال ذلك تستجلى هذه الفرقة المسرحية 
حقيقة واقعة؛ مفادها أنه على الرغم من الانتظام والتوازت 
اللذين يبدوان ظاهرياً فى أى نظام على مستوی معین» 
فإن هذا النظام يحمل فى طيانه ‏ من زاوية ما الكثير 
من اللاانتظام» كمايحمل بذور تفكيكه وغيابه. ومن 
خلال عملية عزل النص عن انساقه وحضوره» أمكن 
للعرض أن يكشف عن اللانظام الكامن فى النص» 
وذلك باستثناء بعض الخطابات السيادية التى تعبر عن 
النظام » مثل الخطاب الروحی لرایلی» والسيادة الوضوعية 
التى يمارسها الأطلباء على مرضاهم» وما إلى ذلك. 
ولا أرى أن الفرقة فى هذا العسرض تقدم طرحاً 
استانيكياً لمفهوم اللاتحدد؛ ولكن اتساقاً مع مفهوم 
بریجوجین ن 0«زومع۳۳ عن «اللادده باعتبار عاملاً 
بدفع إلى تطور الأشكال والصيغ إلى صيغ کدی افش 
تعقيداً فإن الفرقة فى هذا العرض تخلق نوعاً من 
ديناميكا اللا متمدد. إن نفكيك نص إليوت والكشف عن 
خطاباته فى هذا العرض لايعنيان تقوبض النص تمامأء 
إنما مايحدث هنا هو استحضار النسق المنتظم الذى يعبر 
عنه نص (حفل الكوكتيل) فى مقابل «اللاتخدد؛ الذى 
بحدثه العرض المسرحى. ومن خلال ذلك أمكن للفرقة 
استخدام خطاب إليوت لخلق بنية حوارية جديدة تماما 
هى عرض (مدرسة نايات) الذى يتميز عن مسرحية 
إلبوت بتعقيده وتشابكه الشديدين. 
ومن خلال هذه العملية التفاعلية بين استراتيجيات 
0 من النص والعرض » يمكن تقويض هذا التضاد 
ئی بین النظام م واللانظام» النبات والمغايرة» وهو تضاد 
0 دائما فى صالح الطرف الأول. ومن ثم فبدلاً من 
النظر إلى الشقافة الأمريكية باعتبارها ثقافة سيادية فى 
الأساس مع وجود بعض الخطابات الهامشية المغايرة» 
يمكن لنا خلق استعارة أكثر ثراء وتعقيدا تقوم (كما 
رأينا فى عرض «مدرسة نايات٠)‏ على الجمع بين النظام 





واللانظام؛ فى ععملية دينامية متكاملة تتسم بالتحول 
والتغير الدائم. 

ومن خلال هذه الرؤية» تشحول النظرة إلى اللانظام 
والمغايرة؛ من مجرد صورة تعبر عن الفوضى إلى ضرورة 
أساسية فى عملية التحول إلى أنظمة خصبة ومعقدة: 
تلك الأنظمة التى تعيد تشكيل ذواتها بشكل دائب 
يخضع للمراجعة المسعمرة؛ والتفاعل والحوار الدينامى 
بين مراكز النظام القائمة وأشكال المغايرة. وهذا التجميع 
لمنظومة العوالم امختلفة فی حالة من الدوران - علی حد 
تعبیر بارت فى رژیته للشعر - یقترب بنا ما قاله نیتشه عن 
الآفاق التى يمكن أن تقتحمها القدرة الإنسانية لتغيير 
الواقع الاجتماعی والسياسى. 


الهوامش. 


انظر 
(۲) انظر 
(۳) اقنباس عن مايكل فينباوم فى كتاب 
(4) اظر 


السرح التجرییی ومفهرم اللاغدد 


تعمیز الثقافة الأمريكية ‏ لدی فرفة «ووسترجروب؟ - 
بذلك التفاعل الخصب بین نسفی النظام واللاعحدد. 
وهذه الرؤية لهذه الفرقة هى ما تجعلها جاوز الطابع 
اللاتاريخى» الفتقر إلى الرؤية السياسية؛ لدى بعض 
الأنماط المسرحية التى تتأسس على طروحات نظرية . 
الكم. إن فرقة «ووستر جروب» من خلال هذا العرض 
تكشف لنا حقيقة أن الثقافة الأمريكية ‏ مثلها مثل أى 
نظام يقوم على مفهوم اللا تخدد ‏ تتأسس على ذلك 
التفاعل والتداخل بين أنساق النبات واللاثبات» النظام 
واللانظام؛ السيادة والمغايرة ‏ وهر ذلك التفاعل الذى 


يؤدى إلى التطور وخخلق أنساق جديدة. 


Emest Gall, Nature Faking in the Humanities, Skeptical Inquiry, Xv (Sunumer, 1991) P. 371 - 5 
Gerald Graff, Literature against itself (Chicago: Universily of Chicago Press, 1979, p, 15. 
James Gleick Choos:the Making of a New Science (New york: Penguin Books, 1987), P. 185. 


N. Katherine Hayles, Orderly Disorder in Contemporary Literature and Science (lthaca. Cornell university Press , 1990) 


N. Katherine Hayles, ed., Chaos and Disorder: Complex Dynamics in Literature and Science (Chicago: Univ. of Chicago Press, 1991. 


(۵) انظر مجموعة الراجع الموجودة فى هامش 5 فى الأصل. 
(5) انظر: 


Edgar Morin, Beyond Determinism: the Dialogue of Order and Disorder: Sub - Stance, XL (1983). p. 25. 





۴ 


0 17 





الجر يب 


بين الكلاسيكية والحداثة 





منذ الوهلة الأولى» يبدو لمن يسأل عن ماهية التجريب 

فى المسرح» أن التجريب بحد ذاته فرصة للحديث عن 
السرح بشکل عام» » فیقول البعض بأنه مثلا «یحبذ 
التجريب لأنه جدیده» أو الأنه مدرسة جدیدة)» و لأنه 
یعسی کذاء وکذا. 

لكننا نتساءل» هنا: هل حقاً التجریب جدید ؟ 

هل التجریب مدرسة؟ 

أو طريقة جدیدة؟ 

إذا اعتبرنا ذلك صحيحاًء فإنتا نغالط أنفسناء فمنذ 
ابتداء السرح بشکل منظم؛ حمل فی جوهره هدف 
التجریب» فمن أسخيلوس ومعاصريه » مروراً بشكسبير» ثم 
ستانسلافسکی وبریخت» رمن تلاهم» لم یتوقف عنصر 
التجریب فى المسرح یوماً ماء وإلا لمات المسرح» ولم نر له 
حتی شاهداً یدل على رفاته. 


* ناقد سرحی» عضو الهيئة العالمية لنقاد المسرح؛ العراق. 


1٤ 


5 ع * 
ناروق آوهان 


ااا لاطا ااانا ااا ااا 


فبريخت الذى برز بعد الحرب العالمية الثانية» كان من 
انجربین العروفین؛ وکذلك آبباء وجريج؛ وألكسندر 
هیفشی» فهل کان هوّلاء غیر مجربین؟ ان الراسلات 
بين الانجلیزی جریج وألکسندر هیفشی» انحرج والنظر 
انجری» تکشف لا الکتیره خصوصاً زانهم إلى مجلة 
«القناع ۱04۸51 ؛ التی اعتنت بکل عمل جريبى؛ لهما 
أو لغيرهماء وهما العاصران لراینهارت؛ وستانسلافسکی 
وما حادثة سقوط دیکور مسرحية (هاملت) من تصمیم 
جریج واخراج ستانسلافسکی الا شاهد قوی علی معاناة 
السرحی العالی فی آطر التجریب التی تصیب مرة» 
وتخطئ مرات. ولقد كانت هذه النقاط محاور مؤتمرين 
عقدا فى موسکو؛ الأول فی خریف عام ۱۹۸۸ من قبل 
هيكة نقاد المسرح الروسية بالتعاون مع معهد «جيتس) ء 
بعنوان «مل مازال ستانسلانسکی معاصرا؟». وقد 
كش فت الأوراق اللقدمة فى هذا المؤتمر 
ستانسلافسكى معاصرء حاضر بينناء من خلال تلامذته 
والتأثرین به؛ سواء بشكل مباشرء أو غير مباشرء وأن 








التجارب لاتزال تنطلق بالأساس مما توصل هو إليه؛ تراه 
مجرباً من خلال معاصرينا حتى الأكثر طليعية. أما 
المؤتمر الشانى» فقد عقد فى ربيع عام 1945 فى 
موسكوء ونظمه المركز العالمى لستانسلافسكى»؛ وحضره 
أكثر من مائة وخمسين مشاركاء يمثلون العالم الغربى 
فى اللجنة العليا للمركز. وقد توصل الباحشون إلى أن 
ستانسلافسكى فنان المسرح العالمى الذى مازال يؤثر فى 
تجاربنا المسرحية» مهما ابتعدت أسلوباً» واختلفت منهجاء 
وسمت نفسها تسميات متنوعة. 

ومن جهة ثانية؛ نتساءل: هل كان شكسبير نفسه غير 
مجرب فى عصره هو الآخر؟ ففى أغلب أعماله التى 
ألفها جرب أن يستقى أحدائها من التاريخين 
«الإمجليزى؛ والعالمى): وعمل على وسائل جديدة فيها؛ 
إذ لا يمكننا مقارنة (الملك لير)ب (ماكبث) مغلا 
ولا(حلم ليلة صيف» ب (الليلة الشانية عشرة»» 
ولا(هاملت) ب (عطيل»؛ ولا (العاصفة) بغيرها. ولعل 
أبرز مثال واضح عن اختلافه عن معاصريه؛ ومحاولاته 
التجريب» هو تضمينه مسرحية (هاملت) مشهدا تمثيليا 
تقدمه فرقة هاوية. لقد قدم «شکسبیرا توجیهاته من 
خلال شخصية «هاملت» لمثلی الفرقة» وتمثلى عصره» 
فقدم میزات المثل الاهر. 
(الحلم) للسويدى أوجست سترندبرج؛ على سبيل 
المثال؛ عدت من المسرحيات التجريبية حتى بالنسبة إلى 
أعمال سترندبرج. أما الأمريكى يوجين أرنيل» فيمكننا 
أن نشیر مثلاً یی مسرحية (الاله الکبیر براون) ای تأتی 
على قمة أعماله التجريبية؛ والأمثلة عديدة. فهذا معاصرنا 
بيتر بروك يعمل لفترة تتجاوز العقد من السنوات 
للتجريب على إخراج الملحمة الهندية (المهابهاراتا» ؛ من 
خلال مجموعة ممثلين عالميين. ومنذ مرحلة الإعداد 
الاولی لهاء استعان بخبراء وعلماء هنود فى فلسفة 
ملحمة (الهابهاراتا)» وکانت نتائج ممریه تعریف أفواج 


التجريب بين الكلاسيكية والحدائة 


من الناس على أفكار هذه الملحمة وأبعادها. وقد قنام 
بروك قبلها بأعوام : وبالتحديد فى مطلع السبعينيات» 
بالتجريب على مسرحية (حلم ليلة صیف) من خلال 
فرقة مسرح شكسبير الملكية» ولم يجرؤ أحد بعده» حتى 
منتصف الثمانينيات؛ على الخوض فى مخربة إخراج هذه 
المسرحية ؛ لأن أي من امخرجين كان يحدوه هذا التساؤل: 
ماذا سيكون موقفه لولم يضف جديدا بعد بروك. أما 
ریب الروسی بوری لویموف؛ فقد طال الترائين 
الشعبی و الکلاسی الروسی؛ فقدم مسرحیات مثل (نا 
أحيا» ؛ و (بوريس جودانوف» و (الأم) لمكسيم جوركى» 
و(السيد ومارجريت) لبولجاكوف. 

وقد كان للمؤتمر الأول الذى عقد بلندن من قبل 
هيثة النقاد السرحیین الإنجليزية بالتماون مع مسرح 
برغ فیج: فی رییع عام ۰۱۹۸۸ حول تسمیة السرح 
العبثى ومدی فعالیته حتی الان؛ ردوده البحشية علی 
الأصعدة كافة» حصوصا أن أحد رموز المسرح العبشى 
كان من ضيوف ذلك المؤتمرء وهو يوجين يونسكو الذى 
تحدث طويلاً أمام جمهور من المسرحيين الشباب» 
واتخضرمین» وبین آنه لم یکن لیدور بباله أن ما يكتبه 
شئ من العبث؛ وإنما التجريب فى أشكال مسرحية 
خارج النمط السائد؛ فكرياًء وجمالياً. وذلك ما جعل 
الناقد السرحی التخصص بالسرح الطلیعی مارتن اسلن» 
يعترف بأن تسمية «مسرح العبث» التى أطلقها هو آنذاك 
لم تأت إلا بالصدفة. ورغم أن هذه العسمية حققت 
غرضها وقتهاء فإن مسرح یونسکو» وبیکیت» وأدموف» 
وشحادة» وجینیه» وألبی» وغيرهم» ليس إلا مسرحا طليعياً 
جريياً» ولا يزال. 

إن الأمثلة عن التجريب فى المسرح عالمياً كثيرة؛ من 
بريخت» وبيراندللو» إلى جروتوفسكى وشاينا البولنديين» 
وجورج لنجل وكازوميرو المعاصرين من هنجارياء حتى 
يوجين باربا الأتشروبولوجى» ومروراً بالأمربكيين روبرت 
أشلى الذى انطلق من مستشفيات العلاج النفسى» 


56 


رش ما ل لا ا ا ل 


وروبرت ولسون الباحث فى المسرح البيئى» حتى جماعة 
«ب» اليابائية ؛ جماعة الممثل ومين تاناكا» للتمثيل مع 
الطبيعة. صار لكل من هژلاء امجاه بعد مدة طويلة نتیجة 
لتجريب متدوع» وتلوعث الالتجاهاث التى يمكن أن نعدد 
هنا بعضها من أجل التذكير ليس إلاء مثل: «السرح 
الحی4؛ «مسرح الشارع»» «أوبرا الفضاءء «المقهى»» 
«السرح الأسوداء» و«مسرح اللاتیرنا ماجیکا الفقیر) » 
«مسرح القسوة) ؛ «مسرح الخبز والدمیة)» «مسرح 
الشمس»» «مسرح الأشروبولوجی»» «مسرح حديقة 
الحیوان»» ودالسرح الطلیعی» أو «العبشی» وغيرها. كلها 
تحاول الخروج بشكل أو بآخر من تحت عباءة النمط 
الأوروبى للمسرح الذى لايزال يحتوى كل التجارب منذ 
ساد» بل يفسدها فى أكثر الأحيان عندما لا يعى انجرب 
ضرورة اختيار الفضاء المناسب لمسرحيته التى تبحث عن 
خصوصية جديدة لها. وقد برزت من خلال هذه المسارح 
مارب وأسماء مسرحية» لم يكن لها تاريخ سابق على 
هذه التجارب. 


فى التجريب على التراث 
فى الملسرح العربسى 

إن البحث عن خصوصية للمسرح العربى جريبياًء 
لم تكن دعوة متعجلة غير مدروسة؛ وانما کانت دعوة 
قومية وطنية؛ يخدم المسرح من خلالها ترطين الثقافة 
العربية. وقد تبنى هذه الدعوة الباحثون والمجربون 
السرحیون العرب» لا لکی برفضوا نمط السرح الأورویی 
ويهملوه كلية؛ وإنما لکی یعبروا بالسرح العربی - من 
خلال ما توصل إليه هذا النمط المسرحى؛ وبوسائله - 
إلى أنماط عربية» وإسلامية؛ تلتصق بالجمهور العربى 
الذى يشميز بطبيعته الخاصة فى الاستقبال وذلك عن 
طريق حب المشاركة؛ والاحتفال. وقد عجزت وسائل 


أسلافنا فی ترویض عامة الجمهور العربی» لتقبل السرح . 


بالنمط الأوروبى. 


3 


وعموماء فإن التجريب فى المسرح العربى قد تأثر 
بمبدا التأثر بالتجريب الغربى فى الغالب. فمنذ أن قام 
مارون نقاش بتعريب مسرحية (البخيل) لموليير» تأثر الكثير 
من رواد المسرح العربى بأسلوبه المنقول أصلاً عن الغرب» 
كما تأثروا بالطرق الكوكلانية فى التمثيل. ظلت 
اتججاهات المسرح العربى حتى مطلع الستينيات دون افق 
واضح؛ سوى تطبيق قواعد تنفيذ النص المسرحى» 
بالوسائل الاحة. بل ان دور انضرج فسی زمن السرواد 
لم یکن واضحاء بما تعنیه کلمة مخرج بحذافیرها» من 
حيث ديد الأسلوب العام لإخبراج المسرحية؛ والتدرب 
على ضوئه؛ وهذا انعكاس ثان لعدم وضوح دور اتخرج» 
أوروبيًء هو الآخر. 

وإذا کان السرح العربی قد شهد تطوراً عجیباً فى 
النصف الأول من هذا القرن» فإن أشكاله ظلت معتمدة 
على ما يقدمه المسرح الغربى من تقنيات فنيةء أو 
توجهات فكرية فى كثير من الأحيان؛ بحيث تقاسمت 
مسيرته اتجاهات أدبية مختلفة تندرج ضمنها كتابات 
تستلهم التاريخ والتراث العريبين؛ الأمر الذى دفع بعض 
الدارسین الی الاعتقاد بأن بداية التألیف السرحی فى 
البلدان العربية تکاد تکون «ترائیة» ؛ اعتماداً علی أن 
مسرحية مارون نقاش (أبوالحسن الغفل) أو (هارون 
الرشيد)؛ توظف حكاية تأريخية وردت فى کتاب (ألف 
ليلة وليلة) . 

وإذا كانت التنظيرات - أو الدعوات الفنية - تتوخی 
فى الأساس تأكيد الذات العربية من خلال إعادة النظر 
إلى اللعبة المسرحية؛ والسعى إلى تأصيلهاء والارتقاء بها 
إلى مستوى «فرجوى» يساهم فيه المتلقى مساهمة فعالة» 
فإنها قد أثارت ردود فعل إيجابية» وسلبية؛ إلى حد أن 
بعضها قد عد ليس أكثر من مجرد اجترار لبعض مقولات 
المسرح الغربى فى محاولته الخروج عن الممارسة 





التقليدية؛ وتفجير أساليبه؛ ومنها ما انهم بالعبشية 
«الطليعية» ظلماء كما حدث مع مسرحية (يا طالع 
الشجرة) لتوفيق الحكيم التى تستخدم أحدروثة» 
أو «أنشودة) شعبية» کان خرجها سعد آردش دور كبير 
فى تأكيد جانب التجريب فى تطويع التراث للمسرح» 
عكس ما تصوره النقاد وقتها. 


تجارب التأصيسل 
من أين» وإلى أين ؟ 

وجاء التجريب نی مرحلة الستینیات» وما بعدهاء 
نوافذ جرب المسرحيون العرب من خلالها؛ کل حسب 
فهمه» واختضاصه» على أصعدة مختلفة؛ فقاموا بالكتابة 
فى قضايا التأصيل والمعاصرة؛ والدعوة إلى أهمية 
الاستقاء من التراث وتطويعه للمسرح» ووصل بعضهم 
إلى نظريات غير محددة المعالم فكرياً وجمالياً, وقدم 
بعضهم الآخر مجموعة تطبيقات عملية فنية. فقد دعا 
من المؤلفين توفيق الحكيم إلى قالب مسرحى یعتمد 
على الحکواتی » والمقلد. ودعا يوسف إدريس إلى مسرح 
#السامر»» وطبقه فی مسرحیته (الفرافیر) ؛ وطبقها من 
بمده محمود دیاب فی مسرحية (لیالی الحصاد) . آما 
آلفرید فرج وقاسم محمد؛ وعزالاین الدنی» وغیرهم؛ 
فقد مزجوا بين ما جاء فى كل من أساليب وأجناس» 
ومذاهبء فى (ألف ليلة وليلة)؛ وعند الجساحظ» 
والقامات» وسير بعض الأعلام. واستعان سعدالله ونوس 
بفرجة المقهى» ويوسف العانى بتطوير أحدوئة شعبية. 
ومازج كل من عادل كاظمء وعبدالكريم برشيد بين 
انحلی والعربی والعالی؛ بأسلوب السرح «الاحتفالی»» 
وهكذاء على سبيل المثال لا الحصر. 

ومن المخرجين من جرب أشكال الفرجة العربية على 
منوال الأجناس العربية القديمة. فنلاحظ أن قاسم 


التجريب بين الكلاسيكية والحدالة 


محمد» وكرم مطاوع؛ وتجیب سرور؛ يطوعون المسرحيات 
التى بخرجونها لأسلوب الفرجة العربية. لكن روجيه 
عساف ینقل حكاياته للجمهور الذى استقاها منه. أما 
الطيب الصديقى الذى يعرف طبيعة هذه الأجناس» 
ويقيمها فكرياًء وجمالياً» فإنه يبتكر لكل مسرحية فضاء 
وحيزاً يناسبانها. وعموماء فقد حاول كل هؤلاء وغيرهم 
يجسيد ما يطمحون إليه؛ فتوصلوا إلى: 

- تطبیق أسلوب الزج ما بين التراث» وإسقاطه على 

الواقع . 
- البحث عن فضاءات مناسبة» ومتنوغة لأعمالهم. 


- البحث فى التراث عن الأجدى والأنفع. 


البحث عن الوسط المناسب 

ففی محاولة التجریب» توسل المسرحيون العرب إعادة 
الأجناس المسرحية المشرقية؛ الإسلامية والعربية؛ للحياة؛ 
عن طريق تطويعهاء بأشكال وطرق متنوعة؛ غايتهم فى 
الغالب التقرب للجمهور. وقد تنوعت طرق الوصول إلى 
هذا الجمهورء وشملت غالب تارب المسرحيين 
المعاصرة. فى هذا الجانب» يمكن تصئيف التوجه إلى 
الجمهور علی النحو التالی: 


١‏ الجمهور القادم إلينا: 

وفيه تدوعت محاولات الفتان السرحی العربى المعاصر 
لترغيب الجمهور فى المجئ إلى المسرح. فمن مخابر 
مسرحية؛ إلى حجرة؛ فكراسى محدودة؛ ومن صورة بلا 
حوارء إلى الرقص الدراماتيكى» قدمت كلها من خلال 
السرح الجامعء الذئ يأتى إليه الجمهور. وتنزعت 
المحاولات لاسترضاء الجمهور؛ فمن تبديل المنصة أو 
تعددهاء إلى قلبها إلى صالة» أو ساحة؛ حسب المسرجية 
المقدمة. ومنها تقديم ما له علاقة أكثر ارتباطا بذوق 
الجمهور الشعبى . 


۷ 


فارق أو سا سس سس سس سس سس 


- الکان التوسط: 


وفی هذا الکان یأئی کل من الفنان والجمهور» کی 
پلتقیا فی الکان الترسط فی السافة بینهما» رمی بالطبع 
مسافة معنوية مفترضة؛ فقد یلتقی الرسل والتلقی فی 
ساحة عامةء أو فى مبنى أثرى» أو باحة كنيسة» أو ملعب 
ریاضی, وذلك حسب ما یفترضه الفضاء الطلوب 

- الذهاب إلى الجمهور: 

وهی من التجارب المهمة التى اعتنت هى الأخرى 
بالتقرب من الجمهور؛ سواء فى المقاهى أو فى الذهاب 
إلى القرى الريفية» أو الذهاب إلى أماكن العمل. وذلك 
من أجل التحام أكشر بالناس؛ والتمایش معهم» كما 
الریفی. 

أما التعامل مع أمكنة العمل» فله هو الآخر موجب 
مهم؛ لأن جمهمر المهنيين لا يمكنهم الجئ للمسرح 
خالیی البال مرتاحین. لذلك» کان علی الفنان السرحی 
أن يوجد فى مكان العمل» ويستعمل أدوات العمال 
والعاملين ومفرداتهم نفسها. 

غير أن غالبية المسرحيات لم تلق المخرج المناسب الذى 
یحقق ایداعات الولفین» وفضاءاتهم التى اقترحوهاء إلا 
فيما ندر. وكثيرة هی الاسماء والتجارب» ومتعددة هی 
المدارس والأنماط؛ سواء من خلال الأفراد أو الجماعات 
الى غالبا ما تعتمد على بيانات لا تتناسب بعضها مع 
ما تقدمه الفرقة ٠‏ مصدرة» البيان؛ إذ إن هناك بوناً شاسعاً 
بين ما تريده بيانات الجماعة وما د 
وإخراجا . وهذا ما يتكرر كشيراً بين الأفراد وبين 
الجماعات الأخرى. فغالباً ما يعم الخلط» أو نسيان 
هدف البیان» والفارقة بین ما نبحث عنه وما ننتجه؛ 
فتأتی الأعمال السرحية (عادة لا استنتجه الذین سبقونا. 


A 


إن امحاولات العربية» على اتساعها وعرضهاء حملت 
الكثير من الإحفاقات» والسلبيات؛ لأنها محاولات فردية» 
محلية» لم تستطع تأسيس محض نمط متواضع من 
أنماط المسرح العربى؛ غير الأوروبى؛ كما لم تستطع 
هذه الحاولات التوصل إلى إيجاد نظرية فكرية وجمالية 
واضحة المعالم؛ وذلك لاختلاف التوجه» رتشتت 
الجهود؛ روقوف المتفرح» والناقد؛ وحتى مسؤولى 
المؤسسات الثقافية والمسرحية:» فى الجانب الآخرء بين 
عدم القناعة وعدم الفهم. 


حاتمة 
من تقصی البحث فى مارب الاستتاء من الشراث 
لتطویعه للمسرح العربی» ظهرت نتائج محورية «سلبیة» 
تتعلق بالمسرحيين العرب قبل غيرهم» ٠»‏ وذلك لأنهم قد 
التهوا بفنون المسرح الأوروبى الحرفية» فانشغلوا بها عن 
فنونهم الشعبية الترالية» وعندما التفتوا إليها رأوها من 
خلال معايير نمط السرح الأوروبی» وهذه التائج 
1 
- لم يعد المسرحيون العرب مقارنة بين السرح العربی 
القديم والدراما الاغريقية» كما فعل عبدالقادر 
علولة؛ عند توجهه إلى مسرح «الحلقة؛ ولم يفيدرا 
من مخربته على الأقل» اللهم إلا ما حصل من تأثير 
ربته علی السرح الجزاثری العاصر. 
- لم يتوصل المسرحى العربى إلى طرق محددة بنظرية 
فكرية لكيفية النهل من التراث؛ فقد قامت محاولاته 
فى الغالب بوصفها نوعاً من آنواع الا قتباسات. 
- أخذ المسرحى العربى الشائع من فنون العرض » 
واهمل النادر من فنون الفرجة «کالاسواق» » 
و«السیره بل إنه انتقل بها إلى فضاء المسرح المغلق» 
باستشناء مارب محددة. 
- عجز السرحیون العرب عن [لباس الحکایات» من 
الأنماط العربية: أشكالا من الدراماء یستمدونها منها 


التجريب بين الكلاسيكية والحداثة 





ومن أسلوبها المدميز فى القص وتداخل الحكايات. «المسطرة؛ المسرحية الأوروبية» حتى فى طريقة معالجة 


ظلت السیر الشعبية بعيدة عن التناول رغم أنها الخروج عن ثوب السرح بالنمط الأوروبى. فقد 
الأكثر معاصرة؛ وديمومة. ولم يتم أتخاذ غير أخطأرا فى التقدير عندما طوعوا کل ما هو مشرقی 
الاسالیب التی طعمت بها المسرحية العربية بالنمط ۱ ۱ 1 
5 «فرجویا الی حبز محدد؛ عدداً ومکانا. 
رروبی. 

هت لم يتتبه المسرحيون العرب إلى يمية العلاقة بين انقطاع التجارب المسرحية منذ التجربة الارلی» 
الجمهور العربى وتلك الأجناس المسرحية العربية؛ من لافتقاد القيادة الموحدة؛ وعدم وجود هيكة توجهء 
خلال فعل المشاركة والاحتفال. ولم يتداركوا الهوة وتدافع؛ وتقودء وبالتالى فقد مخطم التوجه والجهدء 
بين هذا الجمهور ونمط السرح العربی الاوروبی ؛ وحتى جمالية التذوق. 
فخضعوا لمعايير وقوالب لا تمت للجمهنور العربى E.‏ 
بصلة سلوکاً رتعاملاً؛ فلم یفهموا طبيعة التفرج وهكذاء جد أن ما قدمه المسرحيون العرب فى إطار 
العربی. الاستحداث» والاستقاء؛ لم یتجاوز کونه محاولات 


" - التهی السرحیون العرب بالبیانات السرحية التی متواضعة نی فهم آبضاد معضلات السرح العربی؛ 
لاتشكل إلا مقالات نقدية (مفبركة!) أو مقتبسة من والبحث عن هريته. 





قصولاً 


فی العدد الفادم؛ 


«السسرح والنصر سب» 


شهادات وتجارب البدعین والنقاد السرحیین العرب. 





515 


0 لك 





بين المجتمح والمسرح 





* 
سامح مهران 


لم 


ربما يسدو أرسطو الآن واحد) من الإيديولوجيين 
بالمصطلح المعاصرء المعنبين بلى عنق الواقع لإبقائه نه على 
ماهو عليه أو لتثبيت لحظة جارية؛ وجعلها أبدية فى أعبن 
مستقبلى نظرياته وأطروحاته ومستهلكيها. 
إن الفترة بين ميلاد أسخيلوس وموت أرسطوء تضم 
حوالى مائتى سنة» ولم يعاصر أرسطو الذى عاش من 
4 إلى 757 ق. م كل كتاب المأساة السذين» وفق 
أعمالهم» » يتيحون لدا تمحيص مضمون قواعده. هذه 
الفترة حمل تغيرات تاريخية واجتماعية عظيمة» » أثرت 
دون ريب - على الأعمال المسرحية» وتغيرت أشكالها 
بدافع من تغير مضمونها. ولكن يبدو أن سوف وكليس قدم 
له الحالة النموذجية التى يبتغيها؛ على عکس أسخبلوس 
الذی احتقرت «أوریستاه) » فيما ييدو. لقد تعامل أرسطو 
مع المرحلة على أنها شئ موحد. . ويصعب علينا أن 
نصدق الآن أن هذا التعامل كان بریعا؛ إذ يبدو ۳ راد أن 





* مدرس الدراماء كلية التربية النوعية» القاهرة. 





يقدم نموذجا ثابتا لبنبة الأساة ليخلص منها إلى ثبات بنية 
امجسمع ذاته؛ وهو مايعلن عنه صراحة فى كتايه 
(السیاسة) الذى 0 راد أن يوضح فيه أنه من طبيعة الامور 
أن یکون هنال سادة وعبید» مدافعا عن مجتمع السادة 
وديمقراطية السادة ولیس ديمقراطية انجتمم بأسره. یقول 
أرسطو فى كتابه (السياسة) : 
«الحاکم واحکوم من الطبيعة پرتبطان بسبب 
البقاءء إنهما یعیشان البعض من الاخره 
وماهو من الطبيعة فى الحسبان بفضل 
حكمتها هو من الطبيعة حاكم وناهى 
[كذلاء وهو على العکس یمکنه بطافات 
جسده تنفيذ ماهو هكذا مقدرء وإنه محكرم 
وفی الطبيعة صاغر وهو ماتلتقى فيه مصالح 
السادة والبيد ". 


وتبدو نظرية أرسطو فى الفن الدرامى طبقية 


أستقراطية مترفعة» فى تفضيله العناصر المكونة 
سر و ی ی صر 


مثل الحبكة والشخصية:» الفكرء اللغة الشعرية» على 





العناصر السمعية والبصرية المكونة للعرض المسرحى» مثل 
الموسيقى والمظر؛ وذلك ضمن مكونات القصيدة 
الدرامية لديه. وهو يلخص فى كتابه (فن الشعر) رأيه فى 
النظر - عنصر الفرجة - فیما يلى: 

«حفا ان للمنظر السرحی جاذبية عاطفية 

خاصة, لکنه أضعف عناصر العمل الدرامى 

فنا وأقلها ارتباطا بفن الشعرء فقرة تأثير 

التراجيديا لاتعتمد على العرض والممثلين» 

ولا يؤثر غيايهم فيهاء أضف إلى ذلك أن 

التاظر الب‌اهرة تعتمد على فن ومهارة 

عامل الآلات فى المسرح لاعلى فن مهارة 

الشاعرا 29, 
العامة والأقل ثقافة والأميين من الشفاعل مع العمل 
الدرامى. وفى تهميش أرسطو هذه العناصر تهميش 
اجتماعى لمستهلكيها ومتذوقيها لصالح الخاصة؛ ممن 
أوتوا القدرة على متابعة حبكة معقدة بلغة لها أبنيتها 
وتراكيبها. 

إن التيليولوجيا/ الغائية المتضمنة فى الحبكة تقود 
المتفرج إلى الإيمان بالحدمية المقدرة سلفاء التى تتحقق 
عبر اندماجه» طامسة التمايزات الطبقية بينه وبين جاره أو 
الجالس من أمامه أو من خلفه؛ فتوحد بينهم إيهاميا 
ووهمياء وصولا إلى حقيقة واحدية تنتظم بنيات كل من 
اجتمع والفن» وهی علوية متعالية لا راد لها. تلغی 
الجدلی وتتصر للمثالی علی الادی» والطلق على 
النسبى » والرکزی علی الهامشی؛ والثابت علی الدینامی» 
وأخيرا تنتصر للأرستقراطى على الديمقراطى. 
* 
وربما كان رفض الواحدية هو الملمح الأول من 

ملامح الفکر الحدائی؛ بدءا من التنورین الفرنسیین. فقد 
سعى فولتير» كغيره من أمثال ميلييه؛ إلى تفتيت بنية 


الواحد والمتعدد بين المجتمع والمسرح 


الفكر الواحدى وإظهار تناقضه مع نفسه وتناقضه مع 
المنطق وعدائه. لحرية التفكير: 
«الواحدی یجیز لنفسه أن یو أن جبرائيل 
جاء إلى مريم العذراء التى أحصنت فرجهاء 
فبشرها إن الله سينفخ من روحه فى أحشائها 
فتلد ابنا ويدعى المسيح. ولكنه لا يجيز للوثتى 
أن يؤمن أن زيوس أرسل زخات ذهبية من 
الطر إلى غرفة العذراء دانائى فلامست 
فرجهاء ونفخت من روحه فيهاء فحبلت . 
ررلدت ابا وسمی برسیوس ۳ 
إن المعركة ضد الواحدية» بشتى أشكالهاء سمة من 
سمات التنوير الفرنسى فى القرن الشامن عشرء الذى 
اقترن بالعزوف عن الميتافيزيقا والاهتمام بالعلوم الطبيعية 
المؤلهة الطبيسعيين والسياسيين الدستسوريين 
والسوسيولوجيين الديمقراطيين للخلاص من هيمنة 
الواحدية الدينية (الكنيسة» والواحدية السياسية (الملكية 
المطلقة) والواحدية الاجتماعية الإقطاعية؟ فالتأليه الطبيعى 
رد علی معتقدات الكنيسة الغيبية» والسياسة الدستورية رد 
على الحکم الطلق» والديمقراطية رد علی الامشیاز 
الوراثى للإقطاعيين. 
وقد اتخذ ضرب الواحدية مظهراً فلسفيا يتجلى فى 
انتفاء الحقيقة الكلية الشاملة» فهناك حقول علمية وفنية 
وأخلاقية أبرزها هيجل فى مطلع القرن التاسع عشرء 
وأعاد يورجن هابرماس تأكيدها نقديا. 
ويمتلك كل حقل من هذه الحقول حقيقته التى 
تخصه وتميزه؛ فالحقيقة العلمية هى غير الحقيقة الفنية 
وغير الحقيقة الأخلاقية؛ وأية واحدة من هذه الحقائق 
لانفرض نفسها على الأخرى ولاتنفيهاء فلا نعود أمام * 
حقيقة واحدة شاملة وكلية؛ إنما أمام حقائق متعددة 
مصدرها الممارسة والتجريب» ومن ثم تکتسب نسبیتها. 


۷۱ 


سامح مسهران 


وقد بدأت ثورة السرح علی الواحدية مبکرة» مع 
السرح الالیزابیشی؛ معبرة عن الازسة الانتقالية للفرن 
السادس عشر؛ حیث کان العرض السرحی الإليزابيثى 
يقرم على الخلط بين الأسلوب الطقوسى والأسلوب 
الواقعىٍ من ناحية؛ وبين التراجيدى والكوميدى من 
ناحية آحری» وتمیز یز الجمهور بقدرته الفائقة على 
التفاعل مع قفزات العرض المسرحى من لحظات الواقعية 
إلى الفانتازيا: 
«وربما يفسر هذا العامل القفرات الشكسبيرية 
فی داخل السرحية الواحدة من أسلوب الی 
آخر بل من جدس إلى آخر. ولقد دفعت هذه 
الظاهرة ناقداً مثل بیتل للشحدث عن الوعی 
متعدد الجوانب ۳110075010050658 نی 
العقلية الاليزابيلية» 9 . 
وقد نظر ناقد آخر هو صاموبل جونسون إلى تعدد 
الأساليب داخل المسرحيات الشکسبيرية» رافضا تصنیفها 
إلى كوميديات وتراجيديات. يقول صامويل جونسون: 
اليست مسرحيات شكسبير بالمعنى الدقيق أو 
النقدى تراجيديات أو كوميديات بل هى 
إنشاءات من نوع متميزه تعرض الحالة 
الحقيقية لطبيعة هذه الدنيا بما فيها من خير 
وشر وفرح وحزن؛ ممتزجة بتنوع فى النسب 
لاحصر له؛ وفى صور متباينة لانخصى» تعبر 
عن حالة هذه الدنيا التى تكون خسارة إنسان 
فيها مغنما لخر 600 
إننا جد فى مسرح شكسبير الأحاديث الجانبية؛ 
سواء ضمنية أو صريحةء التی هی من الکثرة بحيث 
تقودنا دوما إلى حدثين دراميين فى كل عرض مسرحی 
عنده. ومع أنهما متزامنان ومتوازيان» فان هناك تفاوتا 
فیما بینهما من حیث علاقتبهما بالجمهورا إذ يفتقر 
كل منهما إلى الحكم الخاص الذى يتناقض جدليا مع 
الحكم الآخر ويكمله. 


۷۲ 


تست ۰ ۰ و 


وفی مواجهة الواحدية آیضا» عمد السرح 
الإليزاييثي: كما هو عند شكسبيرء إلى ضرب م ركزية 
اللغة (فى البدء كانت الكلمة» عبر التورية اللفظية التى 
تجعل من الكلمة الواحدة حاملة معنيين متناقضين أو 


٠‏ أكثرء مما يعنى اكتساب اللغة نسبية تلقى حولها ظلالا 


من الشك حول مصدانها ومحدداتها ومعرفاتها» وهذا ما 
يؤكده جوليان هلتون حين يقول عن التورية إنها «أقصر 
السبل رأسهلها لهدم وتخریب آی دید لفری»"؟» 
ليجئ أصحاب مسرح العبث فى النصف الثانى من 
القرن العشرين لیستکملوا الهجوم علی اللغة» معتمدین 
على جهود الوضعیین الناطقة الذین حللوا العبارات 
اللغوية مخلیلا منطقیاء مبينين ما تنطوى عليه من زيف 
وغموض؛ الأمر الذى تصبح معه اللغة عاجزة من حيث 
هى أداة توصيل. وقد اتخدذ هجوم أصحاب العبث على 
اللغة أساليب عدة؛ منها جعل اللغة تدور فى فراغ كأنها 
تلفظ بصورة آلية, وأیضا جعل الاستدلال الفکك آو 
العقلانية المريضة هو الأسلوب الذى يقوم على إظهار 
مجافاة اللغة لكل عقل أو معقولية مع المحافظة على 
سلامة النحو والصرف. الأمر الذى أدى فى النهاية إلى 
تراجع الکلمة واعطاء الاهمية لعناصر العرض السرحی 
الختلفة ؛ من إضاءة وموسيقى وديكور ومهمات مسرحية؛ 
بالإضافة إلى الممثل بالطبع» ليتكرس مبدأ التعددية/ 
تقيض الواحدية فى المسرح. وسنحاول هنا أن نعرض لا 
نعنيه بالتعددية» من خلال محاور عدة هى الجمهور؛ 
الدلالة» الخشبة الممثشل والشخصية» بالإضافة إلى المناهج 
النقدية. 


3 


لم یأغذ الجمهور حظه من الاهتمام من قبل 
الهتمین بالسرح بوصفه آحد العناصر التی تکون 
الحدث السرحی ؛ حیث تغلبت نظرة واحدية للمسرح 
بوصفه مکونا من طرفین اثنین: الأدب والشقنية التی 
تعلی ما بالمثل و بخشبة السرح. لذاء ظل الجمهور 


اس الواحد والنعدد بين المجمع والمسرح 


پر بنفسهء وكانت النظرة إليه تراه متتجانساً ومتحداً ولو 
شكلياء بعيدا عن السمایزات الاقتصادية والثقافية, باعتباره 
مثلا للمجتمع بكل عناصره: 
متحد فی منصات السرح الاغریقی ... و 
شرفات السارح الاليزابيشية؛ هذا الجمهور 
الذى لم يكن يمتلك أى ميزة ثرائية» والذی 
کان يضم كل الناس من أرستقراطيين 
وفلاسفة وجنود وأغنياء وفقراء وفلاحين 
ليستمعوا ويناقشوا فى سحر الحدث 
المسرحى ١‏ 
ولكن هذا الجمهور ا متحد ربما بفعل العقيدة 
- خاصة فى الفترة الإليزابيئية ‏ لم يلبث أن انقسم مع 
الشورة الصناعية والمفاهيم التجارية وتداعياتهما عبر السنين 
وصولا (لی العصر الحالی؛ فالعقلية الرأسمالية هی عقلية 
علمية أولا؛ قادرة على قياس المسافة بين الوسائل 
والغايات» رهی عقلية قانونية ثانیا؛ لتنظيم تداول 
رأس ال مال وحركيته» ويقف أمامها الجميع فى مساراة؛ 
لاتميز بين الأفراد على أساس من اللون أو الجنس أو 
العقيدة؛ وهو ما ترتب عليه نتيجتان: أولاء انهيار 
الأخلاقية المرتكزة على الدين» التى تفصل بين الحلال 
والحرام» وقيام نوع من الأخلاقية الاجرائية دعامتها 
الأساسية ما هو قانونى وما هو غير قانونى» وهو ما أثر 
بالتالى على جمهور السرح المتحد نحت عباءة الدين 
والعقيدة التى تطمس تمايزاته وانقسامانه: هذا من ناحية. 
أما من ناحية آخحری؛ فقد دی اجتمع الصناعى إلى 
إظهار تباين طبقى نابع من موقف كل طبقة فى سلم 
العملية الإنتاجية؛ وهو ما أوجد بالتالى: 
«بوادر انقسام عميق بين الناس وقادتهم إلى 
:طريقين مختلفين؛ طريق الأغنياء رطریق 
الفقراء بكل الفروق التى يتضمنها ذلك 


والتى تمنح للأغنياء الشقافة والحس وتشرك 
الفقراء فى الجهل والهمجية :200 , 


والتطور المشار إليه لم يمنع من وجود فجوات 
أتجت جمهورا واحدا متحدا مثل جمهور السرح 
السورجوازی» فعندما ترسخت قاعدة العرض والطلب 
انخفضت أسعار الفری العاملة» وأصبح کس القوت 
یتطلب فترات عمل تتراوح بین اثنتى عشرة ساعة إلى 
ست عشرة ساعة:؛ وبالتالی بعدت القوی العاملة عن 
السرح غير ملقية بالا إلى أمور الثقافة والفن؛ واستأثر 
جمهور بورجوازی فی عمومه بالسرح؛ وهو جمهور 
تتطابق مصالحه. وليس ثمة تناقضات بين أفراده: 
«رربما يفسر هذا لم كان المسرح البورجوازى 
مسرحا معبرا عن مشاكل محدودة ومصالح 
ضيقة يتمائل فيه ال مؤلف والمتفرج كما 
يتشابه متفرجره المتطابقون إلى أبعد حد 
فکریا (۲. 
وعندما تأخذ الطبفة السورجوازية فی الانهیار 
بوصفها طبقة قائدة, یأخذ مسرحها فى الانهیار فی بنیته 
ولغته وجمهورره؛ فمع ظهور انتحادات عمال قوية 
ونقابات» تنتظم الطبقة العاملة» وتنتز ع حقرقها المتمثلة 
فى زيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل» الأمر الذى 
مکنها من معاودة الاهتمام بالمسائل الثقافية وغشيان 
السارح: 
«حیث یمکننا أن نتحدث بالفعل عن السرح 
الشمبی. والسرح الشعبی هنا بالطبع لیس 
بمعنی السرح اضصص لتلك الطب قتة 
الاجتماعية (الشعبیة) ؛ ولکن بمعنی السرح 
القومی القام من أجل الطبقات وبالتالى من 
أجل الشعب 2 E‏ 
وفى هذا المسرح الشمبی» جد انصرافا عن القيم 
الجمالية الخالصة إلى الأدوات والوسائل التربوية» ليصبح 


۷۳ 


سامح مهركن 


العرض المسرحى بمثابة مشروع للحوار لا يستكمل 
إلا بعدخا ل الجمهور الممثل فی المسرح؛ الأمر الذی ولد 
أدبا دراميا حديثاً. 
ومع بدايات القرن العشرين وظهور الإيديولرجيا 

وصراعهاء ومع الأزمات الاقتتصادية والحروب التى 
حطمت الدعائم الاجتماعية والفكرية التى ارتكز عليها 
اجتمع الإنسانى؛ وارتفاع الأصوات ضد كل أشكال 
المجتمعات الطبقية» وضد الرأسمالية التی جعلت من 
الحروب واستغلال البشر واستعمارهم أموراً ممكنة» ظهرت 
نظرات تدعو إلى جمهور واحدى فى ۳4 الطبقى؛ 
بمعنى أن منتجى هذا المسرح هم أنفسهم مستهلكره؛ 
وتسدت فی مارب مثل «السرح العمالى؛ فى الولايات 
المتحدة عام 21577 الکون من مجموعات تشبه 
المجموعات التى تأسست فی الامحاد السوفیتی بعد ثورة 
اکتویر عام ۱۹۱۷: 

«وکانت تقدم عروضا نضالية نی 

ساعات الراحة أو فى أثناء الاجتماعات 

العمالية. وكان الممثلون عمالا يعرضون أمام 

زملائهم بهدف نشر الوعى الطبقّى بين 

العمال بل إنهم اتخذوا شعاراً لهم (طبقة 

ضد طبقة ) »۱۱ 


ومع بزوغ اجتمع ما بعد الصناعی الصاحب 
بانهیار الایدیولوجیات؛ وانهیار اليقین الصحوب بالرعب 
النووی وازدیاد الا حیاء العشوائية فی الدن الکبيرة بمن 
فیها من الهمشین اجتماعیا » وانزیاح مفهوم الحرية 
الشخصية المشروط بالمواطنة فى بعديها الاجتماعى 
والسیاسی واقتصاره علی الاشباع الذاتى للملذات والنهم 
الاستهلاكى» بالإضافة إلى اللامعيارية: أى «الوضع 
الذى تنغير فيه سلالم القيم والمعايير وتصبح غير قابلة 
للتعریف» ویصبح من الاستحالة الوصول إلى تعتريف 
آحادی وثابت لها ۰۳ مع هذا كله بتجدد الصراع 
بين الواحدى والتعدد بالنسبة إلى جمهور المسرح» ولکن 


VE 


مس مس سس کح س ۳۳ 


داخل العامل المسرحية الصغيرة نسبياء فیما یعرف 
بالسارح التجريبية؛ تلك التى مايزت بين المدفرجين 
كيفيا وليس على أساس الفكات الاجتماعية التى ينتمون 
البها. وقد عملت هذه السارح علی الانفتاح والاقتباس 
من الأشكال الدرامية القديمة وغیر احلية (ذلك الاتجاه 
الذى كانت بداياته فى القرن التاسع عشر) : 
مما أدى إلى نمو حقيقى للتقاليد الدرامية 
امختلفة فى الحضارة الغربية المعاصرة؛ وأدى 
هذا إلى تفتيت الجمهور إلى مجموعات 
توعية مختلفة» تتمايز بدرجات مختلفة من 
الألفة بالتقاليد الدرامية الختلفة التى يفترض 
أنهم قد يلتقون بها فى العرض 396 , 
وبالطبع » » انتقل الصرا لصراع بين الواحدية والتعددية إلى 
تصمیم خشبة السرح ذاتهاء وبالتالى لتختلف علاقة 
الجمهیر معها؛ فبدلا من توجه الجمهور الی بؤرة 
مركزية تشد انتباهه, وندمجه فی آحدائها وتوحده شکلیا 
عبر هذا الاندماج» لتجعله ملتصقا بآفاق توقع اجتماعية 
وقيمية ودرامية واحدة .. بدلا من هذا تتجه المسارح 
الحديثة إلى تفتيت خشبة المسرح ذاتهاء كما تجد فى 
مسرح الشمس «حيث تتوزع منطقة الأداء بين عدة 
منصات ۲ ما يستلزم من الجمهور الكائن بينها أن 
يتجه حركيا ويغير من وضعه المكانى لمتابعة المنصات 
اختلفة. کما ناهد جمپورا سائلا متحركا 
فی مسرحية (فوتسك) التی قدمتها فرقة افوکو 
نوفوه التی لجأت إلى تقديم المسرحية فى بيت كبير» 
وتوزيع مشاهدها بين غزفه امختلفة التى ينتقل الجمهور 
ر 
وإذا ما كانت الأماكن المسرحية تنقسم إلى دائمة 
وعارضة ومحايدة» فقد |تجهت بعض الفرق التجرينية إلى 
المحايدة منهاء مثل الحدائق والتنزهات التی تتسمیز 
«بغموض هويتها التى تفسح لمجال للخيال والتصور وتعدد 
الدلالات ۶ ما یفصح عن عقل دیمقراطی یسمح 


و 


اب كمس حر ا ی ی الوأحد والمتعدد بین ا جتمع والسرح 


بتعددية التأويل. وبمعنى أدق؛ أصبح هناك اتفاق بين 
منتجی العرض ومتلقيه حول الدلالات المفرقة فى 
الواقعية؛ أما أوجه الخلاف فتنصب على إيماءاتها 
الأخحلاقية والفلسفية والشعرية» ومن ثم فليس هناك 
تفسير واحد صحيح أو نهائى وصادق. 

إن هذه النسبية؛.خصوصا الأخلاقية منهاء ربما 
هى ماتقلق المتفرج العربى؛ سواء «الواحدى؟ فى تكوينه 
الثقافى المستند إلى مرجعية دينية نصية:ء أو (التوفيقى) - 
تلك التوفيقية التى تنتهى غالبا إلى انحياز كامل للطرف 
الأكثر رسوخا فى المجتمع - ذلك أن القيم التى تعتبر فى 
غاية الأهمية تغدو نافهة عندما تواجه بثقافة لامجال فيها 
لتلك القيم أصلا. ومع ذلكء لا يمكننا إلا أن نحتاط 
فى مسألة «انفتاحية» العرض اللانهائية على الدوال التی 
يناقض بعضها بعضاء وتستعصى على معنی واحد شامل؟ 
إذ ربما تمثل عائقا فى اماه تببى موقف ما من قبل 
المتفرج . ۱ 

وفى ظل هذه الأوضاع تختفى الشخصية بأبعادها 
التاريخية والاجتماعية القادرة على طرح أسئلة والإجابة 
عنها ولایمود مکنا السحدث «عن شخصیات یمکن 
خدید هویتها سیکولوجیا ۲۱۷4 إننا جد فى مسرحية 
(الرباعى) التى كتبها آرثر ميلر رجلا وامرأة يتحولان إلى 
امرأة ورجلء الأمر الذى يستحيل معه تخديد من يتحدث 
إلى من ؛ إنها الشخصية 565003 التى تعنى قناعا 1/851 
هو «استعارة لوجوه ممكنة وأدوار ممكنة حلت محل الوجه 
الفرده(۲۱۷ وهو مما استلزم وجود ممثل متعدد القدرات 
للتعبير عن الحالات المتباينة والمتعارضة للشخصية التى 
يلعبها. وكان لابد من اكتسابه مهارات جسمانية تمكنه 
من القیام بالح رکات البهلوانية والا کروبات والتمثیل 
الایمائی» فضلا عن مهارات الغناء والعزف علی الة 
موسيقية أو أكثر. 

وقد ظهر فی الولایات الشحد: وأوروبا عدد من 
الورش المسرحية التى جعلت همها الأول هو اكتساب 


المثل للمهارات والقدرات الختلفة» فضلا عن تلك التى 
اهتمت باكتشاف الممثلين ذواتهم وأفكارهم التی هى 
ليست دائما متجاننة أو متسقة. ثم تقديم عرض 
مسرحى نابع من هذه الاكتشافات. وأشهر «ورش» 
اکتشاف الذات لدی المثل هی ورشة «ين کارنی» فی 
منطقة ۱ کاتسکیل ماونتینزه فی.الولایات التحدة؛ التى 
تأسست عام ۱۹۷۸ ۳ . 
وکذلك یطرق صراع الواحد والتعددية باب النهج 
النقدی, ولا یمکتنا هنا آن نفمط الشکلیین حشهم فی 
استبعاد : 
«النطلقات الواحدية احور التی تبحث فی 
العمل الأدبى عن بناء فنى واحد أو ترجعه 
إلى دافع نفسى مسيطر أو تدرسه بالاعتماد 
على مقولة واحدة مثل مقولة بيلينيسكى 
(۱۸٤۸-۱۷‏ التى ترى أن الشعر 
تفکیر بالصورة» أو مقولة آندریه بیلی ۱۸۸۰۱ 
- ۱۹۳4) بأن الشعر تعبير بالرمز» فكل هذه 
المنطلقات تنفى جدلية العملية الفنية 
وتحاول فى سذاجة أقرب إلى سذاجة المرحلة 
السابقة على سقراط فى الفلسفة أن 
تعزل أحد العناصر المطلقة أو غير المتغيرة 
خلف تعدد العمل الأدبى وثرائه وتعتبره 
جوهر الأدب مثل الاستعارة أو المفارقة أر 
التوتر أو التناقض» 350 , 
لد از تع ١‏ هتسمام | 9 لشكايين على مادعاه 
یاکوبسون «بالاذبیة) اعمننهع:۱؛ آی العتاصر التی 
تميز الأدب عن سواه من الأعمال التی تستخدم - مثله 
- الکلمات؛ ومن ثم یمکن - من خلال البحث 
والتجريب - تعرف العناصر السائدة المهيمنة فى الأعمال 
الأدبية والفنية. 
كما حول النقد الاجتماعی عن أحادیثه فیما 
يتعلق بقضية (الحتمية»؛ وهو المصطلح الذى يجلب إلى 


۷۵ 


سامح مهركن 


الأدب- والفن عموما ‏ عناصر خارجة عنه» يفترض 
أنها صانعة حتمیته» مثل «اجتمم» عند جامبیاتستافیکو 
و االعصر» عند مدام دوستال» أو «الجنس» عند هيبوليت 
تين؛ ومشل الحعمية الميكانيكية التى ترى أن 
القاعدة الاقتصادية هى المحددة لطبيعية البنية الفوقية 
والفكرية و الإبداعية؛ تلك الحثمية التى رفضها ماركس 
مؤكدا دور الوعى فى تغيير البنية التحتية الاقتصادية 
والاجتماعية» مضفيا طابعا جدليا على هذه الحتمية؛ 
الأمر الذى تطور بعد ذلك إلى مايسمى بالحتمية متعددة 
امحاور التى تقول بوجود نسق أو بناء تسشابك فيه 
مجموعة متعددة من علاقات السببية الصائعة لهذه 
الحدمية؛ مما فتح الباب لتعدد المناهج والنظرات النقدية» 
مثل: البنيوية والسيميولوجيا والأسلوبية.. إلخ. 


# 


وقبل أن نتلمس مسيرة الواحدية والتعددية فى 
مصرء تخحضرنا آراء عالم الاجتماع الأمريكى «تالكون 
بارسونز» (۱۹۰۲ - ۱۹۷۹) رائد النظرية الوظفبة: 
«یحاول بارسونز ثبات آن النظام الاجتماعی هو مجموعة 
من الأنظمة الفرعية التى يعيد كل منها بنية الكلية 
الشاملة» , وتشمل الأنظمة الفرعية الأسرة التى تتكون 
من دوائر سياسية تتمثل فى سلطة الأبوين ودوائر اقتصادية 
تعمثل فى الدخل واليزنية ودواثر ثقافية تتمثل فی وسائل 
الترفيه. ومد آنظمة فرعية آحری کالتريية والتقابات 
والساجد أو الكنائس علارة على الأدب والسرح. «وبقدر 
ماتعترف الدولة رسميا بهذه الأنظمة الفرعية؛ فانها 
تشكل مؤسسات؛ ووجود تنظيمات غير شرعية فى الخفاء 
يوضح أنه من الممكن وجود أنظمة فرعية بدون الصفة 
المؤسسية0''؟: مثل الجماعات الدينية فى مصرء على 
سبيل المثال. 
إن منهج بارسونز من الممكن أن يشكل مدخلا 
مناسباً للمجتمم الصری والسرح الصری؛ لتعرف 


۷۹ 





واحديته» وكيف يعيد المسرح إنتاجها؛ وهو الأمر الذى 
یدعونا (لی محدید شکل السلطة والطبقة السائدة. 

کانت لورة بولیو ۱۹۵۲ تمثل الجناح العسکری 
من الطبقة المنوسطة فى مصر؛ تلك الطبقة التى بدأت 
تكونها الجنينى أيام محمد على» وكانت على عكس 
الطبقة البورجوازية الأوروبية» إذ لم يكن عمادها التجار 
ولا طبقة الرأسماليين الذين يوظفون أموالهم فى قطاعات 
الصناعة والخدمات؛ وإنما تألفت من أربع فئات: الفنيون 
والتكنوقراط الذين عملوا فى المصانع التى أقامها محمد 
علي» وفئة الإداريين وفئة الكتبة ‏ وكان وجودهما لازما 
لضمان سير العمل فى دواوين الحكومة. أما الفغة الرابعة 
نکانت من الضباط فی الجيش والأسطول» أى أن الطبقة 
المتوسطة المصرية نشأت فى خدمة الدولة المركزية الأبوية 
الستحدلة ۱۱۳۱ آی تلك التی لحقها شکل من آشکال 
التحديث المادى مع الابقاء علی العلاقات الاجتماعية 
فى طورها القديم؛ ومن ثم جاء وعى هذه الطبقة محملاً 
بالتناقضات: العلمانیة/ الاسلام» الشراث/ الحدائة؛ 
العلمية/ الأسطورية..» فی توتر ینتهی دائماً بالعودة (لی 
القديم والماضوى؛ وهذا أمر طبيعى للغاية؛ فوعى أية طبقة 
ليس إلا محصلة لتفاعل عناصر ثلاثة: حقائق وجودها 
الاجتماعى وشروطه أولاء ممارسانها الاقتصادية 
والاجتماعية والسياسية فى حركتها ثانياء وترائها الفكرى 
والعقلى الذی تستمده من ماضيها ثالنا. لقد كان 
تضخم الطبقة المتوسطة فى مصر مرتبطا ارتباطا وثيقا 
بانساع التعليم؛ بل يمكن القول إن أغلب الشقفین 
الصریین هم «من أبناء الطبقة المتسوسطة فى الريف 
والحضر إلى جانب فريق محدود العدد والانتشار من أبناء 
كبار ملاك الأراضى والرأسماليين المصرين» ". 
واستمر نمو الطبقة التوسطة مطرداً وهادثا لاعتماد الجهاز 
الحكومى عليهاء وکانت «تمثل عنصر الاستقرار فی 
الحیاة الصرية وتمثل العداء للتفییر» فهی الطبقة التی 
أحبط تضخمها كل ثورات مصر وشل ما فيها من إرادة 





التفییر)۲۲۳. غير أن اتساعها بعد بولیو ۱۹۵۲ عاد 
واتبط باتساع اللکیة الفردية بعد قوانين الإصلاح 
الزراعى التى كان تعزيز حكم العسكر المنتمين إلى 
البورجوازية الصغيرة هو الهدف من ورائهاء فاتساع شرائح 
هذه الطبقة یضفی الزید من الشروعية علی وجودها 
وحكمها. ولجأ الضباط إلى السيطرة على وسائل الانتاج 
(الصناعی) دون اضفاء طابع اجتماعی (فترة حكم عبد 
الناصر) وهوما أسماه سمیر أمین «بالدولنةه ۲۲۹ 
وبالتالى عجزت الطبقة المتوسطة عن إحداث حول 
اشتراکی ٹوری (مارکسی)؛ إذ سرعان مانمت 
الاتجاهات الرأسمالية داخل القطاعات المملوكة للدولة» 
وفشلت مرة أخرى فى إمجاز تطور رأسمالى عقلانى (فترة 
حكم السادات ومبارك)؛ ونتيجة لانفصال نخبتها عن 
قاعدتها ارتدت البورجوازية الصغيرة إلى أصولية إسلامية 
«مسيّسة) ‏ ليس فى عمومها بالطبع ‏ تللك النخبة التى 
تكثفت فى أيديها السلطة والثورة ونصبت نفسها مكان 
اجتمع » » فى محارلة لإمجاز مهامه التى لم تستمد قوتها 
من مصدر قانونى أو دستوری» فکانت الدولة ال رکزية 
الواحدية ب بذلك ‏ أداة قمع وقسر» حیث لا یخدم 
القانون المجتمع وإنما بقع تخت تصرف نظام الحكم 
ليفقد المواطن فعالیته؛ ویتجرد من حقوفه الأساسية, 
ولاتعود له علاقة بالقرارات الصيرية» ویجد نفسه مغتربا 
مجبرا على العودة إلى البنى الاجتماعية التقليدية؛ من 
عائلة وطائفة دينية؛ عله يجد الحماية والأمان؛ وهی 
النتيجة المنطقية لانعدام هيكلة العلاقة بين السلطة 
والشعب فى أحزاب حقيقية ونقابات لها آلياتها الخاصة 
البعيدة عن هيمنة الدولة: باختصار فى مؤسسات مدنية 
معترف بها وباستقلالها. 

لقد ظل نظام الحكم واحدياء لايفصل بين 
السلطات ‏ فى واقع الحال ‏ مهما رصع نفسه بمستجد 
الألفاظ مثل «الديمقراطية)» «الاشتراكية)؛ «الحياة 
النيابية» .. إلخ. هذه الواحدية سنتناولها مسرحيا من 


الواحد والمتعدد بين المجتمع والمسرح 


خلال مسرحيتين هما (الشركة) لنجيب محفوظ 
و (الزهرة والجنزیر) حمد سلماوی» والفرق بینهما آن 
الأول يرصد الظاهرة بينما يكرس لها الثانی. 
وفى مسرحية (التركة) يعبر جيب محفوظ عن 
أزمة المجتمع المصرى الأبوى / الواحدى فى شكله 
وتفاصيله. وتبدأ المسرحية بحجرة انتظار فى بيت ولى لله. 
وإذا كان المكان الذى يسكنه شخص ما مرأة لشخصيته 
وطباعه؛ أى أنه يكتسب صفة المجاز المرسل ليصبح 
السلكن هو المسكن» فإننا نجد أن حجرة ولى الله 
لا تحقق هذا المبدأء فهى تكتسب مدلولا أقرب إلى 
المدلول الاجتماعى منه إلى النفسى» فتمثل مكانا لطبقة 
اجتماعية تفتقر إلى شخصية متميزة وتشير إلى تراوحها 
وتوزعها بين تبارات يمينية ويساربة» تقرأ: 
«حجرة ذات ذات طابع عشیق فی الصدر 
کونصول باب إلى اليمين وآخر إلى الیسار - 
تصطف بجرانبها کنبات تفصل بینها 
كراسى» ثمة حصر مزركشة معلقة على 
الجدران فى مواضع محددة °۲" . 
وربما سنطلق وصف «قصة حواریة» على مسرحية 
(التركة) لمحفوظ؛ ذلك أنها تنهض بالوظيفة الاجتماعية 
والتفسانية للسرد فى إطار امجتمعات الأبوية» فتوحد على 
الستوی التخییلی بین متناقضات بدا آن مصالحتها 
مستحيلة؛ كما يشير إلى ذلك کلود لیفی شتراوی. 
ف (التركة) عمل تنتظمه المفارقة التى تعنى احتواء 
الشئ الواحد على مستويين دلاليين متناقضين لايلغى 
أحدهما الآخرء وهوما نستخلصه من حدائها وتقوم 
علاقاتها عليه؛ فهناك ولى لله يمثل أبوية تقليدية انشق 
عليه ابنه لیفتتح «خمارة)» رقبل دنو أجله يرسل لابنه 
عبر اعلان فی الجرائد» فیأئی الابن مصطحبا «امراة سوء» 
معه. ويعرف أن والده قد توفاه ال ا ر 
فيسلمه له غلام يقرم علی خدمة الأب. وينقسم الميراث 
(لی کتب ترائية صفراء ونقود سائلة؛ وبهمل الابن 


۷۷ 


سامح مهران 


الكتب وينكب على النقود ويأخذ فى عدها. وفى هذه 
الأثناء» يظهر مخبر ويتهم الابن بأنه قتل الأب » رتبداً 
رحلة الساومات التی تنتهی بحصول انحبر علی نصف 
الع رکة» ولکنه ما آن بستدیر استمداداً لخادرة الکان الا 
ویحاول الابن طعنه بمطواة فی ظهره» ویتشابك الائنان 
فى نضال يتغلب فيه امخبر على الابن ويوثقه وفتاته, 
ويذهب حاملا ما سرق. يبقى الفتى والفتاة على 
حالهما إلى أن يأنى النهار» ويظهر مقاول وضابط 
وسكرتير ليفكوا إسار الابن وفتاته ويتعرف الابن فى 
شخصية المقاول على شخص المخبر الذى سلبه أمواله» 
ولكن ينفى الضابط هذا الزعم ويؤكد أنه واحد من أكبر 
القاولین فی «الجمهوریة» قد أتى لشراء المنزل من الابن 
ليقيم على أنقاضه مصنعا للإلكترونيات. وفى النهاية» 
يسأل المقاول الابن عن عمله بعدما يخبره أنه كان من 
مریدی الشیخ» فیجیبه بأنه مختلف تماما عن أبيه وأنه 
یمتلك خمارة» فلا يكون من المقاول إلا أن يضع يد 
الابن علی رهمه الذاتی مخبراً یاه أنه لا يختلف عن 
آییه» فکلاهما بزرع الطمأئينة للباحشین عنها. وفی 
اللحظة ذانها تعحقق الفارقة وبتحد ما بدا متناقضا» مثل 
الظاهر/ الباطن» الأب/ الابن؛ اللص/ الشرطی» الخمرا 
التراث» صاحب الخمارة/ رجل الدین. الهم أن جيب 
محفوظ یوجه هنا إدانة للحقيقة الواحدة التى قد تأخذ 
أشكالا متعددة لاتنال من واحديتهاء وهى حقيقة طابعها 
الارتداد للماضىء فعندما يعود الابن إلى منزل أبيه 
يتساءل: ۱ 

«الفتى: لم دعانى يا ترى؟ 

الفتاة : هو أبوك مهما يكن من أمر. 

الفتی : ظننت أن الماضى لن يعود. 

الفتاة : الحاضر یمضی والاضی یعود) . 

ويبدو واضحا من (التركة)» احشلال الأبوية 

المستحدثة ‏ الممثلة فى المقاول المصاحب بقوة الشرطة: 
الضابط» وبجهاز إدارى: السكرتير - دور الأبوية التقليدية 


۷۸ 





الممثلة فى ولى الله. وهذه الأبوية المستحدثة تقيم محديثاً 
ماديا متمثلا فى مصنع الإلكترونيات» دون تحديث 
للأفراد أو للعلاقات أو للقيم؛ فهى تعتمد أساسا على 
سرقتها أدوار الأفراد ونزع فعاليتهم المادية والمعنوية . 
وإذا ما انتقلنا إلى مسرحية (الزهرة والجنزير) محمد 
سلماوى» فإننا سرعان ما نلمح تناقضا بين النص 
لا صلی والنص الفرعی (مجموعة الارشادات السرحية) » 
وهو التناقض الذى يعكس تناقضاً آخر بين شكل امجتمع 
الديمقراطى ومضمونه الواحدى المستأثر بالسلطة. فإذا ما 
نظر إلى مكان الحدث وهو شقة الأم زهرة» والضهوم 
ضمنا أنه الوطن كله؛ أو نموذج مصغر لمصر يمد أنه: 
«عندما یضاء نور السرح نری صالة فسيحة 
لمنزل عائلة علی درجة من الثراء» الذوق العام 
رفیع وان كان بسيطاء فى وسط الغرفة طقم 
«أنتربه؛ على طراز أوروبى حديث لونه أبيض 
وأمامه منضدة زجاجية كبيرة؛ فى جانب 
من المسرح مائدة مستديرة حولها أربعة 
کرامی» "۹ 
من البداية» يتجاوز الديكور أيقونيته ليرمز إلى أثنا 
تعيش الحضارة الغزبية بمحاسسها؛ ومجاستها فقط» :وهو 
ما يتضح فى لون الانتربه الأبيض وكذلك فيما ترمز إليه 
المائدة المستديرة التى تؤكد معانى الديمقراطية داخل 
منزل زهرة/ مصرء إذ ليس هناك من يتصدر تلك المائدة. 
أما مضمون المسرحية» فقد رسمه المؤلف اعتمادا 
على خطين أساسيين: الأول هو نفى الآخرء والشانی هو 
قياس الشاهد على الغائب؛ أى أنه يستخدم المنهج نفسه 
الذى تستخدمه الجماعات.الإرهابية التى يناقضهاء 
فالإرهابى محمد ما هو إلا مستخدم من قبل مصطفى 
الذی خدعه بلحیته وجلبابه» والذى طلب منه احتجاز 
زهرة وأسرتها لمطالبة الحكومة بالإفراج عن أحد 
المجاهدين» فإذا مالمجح فى المهمة ضم إلى الجماعة 


و 5 


۳ 


سس سس سس سس الواحد والتعدد بین اجتمم والسرح 


الاسلامية. ولکن سرعان مايتبین آن مصطفی هذا ما هر 
إلا مجرم ولص استفل سذاجة محمد وحماسه؛ ورقع به 
فى شباكهء وبذلك تنتفى القضية وتنتفى الجماعة 
الإسلامية أصلا. 


ويعانى أغلب الشخصيات فى المسرحية من غياب 
«الب» ؛ فالإرهابى محمد كان على خلاف دائم مع 
أبيه, ولذا فقد هرب من اثنزل وهو بعد لم یزل طفلا. 
وأحمد ابن زهرة إنما ولد بعد موت أبيه المهندس 
صضوت بانی السد العالی (ربما يقصد به محمد 
سلماوی عبد الناصر) لیحیطه بمعانی الفراغ وانعدام 
القدوة وفقدان الأمل؛ فيتعاطى الهيروين ويغيب عن عالم 
الراقع إلى عالم الوهم» ویتحد بذلك متعاطی الخدرات 
ع ا اب نیما کی زک 
هجينية الفکر النتج (بکسر التاء) القول بأن «الدین آفیون 
الشعوب». إن العودة للجذور» عند محمد سلماوی» هی 
عودة لأيام الأب/ القائد الغائب المهندس الذى بنى 
السد» ويغيابه تصدعت حيوات أفراده وتفسخ منزله. فإذا 
ما كان سلماوى يقصد بالأب عبد الناصر بالفعل» فإنه 
يحيل الناصرية إلى نوع من السلفية؛ للصبح بذلك أمام 
سلفيتين لا سلفية واحدة: سلفية دينية وأخرى ناصرية!! 
إنه الترويج للمجتمعات الأبوية/ الواحدية بكل صلفها 
وغرورهاء وادعائها بأنها خوز المعرفة والوعى» وبالتالى 
تنزع أية قيمة إيجاببة عن الأبناء أو الأصغر سنا؛ فهى 
تستبعدهم من حساباتها بما يحيلنا إلى الديكتاتورية التى 
تؤكد «الكاريزما»» والتى ينتتحل فيهاالأب/ الحاكم 
صفات الذات العلياء وهنا تعلة انفصاله ونخبته عن 
الجماهیر الففلة آو القطیع. فکما یقضی الارهاب علی 
الديمقراطية بأن بقيد الإرهابى محمد الأم زهرة على 
أحد مقاعد المائدة المستديرة » يقضى عليها المؤلف سواء 
بسواء عندما ينزع عن الإرهابى محمد صفة الجدارة» 
مثلة فى التعليم الذى لم يثل منه شيئا يذكر؛ وهو الأمر 


الذی یجعل «یاسمین؛ ابنة زهرة - أو الوطن فى صورته 
المقبلة - تنصرف عنه باحثة عن مثال أبيها: 


«یاسمین: اللی ینفعتی راجل زى أبويا بس 
هو فین؟ هل یاتری عمری حا 

آقابله ۸۲ (۳۷. 
إن الديمقراطية التى يتباهى: بها المؤلف فى مقدمة 
مسرحیته » من خلال المائدة المستديرة» إن هى إلا قشرة 
تفضحها الكتابة المتحلقة حول السلطة» التى تعيد انتاج 
تصوراتها حول كل مايعترض المجتمع من عرارض 
ومشکلات. وهذا ما تؤكده نهاية المسرحية عندما يموت 
الجیل الجدید مثلا فی محمد الارهابی» ولا نعرف هل 
أصيب الابن/ أحمد المدمن فى مقتل أم سيظل على قيد 
الحياة» وهى بالطبع حياة دونها الموت. ولا يسيطر على 
المشهد المسرحى سوى قوات الشرطة التى لا مجيد إلا لغة 
القوة؛ لتجئ ثالثة الأثافى ممثلة فى السكون وانعدام 


«الحركة لتدمغ المجتمع كله. فالأبناء يجب أن يرثوا الآباءء 


وان تعذر الأمر فواجب الأبناء أن يقاسوا على مقاسهم 
بما يستعيد آیاسهم ویبقی علیهم بعد مات» فهل من 
سلفية وواحدية أبشع من هاتين ؛ ثم ندعى بعد ذلك أننا 
ضدهما؟!! 


إن الال الشكل والمضمون عند سلماوى إنما 
يتخلل كل شخصياته وبالتالى يؤثر على أحداله؛ 
فالارهابی التتکر فى ثياب فتاة منقبة إنما يوقف زهرة فى 
الطريق عبر وسيلة «الأوتوستوب»؛ وهو ما يجعلنا نتعجب: 
لماذا لم تمساءل زهرة عن سر هذا التناقض بين شكل 
المنقبة وسلوكها قبل أن تستقدمها إلى بيتها؛ إذ من 
المفترض أن يمنعها تدينها المفرط والمبالغ فيه عن مثل 
وسيلة «الأوتوستوب»؛ ليعحول ماهو ٍشاری (ملایس 
النقبة بوصفها علامة لتدينها) إلى ما هو رمزى (غفلة 
زهرة بل غبائها) » وكذلك الحال بالنسبة إلى العلاقة بين 
مسطفی الثرر صاحب الجلياب والحية وبحمد ار 


۷۹ 


سامح مهرك 


به» ما يوحد بين الشخصيات الرئيسية فى المسرحية» 
فكأنهم جميعا فى واحد. 

إن أهم ما يؤخذ على نظرية بارسونز أنها سكونية» 
لم تتعامل مع المجتمع بوصفه كلاً متحركا دينامياء 
يمكن لمؤسساته أن تنقلب على بعضها البعض بسبب 
من الصراعات والتناتضات مختلفة الأسبابء وهذا 
بالتحديد ما يعطى الأدب والمسرح - من حيث هما جزء 


الراجع, 


(۱) مسرح التفییر: مجموعة مقالات (بیروت: دار ابن رشد» سنة ۰0۱۹۸۳ ص ۰4۳ 





من أنظمة فرعية - استفلالهما عن الدولة» ما من شأنه 
أن يحدث نوعا من الجدل الفعال يدفع بالمجتمع كله إلى 
الأمام بدل المساهمة فى إعادة إنتاج تصورات السلطة عن 
نفسها لتصبح ثقافتها هى المرادف للحقيقة؛ رلتصبح 
مهمة الكتابة منحصرة فى تلقين الخضوع والتبعية» 
ولیستمر امجتمع فى أحاديته وواحدیته» تتعاظم داخله 
الدیکت‌اتوریات وتنمو الااهات السلفية» ویعممل کل 
منهما علی تقوية الآخر وتدعيم ركائزه. 


(1) انظر: أرسطو طالبس» فن الشعرء مخفيق وترجمة: شكرى محمد عياد (القاهرة: دار الكاتب العربى للطباعة والنشره منة 15573) ص ۱۵۸ .8٩‏ 

(۳) حنا عبود؛ النهضة العربية: واقع أم أمنية؛ مجلة دالوحدة» , العدد ۸۱ الستة السایعة؛ بونیو سنة 21541 ص 49 . 

(4) أحمد عتمان» قناع البرهختية. (القاهرة: ایجیتوس للنشر والتوزیم» سنة ۰6۱۹۹۲ ص ۲4 

(۵) مولوین میرشنت» کلیفورد لتش» الکومیدیا والتراجيديا؛ نرجمة: على أحمد محمود؛ ملسلة عالم العرفة: العدد ۰۱۸ ص ۰۸ 

() جولیان هلتون» نظرية العرض السرحي, ترجمة: نهاد صليحة (القاهرة: وزارة الثقافة» مهرجان الفاهرة الدولی للمسرح التجریی) ؛ ص ۰95 

(۷) ابحاث في الفضاه ۱ ؛ مجموعة مقالات» ترجمة: نورا أمين (القاهرة: وزارة الثقافة» مهرجان القاهرة الد التجریی) , ص ٤۷‏ . 
ی » مجمو: ترجمه: ور" امین *اهاهرة: وزاره مهر مر ج التجریی؟۰ ص 


(۸) الرجم السابق» ص ٤۷‏ . 
() الرجع نقسه» ص ۰٩‏ 
( الرجع نفسه» ص ۰4٩‏ 


(۱۱) أمين العيوطىء المسرح السياسى» «مجلة عالم الفكر» . انجلد لربع عشر؛ المدد الرابعینیر- فبرایر - مارس سنة ۱۹۸۸+ ص ۰۹۰ 
(۱۲) بییز زیما: لنقد الاجتماعی؛ ترجمة: عايدة لطفی (القاهرة: دار الفکر للدراسات رالتشر والتوزیع» ط۱» سنة »6۱۹٩۱‏ ص ۰۲5 
(۱۳) مارتن إيسلن؛ مجعال الدراما؛ ترجمة: سباعی السبد (الفاهرة: وزارة القافة, مهرجان القاهرة الدولی للمسرح التجریی) ص ٠۹۰‏ . 


(۱6) جولیان هلتون؛ نظرية العرض السرحی, مرجم ساب ص ٤۲‏ . 
(۱6) الرجم السابق» ص ۰4۲ 


(۱۷) بانریس بافیس, السرح فی مفترق طرق الثقالة» ترجمة: سباعی السید (القاهرة؛ وزارة اثقافة, مهرجان القاهرة الدولی للمسرح التجریبی) , ص ۰۸۲ 


۷ المرجع السابق» ص ۸۲. 


(۱۸) انظر: سمیر سرحان, التيارات المعاصرة فى المسرح الأمریکی» مجلة «فصول؛؛ امجلد الثانى» العدد الثالث» أبريل» مايوء یونیوه سنة ۰۱۹۸۲ ص ۱ ۰۱٩‏ 
(۱۹) صبری حافظ » لدب واجتمع مجلة «فصول»» اجلد لول العدد لانی؛ بنیر ۱۹۸۱+ ص ۰۷۰ 


(۲۰) بیز زیماء القد الاججماعی؛ مرجم سابق» س ۲۰. 


() انظر: لویس عوض» تاريخ الفكر المصرى الحديث (القاهرة: الهيثة المصرية العامة للكتاب» جد ۱ منة ۱۹۸۰ ص ص من ۳۳۸ (لی ۳۵۰ 


تنقسم النظم الأبوبة إلى نقليدية ومستحدثة؛ ونعنى بالتقليدية التشكيلات الاجتماعية السابقة على ظهور الرأسمالية؛ رهى تشير إلى بنى كبرى تدمثل فى الدرلة 
وامجتمع والاقتصادء رأخرى صخرى متمثلة فى العائلة والشخصية الفردية. ولمزيد من الإيضاح انظر: هشام شرابى؛ النظام الأبرى واشكالية تخلف المجسمع العربى» 
ترجمة: محمد شريح (بيروت: م ركز دراسات الوحدة العربية)» ص ۲۱. 

(۲۲) السید عبد الحليم الزيات؛ المتقفون المصريرن بين جدلیات التشاة واشکالیات الفعل» مجلة «الوحدة» , الستة السادسة؛ العدد ۹۷ » مارس ۱۹۹۰ء ص ۱۵۰ 

(۲۳) لوس عوض: تاریخ الفكر المصرى الحديث؛ مرجع سابق» ص ۳۵۸. 

(۲4) انظر: سمبر آمین؛ أزمة امجتمع العربى (القاهرة: دار المستقبل العرنى ؛ ع١‏ ء سنة 0۱۹۸۵ ص 7119 

(۲۵) يجيب محفوظ مجموعة تحت المظلة » مسرحية التركة (القاهرة: دار مصر للطباعة» دون تاريخء ص 119/5 

(۲) محمد سلمارى؛ مسرحية الزهرة والجنزير مجلة «القاهرة»؛ العدد (۱۲۰) توفعبر ۰۱۹۹۲ ص ۰۱۰۸ 

۷ المرجع المابق» ص 155 , 


A. 





والرجوع إلى الذات 
فى التنظير ا مسسرحى العربى 





عبد الرحمن بن زیدان" 





بفرض علينا الحديث فى موضوع التنظير للمسرح 
العربی؛ البحث عن البررات والسوغات التی تقبل بها 
تناول هذا الموضوع بالتحليل والمناقشة؛ حتى نضبط 
مکرنانه, واختلافانه. وسجالاته» ومحاولاته الرامية إلى 
تجديد الأسئلة حول الممارسة المسرحية العربية؛ وهذا 
التنظير الذى نعتبره بداية حقيقية لتعرف الممارسة 
العملية» وإيذانا باكتساب أسس المعرفة النظرية التى تبداً 
بالتطبيق واقتحام آفاق جديدة؛ ترسم ملامحها وأخاديد 
وجودها بدينامية الظاهرة وما ينتج عنها من أسكلة 
وخصوصيات. هذه المعطيات يمكن أن تكون مدخلا 
لقبول التنظير انطلاقا من الحقائق التالية: 

١‏ - توفر تراكمات نوعية فى كتابات التأصيل 
النظرى» سراء كان ذلك فى البحوث أو البيانات» 
أو مداخل بعض المسرحيات التى تتوخى إنتاج نظرية 





» كلية الآداب» مكتاس» الغرب. 





للمسرح العربى: تكون وظيفتها الاشتغال على مفاهيم 
دقيقة» ومنهج محدد يعدل التحديد الموروث للمسرح. 

۲ - عمق مفهوم التنظير فى هذه التراكمات؛ حيث 
يتضمن جدلية بين الخصوصية والكونية» الذات 
وا موضوع» الفرد والجماعة» ويدرك إدراكا نقديا ما يراد 
تحقيقه وإيجازه» وهو إحداث قفزة نوعية مجعل المجتمع 
العربى مجتمعا تاريخياء ومن وعيه وعيا تاريخياء كذلك. 

* - قيمة الرؤى التى تكون هذا التنظير؛ فهى 
إيجابية وسلبية فى الوقت نفسهء تأسيسية ولا تأسيسية: 
نها تسس منطقها بهدم وتجاوز سكونية ما سبقهاء إنها 
نقد جدلی حی» فعل غیر تام» وغیر نهاگی؛ لأن سؤاله 
متجدد ومتحول» متفیر وغیر ثابت. 

6 - کون هذا اتنظیر رژية للمالم؛ فهو لیس واقعة 
فردية منعزلة عن سيرورتها التاريخية:؛ بل هو واقعة 
اجتماعية تنتمی إلى مجموعة أو طبقة. إن هذه الرئية 


۸. 


عبد الرحمن بن زيدان 


تقرّبنا من منظرى المسرح العربى - أفرادً كانوا أو 
جماعات ‏ وهم يعيشون الصراع بين الوجود القائم 
والبحث عن الممكن. إنها تدنينا من التناقض الذى 
يسكن النقد المسرحى العربى؛ لنكتشف انعدام الوعى 
النقدی الضدی فى المحاولات التنظيرية لدى الرواد» 
وللتعرف تلك احاولات التی کانت توئیقا احالیاء يعيد 
فيها النص الکتوب توئیق سلطة اللص القدیم» وهيمنة 
الغرب مرجعا يحال عليه. ولنصل فى النهاية إلى حرص 
العنظير الجديد على إثارة الأسئلة التى لم تثر بعدء 
والعمل على خلق ظاهرة جديدة مناقضة للقديم» بمعنى 
الشورة على التقليد المسرحى المعروف؛ ومحاولة إحلال 
«تقليد» أدبى جدید محل النغلق واحنط . 

إن مثل هذه المسوغات؛ مجعلنا نملك إمكان الحديث 
عن تنظير مسرحى عربی» كما مجعلنا نؤكد أن الإجابة 
الحقيقية عن الأسثلة الجوهرية والحقيقية ‏ فى هذا 
التنظير - كانت تملك حيويتهاء على اعتبار أن كل 
مرحلة تاريخية للمجتمع العربی - کانت ولا تزال - 
تفر ض ؛ بل تتطلب» جوابا نقدیا متمیزا؛ هذا النقد الذی 
يغنى مخربته من المعرفة الدققة بما ینظم هذا انجتمع؛ وما 
يجعله غير منظم كذلك. إن أية تجربة أدبية أو نقدية 
مجردة من زمنها الفنی» علی حساب العناية بمضمونها 
الفنی الجدید - أو العكس - هى جربة تفتقر إلى كثير 
من الدلالات التحليلية والجمالية الکامنة فیها شكلا 
ومضمونا. 

نا تسیل مع عبدالكريم برشيد: 


«التنظیسر السرحی» ماذا یعنی» وأی شوم 
یفید؟ 

إنهء بلا شكء التساؤل عن حقيقة وجوهر 
الفن (العلم) الأدب المسرحى؛ التساؤل الذى 


وكل مانراه من 


وم واداب وفنون 


AY 


ود ااا صصص 0 0 ل 


وصناعات» إن هو إلا أجوبة عن أسثلة سابقة» 
أسئلة نظرية عن طبيعة الأشياء وعلاقاتها فيما 
بينهاء وعن مصدرها وعن قوانينها الكامنة 
فيها. 

عندما نعساءل یولد العلم! الفن» وعندما 
یغیب التساژل فانه لا شوم یحضر غیر السکون 
والثبات ۲ . 


إذا كان السؤال هو محرك التنظير» وهو المححكم فى 
إنتاج المعرفة» فإننا بدورناء سنعطى مخديدا للجهاز النظرى 
- المعرفى الذى تولد عن التجرية المسرحية العرببة» فاغتنى 
بهاء فتشكلت بعدما اكتمل إهابه» أى بعد أن تخددت 
بنیانه, وترابت» بعدما صاغ رؤاها المتعددة. 1 

ان ول حقيقة تکشف لنا عن نفسها هى أن صياغة 
نظریات السرح العربی کانت وليدة الحقل العرفی العام 
للفکر العربی العاصر. وٍذا کان هذا الحقل - لا يزال- 
مشروطا بمحددات تاريخية عامة» فانه سیکون لهذه 
المحددات أثرها القوى فى تبلور ونکون مفاهيم هذه 
النظريات باعتبارها مشروعا ثقافيا نهضويا؛ أى مشروعا ' 
ينخرط فى تحديد موقف نظرى من إشكال النبهضة 
باعتبارها الاشکال انحوری فی بنية الفكر العربى الحديث 
والعاصر أى أن خطابها ذو طابع سجالی لا یمکن آن 
يقرأ لا باعتباره مجموعة من ردود الفعل التنوعة» لیس 
فقط تجاه معسضلات الواقع» بل أيضا تجاه أشكال 
الخطاب السائد فى المسرح وأشكاله» والأسس التى يستند 
عليها الفعل المسرحى» وبناء النص فى علاقته بوظيفته. 
اه التنظیر الذی لا بنطلق من فراغ؛ وإنما من العلاقة 
التى کمه وتضبط خطاه» نها القاعدة الاساس التی 
بموجبها تتبلور مفاهيمه ودلالاته. 

عندما نقول: إن أية نظرية لا تنطلق من فراغ» فهذا 
ما يؤكده رينيه ويليك بقوله: 


ااا سسسسسسسس سس سح إشكال الغرب والخصوصيات 


إن النظرية الأدبية والمبادئ والمعابير الأدبية لا 
تنشأ من فراغ» فكل ناقد فى التاريخ توصل 
إلى نظرية عن طريق الاتصال بالأعمال الفنية 
ذاتها التى كان عليه أن يختارها ويفسرها 
ويحللهاء أن يطلق عليها فى النهاية حكما. 
وآراء الناقد ومفاضلاته وأحكامه الأدية 
تدعمها وتطورها وتؤكد نظرياته. وهو يستمد 
نظرياته ويدعمها ويمثل لها من الأعمال 


الأدبيةة" . 


رانطلاقا ما قال رينيه ويليك» نرى أن التنظير 
للمسرح العربى لم ينشأ من فراغ» كما لم تأت عناية 
النقاد بالأسثلة الصعبة صدفة. ولكنا جد أن العناية بجذور 
السرح العربی» وطبیعته ووظیفته فی الحاضر؛ لم تکن 
بمعزل عن الاضی الذی مهد لوجودها» سواء فى 
صلاتها بالأمس» أر فى تفاعلها مع الحاضر. إننا هنا 
نضع فارقاً فى النظرة التاريخية الحاضرة التى تعرف كيف 
تتشم ذلك التراث فکرا وزمنا متجددا متطورا لتقديم 
جواب دان 'للى وصيعية مطروحة هى: (هوية المسرح 
العربى؟. إنه البحث فى هذا الإشكال بغية خلق توازث 
بين الذات الفاعلة والوضوع الذی مورس علیه الفعل ؛ 
انها الفرضية الجوهرية لنظریات السرح العربی» وهی 
مقبولة بالبداهة؛ شريطة ألا تکون فرضية مطلقة. 
لقد تولدت من هذه الصلة بالاضی - ومن الوضعية 
الطروحة - «هوية السرح العربی» واحفزات الوضوعية 
التی جلبت توفیق الحکیم وعلی الراعی ویرسف (دریس 
إلى ساحة التأمل والقراءة النايرة والتمددة للظراهر 
السرحية العربية؛ ساحة كانت مليئة برغبات استنبات 
الأصول ٠‏ أو غرس أصول جديدة» بأمل إثارة الانتباه إلى 
أهمية وفعالية وضع أصول للإبداعية العربية فى الحقل 
المسرحى. وهو ما جعل آراء توفيق الحكيم ‏ فى هذا 
انجال - تقوم على الاختيارء والتفسيرء والتحليل؛ حيث 
جعلته يصوغ موقفه من الاضی والحاضر بعد أن تعامل 


مع أنواع التمثيل كافة؛ من الأسطورة إلى الحلم والرمز 
والإيديولوجيا وحتى الشعور بالعبث. ففى نطاق البحث 
عن قال مسرحى عربى ده یقول: 
دفلا غضاضة إذن فى البحث والتنقيب 
داخل ماضينا السحيق لننفض الغبار عما 
يمكن أن يصلح لعصرنا الحاضرء وعما 
يمكن استخدامه لحمل آثار الحضارة التى 
فنحن إذن ببعثنا الحاكى والمقلد والمداح 
وجمعهم معاء سنرکا أن فى استطاعتهم أن 
يحملوا آثار الأعلام من أسخيلوس وشكسبير 
وموليير إلى إبسن وتشيخوف حتى بیراندللر 
ودرنمات.. كما أن فى استطاعتهم أن 
يحققوا الأمل الذى طلما تمناه الجمیع فی 
كل مكان وهو: #شعبية الثقافة العلياء» أو 
بعبارة أخرى هدم الفاصل بين سواد الشعب 
وآثار الفن العالی الکبری»۲۳. 
إن توفیق | لحکیم یبحث فی «قالبه السرحی» عن 
الصيغة المستحيلة» (أورو عربية»» إلا أنه لم يستطع التحرر 
من منافسة الشكل الغربى» والنجاح على المستوى 
التطبيقى» إنه فى تنظيره كان يهدف إلى التخطيط 
لمستقبل مسرحى يريد أن يكون على صورتين والأناء 
ووالآخر / الغرب». إنه التنظير الذى يمارس من منطلق 
ثوابته عنف الخضوع والإخضاع. إنه التخطيط الذى 
یقیس وجوده بوجود الغرب» وهو ما وجدنا له مثیلا فیما 
کتبه یوسف |دریس فی دراسته #نحو مسرح مصری؟ 
المنشورة فى مجلة «الکانب» عام ۶ من يناير إلى 
مارس» الغى ضمها إلى أعماله الكاملة فيما بعدء فهر 
عندما تساءل: «أين السرح الصری؟» كان قد حدد 
الجواب مسبقا؛ وهو تخويل الغائب حاضرا فى ممارسة 
مسرحية تکون فیها مواهب الشعب التمثيلية والتأليفية, 
ووجدانه وعقله الباطن والواعی؛ مواد خاماً للمسرح 


AY 


عبد الرحمن بن زيدان تت لت يبي ا عن ص ۳ 


الشعبى المدمثل فى السامرء سيما وأن بداية مسرحنا 
العاصر - فی رأیه - کانت ولادة غیر شرعية للمسرح 
الفرنسی : 
«هذه الح رکة التی تعتبر بداية حقيقية لسرحنا 
المعاصر نستطيع أن نسميها بكل ثقة أنها 
كانت ولادة غير شرعية لذلك المسرح بحيث 
نشأ مسرحنا كخفيد ملفق للمسرح الفرنسى 
في القرنین الامن عشر والتاسم عشرء وتطور 
الأمر من الترجمة الحرفية إلى التعريب 
والاقتباس؛ وليس فقط ترجمة واقتباسا 
للنصوص وإنما لمدارس التمشيل وللتقاليد 
المسرحية“ . 
هذه - فى رأى يوسف إدريس - المشكلة التى تواجه 
جميع المشتغلين بالمسرح المصرى والمهتمين به» لأنها- 
ا ی ی 
رحده؛ ولکنها تشمل طرق التمشیل رالإخراج وحنى 
شكل المسرح نفسه وهندسته. ولأنها مشكلة خطيرة» فقد 
جعلته يقترح تطوير المسرح الذى يتسلاءم والطبيعة 
المصرية : 
«ولکی نکتشف مسرحنا الحقیقی الخاص بنا 
علينا أن نسلك طریقا مختلفا تماماء یکاد 
یکون عكس الطريق الأول؛ طريقا أشق قليلاء 
لأن علينا فيه أن نکتشف أنفسنا ونکشفها 
فى نقطة يكتنفها غموض كثير هى طبيعتنا 
الدرامية وكنهها المسرحى 0005 . 
إلا أن إدريس سرعان ما يناقض نفسه بنفسه؛ 
ویدحض دعوته» عندما يعتبر أن تأسيس مسرح عربى 
يعتمد على السامر الشعبى» سيبقى رهين الغرب؛ 
إننى أعتقد أننا مهما غيرنا وبدلنا وطورنا فى 
المسرح الأوروبى فستبقى طبيعته أوروبية بعيدة 


عنا بعد أوروياو 9 , 


A 


أما على الراعى» فقد أثار نقاشا حادا حول صيغة 
الارتجال المصربة» لكونها أصيلة وغير مستوردة من 
الغرب لذاء يدعو إلى خلق مسرح مرل يهم بلغة 


العرض التی یشترا ك الكل ف فى إبداعها وعرضها بشكل 
ارتغالی بدل النص الکتوب سلفا؛ ولکی تتشکل هذه 


الصيغة المسرحية يجب أن يكون العرض شاملاً تمتزج 
فیه الدراما بالرقص, والغناء والموسيقى والرقص عرض 
يرضى عنه الحضور فى مشاركة تلغى ثنائية الممثل/ 
المتفرج دون تكلف أو افتعال. إن فنان الارجال عند على 
الراعى ينبغى أن «بنظر إلى مسرحه على أنه عرض شامل 
لفنون عدیدة؟ ؛ فهسو یستخدم الرقص والغناء الشفبی 
حاصة لامتا ع التفرجین «ولاصدار حرکات ورموز بروح 
جدیدة لاتخاطب العسقل بقدر سا تخاطب الحس 


کله , 


التنظير للمسرح العربى بين القبول والرفض 
لقد ظلت الدعوة إلى قالب مسرحى عربى؛ وإلى 
شكل السامر والكوميديا الرتخلة, مسکونة بهذا الجدل 
البدئی حول جذور السرح العربی» ووظيفة العمل الفنى 
داخل الجتمع العربى ليصبح ذا شكل خاص. 
إن هذا النوع من التنظير ‏ فى خطوطه العامة - 
بهدف فی نظرنا إلى وضع قواعد وأسس لأشكال أدبية 
خاصة كالفن المسرحى» مما يدعونا إلى وصفه بالجمالية؛ 
لأنه يضع الطرق والأهداف التى يتبعها الآخررن فى 
مارستهم الفنية. ويعتبر محمود أمين العالم هذه العملية 
إيجابية وذات دور فعال وحيوى فى المجال الثقافى؛ لأنها 
تکسبه قونه وانسجامه؛ وفى رأيه : 
«أن الفكر النظرى هر عصب الثقافة» 
والمصدر الأساسى لكل تعبير أو مسلك إنسانى 
أدبيا كان أو فنيا أو إداريا أو تشريعيا أو 
اقتصاديا أو تربويا أو سياسيا أو عسكرياً. 





إنه وراء کل فعل |نسانی مستترا كان 
أو ظاهراء إنه منظومة الفاهیم والتصورات 
العامة التى يستند إليها الإنسان فى تعبيره 
ومسلكه؛ وهى خلاصة خبرته الاجتماعية 
الحيّة؛ ووسسيلة لمعرفة الواقع من حوله 
والسیطرة علیه)(۸. 
ولذا اعتبرناآنتنوع مارب السرح العربی - متعددة 
الشارب والامجاهات - قد آثرت بشکل قوی فی نحت 
مجموعة من الأحکام لأدبيةء والناهج» والطرق التی 
تبناها النقد السرحی عامة» والتنظیر بخاصةه فان التفویم 
الإبداعى لهذه التجارب يؤكد أن التنظير للمسرح العربى 
الإبداع, أو الأب الذى يلد الإبداع: الشئ الذى يضمن 
حيوية هذا الفن وججديده. ثم إن قبول التنظير وإيجاد 
العلاقة بين الإبداع والتنظير؛ يجعلاننا تتساءل متى 
يتصلان؟ ومتى ينفصلان؟ هل حقيقة أن حضور 
أحدهما لا يمكن أن يتحقق إلا على حساب غياب 
الآخر؟ يجيب عبدالكريم برشيد عن السؤالين قائلا: 
«التنظير السرحی هدم وبنای نفى وإثبات» 
تشكيك وإيمان» لأنه لا يقنع بالجاهز 
الثابت» کل شوه لدیه متحرك ومتجدد. إنه 
کعلم؛ أى كمجال للبحث التجريبى 
والیدانی الستمره*۲. 
عندما طرح جاك بيرك السؤال التالی: «أين السرح 
العربى من عالم اليوم؟6: كنا نعتقد أن الجواب سي ؤكد 
الحضور والموقع لهذا المسرح فى الآدب العربى والحياة 
العربية؛ لكن النفى؛ والإلغاءء والتشكيك فى وجود 
الإجابة عن سؤاله من منطلو مغایر» ومن القناعة التى 
تکشف عن المارسة التی تمتح مكونات وجودها من 
التجریب» ومن اکتشاف آفاق جدیدة. یقول جاك بيرك: 


إشكال الغرب والخصوصيات 


«فالمسرح العربى لا يزال يفتقر إلى اللون 
التراجيدى (أو (المأسارية) كما يحاول تعريفه 
علماء الأدب العربى الآن) رغم وفرة 
المواضيع الملائمة؛ ولا يعبر عن هذا اللون إلا 
فی الشعر والقصص. ولکن» أليس الاضطراب 
والغيبوبة» وعلى حد قول الکلاسیکیین» 
أليست «الشفقة والهلم» هى التى تمد 
الغناء الذى يملا المسرحية عوضا عن أن توفر 
السرحية اللون الدرامی»(۱۳. 


إن هذا الوقف لا یجیب عن السوال الطروح 
«السرح العربی کائن أم غیر کائن» الا بهدف التشكيك 
فی الوجوده وجعل الحاضر غائسا؛ والناطق صامتا» 
والجلى خفياء والسؤال جوابا قاطعا. إننا نعتبر أن مثل هذا 
الموقف جزء لا يتجزأ من عملية الرفض والنفى لكل نظرء 
وتخليل واجتهاد وتساؤل يمكن أن يقدم المسرح العربى 
على حقيقته. ونضيف إلى موقف جاك بيرك القائم على 
القول ب «طغيان الغنائى على اللون الدرامى فى كتابة 
النص المسرحىة إلى الاراء التى ترفض التنظير بدعوى: 
١‏ التضخم فى البيانات المسرحية والتنظير؛ فى 
الوقت الذى بدأ يقل فيه عدد العروض المسرحية 
بل وتقلصت الممارسة. 
١‏ - عدم وجود تراكم مسرحى يؤهلنا إلى الدخول 
فى مرحلة التنظير. 
۳ - ان اکتمال صورة التجارب السرحية العالية وما 
وصلت الیه من تنوع واختلاف |نما كان من 
باب التطبيق والممارسة ولیس من باب التنظیر. 
؛ - یاب الجدل الفنی؛ والسجال الفکری 
- الجماعی - فى زمن طفت فيه الفردانية التى 
یبحث فیها الفرد «النظر4 عن الزعامة ومخالفة 
الجاهز والعروف الشائم. 


عبد الرحمن بن زيدان 


ه - إحفاق وعجز النظريات العربية كلها وفى 
جسيع المجالات ‏ عن إنتاج جهاز نظرى 
مستسقل» سواء من وحى معرفتها الأصيلة» 
أو بالاتصال بمعرفة ثانية. 

لقد قابل هذا الرفض دعوة ملحة إلى اعتبار التنظير 

عملية تجديد» والتجدید - طبعا ‏ يفضح التقليد وبعريه. 
فهر ينطلق من منطلقات فكرية جديدة ومتحررة؛ وبذلك» 
فهر يدرس المفاهيم الشائعة؛ والمصطلحات الرائجة» بغية 
تكوين نظرية تضم مجموعة من المبادئ العامة المتناسقة 
والتفسيرات المترابطة؛ والناهج اللوعية التى تنبثق من 
درجة كبيرة من التفحص الشامل والدقیق للظاهرة 
السرحية فی العالم العربی. 
ونحن نرى أن أحد المعايبر الأساسية لقيمة مثل هذا 
النعاج؛ هى مقدار تمثيله لرؤية متناسقة للعالم على 
مستوی الفهوم» وعلى مستوى الصورة اللفظية أو الصورة 
الحسية؛ خصوصا: 
درآن التفسیر العلمی لنتاج ماء لا ینفصل 
عن إبراز قيمته الفلسفية أو الجمالية» ما 
یفترض استخراج الرژية العبر عنها والتأویل 
الوضوعی لها. نحن نعرف مع ذلك أن الرؤية 
التناسقة لیست هی العیار الصالح الوحید. 
فی العلوم تتدخل الحقيقة, آما فی الفن فان 
المعايير تناسب الواقعية 10" , 
إن إبراز القيمة الفلسفية والجمالية لنظرية المسرح 
العربى إنما تكمن فى الطفرة النوعية التى بلورت المبادئ 
العامة فى التنظيرء وهى نتجلى؛ بوضوح أكثرء فى رؤيتها 
الهووسة بالدعوة الی محصین السرح العربی من خطر 
کل تیار تغريبى يريد أن يبحر به فى غير مجراه الطبيعى. 
إنها تحمل فى ذاتها معنى التقعيدء أى وضع قواعد 
جديدة وفق تصورات معيئة؛ ورؤية للعالم نعكس مجموع 
الطموحات, والشاعره والأفكار التى تضم أعضاء 


۸1 


کے ج ع ع > او س ع ج ی 


مجموعة أو فرقة. إنه مخقيق لهذا الوعى الطبقى بطريقة 
واعية ومنسجمة إلى حد ماء وذلك بواسطة عمل يقوم 
على أساس النقاش: يناقش الذى قبله؛ ويقدم نفسه 
أيضا ‏ للنقاش؛ وهو ما يجعل من المنظر- فى جماعة 
أو فرقة ‏ واضعاً للقواعد الجديدة التى على الناقد أن 
يستجليها من العمل الإبداعى أثناء عملية تناول النص. 
وبهذا يفيد النقد من التنظين كما سبق أن أفاد التنظير 
من النقد؛ لیکون مجموع الانتاج النظری - فی نهاية 
الطاف - مشروعاً ثقافباً لالهضة والتحدیث, لانه یقدم 
تصور السرحیین للحاضر والستقبل. وهو - بالطبع - 
تصور ثقافی صرف, انطلاقا من کون انجمهود الثقافی 
طفی علی کل جوانبه, زيادة على هدفه الرامى إلى تطوير 
الفمل السرحی؛ تطويراً بحمل معنی الجماعة ومارستها» 
لتركيز جملة مفاهیم وتصورات لتحقیق هذا التطویر. 
عندما قلنا إن نظرية المسرح العربى لم تأت من فراغ» 
فهذا يؤكد ما قاله ربنيه ويليك حول تأسيس أية نظرية 
أدبية؛ مشبرا إلى أن لكل المذاهب الأدبية والفكرية 
إرهاصات سابقة؛ وأن قنوات الحوار تبقى موصولة بين 
التقافات والازمنة والامکنة» وفی ذلك یقول: 
«لابد من أن نعود إلى مهمة تشييد نظرية 
أدبية» أو نظام من المبادئ أو نظرية قيم تستمد 
بعض أفكارها من نقد الأعمال الفنية ذاتهاء 
وتستمد بعضها الآخر من التاريخ الأدبى. إلا 
أن هذه الفروع الثلائة مستقلة عن بعضها 
وستظل كذلك: فالتاريخ لا يستطيع أن 
يستوعب النظرية أو يحل محلهاء والنظرية لا 
يمكن أن تلم باستيعاب التاريخ)"' . 


هذه التمبيزات التى وضعها رينيه ويليك ممتاج إلى 
توضيح أكثر وتخليل أعمق» خصوصا غندءا نريطها 
بإشكال الحديث عن نظرية الآدب والنقد والتاريخ. إنها 
التمييزات والاهتمامات المتعلقة بمسائل التفسيرء وحديد 
الصفات والخصائص» ثم - بعد ذلك - التشمین 





والتقويم؛ وهى المسائل التى تعد من المميزات الخاصة 
للدراسات الآدبية. إنها الأمور التى نميز بها بين نظرية 
الأدبء والنقد» والتاریخ؛ وهو ما جعل «وبليك؛ يؤكد 
استقلال هذه الفروع عن بعضها حیث قام برفقة آستن 
وارين برصد هذا التمييز. علينا أولا - يقول وارين 
وويليك: 
«أن نميّر بين النظر إلى الأدب كنظام غنير 
خاضع لاعشبارات الزمن» وبين النظرة التى 
تراه فى الأصل على أنه سلسلة من الأعمال 
المنظمة حسب نسق تاريخى؛ وعلى أنه أجزاء 
متممة للعملية التاريخية. ثم هناك تمييز أبعد 
من دراسة البادی والعاییر الاديية ودراسة 
اعمال معينة سواء أکانت دراستنا لها حسب 
الکسلسل التاریضی و[ کذا] بمعزل عنه؛ 
ويسدو من الأفضل أن نلفت النظر إلى هذه 
التمییزات بان نضم فی باب «نظرية الادب؛ 
دراسة مبادئ الادب» مقولاته؛ معاییره وما 
أشبه ذلك» وبأن نفرقها عن دراسة أعمال 
فنية معيئة بتسمية هذه اسم والنقد الأدبى» 
(وهو سكونى فى معالجته) أو باسم «التاريخ 
الادبی»» وبالطبع» ان «النقد الادبی» 
يستعمل غالبا بطريقة يتضمن معها كل 
نظرية الأدب» غير أن مثل هذا الاستعمال 
يهمل تمييزاً مفيداً. كان أرسطو منظراء 
وكان سان بوف... فى الأساس اقدا"'. 
ودون شكء فإن التمييز الذى وضعه رينيه ويليك 
وأستن وارين بين نظرية الأدب والنقد والتاريخ» جاء 
بسبب التداخل فى استعمال مصطلحى «نظرية الأدب» 
و« نظرية النقد»» بالإضافة إلى مصطلح ثالث هو «نظرية 
التاريخ الأدبى) . ومن اقتراحهما التمييز بين نظرية الأدب 
بوصفها ذات طابع نظرى مبدئى» و التاريخ الآدبى والنقد 
الأدبى بوصفهما ممارسة للنظرية» نرى أن المشكلة ليست 


إشكال الغرب والخصوصيات 


فى التداخل وحده؛ ولكن فى التصور؛ ذلك أن نمو 
النقد النظرى أخذ بالتدريج يجعل من فهم طبيعة الأدب 
ووظيفته جزءاً من نظرية النقد. 

وبعيدا عن الشممیم» نقول (ٍن نظرية الأدب تتناول 
أمورا مثل طبيعة الأدب» ووظيفته وعلاقته بأنظمة المعرفة 
الأحرى» والعملية النفسية للإبداع الأدبى؛ وسر تأثير هذا 
الإبداع وسيرورته» ووظيفة اللغة والبيان والتصوير والخيال 
الخطيبء إن نظرية (النقد) ستنطلق من هذه الأمور 
لتصب اهتمامها علی طرق خليل النصوص وتذرقها 
والکشف عن مکوناتها من جهة. ولتتمامل بالتفصیل» 
من جهة أخرى» مع أمور نظرية وفنية؛ مثل مبادی) النقد 
والتمییز الذوقی؛ والأسی النظرية لناهج اللقد؛ ونقاط 
الالتقاء والشمایز بين الأجناس الأدبية» وأصالة الأعمال 
الادبية وموئوقیتها» وسیرورتها ومختلف السائل المتعلقة 
بالوقف النقدی والتذوقی منها (*۱. 

علی ضوء ما تقدم» فانه من الستحیل فصل مشاکل 
الإبداع وعوائقه عن مشاکل نقده وتقویمه؛ لأنهما غالبا 
ما يلتقيان ويشتركان فى أكثر من مسألة» وهى المشاكل 
ذاتها التى تعيش فيها النظرية العربية فى الأدب والنقد» 


اسواء فى دراسة مبادئ الأدب ومقولاته أو معاييره 


ومفاهيمه. إلا أن الفرق يظهر فى الرؤية العربية للأدب 
والنقدء وهو الاختلاف الذى تفصح عله وشائجها القوية 
وارتباطها بالتاريخ العربى» وترائه» والعقلية» والمرحلة 
الاجتماعية, ما يدل على أن لكل نظرية هويتها الخاصة 
وتجددها الدائيء كما أن لها صفة الكونية عندما تلتقى 
بالأصول العامة؛ وهذا لا يعفيها من أن تأخذ تلويناتها 
الخاصة» وصوتها المیز من الکان والزمان الذی تنتنی 
إليه. 

إن من هذه الوشائج يتم تشييد أصل التنظير- الذى 
هو الظاهرة السرحية - الذی یحقق ذاته من جود تراکم 
کمی/ تراکم نوعی للعمل الابداعی عامةء وللسرح/ 


Av 


عبد الرحمن بن زيدان 


الفرجة من حيث هو ممارسة وتطبيق. إنه يتكون فى 
الرحم الذى ولدت فيه الممارسة» ويتفاعل مع المعطيات 
والميكانيزمات المتحكمة فى خلق الظاهرة» أو الظواهرء 
لکی بخلن الفاهيم؛ ویحدد التصررات؛ ريطرر فعل 
ناه لکی تترسخ نرب السرح الجمالية فى نسيج 
التجزية الاجتماعية لتحریر السرح فی الوطن العربی من 
جمود الصيغة الاوروبية. 
' من هناء سنتسسامل مع نظریات المسرح العربى 
والبيانات الصادرة من الجماعات»؛ ولا نقول المدارس» 
مقربين إلى اهتمامنا النظرية بوصفها ذات طابع نظرى 
مبدئى؛ متجاوزين فى كثير من الأحيان التاربخ الادبى 
والنقد الأدبى بوصفهما ممارسة للنظرية. 
إننا نعتبر أن الكتابات التنظيرية لتوفيق الحكيم؛ وعلى 
الراعی؛ ويوسف إدريس» وبيانات جماعة المسرح 
الاحتفالى بالمغرب» وفرقة الحكواتى اللبنانية» والسرادق» 
والمسرح المتجول بمصرء والمسرح الجديد بتونس» وماكتبه 
سعد الله ونوس؛ وعلى عقلة عرسان؛ ورياض عصمت 
من سورياء إضافة إلى «الفوانيس» الاردنية» جزء من بناء 
ثقافى عام دخلت فى تكوينه قوانين عكست الواقع 
المتحرك» فلم تكتف بالتألف معهء بل صار عنصرا يحدد 
تحويل الموجود. إن وعى هذه الكتابات ليس صورة 
فوتوغرافية جامدة للواقع» ووعيها ليس انبثاقا ميكانيكا 
من العالم المادى» بل إنه انعكاس معقد لتناقضات الواقع 
العربى؛ وهو أى الوعى - إذ يعرفنا بقوانين الواقع 
العميقة» وبالممارسة المسرحية المهنية» فإنه يدل الممارسة 
العملية الجديدة على الطريق البديل للتغلب بفعالية على 
تناقضات الواقع؛ إنه يريد أن يصير قوة حاسمة لتحويل 
العالم وتغييره. من هناء لم تسقط هذه الكتابات فى هوة 
الخلط والسرعة فى الأحكام؛ ولم تنعت نفسها بأنها 
مدرسة للمسرح تريد أن يكون لها مريدون وأتباع؛ وإنما 
تريد فقط للخطاب التنظيرى وللظاهرة المسرحية العربية أن 


۸۸ 


املد لس ااا ةا ااا 


تدمو وتزدهر فى ظل حرية الانتقاد وصراع الرأى. وفى 
هذا الباب ترفض الاحتفالية: 
«أن تتحول إلى مدرسة أو مذهب او مدرسة 
يكون لها تلاميذ أو مذهب يكون له أتباع 
ومريدون وطقوس وتعاليم جامد إن 
الاحتفال فى جوهره هو التعبير الحر والتلقائى 
عن الحياة وهى فى حالة الفعل والحركة لا 
فى حالة الثبات والسكون. 
إننا لا نتقيد بالنظرية الاحتفالية؛ ولا نوصى 
بذلك» لأن النظرية ‏ ومهما جاءت نتيجة 
لاستقراء الواقع» أو من جراء التجريب 
الميدانى - فإنها أبدا تبقى قابلة للنقاش» ومن 
هنا كان التنظير مجرد منطلق فقط للتعامل 
الواعی » سواء مع الانسان (المثل 35 الجمهور 
- القضایا) أو مع المادة (الديكور الملابس - 
وان - الا کسسوار)»(۲۱۹. 
وهو الوقف نفسه الذی قدمته «الفوائیس» فى جربة 
كانت بدایتها: 
- دروس من الحركة السرحية امحلية . 
- دروس من الحركة المسرحية العربية. 
درزس من المسرح العالمى . 
والنتيجة: 
«أسلوب مسرحی واضح العالم» مرتبط 
ارتباطا وثیقا وبحکما؛ بطبيعة السرح العالی 
والعربی؛ واحلی» وملازم للتطور؛ ومعتمد 
على الطاقات والامکانات التعبيرية الشعبية؛ 
القريية والبعيدة زمانا ومکاناه(۱. 
ن میلازمة التطور لدی فرقة «الفوانیس؛ یحمل دلالة 
الح رکة والتغییر والتبدل. وهی الصفة التی محدث عنها 
بیان فرقة «الحکواتی» اللبنانية» القائم علی تغییر نوعية 


ااا سسسسسسسس سس سد إثكال الفرب والخصوصيات 


العلاقة مع الانتاج المسرحى» وتغيير توعية العلاقة مع 
الجمهور؛ وهذا يظهر عندهم فى أسلوب العمل 
الجمعی» وفی اخختيار الموضوعء وفى الككتابة» وفى إعداد 
الممثل؛ وفى سر الإيهام المسرحىء وفى مشاركة 
الجمهور فی تنظیم العروض. 
إننا نعتبر هذه التجارب - فى تعددها وتنوع انتماءاتها 
وأسمائها - ضرورية لإعطاء المسرح العربى اختلافه 
داخل الاثتلاف؛ ووحدته داخل التعددء وتغيره الحتمى 
الذى يساير باقى الأنواع الأدبية الأخرى وسط الحقل 
الثقافى ؛ بعيدا عن التعسف أو التحديدات التى يضع 
الدارسون داخلها الذاهب الأدبية» فیعزلونها عن التفاعل 
والمناقفة والتطور. وهذا ما جعل جماعات السرح العربی 
تنفى عنها صفة المدرسة الأدبية, لأن ذلك أكبر من أن 
يتحمل مسؤوليته فرد أو جماعة. إن المدرسة الأدبية كما 
یعرفها عبدالنعم تليمة تکون: 
«استجابة لحاجة جمالية فی واقع تاریخی 
اجتماعی محدد. فالدرسة الاديية - والفنية 
عامة ‏ لا تنشأ بإرادة فنان فرد» ولا باتفاق 
مجموعة من الفنانين» وإنما هى جزء من 
بناء ثقافى عام معبر عن مرحلة اجتماعية من 
مراحل تطور امجتمع. أى أن المدرسة تستجيب 
فى مضمون نتاجها الأدبى للمثل العليا 
الفكرية والروحية فى مرحلتها الاجتماعية» 
كما أنها تستعين فى طرائق التعبير والأداء 
بالخبرة الجمالية والذوقية والتكتيكية فى هذه 
المرحلة» اي 


إلا أن هذا التعريف لا يمكن أن يظل بعيدا عن 
التجربة المسرحية العربية والتنظير لها. فهناك بعض 
المواصفات التى يمكن أن جدها مترفرة قى هذه 
الجماعات وبیاناتها؛ مثل «ربط السرح باجتمع) + وكون 
رژية العالم - کما سبقت الإشارة إلى ذلك - ليست 


واقعة فردية» بل هى راقعة اجتماعية تنتمى إلى مجموعة 


آو 
و 


إن اتنظير للمسرح العربى قد تقل المسرح العربى - 
كما یقول عبدالكريم برشيد: 

«من حال الصمت إلى حال الكلام؛ ومن 
السكون إلى الحركة» ومن التبعية إلى 
الاستقلال» لقد فجر التفكير - حارا وقويا - 
فى اللامفكر فيه»ء وأثار الحديث حول 
المسكوت عنه؛ وبهذا.فقد حرر الجانب 
المشلول والمقموع فى السرح العربی؛ أی 
جانب النظر والتحلیل والاجتهاد 
والتساژل»(۲۱۸. 


فما هى إذن أسكلة التنظير؟ 
وما قضاياه؟ 


التنظير المسرحى ووضع الأسئلة الصعبة 

نقر فى البداية أن هناك مجموعة حقائق نتعلق 
بوضعية المسرح العربى تستدعى التحليل والمناقشة حتى 
نيسر بلورة الأسئلة المنبغقة من نظريات وبيانات المسرح 
العربی. هذه الحقائق التى تكشف عن عملية الجذب 
التى يخضع لها هذا المسرح نتيجة تعدد التیارات والالوان 
التى تغريه بالسير فى اتجاههاء والاحتكاك بمختلف 
الامجاهات الغربية لتعرف المدارس والمذاهب ذات الحضور 
المميز فى الممارسة المسرحية العالمية. 

ولا يختلف اثنان فى أن مواكبة هذه النظريات 
والبيانات للممارسة المسرحية كانت بهدف التفسير 
النظرى لتمييز المسرح عن غيره من أوجه النشاط 
الابداعی؛ فی مجالی الشعر والرواية» ولتعرف مهمة 
ووظيفة هذا المسرح بالنسبة إلى المبدع» وتأثير ذلك على 
المخلقى فرداً كان أو جماعة؛ وكذا من حيث طبيعة 


۸۹ 


عبد الرجمن بن زیداان. سس اا 00 


الأداة التى يتوسل بها المسرحيون العرب لتوصيل آثارهم 
وتحقيق مهماتهم. 
لقد كانت نعيجة هذا التفسير النظرى الذى 
اضطلعت به فرقة الحکواتی من لبنان» وجماعة السرح 
الاحتفالی من الغرب» والفوانیس الأردنية» والسرادق 
الصرية - هو الكشف عن أن المسرح الأكثر انتشارا 
وذيوعا وهيمنة فى الساحة العربية ‏ ضمن مقاییسه 
وأوضاعه الثقافية ‏ هو بالتأكيد الأقل حدائة وجذرية. إنه 
الشكل الذى تكون بواسطة معرفة تمت من خلال 
نظریات جزئية تمثل مدارس واجاهات غربية مختلفة» 
ولکنها لا تمثل السرح بوصفه کلا. وعلیه, كان لابد 
من الرجوع إلى المنابع الأصلية لتكوين نظرية تتيح لها 
الممارسة الحداثية إمكان جريب فى الشكل والمضمون 
على السواء؛ وتخول للمبدع |مکانات الخلق الجديد 
والتشكيل الجديد للواسم؛ ليصبح أساس التجاوز 
المبحوث عنه ‏ لتغيير وتثوير الواقع الفنى وبعث الوعى 
الجدید والاسهام فی خلقه. 
إن عملية التنظير المسرحى ‏ هاته - كما يقول 
عبدالكريم برشيد: 
«ليست فعلا اعتباطياء لأنها جاءت فى 
منعطف تاريخى خطير ‏ الطريق ممتد وطويل » 
وهو يغرى بالسير فیه» ولکنه لابد آن نتوقف 
لحظة لنتساءل: 


إلى أين يتجه هذا المسرح» وإلى أين یسیر؟ 

بتركها هو العبث بعينه» إن المسرح العربى 
يحقق تراكمات مهمة فى ميدان الكتابتين 
الأدبية والسينوغرافية؛ ولكن هذا هل يكفى؟ 
لكن التراكم الكمى إذا لم يود إلى تغيير 
كيفى ما قيمته؟ مثل هذا التغيرء هل يمكن 


م 


أن يتحقق فى غياب تصور نظرى؟ أبداً 


لا يمكن. ضمن الإبداع يبدأ التنظير» ومن 
التنظير يبدأ الإبداع؛ وبغير هذا يفمّد المسرح 
خلفیته التی تسنده وتدعمه» كما يفقد أسسه 
النظربة التى تعطيه مشروعية الوجود وتبیر له 
سبل الخلق والتجدد»(*۲۲. 
هذا الحدیث الذی یتناول قضية التنظیر والابداع» 
إضافة إلى ما حققه المسرح العربى من تراكمات - فى 
مجالى النص الأدبى» والفرجة: والتنظير والثقافة ‏ مجعلنا 
نتوقف عند التیمات الركزية التی تکاد توم کل الساحة 
النصية لبیانات السرح العربی؛ حیث تری أن خربة هذا 
السرح - الحالية - فى حاجة إلى إعادة النظر فى 
مخططاته الحالية» ليعيد صوغ معماره الدرامى صياغة 
أدبية وفنية تراعى المتلقى الذى تتوجه إليه؛ للإسهام فى 
صناعة ثقافته وفنونه لتحفزه على المشاركة فى ندمية 
مجتمعه اجتماعیا وافتصادیا» ولتصبح الدعوة فی كل 
جوانبها مكتملة ومنسجمة:؛ على اعتبار أن الوعى بالثقافة 
هو وعى بالزمن فى جدليته المستمرة والسائرة نحو التجدد 
والتغير. وهذا ما كان مفتقدا فى كتابات الرواد 
وأسكلتهم. وليس غريبا أن يظل هذا الوعى مغيباً ومطلوبا 
- فى آن - إلى الوقت الحاضرء لأن الممارسة الفكرية 
ظلت فوقية» أزال عنها حيويتها وفاعليتها بعدها عن 
حيرية الواقع والزمن الحضارى. 
عندما تأخذ الأصوات المعبرة عن هذه التيارات» 
برصفها نماذج» ند فرقة الحكواتى وجماعة المسرح 
الاحتفالى والفوانيس» وهى جارب مسرحية عربية جم 
بين التنظير والممارسة» بين الغاء الثابت وتجریب التحول» 
إنها تنطلق من منطلق واحد هو إرادة تجذير الفن 
السرحی فی اجتمع العربى بجعله ورشا مفتوحة باستمرار 
للبناء واعادة البناء. فضرقة الحکواتی التی تشکلت؛ 
واجتمعت عناصرها (غیر الثابتة بالضرورة) : 
(یحدوها دافع مشترك هو الحاجة الی التعبیر 
عن المسرح» رافق هذه الحاجة وعى لعدم 





إمكانية تحقيقها عن طريق المسرح السائد 
ومرد ذلك بالدرجة الأولى إلى التناقض 
المتأصل بين تركيبة المسرح السائد وبين ما 
تتطابه تلبية تلك الحاجة ۾ (۲۳۳. 
هذا الموقف ‏ بما يحمله من طموح إلى جاوز 
الوجود؛ یلتقی بالبند الأول لبيان جماعة المسرح 
الاحتفالی الذی ینتقد السرح السائد» ويسعى إلى 
إحداث ثورة فى الذوق العربی الذی یتعرض للاستلاب: 
سواء من طرف السينما المضرية أو الأمريكية أو الهندية. 
يفول البیان: 
«شمورا منا بوجود انس ونمائل فی الرژية 
بين مخاربنا فی الیدانین: الابداعی والنظری» 
وإيمانا منا- أيضا ‏ بأن الأسس التى يقوم 
عليها المسرح العربى حاليا هى أسس زائفة 
ومختلفة لأنها نابعة بالأساس من بيئات زمانية 
ومكانية مختلفةه(۲۳۱. 


أما الفوائيس ‏ وبعد دراسة مستفيضة لوضعية المسرح 
العربی» وبحشا عن مزید من سبل «التفاعل والتواصل 
والتوافق» - فقد وضعت هذه الفرقة نفسها آمام التحدی 
بأن شرعت فى إرساء أسس مسرحية مغايرة تتغذى على 
ما آفرزه وجدان الانسان عبر تداخل الحضارات» بهدف 
بناء ال «نحن) الاجتماعية. هکذا: 
«بدأت «الفوانیس» لعبتها مم محصلات 
العرفة» مع الفاهيم؛ والوروثات الاجتماعية 
الختلفةء والمدركةء فقد بدا الانسان ببناء تلك 
الفاهیم وتلك الوروئات لیشعر بالتعة فی 
هدمهاء وذلك للوصول إلى بناء مفاهیم 
جديدة مستطورة على أنقاض الأولى؛ ثم 
يهدمها مرة أحری... وهکذاء(۲۳۲. 
إن عملية الهدم والبناء بحشا عن مناهیم جديدة 
ومتعة مغايرة - لم تأت اعتباطاء وانما جاءت وليدة الوعی 


إشكال الغرب والخصوصبات 


بمکونات الظاهرة السرحية السائدة. وهو ما لمسناه بعمق 
أكثر لدى فرقة الحكواتى التى أدركت الصعوبات التى 
حول دوف إيجاد عناصر تكوين المسرح البديل. وحتى 
يتحقق شرط الإبداع والتغيير أكدت هذه الفرقة ضرورة 
تغيير نوعية العلاقة مع الإنتاج المسرحى» وتغيير نوعية 
العلاقة مع الجمهور؛ إذ بدون هذين الشرطين يستحيل 
إحداث تغيير جذرى فى بنية المسرح السائد ؛ کمسرح 
غربی وقمعی فی جوهره»(۲۲۳. 

هذه التجارب والآراء والمفاهيم ‏ مهما تباينت 
واختلفت أسمازها وتعددت خطاباتها ‏ لا تخرج عن 
كونها تتحد فى تأكيذ أن «السرح» احتفال شعبى» 
يسمى الحكواتى أو المداح أو الفوانيس أو البساط أو 
الحلقة. إنها العودة إلى هذه الممارسات المفتوحة لنقد 
المسرح الأرسطى المهيمن؛ وبناء مفاهيم مغايرة. 

وهذا الرفض للمسرح الأرسطى؛ ونقده وتجاوزه» 
نعتبره من التيمات الأساسية فى نظريات المسرح العربى 
الحديثة, لأنها بداية وعی جدید تج موقفه داخل 
الخطاب النقدی السرحی على مستويين: 

١‏ - التمرد على المسرح الأرسطى. 

۲ - أو على الأقل على القراءة الإيطالية لأرسطو. 

لقد طرحت - داخحل هذا الخطاب النقدی- 
مجموعة من الأسئلة عن كيفية الربط بين المسرح 
الجدید بالشروط العريية الجديدة» سيما فى مرحلة 
السبعينيات التى كانت فترة الانفتاح على المسرح الغربى 
المعاصر ومساءلته؛ واستیعاب مفاهیمه» وفی الوقت ذانه 
کانت مرحلة التعبیر عن الاصالة العربية اعتمادا علی 
التراث الشعبی» ومسرحته» وخلخلة الجاهز فیه» وتقديمه 
وفق قراءة تطالب المؤلفين والخرجين - العرب - بالتخلی 
عن النموذج الغربی؛ والقاعة الایطالیة» , جاوزا لكل 
المسرحيات التى كتبت قبل هذه الفترة فى قالب غربى. 
والحسم فى أن الإجابة الشقافية ‏ عن هوية المسرح 


۹1 


ع ا ا س ج ص 


العربى» التى كانت موزعة بين الوفاء للتقليد والانخراط 
كليا ‏ فى المشروع الشقعافى الغربى» يجب أن تكون 
منطلقة من ثقافة السؤال وليس من ثقافة الشبسات 
والجمود. 
لقد ظهرت ‏ مع التمرد :على المعلم أرسطو- بيانات 
ونظريات حاولت استنبات أسثلة جديدة ومقومات مغايرة» 
سيما بعد هزيمة يونيو ٩۷‏ , حيث أصبح المسرح العربى 
يسأل ويجيب» يطرق الأبواب المغلقة بواسطة المساهمة 
الفعالة والإيجابية للكتاب وانفرجین والنقاد؛ هؤلاء الذين 
حذروا من نخطر الانزلاق فى فصل المسرح عن الحياة» أو 
الترويج لمقومات مسرحية مستقلة عن المجتمع والإنسان 
والسياسة والتطلع الجماهيرى للمصير والقضاياء وهو ما 
جعلهم يتجهون إلى اتسییس) الخطاب السرحی واعطائه 
دوره الطلیعی فی ربط تأسيس ح رکة السرح الجدید 
بالدعوة القومية؛ حيث ب 'يع أن ينموء وینضح» وینبثق 
من القدرة على التحدى والصراع. إن المسرح العربى - 
كما يقول محمود أمين العالم: 
«بدأ بعد ۰۱۹۱۷ مرحلة جديدة إذ أحذ 
يشارك حوار الأمة العربية كلهاء هذا الحوار 
الذى جلى فى التسازل الكبير: من نحن؟ 
إلى أين؟ كيف؟ إنها المطالبة بتتجديد 
الددوات وتثوير الثقافة؛ وخلق ثورة ثقافية فى 
داخل كل إنسان؛ فى داخل كل موقع؛ لأن 
بغير هذا الإنسان الشورى لن يستطيع أن 
یحمل السلاح؛ ولن يستطيع أن يحرك 
المصنع؛ وبالتالى لن يستطيع أن يحرك 
الحیاةه ۲۳۹۱ . 
إن المسرح - فى منظور محمود أمين العالم ‏ أدأة 
ثورية بالغة الأهمية؛ من أجل جاوز الهزيمة» والتمزق 
والتخلف» ومن أجل لقاء الانسان العربی بالانسان العربی 
٠‏ لقاء عمیقا جادا واعیا. السرح - یقول محمود مین 
العالم: 


۹۲ 


«یستطیم بعلاق كهذا أن يتجاوز الحدود 
الصطنمة فی الوطن العسربی. وهذه ظاهرة 
جديدة مبشرة. المسرح العربى آن له أن يتحرك 
عبر الحدود ليلتقى بالإنسان العربى فى كل 
مكان موحداً متفاهماً متبادلا الخبرات. 
السرح العربی لقاء مباشر بين الإنسان العربى 
والإنسان العربى فى كل مكان:*" , 
ونظرا لسخونة هذه المرحلة» وغليانهاء ونوتر الواقع 
العربى نتيجة الضغط السياسى » والدعوة إلى القومية» فقد 
کانت الکتابة فی موضوع السرح السربی تفلی 
كذلك - بحماس المسرحيين» وتطلعهم إلى مواجهة 
السرح السائد؛ ودحض الدعاوى التى تزعم أن فشل 
الشروغ السرحی العربی الضاء کان نتيجة محدودية 
رژیته البدیلة وأدواته الفنية. 


وانتا نری أن ماقدمه السرحیون العرب من نظریات 
رببانات» بما حملته من إيجابيات وسلبيات» لم يكن 
سوى جزء من صورة الواقع الذی یشح رکون فوفه 
ویتفاعلون به ومع ما فیه من انتکاسات وخیبات آمل 
کانث وراء فشل بعض التجارب والکتابات» وهنا نقول 
إن ذلك لم يكن فقط فشل أفراد أو تيار» بل هو فشل 
يخربة تاريخية لم تتوفر لها آسباب النجاح کاملة؛ لان 
الغرب ظل یقبض علی فنون #العرض) السرحی بقواعده 
الصارمة؛ ومقاييسه الضابطة؛ كما أكد ذلك سعد أردش 
بقوله: 
١إذا‏ كان مسرحنا العربى مستوودا من أورويا 
فإن الثورة المسرحية» والثورة فی فنون العروض . 
المسرحية منذ أواخر الخمسينيات مستوردة 
أيضا من أوروبا. إلا أننا ونحن نسجل على 
أنفسنا هذا يجب أن نسجل لأنفسنا - بكل 
تواضع - آننا باحشون آیضا - مسضرجین 
وممثلين وتشكيليين - عن أشكال عربية نابعة 


إما من تراثنا الحضارى العربى» وإما من 





الأشكال الاجتماعية المعاصرة:» وأشكال 
مسرح الشوك فى دمشقء ومسرح القهوة؛ 
ومسرح الحديقة؛ ومسرح الشارع» ومسرح 
الحارة فى مصرء كلها أشكال تدل دلالة 
واضحة على أن المسرحيين يحاولون الهروب 
من الإطار المعمارى الضيق الأرستقراطى 
بطبيعته» من مبنى المسرح الإيطالى؛ إلى 
بجمعات الجماهير فى أماكن عملهاء أر فى 

أماکن لهوهاء(۳۳. 
وبخلاف هذا الحماس الذى طفى على خطاب 
محمود أمين العالم وسعد آردش؛ وفی کتابات سعد .الله 
ونوس» وعلى عقلة عرسان» ورياض عصمت» بوصفه م 
مشلين للنقد الإيديولوجى فى الكتابة النقدية للمسرح 
العربى» يسقى الائتلاف والاتفاق موجودا بين كل 
الدعوات» سواء منها التى أكدت الأدبى أو الفنى» أو 
التى أكدت الوظيفة السياسية للممارسة المسرحية» على 
اعتبار أن التمرد يظل قائما على المسرح الأرسطى بغية 
ربط المسرح الجديد بالملابسات والشروط الثقافية الجديدة 

فى علاقاتها بالأسكلة التالية: 


هل تسقى مجربة السرح العربى موثوقة الصلة 
بالسرح الأرسطى وفنياته ؟ أم تبدأ فنون مسرحية مغايرة 
تمتلك - علی العکس من ذلك السرح - قدرة توليدية 
تدفع بالمتلقى إلى الحكم على العرض ونقده» من حيث 
هو عرض يجب أن يقوم فى النهاية على ضرب مسرح 
العدوى والإشارة والإيهام والتطهير للدخول به بعد ذلك 
إلى مرحلة التحريض؟ 

- هل يتبع هذا التمرد ما هو سائد من صرخات 
احتجاج فى المجتمع الغربى» الذى يجذب إلى التدمير 
الذانی بعناد غریب تتجلی دلائله - بعمق أكشر- فى 
العنف الذی یمارسه العقل الضربی علی لخته الذاتية 
وقيمه؟ أم أن التبعية لهذا الغرب والالتصاق بتجاربه؛ 
تعتبر من سلبيات التفاعل الذى تغيب فيه الرؤية التاريخية 


إشكال الغرب والخصوصيات 


التى غالبا ما يفضى غيابها إلى الاضطرابات» والاستنساخ 
الردئ» وإلى الواقع المنقول والفن المستورد؛ وفى 
الاقتباسات والترجمات التى تطغى فيها الركاكة 
والتهافت؛ إضافة إلى التقليد الذى لم يكن بدافع 
الحاجة الفكرية والتاريخية اللحة بقدر ما کان حضوعا 
للهيمنة الغربية» والتعامل مع نظريات ومناهج تمارس 
حضورها بتفاوت يتأرجح بين التجريب وإعادة الانتاج 
بين الإسقاط والتمثل. 

لقد ألم نعمان عاشور؛ وجيب سرور؛ وسعد الدين 
وهبة؛ وعز الدین الدنی» وجواد الأسدی: وعبد المزیز 
السریع» وغیرهم؛ علی ایجاد مسرح جدید ونظریة : 
مسرحية «عرییة؟ فیها مجموعة من الاجراءات العملية 
ذات العلاقة الوشيجة بالركح ولعب المثل» وتقلية 
الاخراج» وذلك بهدف «أسلبة؛ الفرجة وفق الوسائل 
الفنية ‏ المتاحة ‏ لإنتاج عمل ثرى يمد الجسور الحيوية 
بين الممثل والمتلقى العربى . ۱ 

ولتحقیق مسرج متكامل» یری نعمان عاشور أن ذلك 
مکن التحقیق لتغيير الواقع العربى» والإنسان من حيث 
هو ذاکرة ووجدان» وتاريخ؛ ومعرفة وحضارة. وهو يرى 


: أن نقد المسرح السائد وتاوزه داخل هذه العملية - 


رهين برجود مسرح واقعى تتوافر له عدة شرائط أوجزها 
فى الجالات التالية: 
و أولا: إعادة تصحيح النظرة إلى السرح 
كفن على ضوء ما انتهى إليه تخوله حتى 
منتصف القرن. فققد أصبح المسرح مجرد دار 
عرض للتسلية الفكاهية الرخيصة الخالية من 
كل مفهوم ثقافى أو اجتماعى أو من أى 
التزام فنى ... 
ثانيا: كان لابد أن توضع لبنات جديدة 
لمسرح يكسب مفهومه وغاياته كافة إيجابيات 
مراحل النهوض المتقطعة فی حیاتنا 


۹۳ 


عبد الرحمن بن زيدان 


المسرحية... ويضيف إليها مسرحا يمثل بؤرة 
الاشعاع الشقانی فی البلاد» ويلتزم بواقع 
الحياة الا جتماعية التی یعیشها الناس. 

الشا: مثل هذا السرح لا بمکن بجوده لا 
إذا ارتبط بالحياة الثقافية والفكرية للمجتمع 
بمفهوم تقدمی واضح یجعله طرفا فی الانتاج 
الادبی کالفصة والرواية والشعر؛ بقدر ما هو 
عصب فی النشاط السرحی الفنی؛ وأعنی 
بذلك أن يكون نتاجا دراميا حقیقیا یستوفی 
كل متطلبات القابلية كنص مكترب له قيمته 


TY) 





الأدبيةة 
هذا الشروع - احتمل مققه - أو امكل إنازه فى 
الصيرورة الثقافية العربية» كان ومازال یطرح الأسكلة 
فى بعض نظربات السرح العربی - حول الكثابة 
التصية: برصفها بنية أدبية نقوم على مجموعة من 
المبادئ الدرامية تراعى الفضاء المسرحى والكتابة للخشبة؛ 
و المشرو 6 إلى نطرح حوله السؤالين التاليين: 
١‏ - هل يؤسس المسرح العربى باللغة العربيية 
الفصيحة أم بالدارجة؟ 
۲ - هل التأسیس بيدأ من الإبداع أم من جمهور 
العأسیس؟ آی من الانسان العربی الذی هو 
محور التفکیر وموضوعه واهتماماته. 
إن هذین السؤالين يطرحان إشكال الكتابة؛ وعرض 
النس الدرامی» نظرا لصعوبة التحديد. لأن الاتجاه الحالى 
للكتابة الدرامية يتوجه نحو الكتابة امحتملة الإنجاز فوت 
لس مادام الأهم فى المسرح - كا تقول ان 
أوبرسفيلد 0 عددة ‏ اليس الادب وإنماأ 
الفرجةه(۲۳. 
ولکی سیب عن السژالین الطروحین» نقول لد 
کلیشیهات اللفة» والحالة» وبنية السرح التقلیدی 


۹٤ 


ااا س 


بمقايس النظومة الأرسطية كانت من قضايا التنظير 
للمسرح العربى. 

١‏ - بناء وبلاغة» خاصة للمسرح العربى» ونقصد 
هنا بمفهمم البلاغة المعنى الشامل الذى 
يستوعب الأسلوب واللغة والعيمات 
والشخصيات والتركيب. 

؟ - الانزياح عن الخصائص التركيبية للمسرح 
التقليدى. 

۳ - توسيع عالم الدراما بواسطة العناصر السردية 
الملحمية؛ وبالتالى مخقيق انتشارها على المستوى 
امجتمعى. 

وفى قضية اللغة» يرى أدونيس أنه دلا يمكن التوصل 

إلى لغة مسرحية حديثة دون إعادة جذرية فى مفهوم 

اللغة, ومفهوم الکلام» ودون فهم جديد للإنسان العربى 

والواقع العربى»» وفى هذا الموضوع يطرح السؤال التالى: 
دكيف نظر أسلافنا إلى الإنسان؟؛ لقد 
نهموه - یقول آدرنیس: «سخلوقا مکلفا 
يقبل» ويتمثل» ونظروا إلى الواقع» تبعا لذلك 
من ضمن منظورات مثالية أو تعليمية. 
وأول ما تفتضیه اعادة النظر» هو آن نفهم 
الإنسان خلاقا يرفض؛ ويختارء ويغير. وتبعا 
لذلك لا يجوز أن تعيده اللغة المسرحية إلى 
نشوة البيان والفصاحة:؛ وإنما أن تدخله فى 
نشوة الجسد والح رکةه (*۲۲. 

وبهذا الطرح الذی قدمه آدونیس» والاقتراح العملی 

الذى يحتويه هذا الطرح» سیتأسس منظور جدید لی اللغة 

المسرحية الحديثة فى علاقتها بالجسد والح ركة, والخلق 

على مستوی: 

١‏ - إبداع النص الأدبى الدرامى. 

۲ - إبداع نص المخرج. 

۳ إبداع نص العرض - 





وهو فى هذا الطرح لا يتناول الثنائية التى تناولها 
توفيق الحكيم» وأثار النقاش حولهاء عندما قسم اللغة 
المستعملة فى المسرح إلى فصيحة وعامية» مقترحا لغة 
الشة آسماها «اللغة الوسطی»» و ما طرحه عبد الرحیم 
الزرقانی فی «ندوة التراث العربی والسرح» فی مداخلته 
حول اللغة العريية الفصحی والعرض السرحی؛ آو ما 
قدمه سامی عبدالحمید فی الوضوع نفسه؛ انطلاقا من 
السؤال التالى: أى اللغتين أنسب إلى الأدب المسرحى؟ 

إذا كان الأول يميل إلى الرأى القائل إن «اللغة 
العربية الفصحى السليمة هى بفعل التجربة القادرة 
وحدها علی البقاء والخلود کتراث آدبی/۱۳۳؛ فإن 
سامی عبدالحمید بری: 

«أن المسرح العربى واجه ومنذ نشأته مشكلة 
أساسية ومازالت تواجهه حتى اليوم وهر فى 
طريق التقدم والتطور باتجاه تثبيت أسس وقيم 
تميزه كفن حيوى يتفاعل مع الجماهير 
وتتفاعل معه... تلك المشكلة هى اللغة 
المستخدمة فى العرض المسرحى» وربما كانت 
ازدواجية اللغة العربية أساس الشکلة»(۲۳۱. 

[ن هذا الوضوع - فی نقاشه لقضية اللفة - ظل 
يأخذ باهتمام کتاب السرح والتقاد فی الشرق العربی 
بشکل احتدم فیه الحوار من أجل إيجاد حل نهانی؛ 
لکن الشکل ظل مستمرا فی کتابات محمد مندور» 
وزکی طلیمات؛ وعلی آحمد با کثیر؛ حیث ظل السوال 
مطروحا حول لغة الکتابة للمسرح» وبأی اللفتین ينبغى 
آن یکتب للمسرح: «اللفة الدارجة التی نتکلم بها فى 
حياتنا اليومية؟ أم اللغة الفصيحة التى نستعملها فى 
الكتابةم "" . 

صحيح أن إشكال هذه الثنائية ‏ لغة فصيحة وعامية - 
لا یزال یهیمن علی اهتمام البدعین والباحشین» کل 
طرف يحاول الحسم فى أحد جوانب القضية» أو يخفف 


سسب إشكال الغرب والخصوصيات 


من حدة التقاش الذی آثاره التقد المشرقي؛ إلا أننا عندما 
نحاول القیام بقراءة مفايرة لهذه الظاهرةء مد آنفسنا آمام 
السوال التالی: 
- ما اللص البحوث عنه مشروعاً للفرجة؟ 
أول ما نلاحظ مع عبدالفتاح کلیطو: 
دآن کلاما- ما - لا بصیر نصا الا داخل 
ثقافة معينة» فعملية تحديد النص ينبغى أن 
ترم وجهة نظر المنتجين إلى ثقافة خحاصة؛ 
لأن الكلام الذى تعتبره ثقافة ‏ ما نصا قد 
لا یعتبر نصا من طرف قافة آحری»(۱۳۳. 
وهذا ما يدعونا إلى القول: إن النص المسرحى العربى 
المبحوث عنه هنا هو الذى يراعى الخصائص التالية: 
أن يمتلك مدلولا ثقافيا له قيمته داخل الثقافة 
العربية. 
- التنظیم الفرید الذی لا یعزله عن الخطاب الیومی 
الباشر الذى تغيب فيه أدبية النص وشعرینه » إنه 
التنظيم الذى ينتج خطابا حياء فهو نص غامض 
الدلالة. إن له وظيفة شعرية» تصبح فيه اللغة الأدبية أشد 
إيغالا فى البنية التاريخية للغةء فهى تشد على وعى 
الاشارة ذاتها وعلی جانبها التعبیری» وبذلك لا تعود 
اللغة - السرحية - مجرد مادة هامدة کالحجر» وانما 


تصبح إبداع الانسان وقد شحنت بتراثه الشقافی . 

وفى هذا السياق يتطلع أدونيس إلى حركة مسرحية 
عربية لا تنطلق من مبداً احاکاة, كما هو سائد فى 
الغرب» وکما لا یزال بعض السرحیین العرب ینقلونه 
ویمارسونه؛ وانما من تغییر الکتابة السرحية - تماما - 
كما فعل الشاعر العربى الجديد الذى غير معنى الشعر 
السائدء وغير معنی الکتابة الشعرية» أی تاج الا ختلاف 
عن الشعر الغربی الحدیت» وتکییف التقنية أو النظرية 
الغربية مع عبقرية اللغة العربية؛ وبشكل أدق؛ مع 
شاعریتها الخاصة۲۳۹. وفی نقده للمسرح العربی 


۹ 


عبد الرحمن بن زيدان 


السائد - فى علاقته باللغة» والفضاء المسرحى - يقول 
آدونیس: 
«حین یکون السرح شرحا للکلام» لا يقدم 
لی؛ كمشاهدء إلا صورة حركية للكلمة. 
المسرح ‏ من هذه الناحية ‏ ظل للكلام 
الذى هو» فى حقيقته» ظل آخر للأصل» 
الحياة. وهذا الذى يجيئنى من ظل الظل 
لا يغرينى»؛ لأنه يجىء باصطناع تفصله 
مسافة طويلة عن الحقيقة الأصلية. وهكذا 
فإن فعاليته وقيمته لا تعودان تساويان تعب 
رؤيته. ذلك أن جميع وسائل الإعلان: 
الجریدة؛ الفیلم؛ الراديو» التليفزيون: المجلة 
المصورة؛ تصبح فى مستراه؛ إن لم تسبقه. 
وكم يصدق هذا القول خصوصا فيما يتعلق 
بالكلام العربى. فهذا الكلام يشبه جئة عائمة 
فى ماء اللغة؛ وكل مسرح يكتب بهذا 
الکلام لایکون الا جشةء لكن فى قاعة 
مزخرفة. فمن الستحیل خلق مسرح عربی 
جديد إلا بدءا من تقنية ماء اللغة . أعنى 
حلخلة القيم السائدة لا فى تطبيقها وحسب» 
وإنما كذلك فى مصادرها ‏ وهذا يعنى - 
ببساطة ‏ نهاية مسرح التمثيل والتفسير 
والتعبیر۳۵(۵. 

ان السرح - فى مفهوم أدونيس» وهو يناقش قضية 
اللغة الجديدة ‏ «هو عالم الاشکال» وثقافة السژال» لا 
ثقافة الإيمان والمؤمن غير المتسائل الذى يقبل ولا ينتقد. 
إن كل سؤال فى المسرح يهدف إلى بناء بلاغة خاصة 
بالمسرح العربى» تتغير دلالاتها يتغير المدلول. وهذا ما 
سیوسم من عالم الدراما بواسطة العناصر الدرامية التى 
ستمتلك وظيفة جديدة داخل الجماليات المبعكرة؛ حيث 
لا تعود التجربة المسرحية العربية تعيش على خدعة التلون 


بمظاهر الحضارة الحديثة» أو على الاستجابة الانفعالية 





5 


رس سس ی و ب 


التی تمليها شهرة الأخذ بكل «بدعة» مستحدثة» أخذا 
لا یعرف التمییز بین عناصر التجدید, والبناء» وعناصر 
الانحلال والتهافت. من هناء کان التکرار مثل الجمود؛ 
الوت. ما الابتکار» فهر العلامة الوحيدة علی الوجود 
وخلق الوجود. 

لقد ظل هم الابتکار ومعایشته والتعبیر عنه مستولیا 
علی بیانات السرح العربی» سیما بعد ما آصبح برتولد 
بريشت تجخربة حية تمارس تأثيرها على توجه المسرح 
المربی قبیل وبعد هزيمة ۰۱۹۹۷ فاعطته - بذلك - 
حضورا جدیدا جعلته یمدل من وظيفة السرح السائد: 
ليصبح للأشكال المسرحية مسوولية سیاسیة» هدفها تفییر 
الراقع وليس تفسيره» وذلك عبر عملية معقدة؛ تمر فى 
وعی التفرج؛ وتمتد إلى فعاليته الاجتماعية والسياسية 
لتصب - فى نهاية الطاف - فی فعالیات ونشاطات 
الطبقة الاجتماعية الأكثر تقدما ووعيا فى المجتمع بوصفه 
كلا. 

غير أن عملية التأثیر هذه كان يكتنفها بعض 
التشویش» من حیث استیعاب المفاهيم البريشتية يوصفها 
تجربة داخل المسرح الملحمى؛ إضافة إلى غياب الثقة 
العلمية فى تناول النظرية البريشتية؛ ولأن القناة التى تم 
بها تعرف هذه التجربة كانت من خلال بعض الترجمات 
المبتسرة؛ والتلخيصات السطحبة» لذا كان الانسياق وراء 
المغالطات؛ وتكرارهاء والترويج لهاء أمرا يحتاج إلى إعادة 
التمثل وإعادة القراءة بتأن وعمق وفهم. 

لهذاء فإن إشكال التنظير يبقى رهناً يوضع الأسئلة 
الصعبة» وتجديد الأطروحات المركزية التى لها علاقة بما 
طرحناه» وهذا يتطلب منا الحديث عن هذه الأطروحات 
فى نظرية السرح العربى حسب !التيمات؟ التالية: 

١‏ - الغرب من حيث هو قطب والنقد المزدرج. 

۲ - التحرر من الآحر وخاتق الخصوصيات. 


٣‏ - الرجوع إلى الذات. 


ااا سسسسسسسسس سس سس سح إشكال القرب والخصوصيات 


الغرب من حيث هو قطب والنقد المزدوج 
لتقديم صورة هذا الغرب على نحو نقترب يه من 
مضمونه وخلفیانه؛ نعطى التحديد الذى صاغه برهان 
غلیون وهو يتحدث عن الغرب الذى: 
«يشكل فى العالم مشكلة تتحدى بذاتها 
الوعى الغربى وتمزقه؛ فهو المستعمر المسيطر» 
والمهيمن الجبارء والمتكبر الذى لا هدف له 
سوى الإطباق على الشعوب ونهبها وتدميرهاء 
ومو النهل الأرل للعلوم والعارف» والقیم 
الکبری» والابداعات الانسانية» وهو مصدر 
الشر وعقیدته» وهو نموذج الحضارة التی 
ینبغی آن یعتذی! 
فكيف يمكن التعامل معه؟ 
هل نقبله أم نرفضه؟ أو نقبله ونرفضه فى 
الوقت نفسه دون آن نسیطر علیه ۸۴ ۳. 
هذا الغرب متعدد الوجوه والخلفیات والایدیولوجیات 
والشتافات؛ یجعل الکتابات التنظيرية للمسرح العربی 
تشییر - دائما ‏ مشکلة وعی الاخر؛ الغرب بذاته» من 
خلال تصور «الأناة المعاينة له. أى وعى العالم العربى 
بنفسه من خلال تصور الغرب له. وهو ما يجعل هذه 
الكتابات تدعو إلى بناء الذات العربية باكتشاف أبعادها 
التاريخية والحضارية؛ لا من خلال الآخرء بل من خلال 
شروط تكوينها الداخلى. وهذا يدعو كذلك إلى الكشف 


عن هذا المستعمر المسيطرء والجبار المتكبرء والنموذج. 


الذی یفرض نفسه بوصفه حضارة دد شكل التعامل 
والحوار. إنه الغزو الذى يقوم فى نظر آدونیس علی نفی 
الفكر والأدب العربى كالتالى: 
۱ - نفی الشعر «وبالتالی الفکر» الذی لا یکون 
بمشکلاته وتطلعانه بأسالیبه وقیمه» غریا. 
۲ - تمجید خصائّص الانسان الغربی وتعمیمها» فى 
الوقت نفسه؛ تمجید فرادته واختلافیته» إنسانيا 
وحضاریا: بحيث يبدو نموذجا كاملا للإنسان. 


٣‏ - تقوم الإبداعية العربية أدبا وفكراء بوصفها 
ظواهر ومادة تاريخية تفيند دراستها فى تفهم 

عقلية العرب 29 , 
إن إدراك حضور الغرب بوصفه نفيا للذات العربية 
وإلغاء لهاء جعل الوعى :بهذا الحضور يسعى إلى جعل 
المرحلة العربية الراهنة بداية للتحول والتغيير» للخروج من 


:دائرة التبعية للمسرح الغربی» ومحاولة التحرك توقا 


للخروج من دائرة الهيمنة» لتاسيين مستقبل جديد يوجه 
کتاب السرح العربی بجهاز نقدی مغایر یفرض اعادة 
نظر جذرية فی هذا السرح, والقیام بنقد مزدرج علی 
الصعیدین التالیین: 
١‏ - الكشف عن أن الموروث القائم؛ والشكل 
المسرحى المستورد؛ أداة استلاب وضياع تمثل 
ثقافة الرضى والقبول. 
؟ - نقد التوفيقية بين الأفكار المستوردة والطروحات 
نموذج تام الهيكة. 
هذان العنصران ‏ الموروث والمستورد ‏ مارسا 
هيمنتهما على الإبداع المسرحى العربى؛ حيث كانا 
ينفيان الإبداع وتدفقه وأصالته الخلاقة؛ وفى الوقت ذاته 
كانا وراء الدفع بالنقد المزدوج إلى الظهور لممارسة 
مهامهء بوصفه دعوة إلى جعل المسرح نقديا بدل أن 
يكون سحريا. وتعنى هنا - بالنقدى - الوصول إلى عمق 
العالم العربی الذی اهتز فی نظامه؛ وتصدع فی كيانه 
الحضارى » فأصبح - كما يقول عبدالكبير الخطيبى: 
«یمانی من تعددية شاملة» تتجلى فى جميع 
أشكال المشاقفة والاضمحلال.. وليس هذا 
الملل فى حد ذاته خيرا ولا شرا. إنه 
مسلل تاريخى ينبغى أن نقوم بتحليله 
وتطعيمه عن طريق فكر قادر على مخليل 
الأوضاع المتعددة التى يختارها العالم 
العربی »۴۳۸ . 


۹ 


عبد الرحمن بن زيدان 


إن هذه الدعوة ‏ وما حملته من جديد يحرض على 
تبنى القراءة اختلفة للسائد - لم تعمل الا علی جعل 
هذه العلاقة موضوعا للفهم والتفسیر» وبحثا عن الوعی 
الممكن؛ لأن «اللعبة الأوروبية قد اتتهت؛ كما يقول 
فرانز فانون» وهذا يستوجب التخلى عنها والابتعاد عنها 
إلى الأبد. 

إلا أن استحالة مخقيتى ذلك لها ما ييررها ما دامت 
أوروبا تقيم فى كيانناء ومادام مسرحها معترفاً به مثالا 
للقياس على منواله؛ واعتماده مصدراً يعب منه المؤلفون 
والمقتبسون والمعربون ما يرونه صالحاً لخدمة رؤيتهم 
واتتماءاتهم. إنه الاعتراف بالحضارة التى أفرزت هذا 
السرح» وفی الوقت ذاته إقرار بعدم القدرة على تطوير 
هذه الأداة بالشكل الذى تصبح فيه شبيهة بالمسرح 
العربى أو مختلفة عنه. 

وتمشيا مع هذا الإقرار بالغرب» ظهرت أفكار ومواقف 
تلمع صورة الآخرء وتكرس وجوده فی مختلف الميادين. 


لکن؛ فی مقابل فکرة الانسان الغربی - اللموذج -. 


ظهرت فکرة الانسان العربی اللموذج؛ حیث تبلورت 
خطابات نقدية صاغت هذه الفكرة فى تنظير متماسك 
يعطى الأولوية لمفهوم الأمة والهوية» وذلك بهدف تعديل 
وتغيير العلاقة بين الأناه و «الآخر». أى أن الغرب 
بمسرحه الذى كان أفقا للذات العربية؛ لم يعد ذاك 
الذوبان فيه أو الخاد به هو الصورة الوحيدة» والکان 
الوحيد الذى ينبثق منه معنى العالم وصورته؛ فى آن. 
إنها الدعوة التى تؤكد نقد مزدوجا: 
وينصب علينا كما ينصب على الغرب» 
ويأخذ طريقه بيننا فيرمى إلى تفكيك مفهوم 
الوحدة التى تثقل كاهلناء والكلية التى ثم 
علينا. وهو يهدف إلى تقويض اللاهوت 
والقضاء على الإيديولوجية التى تقول 
بالأصل والوحدة المطلقة» (*۲۳. 


۹۸ 


سیست سح ایح ند 


لا آن هذا النقد المزدوج ‏ رغم اقتحامه لهذا الغرب 
ولا كشئ خارجى مطلق» بل کاختلاف نقارنه بدقة مع 
اختلاف آخر یدعونا هو نفسه إلى التفكير فيه؛ ‏ لم 
يستطع أن يمحو تلك الأحاسيس العميقة التى تتعلق 
بحضور الغرب فينا وامتداد ذلك إلى فنون القسول» 
والأدبء والمسرحء للسببين التاليين: 

١‏ - أن المثال الغربى للمسرح لم يغب عن الممارسة 
المسرحية العربية ولا على الجماعات المسرحية 
التى أصدرت بياناتها. . 

١‏ - أن مواقف المبدعين كانت قرية من هذا 
الاساس» فتوفیق الحکیم ویوسف |دریس - علی 
سبیل الشال لا الحصر- لا یختلفان فى 
تقيبمهما لتبعية المسرح العربى للغربى. فهما 
یعبان ان السرح العربی«بعد هامشی نشا 
وترعرع فى أحضان السرح الخربی؟ . 

لکن» رغم أن مارسة النقد الزدوج - فی السرح - 

لم تبدأ إلا مع ظهور بیانات الجماعات السرحية؛ بصفة 
خاصة. فان هذا النقد - من حیث هو سوال نقدی - 
کان يرى - وهذا من إيجابيات الحركة النقدية الجدیدة - 
أن عالم الفن والإبداع هو عالم يقوم على مبدأ واقع 
مختلف» كل شئ فيه أساسه المغايرة» وبمغايرته يؤدى 
الفن رظيفة معرفية تمليها شروط تاريخية معينة. والمثال 
الواضح هناء موضوعا لهذا النقدء هو علاقة المشقف 
العربى بالإيديولوجيات الغربية» والدور الذى قام به هذا 
المدقف للتبشير بقيم الليبرالية فى مناخ الثقافة العربية 
المعاصرة؛ وجعل الشعوب العربية تلج باب المعاصرة؛ ذلك 
لان القیم الليبرالية تشكل المرتكزات النظرية للحضارة 
الاوريية, وموضوعا للنقد ومضمونا لبعض التجارب 
المسرحية. 
صحیح, کما یقول کمال عبداللطیف: 
«آن مولاء القفين تعاملوا مع قيم الحرية 
- فى آغلب الاحیان - بطريقة انفعالية 


اس سسسسسسسسسي سس سح إشكال القرب والخصوصيات 


(الإعجاب بل الأنبهار) إلا أنهم مع ذلك» 
ساهموا بصورة إيجابية فى إحداث نقلة 
أساسية فى متاخ الفكر العربى» خاصة وأن 
واقع التأخر التاريخى فى صوره الاستبدادية 
المتعددة الأشكال يسمح بصياغة فكر من هذا 
القبیل» أى فكر يجعل الدعوة إلى الحرية 
مهمة من مهامه الستعجلةه “. 
يظهر ذلك بكل جلاء - فی کتابات توفیق 
الحکیم ویوسف (دریس اللذین کانا یعح رکان فی انجال 
الليبرالى بكل ما بطفح به من قیم واختیارات فنیة» 
وتجارب مسرحيةء جعلتهما يلحان على الانتقال إلى 
«الزمن؛ الليبرالى وقيمه بوصفه مرتكزا يمكن أن تبنى 
عليه حضارة عربية» ومسرح عربى. إن هذين الناقدين 
- وفى غياب النقد الزدوج - كانا ضحية إغراء الغرب 
. حسب تعبير مالرو. أو كما يقول عبدالله العررى: 
«تنعكس الليبرالية الأوروبية فى أذهانهم 
العكاساً تامأ فى الوقت الذى تواجه تلك 
األيبرالية فى أوروبا ذاتها هجومات من كل 
جانب» تتشابه سيرهم مهما تباعدت 
أوطانهم: يساهمون فى البداية ‏ ولدة قصيرة 
-فی الحياة السياسية ثم يتفرغون للعمل 
التربوی. تخونهم الظروف» وضمن انجابهة 
الكبرى بين أوروبا وغيرهاء یعیشون وحدهم 
ما يشبه المأساة بسيب تغاير الليبرالية مجتمع لم 
تنش و۹۱ 
إن تأسيس نقد واع على هذه الشاكلة - يضبط 
علاقة (الأناه ب «الآخره - كان محركاً للكتابة 
التنظيرية لدى فرقة مسرح الحكواتق» وجماعة المسرح 
الاحتفالی والفوانیس» والسرح الجدید بتونس» لاتخاذ 
المواقف التالية: 
١‏ - نوكيد أن هذه الجماعات - وغيرها - ليست 
ملزمة يأتباع المسيرة ذاتها التى اجتازها الغرب 


للوصول إلى الأشكال والمدارس المسرحية 
الوجودة عنده. 

۲ - الانطلاق مباشرة من الوجود من حیث هو 
مسألة وقضية حضارية» تستدعی قراءة الصور 
التى لدينا عن أنفسنا وعن الآخرين» وأن تكون 
العرفة حاضرة نقداً یقظا یخلخل نظام العرفة 
السائدء وذلك بادخال النظریات - القترحة - 
فى الصراع الاجتماعى والسياسى وإبعادها عن 
الكتابة التاريخية السابحة فى المطلقات» 
اللاهوت؛ وقضية یط وال رکز انجردة. 

ومذا ما یجمل من هذا النقد بداية حاولة التحرر من 

الآخر للتعبير عن الذات؛ وذلك بخلق حصوصیات داخل 
عالم یطبعه الصراع» والتناقض بین مختلف اللماذج 
الاستراتيجية» السياسية, الافتصادية والایدیرلوچية» 
والثقافية. 


۴ التحرر من الآخر وخلق احصوصیات 

أكد جل الکتابات النقدية الجديدة, والبيانات 
المسرحية العربية؛ أن التحرر من الآخرا الغرب» والسعى 
وراء خلق خصوصيات تراعى طبيعة المتلقى العربى» 
وترائه وحضارته, یجعل من المسرح العربی کائنا ثقافیا 
اجتماعیا وجماهیریا. وهذا - فى نظرنا - يعنى أن الهوية 
المبحوث عنها فى هذا المنظور الإبداعى تكمن فى إنتاج 
الختلف» لا فى إنعاج الشبيه أو الواحد المتمائل؛ بل 
الكثير المتنوع. إنه التحرر الذى يجعل الإبداع المسرحى 
تغلفلا مستمرا فی مجال التقصی والتساؤل والبحث» 
انال الذی یفتحه السوال: «من أنا؟» لکن دون جواب 
نهائی وأخیر. 

مثل هذه ا محاولات؛ على الرغم من الفاوت فى 
جديتها ومسافة تخررها عن المسرح الغربى (الدموذج) » 
كانت بحثاً عن مضامين عربية وإسلامية ترائية» 


۹۹ 


عبد الرحمن بن زيدان 


أو تاريخية أو ثقافية» لتأصيل المسرح العربى شكلا 
ومضموناء ظاهرا وباطنا. لكن الملاحظة الأساسية فى هذه 
احاولات تكمن فى كون التتائج لم تكن فى المستوى 
المطموح إليه؛ لأن المارنة المسرحية لم تقدر على 
الخروج من معطيات وأطر الشكل المسرحى فى الغرب 
سواء أكان أرسطيا أم ملحميا. لكن أكثر الحاولات بلاغة 
فى التعبير عن رفض تبعية السرح العربى للمسرح 
الأوروبى؛ هى تلك الدعوات التى نادت بتأصیل السرح 
العربى من حيث الشکل» والتی بدأها الطیب الصدیقی 
بمقامات بدیع الزمان الهمدانی التی استلهم فیها تراث 
الكدية : 
«عن طریق اعطاء القامات شکلا مسرحیا 
احتفاليا معاصراً وبأسلوب شعبی یعتمد 
الكوميدياء ويجمع حصيلة المسرح الاشتراکی 
بالتجارب الأوروبية والأمريكية؛ ولكن دون أن 
ينسيه هويته القومية» فنجده يوظف هذا بإطار 
عربى أصيل مستخدما وسائل الغناء والرقص 
والإيماء والأقنعة الأفريقية "“. 
هذه الدعوة إلى التأصيل طرحت مسألة التوفيق بين 
الأصالة والمعاصرة بوصفها قضية أصبحت تمثل 
الهاجس الأساسى لدى المثقفين العربء وذلك منذ بداية 
النهضة الحديثة. وفى رأى جسن المنيعى: 
«أن هذه احاولات سوف تتجلى عبر مواقف 
فكرية وسياسية فرضت بعض التحولات التى 
أدث إلى تطوير مجالات الأدب؛ وإقامة 
إيديولوجيات ترمى إلى محاسبة الواقع العربى » 
واستنهاض أبنائه للمساهمة فى معارك البناء 
والتشييد. 
انطلاقا من هذه الوضعية الجديدة» وانسیاقا 
وراء «وهم» خلق قطيعة مع الغرب» تسلح 
اون العرب بمعطیات الفکر الناقد» ثم 





صاروا يوجهون ضرباتهم إلى الحضارة 
الغربية؛ ويسائلونها فى كثير من المجالات 
الحيانية والشفافية. 
وینفس السلاح - عمد بعضهم إلى إحياء 
الكثير من القيم العربية؛ للتأكيد على 
هویتهم» رأصالسهم» وکذا لابراز عبقرية : 
الثقافة التى ينتمون إليها ضمن ما أصبحت 
محمله من منظومات جديدة» 19 , 
وفى هذا امجال ‏ بالضبط ‏ قدمت جماعة السرح 
الاحتفالى فى بياناتها تصوراً بديلا للمسرح الأورواعربى 
القائم» مسرح عربی يستمد مواد بناء هويته من مفردات 
الاحتفال الشعبی لیعبد تشکیله أفقا جدیداً بمفهوم 
عصرى يؤدى إلى التأريخ للوجدان الشعبى» مخاطبة العقل 
الجمعى بطريقة مباشرة تؤدى إلى التناغم والتوحد ما بين 
حصوصیات السرح البديل والجمهور العريض» وذلك 
بامتلاك القدرة علی التواصل بموضوع یکون بحثاً نی 
عمق ماهية ووظيفة الاحتفال الشعبی ؛ حيث من التظر 
أن يقرر هذا الموضوع ‏ وبشكل تلقائى - فرجة عربية 
مستقلة عن الشکل الاوروبی المهيمن. 
لكنء ألائرى أن هناك مجازفة بالمواقف والأحكام 
وسط مسألة الأصالة والمعاصرة لخلق الخصوصيات؟ 
أولأء يجب تأكيد أن خلق مسرح عربى رهين شروط 
حضارية ترتبط بنشوء المدينة العربية المانية» ثم ثانيا وضع 
قيم الغرب وأشكاله الفنية ومحاكاتها موضع تساؤل» ثم 
ثالشا (عادة النظر فی آساس الظاهرة المسرحية نفسهاء 
والبحث فی الشکل الحی الذی یوحد البد ع بالوضوع 
وبالمتلقى على السواء. 
لقد حتمت قضية التحرر من الآخر على الفكر 
العربى تقديم البديل» وعلى الشاعر العربى بناء النص 
الشعرى الحديث؛ وعلى الروائى والمسرحى صياغة أشكال 
تنتج مضامين عربية. ولعل بوعلی باسین لم يكن خاطا 





ااا سسسسسسصسس سس سح إشكال القرب والخصوصيات 


عندما تحمس إلى خلق ثقافة حديثة تنبع من الشعب 
وتصب فيهء شريطة بناء 9مدينية المدينة؛ من حيث هى 
موطن حضارى تقوم فيه الممارسة الثقافية على الحرية 
بوصفها إحدى مكونات هذه المدينة» الحرية فى التعبير» 
التى تنيح لجماهير الشعب أن يعبر عن نفسه بشتى 
الوسائل؛ وأن يتحكم فى وسائل الإعلام والتشقيف 
الحديثة» وأن يستوعب ثقافة العصر ليتجاوزها: 
دإن الشقافة الشعبية الحديثة لن تقوم فى 
الهواء؛ بل على أساس مادى: سلطة شعبية 
فى الاقتصاد والسياسة تعطى ثقافة شعبية 
قادرة على أن تكون عصرية» ستقوم وقتغذ 
ثقافة واحدة» غير منقسمة إلى شعبية 
ومؤسسانية» إلى عفوية ومثقفية متخصصة» 
أو إلى ثقافة العوام وثقافة الخاصة» ©“ . 


إن هذه الشروط التى أوردها بوعلى ياسين جعلت 
الموقف من الآخر ينجه وجهة جديدة حملت المنظرين 
المسرحيين على اعتبارها قطب الرحى فى عملية التغيير 
والتحول الذى ترمى إليه دعواتهم. فبيانا الحكواتى والبيان 
الاحتفالى يتفقان فى هذا المجال على محاور أساسية 
لخلق خصوصيات عربية تكون بابا لولوج العالمية. 
ويمكن أن مجمل هذا الاتفاق فيما يلى: 

۱ - البحث عن هوية السرح العربی. 

؟ - رفض المسرح العربى السائد لأنه مسرح غربی 
وقمعى وسلطوى بالضرورة؛ وأن يستبدل به 
مسرح جدید . 

۳ - هذا السرح البدیل, لابد آن يكون عربيا شكلا 
ومضموناء أى أن يكون أصيلا ومعاصرا. 

4 - تطبيق منهج العمل الجمعى: تأليقا وإخراجا 
وتعبیرا؛ لسبب واضح ومنطقی» هو آن الفرد 
وحده غير قادر علی مواجهة تیار التغییر الجامع 
الذى يمسخ كل القيم التراثية العربية. 


0 


ه - إشراك الجمپور فی الظاهرة المسرحية ابتداء 
وانتتهاءء سعيا إلى كسر الحالة السكونية 
للمسرح السائد الذى يقوم على تلقين طرف 
- هو الجمهور- لما يعرضه طرف آخر- هم 
الفنانون الذين يلعبون على خشبة المسر !49" , 
إن هذه الرغبة فى التغيير- تبقى فى نظرنا - طوباوية» 
مادامت العلاقات الجديدة التى بها يؤسس العربى مدينة 
بالعنی الیونانی علی الأقل - لم تتأسس بعد؛ لغياب 
وعی تنظیمی حضاری یعطی للجماعات السرحية 
شرعیتها وفعالیتها وهی تتحدی التراث السرحی 
(الاورو/ عربی) الذی جاء نتيجة التبعية لهذا السرح» ما 
مخت أقنعة الاقتباس تارة» والتعریب تارة آخری؛ حیث إن 
هذا النوع من التوجه خاطیء لعدم ملاءمته لا مع الذوق 
العربى ولا مع الهموم العربية. بل لأنه لا يختار إلا 
النماذج التى يكرس بها واقعا معينا ييرر لوجوده بالمقتنى 
والختار من الأعمال التى غالبا ما تكون من النعاجات 
السهلة فى خطابها وفى تركيبها ودلالاتها. 

ولرد الاعتبار إلى الذات العربية وإلى نتاجها المسرحى 
من حيث هو حدث اجتماعى» ظهرت الجماعات 
المسرحية العربية بهدف البحث عن ولادة جديدة وأصيلة 
لمسرح عربى يستمد قوته وبقاءه من الثقافة العربية؛ من 
ترائهاء ومن الظواهر المسرحية والاحتفالية والشفاهية التى 
يزخر بها المجتمع العربى من المحيط إلى الخليج. إنها 
امحاولات التى تاج إلى التقعيد بالممارسة المكثفة عبر 
الساحات العربية, لكى يتحول المسرح إلى وسيلة فعالة 
فى تطوير المجتمع والتأثير فيه بما هو إيجابى وفعال 
وحبوی. 

وفی هذا الوضوع؛ تعرض تمار الکس‌اندروفنا 
بوتیتسیفا رآیها مبرزة الطفرة النوعية التی سیحققها 
السرح العربی عندما یحقق لتفسه وجوده العتبر فى 
الممارسات اليومية» عندما يتحول - کما تقول: 


۱. 


عبد ارحمن بن ین سس سس سس تسس 


إلى وسيلة فعالة بظهر من خلالها الوعی 
القومی لجیال عديدة یوحدها التضامن 
الفکری والابداعی. لهذا فان السبل جمیعا 
قد فتحت فی السرح العربی» سواء تلك التى 
ترید النقاش ومتابعة الجید من تقالید الاضی» 
و تلك التی تسعی للبحث الستقل الذی 
يقوده الشباب الندفع بالحماسة 
والحرارةه ۹۳ . 
ودائما - وفی (طار البحث عن الخصوصیات 
والجدید - جد مجموعة من المستويات التى يجب تغييرها 
حتى يتم دمجها فى التصور العام » والمفاهيم الجديدة التى 
بدأت تثبت وجودها فى الممارسة المسرحية العربية. هذه 
الستویات لها علاقة وطيدة بالأفكارء والأشكال الجديدة» 
بل فى كل مقومات السرح؛ وهنا تلح بوتيتسيفا على أن 
القفزة النوعية التى يراد بها خلق خصوصيات عربية فى 
السرح لابد آن تتصب» کما تقول» علی: 
«النص المسرحى الذى استطاع لأول مرة 
۲ التدخل المباشر فى حياة الشعب» وعلى 
الناحية التنظيمية للعملية المسرحية التی 
أخحذت لأرل مرة أبعاداً جادة ومتينة» وعلى 
الإخراج الذى تفتح - لأول مرة- على 
إمكانيات إبداعية مختلفة» وعلى التمثيل 
والممثلين» الذين احتلوا لأول مرة مكانهم فى 
الحياة الروحية والسياسية للمجتمع:!. 
لكن يبقى هناك أمر مهم لابد من الإشارة إليه ونحن 
نتحدث عن محاولات الحرر من الغرب لخلق 
الخصوصیات داخل المارسة السرحية, هر أن هذه 
العملية فى كنهها ودعواتها وتوجهها ليست انغلاقا على 
الذات أو تقوقعاء أو عزلة عن التجارب الإنسانية التى 
بت جدارتها وصدقها بل على الك » إنه 
لفهم الذی یفرض شرط - وط - استیعاب 
الحضارة الغريية 0 الذى يعطى لهذه 


الخصوصيات - وهى تتفاعل وتختلف وتأتلف مع 
ملبیات وایجابیات هذا الغرب - بعدها الانسانی من 
حيث هى جربة مختاج إلى الحركية والاستمرارية» حتى 
لا تبقى فكرة المسرح السائد هی عرض «الفرجة 
الانتشائية التى تجعل من العناصر المكونة لها أكثر سرية» 
وأكثر عنفاء لا يطلع على أسرار ها إلا الضالعون فى العلم 
والفن المسرحى. وهذا يفتح أمامنا موضوعا آخر کان من 
بين القضايا التى تناولتها نظريات المسرح العربى» وهى 
الرجوع إلى الذات. 


۳ - الرجوع الی الذات 

من مارون النقاش إلى الآنء والمسرح العربى يعيش 
قلق الابداع؛ وقلق الذات الفصولة عن ذاكرتها 
وحقيقتها وهويتهاء إضافة إلى قلق الكتابة المنعزلة عن 
شروطها الموضوعية. إنها مجربة الهوية التى تصدعت» 
وتمزقت» نتيجة الصراعات والتناقضات الداخلية؛ الهوية 
التی ند نفسها مرغمة علی التکیف مع مقتضيات 
الحياة العصرية والتفتح على العالم من أجل إعادة البناء 
الإيديولوجى العربى» والتحرر من مخلفات الماضى » 
وترسیخ السرح فى الحياة اليومية للبلدان العربية» بعد أن 
كان هذا المسرح غير متطور فى المالم العربی» نتيجة 


للتزمت وللتخلف الاجتماعى. 
لكن التطور العاصف والمتنامى للمسرح جعل هذا 


الفن يتحول إلى ظاهرة اجتماعية؛ وحاجة روحية ضرورية 
للحياة الثقافية؛ مما طرح مسألة الأصالة والاغشراب 
والرجوع إلى الذات؛ وكلها قضايا ضاغطة على المبدع 
العربى الذى لايريد أن يقطع علاقته وصلاته لا بإبداعه» 
ولا بترائه» أو حضارته» وتاریبخه» وعصره. لأنه يريد أن 
يضفى على نتاجه أصالة نابعة من الذات. 


ونحن هنا لانريد ربط الأصالة بإتجازات الماضى ربطا 


آلياء أو سطحياء أو عابراء لأنه إذا فعلنا ذلك - كما يقول 


عبدالله العروى: 





تاه كلامنا عن القصد لأنه يشير إلى تاريخ 
بائد» وإذا ربطناها بالإنججازات الحالية كان 
كلامنا فارغاء لأن ثقافتنا الحالية مقتبسة فى 
جل مظاهرهاء بانفاق الجميع. یسقی حل 
معقول» وهو أن نربط الأصالة بطموح العرب 
وما يرغبون فى تخقيقه مستقبلاء فتكون 
الأصالة عبارة أخرى عن المشروع 
الثقافى 440 . 
وفى رأينا أن هذه الرغبة الجامحة ‏ التى ترك 
البسدعين المسرحيين» من أجل الرجوع لی الذات؛ 
والشراث» والذاکرة الجمعية - تظل عودة محفوفة 
بالغموض والإبهام إذا لم نستوقفهاء ونطرح عليهاء 
وحولهاء الأسئلة؛ لكى تدلنا على مسرح أصيل 
ومتماسك يقدر على سيد الماضى والحاضر للتوجه إلى 
الستقبل بکل قة واصرار, بعد أن يكون قد وعی ذانه 
بأكثر أشكال الفنون تعقيداء وأكثرها حرية فى التعبير عن 
الذات؛ مسرح يوحد فى كيانه فنوناً أخرى؛ لأنه فن 
م رکب لا تشحد هویته الاصيلة باعتماده - فقط - علی 
الأصول اللغوية والدينية والترائية العربية» وإنما يتجاوز كل 
هذه المعطيات ليصبح ذا أبعاد إنسانية يشترك فى العام من 
خلال الخاصء متمثلا قيم ومنجزات الغرب؛ محددا 
موقفه الواضح من العصرء راصدا مکونات تخلف 
الجتمعات العربية. وهذه المعطيات» دون منازع» کانت - 
کذلك - من مرتکزات نظریات السرح العربی التی بها 
تم التعبير عن المشروع الشقافى الذی قدمته الفغات 
الاجتماعية الناشئة. ويرى عبد الله العروى فى موضوخ 
الإبداع بالذات: 
«أنه لا يتحقق فى أعمال أدبية علمية: إلا 
بعد خقيق الشروط الضرورية » والشروط لا 
تتأنى بواسطة سياسة تعليمية معينة إلا إذا 
حصل اجتماع حول مفهومى الأصالة 
والانبعاث» والإجماع بدوره لا يكون إلا 





إشكال الغرب والخصوصيات 


بالخضوع للمعطيات الموضوعية؛ بعد أن 

يصبح وعينا الجماعى خاضعا للتطور المستقل 

عن رغباتنا الذاتيةم (45, 

إن خمضوع مجربة المسرح العربى إلى ا معطيات 
الوضوعية» ومسألة الذات العربية؛ أعطيانا ثلاث مراحل 
حاول خلالها المبدعون المسرحيون العودة إلى الذات 
لتحقيق الأصالة والمعاصرة؛ باحثين بذلك عن المواد 
الخام التى يكونون بها أبعاد النص الدرامى والفرجة 
العربية.: إن هذه المراحل لا تقدم نفسها إلا من خلال 
النماذج المسرحية التى أغنت تنوع التجارب المسرحية 
بالأسكلة: والكتابة الواعية فى علاقنها بالأنا والآخر. ومن 
المسرحيين الذين كان لهم الفضل فى تعميق أصالة هذه 
التجارب؛ هناك عبدالرحمن الشرقارى؛ وصلاح 
عبدالصبور» وخالد محیی الدین البرادعی» رغیرهم من 
طوروا السرح الشعری العربی. وهناك سعد الله ونوس» 
ومحمد الاغوط» وریاض عصمت, وعز الدین الدنی» 
وعبدالعزیز السریع؛ ومعين بسيسوء وغیرهم من کیفرا 
هذه الواد الخام مع العقلية والذوق العربی. 
هذه الراحل الشلاث حددها عبدالکريم برشید 

کالتالی : 
«مرحلة البحث فى المواد الخام العربية» أى 
لرجوع إلى مصادر الإنشاء المسرحى» والتى 
يمكن أن تسجلی فى التساريخ والأسطورة 
والحكايات والأمغالء والأغانى» والملاحم 
لشعبية والادب العربی» والتصوف الاسلامی 
والقرآن الکریم. الرحلة الشانية وتدمثل فى 
لبحث عن شکل مسرحی عربی» وذلك من 
خلال مساءلة الحفل العربی» واستنطاق 
صامته. وتبقی الرحلة الثالثة هی البحث عن 
نظرية مسرحية» ونظرية فكرية وجمالية على 
ضوئها نؤسس الكتابة» وتوجد للصناعة 
السرحية مناهجها في الخلق والایداع» ۰۳ 





1.۳ 


عبد الرحمن بن زيدان 


المرحلة الأولى يمثلها توفيق الحكيم؛ وتدميز بالرجوع 
إلى المصدر القرآنى» أما الرجوع إلى المصدر الفرعونى 
فنموذجه كذلك توفيق الحكيم وعلى سالم. والصدر 
العسرالى يمثله الطیب الصدیقی» والطيب العلج» 
وعبدالصمد الكنفاوى؛ وكاتب ياسين. أما الرجوع إلى 
الصدر الصوفی فنجد الطیب العلج یکتب (حلیب 
الضیاف) والطیب الصدیقی مسرحية (رباعیات 
انجذوب) . ما صلاح عبدالصبور فقد قفز بالتصوف من 
الشعر الذاتى إلى المسرح الشعرى الدرامى؛ رذلك 
بمسرحية (مأساة الحلاج) . ما الصدر التاریخی فی 
الانشاء السرحی» فتخصص فیه الکاتب التونسی 
عز الدين المدنى الذى ينعت إبداعاته المسرحية 
ب «التاريخية؛؛ مثل (ثورة صاحب الحمار) و (مولاى 
الحسن الحفصی) و (ثورة الزغ). وفی الضرب قدم 
الطیب الصديقى (معركة اللوك الشلائة) و (الولی 
|سماعیل) و(الغرب راحد) . 


عن المرحلة الثانية من التأسيسء نقول إنها كانت 
بحثاً عن شکل مسرحی عربی مغایره کان من نماذجها 
مسرح الشولك فی سوریا؛ ومسرح الناس بالفرب السرح 
الفردى أو المونودراما.. المسرح الملحمى.. المسرح الفقير. 
إضافة إلى دعوة يوسف إدريس ومحارلاته تأكيد شكل 
السامر الستمد من السامر وخیال الظل والأُراجوزه ودعرة 
توفيق الحكيم إلى الصيغة المسرحية التى عرفت منذ 
القديم وهی *الراوية - القلداتی4» أُو «الراوية ‏ المداح؛ » 
كما جد فى كتاب على الراعى الداعى إلى الكوميديا 


المرئجلة. 





تسو ححارااح مت تج ۳-۳-۳-۳ 


وطبعاء هنا الدعوة إلى التجريب ومساءلة مكونات 
الفرجة داخل الممارسة فى علاقتها بالكوميديا المرجلة ‏ 
أو الكوميديا ديلارتى؛ أو المقهى فى المسرح والمسرح فى 
القهىء» إلى مسرح الشارع أو الشارع فى المسرح. 

وفى نظرناء تبقى المرحلة الثالثة من التأسيس أهم هذه 
المراحل على المستوى النظرى؛ لأنها أرادت أن تعيد قراءة 
الموروث لتعرف مكوناته الداخلية» للبحث عن نظرية 
و نظریات للمسرح العربی. 

نمتقد آن الذی سیوضح هذه الراحل التداخلة 
وا منسجمة - تارة - والتنافرة - آخری - هو مستوی وعی 
المسرحيين العرب وهم يريدون العودة إلى الذات لتحقيق 
الأصالة داخل المشروع الثقافى البديل. وهذا التوضيح لن 
يتم بمعزل عن الحديث عن بعض المساهمين فى هذه 
العملية؛ ونقصد بذلك الرواد والنقاد الذين بحشواء 
واجتهدراء ونقبواء لخلق واقع جديد تعبر عنه أدوات فنية 
حقيقية نساهم فى خسيد هذا الواقع على المستوى الفنى . 
والاجتماعى والسياسى والفكرى والأخلاقى؟ بمعنى أن 
تارب هولاء الرواد والتقاد كانت منتمية إلى الناس وإلى 
الفضائین: الکانی» والزمانی؛ تاریخا وحضارة» وترائا 
ولغة» وأخلاقا. 

من بين النقاد الذين عبروا بكتاباتهم عن هذا 
البحثء وعن هذا الانتتماءء هناك توفيق الحكيم» 
ويوسف |دریس؛ وعلی الراعی» وعز الدین الدنی وعلی 
عقلة عرسان» وسعد الله ونوس؛ وریاض عصمت» 
وعبدالكريم برشيد» وغیرهم من آراد آن یعطی للمسرح 
العربی وجوداً حیویا فاعلا ومتفاعلا. 





e 


ر ر ي e‏ 





الهوامش. تین یه 


(۱) عبدالكريم برشيد: التنظير المسرحى... نساؤلات أولية: من كتاب تخت الطبع. 
(9) رينيه وبليك: مفاهيم نقدية (النظرية الأدييةء الشقد الأدبى» التاريخ الأدبى) ترجمة: محمد عصفورء سلسلة عالم المعرفة عدد »)١١١(‏ 
جمادی الاخرة ۱۸۰۷ ه - فبرایر/ ثباط ۱۹۸۷ ص۰۱۱ 

(؟) توفيق الحكبم: قالبنا المسرحى. مكتبة الآدابء ص 19-15 . 

(4) يوسف إدريس: نحو مسرح عربى ‏ مع التصوص الكاملة للمسرحيات: مطایم - الوطن العربی» شباط (فبراير) ۰۱۹۷4 ص4۷۳ ۰ 

۰4۷۵ الرجع نفسه: ص‎ (o) 

() الرجم نفسه: ص 4۷۲ 

(۷)انظر: علی الراعی: الکومیدیا الرتملة فی السرح الصری, سسلة کتاب الهلال» ع ۰۲۱۲ نوفمبر ۰۱۹۹۸ ص۱۷ - ۷۲- 

(4) محمد أمين المالم: الثقافة والثورة (مقالات فى النقد) دار الداب؛ الطبعة الأرلی؛ ترین الأول (اکنویر) ۱۹۷۰+ ص؛ ۰۱۷ 

)٩(‏ عبد الكريم برشيد: التنظير المسرحى: تساؤلات أولية. 

(۱۰) جاك ببرك: اين المسرح العربی من عالم الیوم؟ مجلة «شمره ايروتية, المده ۰۳ خریف ۰۱۹۱۷ م۰۱۲۳ 

Le Structuralisme Génitique (Goldman) collection rlédiations- No. 159, PARIS. Denoel/ douthier 1917. نص مأخوذ من کتاب جماعی بعنوان‎ )١١( 
۰۱۹۸ 5 انظر: البنيوية التكوبتية والنقد الأدبى: مؤسسة الأبحاث العربية» الطبعة‎ 
مقال: البنيوية التكوينية ولوسيان غولدمان بون باسكارى  ترجمة محمد مبيلا.‎ 

(۱۲) ریبه ويليك: مفاهیم نقدية - مرجم سابق؛ ص ۰۲4 

(۱۳) رينيه ويليك: أوستن واربن: نظرية الأدب. ترجمة: محبى الدين صبحى: مراجعة حسام الخطيب» المؤسسة العربية للدراسات والنشرء الطبعة النية ۰۱۹۸۱ سس ۰ - 
۱ 

(14) حسام الخطیب: مقترحات مبدنية باتجاه نظریة عربية فى الأدب والنقد. الفکر العربی «مجلة الانماء العربی للملوم الانسانیة» کانون الثانی - (بنایر) شباط 
(فبراير) 1۹۸۲ - العدد الخامس رالمشرون المنة الرابعة؛ ص١١‏ . 

(۱۵) بیان جماعة السرح الاحتفالی - ۲۷ - مارس ۱۹۷۹ . بیان السرح العریی مجلا سرح بصدرها نادی السرح القومی» مصر؛ العدد السابع يونيوا 2194 
ص٥‏ . 

0 الفانوس الأول : البيان التأسيسي لمسرح الفوانيس - كتابات أولى مسرح الفوانيس» عمان ‏ الأردن ۔ ۲۷ ۔ ٣‏ ۔ ۱۹۸٤‏ 

(۱۷) عدالنعم تليمة: مقدمة في نظربة الأدب. دار الثقافة للطباعة والنشر بالقاهرة > ۱۹۷۴ء ص۲٠٠‏ . 

(۱۸) عبدالکريم برشید: اتنظیر ا مسرحى» تساؤلات أولية. 

(15) عبدالكريم برشيد: المرجع السابق. 

(۲۰) بیان فرقة مسرح احکرانی «مجلة السرح؛ العدد السابع بونیر ۰۱۹۸۱ ص۰۱۳ 

(۲۱) بیان جماعة السرح الاحتقالى الأول «مجلة المسرح العدد السابع بونیر ۰۱۹۸۱ م۷ 

(۲۲) الفانوس الأول: البیان التأسیسی لسرح الفوائيس - کنابات أولی. مسرح الفوایس - عمان؛ الأردن - ۲۷ - ۳ب ٤۱۹۸ء‏ ص٤ ٠‏ 

(۲۳) ررجیه عساف» السرحة أقنعة الدينة - دار الثلث» ص۰۱۵ 

(۲6) محمود آنین العالم: افتاح ندوة السرح العربی الطلیمی. «المرفةه مجلة 

(۲۵) الرجم نفسه: ص۰۱۳ 

0 سعد أردش: المرجع السابق: ص »9 - 81١‏ 

(۲۷) نعمات عاشور: علاقة السرح بالدرلة راجتمع «المرفة» السورية, العدد ۰۱۳۱ حزیران ۰۱۹۷۳ ص ۰۱۱۸ 

(۲۸) الرجع نفسه. 

۹ ادوس (على أحمد سعيد) فاتحة لنهايات القرنء بيانات من أجل لقافة عربية جديدة - دار العودة - بیروت» الطبعة الأرلی - ۱ -۳- ۱۹۸۰ + م۰۱۷۵ 

(۳۰) عبدالرحیم الزرقانی: اللغة العربية الفصحى والعرض المسرحى. «البيان» - مجلة فكرية شهرية تصدرها رابطة الأدباء فی الکویت العدذ ۲۱۷ - أبريل (نيساف) 
۶ . عدد خاص عن «ندوة التراث العریی والسرح. 

(۳۹) سامى عبدالحميد» الرجع نفسه. 

(۳۲) انظر: على أحمد باكثيرء محاضرات فى فن المسرحية من خلال تجاربى الشخصية - ص١٣٠‏ 

(۳۳) عدالفتاح کلیطو: الأدب والغرابة: دراسة بتيوبة فى الأدب العربى: دار الطليعة » ييروتء ص5١‏ . 








شهرية - المدد ۱۱۷ - تشرین اثنی (نوفمبر) ۰۱٩۷۱‏ ص۰۱۳ 





عبد الرحمن بن يدان س 


(4) أدوئيس: زمن الشعر ‏ دار العودة ‏ بيررت - الطيعة الأولی» بیروت ۱٩۷۲‏ - ص۳۹٠‏ . 

(۳۵) الرجم نفسه: ص۱۲۹ ۰ 

(۳ برهان غلیون: الوعی الذانی» منشورات عیوت القالات» الطبمة الاولی» ۱۹۸۷ ؛ الدار البیضاء» ۰۱۳۷ 

(۳۷) آدرنیس: مياسة الشعر «شعر الهوبة؛ ‏ دراسة فى الشعرية العرية العاصرة . دار الآداب» بیروت . الطبعة الأولی. ۰۱۹۸۵ 

(۸) عبدالکییر الخطیبی: النقد الزدوج - دار العودة. بیروت» ص٩۹‏ . 

(۳۹) الرجم نفسه: ص؟. 

(1۰) کمال عداللطیف: سلامة موسی واشكالية النهعة - الفارایی؛ الطبمة الأولی ۱۹۸4 - الرکز اثقافی العربی - الغرب - ص۰۸۲ 

(4۱) عبدالله العروى: لفاقتنا فى ضوء التاريخ (التنوير) ‏ المركز الثقافى العربى. الدار البيضاء ‏ المغرب. الطبعة الأولى. 19441 ص۱۱۱ 

(۲) ریاض عصمت: دراسات تطبيقية فی السرح العربی - منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومی . دمشن ۱۹۷۵ - ص۲۵۲. 

(4۳) حسن الیمی: عن السرح العربی اخدیث «الأماس» ملف خاص حول السرح العدد ۱۲ فبرایر ۱۹۸۵ - صی۲۱. 

(44) برعلی باسین: ينابيع الشقافة ودورها فی الصراع الاجتماعی - منشورات عیون القالات - الطبعة الأرلى - اللاذقية 1946 الثانية ‏ الدار البيضاء 1145 
۰1۸-1۷ 

(40) انظر: سعد أردش: الأصالة ومنهج العمل اججمعی فی السرح العربی احدیث البیان «الکریتیةه ۰۱۹۹ آبریل (نبسان» ۱۹۸۰ - ص۰۳۱ 

. ۲٠۳ص‎ 19480 نمار الكساندروثنا بوتيتسيقا: ألف عام وعام على المسرح العربی - ترجمة: تفیق الذن - دار الفارابى  الطبعة الأولى‎ ٠ 

(4۷) المرجع نفسه» ص۲۱۳ . 

(4۸) عدالله العرری: لقافتا فی ضوهء التاریخ» ص۰۱۹ 

(49) المرجع نفسه؛ ص)۲۰. 

(۰) عبدالکريم برشيد: حدود الكائن والممكن فى المسرح الاحتفالى» سلسلة الدراسات النقدية ٠٠١‏ دار الثقافة» الدار البيضاء. الطبعة الأولى, 148 14488 


م۷ 





اکصه فى العدد القادم ؛ 
مجتت انش داد + 
السرح والتجریب 1 
الجزء الشانی) 
- التجردب فی تشکیل الفراغ السرحی ..........., صیری عبدالعزیز 


- اللسرح العربی ما بین التراث والحداثة .......... رافت الدویری 
- المسرح العربی والبحث عن الشکل | 
- تقنية الممثل المصرى ...00م انتصار عبدالفتاح 


- الشعر المسرحى وفنون الفرجة الشعبية E‏ لخا قف ان لخا 
- التجربة التى لا تتكرر RR‏ 1000 عبدالفتاح قلعه جی 


- الفرافدر 0000 ا 
59 التحریب فى مسرح محمود الاق الي مر مي سامی سلیمان 
- النظر امسرحي فی مسرح الستینیات ی حازم شحاته 


الأسطورة المحرفة 
فى قطة فوق سطح صفيحة ساخنة AEE‏ هانى مطاوع 





چ و و 


اا11اازلة تاقاقط رتبت تالت ااات لاا 





در اسة قباس نادر عمران 
لسرحيبة هاملت 





مفيد فالح الحوامدة * 


ما۱۵ 


-- 

أحدت نادر عمران» کاتب فرقة الفوائیس 
الأردنیة(۱)» تغییرات جذرية على مسرحية (هاملت) فى 
افتباسه لها بعنوان افرقة مسرحية وجدت مسرحا 
فمسرحت هاملت» (۱۹۸4). وقد شملت هذه 
التغییرات الحبكة السرحية وأحداث القصة والتشخيص 
والوضوع (أو الواضیم) . وبالفعل» لم یحتفظ النص 
القتبس بأکثر من 1۲۰ من التص الأصلی. ولعل أبرز 
تغيير موح أحدثه عمران هو قلب الحبکة الشکسبيرية من 
الداخل إلى الخارج. فقد حبك شكسبير مسرحيته حول 
قصة هاملت بصراعه مع كلوديوس ومع نفسهء وضمن 
حبكته قصة ثانوية (المسرحية ‏ داخحل - مسرحية - ره( 
gi (within - Play‏ مشهد المصيدة "° 

6 لخدمة القَصة الرئيسية. 


Mouse - Trap 





«جامعة اليرموك» الأردن. 


أما فى الاقتباسء فإن هذه القصة الثانوية المتعلقة ٠‏ 
بالمسرحة والإخراج وفعالية العمل المسرحى هى القصة 
الرئيسية» واحتزلت قصة هاملت الرئيسية لتصبح هی 
القصة الثانوية و السرحية - داخل مسرحية. فقد حبك 
عمران اقتباسه حول علاقة مجموعة من المشلین 
بمخرجهم التقلیدی المتسلط . تبدأ المسرحية بهيمنة هذا 
احرج على الممثلين الشخوص وتنتهى بتمردهم 
وانتصارهم عليه. أما قصة هاملت» فتصبح قصة ثانوية 
يمثلها هؤلاء الممثلون على طريقة انخرج المهيمن» وذلك 
بمشابة تطبيق لنظرية الإحراج التى علمهم إياها والتى 
يثورون عليها فى النهاية. 

وقد نتج عن التغييرات التى أحدثها عمران على 
النص الاتغلیزی مجموعة من القضایا الوحية التی سل 
معانى مهمة لفهم المسرحية المقتبسة ومخديد موقف فرقة 
الفوانئيس من حركة المسرح العربى العاصر. أولاء 


۱۰۷ 





Pp ا‎ 


الموضوع الرئيسى فى المسرحية الأردنية هو رفض 
الامجاهات القديمة السائدة فى المسرح والبحث عن صيغ 
مسرحية بديلة ولغة تعبير مسرحية جديدة؛ فى إطار حركة 
المسرح التجريبى فى الوطن العربى . ثانياء إلغاء دور البطل 
الفرد الممثل بشخصية هاملت حيث يحل محله البطل 
الجماعى» ما یتناسب و الفلسفة الفنية والفكرية لفرقة 
الفوایس الضمنة فی بيانها التأسیسی الصادر فی عمان 
عام ۲۳۱۹۸۳ الشا» السرحيةء الجديدة هی دعوة 
للممخلین للتمرد علی افرج لتقلیدی, کما أنها 
بالدرجة نففسها دعوة لتحرير الإنسان من أية قوة تكبح 
طاقاته وتردع رغبة التحرر والاستقلال الكامنة فيه. وحتى 
يتسنى لى دراسة الاقتباس الأردنى على ضوء التغييرات 
التى أحدثها عمران على النص الشكسبيرى» فلا بد من 
البدء بعرض سريع لمسرحية (ماملت)» وليل فكرة 
المسرح والمسرحية كما برزت فيها . وساحلل معانی هذه 
التغييرات فى ضوء البيان انتاسیسی لفرقة الفوانيس. 


ات 

استعمل شكسبير فى (هاملت) أدوات المسرح 
بفعاليتها وجماليتها للوصول إلى الذات الإنسانية لدراسة 
استجابتها أمام مفترقات الطرق ولحظات اتخاذ القرارات 
المصيرية» وفتح قلوب شخوصه ليقود يذلك قراءه 
ومشاهدى عروضه إلى أعمق زوايا الذات الإنسانية 
وأكثرها ظلمة؛ ما يحيّد العصر ويتجاوز حدود المكان» 
هدفه فى ذلك سبر غور النفس البشرية فى الأعماق 
متحديا بعدى الزمان والمكان. بهذه الطريقة ضمن 
شكسبير لأدبه وفنه ديمومة لن تتوقف إلابتوقف ظاهرة 
الإنسان ونهاية الحياة على هذا الکوکب. فالسرح عند 
شكسبير ليس غاية بل هو وسيلة أحسن استخدامها 
للوصول إلى فن له صفة العالية والديمومة؛ وكفيل أن 
يهذب مشاهديه وقراءه. 

المسرحة والتمثيل فى (هاملت» هى وسائل فعالة 
فى عملية الكشف عن الحقيقة وإظهار التناقض بين 


۱۰۸ 





المظهر والجوهرء ذلك التناقض الذى يربك هاملت 
ويشغلة طوال الفعل المسرحى» ويؤدى بكل الشخوص فى 
نهایتها لی مجزرة دموية حمراء . 

يشكل هذا التناقض إحدى أكبر الجدليات الفاعلة 
لدفع الدراما إلى الأمام لخدمة الغرض الإنسانى فى إطاره 
الكبير من خلالها. كما تشكل عملية الكشف عن 
الحقيقة فى (هاملت) الحركة الدينامية المحورية التى 
تضمن دفع الفعل المسرحى إلى الذررة ثم إلى الاستقرار 
الختامی. وبذلك فهی تشحذ ذهن وخیال الشخوص 
الرئيسية إلى الإبداع والتجلى. ومن خلال ذلك؛ يعرى 
شكسبير النفس البشرية وما ينتابها من انفعالات وحيرة 
حین اتخاذ الواقف الخطيرة ؛ ليشوص فى أعماق 
الشخوص, ولیقود بالتالی الشاهد الی أعماقه الذاتية» 
ليكتشف إنسانيته ويشحذء بل يحركء الانفعالات الكامنة 
فى داخله التى يجمه يتعاطف مع الشخص المسرحى 
المعين أو ينقم عليه إزاء المواقف الإنسانية التى تخلقها 
الحبكة أو الموقف المسرحى المعين . يتم هذا فى عملية 
إثارة وتهدئة وشحن وتفريغ ترافق إيقاعات الفعل 
المسرحى» لتؤدى كلها فى النهاية إلى عملية تطهير 
نفسى للقارئ أو المشاهد؛ ينتج عنها بعث إنسانية نشطة 
شفافة؛ كانت قد توارت مخت تأثیر التطبیع الاجتماعی 
والعوامل الذاتية ومتطلبات الحياة والقهر الجمعى 
والتدميط . 
لكيفية استعمال المسرح للغوص فى الذات الإنسانية » 
فقد حبك مسرحيته بكل أبعادها وأحدائها حول التطور 
والنمو التدريجى لشخص هاملت. فالمسرحية برمتها 
وصف لرحلة البطل التراجيدى من الذهن إلى العاطفة» 
ضمن جدلية التغاير بين الواقع المفتعل والحقيقة الفعلية» 
وما رافق هذه الرحلة من إبحاءات ومعان وقيم. 

يتحول هاملت تدريجيا من طالب هادئ لاه 
عقلانی» علمى: مفكرء لا فاعل» عند بدء الحدث 


المسرحى» إلى شخصية عاطفية» عملية» انتقامية؛ قوية» 
وفاعلة فى نهاية العمل. كان فى البداية يمثل الطالب 
اللا أدرى البرئ البعيد عن معرفة الواقع. وهو هنا يشبه 
آدم قبل قضمه تفاحة المعرفة فى جنة الأبرياء. على أن 
دفقة المعرفة التى أتاه بها الطيف أيقظت شكوكه 
وأرعدت وجوده ودفعته إلى البحث عن الشجرة احرمة 
ليقرض من نتاجها ويخرج عندئذ من عالم جنة الأبرياء. 
على أن هاملت لم يستطع مجمرع المعلومة التى زلزلت 
وجوده دون حد وشبت. ولهذا وجد من الضرورى 
التحمق من صحة المعرفة الجديدة ليصل عند ذلك إلى 
مستوى إدراك معرفى مساو لذاك الذى فى ذهن عمه 
كلوديوس. لكن الوصول إلى هذه المعرفة (التحقق من 
الجريمة) ليس بالأمر السهل. وتأنى الصعوبة فى ذلك 
من قدرة كلوديوس على استغلال نفوذه وموقعه فى أعلى 
الهرم السياسى فى بلده؛ فقد وظف كل معطيات سلطته 
فی محاولة منع هاملت من التوصل لی معرفته؛ فلجأ 
إلى أصدقاء هاملت وحبيبته» وحتى أمه» للتجسس عليه 
ومنعه من الوصول إلى هدفه . وقد استعمل كل هؤلاء 
لمشيل وتزييف الواقع من أجل السيطرة على هاملت 
ومنعه من الوصول إلى الحقيقة. على أن هاملت» الأقدر 
منهم جميعا على التمثيل وفهم جماليات وفاعلية 
العمل المسرحى» استطاع التفوق عليهم جميعا؛ إذ 
استطاع من خلال قوة العمل الدرامی والتمثیل الوصول 
إلى معرفة كل ما يخفيه كلوديوس رغم كل محاولات 
لأخير. تم كل هذا من خخلال المشهد التمثيلى الذى 
أعده وأخرجه هاملت » واستطاع من خلاله الغوص فى 
نفس كلوديوس وعقله لدى متابعته لاستجابة الأاخير 
لنفسية والعاطفية والجسدية لهذا المشهد. وبذاء فإن 
هاملت يخرق أغشية الزيف بالزيف ليصل إلى مركز 
لإدراك فى ذهن عمه؛ ويتعرف كل ما يخفيه؛ رغم 
استعمال الأخير كل من هم حول هاملت فى مشاهد 
تمثيلية تهدف إلى انتزاع كل ما يعرفه وإخفاء حقيقة 
کلودیوس عنه. 





البحث عن صيغة مسرحية جديدة 


ومن الملفت للنظر أن كل دلائل هاملت التى 
تساعده على الكشف عن زيف التظاهر والتمثيل على 
مسرح السینور تأنی من خارج الدنمارك. ففی البداية 
يظهر الطيف الذى ينبئ عن الحقيقة قادما من عالم 
الغيب و العالم السفلی 11006۳0714 ثم يأتى المخلون 
الذین یمسرحون ما جاء به الطیف من خارج 
الدنمارك . 
كما نلاحظ أيضا أن زيف الملك الواقعى كلوديوس 
فى السينور يكشف عنه ملكان آخران يفترض أنهما غير 
واقعيين: الأول هو طیف اللك الحقیفی للدنمارك 
والآخر هو الملك الذى يمثله أحد الممثلين القادمين من 
دولة مجاورة. ومن المفروض أن يتظاهر الطيف والممثل 
بالحقيقة من خلال التمثيل: كما يفترض أن يكون 
ملك الدنمارك كلوديوس واقعيا وحقيقيا. لكننا مجد 
العكس تماماء الحقيقى (كلوديوس) يمثل ويخفى 
الحقيقة ؛ والممثل يقول الحقيقة ويمارس الواقع. ولذاء 
فإن عملية المسرحة بالنسبة إلى هاملت وشكسبير 
والجمهرر الإليزابيٹى تصبح رمزا للقوة التى تقوم بإزاحة 
الستار عن الحقائق الحخفاة وتعرية دهاليز النفس البشرية 
وإعطائها طابعا موضوعياً لا نحتمل اكتشافها بدونه "° ؛ 
قتصبح والحالة هذه كأننا ننظر إلى أنفسنا فى المرأة» 
ويصبح الممثلون بحق «كشافى الأسرار» هتاكين 
للأستارة (ف۳» م۲). 
فى هذا الإطار» يقارن هاملت العالم الحقيقى بعالم 
الدراما الخيالى فلا يجد الفارق بينهماء بل على العكس 
يجد العالم الخيالى أكثر راقعية ومنطقية. فها هو يقارن 
الانفعالات الساخنة لممثل يتصنع دورا وانفعالاته 
الشخصية الباردة التى لا تتناسب و مأساة والده ومقتله 
ظلما: 
«ویحیی من هزأه بلید» أليس عجيبا أن ذلك 
الممثل الذى كنت أختبره منذ هنيهة يستطيع 
على كونه إنما يصور حادثا مكذوباء ويهيئ 


۱ 


مفید فالح و ل یت رب شا تسس رو ۳ 


إحساسا ليس من الحقيقة فى شئ » أن 
يصنع وجهه» ويشكل حركاته؛ على النحو 
الذى يوحيه إليه خاطره» فهو يمتقع حزناء 
ويستدر جفنيه دمعاء ويظهر التدله؛ ويجهش 
بصوته فى التوله؛ ويطابق بمهارته بين صورته 
ونصوره؛ وكل ذلك لغير ما طائل يحلى به؛ 
کل ذلك فی سبیل حسناء لم برهاء ولم 
يعرفهاء فما الذى كان يفعله لو كان 
مکانی؟ 
إذن لأغرق مسر.حه بعبراته؛ وصدع أذان 
الجمهور بکلماته الرهيبة» وأجن الب 
وأذعر الب لبرئ» وأذهل الجاها,» بل لام 
الع رار ابعر ؛ أما أنا وتبا لى من 
أليم وضیم » وشجاع دعى» فغاية ما دافعت 
به عن أب حبيب» وملك عزیز » نكب أشد 
النکبات : وهو أننى أهذى هذيان الحالم ۰ 
مع أن شاغل الانتقام مالیء نفسی» أجبان 
زا؟ » ۳ 
ویذاء فان شکسبییر استعمل قوة الدراما 
والدراما تيرجية لا للكشف عن الحقيقة فحسب ؛ بل 
لهدم الأطر النمطية» وأيضا كل ما اعترى النفس البشرية 
والواقع الظاهر » للنفاذ إلى الحقيقة الباطنة من أجل 
إعادة تنظيم وتطوير المجتمع نفسبا وفكريا واجتماعيا 


وسیاسیا :۳ : 
۳ 
وبسسبب هذا الدور الإيجسا ى الهم الذى أبرزه 
شکسبیر نی (هاملت) للمسرح والعمثيز يل والمسرحة 


رأهمیتها فی الحياة الانسانية ‏ فقد افتبسها کانب 
«الفوانیس) الذی یبحث وأعضاء فرقته عن صيغة 
مسرحية جديدة یبرزون فیها دور الفن والفنان السرحی 
فی مجتمعنا العاصر . واقتباس ی عمل فنی انسانی 


۱۹۰ 


واعادة صیاغته من جل نقل وجهة نظر جديدة تناسب 
العصر والمكان » يعتبر عملا مشروعا فى رأى عمران 
وفرقته الذين يجدون ضالتهم فى تقليد ما سار عليه 
بريخت فى تناوله التراث الإنسانى فى أعماله المسرحية : 
« لقد كتب بيرتولد بريخت مسرحيته السيد 
بونتيلا وتابعه مانى عن أحداث إعتبارية 
فنلندية بأدوات تعبير شعبية. ولهذه المسرحية 
علاقتها المباشرة بالإنسان فى أى مكان وأى 
زمان . ومن المعلوم أن بيسرتولد بريخت لم 
يكن إلا ألمانيا ولكنه تفوق على ذلك لكونه 
إنسانا . لقد صاغ الکشیر من عماله 
مستخلصا حامات خلقه من الوروثات 
الانسانية الشمبية العامة: داثرة الطباشیر 
القوقازية مأخوذة عن أسطورة شعبية شرقية » 
الإنسان الطيب من سيشوان وجذورها الشرق 
آسيوية؛ جاليلو الإيطالى قبل مثات السنين... 
(لی آخر أعماله؛ كان دائم التعلم والاكتساب 
من الحياة, من الانسان » بغض النظر عن 
مكان وجوده أو عصر حياته الاعتباريين) 
(البيانء ص۱۰. 
ونادر عمران يريد» كبريخت؛ أن يتفوق على كونه عربيا 
بكونه إنسانا . وهو بذا ينظر إلى الأعمال العالمية بوصفها 
خامات يخلق منها إبداعات جديدة بمنظار عصری 
يتسلاءم وفكره وفنه. وهذا الموقف واضح فى بيان 
الفوانيس: 
«هكذا بدأت الفوائيس لعبتها مع محصلات 
العرفة؛ من الفاهیم والموروثات الاجتماعية 
الختلفة والمدركةء فقد بدا الإنسان ببناء تلك 
المفاهيم وتلك الموروئات ليشعر بالمتعة فى 
هدمهاء وذلك للوصول إلى بناء مفاهيم 
جديدة متطورة على أنقاض الأرلى ثم يهدمها 
مرة آخری... وهکذا » (البیان» ص ؟) . 





كما أن هذا الموقف متسق مع الأهداف التى وضعها 

كاتب (الفوانيس) : 
+جاءت لترمی سس [کذا] مسرحية» 
تتغذى على ما أفرزه وجدان الانسان عبر 
حضارته من أدوات تعبير كان يعبر بها عن 
أفراحه وأتراحه» آماله وآلامه» تعیدها الفوانیس 
إلى الإنسان ثانية بعد جليها مما التصق بها 
من الشوائب والتزوير نتيجة ضوابط الكبت 
والحجب الطارثة علیها باستمراره ولتعود 
الأدزات أكثر شمولية ودلالة لأطر الحياة 
امختلفة من أجل أن تلحق بتطور الحياة» 
بالإضافة إلى وجوب خلق أدوات تعبير 
جديدة لها مدلولات تعبيرية عما استجد من 
أمور الحياة, أملين زيادة التواصل والشوافق 
الانسبانی بهدف بناء ال «نحن؛ 
الاجتماعية) . (البيان» ص۸). 


وبناء على هذه الاستراتيجية الفنية التى تبيح تنارل 
الأعمال العالمية وإعادة تركيبهاء لتصبح أكثر شمولية 
وقدرة على مسايرة تطور الحياة ومستجداتهاء فقد يخرأ 
نادر عمران على فك عناصر النص الشكسبيرى» مبقيا 
على بعض تلك العناصرء وتاركا بعضها الآخرء ومضيفا 
عناصر جديدة بناء على فهم فلسفى فكرى يعززه وعى 
ملموس بالتراث السرحی العالی» وقد أعاد بناء هذه 
العناصر فى عمل درامى جديد يفيد من الغناء الشعبى 
والفلكلور العربى والموسيقى العربية النابعة من وجدان 
الجمهور ‏ الهدف » بعد إعطاء هذه الموروثات الحضارية 
المعاصرة معان جديدة من خلال وضعها فى سياق جديد 
مغرب على الطريقة والمنهج البريختى. تتضافر فى العرض 
الجديد عناصر النص مع أدوات الإخراج إلى جانب 
الألحان الشعبية المغربة فى. نسیج عضوی متماسلی البناء 
فى مفرداته. وبذاء فقد أعاد عمران صياغة عمل عملاق 
ينتمى من حيث الشكل والخواص والخلفية إلى بطن 


البحث عن صيغة مسرحية جديدة 


التاريخ» ليولد من جديد بروح عصرية تحكى القرن 
العشرين روحا وبنية فى محاولة زلزلة كل المفاهيم المؤطرة 
فى ذهن المشاهد الذى طالما ارتعب من تغيير المألوف. 
وبذلك؛ فإن الحديث عن النص الأدبى الذى كتبه 
عمران ييقى قاصرا إن لم يدعم بالحديث عن العرض 
أيضا. السبب فى ذلك أن كاتب «الفوانيس) يكتب 
نصوصه للعرض عادة لا للقراءة. ولذا فقد يصدق القول 
بأن كتابة النص کانت تولیفا لا تألیفا مسرحیا. وهذا 
يعنى أن النص يكتسب قيمة حقيقية فقط عندما يقدم 
على خشبة المسرح ويفقد الكثير عندما يقرأ فى زوايا 
المكاتب المنعزلة. ويدل على هذا وجرد تكامل بين 
الکائب واخرج (خالد الطریفی) والوسیقی (عامر 
تناول واحد من أطراف هذا الشلائی دون الاستعانة 
بالاخرین. لا عجب» فذلك هو رأى «الفوانیس» فی 
خلت الا درك العام بالذات واحیط : 
«الاصوات الانسانية تنطلق» وتبدر الوحشة 
بالشعر والغناء» العيون ترى.. فتدرك» الآذان 
تسمع .۰ فتفهم» الأيدى تلمس.. فتتأكد من 
وجود الأْشیاء» الحواس جمیمها تبداً عملها 
لادراك کنه العالم احیطء . (البیان» ص۲) . 
یبدو واضحا آن ؛الفرانیس» لم يتجهوا إلى كتابة 
أدب مسرحى خالد کمسرح شکسبیر؛ لکنهم بحثوا عن 
حركة مسرحية جديدة لها فلسفة فنية جديدة متحضرة» 
وهذا جلی من عنوان الصمل الطروح. وعلیه » فإننى 
حتى أعطى هذا العمل حقه من الدراسة؛ لاید من دراسة 
النص والعرض معاء حيث إن الإخراج عزز معنى التغيير 
فى النص الذى أحدثئه عمران على (هاملت) الأصلية. 


گت 
إن من أهم التغييرات التى أدخلها عمران على 
الأصل الشكسبيرى هو إدخال شخصية ؛أبو الفوائيس»» 


۱۱ 


ميد فال ارام :سس ساب ۲9 


تلك الشخصية المضطردة المميزة لأعمال عمران ؛ إنه 
الحکواتی ومصدر النور والدفء والخقيقة . وكممثلى 
هاملت» فهو كاشف الأسرار وهاتك الأستار» يدخل 
السرادیب فینیرها» هو الکاشف عن الحقيقة ؛ بظهر ناه 
العرض بصمت 4 أن بقاطع نسب سیر الحدث؛ 99 
متكررة. إنه القوة التى تشعل ا اشتد الظلام. 
ماذا یعنی هنا نادر عمران؟ الاجابة نجدها فی بیان 
«الفرانیس) : 
«حینما یشعل النور تبداً العقول بممارسة 
نشاطهاء وخرى عملية التفكير» حینما ندرك 
أنه لولا (أبو الفواتيس» لا اشتعلت الفوانيس» 
بل لما وجدت الفوانيس أصلا. إن ابا 


الفوانیس» هو الذی آأنانا بالدفء والور » إنه , 


یفجر الحياة » (البيان» ص۲ ). 


أبو الفوانيس هو الفنان الذی یحمل العقل والخیال 
اللذین تنطبع علیهما صور وتخیلات کل ما تنیره 
فوانبسه وتكشض عنهء لتشكل هذه الصور عند تفاعلها 
وتمایشها «رانعا متخیلا » فی ذهنه یقترن بالفوانیس 
وشعاعها الذى كشف أوليات هذا الواقع وجذوره الممتدة 
عبر التراث الانسانی العام (البیان» ص ۳). 

إن الواقع السخیل الذی یتشکل فی ذهن «آبی 
الفوانيس» يمثل الماهية الحقيقية للأدب والمسرح بشكل 
خخاص وارتباط هذا الأدب بالحقيقة؛ فهى أكاذيب 
كالحقائق ؛ رهى كما وصفها هاملت فى قوله: ١إن‏ 
السرح هو آن حمل مرآة تری بها الواقم» (ف۰۳ م25 . 
إن وجود هذه الشخصية وبحثها عن الحقيقة ومحاولة 
الکشف عن الزیف لیبقی علی الروح التی سادت 
(هاملت) هی تلك الروح التی أعطت السرح والسرحة 
عند شكسبير أهمية بالغة كما أشرت سابقا. لقد عنى 
عمران بظاهرة الكشف عن الحقيقة» كما عنى بها 
شكسبير. وقد ترجم عمران اعتناء» بها عن طریو 
شخصية (أبی الفوانیس) التی استحدنها. 


۱۹۲ 


أما عن التغييرات الأخرى» فأهمها أن الاقتباس 
اختزل مسرحية شكسبير لتصبح بعد التغييرات التى 
أجريت عليها هى المسرحية - داخل مسرحية» وغزل 
حولها قصة رئيسية هى قصة مجموعة من الممثلين مع 
مخرج تقليدى وثورتهم عليه فى النهاية . أما فيما يتعلق 
بالتغييرات التى أحدئت على مسرحية (هاملت)» فقد 
جاءت لتتناسب وثلاث قضايا أراد عمران تناولها والتركيز 
عليها؛ وهی الجنس ؛ الوت؛ والفن (مع الشرکیز علی 
الأخير) . وقد رکز انخرج علی هذه القضايا بخلق ثلاثة 
أقطاب لخئبة المسرح. ففى المقدمة وضع حفار القبورء 
وفى اليمين الأعلى وضع مخدع كلوديوس وجرترود 
الزانيين؛ وفى اليسار الأعلى وضع الخرج التمثال 37 . 

يسقى كلوديرس فى الاقتباس هو الأخ القائل 
والتزوج بزوجة أخيه» وهاملت الذى يشهد الطيف يريد 
إثبات الحقيقة بمسرحة ما جاء به الطيف» ودراسة 
استجابة عمه لهاء كما فى الأصل. عند شكسبير أوفيليا 
تنتحر حداداً على موت أبيها » وموت بولونيوس جعل من 
ليارتس موازیا لهاملت ؛ ما مکن شکسبیر من ترتیب 
البارزة النهائية بين هاملت وليارتس. بينما فى الاقتباس 
يقتل بولونيوس فى بداية المسرحية» مما مكن عمران من 
إبرازه وهو يمارس الجنس مع جرترود» تأكيدا على نفشى 
ظاهرة الفساد والرذيلة فى المجتمع المعاصر. كما يتهم 
كلوديوس وجرترود الزانيان أوفيليا البريئة بارتكاب الرذيلة 
ويحكمان عليها بالموت. فى الاقتباس يقتل كلوديوس 
جرترود» وهاملت يطعن كلوديوس» وكلوديوس يطعن 
هاملت؛ ویموت الشلائة؛ ويعودون إلى بطن التاريخ. أى 
أنهم أبعدوا زمنيا عن الحدث بتجميدهم على خشبة 
المسرح بأقنعة توحى بالموت. ثم يستمر الممشلون 
الشخوص فى متابعة أحداث المسرحية الرئيسية التى 
تنتهى بثورتهم على الخرج رسجنه. 

لقد بالغ كاتب «الفوانيس» فى التركيز على البعد 
الجنسى وأثره فى تسيير الحياة العامة فى الوقت الذى 


ای سس سس سس تج حلاص سپ البحث عن صيغة مسرحية جديدة 


وظفها شكسبير لشحذ جوانب بعينها فى شخصية 
هاملت. فقد اهتم نادر عمران بابراز الاحتفال بزواج 
جرترود و کلودیوس کما کشف الجوانب الحسية عند 
جرترود. فهی ترقص رقصة شرقية مع المثلین وسط جو 
الخمر والتدخین والسکر» وتمارس الجنس مع بولونیوس: 
كما أن ثوبها المذيل بما يزيد عن ثلاثين مسترا من 
القماش يحمل اللون الأسود» والخطط باللون الذهبى 
البراق» يشير بطريقة رمزية إلى البعد الحسى. إن امتداد 
ثوبها وإحاطته بكل الممثلين ليوحى بارتباط كل إنسان 
فى المسرح وفى الصالة بها وبالبعد الجنسى الذى محمله. 
كما تبرز أهمية الغريزة على السلوك الإنسانى بشكل عام . 
القضية الثانية التى أبرزها عمران وعززتهاء أدوات 
انضرج هى فكرة الموت. لقد تبلورت فكرة ا موت عند 
شکسبیر حیث بین استجابة الانسان لهذا العدو احترم 
منذ البذاية» حین ظهر شبح اللك القتیل» وبرزت بشکل 
۱ فلسفى فى مونولوج هاملت الشهیر («أن آکرن أو لا 
أکون» (ذ۳: ۱2). ثم فلسفت آیضا فی الحسوار 
الكوميدى العميق بين هاملت وحفار القبور؛ واستمرت 
أعمال سفك الدماء فى مسرحية (هاملت) بدعا 
ببولونیرس ومرورا بأوفیلیا تصل قمتها فی النهاية عندما 


امتدث يد الموت إلى غالبية الشخوص فى مجزرة ختامية 


صاخبة. 

أبقى «الفوائيس» جنازة أوفيليا ليتمكنوا من الإبقاء 
علی شخصية حفار القبور» ولیتم دفن الجثة ضمن 
شريحة رائعة شكل فيها اللون الأسود وعاش الجمهور 
معها لحظات شاعرية حافلة بالشاعر الحقيقية تدخل 
الوجدان وتنبه العقل. وأبدع اخرج هنا فی استخدام 
وتوظیف کل آدوانه فی خلق جو وجدانی یناسب فکرة 
الوت وعالم انجهول الذی خشیه هاملت» فحفار القبور 
الذى تقع عليه بقعة ضوء مركزة يعنى: 

«ولدت وتوأمى موتى 


صرخحت فراعه صوتی» (, 


والتمثال العملاق الذى يرمز إلى ا موت» يهتز فى 
أعلى يمين المسرح المعتم؛ وهو يرتدى ثوبا أبيض طويلا 
ترفعه ثلاث درجات غطيت بثوبه ليصبح كتلة واحدة 
عملاقة بيضاءء فى جو أسود سحری یخترق وجدان 
الجمهور ويهره. وأثناء مسيرة الجنازة تمر الوجوه المقنعة 
بأقنعة الجماجم لتزيد الصورة إبهارا وتشحذ من تأثيرها 
الوجدانى. كأن الجمهور كان ينظر إلى شريحة تشكيلية 
تمرك الوجدان عن طريق التلاعب بالألون الموحية 
والرمزية والإكسسوار الرمزى الموحى أيضا. 
الوت والحياة عند عمران توأم لا ینفصلان «ولدت 
وتوأمی موتی» وظاهرة الوت عنده هی جزء من ظاهرة 
الحياة» کما هو الحال عند صموئیل بکیت فی 
مسرحیته (فی اتتظار جودو). ولا تبرز هذه الفكرة فى 
اقتباس عمران بعض ییات مونولوج هاملت الشهیر عن 
الموت (أن أكون أو لا أكون). ودون أى تغيير يذكر فهر 
ییقی الفكرة الشكسبيرية كما هى » دون اتتباه إلى فكرته 
الخالفة بعض الشئ » على أنه أجرى عليها تعديلاً مهما 
مرتبطا بدعوته لضرورة خلق بطل جماعى بدلا من 
البطل الفردى. ولذاء فقد وزع أبيات المونولوج 
الشكسبيرى على خمسة شخوصء كما هو واضح من 
الحوار التالی: 
«مروان : الوت رقاد .. قد تکون به أحلام 
مرعبة.. وهذه هی عقدة السألة؛ 
فالخوف من تلك الأحلام قد يكون 
أكثر هما من ويلات الحياة البائسة. 
حسن 4 .0 هذا الخوف هو الذى يقف 
العزم دونه . 
تبیل : هو الذی یسومنا ث شتی صنوف 
العذاب لنعیش. 
بشير : إن الخوف مما بعد فترة الوت هو 
الذى يصبرنا على المذلات (يركع) . 


11 





مفید فالح أا :رب پیت تس 


مروان : فقديكون هناك جراء للصایرین 
(يضحك) . 
حسن : فتجدنا نصبر على الظلم فى انتظار 
العدل. 
نبيل : ونصبر على الكوارث من أجل النعم 
فى العالم الآخر. 
مروان : ذلك العالم الذى لم يستكشفه 
باحث ولم تطأه قدم سائح. 
ناصر : ولکننا قد تقبل الصعب الذی نعرفه 
علی السهل الذی مجهله ۰. 
وباستثناء أبیات مروان وحسن ونبیل (فقد یکون؛ 
فتجدنا نصبرء ونصبر علی الکوارث) علی التوالی» فان 
بقية مداخل الحوار كلها مأخوذة من مونولوج هاملت 
الشكسبيرى عن الموت. لكن توزيع الأبيات على خمسة 
شخوص بدل شخص واحد مرتبط بفكرة عمران الداعية 
(لی «الأناه الجماعية وال«نحن» الانسانية التصلة. 
القضية الثالئة التى أبرزها النص الجديد هى قضية 
الفن المسرحى والبحث عن منهج جديد يحل محل 
الناهج والدارس التقليدية. فالفوانیس يبحثون عن مسرح 
جدید له دور بناء فی خلق واقع انسانی حضاری جدید. 
وقد کرست السرحية القتبسة مساحة لا بأس بها لعروض 
العلاقة بين الممثلين والمخرج» والبحث عن لغة تعبير 
مسرحية تستمد حيويتها من مكتسبان الإنسان 
الحضارية؛ وتسخيرها بشكل جديد لأغراض جديدة. 
يدخل الخرج فى البداية وهو يمثل الشخصية 
الديكتاتورية المتزمتة الآمرة الناهية» ويأمر الممشلين بالالتزام 
بتنفيذ ما تعلموه من تدريبات على خشبة المسرح أثناء 
عرضهم قصة هاملت وكيفية قتل والده. 
الممثلون يمسرحون قصة هاملت لا على الطريقة 
البالية التى دربهم عليها الخرج؛ بل على الطريقة الجديدة 


1٤ 


التى يراها مسخرج «الفوانيس») وكاتبهم» ولذا يحاول 
«خالد : كفاكم ما فعلتم إلى الآن.. ماذا 

سيقال عنى بعد هذه المهزلة التى 

فعلتموها ... هل يمكن أن يسمى 

ما قدمتموه فنا » أتفعلون كل ما 

فعلتم برائعة روائع المسرح العالمى.. 

وتقولون لا تعود الأشياء كما 

كانت.. فسنعيد عرضنا لنصلح ما 


آنسدتموه» ۲ 


هذا الحوار بمثل اعتقاد عمران بان فرفته تقدم 


أ مسرحا جديدا وتطرح لغة تعبير مسرحية جديدة؛ ويأثى 


رد المثلین ليصور وجهة نظر ثلائى مسرح الفوانيس 
(عمران؛ الطریف» وماضی) : 
نبیل : لکننا نری بأن ما فعلناه كان شيئا 
جميلا على أقل تقدير ممكن. 
خالد: كفاكم غرورا فارغا. 
حسن: إننا نؤمن بما نفعل.. وليس عيبا أن 
نصل بإيماننا إلى مرحلة الثقة.. وأما 
الغرور فهو خير من الوضاعة. 
خالد: من تقصد بالوضاعة.. هل بلغت 
بك الجرأة إلى هذا الحد... ولم لا 
رقد صفت منك مثلا - بل نکم 
جمیعا مدینون لی بوصولکم ای 
مرحلة الممثلين ... من الذی 
عرفكم بشكسبير وهاملت... ألم 
يكن أنا... ولكننى فعلت كمن 
يضرم النار فى رماد». 
هذا الحوار بين الخرج - الشخصية والممثلين يدل 
على حوار الفوانيس الفنى مع المدارس القديمة البالية» 
التى لا تمت إلى الأأدب الرفسیع بصلة - آولشك 


سس سید ی تب ت جت بجت عن ميقة مشترحية جديدة 


«المهرجون أو القردة المتشبهون بالممثلين وأصحاب 
أساليب الاتجار الرخيص فى الفن »» وأولئك الذين 
يجهدرن ل وإضحاك الناس بالتصوير المبتذل أو بمسخ 
صورة الإنسان بواسطة القفز السعدانى أو إظهار العاهات 
والجهل والسذاجة والعثة فی الانسان» »,کما یشیر بیان 
«الفوانیس4. 
لقد سخر المخلون علی لسان نبیل من آنصار 
الدرسة الواقعية فى التمثيل والإخخراج: 
«نبیل : أريد أن يشعر الجمهور وكأنهم أمام 
حدث واقعى تماماء أريد أن ييكى 
الناس على مصير ذلك الأميسر 
المسكين لنصل إلى مرحلة الصدق 
الفنی) . 
وعلى لسان ناصر: «لقد کان کلودیوس خائنا فأرید 
أن أشعر بالخيانة فى أى حرف ينطقه»؛ يسخر من طريقة 
توزیع الادوار علی الممثلين: 
وأنت تعال هنا.. طبعا أنت الذى 
ستقوم بدور هاملت.. رغم أن 
شعرك أجعد بعض الشئ.. ولا 
یتطابق مع الصورة التی فی خیالی 
عن هاملت.. لقد كانت عيناه أكثر 
وسعا من تلك التى فى داخل 
وجهك ولكن لا بأى.. فعندما 
كنت أدرس المسرح فى إتجلترا.. 
قام أحدهم بدور هاملت وكان بدينا 
(لجسن) . قف هکذا ( حسسن 
يقف) لا.. يجب أن تقف هكذا 
على اللسرح يريد ذلك ) قدماك 
يجبا أن یتواز: زیا. 
حسن : وهل كان هاملت يقف هكذا.. 


ناصر: إن المسرح شئ أخر (يمثل القلق 


الاضطراب) فللمسرح قواعد فى 
الوقوف والجلوس يجب اتباعها.. 
وهل تريد أن يقولوا عنى بأننى لا 

أعرف هذه القواعدة . 
بعد كل هذه السخرية من طرق الاخراج والتمثيل 
التقليدية وطرق اختيار الممثلين وطرق تدرييهم والقواعد 
امتجمدة التی یستوردها انخرجون العرب؛ تنتهی السرحية 
بتمرد الممثلين لام» آصحاب الحركة المسرحية الجديدة» 
راهانتهم انخرج والقائه آرضا ومحاصرته التامة» تماما 
کما تمرد هاملت فی مسرحية شکسبیر علی عمه رغم 
محاولات الأخير كبت هاملت وإخفاء الحقيقة» ليسقيه 
هاملت بعدها السم الزعاف: وینهی سلطته ورجوده إلى 


الأبد. 
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو : ما الجديد فى 
طريقة التمثيل التى قدمها الممثلون فى عرض 


«الفوائيس؛ الفعلى على المسرح الدائرى؟ ؛ وهل 
تتناسب طريفة السمثیل التی قدمها مشلو الفوانیس مع 
الفكرة التى أراد ثلاثى الفوائيس إيصالها إلى عقل 
الجمهور لخلق بيئة مسرحية إبداعية حث على التفكير 
والتنوير للوصول إلى ال «نحن؛ المراد الوصول إليها؟ 
الواقع أن التمشیل الذی قدمته «الفوانیس» 
لمسرحيتها كان مغرقا فی الواقعية من حيث الطاقات 
الصوتية والاندماج فى الأدوار بطريقة تقليدية؛ وتخريك 
الأيدى» ومحاولة تقمص الشخوص. وكان أقرب الممثلين 
الذين ينقص معظمهم التدريب الكافى؛ والوعى الكافى 
بفكرة ورسالة ثلاثى الفوانيس» هو بشير الهوارى الدى 
امتاز بخفة الأداء على الرغم من جسده الضخم نسبة إلى 
الآخرين. وكانت أقربهم إلى إنتاج الفكرة البريخقية 
بالتمئيل سهير فهد التى لم تندمج مع الأدوار ر بما عن 
غير قصد أو بسبب كثرة الأدوار النسائية TE‏ 
خشبة السرح» وقد مشلت بحيادية شبه كاملة فى معظم 
الأدوار التى نفذتها. وقد فشل الكثير منهم فى استحضار 


Ne 


مفيد فالح الحوامدة 


الذاكرة الانفعالية ولربما الذاكرة العضلية على الطريقة 
الستانسلافسكية المألوفة. وقد أنقذهم المخرج من ذلك 
بكثرة استعمال الأقنعة البريختية أو اليابانية أو الأيرلندية» 
ویمهارنه الفائقة فی توزیع الاضاءة والتعتیم» بساعده فی 
ذلك الدقة فى التوقيت والانضباط من مدير المسرح المنفذ. 


6 

أما عن الإخراج؛ فإن أهم ما تميز به الخرج هو 
تأكيده استعمال وسائله» ومن بينها التوقيت والانضباط 
الصارمين. كما أبدع فى التشكيل فى الفراغ واستعمال 
كل شبر من خشبة المسرح بأبعاده الثلاثة وملء أجزائه 
التسعة حركة وإضاءة وتشكيلات. كما خلق نظاما متازا 
من الشوازن » فوضع الدع إلى أعلى يسار المسرح 
واخرج اعلی یمین السرح» ووضع حفار القبور فی 
مركز سفل السرح ۰ للتاکد من هيمنة ظاهرة الخوف 
من الموت على بقية النوازع الإنسانية. 

شکل انحرج بالضوء وحركة الممثلين ولون الملابس 
لوحات تشكيلية» توحی بانسلاخه عن وظيفة انخرج 
التفلیدی واقترابه من الشکل السرحی. علی آن نظرة 
شاملة إلى كل هذا تشير إلى خلط بين رمزية اللابس 
وإيحائية الضوء وواقعية الأداء. وقد يكون إبداع الخرج 
كامنا فى هذه الخلطة المنهجية التی تتبع الفكرة المراد 
نقلها فى المسرحية:؛ غير أنه ينقص هذا الاتجاه فى 
الإخراج الأصالة النابعة من استعمال إكسسوارات وأقنعة 
محلية أر عريبة لكى لا يطل الخرج من خلال العرض 
على الجمهور من برج عاجى لا ينتمى إلى التراث 
الوطنی الوحید القادر علی تمییزه. 

تميز إخراج عرض الفوائيس بالعمل على تكثيف 
المشاعر باستعمال أدوات الإخراج عن طريق معالجة حاسة 
البصر بواسطة الإضاءة والملابس والإكسسوار والديكور. 

وأفاد خالد الطريفى من التقنية العالية لمصادر الضوء 
فی السرح الداثری؛ وشكل بالإضاءة تشكيلا بارعا 


۱۹۹ 





لیکون التحاما متکاملا بین الفکرة والصوت والصورة . 
كما أبدع فى التشكيل فى الفراغ؛ واستعمال 
الظلام والتعتيم بشكل إيحائى لخدمة الفكرة المعطاة فى 
العمل . 

أما بالنسبة إلى استعمال الإكسسوار» فقد أبدع 
الخرج حقا فى استعماله» معتمدا على طريقة الحذف 
والمبالغة ؛كعدم استعمال الأسلحة أو النار مثلاء والمبالغة 
فى عدد السجائر المدخنة أو طول ذيل ثوب ججرترود » 
فكانت الملابس تعطى التأكيد كما كانت تعطيه بقعة 
الضوء . 


أما ا لموسيقى» فقد كانت هى الشئ الوحيد الشعبى 
الشرقى فى هذه المسرحية ؛ فكانت الموسيقى المعزوفة 
على العود والآلات العربية هى التى عبقت المسرحية 
بنسيم شرقى أو عربى . 

لقد جاءت فرقة (مسرحية وجدت مسرحا 
فمسرحت هاملت» لتتوج أعمال نادر عمران حتى عام 
۰ ولتنهج النهج نفسه فى البحث عن صيغة 
مسرحية حديثة فى إطار المسرح التجريبى العربى . لقد 
أفاد كاتبنا الحلى من مسرحية شكسبير العملاقة» وأخذ 
منها وأضاف عليهاء ليخرج بمسرحية مختلفة لا تقترب 
فنيًا ولا فكريا ولا عمما مع الأصل العملاق» لكنها 
موحية بطريقتها ولها رسالتها امحدودة. إنها عودة للتمرد 
على طرائق الإخراج والتمثيل والمسرح القديمة. وهى 
بالدرجة نفسهاء خارج بعدها الفنى» دعوة للثورة على 
الخضوع والاستسلام للاضطهاد والقمع والظلم» 
وشجب لظاهرة الإذعان عند الانسان العاصر . ومن هذا 
النطلی, فان السرحية محاکمة لواقع معیش نتج عن 
مجموعة العطیات الفنية ؛ وكذلك الفکرية والسياسية» 
التی توارثها الانسان عبر السنین . وهی کمسرحية 
(تفريية زریف الطول) ۱۲" دعوة لترك القدیم البالی 
والبحث عن الجديد المناسب للواقع العاصر , الذی 
سيضمن ربر الانسان وسعادته. 





البحث عن صيغة مسرحية جديدة 


الهوامش : 


. فرقة الفوانيس هی فرقة مسرحية أردنية أنشئت عام 14417. ومن آهم موسسیها نادر عمران ( کاتب الفرقة) » خالد الطریفی (مخرج الفرقة» وعامر ماضى (موسيقى‎ )١( 
وتضم عددا من الممثلين المعررفين فى الأردن؛ مثل بشير الهواری وسهیر فهد ومحمد هارون وحسن الشاعر‎ ٠ الفرقة ؛ الرئيس الحالى لرابطة المرسيقبين فى الأردن»‎ 
ومروان الحمارنة وناصر عمر رنبيل الدايخ . كما أن الفرقة ستنطب مثلين غير ملتزمين بها فى كل عرض مسرحى . لنقد أصدرت الفرقة بيانها التأسيسى الأول عام‎ 
. فى عمانء ويتضمن فلسفة الفرقة ومرقفها من المسرح؛ وتطرح به ما تهدف الوصول إليه وتحقيقه فى المسرح‎ 1487 
١1 بدأت أعمال القرقة المسرحية باقتباس مسرحية بريخت السيد يونتيلا وتابعه ماثى نوان دم دم تنكء وقدّمت على مسرح دائرة الثقافة والفنون فى الفترة ما بين‎ 
ندمت آبضا فی مهرجان جرش الثانى فى .1488/8/1 . قدّمت الفرقة مسرحينها الثانية بعنوان حماة طرط طاط طيط من تأليف نادر عمران»‎ 6 
. 1987/11/5٠ ٠١ ألحان عامر ماضی واخراج خالد الطریفی علی السرح الثقافى الملكى فى عمان فى الفترة ما بين‎ 
۱۹۸٤/٤/۸ ۳۱۲۸ أما عملها الثالث فكان المسرحية موضوع الدراسة؛ التى قدّمت على المسرح الدائرى فى المركز الثقافى الملكى/ عمان فی الفترة ما بین‎ 
كما قدّمت فى مهرجان المسرح العربى المتتقل الأول الذى عقد فى الرباط ما بین ۱ - ۱۹۸۵/۵/۲۳ . قدّمت المسرحية على مسرح محمد الخامس يرم‎ 
0 








كما قدمث الفرقة عملا ممتازا لها بعنوان رحلة حرحش من تألیف نادر عمران واحراج خالد الطريفى وألحان عامر ماضى» ضمن احتفالات يوم المسرح العالمى لعام 
6 على مسرح المركز الثقانى الملكى فى عمان . 

(۲) مسرحية هاملت؛ الفصل الثالث, المشهد الثانى (ف5: م؟). سأشير إلى كل اقتباس من شكسبير إلى الفصل (ن) والمشهد (م) مباشرة بعد الاقتباس داخخل 
آقوای(). 

(۳) انظر بیان الفرانیس الصادر فی عمان عام ۰۱۹۸۳ ص۰۸ 

(4) انظر: 
Charles Forker “Shakespeare's Theatrical “Symbolism and Its Function in Hamlet” in Essays in Shakespearean Criticism, eds.‏ 

James L. Calderwood and Harold Toliver ( Englewood Cliff, N. 1: Prentice - Hall, Ine. 1970), p. 442, 

(5) المصدر نفسه » ص .٤٤١‏ 

(1) المصدر تفسه ؛ ص ٤٤۳‏ . 

(۷) هاملت (ف5؛ م1 ) ترجمة خطيل مطران, ط ۷ دار المعارف» القاهرة» 1591/5 

(A)‏ ۳0۲۵۲ ص 44۳ من الجدير بالإشارة هنا أنه لا تكاد مسرحية لشكسبير تخلو من مقارتة بين العالم والمسرح» والإنسان والممثل» وقد تخرق الحدود الفاصلة بين 
الخیال والحقيقة, لیصیح الخبال هو الحقيقة والحقيقة هی الخبال. کما هو واضح من کلمات مالفولیر فی مسرحية الليلة الثانية عشرةة 
لو مثل هنا على المسرح , لأبديت احتجاجى بأنه خيال وغير محتمل الوقوع» (ف۰۳ م۲4 کما تکثر القارنات عند عظيم كتاب المسرح بين الحياة وأحداث 
العرض» فهاهى الحياة بالنسبة إلى مكبث لا تزيد عن كوتها ساعة يقضيها الممثل المسكين على المسرح؛ يتغطرس فيها ويتجبر ثم يخرج من على الخشية إلى غير 
رجعة. ويضيف مكيث بأن الحباة قصة يقصها حكراتى أبله بضجبج وهى خالية من أى معنى (مكبث» 58 م0). والملك لير يندب حظه عندما يعانى قمة المأساة: 
«لقد جنا إلى مسرح الجنون هذاء (المللك لير ف4 :م27 ؛ ويقصد ولدنا فى هذا العالم. وجاك فى مسرحية كما ترغب ۰(ن۲ ۷۸) يصف العالم على أنه مسرح 
کبیر؛ والدوق فى المسرحية نفسها يصف (العالم) على أنه مسرح كونى. ولا غروء فشكسبير الذى أمضى حيانه فى المسرح عاملا ومثلا وصاحب مسرح دعا 
مسرحه بمسرح «الكرة الأرضية؛ ؛ وتناول فى أعماله شخوصا ومواضيع من شتى يلاد الدنيا التى عرفتها الحضارة أنذاك. وللمزيد عن هذا المرضوع انظر: 

Martin Holmes . Shakespeare and His Plays (New York: Charles Scribner's Sons, 1970) , pp. 77-8. 

(4) كان هذا فى عروض المسرحية على المسرح الدائرى فى المركز الثقافى الملكى/ عمات فى القترة ها بين 774 - 1944/4/8 . والحديث عن الإختراج المسرحى 
والعرض لهذه المسرحية هو عن هذه العررة. . على المسرح الدائرى. 

(۱۰) نادر عمران » فرقة مسرحية وجدت مسرحا فمسرحت هاملت؛ ص5 . ستكون كلل الاقتباسات من اطرطة التى استء. أها الممثلوت؛ وسأشير إلى رقم الصفحة من 

القطوطة بمد كل نص أقنطفه من السرحية بين قرسين مباشرة بعد الاقتطاف. 
۱0 مسرحية أردئية كتبها جبريل الشيخ. قدمت على مسرح المركز الثقافى الملكى فى عمان فى الفترة ما بين ٠۹‏ _ 1:۰ ۱۹۸4/5 کی هذه السرحية مأساا 
الشعب الفلسطينى ومعانائه مخت الانتداب البريطانى والخزو الصهيونى. يدعو جبريل الشيخ فيها إلى وحدة الصف من أجل مخربر الأرض المسلوية. 


۱۷ 





1771 ته لاتتقا شتا تجلا اساسا كاجس !نالا 






ارف سای || 





نظريات القراءة 


والشا هدة" 





Kok 


سوزان بينيت 


ناته سسجت اا ااا اجات اتن اجر اناالا 10100۳ ۳ 


ينطلق طرحى النظرى فى هذا الفصل من دائرتين 
من دوائر النشاط الثقافى» وهما إن اختلفتا إلى حد ما إلا 
أن كلا منهما كان لها تأثيرها الكبير على هذه الدراسة؛ 
أولى هاتين الدائرتين طروحات «برتولت بريشت»؛ فمن 
الواضح أن النظرية الدرامية عند «بريشت» وما ارتبط بها 
من ممارسة عملية تشغلان مكانة مهمة اليوم؛ ولاتعزى 
هذه الأهمية فقط إلى الدور الدال الذى لعبه بريشت فى 
تاريخ الدراسات الدرامية» لكنها ترجع أيضاً إلى فعالية 
طروحاته فى سياقات ثقافية أخرى غير المسرح. فالمتابع 
الجيد يلاحظ أن اسم «بریشت» وأفکاره یجدان لهما 
مكانآ فى أكثر من نشاط ثقافى» منها على سبيل ا مثال 
الدراسات الخاصة بعصر اللهضتة. ونظریات ما بعد 


اس سس 

۰ هذا المقال هو الفصل الثانى من كتاب: جمهور المسرح: نحو نظربة فى 
اانتاج والعلقى المسرحين لولفته وزان ہن ت Susan Bee‏ $ 
والطبعة الأولى من هذا الكتاب نشرت من قبل دار النشر «روتلدج» 
بالمملكة المتحد: عام 114 1 

** ترجمة سامح فكرى. مركز اللغات والعرجمة ‏ أكاديمية 
الفنون - القاهرة. , 


۱۸ 


الحدالة, والدراسات الشقافية» والنظرية السينمائية. 
والدراسات الماركسية؛ هذا فضلاً عن الدراسات الخاصة 
بالسرح العاصر. 

وما لاشك فيه آن مجمل ما طرحه «بریشت) بضع 
الجمهور فى بؤرة الضوء؛ وهو الأمر الذى أدى بعد ذلك 
إلى أن يكتسب الجمهور باطراد دور أكثر فعالية» وذلك 
فى السرح العارض الذی تلا «بریشت) -7663ظ - ۳۵5۸ 


. tian Oppositional Theatre 


أما الدائرة الشانية التى أنطلق منهاء فهى نظرية 
استجابة القارئ. إلا أنه على الرغم من الاستعارات 
الأدائية ill Performative metaphors‏ امسلات بها 
أعمال منظرى هذا الانجاه» فإنهم لم يعيروا الكثير من 
الانتباه لظاهرة السرح» ومن ثم فقد كانت طروحاتهم 
بالنسبة إلى محررة لطاقاتى الذهنية» ولكنها كانت محبطة 
فى الوقت ذاته؛ فالفاعلية التى إتسم بها خطابهم - وهى 
فاعلية ترجع إلى وضع عملیات اللقی فی الاعتبار - 


ا سس تس سس سس نظريات القراءة والمشاهدة 


4 
تبعسر من جرا تخاهل هذا الخطاب لكل من النص 
والعرض الدراميين - وعلی الرغم من ذلك» فقد جعلت 
من طروحات هژلاء وغیرهم من منظری التلقی نقطة 
انطلاقى؛ ذلك لأن أفكارهم تنطبق بشكل ما على بنيات 
السرح بما لها من خصوصية هذا فضلاً عن أن مجمل 
المفردات التى توسل بها هؤلاء المنظرين ساعدتنى فى 
العثور على نموذجى الخاص فيما يتعلق بالجمهرر. 
وسأتناول فى هذا الفصل نظريات كل من 
«همولانده 1301874 ودفیش) ۳5 وال زر) 1567 
وایاوس) ععناهل وغیرهم؛ وذلك بشكل عام. ٠‏ وأمل فى 
هذا الفصل التعريف بنظريات هؤلاء» وذلك لغير 
ا لتخصصين؛ كما سأحاول أن أمد قارئى بخلفية 
المصطلحات التى استعرتها من هؤلاء؛ وهى المصطلحات 
نفها التى أعدت وضعها فى سياقات جديدة» والأهم 
من ذلك أعدت ترظيفها. ولعله يكون جديراً بالملاحظة 
وجود فارق واضح بين مشروعات من نظروا لكل من 
النص الکتوب والتص السینمائی من جهة:؛ وما ی 
هنا بخصوص العرض المسرحى من جهة أخرى؛ فكل 
من النص الأدبى والنص السيدمائى يمعبر تجا ثابناً 
ونهائياً لايمكن له أن يتأثر تأثراً مباشراً بجمهوره؟ فحتى 
الكتابات التى تأخذ شكل السلاسل والروايات المطبوعة 
طبعات منقحة تفسح المجال لتأثير القارئ؛ وذلك بشكل 
محدود جداً. أما إذا تحدثنا عن المسرح» سنجد أن كل 
قارئ يشارك بدرجة أو بأخرى فى خلق المسرحية؛ 
والجمهور فی السرح یدخل مع العرض فی علاقة تبادلية 
يمكن أن تؤثر فى مسار العرض وتحاحه» ومن ثم فلا 
يمكن أن يتمائل أى عرضين مسرحيين تمام التماثل» 
وذلك بسبب دور الجمهور فی الظاهرة السرحية. ویتحول 
الجمهور فى أغلب عروض المسرح المعاصر إلى شريك 
فى عملية إبداع العرضء وهو إبداع يقوم على الوعى 
بالذات. ومن ثم فإن الدور القعال الذى يتمتع به جمهور 
المسرح يتجاوز بمراحل دور كل من القارئ أو جمهور 
السینما. إن القراءة على أى حال تعد خبرة خاصةء 


إلا أن المسرح بمفرداته المتعددة ‏ من مخرج ومثل وبناء 
مسرحى وإضاءة وتنظيم لمقاعد الجمهور - یتجاوز هذه 
الخبرةء ويملاً تلك الفجوة بين النص والقارئ. ووضع 
المفردات المسرحية سالفة الذكر فى الاعتبار يضيف مزيدا 
من التعقيد على أى نموذج نظرى يسعى إلى دراسة 
جمهور المسرح؛ وسأفصل فى الفصل الثالث من الكتاب 
تلك الاختلافات بين النص الأدبى والنص السينمائى من 
جهةء وبين هذا النص الأدبى والعرض المسرحى من جهة 
اخحری. 


عود إلى بريشت 
تعد طروحات «برپشت» - باعتباره مؤلفً مسرحيا 
ومنظراً فى الوقت ذانه - فى غاية الأهمية بالنسبة إلى أية 
دراسة تبحث فى العلاقة بين العرض المسرحى 
والجمهور. ولقد كان لأفكاره؛ بما طرحته من تصور 
لمسرح له من القوة ما يجعله باعثاً على التغير الاجتماعى 
هذا جنباً إلى جنب مع محاولاته إعادة بث الحياة فى 
العلاقة بين الجمهور والخشبة ‏ تأثير عميق وواسع 
المدى؛ ليس فقط على الممارسة المسرحية؛ لكن أيضاً 
على ردود الأفعال النقدية مجاه العروض المسرحية. 
كان بريشت يهدف أساساً من مسرحه الملحمى 

إلى تغيير الأنماط التقليدية للإنتاج والتلقى. لذاء كانت 
كل الإضافات التقنية التى أدخلها «بريشت» تهدف إلى 
تطوير ما أسماه فی «محاورات میسنجکوف! ۱4۵۶ 71:6 
singkauf Dialogues‏ رخ عصرا 0ك وهی 
الإضافة التقنية نفسها التى وضعت لاستثارة جمهور ناقد 
لكنه لا يفتقر فى الوقت ذانه إلى المتعة المسرحية. ويصف 
والتر بنيامين ٢1ص‏ دزهء8 ۷1۲۲ هذه العملية بقوله: 

«تنطوى هذه العملية على هدف مزدوج 

يسعى فى صالح الجمهور. ويختص هذا 

الهدف أولا بطبيعة الأحداث التى تعرض فوق 

الخشبة, وهذه الأحداث يجب أن تكون ذات 


114 


سسوزان بینیت 


طبيعة خاصة؛ بحيث تصبح فى لحظات 
محددة قابلة لاختبار الجمهور وفحصه؛ وذلك 
فى ضوء تجربته الخاصة؛ كما ينصرف 
الهدف ذاته فى الوقت نفسه إلى طبيعة 
عملية الإخراج؛ فهى يجب أن تتسم 
بالشفافية فى توظيفها المفردات الفنية (....) 
إن السرح الملحمى يتجه بخطابه إلى قطاعات 
من الناس لاتفكر طالما لايوجد ما يدفعها إلى 
على التفكير. وكان بريشت على وعى دائم 
بالجماهیر» کما کان داثماً ما يدفعهم إلى 
استخدامهم قدرتهم علی التفکیر. کما یعد 
اهتمامه بمحاولة جعل الجمهور یهتم 
بالمسرح كما لو كان خبيراً به - لكن لدواع 
تبتعد عن الدواعى الثقافية - تعبيراً عن هدفه 
السیاسی»(۲. 


إن فكرة وجود مسرح یشغل اهتمام الجمهور لکن 
«لدواع تبتعد عن الدواعی الثقافیة» لم تکشف فقط عن 
تناقص أهمية المسرح وفشله فى تناول قضايا العصرء 
ولكنها كشفت أيضاً عن وظيفة المسرح باعتباره مؤسسة 
اجتماعية تعکس الایدیولوچیا السائدة» وهی الایدیرلوچیا 
نفسها التى تعضد تلك المؤسسة. وبهذا الشكل» فقد أعاد 
المسرح الملحمى بث الحياة فى العلاقة بين الخشبة 
والجمهورء وذلك من خلال سياق سياسى واضح. وهنا 
يحدثنا بنيامين عن المسرح الملحمى باعتبار أنه «ينقض 
المصداق الاجتماعى للفكرة السائدة عن المسرح باعتباره 
تسلية؛ وذلك بتجريده من هذه الوظيفة التى برزت فى 
إطار النظام الرأسمالى؛”. ما لاشك فيه أن تنظيرات 
بريشت وممارسته المسرحية تثير قضية الوضع الإيديولوجى 
للمسرح والسوولية السياسية للجمهور» سواء كان ذلك 
بشکل ضمنی أو ظاهر. 

یمثل الاهتمام الذی آولاء السرح اللحمی 
بالجمهور جزءاً عضویاً من جمیع کتابات بريشت 


۱۳۰ 





النظرية. ففى (A short Organum for the Theatre) al‏ 
يشير بريشت إلى أن الممارسة المسرحية المعاصرة قد 
أجهضت العلاقة المباشرة بين حشبة السرح والجمهور: 
دإن المسرح كما نعرفه الآن تظهر فيه البنية المجتمعية 
(التی تتخلق فوق الخشبة) کأنها عاجزة تماماً عن التأثر 
بالبنية امجتمعية الوجودة فی قاعة الشاهدة»(*۹. ومقابل 
ذلك النمط من المسرح؛ بطرح بریشت مسرحاً آخر یقوم 
على العلاقة التفاعلية الباشرة مع الجمهور: 
١إن‏ سعينا إلى خلق فن يناسب العصر يجب 
أن يكون باعثاً لنا على الدفع بمسرحنا وهو 
مسرح عصرالعلم - إلى الضواحى 
والشوارع؛ حيث يمكنه أن يصبح فى متناول 
رانك الذین یمیشون علی القلیل وینتجون 
الكثيرء وهناك يمكن أن نقدم لهؤلاء 
مشکلاتهم الکبار بنکل مشمر وفعال ؛ وقد 
یجد هژلاء صعوبة فی تقبل فننا» وقد یقصروا 
عن استیعاب منهجنا الجدید بشکل مباشر. 
لکن علینا نحن آن نتعلم؛ بشتی الطرق» ما 
یحتاجونه وکیف یحتاجونه. إلا أنناء فى كل 
الأحوال؛ یمکن آن نثق باستحواذنا على 
اهتمامهم. إن تلك القطاعات من البشر التى 
تبدو كأنها انفصلت عن العلم الطبيعى» إنما 
تنفصل عنه لأن أفرادها قد أرغموا على 
ذلك وقبل أن يضعوا أيديهم.ثانية على هذا 
العلم علیهم أولا أن يطوروا علماً جديداً 
للمجتمم » أن يفسحوا له النمجال لتبرز 
فعمالیته؛ ومن لم یصبح هولاء الأبناء 
الحقيقيين لعصر العلم» وهم وحدهم 
القادرون على الدفع با مسرح إن كان مقدراً 
له أن يتحرله 90 . 


إن بريشت على وعى دائم بحاجة المسرح إلى «أن 
يشتبك بالواقع»**» وذلك بغية الاتصال بأوسع قاعدة 


من الجمهور. ويوضح بريشت ذلك بقوله إن هذا الهدف 
لا یتحقق بمجرد التمثیل 26۳75560181108 البسیط للواقع 
على الخشية. ويشير بريشت إلى مسرحية 
(الأشباح 6 ) لایسن ومسرحية (اللساجون 
Hauptmann ÙL (The Weavers‏ (وقد کان لکل 
منهما ردود أفعال نقدية كبيرة عند عرضها للمرة الأولى) 
باعتبارهما مسرحیتین لاتقدمان لنا اکثر من سياق عام 
لمواقفء ولذلك قد يتعلم الجمهور شيثأء وقد يطرح 
بعض الأسثلة تتعلق بموقف بعينه؛ ولكنه لاييحث فى أية 
علاقة يمكن أن تقوم بين الشريحة الحياتية التى تقدم له 
وواقعه الاجتماعی الخاص. ویری بريشت آیضاً آن 
شخصیات هاتین السرحیتین لاتتفاعل مع الجمهور 
«فمشاعر هذه الشخصيات و رژاها والبواعث التی 
مخ رکها تقحم علینا (قحاما؛۴. فضلاً عن ذلك, فان 
هاتين السرحیتین تدفعان بالجمهور الی الاندماج مع 
الخبرة السيکولوچية للشخصیات» هذا بالاضافة الی 
حصر اهتمامه فی قضایا ذات طابع خلاقی وفردی 
وليس بالقضايا المرتبسطة ببنى اجتماعية أشمل. بالإضافة 
إلى هذا كلهء فإن أسلوب التمثيل فى المسرح الطببيعى 
:1312115 يستبعد تماماً أى دور يمكن أن يقوم به 
الجمهور. وتعليقات بريشت هنا على هاتين المسرحيتين 
ليست مجرد نقد للشكل الجمالى للمذهب الطبيعى: 
بقدر ما تمئل تشككاً فى الإيديولوجيا الكامنة فى الشفرة 
السائدة؛ الخاصة بعمليتى الإنتاج والتلقى الثقافيين. 


لقد أعلن بريشت فى خطاب له» كتبه قبل ظهور 
کتابه )A Short Organum)‏ بعشرین عاما» عن عزهه على 
طرح بديل للمسرح السائد الذى يعتبر- فى رأيه- 
مسرحاً يتبنى معتقدات الصفوة فقط . یقول بريشت فى 
هذا الخطاب : 


«لايغى هذا الجيل من المسرحيين تقديم 
مسرحيات جيدة أو معاصرة فحسبء وذلك 
فى السياق المسرحى القديم نفسه وفی النمط 


نظريات القراءة والمشاهدة 


القديم نفسه من الجمهمر. إن هذا الجيل 
مناط به مهمة تقديم المسرح لجمهور 
«مختلف:. وأرى أن الأعمال التى تكتب 
الآن أصبحت تقترب با أكثر فأكثر من ذلك 
المسرح الملجمى العظيم الذى يتفق والوضع 
السوسيولوجى الراهن» ولم تخد هذه الأعمال 
- فى محتواها وشكلها ‏ من يستوعبهاء 
سوى بعض القليلين جدأً؛ وهؤلاء لن يسايروا 
الجمالیات القديمة لکنهم میقوضوهاه . 
من الجائز أن «الجمالیات القدیمة؛ لم تنقوض» 
إلا أن هجوم بريشت هنا عرى تلك العلاقة الخفية بين 
المسرح والإيديولوجيا السائدة التى تسانده. لقد سعى 
بريشت - باعتباره ماركسياً - إلى تأسيس نوع جديد 
ومعارض من الممارسة الثقافية؛ وجزء من هذه الممارسة 
الثقافية وجود نمط جديد من الجمهور: وهو ما كان 
يمثل جزءاً محورياً من الممارسة المسرحية عند بريشت. 
وقد كان لقناعاته السياسية تأثير على كل جانب من 
جوانب «دراماتورجیته»؛ وذلك حسبما بلاحظ پیرخ 
فیتشر ۳۵۱5616۲ عمنمآ الذی یقول: 
«لقد كان بريشت كاتباً عملياً وهذا برجم 
إلى كونه منظراً ماركسيآء فأفكاره ونظرياته لم 
ننعزل مطلقاً عن الإمكانات الواقعية للمسرح 
(....) لقد اهتم بريشت فقط بذلك الفكر 
الذى يمكن عخويله إلى فعله". 
ويبرز لنا العرض الكرونولوجى الذى وضعه 
«ویلیت» ۷۷/1۵ فى كتابه (عمادعط1 مه إاء8:6) كيف 
أن أفكار بريشت وفرضياته كانت دائماً فى حالة تطور» 
ولم تشكل أبداً نظرية ثابتة يمكن أن نحكم فى ضوئها 
على العرض. وقد هاجم بريشت تبنى لوكاتش نموذج 
واقعية القرن التاسع عشرء على أساس أن أى منظومة 
فكرية ترتبط بسیاق تاریض معین لایمکن لها آن تستمر 


۱۳۱ 





سسوزاك بينيت 


فى التواصل مع الجمهورء وذلك فى إطار الظروف 
المتغيرة للواقع الاجتماعى. 
۱ ولم يكن مسسرح بربشت» الشورى بطبمعة الحال» 
آول من عارض شفرات الوسمات الثقافية وفرضياتها. إن 
التصريح الذى أعلنه الفیلسوف فی «محاورات 
مسینجکوف) بقوله: «نود لو نهزم الحائط الرایع»۲ ۲۲ 
یجعل من جهود بریشت جزءاً من اسهامات عدة 
ناهضت المذهب الطبيعى. وقد كان مسرح مایرهولد 
۵ »كما رأيناء بمثابة إرساء لممارسة جديدة 
تقف على انعكاس الذات ۲0160۷6 - 5616 » وهی 
ممارسة هدفت إلى تفويض عملية التأويل التقليدية التى 
اععادها النظارة. ومن بين الإسهامات الأخرى التى 
ظهرت معارضة للنموذج الطبيعى إسهامات كل من 
أي نش كاين 12156051618 وبيسكاتور 81502107 : وكان 
لكل منهما تأثيره المهم على بريشت. 

لم ینبذ بیسکاتور مارسات السرح الطبیعی فقط؛ 
عنها التعبيريون»2717. سعى بیسکاتور مثله مثل مابرهولد 
إلى إعادة تشكيل العلاقة بين الإنتاج والتلقى. ولذلك» 
فهر أيضا لجا إلى ا 
الجمهور. إلا أن مسرح بيسكاتور كان بمثابة أداة سياسية 
بشكل أساسى» فعرضه المسمى «المادة 4514 (والعنوان 
هنا يشير إلى قانون مدنى يتعلق بالإجهاض) فضلاً عن 
أنه أقام من خلاله حواراً مع الجمهورء قد أحرز أيضاً 
تغييراً سیاسیاًء وکان الجمهور فی هذا العرض بشارك 
بتعليقاته كما كان يقدم وجهات نظر معارضة للقانون. 
وفى نهاية العرض» صوت الجمهور ضد هذا القانون» 
وأدى هذا العرض إلى مسيرات ومشاغبات فى الشوارع» 
كما أن بيسكانور قضى بعد ذلك شهراً فى السجن» 
وذلك بتهمة التهرب من الضرائب"؟۹. 

لقد هدف بیسکاتور- مثله مثل بريشت - إلى 
جمپور الطبفة العاملة وهر ما أدى به بعد ذلك إلى 


ستراتيجية وضع الممثلين بين 


۱۳۲ 


تکوین «مسرح الب رولیت اریا» عام ۰ الذی قدم 
عروضه فى الأزقة والأحياء الصناعية. ومن بين من تركوا 
ثرا فى بيسكاتور» خصوصاً نظريته فى العرض المسرحى» 
والتر جروبيوس كناام6:0 :17/9116 رنموذجه عن «المسرح 
الشامل» ۵ ۳0:۵ . لقد ارتبطت أفكار جروبيوس 
فقط بالعنصر العماری فی السرح, إلا أن هذه الأفكار 
كانت راديكالية فى طرحها إمكان جعل الخشبة 
المسرحية مخيط بالجمهور. وقد طور بيسكانور من هذه 
الفاهیم» حتی انه وف كل الوسائل المتاحة فى المسرح 
بهدف «وصل الشاهد وصلاً مطلقاً بالسرحیة» ۰۲۱۳۱ 
رفى حين أن حضور الجمهور كان يؤخذ فى الاعتبار 
من قبل أى مؤلف أو مخرج باعتباره عنصراً أساسيأ فى 
العملية المسرحية:» إلا أن هذا لم يكن كافيا بالنسبة إلى 
بيسكاتور الذى كان بإمكانه أن يحدد الخلفية السياسية 
والا جتماعية لنسبة کبیرة من جمهوره» وذلك بشكل 
يساعده على توظيف حضور هذا الجمهور فى العملية 
الإخراجية: 
«فى العشرينيات من هذا القرن كان بمقدور 
بیسکاتور استخدام قطاع البرولیتاریا من 
جمهوره؛ أو على الأقل ‏ كان هذا 
القطاع عنصراً إيجابياً فى عروضه:؛ وذلك 
باعتبار أن هؤلاء كان لهم نشاط سياسى. 
رهكذاء فعلى الرغم من افتقارهم إلى 
التدریب السرحی» فقد سمح لهم بیسکاتور 
بأن یکون لهم دور فی الفعل الدرامی. 
وكانت شعارات معينة أو إيماءات أ نبرات 
خاصة كفيلة بأن تستثير ردود أفعال من قبل 
الجالسين من اتاد العمال العام ومنظمة 
الشباب الشیوعی؛ وکانت ردود الافعال تلك 
متنوعة؛ ولکنها کانت معروفة مسبقاً إلى حد 
. 
ویتضح لنا هنا آن ردرد آنعال الجمهور کانت 
توضع فی الاعتبار فی نص العرض؛ ما من خلال توقع 





111 “#نكل“ نظريات القراءة والاهدة 


رد فعل معين من قبل مجموعة اجتماعية محددة؛ أؤ من 


خلال إمداد الممثلين بكل ما يستثير الجمهور. وعلى 
هذا الأساسء قد يجوز لنا القول بأن بيسكاتور ومعه 
مايرهولد لم يحررا جمهورهم تماما حيث كان يتم 
ضبط دور الجمهور ‏ ولانقول التحكم فيه تحكماً 
كاملا - بینما السلطة الکاملةتمنح للتص وعملية 
الاخراج الدرامی. 

لا آن مسسرح کل من مایرهولد وییسکاتور له 
أهميته من زوايا عدةء فضلاً عن التأثير السیاسی الباشر» 
إن التجارب التى أجراها كلاهما كانت لها أثرها فى 
إماطة اللثام عن المارسة المسرحية؛ وتضمينها عناصر 
جديدة يمكن أن تخاطب قطاعاً كبيراً من الجمهور. 
ومن ثم» فإن الاتصال الكامل الذى أحدثه بيسكاتورء 

بین الشفرات الثقافية لکل من السرح والجمهور؛ له 
أهميته الخاصة بالنسبة إلى أية درا اسة عن الجمهور. 
وحديثاً اعتمدت المارسات السرحية لبعض الفرق ذات 
الطابع المعارض (خخمصوصا التى تتبنى اتجاهات نسوية أو 
التى تعبر عن أقليات إثنية) على مثل هذا الاتصال 
المباشر. وقام مثل هذه الأنماط المسرحية على استبعاد 
السلطة وتحدى النماذج التقليدية بشكل ينطوى على 
رعی ذانی. وفيما يتعلق بتأثير بيسكاتور على 
بریشت(۱۹)» یمکن آأن نلحظ آن المارسة السرحية عند 
بيسكاتور أمدت بريشت بالأدوات التى يمكن من 
خلالها إيجاد أنماط مسرحية للطبقة العاملة وقليلة 
التكاليف. ففى حين أن بريشت كانت له تخفظانه على 
هی السياسية لسرح بیسکاتوره إلا أنه يمكن 
القول ان بریشت تأثرا آیما تأثر بالشقنية التی استخدمها 
پیسکاتور» "۳ فى فحص البنى الاجتماعية. 

لايفوتنا هنا أن نذكر ضمن من أثررا | فی بریشت 
ومسرحه الملحمى سيرجى آیزنشتاین واسهامانه 
السينمائية؛ وقد عمل أيزنشتاين مساعداً لايرهولد» إلا أنه 
هجر السرح إلى السيدما التى رأى فيها شكلاً فنياً 


«یتاتتِ والصتيغة المادية التى تتبناها الجماليات الجدلية؛ 
فالصور تکون علی صلة مباشرة بالواقع الفعلی» وعن 
طريق التحكم فى هذه الصور من خلال عملية المونتاج 
يمكن التحكم فى الموجودات زط0 من خلال منطق 
اا اريخة0١2.‏ ومن خلال عملية صياغة المونتاج» أمكن 
لأيرنشتاين جاوز الواقع السطحی الذى تقدمه الطبيعية؛ 
ليقدم لنا الظروف السياسية التى تكمن خلف أنماط 
الیلاقات الاجعماعية انختلفة, وهذا کان له تأثیره 
الواضح على مسرح بريشت. لقد كان كل ما بیفی 
أيزنشتاين تقديمه هو صورة معنوية 106087311 متعددة 
المعنى: يمكن قراءتها قط من خلال المجساورة -*لال 
position‏ “. وهكذاء فالسينماء من وجهة النظر 
تلك» بإمكانها مخاطبة العراطف من خلال الوصف» 
كما أن بإمكانها مخاطبة الذهن من خلال العلاقات 
المجردة بين الأطر امختلفة ^ . إلا أن المفارقة التى تنطوى 
عليها أعمال أيزنشتاين تكمن فى أنه يوظف صيغة 
الانتاج - التلقی کما یست‌خدمها الطبیعیون» وذلك لفك 
شفرة الونتاج بشکل مناسب من الوجهة السياسیة» وفی 
عملية التعامل مع الوتتاج من خلال الصيغة الطبيعية 
Natura‏ » وعن طریق استخدام ما یصفه بولان ۳0۱۵۳ 
بالتحكم , التأثيرى امحسوب بدقة فى صيغة ة الونتاج» 
يمكن لصانع الفيلم أن يقدم لجمهوره ه فيلماً له أو 
يبدو كأن له «السمات الإدراكية نفسها لأكثر الأفلام 
التسجيلية حياداً)”1١2.‏ وقد استخدم أيزنشتاين هذا 
الأسلوب لتوصيل ما أسماه وطروحات إيديولوجية 
الطایم» , كما نظر أيزنشتاين إلى الفيلم باعتباره بنية 
تعرض للعلاقة بین مبد ع الفیلم ومحتواه بشکل «یدفع 
بالمشاهد إلى الارتباط بهذا امحتوى بالشكل نف" . 
وفى حين أن أيزنشتاين كان أكثر اهتماماً بجماليات 
الفيلم من الاهتمام بالعلاقة بين الشكل الفنى 
والجمهورء فقد اتخذ بريشت من الصورة المعنوية -وء10 
۲۸ع التى وظفها أيزنشتاين نموذجا له فى عرضه الصور 
الاجتماعية الختلفةء وقد منحت عملية «المنتجة؛ التى 


۱۳۳ 


مارسها بريشت فى تناوله هذه الصور الاجتماعية؛ 
الفرصة للجمهور لاستخلاص مجموعة معان متعددة 
ومحتملة. وكما يقول» رولان بارت: 


«لايرجد ما يفتصل بين المشهد فى المسرح 
الملحمى واللقطة التى يقدمها آیزنشتاین» عدا 
أن بريشت يقدم اللوحة الدرامية للجمهور 
لينقدها لا ليتمثلها ويتبناها»"". 


وملحوظة بارت لها أهميتها هنا؛ فاسهامات 
مايرهولد وبيسكاتور وأيزنشتاين كانت خطوة ضرورية 
أدت إلى ظهور المسرح الملحمى الذى مجاوز التقاليد 
المسرحية, فى محاولة منه لإيجاد نمط جديد من 
الجمهور. إلا أن إسهامات هؤلاء الثلاثة لم تؤد إلى تغير 
جذرى فى العلاقة بين الخشبة والجمهور؛ فالعرض 
الفنی عند لاشهم کان یقدم للجمهور «لیتمثله ویتبناه» 
على حد تعبير بارت. إن الإسهام الفنى لهؤلاء ارتكز 
أساساً على محاصرة الجمهور بكل جديدء وهو ما كان 
له آثره فى إحداث ردود الفعل المرجوة من الجمهور. وفى 
حين أن مسرح بريشت يقوم بتوظيف العديد من 
التقنيات نفسها؛ نهو يفعل ذلك بشكل تكاملى. يرى 
بريشت عند نقده للفن الأمريكى کما تنتجه «هولیوود» 
وابرودوای» آن التجدید فی حد ذانه لا یمثل بالضرورة 
ديا لأنماط الانتاج والتلقی السائدة: 
«قد یکون النهج الذی تتبعه «هولیووده 
وابرودوای! فی تصنیع مشیرات العواطف 
نهجاً فنياًء إلا أن غاية ما يرمى إليه هذا النهج 
هو إزاحة الملل الذى يحاصر الجمهورء وذلك 
من خلال التکرار اللامتناهی لکل ماهو 
مزيف وأحمق. وقد استخدمت هذه التقنية ب 
أقصد تقنية التکرار - لاثارة اهتمام الجمهور 
بأشياء وأفکار لاتمثل أى نفع ل . 
ويمكن القول إن مايرهولد وبيسكاتور لايختلفان 
عن ممارسى الفن فی اهولبوود» وایرودوای»؛ من حیث 


۱۲۶ 


الاعتماد علی حصار الجمهور حصاراً عاطفیاً بشکل 
کامل» وان کانا یقصدان دفم الجمهور لاتخاذ فعل 
میاسی» وهذا ما یختلف عن الدوافع الاتتصادية الخالصة 
لمارسی الفن فی «هولیوود) ودبرودوای» . ان سعی 


مایرهولد وبيسكاتور إلى ذلك التحريك الهيستيرى 
للجماهير (الذى يقف على النقيض منه سعى الطبيعيين 


إلى السلبية الكاملة من قبل الجماهیر) هو ما نبذه 
بريشت. لقد سعى مسرح بريشت إلى جمهور يشارك فى 
الفعل الدرامى » ولكنه جمهور يتسم بسمه التفكير؛ 
وعلی حد قول بارت: «جمهور نافد للمسرح ولیس 
متمثلاً ومتبنياً له . یتجلی هذا الاختلاف احوری بین 
مسرح بريشت والإسهام الفنى الذى قدمه النوريون 
الغلاثة قبله - مايرهولد وأبزنشتاين وبيسكاتور- فى 
مفهوم «التغريب 8 عند بریشت. 


إن مصطلح «الأثر التغريبى ۱۷۵۲6۲۵۵۵۵۵506۲۵ 
یعد واحداً من طروحات بريشت التى أثارت حولها الكثير 
من التعلیقات النقدية؛ بل الجدل أيضاً 7"؟. ومثلما 
ارتبطت الدراماتورچیا» البريشتية بالثقافة المعارضة الناشعة 
وقتهاء التى خرجت على الممارسة الثقافية التقليدية؛ 
ومثلما تأثرت بهاء فإن مصطلح «الأثر التغريبى» لم ينعزل. 
عن إسهامات السابقين على بريشت» إن الإرهاصات 
النظرية لهذا المفهوم لمجدها فى إسهام واحد من 
الشكلانيين الروس» هو قيكتور شكلوفسكى 50110۷91 
خصرصاً فى تفسيراته لمصطلح آخر يحمل معنى التغريب 
وهو 9م2200 مدذا تدقع ار 605/۳2060160 بالروسية. 
ويطرج شكلوفسكى هذا المفهوم باعتباره التقنية الى 
ندرك من خلالها الأدب باعتباره أدبا؛ إنها الوسيلة التى 
تصبح خلالها العمليات الإدراكية لدى القارئ 
(والجمهور) فی موضع د. إن هذا المفهوم يجعل من 
#الوجودات داعهز0 شیفاً غیر مألوف»(۲۲۹. 


إلا أن مفهوم بريشت عن التغريب ۷۵۲۲۳۵۳۵0۳8 


ليس مجرد نقل للمصطلح الذى صاغه شكلوفسكى 





0 إلى الممارسة «الدراماتورجية؛ dram-‏ 


مزونه 3۳۶ . ان استخدام بریشت !۱ 

۱ م بر 
باعتباره مجرد جزء من شفرة جمالية, ولكنه يضعه فى 
سیاقه السیاسی ؛ وهنا بشیر فريدريك چیمسون 126508 
إلى ذلك بقوله: 


«إن القصد وراء الأثر التغرييى البريشتى هو 
قصد سیاسی بالعنی السائد للكلمةء إن 
القصد منه - کما آکد بریشت مراراً- هو 
إيقاظ وعبيك بأن الموجودات والمؤسسات التی 
اعتدث التفكير فيها باعتبارها أمراً طبيعياً؛ 
ليست فى حقيقة الأمر إلا ظاهرة تاريخية: إن 
هذه الموجودات والمؤسسات جميعاً تعد نتاجاً 
لعملية التغير؛ ومن ثم» فهى تكتسب أيضاً 
سمة القابلية للتغیره(۲۲۳. 


وهكذاء فمن خلال مفهوم الأثر التغريبى يتم 
«تسییس) العلاقة بین الخشبة السرحية والجمهور» ولكن 
بشکل یختلف تماماعن مسرح کل من مایرهولد 
وبیسکاتور» وسینما آیزنشتاین. ان طبيعة النص/ العرض» 
التى تقوم على الانعكاس الذانی» ليست مجرد وسيلة 
بيسكاتور «المادة 27514) أو وسيلة لاستشارة رد فعل 
سياسى معين (كمنا فى حالة فيلم (إضراب» 
لأيزنشتاين)؛ فضلاً عن أنها ليست - كما تذكرنا 
سيلقيا هارفى - مجرد محاولة للاقتراب من جمهور أعيته 
الطبيعية المبتذلة» وذلك من خلال «ذلك النوع الخاص 
من اللذة الجمالية الناشئة عن إدراك التجاوز الذى يحرزه 
النص!/ العرض لشفرات ومحرمات جمالية معينة ‏ وتلك 
اللذة الجمالية تقدم لجمهور على درجة عالية من 
التعليم» ۲۳۳ . ان ابراز بریشت العملية السرحية وارساءه 
مبداً التغريب فى العلاقة التواصلية بين الخشبة 
والجمهور: يحيط بهما سياق يبحث فى طبيعة العلاقات 
الاجتماعية التى يتم قبولها عموماً باعتبار أن لها سمة 


نظريات القراءة والمشاهدة 


العمومية أو الطبيعية. ولا ييحث هذا السياق فى مجرد 
الاهتمامات الضيقة سواء كانت جمالية.أو سياسية. 
وهكذاء ينضح لنا جليا أن جل اهتمام بريشت هو أن 
یلفت نظر الجمهور إلى المسرح باعتباره مؤسسة ثقافية» 
وباعتباره جهارً مجتمعیا وهو نفسه مأ يعبر عله بقوله: 
«ليس هناك حجر علی مناقشة ی دید 
يمكن أن يدخل على المسرح؛ ولكن شريطة 
ألا يهدد هذا التجديد الوظيفة الاجتماعية له» 
ولكننا لسنا ملزمين بأن نناقش أية أنماط من 
التجديد يمكن أن تهدد تلك الوظيفة؛ وهذا 
التهديد قد يحدث بإدماج المسرح بالنظام 
التعليمى أو بوسائل الإعلام الجماهيرى؛ 
وهى جميعاً آجهزة مجتمعية, وظيفة التجدید 
بالنسبة إليها هى تثبیت أركان الجتمع القائم 
ولیس تغییره - وذلك بغض النظر عن طبيعة 
هذا اجتمم» جيدة کانت أم سیلة»(۲۳۸. 
لا آن استراتیچیات التلقی الجماهیری لا تظهر 
بوضوح س خلال مفهوم الآثر التغريبى» ولعل ذلك 
یرجم الی افتفارنا (لی الفشهم الصحیح له. وسبب 
التشويش هنا هو مفارقة أساسها أن التغريب من جهة - 
باعتباره مسافة بين الجمهور والخشبة ‏ يبدو كأنه يستبعد 
الجمهورء إلا أنه من جهة أخرى يعد جزءاً من عملية 
لا يجب أن تتعاقب فیها الشاهد السرحية بشکل 
متصل» وذلك حتى تسنح لنا فرصة المشاركة 
بأحكامناة90 , ولعل تعليق ستيفن هيث على التغريب 
من حيث هو عملية يكون مناسباً فى هذا السياق: 
«لیس التغریب فقط هو عزل التفرج عن 
الفعل الدرامی للمسرحية, إنما التغريب أيضاً 
هو جعل المتفرج جزءاً من عملية التحول ثما 
هو إيديولوجى إلى ما هو حقیقی» من الایهام 
إلى الحقيقة الموضوعيةء""'. 


۱۲۵ 


إذاً فالتغريب ددع6ةام5ذل) يعزل إدراك الجمهور عن 
أحداث الخشبة» الراك فى الوقت ذاته يسعى إلى إيجاد 
علاقة تفاعلية مشتركة بين الجمهور والخشبة. وفى حوار 
مع الکاتب 0 فريدريش ورلن !۷ ۴er۸‏ 
يؤكد بریشت رفضه هذا العزل الطلق للجمهور؛ فی 
حين أن «الأثر التغريبى؛ ينكر عملية تقمص الشخصية 
(سواء حدث هذا من قبل الجمهور أو الممثل) ؛ فإنه 
لا ينكر وجود العاطفة؛ وفى ذلك يقول بريشت: 


«ليس صحيحا القول بأن المسرح الملحمى 
(وهو ليس بهذه الدرجة من التبسيط ؛ بحيث 
یکون امسرحاً غیر درامی) کمایدعی 
البعض) یقوم علی شمار «العقل فی جانب 
والعاطفة والشاعر فی جانب آخر . إل السرح 
اللحمی لایستبعد العاطفة؛ ولاسیما مشاعر 
الاحساس بالعدالة» والحرية والغضب الذی 
يستند إلى ما يبرره؛ وهو بحاول استشارة هذه 
المشاعر فى الجمهور وتعزيزها"". 


وعلى الرغم من سوء ع الذى أحاط بمفهوم 
الأثر التغريبى؛ فإن إسهامات بريشت طرحت عددا من 
انطلقات ات ملق بدراسة لجمهورفی اسر 
إن هذه الإسهامات أسست ممارسة مسرحية متطورة 
تهتم بعمليتى الإنتاج والتلقى؛ وذلك بشكل واع. ومن 
ثم أصبح العرض فی هذا السیاق خبرة تبادلية بعد أن 
كان منحصراً فى النظرة إلى الجمهور باعتباره يناط به 
دور المتلقى فقط. وهكذاء أصبح للجمهور نشاط ودور 
يؤديهماء وأصبح يمثل محوراً للعملية الدرامية. وهذه 
الإسهامات لم تشجع فقط على إيجاد مشاهد من نوع 
جديد ؛ «مشاهد يلعب دور الممثل حالما ينتهى العرض» 
- على حد قول ألتوسير""'» بل وضعت أيضاً النموذج 
السائد للعلاقة التواصلية بين الخشبة والجمهور موضع 
التساؤل. وفى المقارنة التى يجريها كارل جاردئر ان 


۱۳۹ 


رد تج ا رح 


Gardner‏ بن تأكيد بريشت أهمية |(شراك الجمهور» 
والنماذج الراديكالية الخاصة بعملية التواصل يقول: 


«إن «متلقى) أية «رسالةه ليس سلبياً على 
الاطلاق ولکنه منتج فعال للمعی» رلعل 
إحدى الوظائف الإيديولوجية لأجهزة الإعلام 
البرجوازية هى إغفال هذه الحقيقة. 
فالعلاقات الاستهلاكية فى السينما على 
سبيل المثال مخاول اختزال عملية خخلق المعنى 
التى يقوم بها الجمهور فى أضيق 
الحدود»(۳۳) . 
لقد قاوم مسرح بریشت فکرة وجود عملية إدراكية 
واضحة وثابتة, وبدلا من ذلك يحدد مسرح بريشت هذه 
العملية فقط فى إطار المواضعات والشفرات التى تشكل 
عطاب لیدیولوچیا سمينة. ولیس بالضرورة آن بتلاقی 
الأساس الإبديولوجى لمسرحية ما بإيديولوجيا الجمهور 
(أو بإيديولوجيا الزدین والفرقة النتجة للمسرحية)» ولکن 
ذلك التفاعل بين هذه الإيدبولرجيات هو الذی یخلق 
العرض ويشكله. ولعل تأكيد بريشت الخبرة المسرحية 
باعتبارها عقدا له سياقه ی هو ما جعله یشار 
إليه بالبنان باعتباره منظراً ثقافيا ذا توجه سياسى. وفى هذا 
السياقء تنكر جانيت وولف 180115 :120 مبداً 
«الاستقلال الجمالی) 2۱0۱0007 0 وتستبدله 
بأطروحات بريشت التى تخلق علاقات بين العرض 
والجمهور» من جهة, وانجتمع والثقافة والایدیولرچیا؛ من 
جهة آخری: 
من بين المرامل المدیدة التى دد طبيعة 
الجمهور الممارسة الثقافية وطبيعتها بشكل 
عام فى مجتمع ما ... والإيديولوجيا العامة 
لهذا المجتمع بقطاعاته امختلفة» وکذلك 
النمط العام لعلاقات الإنتاج والتلقى فى هذا 
المجتمع. بكلمات أخرى. إن إمكان تلقى 


ثقافة راديكالية أو «سالبة؛ يحدده الأساس 
الاقتصادى» والطابع الذى تعميزيه 
الإيديولوجيا العامة والإيديولوجيا الجمالية فى 
مرحلة ما من مراحل تطور انجتمع,!*۳. 
فضلاً عن الأثر الذى أحرزته نظرية بريشت» فقد 
كانت مسرحياته عاملاً جوهرياً فى خلق وتطوير مسرح 
معارض حديث. ففى الولايات المتحدة قدمت عروض 
تعد علامات فى التاريخ المسرحى هناك» مثل عرض 
(فی أدغسال (In The Jungle of the Cities ù‏ 
وعرض(الانسان هو الانسان ۷120 5ذ م2845 الذى قدمته 
فرقة المسرح الحى. أما فى بريطانياء فقد أصبحت 
مسرحيات بريشت تمثل نموذجاً يحتذى» وذلك من 
خلال أعمال جون لیتلورد 1:1۷٥۵‏ وإيوان ماك كول 
1 وأيضا على إثر عروض فرقة «برليئر إينسامبق» 
التى قدمت فى لندن عام ٠۹١١‏ . وما لاشاك فيه أن 
تاريخ تأثير بريشت فى بريطانيا أدى إلى تأصيل نظام 
العلاقات الثقافية الذى مخدثت عنه وولف؛ فبعد زيارة 
عام ۱۹۵۲ التی قامت بها فرقة بريشت؛ أصبح هناك 
اتجاه عام نحو النموذج البريشتى. إلا أن المحاولات 
المسرحية الإمجليزية الأولى فى هذا الانجاه (ومنها مسرحية 
«لوثر 10 لجون آوزبورن علی سبیل الثال) لم تکن 
إلا مجرد انعكاس للملامح السطحية للمسرح اللحمی؛ 
ذلك فى حين أن الكتاب الذين حاولوا ترجمة المحتوى 
السياسى للمسرح اللحمى فى صيغة إتجليزية (ومثالنا 
على ذلك مسرحية «الليلة الآخيرة لارمستروجا Arm-‏ 
strong’s Last Goodnight‏ ljkفg\‏ چو |ردù (Arden‏ 
لم تلق مسرحياتهم قبولا کبیراًء بل كثيراً ما كان يساء 
فهمها ومن ثم؛ فقد ألصق بإدوارد برند 8084 لقب 
«بريشت بریطانیا»» علی سبیل الذم لا المدح. ولم تفهم 
نظرية بريشت فهماً صحيحاًء ولم تلق عروض مسرحيانه 
جاحاً كبيراًء إلا بعد فترة طويلة من الزمن ظهرت 
خلالها ممارسة مسرحية معارضة فى بريطانيا. وإبان هذه 


نظريات القراءة والمشاهدة 


الفترة بدأ ییرز اهتمام السرحیین بالجمهوره من حيث 
هو عنصر أساسى فى الظاهرة السرحیة(۲۳۹. 

وقبل أواخر السبعينيات فى بريطانياء بدأت 
مسرحيات بريشت تستعيد مكانتها بوصفها نصوصا 
كلاسيكية. وفى عام 19156 قدم المسرح القومى عرضاً 
یعرض لاثر بريشت فى المسرح الإمجليزى. وفى عام 
۱۹۸۰ قدم عرض (حياة جاليليو 01164 6ه انا 16) 
علی مرح «الأوليقييه؛ . 


آما الجدل الا کادیمی الذی ار حول مفهوم 
«التخریب» الذی طرحه بریشت» فقد رکز فی معظمه 
علی مشا ركة الجمهور فی العملية السرحية. وتری دانا 
بولان أن وظيفة فكرة «المسافة؛ هی براز حقيقة أن 
أنماط التلقى دائما ما تحددها الإيديرلوجياء فضلاً عن 
إبراز حقيقة أخرى وهى أن مسرح بريشت يقوض تلك 
الصيغة الاجتماعية اليقينية التى يتعامل بها الناس مع 
المنظر المسرحى. وتدلل بولان على فكرة المسافة من 
خلال نموذج لعمل فنى» هو فيلم (تقرير مم2) 
لبسروس كونر Bruce Conner‏ . ففى هذا الفیلم» يقدم 
كونر كل الأحداث التى أحاطت بعملية اغتيال كيندى» 
ولكنه لايقدم حدث الاغتيال ذاته؛ فالأحداث فى الفيلم 
تمضى حتى نصل إلى لحظة الاغتيال فتختفى الصورة 
السينمائية, حيث يقتصر كل ما يصلنا على صوت 
لنشرات الأخبار قادم عبر الراديو. وكما تلحظ بولان» فان 
ما يؤكده هذا الفيلم أننا لا نعرف أبداً الأحداث ذاتهاء 
ولكن كل ما يصل إلينا هو التغطية الإعلامية لهذه 
الأحداث"". والفكرة نفسها مجدها فى مسرحية (برافدا 
۵۵ ) لھوارد برینتون 87٤٣٥۳‏ وداقید هیر ٤٥٤1ء‏ التی 
تتناول التقارير الصحفية باعتبارها وسيطا بين الحدث 
وتلقینا له؛ والفكرة التى يؤكدها الكاتبان فى هذه 
المسرحية أن الحقيقة دائما تصل إلينا من خلال اعتبارات 
اجتماعية واقتصادية وسياسية» وأنه لا مفر للحقيقة (كما 
تتمثل فی شخصية آندرومای) من آن تقدم تنازلات أمام 


پیب ۱ 


تسلط الإيديولوجياء ولاتقدم مسرحية (برافدا) للجمهور 
مثلها مثل فیلم (کونر)؛ التفسيرات التقليدية التى 
اعتادها فى العروض الأخرى. 

وهکذاء فان تأثیر جهود بریشت ظهر فی اتجاهین 
أساسيين: أولا أظهر بريشت أن المؤسسات الإعلامية هى 
دائماً طارئة؛ بمعنى أن وجودها مشروط. كما أبرز فكرة 
آن الجمهور دائماً ما یکون فی موضع الساءلة من قبل 
الایدیولوچیا (۹۳۷. وما کشف عنه بریشت یصبح بعد 
ذلك جوهر نظرية السینما والسرح الرادیکالیین. ومن ثم» 
فان سعی ناقدة مثل کلیر جونستون 1015۱00 Claire‏ 
إلى إيجاد ثقافة سينمائية ماركسية إنما يؤكد العلاقة بين 
الفيلم السينمائى والجمهورء وهى العلاقة التى توجد فى 
(طار من الخصوصية التاريخية والژسسية. «وهی العلاقة 
ذاتها التى يجب الارتكان إليها فى عملية الصراع 
الایدیولوچی»(۳. 

أما فى مجال السرح» فیری کریس رولانس ها 
۵ ان المارسةالسرحية للفرق السرحية اْختلفة 
يجب أن «تكون بمثابة العامل الساعد الذی یشحذ 
ذاکرة جمهور الطبقة العاملة حتی مختفظ هذه الا کرة 
دائماً پامکانات هذا الجمهور السياسية والشفافيةه !۲۳۲ 
وهکذا» فان ردود أفعال الجمهور تتشکل بالضرورة 
بواسطة نظام عام من العلاقات الثقافية؛ وذلك فى أية 
- فضلاً عن طريقة تناول العالم الادی فوق الخشبة - 
توجه عملية التلقی الجماهیری(*. 

إن أعظم إسهامات بريشت على الإطلاق هر 
تجسيده الدور المنتج والفعال الذى يمكن أن يقوم به 
الإيديولوجى. كما ربط بريشت بين التلقى الجماهيرى 
وعملية الإنتاج؛ فهو يرى أن أى بحث فى التلقى يجب 
أن يحث فى عملية الإنتاج» ومن ثم يسحث فى قضايا 


1۲A 


سس سس س 


ذات طابع ثقانی بالعنی الشامل. وت کد سیلفیا هارفی 

Harvey‏ هذا الربط بقولھا: 
«تتحدد القدرة على فك شفرة ممارسات ثقافية 
معينة فى إطار السباق الشقافى وامجتمعى. 
وكما ينظر لعمليتى الإنتاج والتلقى 
الشقافیتین بشکل موسسی؛ یجب النظر 
للفراءة بالرژية ذانها؛ فالفاری يتعامل مع 
النص من خلال مؤسسة أو سباق قرائى 
معين. ومن ثم» فإن كل من يقوم بعماية 
الإشاج الدقافى عليه أن يضع فى الاعتبار 
العلاقة بين الطبقة الاجتماعية والكفاءة 
الفرائية, والا فان انتساجسه یکون فى 
الفرا غ417 

وتعد نظرية استجابة القارئ هى المنوطة ببحث 
عملية القراءة من خلال رؤية مؤسساتية. 


نظرية استجابة القارئ 

إن مصطلح «استجابة القارئ» تم سكه استجابة 
للتطورات النظرية الحادئة فى مجال العلاقة بين النص 
والقارئ. بدأ هذا الاهتمام الهائل بعملية القراءة فى 
أواخر الستيئيات واسثمر خلال السبعينيات. ونتيجة لهذا 
لتطور الكبير فى هذا امجال؛ أصبح مصطلح «استجابة 
لقارئ؛ مصطلحاً عاماً يشير إلى اماهات متباينة إزاء 
تلقى النص. إلا أنه؛ على الرغم من توالى نشر دراسات 
ترنكز حول (القارئ» و(القراءة»”"4©؛ فنظرية استجابة 
لقارئ لم تعد تشغل مكاناً كبيراً فى النظرية النقدية 
ليوم. ومن ثم؛ يمكن النظر إليها الآن باعتبارها حركة 
نقدية لها سیاقها التاریضی التمثل فی الظروف التى 
شکلت مرحلة آواعر الستینیات» سواء فی الدواثر 
لأكاديمية أو فى السياق العام؛ وهی ظروف شکلت هذه 
لح رکة النقدية وأسهمت فی تطورها. وقد آظهرت 
الطروحات النظرية لما بعد البنيوية محدودية منحی استجابة 








القارئ» وإن كان هناك دراسات مختلفة تقدم بعض 
اللماذج الفيدة لهذه النظرية؛ علی الاقل توجد بعض 
ردود الأفعال |زاء اهتمام هارثی 11876 بما سمته 
«جهاز القراءة 8ع 06 كنالقكةم20) . رغم ذلك» فانه 
لم يكن للامتمام الحادث بدور الجمپور من قبل 
منظّرى الدراما أن يظهر لولا وجود هذه الطروحات التى 
قدمتها نظرية استجابة القارئ. 


تصف سوزان سولیمان ٩۵7020‏ فی مقدمتها 
لكتاب (القارئ فی الثص ۲61 (The Reader in The‏ - 
وهو مجموعة مقالات أخحذت عنواناً فرعیاً هو امقالات 
فى الجمهور والتأویل» - الانجاه العام فى العلوم الإنسانية 
نحو «انعکاسية الذات ۲0/167:۷60656 ؟اع؛» وهر تجاه يعيد 
طرح مسألة المنهج فى العلوم الانسانية ودور الباحث فی 
تداوله وتخدیده موضوع دراسته»"۲*۳. ومفهوم «انعكاسية 
الذات) - کما تقول سولیمان - یقابله مفهوم آخر ظهر 
ف العلوم الطبيعية مع بدایات هذا القرن؛ هو مفهرم 
النسبية والشك. بالإضافة إلى ذلك فإن هذا المفهوم 
- بظهوره فى العلوم الإنسانية ‏ وجه الاهتمام إلى ظاهرة 
النص. ومن ثمء جد رواية مثل رواية (زوجة الملازم 
الفرنسى (The French Lieutenant's Woman‏ gillرة‏ 
عام ۱۹٩٩‏ لون قارلز ١٠ا٠۴‏ ومسزحية (إهانة 
الجمهور (Offending the Audience‏ عام 7 لبيتر 
هاند كه keل«ة1»‏ تشكلان مثالا لأعمال فنية وضعت 
دور الجمهور فی الاعتباره ومن ثم وجهت الانتباه إلى 
أُهمية وجود نظرية یکون لها التوجه ذانه. فضلا عن 
ذلك كلهء فان الأحداث السياسية التى ظهرت أراخر 
الستينيات أدت إلى ظهور بوادر لنظرية استجابة القارئ؛ 
ففى تلك الفترة ة كان للتحدى الذى لقيته الممارسات 
الاجتماعية والسياسية السائدة صداه الواسع فى المؤسسات 
الأكاديمية» كما برزت ضغوط كثيرة تطالب بالتغيير فى 
شتى صوره؛ وليست أحداث عام 1974 التى وقعت فى 
باريس إلا مثالا واضحاً على ذلك. وفى فثرة تعرضت 


نظریات القسراءة والشساهدة 


فيها إيديولوجيا الأوساط الأكاديمية ويمارسانها للهجوم؛ 
ليس من الصعب أن نفهم الأسباب التى أدت إلى انتشار 
نظرية أخرجت النفوذ خخارج الأوساط التقليدية؛ وذلك 
لصالح عملية أكاديمية ذات طابع يقوم على المساراة. 
وفى أمريكا الشمالية» ظهرت نظرية استجابة القارئ 
بوصفها نوعاً من رد فعل معارض لسیطرة «النقد 
الجدید» , خصوصاً كما تبلور فى الطرح الذى صاغه 
كل من ويمسات 0353لا وبيردزلى 36274967 فی 
مصطلح «المغالطة التأثيرية رعدالذ۴ ۸61661۷0 وذلك 
علی حد قول چین تومبکینز 10700105 فى مقدمة 
لکتاب لها بعنوان (نقد استجابة القاری - 362067 
(Rsponse Criticism‏ _ ونظهر مساری لویز برات ۳۲۵ 
هذه العلاقة بين نظرية استجابة القارئ والنقد الجديد 
«غالباً ما ينظر إلى نشأة النقد الجديد 
باعتبارها جزءاً من تخول عام فی الوسط 
الأكاديمى؛ من التركيز على المعرفة 
لموسوعية إلى التركيز على المعرفة من حيث 
هى تقنية وملهج فى الوقت ذاته. ويعد النقد 
الجدید عاملاً فاعلاً فی هذا التحول» كما 
یعد رد فعل «بیداجوجی» له. آما نقد استجابة 
القارئ بشکله النظری واالبیداجوجی»؛ فقد 
سلط الضوء علی معرفة الذات وملاحظتها: 
كما سلط الضوء أيضاً على مصداق العرفة 
الشخصية والحدسيةة؟4) , 
تعكس الإرهاصات الأولى للدراسات الخاصة 
باستجابة القاری)» مثل کتاب افیما یخدص بالقراه ۷/۱۱8 
5 ۱0 4652661 عام ۰ حجم الشورة النقدية 
الفتقدة التی یصبح بمقدورها الاطاحة بسيادة النص. 
رعلی الرغم من آن والتر سلاتوف 5۱:01 (موّلف هذا 
الکتاب) کان ضد التحدید النظریء فان كتابه عرض 


۱۳۹ 


رتعبع القضايا التى سادت الدراسات النظرية الخاصة 
بنظرية استجابة القارئ بعد ذلك. 
إلا أن سلاتوف يعترف بأن كتابه لايعرض 
لجانب مهم من جوانب القضية؛ وهر ردود أفعال العقل 
الباطن باعتبارها جزءاً من خبرة الفرد فى إدراكه 
النص» ومن ثم يوجه القارئ إلى كتاب نورمان هولاند 
Norman. N. Holland‏ السمی (ديناميات الاستجابة 
(The Dynamics of Literary Response aql‏ عام 
1۹3۸ ؛ ويمشل هذا الكتاب مع غيره من أعمال هولاند 
الأحری |سهاماً له دلالته فی مجال نظرية استجابة القاری؛ 
وذلك لأن هذه الكتابات أسست لمنحى جديد فی دراسة 
فعل القراءة يعتمد على الذائية والتحليل النفسى. وجدير 
بالذ کر آن نظرية التحلیل النفسی - خحصوصاً ما قدمه 
فرويد - أدت إلى اهتسمام بعض ممارسى المسرح بنوع من 
الدراما يسعى للتعبير عن مكنونات العقل الباطن. 
يظهر اهتمام فرويد بفكرة «استجابة الجمهور) عند 
مناقشته مسرحيتى (هاملت) و(أوديب ملكا) . يكمن 
جاح مسرحية (أوديب) - وفشل العديد من التراجيديات 
الحديئة - كما يرى فرويد فى تقديمها بطلا يعشق أمه 
ويصاب بمشاعر الغيرة من والده» اوهذه سمة عامة 
لمرحلة الطفولة المبكرة». ومن ثم؛ فالتأثير الذى تسعى 
المسرحية إلى إحدائه هو استثارة التطهير الارسطی فی 
الجمهور. وفى هذا السياق يكتب فرويد قائلاً: 
«عندما یسلط الکاتب الدرامی الضوء على 
الذنب الذی اقترفه آودیب» فهو فی الوقت 
نفسه يحرضنا على الدخمول إلى عقولنا 
الباطنة التى يمكننا أن مجد فيها بقايا لدواقع 
أوديب نفسهاء وان کانت مکبوتةه(*۲۹. 
ومن خلال «الماسفة) ع0:»«عادنه الزدوجة التی 
۰ تحدئها القصة الخيالية لسوفوكليسء وأداء الممثل الذى 
يقوم بدور أوديب» يتطهر الجمهور من عقدة أوديب. 


1 





وتتخذ مسرحية (هاملت) - كما يراها فرويد ‏ المسار 
نفسه؛ وذلك علی الرغم من آن دوافع البطل فی هذه 
السرحية تبقی مکبوتة کما نجدها فى راقع الحياة. ويرى 
فرويد أنه من الضرورى بالنسبة إلى الشكل الدرامى عدم 
تسمية هذه الدوافع» وذلك «حتى ييقى المتفرج دائماً فى 
حوزة عاطفة التطهيرء ولایقف خارج ال حداث مقیما 
اياها من بعید۳"4؟؟. وتساعدنا نظریات هولاند فی القراءة 
- بارتکازها علی اسهامات فروید - فی دراسة بمض 
جوانب خبرة الجمهور السرحية. يبدأ هولاند طرحه فی 
کتابه (دینامیات الاستجابة الأدبية» بالسؤال التالى: ما 
العلاقة بين الأنساق التى يجدها القارئ فى النص بشكل 
موضوعى وخبرته الذاتية بهذا النص؟ تتمثل المرحلة 
الأولى من مسراحل تطور نموذج هولاند - وهو نموذج 
یقوم علی اتحلیل النفسی - فى أنه يرسى تصورً مفاده 
آن کل التصوص تنطوی فی جوهرها علی نسق خیالی 
محوری» ؛ وهذا الخیال عامة یکون مصدراً لاعشتت 
واللذة فى آن؛ ولکن من خلال عاملی الشکل والعنی 
يمكن التعديل فى هذا الخيال بحيث يختزل 
التشتت"“. فى خليله التقنية الدرامية عند كل من 
بريشت ويونسكوء يرينا هولاند كيف يخلق القارئ 
امعنى؛ بل قبل ذلك كيف يكون فى حاجة إلى خلق 
المعنى. على حد قول هولاند» تعمل الطبيعة اميتامسرحية 
لدراما بريشت على إبراز تشكك الجمهور ولا يقينه. ما 
فى حالة يونسكوء فهو لا يقدم لجمهوره شيئاً يمكن أن 
يصدقه؛ وهذا يخلق فى الجمهور حاجة ما يسعى إلى 
إشباعها من خلال «قدرته علی حل الشکلات) ؛ وهذه 
الحاجة إلى المعنى - كما برى هولاند - تسمح للقارئ 
«بامتلاك محتوى النسق الخيالى80؟ , 

تشارك هذه الدراسة الأولى لهولائد كتاب سلاتوف 
فى عدم جرأتها على الاستبعاد الكامل لمفهوم موضوعية 
النص» وإن اختلفت الأسباب فى کل حالة. ومن ثم» 
تقوم هذه الدراسة على فكرة التعايش بين النص والقارئ 





التى على أساسها يخبرنا هولاند أن كلاً من النص 
والقارئ يملك نسقا خياليً محورياء وما معنى النص إلا 
نتاج للتفاعل بين هذين النسقين. عندما أصبح نقد 
(استجابة القارئ) مألوفاً لدى النقاد والأكاديميين» 
بطلت الحاجة إلى الموازنة بينه وبين النقد الجديد. ومن 
ثم» اختفى الجدل المتمحور حول الموضوعى والذاتى» 
وحلت محله قضايا أخرى وهذا ما نجده فى أعمال 
هولاند التالية التى بدأت تتوجه توجهاً مخالفاً لنموذجه 
الأول. ولذاء تجده يقول إن النسق الخيالى الذى يقوم 
عليه النص (الذى مخدث عنه سابقا) إنما هو من صنع 
القارئ. وهكذاء فالتأويل يصبح هو الوظيفة الكاملة 
للقاریا» وذلك من خلال ما بصفه هولاند «بتيمة 
الهوية عععطا زننامعةز م2 . ولذاء فان الشویلات 
اختلفة للنص هی نتاج «لتعیمات الهویة» اختلفة 
للنقاد(*۲۴» وهذا ما یعبر عنه بقوله: 


«إن الهوية تعید خلق نفسها وابداعها... 
نستخدم العمل الأدبى بوصفه وسياة لترميز 
أنفسنا وإعادة طرح ذواتنا. إندا من خلال 
النص نشتبك مع أنساقنا الداخلية؛ ولكننا فى 
الوقت ذاته نتفاعل مع العمل الأدبى فتجعله 
جزءاً من ت رکیبنا النفسى » كما جعل افا 
جزءاً من العمل الأدبى ‏ وهذا كله يحدث 
ألناء عملية التأويل “٠‏ . 


إلا أن واحد: من المشكلات التى تسترض نظرية 
هولاند - كما يشير إلى ذلك ستینین میلوه ان۸ 
- هی عجزها عن تفسیر وجود وجهات نظر 
مشتركة إزاء النص الواءحدء وذلك علی الرغم من 
امتلاکنا جمیعاً تیمات الهوية التفردة التی تنعکس فى 
قراءاتنا النصوص الأدبية. لكن على الرغم من أنه قد 
ينظر لكتابات هولاند على أنها كتابات هامشية؛ وذلك 
من قبل نقاد الأأدب» فان هناك عدد من ممارسى المسرح 





نظريات القراءة والمشاهدة 


ذوى المكانة المهمة فى هذا القرن الذين شاركوه 
توجهانه. والشال الواضح لهولاء مده فى أنطونان آرتو 
مه ؛ ففی «الانیفستوه الاول الذی یطرحه ارتو 
بخصوص مسرح القسوة یقرر: 
الن یستعید السرح نفسه مرة آخری» ولن 
يصبح قادراً على تشكيل وسائط إيهامية 
حقة» مالم يمد جمهوره بما أسميه التقطير 
الصادق للاحلام» بمعنى أن ما يقدم 
للجمهور لا يقدم له على أساس إيهامى 
مطلق ولكنه يجب أن يشتبك مع مسترى 
البناء الداخلى له . 


وسعى أرتو أيضاً- ضمن ما سعى إليه - إلى نبذ ما 
أسماه ؛بالالتصاق الأحمق بالنص؛» وذلك من أجل 
استعادة السرح باعتباره خبرة مباشرة بالنسبة لی کل من 
الودین والجمهور. ولکی بتجاوز آرتر اتأثیر البسیط 
والساذج الذى يمكن أن يحدثه العرضء سعى إلى ما 
آسماه «بمسرح الژثرات؟» وهو مسرح «یعید عقد الصلة 
بین الخشبة والجسهور بشکل یجعل الجمهور بری 
حياته بخصوصيتها فى العرض» ومن ثم علينا أن نسمح 
للجمهور بأن يندمج مع العرض فتلتقى أنفاسه ونبضاته 
بأنفاس ونبضات المؤدين بل بكل ما فى العرض»9, 
وعلى الرغم من أن رژية آرتو- علی حدتها وقوتها - لم 
يجد ما یقابلها من مارسة مسرحية لها الحدة والقوة 
نفسهماء فان آفکاره تلقفها بعض السرحیین الأخرین؛ 
وهكذا استمر السعى نحو خلق مسرح یخاطب «الستوی 
الداخلى للجمهور» وأوضح مثال على السعى نحو هذا 
الدمط من المسرح ده فى مسرح چیرزی جروتوفسکی 
0108/5184 » فضلا عن أن الجهود السابقة لكانسور 
وبعض مشروعات مالينا 1121102 وبيك 3666 هذا 
بالإضافة إلى عروض بيتربروك» أظهرت اهتماماً ممائلاً 
بما أسماه آرتو «الستوی الداعلی للجسهوره . وفی 
السیاق نفسه» وعن تصوره الشخصی لطبيعة السرح» 


۱۳۱ 


یکتب جروتوفسکی قائلا: «یقع اهتمامنا علی التفرج 
الذی یملك حاجات روحية حقيقية والأی برغب حقاً 
من خلال اصطدامه بالنس - فی حلیل ذاتهم**۳. 
رلمل ما بقوله جروترفسكي هنا یقترب بدرجة کببرة ما 
ذكره هولاندء بخصوص تفاعل القاری/ مع العمل الادبی 
وإدماجه فى تركيبه النفسى» وجعل نفسه جزءاً من هذا 
العمل. 

وقد أظهرت عمليات التلقى المشوشة لتلك 
العروض التى تسعى إلى استثارة (تيمة/ تيمات الهويةة 
لدی الجمهور آن الجمهور أحبانا ما يقاوم عملية 
الاستثارة تلك» هذا فضلا عن آن بعض العروض قد ینزع 
إلى أن يعكس «تيمة الهوية؛ لدى مخرجيها أكثر من 
نزوعه إلى تنشيط وبث الحياة فى المستوى الداخلى 
للجمهور. 


ومن بين الإسهامات المتميزة فى مجال استجابة 
القارئ / التفرج» ما طرحه کریستیان میتز ۷66 فی 
مقال له بعنوان: ¢The Fiction Film and its Spectator: A‏ 
yi Metapsychological stud‏ عام ۹ ویوسس 
ر على نظرية الأحلام عند فرويد؛ وتظهر 
أطروحاته أن ما وصل إليه هولاند» بخصوص العالم 
الخاص للقارئ» يمكن أن ينطبق بشكل ما على نموذج 
العلاقة التواصلية التى تجدها فى المسرح. والسؤال 
امحورى الذى يطرحه مبتز هو: كيف يمكن للمتفرج أن 
يقوم بعملية التحول الذهنى؛ تلك التى تنقله من 
مجموعة المعطيات الإدراكية المتمثلة فى الانطباعات 
المرئية والصوتية التى توجد أمامه إلى تشكيله عالما خياليا 
غير حقيقى. وهى النقلة الذهنية نفسها من دال له سمة 
الحقيقة الموضوعية إلى مدلول تخيلى ولكن حقيقى؛ من 
الناحية السيكولوچية (*۲۹. وعلی الرغم من أن تساؤل 
ميتز ينصرف أساسآ إلى متفرج السينماء فإن العلاقة ذاتها 
ججدها بين متفرج المسرح والعالم الذى يقدم له على 
الخشبة. ويطرح ميتز إجاباته عن التساؤل السابق من 


۱۳۳ 





خلال فكرة ايوم الیقظة۷ وهی العملية النفسية نفسها 
التى يبرز فيها المتفرج. وتكمن أهمية بحث ميتز» فى 
إيرازه ضرورة مشاركة نظرية التحليل النفسى فى هذا 
امحال» وذلك للء الفجوات التى تتعلق بفهمنا العملية 
الإدراكية. 


فى حين أن نظرية هولاند تقوم على وجود ما 
أسماه ب «تيمة الهوية للفرد المتلقى»؛ فإن نظرية ستانلی 
فيش تبنى فى أساسها على مفهوم آخر هو مفهوم 
١الجماعة‏ التأويلية interpretive community‏ . ومث له مثل 
هولاند وسلاتوف؛ کان فیش 5350 حريصا فى أعماله 
الأولى على استبعاد النقد ذى التوجه النصى الخالص. 
وقد كان مفهومه عن «الأسلوبية التأثيرية) ۸۴۵٤11۷٥‏ 
Stites‏ هو الذى حول الانتباه عن (السياق المكانى 
لصفحة ما فى عمل أدبى بما تحتويه من تركيبات 
وأنساق إلى السياق الزمانى لذهن المتلقى وخبرانه)0*. 
وبرتكز فيش فى هذه المرحلة من مراحل تطوره النظرى 
على مفهوم القارئ العلیم ۲۳ ۰۱۱۲۵۳۲۳۵0 الذى 
يتحدد من خلال كفاءة القارئ اللغوية ومعرفته الدلالية 
الناضجة وكذلك كفاءته الأدبية. لكن النص يبقى فى 
هذه المرحلة ذلك الكيان الموضوعى الذى يتحكم فى 
القارئ بشكل ماء حتى وإن كان هذا القارئ عليماً. 
وينتقل فيش بعد ذلك للحديث عن اللغة باعتبارها 
تتشکل من خلال خبرات أولئك الذين ینتجونها 
وتوجهاتهم » والأدب فى إطار هذه النظرة هو لغة «عادية» 
تسبغ عليه إطاراً حاص 099 , 


أدت النتائج التى توصل إليها فیش؛ فیما یخص 
اللغةء إلى أكثر أطروحاته النظرية تأثيراً؛ وهو مفهوم 
«الجماعة التأريلية»: ويقول عنه فيش: 
«تتكون الجماعة التأويلية من أولئك الذين 
يشتركون فيمابينهم فى مجموعة 
الاستراتيجيات التأويلية التى لاتتعلق بقراءة 





النصوص (بالمعنى التقليدى»؛ ولكن الى" 


ترتبط بدرجة أكبر بكتابة النتصوص والسمات 
. الخاصة بهذه العملية. بكلمات أخرىء إن 
الاستراتيجيات يكون وجودها سابقاً على فعل 
القراءة» ومن ثم فهى تحدد شكل المادة 
المقروءة؛ والعكس ليس بالصحيح كما هو 


شائ . 


وفى إطار مفهوم «الجماعة التأويلية» لاتصبح كل 
التأويلات امحتملة لنص ما مقبولة» ولکن بعضها یستبعد» 
وذلك لأن هذه التأويلات المستبعدة كانت نتاجاً 
لاستراتيجيات تأويلية تكونت خارج إطار الاستراتيجيات 
التأويلية التى أقرتها المؤسسات الأدبية؛ إلا أن هذه 
المؤسسات التى تنطوى بالطبع على جماعات تأويلية 
قابلة للتغیر؛ فالجماعات التأويلية لیست من الثبات 
بحیث تعبر عن وجهات نظر معينة وثابتة, ولکنها من 
الح رکة بحیث تعبر عن استراتیچیات تأويلية مختلفة 
تتبداها ثقافات أدبية متباينة وفی سیاقات زمنية مختلفة. 


إن التحليل التتبعى diachronic‏ لتلقی العروض 
المسرحية يؤيد مفهوم فيش عن «الجماعة التأويلية؛» 
ومثالنا الواضح على ذلك هو تاريخ تلقى مسرحية (حفلة 
عید الیلاد ۳2۷ Birthday‏ 1۳6) لهارولد بنتر ۳067 
فعند عرض هذه السرحية للمرة الاولی عام ۱۹۵۸ فى 
لندن؛ علی مسرح «ليريك هامرسمیث؟ » ظهر تعلیق 
الناقد الدرامی مجلة «التایمزه بنبرة شابها عدم الحماس 
قائلاً: ذإن الاثر الذی یحدئه فینا السید» بنتر 51516 ليس 
بالأثر الكوميدى ولاهو بالمفزع. إن هذا الأثر ليس أكثر 
من لغز محيرء ولايسعنا بعد فترة قليلة من بداية العرض 
إلا أن نودع هذا اللغز والاحباط یملوناه (*۲۴. وقد امتد 
هذا الإحباط وتلك الحيرة التى أصابت هذا الناقد إلى 
عامة الجمهور؛ وهو ما جعل المسرحية لاتقدم أكثر من 
بضعة عروض قليلة بعد ذلك. على النقيض من ذلك» 
فان المروض التی قدمت لهذ المسرحية فى كلل من 


نظريات القراءة والمشاهدة 


آکسفورد وكامبريدج (رهى عروض سبقت عرض لندن 
فى العام نفسه) استقبلت بحماس شديد من قبل جمهور 
يرجع تكوينه ‏ جزئياً ‏ الی الوسط الا کادیمی احیط فی 
هانین الدینتین . ولذلك» فقد کان الجمهور فی هاتین 
المنطقتين أكثر وعياً بالتراث الطليعى للمسرح الأدروبى 
الذى تقوم عليه مسرحية بنترء بالإضافة إلى ذلك؛ فإنه 
عند إعادة تقديم المسرحية نفسها على مسرح «آلدويتش؛ 
۷۷ بلندن» بعد ست سنوات» أحرزت جاح کبیرآء 
واستمر عرضها فترة طويلة. وفی ۱۸ یونیو ۱۹۹4 کتب 
معلق آلتایمز قائلا: «تعد مسرحية حفلة عید الیلاد نصا 
أصيلاً يعبر عن الدراما الإتجليزية الحديثة؛ وإن كان 
«جون أوزبورن» دفع بكتاب جدد إلى الكتابة الدرامية 
فقد أراهم بنتر کیف يكتبرن210؛ وفى ضوء ما طرحه 
بشر؛ يمكن القول بأن تجارب عام ۱۹۵۸ تربنا ردود 
أفعال متناقضة جاه مسرحية بنر» وذلك من جانب 
جماعات تأويلية مختلفة. آما تخارب عام ۰۱۹4 فهی 
ترینا آن الاسترانیچیات التأويلية لرنادی السرح فی لندن 
قد أعيد صياغتها وتشكيلهاء وذلك بسبب تعرضها 
لتيارات الدراما الجديدة. فى حقيقَة الأمرء إن أطروحة 
فيش القائلة بأن «قيمة؛ النص لاتعزى إلى أي سمات 
كامنة فيهء وإنما تسبغ عليه من قبل الجماعات 
التأويلية» یمکن تطبیقها بشکل ما علی وجود النص 
ذاته تاريخيا. فمن الناحية التاريخية» لم يكن هناك أى 
أهتمام بالكتابات الدرامية النسائية التى ظهرت فى القرن 
التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ سواء من جانب 
الوسط الأكاديمى أو الفرق المسرحية: إلا أن البحوث 
الحديثة أظهرت أن مسرح المرأة لم يكن فقط موجوداً فى 
هذه الفترة» ولکن وجوده تمیز بالخصوية الشدیدة. رعلی 
اثر هذه الدراسات؛ قامت فرقة مسرحية نسوية باعادة 
الحياة إلى هذه المسرحيات التى كانت قد اختفت من 
دائرة التاريخ» وكان لعروض هذه الفرقة أثرها فى إعادة 
تقييم النظرة إزاء المسرح النسوى. 


۱۳۳ 


سسوزان بینیت - 


ویعد دور الناقد الدرامی واحداً من القضايا الأخرى 

ی یمکن لاه الضوء علیها من خلال مفهرم فبش 
عن «الجماعات التأوبلیة؛ , فی مخلیله مجموعة الراجعات 
النقدية لعرض éiil (Measure for Measure)‏ آخرجه 
بيتر بروك عام . يؤكد باتريس بافیس ءا۵۷٣‏ حقيقة 
وجود استراتيجيات مشتركة داخل داثرة النقد السرحی؛ 
نهذه الراجعات جمیعاً - کما اکتشف بافیس - توفرت 
على تضایا محددة؛ وهی الفضاء السرحی ونمط 
الإخراج؛ وما يلاحظه بافيس بشكل واضحء فى هذه 
المراجعات» أنها جميعاً تكشف عن العجز الذى ألم 
بالخطاب النقدى: 

«فمجرد وصف إخراج العرض بأنه يسم 

«بالبرود؛ أو «التكثيف؛ أو «البراعة» أو «ندرة 

التأثير العاطفى» لايقدم للقارئ مساعدة 

حقيقية تعينه علی (ٍدراك طبيعة العرض»"*۲. 
وفى نهاية مخليله لهذه المراجعات يقول بافيس: 

وإن الخطاب النقدى لايجرؤ على المخاطرة 

بتشجيع العامة على الذهاب إلى العرض أو 

تحريضه على عدم الذهاب ‏ وربما يرجع 

ذلك إلى المكانة التی اتخذها بائیس باعتباره 

شخصية عامة. 

والحکم السکوت عنه من هذا الخطاب 

النقدى إزاء عرض بروك؛ هو من التب‌سیط 

بحیث یمکن صیاغته کالتالی: «غنی عن 

البيان أن العرض جيد لأنه نص لشکسبیر ومن 

إحراج بروك» وإن افتقر إلى سمتى الجدة 

والخصوصية) ". 

ومن الواضح - كما يشير بافيس - أن الخطاب 

النقدى يعكس مجموعة من الافتراضات المشتركة إزاء 
طبيعة المسرح وتكوينه. وعلى إثر ما يخلص إليه بافيس 


۱۳ 





فی ملیله يمكن القول إن «الجماعات التأريلية» لناقدى 
المسرح لها تأثيسر واضحء ولكنه ليس تأثبراً إيجابياً 
بالضرورة» سواء بالنسبة إلى الفرق المسرحية التى يتابعها 
مؤلاء النقاد» أو عامة القراء الذين يسترشدون بأرائهم . 


ورغم العأثیر الهائل لفهرم فيش عن (الجماعة 
التأويلية؛: فإن فيش يتجاهل الأبعاد السياسية لهذا 
الفهوم؛ خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة بين الجماعة 
التأويلية والإيديولوجيا السائدة. 


من بين الطروحات الأخرى التى تندرج مخت 
منحی «استجابة القاری) نظرية ولفجاغ ایزر 1567 التی 
تمثل الوجه الاخر لنظرية فیش. ان نقطة الانطلاق عند 
إيزر تبدأ من مجهودات اثنين من الظاهراتيين هما إدموند 
هوسرل ورومان إتجاردن. وفى ضوء هه امجهودات يرسى 
إيزر منحى جدیداً فی ليل عملية القراءةء وهو منحى له 
ثلاثة أبعاد هى: النصء والقارئ؛ وأهم منهما الظروف 
التی خکم عملية التفاعل بينهما. ويبرز من بين 
ألروحات إيزر مفهومه عن «القاریا الضمنی 4ذام«1 
07 - وهو المفهوم الذى يوفر صيغة يمكن من 
خلالها وصف عملية القراءة, وهی العملية التى تتحول 
خلانها البنیات النصية الی خبرات شخصية» وذلك من 
خلال النشاط الإدراكى. إلا أن اهعمام إيزر الحقيقى 
ينصرف إلى النص ذاتهء فكتابه (القارئ الضمنى» 
!ımplied Reader‏ عام ۶ هو فى مجمله عبارة عن 
دراسة لاستراتيجيات الرواية من حيث هى جنس أدبى» 
والاهتمام ذاته بالنص مده فى كتاب (فعل القراءة» 
The Act of Reading‏ وإن كان ترجهه نظرياً بعض 
الشئ. 

فى دراسته لفينوضنولوجيا عملية القراءة» یسحث إيزر 
فى العلاقة التفاعلية بين النص والقارئ. إن استراتيجيات 
النص - كما يرى إيزر- لا تقدم اکشر من الاضار 
الذى يجب على القارئ أن يوجد لنفسه داخله 





«ا موضوع الجمالی» . يقيم القارئ - فی مفهوم إيزر هأ 
يقرأه فى ضوء أحداث الماضى وتوقعات المستقبل» وهذا 
اللمط من القراءة يؤدى إلى صيغة تركيبية 50/61 
لانتجلی بشکل جزئی فی النص وحده» کما لاینتجها 
خیال القاری وحده. ومن ثم فهذه الصيغة الت ركيبية 
مزدوجة الطابع: فهذا الترکیب یحدثه القارعا ولکنه فی 
الوقت ذانه یکون محکوماً بمجموعة الاشارات اتی 
يطرحها النص. 
تختص المرحلة الأخيرة عند إيزر بعملية التواصل. 
ينشأ التواصل الناجح عندما تكون عملية القراءة محكومة 
بالنص» ويتم ذلك من خخلال ما أسماه إيزر بالفراغات 
۵ فی النص؛ وعملیات «النفى ع8 . أما 
الفراغات» فهی تمثل »ا يخفيه النص»ء وهى تلك 
. المساحات فى النص التى يقوم عندها القارئ بصنع 
العلاقات. آما «عملیات النفی»؛ فهی تختص يعناصر 
محددة يجب حذفهاء إلا أن ما يحذف يبقى فى حيز 
الرؤية» ومن ثم يكون مصدراً لإحداث تعديلات فى 
انتجاهات القارئ إزاء ما هو محدد ومألوف. بکلمات 
أخرىء إن القارئ هنا يوجه إلى تبين موقف معين 
بالارتباط مع النص. تمنح الفراغات الفرصة للقارئ كى 
یستوحی قصة معينة أو حدثا معینا؛ وتمنحه الفرصة 
لاسباع العنی علی [شارات النص؛ وهو - باتخاذه 
اختیارات معينة آمام هذه الفراغات - یقبل ضمنیا عدم 
استنفاد النص معانيه؛ وعدم استنفاد النص معانيه برغمه 
على إتخاذ اختياراته من جهة أخرى. 


ويقول إيزر فى كتابه (فعل القراءة) إن إنتاج 
الفراغات فى العمل الفنى بشكل منضبط يؤدى إلى 
إنجاح العمل جماهيرياً؛ ومثاله على ذلك روايات ديكنر 
التی نشرت فی سلاسل. فهذه الروایات جميعاً تستخدم 
تقنية المقاطعة الاستراتيجية 0١‏ )معا »آوعنهن؟ التى 
تهدف إلى تنشيط البنى الأساسية لعملية الإدراك. 
وتستدعی لا مثل هذه التقنية «مقاطعات استراتیجیة» 


نظریات القراءة والش‌اهدة 


٠‏ خدث فى مجال العرض المسرحى. فعملية إنزال الستار أو 


إظلام المسرح للانتقال من فصل إلى آخرء أو من مشهد 
إلى آخرء تؤدى وظيفة والفراغات» نفسها التى تحدث 
عنها إيزر. ومثل هذه التقنيات تعلن للجمهور عن وجود 
تغير ما فى الرواية؛ ومن ثم تمنحه بعض الوقت لطرح 
توقعاته واستثارة ذاكرته. 


إن كان القارئ عند كل من فيش وهولاند اهم 
عنصر فى عملية التلقى» فما يهم إيزر بدرجة كبيرة هو 
عملية القراءة ذاتها باعتبارها عملية تفاعلية؛ وفى ضوء 
ذلك يعد الانتباه الذى أولاه لخبرة جمهور المسرح له 
أهميته الخاصة فى هذا الشأن. يحث إيزر فى ظاهرة 
الضحك كما تحدث لجمهور مسرحيات بيكيت» 
ويخلص إلى أن هذا الضحك يميل إلى أن يكون فردياء 
ویصحبه «قلق شدید؛ من جانب التفرج» ثم لا يلبث أن 
«يظهر التأثير المنيادل بين العمل الفنی 
والتلقی فی آکثر صوره وضوحاً عندما یعرض 
العمل الفنى لأنماط من السلوك غير مرغوبة 
أو غير معبر عنها فى خبرتنا اليومية؛ ولكنها 
تبرز الوظيفة الجمالية له؛ ألا وهى استحضار 
العناصرء أو الخبرات الحياتية التى فقدت أو 
اختفتء ومزجهنا بما هو قائم فعلاًء وهذا 
بدوره لا يؤدى إلى التغيير الفعلى للصيغة 

التى يكون عليها الحاضر» 99 , 
تنشأ الكوميديا- كما يقول إيزر - من تلك 
الواقف التی تقوم علی هذا النوع من التناقض» وهی 
مواقف لا تحمل سمة الحدية» ولکنها تتسم یعدم 
الثبات» وینتقل عدم الثبات ذلك بدوره إلى الجمهور. 
وانطلاقاً من مقولات هيلموت بليسنر معهددة!5 فى 
کتابه (الضحك والبکاء عمذروت 0جه عدناوها) بری 


۱۳۰ 





لحالة عدم الثبات نی الأحداث السرحية, ولکنه یحدث 
أيضاً نتيجة لعملية الإزعاج التى يحدثها هذا النوع من 
الدراما لقدرات المعفرج العاطفية والمعرفية»؛ وباستخدام 
مصطلحات التحليل النفسى يتحول الضحك هنا إلى 
واحدة من ١ميكانيزمات‏ الدفاع «defence mechanism‏ . 
إلا أن ما يحدث فى مسرح بيكيت أن التفرج یکتشت 
أن عدم الجدية التى تتسم بها الأحداث الكوميدية ليست 
الاكتشاف تتحول عدم الجدية إلى جدية؛ وهو ما يؤدى 
إلى أن تموت الضحكات على شفاه المتفرجء وهذا هو 
التأثیر الذی تبثه دراما بيكيت علی حد تصور لیزر- 


باستخدام مصطلح سکه یوری لوتمان ۳7اما» 
یصف ایزر مسرحية (فی انتظار جودو) باعتبارها سلسلة 
من الوظائف السالسة 00011005 - عنانه. ویکلمات 
أخرى » يرى أن كل مكونات المسرحية تخبط أية توقعات 
تقليدية. فعلى سبيل المثال» يقول «استراجون؛ فى مفتتح 
المسرحية: الا يوجد شئ يمكن عمله؛؛ ومثل هذه 
الجملة توحى بالنهاية وليس البداية. وتتوالى الضحكات 
بعد ذلك من جمهور المسرحية؛ إلا أن هذه الضحكات 
- كما يرى إيزر - قصيرة المدى فى المسرحية» وهذا 
مرجعه إلى أن المعانى التى نستخلصها من الأحداث 
الدرامية غالباً ما تستبعد أثناء مسار المسرحية. ومن ثم» 
يمكن القول بأن الجمهور فى مسرحيات بيكيت 
لايشاهد موقفا كوميدياء «إنما الكوميديا هى التى تخدث 
. للجمهوره وذلك باكتشافه أثناء مسار المسرحية أن 
تأویلاته یجب آن تستبعده(*۲۳. فضلاً عن ذلك» فان 
الضحك یتوقف من قبل التفرج لیس فقط علی اثر 
اکتشافه خطاًتأویله, ولكن باكتشافه أيضاً أن ضحکانه 
لايشاركه فيها أحد. يتناول بيكيت فى مسرحيته (لعبة 
النهاية 6مدع ۴۸۵) مسألة اللغة باعتبارها لعبة؛ وهو 
مايؤدى - كما يرى إيزر - إلى تقويض أى إمكان 
لتشكيل العنی. وفى ذلك يقول إيزر: :إن عملية الطمس 


۱۳۹ 


الدائم لمالولات اللغة تؤدى إلى وجرد فراغات ۶اط 
لها بنية معينة» وتبقى هذه الفراغات كما هى طالما لم 
یشعر التفرج باضطراره الی ملشها»(۲۳. وکما یفوم 
الجمهور بعملية تشکیل العنی فى (فى انتظار جودو) » 
فالجمهور فى (لعبة النهاية) يقوم بعملية اعادة آداء 
مفردات اللغة؛ الأمر الذى ينتج عنه أن یأخذ الجمهور 
مكان الممثلين فى هذه الحالة. ونتيجة لذلك؛ یقف 
المتفرج موقفاً يتسم بالتجرد 70606ا06126؟ إذ تسنح 
له الفرص لأن يرى نفسه وهو يلعب دوراً كوميدياً- وهو 
دور يضطر إلى القيام به بناء على خخبراته السابقة فى 
المشاهدة. وهكذا يصبح المتفرج - رفق هذا التصور- 
منتجاً ومتلقیاً للدراماً فی الوقت ذانه؛ وهذا ما يجعله 
ينجح فى اختبار لذاته؛ وهو اختبار یتسم بالتجرد 
واللامركزية؛ ويتخذ شكل مشروع دائم التخلق ودائم 
التعديل فى الوقت ذاته. إن مسرحيات بيكيت باعتبارها 
محبطة دائماً لتوقعات المتفرجء يمكن النظر إليها 
باعتبارها تتبنى اجاها نقيضاً للجماعة التأويلية للجمهور. 
یدو تفسیر إيزر للبنى الدرامية باعتبارها أنظمة تتسم بعدم 
ین non - fulifillment‏ (أُو باستخدام تعبیر لوتبان 
«أنظمة ذات وظائف سالبة9) تفسيرا ساذجا. قد يجوز ان 
الجمپور فی البداية لم يكن معتاداً على الممارسة 
السرحية کما طرحها بیکیت» ومن ثم اتسمت ردود 
آفماله بالعشوش, إلا أنه من ال کد بعد ظهور کتاب 
إسلن (مسرح الغبث) عام ۱ بل الأهم من ذلك 
بعد توفر فرصة مشاهدة مسرحيات من نمط مسرحيات 
من قبل كتاب مثل بيكيت وبنتر. 

وبغض النظر عن انفاقى أو عدم انفاقى مع تخليل 
إيزر لدراما بيكيت» فنظريته فى عملية القراءة لها : 
آهمیتها؛ حصوصاً نیما یعلق بجوانب العرض السرحی. 


یتاول یاوس فی نظریته عن التلقی جوانب آخری 
جديرة باهتمامنا فى هذا السياق» فى حين أن تركيز إيزر 


ااا نظربات القراءة والشاهدة 


كان على القارئ الفرد. فتركيز يارس انصرف ! إلى 
القارئ فى التاريخ؛ ؛ وفى مقاله «التاريخ الأدبى باعتباره 
دیا للنظرية الأدبية» يعدد ياوس مثالب الممارسة الأدبية 
فى الاضی» التی تصف نفسها باعتبارها تاريخاً أدبياً: 
كمايعلق أيضاً على المشكلات التى أثارها النقد 
الماركسى والنقد الشكلانى بهذا الخصوص. ويرى ياوس 
أن مشكلة التاريخ الأدبى ظلت غير محسومة فى الجدل 
المثار بين كل من النقاد الماركسيين والنقاد الشكلانيين» 
وذلك لأن كلا الفريقين أولى اهتماماً محدوداً بالقارئ 
والجمهور. وهنا يتضح لنا أن مشروع يارس ينصرف 
تماماً إلى جماليات التلقى. 


يهتم ياوس ؛ في المنهج الذى يتبعه إزاء جماليات 
لتلقی» بالتاریخ الأدبی باعتباره یتأسس علی *الخبرا 
7 اثية التی یجتنیها القراء من العسمل الأدبى فى 

ضی»(:۲۳. علی النقیض من الأحداث السياسية» ليس 
0 الأدبية أصداء وردود أفعال حتمية. بکلمات 
أخصرى؛ يتم تلقى النصوص الأدبية من خلال «أفق 
توقعات | 
ٹم فتأسيم تاريخ أدبى ما یتطلب «موضعة )زادنا 
100 أفق إا الترة قعات ذلك. بالإضافة إلى ذلك» فان 
التلقى الأولى للنص ی لیس ذاتياً أ و انطباعياً تماما كما أنه 
ليس تلقياً متعسفاً وجامداً. نا التلقى كما يراه يارس» 
هو «عملية إتجاز تعليمات معينة من خلال عملية إدراك 
موجه يمكن استيعابها من خلال فهم البواعث التى 
تكمن خلفها والإشارات التى رکه 

أما أفق التوقعات الكامن فى النص ‏ حسبما بری 
ياوس - فهو يسمح بتحديد الطبيعة الفنية له» وذلك من 
خلال تأثيره فى جهور مفترض مسبقاً. ويمكن 


(مرضعة» دوننةع5])ءءزطه المسافة الجمالية بي' أف 


jay . horizon of expectations? a راء"‎ 





ترقعات معین والعمل الجديدء وذلك من خلال ' 
ی مجموعة ردود أفعال الجمهور وأحکامه مه النقدية 


اختلفة, بدرجانها التفاونة» عن تجاح تلقای ‏ 


الاستبع وعند الظهور الأرلى للعمل الفنى تصاً كان 
أو عرضاًء فهويقيم فى ضوء أفق التوقعات السائد. 
وكلما ازدادت درجة العقارب بين العمل الفنى وهذا 
الأفق» كان هذا العمل ضعيفاً أو غير ناضج. وفی بعض 
الأحيان؛ قد يحدث أن توجد مسافة ملحوظة بين العمل 
وأفق التوقعات السائدء إلا أن القراءات التالية قد تغير هذا 
الوضع. والأعمال الفنية ‏ بهذا الشكل - 
وتصبح خارج الزمن» أو يعاد تلقيها بشكل مناقض 
للخبرة القرائية المعتادة (وذلك كما فى حالة 
الكلاسيكيات)؛ وذلك للإمساك بطابعها الفبى مرة 
أخرى. 


١ 
إما أن تستبعد‎ 


ویرک ياوس أنه باستعادتنا أفق التوقعات فى مرحلة 
تاريخية ماء یمکننا عندئذ أن تفهم الفرق الهرمنیوطیقی 
بين فهمنا لعمل ما الآن وفى تلك الفترة. رهذا يضع 
فى دائرة الضوء فكرة التلقى التاريخى للنص ويستبعد 
مفهوم المعنى الموضوعى واللازمنى الذى يتكون بشكل 
مستقل. وانطلاقا من نموذجى الدراسة التزامنية 
وتممعاعهر5 والدراسة التتبسبعية عندمءطعدال اللذين 
صاغهما دى سوسير فى نظريته فى اللغة» يقترح ياوس 
تأسیس دراسة خليلية ترامنية للتاریخ الادبی» وذلك فى 
مقابل الدراسة السائدة التى تنصرف تماما الی النحی 
التتبعى . والتحليل التزامنى بإمكانه إظهار التعددية والتباين 
اللذين تتسم بهما الأعمال الأدبية المعاصرة» وذلك فى 
علاقات التمائل أو التضاد أو التراتب التى تنشأ فيما بينها 
فى لحظة تاريخية ما. وعن طريق وضع نتائج الدراسة 
التزامنية جنباً إلى جنب الدراسة التتبعية» یمکن مدید ما 
إذا كان عمل أدبى ما موجوداً على الخريطة الأدبية أم 
لاء وما إذا كان عملا تقليديا أم سابقاً لزمانه. وبالإضافة 
للسحلیل التزامتی والتتبعی» فالتا يخ الأدنى يجب النظر 
ليه فی علافته بدا بر ال وهى التاريخ بمعناه د العام 
ثلأعسال ال لادبية 2 لاتقیم فقط فى ضوء أعمال أدبية 
أخرى » ولكنها تقيم أيضاً ی ضوء الخبرة الاجتماعية 
للقارئ ذانه, وفی لحظة تاريخية معینه . 


۱۳۷ 


ومن بین الصعوبات التی تعترض نموذج یارس 
- وهو مالاحظته أيضاً سولیمان - ماهلها (مکان وجود 
«آفاق ترتعات) مختلفة بین الجماعات اختلفة فی 
امجتمع الواحد» ويرجع هذا إلى أن مفهسوم ياوس 
للجمهور وتوقعاته لا يسمح بوجود تعددية لهذا الجمهرر 
فى سياق زمنى معين. ولتلافى هذا المصور عند ياوس» 
يمكن الربط بين مفهومه ومفهوم فيش عن الجماعة 
التأويلية. ومن ثم تصبح عملية القراءة فى إطار هذا الربط 
عملية تاريخية واجتماعية فى الوقت ذاته. وكما رأينا فى 
تاريخ تلقى مسرحية بنثر (حفلة عيد الیلاد) » فان 
«الجماعة التأويلية» والتحول فى آفاق التوقعات هما 
اللذان حددا الاستجابة الجماهيرية. 


ينزوى مفهوم «أفق التوقعات؛ فى كتابات ياوس 
الأخيرة» وعوضاً عن ذلك يقع جل تركيزه على مفهوم 
«الخبرة الجمالية؛؛ وهنا يسلط يارس الضوء على العلاقة 
الجدلية بين عمليتى إنتاج الخبرة الجمالية وتلقيها. وفى 
هذا الاطار» یقول: 
«إن العمل الأدبى لايوجد دون أن يوجد له 
تأثير» وهذا التأثير يفترض وجود تلق؛ ومن ثم 
فإن عملية الإنتاج التى يقوم بها المؤلف تعد 
مشروطة بأحكام الجمهور» "۳۳ . 
يبحث يارس فى كتابه (الخبرة الجمالية 
والهرمنیوطیةا الادبیة) ان Aesthetic Experience and‏ 
ary Hermeneutics‏ العلاقة الجدلية بين الانتاج والتلقى » 
باعتبارها تصوراً قیضاً لا یس‌یه بالرژية الأحادية 
لجماليات النفى 008۵۱۷ ٤ه‏ ەنا As)‏ عند تیودور 
أدورنو ۸0۲۸0 . 


۱۳۸ 


لكنناء إذا نظرنا إلى نظرية يارس فى الخبرة الجمالية 
بشكل إجمالى» سنجد أنها وإن كانت مفيدة إلى حد 
كبير فى دراستنا جمهور المسرح» فهى تقصر عن تناول 
التضميتات السوسيولوجية لهذه الخبرة الجماهيرية بشكل 
عميق. وهنا استعين بتقييم جانيت وولف 77016 لنظرية 
باوس؛ وفیه تقول: 


«ٍن فكرة وجود «تراث أدبى عظيم؛ لاتشكل 
قضية ذات شأنء طالا نقصر النظر فی 
المارسات الايديولرچية والادية الخاصة التی 
تنتج فى سياقها الأعمال الأدبية (سوسيولوجيا 
الانتساج الادیی) » وطالما نقصر النظر فی 
منظومة الظروف والممارسات التى تشکل 
جماعة التلقین أو الجمهور» وهم الذین بناط 
بهم صياغة وحفظ التراث الأدبي06©, 


تطرح مجموعة النظريات السابقة فى القراءة 
والمشاهدة عدداً من الأفكار المتفرقة التى تستجلى العناصر 
المشكلة لهاتين العمليتين. وهذه الأفكار ذاتها يمكن أن 
تفحص فى ضوئها الظروف والطبيعة الخاصة للمسرح. 
ویرتکز الفصل الثالث من هذا الکتاب - الذی یبحث فی 
جمهور السرح باعتباره ظاهرة ثقافية بالعنی الشامل 
للشقافة - على العديد من الأفكار التى طرحتها هذه 
النظریات بخصوص التلقی. الا أننى أسعىء فى هذا 
الفصل» إلى تأسيس نمرذج لجمهور المسرح يتجاوز 
مجرد ال ركيز على وضع التلقى» ويجعل من الخبرة 
المسرجية خبرة تقوم على الإبداع المشترك بين المتلقى 
من جهة؛ والمؤلف وامخرج والمؤدين من جهة أخرى. 





نظريات القراءة والمشاهدة 


الهوامش 


۱ 
فق‎ 
2 
1 
(o) 
10 
(¥) 
(A) 
۹ 


(1۰) 
۱۱۱ 
ap 
۱۳۱ 
لك‎ 
(e) 
۱10 
۱۷۳ 
۱ 
04) 
(۲ 
oY 
۳۷ 
(tr) 
CO 


(To) 
2" 
(TV) 
(YA) 
(4) 
(۳. 
۳ 
(FY 
(FF) 
(TE) 
(Fo) 
(TY 
(TY) 
(TA) 


(F4) 
۰۰ 


Bertolt Brecht (1977) The Messingkauf Dialogues, trans. John Willett. London: Methuen, p. 105. 


انظر: 

Walter Benjamin, (1973) Understanding Brecht, London: New left Books. انظر: .16 - 15 .مم‎ 
2.9: المرجع السابق‎ 

John Willett (ed.) (1964) Brecht on Theatre, New york: Hill and Wang, p. 189. انظر:‎ 
0. 186: المرجع السابق‎ 

الرجم نفسه: 186 .8 

الرجم نفسه: 190 .8 


۲8.21 - 22 الرجع نفسه:‎ 
Iring Fetscher, (1980), Bertott Brecht and Politics: in Betty Nancy Welber and Hubert Heinen (eds)Bertolt Brecht: Political 


انظر: 

Theory and Literary Practice, Athens: University of Georgia Press. 
Bertolt Brecht, (1977) The Messingkauf Diatogues, trans. John Willett, London: Methuen. 80.52 انظر:‎ 
Innes C. D. (1972) Piscator’s Political Theatre, Cambridge: Combridge Univ. Unin. Press, p. 192. انظر:‎ 
Edward Braun, (1977) The Director and The Stage. Milton Keynes: Open Univ. Press, p. 42. انظر:‎ 
2۰ 150 مرجع سابق:‎ 
۲. 145 المر. جم نفشه:‎ 


۲۲۰ ۱89 - 200 الرجم نفسه:‎ 
امه‌ناناه۳ 1 (1985) .8 ,مقاوط ممدط‎ Language of Film and The Avant - Garde Ann Arbor: ۲ Research Press. انظر:.45 .م‎ 


Sergei Eisenstien, (1949) Film Form, ed. and Trans. Jay Leyda, New York: Harcourt, Brace & World. pp. 65 - 66. انظر:‎ 
2.62 مرجع سابق:‎ 

انظر کتاب دانا بولانا 72.62 

Eisenstein p. 168 . انظر كتاب‎ 


Roland Barthes, (1977) Image Music Text, Trans. Stephen Heath. New York: Hill and Wang. p. 71. انظر:‎ 

انظر كتاب (1964) 160 .ص Willett‏ 

مازال مفهوم الأثر التغرييى موضع جدال . انظر مجلة 5:100١‏ العدد ١٠ء‏ وهو عدد خاص عن بريشت يعرض للتفسيرات الختلقة لمفهوم الأثر التغريى . 

Victor Shklovsky, (1965) Art as Technique, Lee T. Lemon and Marian J. Reis (eds), Russian Formalist Criticism: Four Es- انظر:‎ 
says, Lincoln: Univ. of Nebraska Press, ۰ 


مرجم سایق: 15 ۰۲۰ 

Frederic Jameson, (1972) The prison - House of Language. Princeton: Princeton Univ. Press, p.58. أنظر:‎ 
Sylvia Harvey, (1982) Whose Brecht? Memories for The Eighties: Screen 23, 45 - 69. انظر:‎ 
. Willett انظر: كتاب 34 .ص‎ 

مرجع سابق :201 .۲. 

Stephen Heath, (1974) ‘Lessons from Brecht :Screen ۰ pp 103-29. انظر:‎ 
۰۱۷۱6 0. 227 انظر: کتاب‎ 

Louis Althusser, (1969) For Marx, Trans, Ben Brewster, New York: Panthean. p. IS1. انظر:‎ 
Cart Gardner, (ed.) (1979) Media, Politics and Culture: A Socalist View, London: Macmillan pp. 5 - 6 انظر:‎ 


Janet Wolff, (1981) The Social Production of Art, London: Macmillan, PP. 93-94. انظر:‎ 
Steve Gooch, (1984) All Together Now: An Alternative View of Theatre and The Community, London: Methuen,p. 50. انظر:‎ 
انظر: کتاب 29128 97.م.‎ 


۰30۳ ترجم فکرة الساءلة التى تقوم بها الا بدیرلوچیا الی ألتوسیر. انظر کتابه ها‎ 
Claire Johnston, (1979) British Film Culture :in Carl Gardner (ed.) Media, politics and Culture: A Socialist View, London: انظر:‎ 
Macmillan, 81 - 7 


الرجع السابق: 86 .م, 
تطرح بولان هذه الملاقة فی کتابهاالسایق 





کرد 


۱۳۹ 


سسورزان بینیت 


(4) 
1 


(Er) 


10 


(fo) 


(4) 
(4¥) 
(EA) 
۹۱ 


(6۰) 
(o1) 
(o1) 
(or) 
(o4) 


(oo) 


(o0 
to¥) 
(2A) 
(04) 
(1) 
(1) 
00 
2 


O 
(19) 
225 


(¥) 


(A) 
۹ 


(¥) 


۱۶۰ 





انظر : كتاب /إعم13] 55 .م, 
أحدث مثال على ذلك هر Ellen spolsky, Ellen Schauber li‏ بعنوان: ۲6۵۴ ‘The Bounds of Interpretation: Linguistic Theory and Literary‏ 
Telt, Stanford: Stanford Univ. Press.‏ 
انظر : -ع0006 Susan R. Suleiman and Crosman, Inge {eds) (1980) The Reader in the Text: Essays on Audience and Interpretation,‏ 
ton: Princeton Univ, Press.‏ 
أنظر: مهل وز "دوتع امت Pratt. Mary Louise, “Interpretive Strategies / Siralegic Interpretation: on Anglo + American Reader + Response‏ 
athan Arac (ed.) Postmodernism and Politics, Minneapolis: University of Minnesota Press, pp. 26 - 4.‏ 
انظر: Sigmund Freud (1953 - 74) The Standard Edition of The Complete Psychological Works of Sigmund Freud, ed. James‏ 
Stratchey - 24 vols, London, Hogarth Press and The Institute of Psychoanalysis Volume 5. p. 263.‏ 
مرجع سابق :309 .0 ,7 :۷01. 
انظر: .182 Norman Holland, N. (1968) The Dynamics of Literary Response, New York: Oxford Univ. Press. p.‏ 
مرجع سابق: ۱85 .2 
Noran Holland N. "Unity Identity Text Self " in Jane P. Tompkins (ed.) Reader - Response Criticism, Baitimor: Johns Hopkins Uni-‏ 
versity, 1980, p. 122.‏ 


. ۳.124 مرجع سابق:‎ 
Interpretive Convention (1982: 24 - 30) بقدم «ميلرها نقسيما جبدا لأعمال هرلاند فی كتاب له بعنران:‎ 
Artaud Antonin, (1964) The Theatre and Its Double, Trans. Victor Corti, London: John Calder, 1981, pp. 70 - 1. انظر:‎ 
۲. 95 مرجع سابق؛‎ 
Jerzy Grotowski, (1968) Towards a Poor Theatre, ed. Eungenio Barba, London: Methuen, 1980, p. 40. انظر:‎ 
Christian Metz, (1976) The Fiction Film and Hts Spectator: A Metapsychological Study: New Literary History 8-1:75 - 105.۰: انظر‎ 
p.85. 
Stanley Fish. (1980) Is There A Text in This Class? Cambridge. Mass: Harvard Univ, Press. p. 91. انظر:‎ 
. P8. 107 - 9: مرجم سابق‎ 
.0. 171 الرجع نفسه:‎ 
The Times (1958) Review of the Birthday party, Hy Harold Pinter, The Times (20 Muy), 3. انظر:‎ 
The Times (1964) Review of the Birthday Party, By Harold Pinter, The Times (18 June), ۰ : انظر‎ 
Patris Pavis,{1982). Language of the Stage. New York: Uerforming Arts Journal. p. 103. انظر:‎ 
.۲. 104 مرجع سایق:‎ 


Wolfgang Iser (1981)' The Art of Failure The Stifled Laugh in Beckett's fhealre’. in Harry R. Garvin (ed.) Theories of :رطظil‎ 
Reading, Looking and Listening, Lewisburg: Bucknell Univ. Press, 138 - 89, 

مرجع سایق 158 .8 . , 

المرجع نفىه: 176 .۲. 

Hans Robert Jauss, (1982), Towards an Aesthetic of Reception. Trans. Tinwiky Balti, Minneapolis: Univ. of Minnesoty انظر: .20.م كوعم"]‎ 

كان مفهرم «الأنن» كما يذكر تاناا0؟! شائاً لدى المنظرين الألمان؛ فقد استخدم هذا المسطلح كل من جادامر رهوسرل رهايدجر وكذلك بر وانهايم 

وجرمبریش. 


مرجم سایق 
انظر : ۰ Hans Robert Jauss, (1979) Theses on the Transition from the Aesthetics of Literary Works 10 a Theory of Aesthetic‏ 


perience’ in Mario J. Valdes and Owen J. Miller (eds Interpretation of Narrative: Toronto University of Toronto Press p, 138. 
Janet Wolff, (1983) Aesthetics and the Sociology af Art, London: George Allen & Urwin, pp 35. 6. 





ع م 





جماليات التلقى 


و السرم" 





kok 
دنيئيس كالاندرا‎ 


1111لا :انا ك1 لاا پر ۱۱ 


إن المسرح هو فن المشاهدة والرؤيةء ويتجلى لنا ذلك 
فی الأصل اليونانى لكلمة «مسرح!؛ إذ تشتق هل 
الكلمة من فعل بمعنى «يرى» ؛ كما جسد اللوحات 
التى صورها المصورون اليونانيون القدماء فى القرن 
الخاس قبل الیلاد مدى اهتمامهم بطبيعة المشاهد 
وطيمة العرض بصفة عامة. تکمن السمة الجوهرية 
المميزة للفن المرحى فى الدينامية التى تشمل 
المشاركين فى أى حدث مسرحى ء سواء أولكك الذين 
يؤدون هذا الحدث أو أولئك الذين يتلقونه "“ جماعيا 


وفرديا » كل منهم بطريقته؛ باعتبارهم جميعا مشاهدين 





+ (هذا المقال هو الفصل الثانى من كناب بعنوان : اتجاهات جديا فى 
المسرحية رهر مجمرعة مقالات من (عداد «جولیان هیلتون» اذل هتال 
„(ton‏ 


۰ ترجمة سامح فکری مركز اللغات والترجمة - أكاديمية 
الفنون بالقاهرة. 





فعالين ومنتجين . إن كل من كتبوا عن نظرية التلقى» 
باتججاهائهم امختلفة التى تشراوح بين السيميوطيقا 
والتفكيك بكل الجاهاته ‏ یجمعهم اهتمام واحد ؛ رهو 
الدور الذى يلعبه المتلقى فى النسيج المعقد للفن باعتباره 
علامة تواصلية Pra communicative sign‏ ` وأكثر 
الامجاهات محافظة داخل نظرية التلقی تلك التی ترى 
التلقى أو القارئ أو الجمهور - فى حالتنا - مجرد عنصر 
هامشى ولكنه قادر على التفكير وفقا لقواعد محددة . 
وعلى طرف النفيض من هذا الاتجاه » مجد اتجاها يمنح 
التلقی حقه كاملا فى الاحتفاظ بذاتيته والتعبير 
عنها”. يقرر #باتريس بافيس» الحاجة إلى نظرية للتلقى 
وذلك بقوله: 

اليس هناك شك فى أنه لا يمكننا فهم نص 

العرض وعملية الإخراج الدرامى (التى تعتبر 


۱۱ 


دئينيس كسالاندرا 


نصا شارحا 3۹۵1۵۱۵«۱) الا فی ضوء الآليات 
الختلفة للتلقی (سواء کانت هذه الالیات 
إدراكية أو عاطفية أو إيديولوجية)!؟؟: 


لگن «بافیس؛ یتوقن عند هله الحقيقة › ولا يوضح 
لنا هذه الآليات بالتفصيل. ويشير بافيس ‏ مثله فى ذلك 
مثل كثير من منظرى نظرية التلقى - إلى كتابات هائز 
ليد Hans Rober Jus‏ › وخصوصا مفهوم 
التوقعات»؛ Horizon of Expectations‏ الذى 
ن عناصر عملية نلقی الوضوع 


روبرت ياوس 
«أفظظق ال 
طرحه یاوس عنصرا من 
الأدبى 

ولعل ظهور فكرة «أفق التوقعات؛ ‏ التى لا ترجع فى 
الأصل إلى ياوس كان بمشابة محاولة من نقاد 
الستینیات لانعاش التاريخ الادبی . واتشير هذه الفكرة 
فى الأساس إلى نسق أو بنية التوقعات الذاتية أو نسق 
الأطر المرجعية التى يأتى بها القارئ عند تعامله مع أى 
نص) ۰۲ لقد اهتم ياوس بتتبع العمليات الوسيطة بين 
الأوليات أو المنطلقات الخاصة للموضوع الأدبى 
"he Object's Private Inception‏ والتلقى العام لهذه 
الأوليات. 

وإذا تحدثنا عن المسرح بتعدديته النصية المعمّدة ۳۵۱۲ 
textuality*‏ جد أن مفهوم «الأوليات الخاصة لللص »یلزم 
تعديله بطريقة ما حتى يلقى لنا الضوء على مجموعة 
العوامل التى تدخل فى عمليتى الإبداع والتلقى . توجد 
آناق خاصة بالنص (مرتبطة بلحظة إبداعه الخاصة) 
وآفاق خاصة بالقارئ (تتعدل هذه الآفاق وتتحول فى 
عمليات متبادلة وبتتابع تاریخی دینامی) . لقد اهتم 
ياوس فى مرحلته المبكرة بالعلاقة المباشرة والسببية بين 


المقصود بالتعددية النصية للمسرح هر مجموعة النصوص النى يطرحها 

العمل السرحی الواحد - باعتباره عملا ایداعیا ممقدا - متمثلة فی اللص 
المكترب للمؤلف ثم النص الشارح Metatext‏ الذى تم انخرج ثم النص 
كما يتلقاه المتفرج. [المترجم] 


۱:۲ 





الماضى والحاضر ؛ الشىئ الذى يشير إلى منابعه الفكرية 
المتأثرة بالهرمنيوطيتًا * * . 

وقد رأى ياوس دلالة المزج والتداخل بين هذه الآفاق 
(التی تنطوی علی معاییر ومعرفة معينة بالحياة والفن) 
إذ ينتج عن هذا المزج تغيرا وتعديلا فى معايير القارئ 
الاجتماعية والجمالية". ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى عدم 
ثبات «نص العرض» وتلاشيه» وذلك عدا بعض مكوناته 
التى يمكن إعادة تقديمها بشكل آلى ؛ إلا أننا جد فى 
التراث غير الأوروبى إمكان الاحتفاظ بعناصر «نص 
العرض» فى الوعى الإنسانى ‏ وهنا لا ینطبق مقیاس تغیر 
المعايير الذى طرحه ياوس . وعلينا هنا أن نتخيل المشكلة 
التى يواجهها الممثل عندما يقوم بأداء دور واحد لأكثر 
من مرة . وفى هذا السياق » نزعم بأن ملامح الادوار 
الشكسبيرية التى أداها «جيلجد لناهاء1©,*** أسهمت 
نی تصور «[ٍدوارد بونده 3000 عن شخصية شکسبیر 
كما قدمها نی مسرحية (بنجو 180ظ) ) ۲۳۳۶ الع 
الذى أثر بالطبع على طريقة أداء «جيلجده لهذه 
الشخصية عندما أسندت إليه. ولكن كيف لنا تسجيل 
ذلك والتدليل على مصداقه: وذلك ضمن تصور كامل 
لتاريخ نص العرض؟ 

يسف بول دی مان ٥8 M0‏ 1ا۴۵ تصور ياوس 
عن التاريخ الأدبى بقوله: «إنه عملية إحلال تجاورى 


۰ نتمثل هذه العلاقة بين الماضى والحاضر فى 'اهتمامات الهرمتيوطيقًا 
(علم فهم وتأوبل النصوص) فى أطرارها الأولى » حين سعى هذا 
العلم إلى استعادة 6631031100 المعانى الكامنة فى النصوص 
القديمة » كالكتاب المقدس» وفهمها فى مياق الحاضر [المترجم]. 

٭ ٭+ * _ جون جبلجد ایاه:1) 1010 هر تمثل ومخرج إتجليزى نلقى تعليمه 
المسرحى فى الأكاديمية اللكية لفنون الدراما؛ وبعد تخرجه » سرعان 
مابرز برصفه مشلا كلاسيكيا واحداً إذ اشتهر بأدائه الشخصيات 
الشكسبيرية؛ وتلك على مسرح «الأولدنيك» 0۱۵۷[6» فضلا عن 
اشتهار؛ ۾ بأداء آدرار اخری على رأسها دور «جون وبرزینج؟ John‏ 
yû Worthing‏ مسرحية رابلد أهمية أن تكرن إرنست (المترجم]. 

+ * ۰+ صدرت ترجمة هذه السرحية عن الدورة الخامسة لهرجان السرح 
آلتجریی نت عنران: بنجو: مشاهد عن الال واطوت. وقام بالترجمة 
محسن مصیلحی (الترجم] 1 








211 داخل نسق متزامن » تتحول عند التلقى 
إلى نماذج مكثفة فى نسق زمني متتابم» إننا عندما 
تنظر إلى العرض فى إطار مجاله الأدائى الرحب (بما فى 
ذلك الأنماط الأدائية السلوكية والاجتماعية )؛ فان 
ند رکه حینگذ ف شكل متسلسل له دلالته: إن العرض 
فى إطار هذه النظرة یتسم بالدينامية والحركة المستمرة فى 
ياوس فى مرحلته الأخميرة إلى تاريخ الخبرة الجمالية مع 
إعادة تقييم اللذة الجمالية التی اشتملت علی «التلقی؛ 
من حيث هو واحد فقط من أنماطها الثلاثة. 

إننا عندما نتعامل مع «الحدث السرحی؟ بتعدديته 
النصية ؛ نتعامل هنا مع ما يتجاوز مجموعة العناصر 
العزامنة التی ترتبط به مثل شکل الوسم المسرحى » 
واجال الاعلامی القائم 1 والسياق الثقافى الاجتماعی 
والتدرییات السرحية» وغيرها. إن هذه العناصر تتداخخل 
(فی حالة وجود نصرص مسرحية مکتوبة) مع تاريخ 
النص الكتوب ¢ وتاریخ الادوار؛ والمؤدين» وكذلك 
التاريخ الاعراجی للنص (هل یتبنی الاخراج قراءة «نتفق 
وطبيعة » النص أم تتناقض معه؟) » هذا فضلا عن تاريخ 
المؤسسة المسرحية؛ ومعايير وتقاليد المؤدين» سواء كانت 
هذه المعايير تتلاقى مع المعايير امجتمعية أو تصطدم بها. 
وهكذا - كما هو ملاحظ ‏ تطول هذه القائمة لتشمل 
عناصر أخرى كثيرة. فضلاً عن ذلك » یطرح «بافیس» 
فی نهاية کتابه (لغات خشبة السرح) * أستلة لها 
دلالتها بخصوص التلقی وا کتشاف» یداع التفرج 2 
واقناعه بلامحدودية الابدا ع والذانية والنسبية . إن محور 
اهتمام بافیس - بوصفه متخصصا فی السيميولوجيا ب 
يتمثل فی تعدد القراءات والدينامية التى یتسم بها 
العرض ٠‏ وفى هذا السياق يشير بافيس كثيراً إلى مفهرم 
بارت عن «متخصص السيميولوجيا باعتباره فناناً 
مستترأ (4). 


* صدرت ترجمة هذا الكتاب عن الدورة الرابعة لمهرجان المسرح التجربيى» 
وقام بها أحمد عبد الفتاح [المترجم] . 


جمالیات التلقی والسرج 


لد انشغل «بارت» فی کتابه (عناصر السیمیولوچیا) 
Elements of Semiology‏ بإمكان إعادة اكتشاف دلالة 
شئ لم نستوعب دلالته فيما سبق» وضرب مثالا بانية تم 
صنعها بطريقة غاية فى الارتجال؛ ولكنها فى الوقت ذانه 
ليس لها مشيل فى أى نموذج قائم . إن الكلمة 
امحورية هنا هى كلمة «الارتجال المطلق) الذى وإن 
كان يصعب خقيقه تماما فى الواقع » لكن هذا 
لايحول دون المحاولات العديدة من جانب المسرحيين 

إن سعى بارت لاستكشاف «بنية؛ المعنى أدى به إلى 
الغوص فى دروب السيميولوجيا متجاوزا إياها ‏ فى 
محاولة منه لتحدید وبلورة مفهرم «القارئ» الذى سعى 
منظرو نظرية التلقى الالمان إلى مخديده. ويشير ياوس إلى 
أن الكثير من المفاهيم المسرحية أثر على بارت بشكل 
مباشر أو غير مباشر). من بين تلك المفاهيم التى 
أخذها بارت عن بريشت (الذى يعد مصدراً لكثير من 
المفاهيم المسرحية التى أخذها عنه بارت) هو مفهوم 
«اللذة» ۳۱6۵5۳۲۶ . لقد کان بارت يسعى إلى علم 
جمال يرتكز بشكل كامل على متعة المتلقى أيا كانت 
ماهيته» أو الطبقة » أو الجماعة التى ينتمى إليها » وذلك 
دون اعتبار للغة أو الثقافة ٠‏ , 

يقعبس ياوس عن فرويد قوله بأن «اللذة الجمالية 
الخالصة تعمل كحافز يولد لذة أخرى اکثر عمقاً تصدر 
عن أغوار أعمق فى النفس البشرية؛ 2١١7‏ ؛ وتنطوى هذه 
اللذة الجمالية على تلاشی ذلك «التباعدة Distanciation‏ 
الذى يفصل بین التلقی والذوات الاخری الختربة عنه» 
وذلك لأن اللذة الذاتية أو الاستمتاع الشخصى ترتبط 
بالضرورة بالاستمتاع بما هو اخر . ومن هنا » تتضح لنا 
العلاقة بين الفعل الالمانى من كلمة لذة معدوعامء© 
الذى ينطوى على معنيين : «المشاركة والملاءمة» 
اه وذلك العصوازن بین العفكير الذاتى 
الخالص والمشاركة؛ بوصفه محاولة لفهم الذات 


۱:۳ 


دنینیس کالاندرا ر جه ل ج سس ج ص ا ےا 9 


من خلال الآحر من جهة » ريين المسرح من جهة 
أخرى. ولعل سحر المسرح وفتنته يتمثلان فى الحضور 
الدائم لذلك الآخر» سواء على المستوى الخارجى 
أو حتى على المستوى النفسى الداخلى . ولذلك» فإننا 
فی السرح (بوصفنا متفرجین) نقوم بأحد دورين أو 
بكليهما معا: فإما أن ينظر ذلك الآخر إلى دواخلنا 
فاحصاً أعماقها وسابراً أغوارهاء أو نتولى نحن فحص 
ذواتنا بأنفسنا. 

يشير ياوس ضمن أحد تعليقاته على ايخ 
ار إلى المسرحيات الدينبة التى ظهرت فى العصور 
الوسطى باعتبارها مشا على اللسذة 
الجحمالية المباشرة » زاعماً فى ذلك بأن القديس 
أغسطين نفسه (ودون تنبه منه) أكد قوة اللذة الجمالية 
عندما قال: 

«على مداهد المسرحية الدبنية أن يتجاوز 

مجرد الاستمتاع التأملى بالمسرحية.. فهو 

لیس مجرد متفرج تفصله عن الخشبة ستارة! 

ولذا فعليه أن یجعل نفسه جزءا من الفعل 

0» ٠...یماردلا‎ 

ويعتبر هذا بداية 8 الخبرة الجمالية؛ فمن خلال 

هذه السرحیات الدينية كان يتسنى للمتفرج أن يستدخل 
ويتمثل المفاهيم الدينية لمبافيزيفية أثناء لتلقى النفسى 


والعاطفى للعرض 192 , 
سأتناول فى هذا الفصل شين مب فیما 
يتعلق , «بالأحداث المسرحية ): الجمهمر ور الأول هو طاقم 


العمل نفسه أو أ ید باه واي یرس وخلقها 
نصوصا أخرى ؛ سواء فى العدريبات المسرحية أو فى 
العرض نفسه . يتمثل الجمهر 
المتفرجين داخل المسرح ح الذين قد يسعون بدورهم وراء 


القراءات الأولية (للجمهور الأرل)» وذلك من خلال 


ور الثانی فی مجموعة 


۱: 


1حلقات تأويلية) * hermeneutic circles‏ تودی ب بهم إلى 
تشکیل مایسعون ور اءه بما فی ذلك ذواتهم»( کما ۷ 
يفوتنا هنا دور الناقد الذى يشارك فى هذا السعى وراء 


. المعنى)‎ ٠ 


يستعرض ياوس ثلاثة أنماط من اللذة الجمالية هى: 
«الخلق أو Poiesiseg Ijl‏ , و«الإدراك الحسى» -205106 
واه و«التطهیره 600275 وتکمن اللذة الجمالية باللسبة 
إلى الدمط الأول فى صباغة العالم كما لو كان عملا 
خاصاً؛ أما الدمط الغانى فتكمن لذته الجمالية فى 

يد إدراك المرء للواقع الخارجی والداخلی» ؛ أما اللذة 
الجمالية للنمط الثالك فتكمن فى «القدرة على تغيير 
وتخرير ذهن المستمع والمتفرج 19(6), كما يشير ياوس إلى 
أن اللذة الجمالية الإدراكية 5زوعطادعه تؤدى إلى اللذة 
الجمالية الابداعية +او۳0(6 ۰ یصف اهربرت بلوه -۲167 
۸ :نا (وهو مخرج مسرحى) مجمل النشاط الأدائى 
لفرقته المسرحية بقوله : (إنه فعل إدراكى جماعى 
متحول» ؛ کنما پشیم ر إلى «فکرة الشاهده) Watching‏ 
باعتبارها ومثالا لموة توليدية فاعلة فى الاداء). 


ينسنى لنا من خلالها 


لعل الطريقة الوحيدة التى 


۰ دراسة الجمهور رفي قري بارا ا 


بای دی وت با لأنشطة فرقته 
ومارساتها .)'١(‏ وسينحصر محور ت ركيزى فيما أسميته 


امم 

» أرل من استخدم هذا اللصطلح هر الفيلسرف الألمانى فيلهلم ديلتاى 12 
1 وذلك ضمن محاولائه التى سبفتها محاوا لات 
ثایر مار - لامتحدات علم لمهم وتاوبل التصوص (الهرمنیوطیقا) ! وعنی 
هذا المصطلح ‏ كما طرحه ديلتاى ‏ أن تهم النص بد 

ی فی سجمله ۱0۷۱1۱ رى اجزائه. إلا أن هذا 











جدلية دينامي: بین انعر 





السطلم اكعسب حدیلا علی ید بول ریکور ر معبى جديدا ! 
البة بین رالماسفةه امتامت ۱3۱2۱ القائمة 





#ریکور Ricoeur o,‏ العلاقة 








القارئ من جهة» وبين - املاع 0 
lion‏ او التخصیص الذى ببفه القارئ على !لن 
الخاص له. لزيد من التفصيل اجا ل الفاری إلى الصا لى السادس من هذا 
الكتاب (المترجما. 


النص فى إطار فراءنه وفهمه 


ااا سس سسسب سس جمالیات التلقی والسرح: 


«الرئية المدركة و «إدراك الرؤية» ممناتموه عملءءق, 
وذلك مع الت ركيز علی السرح باعتباره فا یمتمد على 
. الادراك الحسی 
فى حاجة إلى إعادة النظر فى تاريخ الممارسة الجمالية 
كما طرحها ياوس ؛ خصوصاً فيما يتعلق بالمسرح » 
وذلك بشكل تاريخى بقدر الإمكان. فضلا عن دئك 
فإنى أرى الحاجة إلى الربط بين إجراءات التدريسات 
السرحية ونظرية التمثیل وإيديولوجية الجمهور الأول من 
جهة؛ وتصورات الجمهور الثانى عن كل هذه الأشياء 
من جهة أخرى؛ على أن يتم هذا الربط فى إطار المعابير 
الاجتماعية والثقافية. يشير ياوس فى هذا السياق إلى 


ع0 نزرودهع5. إننا ‏ فيما أرى 2 


جهود بروست" اکلا0:ظ التی فعحت افافاً فنية جدیدة» 
كما لا يفوتنا أن نذكر من سبقوا بروست؛ وعلی رأسهم 
بودلير* * . لكن كيف لهذا كله أن يرتبط بمسرح القرن 
العشرین فی شکله التنظیری والتطبیقی؟ فعلی سبیل 
المخال» كيف يرتبط ذلك بمفاهيم مسرحية مثل مفهرم 
«الذاكرة؛ عند ستانسلافسكى مثلاً ؟ لعلنا جد الإجابة 
ف ما طرحه بريشت فى کتبه ومقالاته النظرية » فالتوجه 
الفلسفى الواضح عند بريشت يساعده كثيراً ولا يعوق 
جهوده العملية. ويؤكد بلو العلاقة ذاتها بين الممارسة 
العملية والرؤية الإيديولوجية أو النظرية الواضحة () » 
. وهنا يتتضح نا شمول الایدیولوجیا الذی يحتوى مفهوم 


#التلقی4» ولیس العکس. 


»يشير الكاتب هنا إلى جهرد بروست فيما يتعلق بلذة الإدراك الحسى» فقد 
طرح بروسث ما أسماه «الذاكرة الحسية اللاإرادية معمهنطندع* التى 
تعنى ثراكمًا من الذكرياث الحسية فى اللاوعى يظهر فى حيز الوعى 
عندما توضع الشخصية فى مواقف معيئة يتكرر فيها حدث معين؛ ولعل 
رائعة بروست البحث عن الزمن الفقود تمد تطبیفاً عملیاً لهذا الفهرم 
[الترجم . 

* * اهتم 57 بظاهرة التناظر و الشرافق ع0۳:۳52080206) بین الد رکات 
الحسية الختلفة؛ ولم بهتم ك (بروست) بالتتبع الزمنی لهذه الد رکات 
ومحارلة فهم وتخديد مصادرها الأرلى فى التاريخ الذائى للمبدع 
[الترجم؟ . 


بری یارس آن النمط الشالث للنذة الجمالية؛ رهر 
«التطهیره » یمثل انفتاحا لذات التلقی على خیرات 
الآخرء وذلك فی حالة تقدیم حکم (جماعی یتطلبه 
العمل الفنى» أو فى حالة الاخاد و معايير هذا العمل 
وهى لاتزال فى طور التشكل ۰۲۱۷ بعضح لناء فى ضوء 
ماي ذكره ياوس» أنه يمكن دراسة جماليات التلقى فى 
السرح من خلال مجموعات منفصلة لها إيديولوجياتها 
احددة بشکل واع. 


ويتطلب هذا منا الإجابة عن هذا السؤال: كيف تؤثر 
المشاهدة المنتجة على هذه المجموعات ذات السمات 
المحددة؛ التى تتعلق بالطبقة الاجتماعية والجنس» 
والقناعات السياسية. والجدير بالذكر أن انتقاء هذه 
امجموعات سيساعد على إمخاح دراستنا لوظيفة التشكيل 
الاجتماعى للذة الجمالية» وذلك فى ارتباطها بما هر 
مدرك وماهو ناح لهذا الادراك. وللمرء هنا آن یتأمل 
فكرة التحرر من شئ ما فى الفن لأجل شئ آخر فى 
ئ (حسب تعبیر یاوس) فی ارتباطها بجاذيية اللعب 
نحر والارتجال؛ والفرصة التی یتیجها السرح عموماً 
59 الطريق على مايسميه ياوس 9« تحجيم الوعى؟ . 
كيف ينطبق ذلك على الأشكال الاجتماعية الأحرى 
للتحرر؟ 
لعله من الناسب - فی هذا السیاق - آن نلقی الضوء 
علی الكيفية التی تم بها (عداد مسرحية مثل مسرحية 
(موت سیزوی بانسی 600 وا نت9 ز«تن8) التی شارك 
فى إعدادها كل من جون کانی ۵0 1010» وونستون 
ناتشونا 500۴۵ ۱۷۱25۱00 مع آتول فوجارد -50۵] ۸۱0۱ 


2 


0 ودذلك فی منتصف السبعینیات 

يضع هذا العمل المسرحى فى بؤرة تركيزه مجموعة 
من المتغيرات التى يصعب وصفها ودراستها بشكل كاف 
فى هذا القال» مثل: عملية التطبيع الاجتماعی» 
رالقناع» والدوره ول وية. لد هدف فوجارد - هو 
ومجموعة الممثلين الذين شاركوه العمل إلى (استثارة 


م1 





دنینیس کللاندرا ۱ 


ردود أفعال تتعلق بمجريات الأمور فى جنوب 
أفريقيا»*21' كما كان الهدف أيضاً هو إيجاد نوع من 
الجدل بين أوهام الهوية من جهة: والوجود 
الاجتماعی للفرد من جهة آخری» وذلك من خلال 
اللعب الحر. 

إن هذه المسرحية لها خصوصيتها فيما يتعلق بطريقة 
إخراجهاء وطريقة إدراكها وفاعليتها الاجتماعية؛ الشئ 
الذى قد لا ينطبق بالضرورة على غيرها من العررض. 
يعد أى عمل فنى يسعى القائمون به إلى استكشاف” 
الإيديولوجيا واستكشاف الآليات الداخلية والخارجية التى 


تعمل على تثبيت السلطة الاجتماعية مجالاً خصباً ‏ 


للدراسة والبحث . ولكى يستوفى هذا العمل حقه من 
الدراسة» لابد من البحث فى تفاصيل البروفات المسرحية 
الخاصة بهذا العمل ومقارنتها بما سبقها من ابروفات) » 
وبنظريات التمثيل بصفة عامة. يكتب ياوس عن «القدرة 
على اكتشاف الحقيقة فى ارتباطها بخبرة تم اكتسابها 
لاإرادياً ولايمكن استيعابها من خلال الذكاء 
العادى)”'"". وهنا يشير ياوس مرة أخرى إلى بروست. 
وإذا تأملنا هذه المقولة بالارتباط مع المسرح نتساءل: هل 
يمكن للارججال أن يكون أصيلا دون الاعتماد على هذه 
الذاكرة الحسية اللاإرادية؟ وما الموضوعات التى يمكن 
أن يتناولها الار جال ريبرزها إذا تم الت ركيز فى الذاكرة 
الحسية على الذكريات المتعلقة بالجنسء والطبيقة 
الاجتماعية» وغيرها من المحددات الأخرى للشخصية؟ 
وعلى هذا الأساس» فإنى أرى أن نظرية التلقى الجديرة 
باهتمامنا هى تلك التى تعتمد على الخاص والذاتى؛ أى 
القراءات الفردية للعمل الفنى. من بين أشكال الجدل 
التى أثيرت بين منظرى التلقى ٩۳۱‏ هی «حدود ومعاییر 
التلقى؛ فيما يختص بالأدب؛ وأرئ أن هذا الجدل 
يمكن أن يحسمه العمل المسرحى. هل ماتراه فى المسرح 
هو مانريد نحن فعلآً أن نراه بكامل حريتناء أم أن 
الظروف امحيطة هى التى تفرض علينا مانراه وكيف نراه؟ 


۱:۹ 





إن الأمرين يحدثان لناء ولكن كيف يمكن أن نرى 
الخط الفاصل بينهما؟ هنا يتذكر المرء تعليق بريشت 
على الممثلة التى كانت تؤدى دور رجل والتى جعلتنا 
ندرك أن الكثير من الصفات التى نعدها صفات إنسانية 
عامة ارتبطت أكثر بالرجل» 9" , 

ویکتب شیشنر 56۳66006۲ عن السرح من حيث هو 
مکان نقوم فیه بفحص وفهم العادات الجديدة فی 
ارتباطها بالأْنماط القديمة ۰۲۳۳۱ کما آشار هاینز موللر 
فى كثير من المواقف إلى السرح باعتباره «معملاً للخیال 
الاجتماعى» ". وكما ثبتنا متغير الإيديولوجيا عند 
دراسة «الجمهرر الأول٠؛‏ يراعى ذلك عند دراسة العمل 
السرحى فى شكله الذى أخرج به وشكله الذى أدرك 
به: كما ينبغى توجيه النظر إلى مدى تباين هذا الإدراك 
أومدى تشابهه عند الرجل والمرأة» البيض والرنوج» الطبقة 
العاملة والطبقة المتوسطة. وكثيراً ماعبر بريشت عن إمكان 
التجريب على جمهور ذى سمات إيديولوجية واحدة» 
ويمكن لنا الآن على المستوى العملى تطبيق ذلك» 
ودراسة ردود الأفعال التى يستشيرها العرض فى هذه 
الحالة. 

لقد کتبت عن الأساس الجمالی (حصوصاً استخدام ۱ 
اللعب الحر) لدی کانبین مسرحيين ألمانيين هما فرانز 
زافر کر وتیز 16۲06۲2 250۷6۲ ۲0۳2" و بیترهاند که ۳۵۱6۲ 
۰+ و كيفية تلقی مسرحیانهما آثناء انتخابات عام 
۰ فى ألمانيا 19 , 

عندما تؤثر اللحظة التاريخية (كمًا فى حالة هذين 
الكاتبين) أو الظروف الاجتماعية (فى حالة مسرحية 
اأتول فوجارد؛) تصبح الملاحظة والمقارنة أكثر مخديدا 
ودقة. وفى هذه الحالة تصبح للمعادلة الشلاثية التى 
طرحها ياوس (الخلق» والادراك الحسی» والتطهیر) أساساً 
لدى المؤدين والجمهور. إذا نظرنا إلى مسرحيات كروتيز 
التی قدمها عام ۰۱۹۸۰ سنجد آله جعل من الجدل 





السیاسی آنذاك جزءاً محوريا من تلك المسرحيات» 
مستخدماً من خلال ذلك اللعب الحر. لقد كان 
الجمهور يشاهد مع الممثلين فوق الخشبة التليفزيون وهو 
يعرض أحداث الانتخابات والمناظرات» ولوحظت ردود 
أفعال الجمهور إزاء بعض العبارات المذاعة» وتباينت ردود 
الأفعال تلك» وكانت رليدة اللحظة. 


وكان من الواضح اعتماد كورتيز على مفهوم التحول 
من «الإدراك الحسى» إلى (الخلق؛ واست‌خدامه هذا 
المفهوم بشكل واع. لكن علينا أن نلاحظ أن التوجه 
الإيديولوجى عند كورتيز حدد له شكل ونوعية «التطهير؛ 
الذى بريد إحدائه فى جمهوزه؛ على النقيض من ذلك 
مد «هاندکه» - وقد جعل من «اللعب الحره غاية فى 
حد ذاته - يعرض الأمور أمامك تاركاً لك الحرية فى 
صياغة وتشكيل هاتريده. 

إن تقديم العمل الفنى فى بيعات ثقافية مختلفة» 
والتباین فی استجابات الجمهور نتيجة لذلك» یفتحان 
أمامنا مجالات بحث جديرة بالاهتمام. لعل أهم التجارب 
فى هذا الشأن ماقام به فنانان ألمانيان من إخراج مسرحية 
«موللر؛ (الية هاملت) فى جامعة ساوث فلوريدا 
بالولايات المتحدة باستخدام ممثلين أمريكيين. وكان على 
رأس اهتماماتهم مدى الاختلاف فى استجابات الجمهور 
إزاء هذا النص فى كل من الولايات المتحدة وألمانيا. ظهر 
الاحتلاف الكبير - على حد قولهم ‏ فى رغبة الجمهور 
الأمريكى فى التعامل مع النص على أنه نص كوميدى. 
أما فى ميونخ - طبقاً لملاحظات هذين الفنانين ‏ فلم 
يضحك الجمهور على أكثرسطور النص إضحاكاً 9" . 
وقد تبدو هذه الملاحظة هن قبل هذين الفتانين غير ذات 
قيمة» ولكننى أرى أن دراسة التلقى رردود أفعال 
الجمهور تستلزم التنبه إلى مثل هذه اتتفاصيل 
والملاحظات البسيطة. ولعله لايخفى على القارئ أن ردود 
أفعال الجمهرر لاتعزى فقط إلى طبيعة هذا الجمهورء 


جمالیات التلقی والسرح 


بل يُمكن أن تعزئ أيضاً إلى طبيعة النص؛ فهناك بعض 
النصوص أقدر من غيرها على إثارة أسعلة لها فعاليتهاء 
وهكذا تبدو لنا الحاجة إلى دراسة قضية أخرى وهى 
قضية تقديم النص المسرحى المناسب 506106 فى بيقة ' 
ثقافية مناسبة. 
هناك نوع آخر من الدرامة - هوالذى يستمد مقولاته 
من الممارسة ‏ يمكن أن يتم من خلال تناول نص 
مسرحي إبحائى؛ وقد قمت شخصياً بإخراج نص بهذا 
الشکل؛ وهو مسرحية مايكل كيربى المسماة (التحليل 
الضوئى وأسزاهموواوطط) 27 » ويبحث كيربى فى كتابه 
(فن الزمن (The Art of Time‏ عام ۹ عن نظرية 
ماعرف بعد ذلك بالسرح الجدید 1۳621۳6 ۱۷۵۷ 116 : 
وتستدعی أطروحاته الخاصة بتغیر الادراك وتغیر الوعی 
بالفن» وعلاقة ذلك «بجماليات الکان» و «جمالیات 
الزمن٠»‏ أطروحة ياوس عن «أفق التوقعات» 2"4. يصف 
نویل کارول 02701 ۸٥٤1‏ عرض (التحلیل الضوئی) 
بقوله: 
یشغل فضاء السرح ثلاث شاشات تواجه 
الجمهور. آمام الشاشة الوسطی یوجد مببر 
لقراءة الکتاب القدس» کما توجد مقاعد 
آمام الشاشتین الیمنی والیسری. تعرض کل 
شاشة شیماً مختلفاًء کما بوجد بجانب کل 
شاشة ممثلون يتحدثون حالما تبدأ كل شاشة 
فى تقديم عروضها. تقدم الشاشة الوسطى 
محاضرة عن «علم التحليل الضوئى» - وهی 
مزیج من العلوسات العامة التى يوظفها 
کیرپی بطريقة ساخرة. علی الیسار مکی لنا 
أرملة عن قصة انتحار زوجها كارل وبجانبها 
توجد مجموعة من الأصدقاء الذين يعبرون 
عن اعتقاداتهم بأن «كارل» لم يمت. وعلى 


۱:۷ 


دنینیس کللاندرا 


الشاشة الیمنی کی لنا شخصيء نسالية 
أخرى عن علاقتها بشاب ٠كوبى!‏ الأصل 
یدعی«آمی» یتضنح لنا أنه متورط فى بعض 
الأحداث السياسية والإرهابية. وعلى 
الشاشة نفسها نرى شخصية باسم 
«كارلوس» يتم اغتيالها. وعلى مدار 
اسار تفر يعاد أن يكون 
«كارلوس»؛ هذا هو الشخصية ذاتها 
التى تتحدث عنها الأرملة على الشاشة 
الیسری»(۲۲۹. 

لقد أشار أحد المتفرجين فى العرض الأول لهذه 
السرحية - الذى أخخرجه كيربى - إلى فتور «التمثيل 
والحيز البسيط الذى يأخذه؛» وقد رأى هذا المتفرج أن 
ذلك قد يكون مقصوداً من المخرج لتركيز الانتباه أكثر 
علی العروض التی نقدمها الشاشات الثلاث! ۰۳۳۰ لقد 
أخرجت هذه المسرحية بعد ورشة عمل بنيوية -لااءناةا5 
اونلنت, آعدها احد الهتمین بالسرح الایحائی. ولذا» 
فمن الصحيح تماما وصف عرض «التحليل الضوئى؛ 
بأنه حول الشكل إلى معنى. وقد سمحت بساطة هذا 
النص بتعديل عناصر العرض» كما سمحت بمتابعة ردود 
أفعال الجمهور ومظاهر تلقیه للنص. عندما شاهدت هذا 
العرض وجدت المثلات یلقین بموئولوجانهن بطریقة 
طبيعية» وتصطبغ بالعاطفة» الشئ الذى أيعدها تماماً 
عن الفتور. ويئير هذا السؤال التالى: هل تختلف 
فاعلية التفرجین ال للعرض باختالاف 
«کیف)؟ ب يعم التمثيل؟ هب تسمح د رجة القدرة 
التعبيرية الكامنة فى التمثيل ریاد ا الجمهور مع 
العرض وملء فراغاته» حستى عندما يكرن المحتوى 
«مشوشا» ؟ 

وشیر عرض (التحلیل الضوئی) بشکله هذا سلسلة 
من الأسعلة انجديرة بالاهتمام» مثل: كيف يمكن 
للجمپور تفسیر وجود احاضر ای یلقی محاضرته 
السخيفة عن «التحلیل الضوئی» علی الشاشة الوسطی ؟ 


2 


8A 


هل هناك دلالة ما فى وجرد الرأة «الراديكالية٠‏ على 
اليمين أو اليسار اعتماداً على المنظور الذى نرى من 
خلاله العرض؟ هل يعد من الخطأ أو من قبیل القراءة 
الخاطئة التركيز على المحترى دون غيره من عناصر 
العرض ؟ 

وتكمن أهمية هذا العمل التجريبى فى أن نصه 
المكتوب تم وضعه فی مناخ یعتمد علی التلقی. وقد 
وجدت شخصیاً ردود أفعال متباينة ازاء السرحیة؛ فقد 
انزعج بعض الناس من الغموض الذى يكتنف المسرحية» 
ووجد البعض الآخر سعادة فى مجميع خيوط القصة 
والربط بين أجزائها؛ بينما لم نلتفت مجموعة ثالثة 
إلا إلى النكات المتضمنة فى العرض على حساب تجاهل 
لقيمة الفنية له. وقد نصادف أن أرسلت إلى كيربى منذ 
سابيع عدة لأسأله عما إذا كان لديه منهج محدد فى 
ذهنه بالنسبة إلى طريقة أداء الممثلين فى هذا 
العرض, فأجابنی بقوله: لقد أردت فعلا أن تخرج 
المسرحية طبقا لمنهج إخراجى معين لكن ذلك لم 


تخد 


1 
ل 


لقد حاولت؛ فى هذا الفصلء أن أقدم مجموعة 
اقتراحات لدراسات مبدئية نفيد من الأفكار الرئيسية 
لياوس» خخصوصا أطروحاته الأخخيرة. يقترب ماذكره ياوس 
فى أحد اللقاءات الأخيرة مغْه من أفكار ومارسات كثير 

من المسرحيين"". لقد اهم ياوس أخيراً بما أسماه 
«الفراغات ال الصالحة للعب؛ ۳۱۵۷ ۲۵۲ جععدع5؛ وكيفية 
ملء هذه الفراغات بطريقة ذات دلالة؛ كما يهتم أيضا 
بالئربية الجمالية وكيفية استخدامها بوصفها مصدراً 
لإمداد الإنسان «باللعب الحرة أمام کل ماهو حتمی 
رلاإرادى. إن حرية اللعب هى مبدأ جوهرى فى المسرح؛ 
ومن هنا يمكننا أن نعتبر أن التاريخ الجمالى - كما 
بطرحه یاوس - بساعدنا على فهم واستيعاب هذا المبدأ 
بشكل واضح. 


م 





ا التلفى والملسرح 





هوامش المؤلف 

)١(‏ بعد كتاب: روبرت هولاب ۲۲۵۱۵ ۰) ۲۹۵۵۵۲ السمی نظرية التلقی (New York 1984) Receptior Theory‏ أنضل مدخل لوضوع جمالیات التلقی. 

(۲) انظر:کتاب رومان پاکوبسون (۱960) ۴٥۴٤5‏ 4مھ icsایuiع«‏ ا رمقال بارس History as a Challenge To Literary ili‏ ضوع الآ المتشور في كتاب 
Towards an Aesthetic of ReceptionTheory‏ 

Aesthetic Experience and Literary Hermeneutics jl انظر: کتاب‎ )۳( 

(5) انظر: مقال باتريس بافيس بعنوان «نحو سيميولوجبا للإخراج؟ النشور فى كتابه لغات خشبة المسرح. 

(۵) مرجم سابق. 

Reception Theory p.5, îja (7) 

() مرجم سابق 163۷ ۲۰ 

(۸) مرجع سايق ۳.154 

)4( مرجع سابق 5.6 

(۱۰) مرجع سابق 8.154 

Aesthetic Experience p.33 انظر: یاوس‎ )( 

( مرجم سابق 101 .۴ 

(۱۳ مرجم سابق ۳.۱02 

(4) مرجع سابن 35-5 .۲۳ 

Take Up (he 0۵165 انظر : «هربرت بلوا‎ )۱۵( 

(15) مرجع سابق 2.242 

Aesthetic Experience p.35 gl (1¥) 

(18) لقد هدف فوجارد ر کانی و انشونا إلى استدارة ردود أفعال إزاء مجريات الأمور فى جنوب أفريقيا. 

(15) مرجع سابق. 

Aesthetic Experience p.33 (lr (°) 

New German Dramatists انظر + ديئيس کالاندرا‎ (۲ 

(۲۷) مرجم سابق ۲.76 

(۲۳) مرجع سابق ۴.99 

(۲6) مرجم سابق ۴۰139 

(5؟) مرجع سابق. 

(5) لقد عملت «دراماتورجيا» فى عرض مسرحية آلية هاملت وشاركت فى إيجاد حلول لبعض المشكلات الخاصة بالترجمة والبروفات والإخراج. 

(۲۷) انظر: «مابكل كيربى كتوزاههة ۳۱0۸۵ 

The Drama Review, 23, 0.3 (83) انظر:‎ (A) 

۹ مرجع 'سابق 103-4 PP.‏ 

(۲۰) مرجم سابق ۳.۱۱0 

۲ من مراسلات مع الژلف. 

Theatre 23, 00. 12 )1982( ۳.۰24.۰ انظر‎ )۳۲( 


۱1:۹ 


ل 





الإنسان والشئ ٠‏ 
فی امرخ" 





جیری نیلتروسکی 


1111انا1ااارااا سس 
. 


إن أساس الدراما هو الفعل بالطيع إن حياتنا 
اليومية وجريانها مُحَددان أيضاً بالفعل؛ سواء أفعالنا نحن 
أو أفعال الناس الآخرين. إن الفعل هو العلاقة الفمّالة 
التى تربط فاعلا بشئ ما؛ إنها حقيقة تليولوجية (غائية» 
محكومة بهدف يتماشى واحتياجات الفاعل. لذلك» 
عندما يحدث أى فعل يتوه انتباهنا إلى هدفه؛ أما الفعل 
نفسه فهو ثانوى بالنسبة إلينا. الشئ المهم هو فيما إذا 
كان الفعل يحمّق هدفاً معيناً. إلا أنه حالما يجذب فعل 
بحد ذاته انتباه الشخص المدرك» فإن خواصه تصبح 
رموزاً. فهو حين ذلك يدخل فى شعورنا بواسطة الرموز 
ويتحول إلى معنى. من المعروف جيداً أن شخصين شهدا 
الحدث نفسه يصفانه بطريقتين مختلفتين تماماً. إن هذا 


* المقال مأخوذ عن تؤب : A Prague School Reader of Aesthetics,‏ 
Literary Structure, and Style.‏ 
ترجمه عن اللغة التشيكية ياول. إل. جارفن. وصدرت النسخة الإمجليزية عن 
مطبعة جامعة چورج تاون/ واشنطن - ۰۱۹۳4 
ترجمه عن الإمجليزية جدت کاظم مومی - كلية التريية للبنات جامعة 
تکریت العراق. 





الا عتلاف یتلّی من حقيقة أن هذا الحدث انعكس فى 
مرآتین منحنیتین بنحو سختلف, آی» فی شمورین 
IETS‏ 

لرموز وأن يكبت بعضها . إن خواص فعل موجه 
E‏ عملى يقررها هذا الهدف» بغض النظر عن 
المدرك [بكسر الراء)» مالم يكن هدف الفعل هو 


. (Communication الاتصال‎ 


ولكن الفعل فى المسرح غاية بحد ذاتها؛ وهو 

يفتفر إلى أىٍ هدف عملى خارجى قد يحدد خواصه. 
إن الفما ل هنا معد لكى يفهم من قبل الجمهور كسلسلة 
متكاملة ذات معنى . هذا هو السبب فى كونه مكوناً من 
رموز مختلفة تنعكس أولا على نحو خخاص فى وعى 
الجمهور. وهكذاء فإن خواص الفعل هى معان خالصة» 
تماماً مثلما أن هدفه مسألة سيميائية ولیست مسألة حياة 

عملية. ولكن الفعل فى المسرح يختلف عن فعل غرضه 
امسلی مر اا رعلی قرخم من آن لالجو ا 
یتکون من رموز صمّمت للمدرك» وآن لهدفه قيمة 





سيميائية فقط » فان هدفه النهائى يقع خارج الفعل نفسه 
وليس داخله, کما هو الحال ف السرح. 


نية فاعل. إلا أنه من الضرورى تمييز فكرة الفاعل. قبل 
کل شئ» بوجد هنا الفاعل الأساسى الذى هو مولد أو 
مسبب النيّة؛ ثم يوجد الفاعل الذى ينقّذ الفعل بنحو 
علنى» والذى قد يكون متطابقا مع الفاعل الأصلى» 
ولكن قد يكون مجرد أداة له؛ وهكذا يكون فاعلاً جزئياً 
فقط. بالطبع؛ لا يمكن رسم الحدود بينهما على نحو 
مضبوط. وفيما بعد سنرى آن التمییزدفی السرح یمکن 
أن يذهب أبعد من ذلك؛ لأن الحدث هنا منقول من 
سياق عملى ويفتقر إلى غاية خارجية» حيث إن وعى 
الجمهور بالفاعل» أى بالكائن الذى ينفذ الحدث 
بفعالية» ينبع من الحدث [ من أى مكان آخر. 


فى الفترة التى كان المنظرون فيها يفكرون فى 
المسرح الواقعى فقطء برز الرأى القائل بأن الكائن 
البشرى فقط يمكن أن يكون الفاعل كما هو الحال فى 
الحياة اليومية. وكانت كل المكونات الأخرى تعد مجرد 
أدوات أو أشياء الفعل البشرى. إلا أن تطور المسرح 
الحديث والاطلاع المتزايد على مسرح مناطق الثقافة غير 
الأوروبية أديًا إلى نقيض هذا الرأىء وتبيّن فيما بعد أنه 
لم ينطبق تماماً حتى على المسرح الواقعى. إن هدف 
هذه الدراسة هو إظهار اعتماد وجود الفاعل فى المسرح 
علی سساهمة بعض الکرنات فی الفعل» ولیس علی 
تلقائيته الفعلية» بحيث إنه يمكن إدراك حتى شئ جامد 
على أنه الفاعل المنقذء كما يمكن إدراك كائن بشرى 
حى على أنه عنصر يفتقر إلى الإرادة تماماً. 


من الممثل إلى الشئ 

إن حالة الفاعل الأكثرشيوعاً فى الدراما هى صورة 
المثل. إن صورة الممثل هى الوحدة الدينامية مجموعة 
كاملة من الرموز. هذه الرموز قد يعبر عنها جسم المثل 


الإنسان رالشىء فى السرح 


وصوته وحركاته وكذلك أشياء مختلفة من أجزاء الأزياء 
إلى الديكور» ولكن الشئ المهم هو أن المسثل يمركز 
معانى تلك الأشياء فى نفسه» وقد يفعل ذلك إلى درجة 
أنه» بأفعاله» قد يحل محل كل حاملى الرموز. يمكن 
توضيح ذلك بمثال من المسرح الصينى: 


«يصور الممثل بأفعاله كل الأحداث التى لآ 
يوفر المسرح الصينى لها القاعدة الملائمة. 
فبمجموعة صحيحة من الحركات التقليدية 
يصور الممثل قفزة فوق موانع خيالية: صعوده 
سلالم خيالية؛ تخطيه فوق عتبة خيالية عالية» 
فتحه باباً خيالياً. إن الحركات الرمزية التى 
تم تتفیذها تخیر الجمهور بطبيعة هذه 
الأشیاء الخبالية: إنهة تخبره فیما اذا کانت 
الحفرة غير الموجودة فارغة أم مليثة بالماء» 
فيماإذا كان الباب الخيالى هو البوابة 
الرئيسية» أم بوابة اعتيادية» أم باب بسیطاً وما 
شابه ذلك» (ل. بروشالك» «رموز فی السرح 
الصینی»» ۱۹۳۹). 
ينشأ السؤال من الوسيلة المعطاة إلى الممئل لتوحيد 
كل هذه المعانى بفعله. الجواب» من حيث هو كل» 
بسيط جداً. فكل ما موجود على خشبة المسرح هو رمز: 


«ولكن الأزياء المسرحية والبيت فى الديكور 
وإيماءات الممثلين لا تتكون من رموز عدة 
مكونة أو أساسية كما هو الحال فى بيت 
حقيقى أو ملابس حقيقية. فعلى خشبة 
السرح یکون ی زی َو جسزء من الدیکور 
محدداً برمز واحد أو رمزين أو ثلالة رصوز. 
يستخدم المسرح فقط رموز الأزياء والديكور 
تلك التى تبرز الحاجة إليها فى حالة درامية 
معينة) (پوجا تیریف» «رسوز السرح؟» 
(ATA‏ 


101 


جیری فیلتروسکی 


من ناحية أحری» یدخل جسم المثل الی الحالة 
الدرامية یکل خواصه. من الواضح آه لا ستطیع أى 
کائن بشری حی أن يتخلى عن بعض من هذه الخواص 
وییقی فقط علی تلك الثی بحتاجها للحالة الدرامية. هذا 
فی عدم کون كل مكونات أداء المثل ذات 
ف؛ فبعضها یقدم جرد الضرورة الفسيولوجية (هكذا 
مكل عدث مخلف ردود الأفعال الأوتوماتيكية) . بالطبع 
يتلقّى المشاهد حتى هذه المكونات غير الهادفة لأدام 
الممثل على أنها رموز. وهذا ما یجعل شخص المثل 
أكثر تعقيداً وغنى - ونستطیع القول: أكثر راقعية - 
مقارنة ببقية حاملى الرموز. إنه يحوى؛ فضلاً عن 
شخصيته الرمزية؛ شخصية واقعية أيضاً. وهذه الأخيرة هى 
بالضبط تلك القوة التى تجعل كل المعانى تشمركز فى 
الممثل. 
كلما كانت أفعال شخص الممثل أكثر تعقيداء 
عظم ليس فقط عدد الرموز ذات المغزى فحسبء بل 
اا 0 مهم هناء عدد الرموز التى ليس لها مغزى؛ 
توطيع حقيقة الشخص فى الطليعة. إن الشخص 
الذى ال أفعاله أقل تعقيداً يكون بالطبع نظامياً أكثرء 
وهذا هو ما يؤدى إلى هرمية ة أو هيرار كية الأجزاء .إن 
الشخص الموجود فى قمة الهرم؛ الذى يدعى بالشخصية 
الرئيسية» يجذب لنفسه الاهتمام الرئيسى ص المشاهدين» 
وبدع فى بعض الأحيان فقط مجالا لأن يوجه الاهتمام 
مجموعة الشخصیات الساندة. ۰ وفی الوقت ذانه , عندما 
تقوم الشخصية الرئيسية بتوفير الحوافز للحدث» فإنه يؤثر 
على أداء بقية المجموعة؛ رقد يعمل أحباناً كمنظم تام 
لهم. مع ذلك» قد يفهم المشاهد بقية الشخوص على 
أنهم فاعلون بالنيابة» إلا أن تابعيتهم واضحة. ولكن قد 
تبرز عادةٌ حالات خلال المسرحية يصبح فيها شخص ماء 
غير الشخصية الرئيسية» الدعامة الآأساسية للحدث. حتى 
فى هذه الحالات» تبقى هرمية الأدوار فى بعض البنى غير 
متأثرة؛ وفى بنى أخرى قد تعيد الهرمية تجميع نفسها من 
حالة إلى أخرى. ولكن جميع شخصيات المسرحية؛ من 


1o۲ 





الشخصية الرئيسية إلى آصغر دور تشکل وبصورة قطعية 
خطاً معماسكاً تماماً حسب فعالياتهم المتفاوتة» ويتم 
الحفاظ على تماسك هذا الخط بمجرد تماسك 
الحدث. 
إذا تتبعنا هذا الخط » فسيكون بمقدورنا أن نرى أننا 
لا نستطيع حتى مخدید الحدود التى يتوقف بعدها فهم 
فعل شخص على أنه تلقائى. يؤدى الخط بلا انقطاع 
إلى شخوص أنعالهم محددة بأفعال عدة» نمطية؛ تتکرر 
مع اختلافات دقيقة. إن شخرصاً كهؤلاء يحملون رموزاً 
قليلة جداً بجانب تلك التى ثمة حاجة مطلقة إليها لحالة 
(الشخوص) شبحيون جداء والشعور 
بحفيقتهم ضعيف جداً. بالنسبة إلى المشاهد؛ يرتبط 
شخصر ى من هذا النوع غالباً بحدث معين. . وهكذا مثلاء 
فد بحدث أن يكون المسرح يمثل غرفة جلوس» فما أن 
يدخ خادم معين نعرف أنه لإعلان وصول زائر. وسوف 
نرى» فيما بعدء أن هذه الصلة بحدث معين هى صفة 
ميزة للواحق. وفی الحقيشة» یدو شخوص کهولاء 
للمتفرج أكثر شبهاً بلواحق الدیکور من شبههم 
بممثلين فعالين. لقد استطعنا أن نشاهد لواحق بشرية 
فى (إى. إف)؛ وهى النسخة التى أنتجها المنتج والمخرج 
الطليعى بيريان من مسرحية كليكبيرا الكوميدية (كل 
شخص يعمل شيئاً ما لوطده) ؛ كانت هذه اللواحق عبارة 
عن شخوص صامتة بمثلون الخدم. إن شخوصاً كهؤلاء 
تمكن مشاعدتهم بأعداد كبيرة فى المسرح؛ وهم ليسوا 
شيئاً غير اعتيادى. 
إلا أن اللواحق البشرية لا تنهى السلسلة التى تبدأ 
بشخص المثل. قد یتدئی الحدث لی «مستوی الصفرا. 
حينذاك يصبح الشخص جزاً من الدیکور. للن جزاء 
بشرية من الدیکور من هذا النوع هی مثلاً جنود يحبطون 
بمدخل ببتء إنهم يفيدون فى إظهار أن البیت هر 
ثكنة. بالطبع؛ لا يمكن بأى شكل عد الأجزاء البشرية 


من الديكور مثلين فمّالين. وعلى نحو ممائل» فإن 





حقيقتهم مخفضة ة إلى «مستوى الصفرة طلما أن رموزهم 
المكونة دة إلى الحد الأدنى إذا تأملنا ماهية حاملى 
الرموز هؤلاء» رأينا أنها عادة وضعهمء قرامهم» 
مکیاجهم أزياؤهم. نتيجة لذلك؛ يمكن استبدال الناس 
فى هذه الأدوار بدمى لا حياة فيها. وهكذاء فإن الناس 
الذين فى عداد أجزاء الديكور يشكلون الانتقال بين 
عالم الإنسان وعالم الأشياءء إلا أنهم ليسوا الجسر 
. فمثلاً» يتحدث أو. زك عن 
حقيقة أنه بين المكياج الذى لا يزال جزءاً من الجسم 
العضوى للممثل والأزياء التى ليست جزءاً من 5 
الجسم ثمة أشياء أخرى كالباروكة التى لا نستطيع أن 
نقرر بالتأكيد ما إذا كانت تعود إلى العالم الأول أو الثانى 
(«جسالية الفن السرحی؛؛ ۰۱۹۳۱ ص۱۳۶ وسا 
بعدها). وعلی الرغم من أن الأزياء ليست جزءاً من 
الجسم العضوىء فإنها تدمج معه إلى حد كبير. وهكذاء 
فإنه من الصعب غالبا الإقرار إلى أى مدى يحدّه تمثيل 
الأفعال البشرية بخواص ال« لجسم» ولی أی مدای بخواص 
الملابس؛ لأنه: 


الوحيد بين هذين العالمين 


«ثمة إيماءات معينة رحركات معيّنة ليست 
فقط ملائمة لنمط معين من اللبس فحسب» 
بل إنها محدّدة به أيضاً. كان الاستعمال 
المفرط للأيادى فى القرن الثامن عشر يسبب 
استعمال الاطواق الواسعة؛ ووقار بيرلى بسبب 
ياقته الثقيلة أكثر من شخصيته المدروسة). 
(أوسكار وأيلدء «أقنعة»» الترجمة التشيكية؛ 
ص۵۰ وهنا أعيدت ترجمة الجملة من 
التشيكية) . 
يمكن أن يلاحظ أن مجال الكائن البشرى الحى 
ومجال الشئ الذى لا حياة فيه متداخلان؛ ولا يمكن 
رسم حدود مضبوطة بينهما. وهكذاء فإن السلسلة التى 
تبدأ بشخص الممثل تسمر دون انقطاع إلى مجال 


الأشياء (الشى) . 


الإنسان والشىء فى الممسرح 


من الشىئ إلى الممثل: 


إن الكائن البشرى الذى يكون جزءاً من الديكور 
قد أخذنا إلى مجال الديكور بصورة عامة: إن الهدف 
لعام للديكور هو لتعريف الأشخاص ومكان الحدث على 
نحو فعلى؛ (أو. زك. المصدر السابق؛ ص۲۳۲). وعلی 
نحو ممائل فإن مجال الديكور تمييزه الداخلى؛ وأدنى 
درجة شى الدیکور الصبوع الذى هو مر تماماً. إن 
أنموذجاً بالحجم الطبيعى يعد أغنى من ذلك» وذلك 
لاحنوائه على عمق حقيقى. وهكذاء فهو أقرب بخطرة 
إلى الشمع الحقيةو الذی یمثله. وعلی النتوی نفسه» 
لمجم بيعي » توجد الدمى التى مثل 
ناه مد یت علی نها حزم من الدیکور.أخرء یمکن 
يذ من الأشياء الحقيقية كالكراسى 
زا من الدیکور. انیا فی الستوی ذانه 
لتی تکون جزءاً من الدیکور. 

يشترك الديكور بخصائص عدة متشابهة مع الأزياء. 
وعلى نحو فشابه؛ فإن هدف الأخيرة هو سید الناس 
والأوساط . إنها تختلف .عن الديكور بشكل أساسى فى 
حقيفة أن الديكور يجسّد أساساً محیط الحدث» بینما 
تسد الزياء الناس أساساً. إن الأزياء هئ فى المسشرى 
ذاته للنماذج بالحجم الطبيعى والأشياء الحقيقية ذوات 
الصلة بالديكور. 






إن حقيقة “كون أجزاء الديكور لا تعمل بشكل 
علنى قد تؤدى إلى 0 الانطباع عن أن الديكور هو 

خارج الحدت ولیس له ثير على سيره. . فى تلك الحالة» 
يمكن القول إنه يشكّل ولا مه ومحدداً بوضوح. 
لا آن هذا سیکون انطباعاً حاطاً تماما یکفی آن نوضح 
مثلاً كيف أن نراعاً بین شخصیتین سیحدث بطریقتین 
مختلفتين تماماً عندما بمثل الدیکور خاناً أو قصراً 
ملكياً. حتى إذا كان فعل الديكور العلنى على مستوى 
الصفرء فإن له دوراً فى تقرير سير #لحدث. وذلك هو 


\or 


جيرى فيلتروسكى 


السبب أيضاً فى أنه لا يمكن مخديده على أنه مجال 
مغلق: كما لا يمكن تخديد النقطة التى نبدأ بها الأشياء 
فى الاشتراك فى الحدث علناً وتصبح لواحق. غالبا ما 
مدر أن شبعاً ما فی حالة واحدة جزء من الديكور أر 
الأزياء» وأنه فى الحالة العالية يصبح لاحقاً. ولكن 
وظیفته» فی الواقع» تتحدد بتناقض قوتين متعاكستين 
قائمتین فیه؛ وهما القوی الحركية للحدث والقوی 

الشابتة لتحديد الشخصية. إن علاقتهما لیست مستقرة؛ 

ففى حالات معيئة تسيطر إحداهماء وفى حالات أخرى 

تسيطر الثانية» وأحياناً تكونان متوازنتين. دعناء مثلاء 

نأخذ الخنجر فى الحالات الآتية: 

۱ - الشخص (1) یحمل خنجراً الخنجر هنا جزء من 
الأزياء ويبيّن المنزلة النبيلة أو العسكرية لحامله. إن 
القوة التشخيصية للخنجر هنا تفوق قرة فعله التى 
تدفع كلية إلى الخلفية. 


۲ - الشخص (ب) يهين الشخص ( أ) الذى يسحب 
خنجره ويطعن (ب) حتى الموت. هناء فى سياق 
حدث معین» تکتسب قوة الفعل للخنجر قوة 
مفاجلة؛ فهی تصبح لاحقاً وتأخذ دوراً فى الحدث 
برصفها اداة. 


۳- پهرب الشخص (]) حاملاً خنجراً یقطر دما. 
الخنجر هنا علامة القتل» ولکنه فی الوقت عینه 
مرتبط ارتباطاً وثيقآً بالهروب؛ أى بالحدث. إن قوتی 
الشئ كلتيهما متوازنتان. 
بسمی اللاحق عادة بالأداة السلبية لفعل الممثل. 

ولکن هذا لیس منصفاً (نصافاً کاملاً لطبیعته. فاللاحق 

ليس سلبيا دائما؛ حيث ان له قوة (سمیناها «قوة 
الفعل») تجذب حدثاً معیتاً نحوه. فحالا یظهر لاحق 
معین علی خشبة السرح» فان هذه القوة التی یملکها 
تثير فينا توفع حدث معين. إنه مرتبط بهذا الحدث ارتباطاً 
وثيقاً إلى درجة أن استعماله لغرض آخر يفهم على أنه 


۱: 





تاقض مسرحی. بظهر هذا الارتباط بوضوح أكثر فى 
حالة ما یسمی باللواحق اخيالية (5م۳۲0 (imaginary‏ . 
ما اللاحق الخیالی؟ یمثل المثل دون وجود لواحق 
حدثاً یحتاج عادة إلى لاحق معین! فیشعر الشاهد 
بوجود هذا اللاحق على الرغم من أنه فى الحقيقة غير 
قائم. قارن مثلاً هذا المشهد من الغاية لاوستروفسكى 
ومن إنتاج مايرخولد: 
٩‏ یندم المثل الکومیدی تمثيلاً إيمائياً 
(بانتومايم) للفنان. إنه يجلس على درجة من 
درجات السلم حاملاً صثارة صيد ويتظاهر 
بالنظر إلى المناظر التى على اليسار؛ بالطبع 
ليس ثمة كلاب فى الصنارة... اللمثل 
الکومیدی یصطاد سمکة» يتزع السمكة من 
الکلاب - على الرغم من أنه ليس هناك أى 
شوم فی یده» ثم يقبض عليهاء وأخيراً يضعها 
جانب؛ (ف. نين «موسكو فى تشرين الثانى - 
نونمبر» » ۰۱۹۲۹ ص *). 


یمکن ایجاد نظیر لهذه العملية فى الحياة اليومية؛ 
إيماءات تقلّد استعمال شى معین لغرض الدلالة علیه. 
مثلاً تستخدم إيماءات كهذه من قبل أجانب عندما 
يطلبون شراباء مثلاً» بتقليد حركات الشرب. أما فى 
السرح» فالهدت مختلف طبعاً. توضح العلاقة بين 
اللاحق والحدث بطريقة عکسبة عندما لا يكون ثمة 
فاعل فی السرحية؛ آی عندما لا يكون ثمة تمثل على 
حشبة السرح. رحتی حینذاك لا بتوقف الحدث؛ حیث 
تأنى قوة الفعل للشئ إلى الأمام بكل طاقنها. إن الأشياء 
على خشبة المسرح» ومنها ريما حركانها الآلية أيضاً مثل 
حركة رقاص ساعة» تستشمر وعينا بالجريان غير المنقطع 
للأحداث: وتخلق فينا حس الحدث. دون أى تدخل من 
المثل» تعطی اللواحق شكلاً للحدث؛ فهى لم تعد 
أدوات الممثل» ونحن نحس بها كفواعل تلقائية مساوية 
لشخصية الممثل. ولأجل أن تتم هذه العملية؛ يجب أن 





يتحقق شرط واحد: يجب ألا يكون اللاحق مجرد صورة 
كنائية لشئ يرتبط هو به بعلاقة حقيقية؛ لأنه فقط إذا 
احتفظ بحقيقته يستطيع أن يشع قرة فعله ويرحى 
بالحدت للمشاهد. (ذا کان جی هونزل يدّعى أن 
«المناضد يمكن أن تصبح مخلوقات نكرهها أكثر ثما 
نکره آعداءنا؛ («مجد السرح وبوسه)؛ پراغ؛ ۰۱۹۳۷ 
ص۲۱۸)؛ فان هذا البداً له علاقة آکیده بقوله 
(ص۵1) آن: 


«سترة ستوکمان المرْقة تعود (لی الأشیاء 
التى كانت مسواطن قوة السرح الواقعى 
وخشبة السرح الطبيعية. ولاجلهما فقط 
ستصبح فرقة خودرز هیستفینی [مسرح 
موسكو للفن] عزيزة عليناء انهم بنوا أبواباً 
تصر» ووضعوا انا حقيقياً ومنضدة بليارد 
بکرتین بیضاوین وكرة سوداء؛ وكان أندريه 
سيرجيج بروزوروف يدفع عربة طفل حقيقية 
علی خشبة السرح. إن الأشياء الحقيقية؛ 
النضدة» السترة» الدموع» الاصوات البعيدة 
لفرقة موسيقية راجلة؛ هى الميراث الوحید 
الذى نستطيع أن نتسلمه منهم؛. 

إلا أن الحدث فى غياب الفاعل ليس هو 

طريقة 9التشخيص» الوحيدة. وما التشخيص حقاً؟ إنه: 


اقرة» غير محددة ولکن قوية؛ تقوى تلقائية 
حدث ما بتأكيد مساهمة الفاعل القائم 
بالعمل. يمكن أن تقسم الأحداث عامة؛ 
على أساس التلقائية؛ إلى ثلاثة أصناف: فى 
آدنی مستوی توجد الأحداث الميكانيكية 
(الآلية) التى تخلو بطبيعتها من أى نوع من 
التلقائية مع كون سيرها مقرراً بنظام محدد 
مسبقاً دون استثناءات؛ فى درجة أعلى توجد 
أفعال الكائنات الحية, تلك الأفعال التى» 


الإنسان والشىء فى المسرح 


على الرغم من عدم كونها خاضعة لأى 


قانون دون استثناءات» فإنها موجهة بالعادة» 
وهكذا فهى قابلة للتنبؤ فى حدوثها (مثلاء 
أفعالنا اليومية فى النهوضء والأكل؛ والنوم» 
والعديد من أفعالنا الوظيفية) » وأخيراً تتضمن 
المجموعة الثالثة فعلاً با لمعنى الصحيح للكلمة» 
مبنيّة على مبادرة الفاعل غیر احدودة» ولذا 
فهى غير قابلة للتنبؤ. ومختلفة فى كل حالة. 
إن هدف التشخيص هو رفع المستويين 
الاولین للحدث لی المستوى الثالث. إنه لا 
یعنی بالضرورة أن الأشياء يجب أن تتحول 
إلى أشخاص» بالمعنى الصحيح للكلمة؛ كما 
هو الحال مثلاً فى القصص الخرافية: تلك 
هى مجرد حالة خاصة من التشخيص (مثلاً» 
الإضافة من قبل المؤلف فى العصضفور 
الأزرق» لماترلنك) . يكفى أن تظهر الأشياء 
التى هى فواعل سلبية لحدث بمظهر فواعل 
إيجابية على الرغم من آنها قد حافظ علی 
شکلها العتاد (جی موکاروفسکی «لیل 
دلالی لأعمال شعریةه, ۰۱۹۳۸ 


يحدث تشخيص كهذاء مثلاً» فى إنتاج رینهارت 
مسرحية سترندبرغ (البجع) : 


«المشهد بعد دفن الزوج. على خشبة المسرح 
توجد زوجه التى تسببت فى موته. يصف فى 
تيل المشهد كما يلى: «كان المشهد كأن 
شبح الرجل التوفی کان یتجول فی البیت: 
المرأة خائفة دائماً من البقاء وحيدة. الباب 
الذى تفتحه الريح يخيفها... الغرفة الوحيدة 
التى تستعمل فى كل الفصول الثلاثة؛ 
والمكدّسة بأثاث غامق اللون» غارقة فى 
الظلام خلال الفصول الثلاثة؛ مع وجود 
انقطاعات صغيرة. تصفر الریح وتگن خلف 


1۰0 


جيرى فيلتروسكى 


خشبة السرح راجة الشباك والستائر البيضاء 
متحولة إلى تيار قوى كلما فتح الباب ونافخة 
الأوزاق من فوق الکتب وضوء المصباح 
الوضرع فوقه. هذه البراعة النيّة الطبيمية 
تعطى فى البدء انطباعاً مرعبا» خاصة عندما 
يهتز الباب المفتوح فى الفراغ كلما يتطلب 
السيناريو ذلك» (ديفا ديلينى يوزبومينجى 
«ذكريات عن المسرح؛؛ ص١١‏ وما يليها) . 
تشخيص آخرء أقل وضوحاً هو الدراما اليابانية 
(تيراكويا) أو (مدرسة القرية) لتاكيدا إيزومو: 
الوضعية: يخبئ المعلم جينزو فى بيته الابن الصغيئر 
للمستشار المطرود. السيدة جيو خلب طفلها 
إلى المدرسة؛ وهو صبى مطلق الشبه بابن 
الستشار. يذهب المعلم خلف الكواليس 
ويقتل ابن السيدة چيو. الخدم يخرجون. 
جيو: (بادية الانفعال) : أوه. هذا أنت سيد ناكيبى 
جینزو» العلم احترم. الوم جلبت ابنی 
الصفیر هنا. آين هو؟ آلم بثر لك آية متاعب؟ 
جينزو: لا إنه هناك فى الخلف.. فى الغرنة 
الخلفية.. إنه يلعب مع الآخرين. هل تريدين 
رؤيته.. ربما تريدين أخذه إلى البيت؟ 
جسيسو: نعم؛ أحضره رجاء.. رید أن آذه إلى 
الییت... 
جینزو: (یقف) : سیکون هنا حالاً. ادخلی رجاء... 
(تستدير جير نحو الباب الخلفى؛ يستل جينزو 
سيفه خلف ظهرنها ويتهياً لضربة عیفة» 
ولكن جيو كأن شيئاًما حذرهاً تستدير 
وتتجنب الضربة. قافزة بسرعة تمسك 
بصندوق ابنها وتستعمله لتتفادى ضربة جينزر 
الجديدة) . 


1٩ 


جیو: توقض! توقف! 


جينتزو: (مسدداً ضربة أخرى» : أيها الشئ الشيطانى! 
( تخطم الضربة الصندوق نائرة ثرباً أبيض 
صغيراً وقصاصات ورقية مكتوبة عليها 
الصلوات؛ وعِلّم دفن صغير وبعض الأشياء 
الصغيرة الأخرى التى نستعمل فى الدفن) . 

جسينزو (مرتعبا) : باسم الشيطان؛ ما هذا؟ (يخفض يده 
التى تحمل السيف). 


تنتهى الحالة بتدخل تلقائى من اللواحق منقذة حياة 
السيدة جبوة. 


العلاقة بين الإنسان والشى: 

لقد تتبعنا الدرجات امختلفة للمشاركة فى الحدث 
من قبل عناصر مختلفة؛ درجات مختلفة؛ بحسب مدی 
الداعلية. لقد أصبح واضحاً أن الانتقال بینها تدریجی 
تماما؛ بحیث لا بمکن اعتبارها مجالات معزولة. ان 
وظيفة کل عنصر فی الحالة الواحدة (وفی السرح من 
حيث هو كل) هى الناتججة عن التوتر بين الإيجابية 
والسلبية فيما يتعلق بالأحداث,؛ التى تظهر نفسها فى 
جريان مستمر إلى الخلف وإلى الأمام بين العناصر 
المنفردةء الناس والأشياء. لذلك؛ من المستحيل مدید 
خط بين الفاعل والشئ طالما أن كل عنصر يمكن أن 
يكون أياً منهما. لقد رأينا أمئلة عدة حول كيفية تبادل 
الأماكن بين الأْشیاء والانسان ومدی (مکان ول انسان 
إلى شئ» وشئء ما إلى كائن حى. وهكذاء فإننا لا 
نستطيع أن نتحدث عن مجالين محددين بشكل متبادل. 
يمكن تشخيص علاقة الإنسان بالأشياء فى المسرح على 
أنها تناقض ديالكتيكى. لقد رأينا فى الأمثلة السابقة أن 
التناقض الديالكتيكى بين الإنسان والأشياء يحدث فى 
أكثر البنى تنوعاًء وهكذا فهو ليس الخاصية الشاملة 





للمسرح الحديث؛ وبطبيعة الحال يتم تأكيذه فى بعض 
البنى وفى بعضها يتم طمسه وتقليله. 

إن الرأى القائل بأن الإنسان فى السرح هو الفاغل 
الإيجابى بشكل مطلق» وأن الأشياء هى مفاعيل سلبية أو 
أدرات الحدث؛ ظهر ‏ كما ذكرنا فى وقت كان 
المنظرون فيه يفكرون فى المسرح الواقعى فقط. ولكن 
حتى فى المسرح الواقعى؛ لم تتم إزالة العقلب بين 
الإنسان والأشياء تمامء ولكنه فقط أبقى نحت السيطرة 
إلى حد أن الخطأ الذى تحدثنا عنه كان يمكن أن 
يحدث. لقد حاول المسرح الواقعى (على الرغم من أنه 
لم ينجح مجاحاً حقيقياً أبدا) أن يكون انعكاساً للواقع ؛ 
ليس فقط بعناصره منفردة فحسب؛ بل فى حالة اتاد 
هذه العناصر أيضاً. وفى حياتنا البومية» فإننا متعودون 
طبعاً على التمييز بدقة فائقة بين الإنسان والأشياء بقدر 





الإنسان والشىء فى المسرح 


تعلق الأمر بنشاطهم التلقائى» ولكن أيضاً وفق الأفن 
الإبستيمولوجى (المعرفى) فقط لحياتنا اليومية؛ الذى 
تقرره الحياة الحضرية. أما فى آفاق آخری» کما هو 
الحال فى الآراء الخاصة بالعالم الأسطورى للبدائيين 
والأطفال مثلء يلعب التشخيص والتحوّل بين الإنسان 
والأشياء دوراً مهماً جداً. 


على الرغم من أن الحضارة تطور؛ مقارنة بالطريقة 
البدائية للحياةء فإنه لا يمكن الإنكار أن أشكالها المتنوعة 
القائمة لحد الآن قد كسرت» وبأكثر التقاليد تنوعاء 
العلاقة المباشرة بين الإنسان وبيكته. فی الشال حول 
الحدث بغياب الفاعل؛ شاهدنا كيف يمكن استخدام 
هذه التقاليد بدقة للربط بين نوا حى الواقع امختلفة بشكل 
غیر تقلیدی. وربما لا نبالغ إذا ادذّعينا أن هذا هو حد 
أهم أهداف المسرح الاجتماعية. هنا بالذات يستطيع 
المسرح أن يظهر طرقاً جديدة لإدراك العالم وفهمه. 





۱9۷ 


اك 





الإمساء 





آن أوبريفييد””* 


سس سل LUERAAAEUEITNEANLTLNI‏ لك 


1 
اللغة فى المسرح جسد مستقل بذانه يعبر عنه 
المثل فی وجوده المادى الجسدی» وهی وسیط لكل ما 
يستطيع الجسد التعبير عنه (من صوت وتنفس وطريقة 

نطق وإيقاع وحسية) . 
يقول مارك لوبو 80 M2 1e‏ : 
«إن النص رالصورة فى الشقافة الغربية 
منفصلان منذ الأزل؛ حيث تتبع الصورة 
النص وتخضع له عادة. ولكن هل يمكننا 
حقاً فصل الصورة عن الخطاب ؟٩‏ 





* بمثل مذا الص الفصل لابع من کتاب مدرسة التفرج دا ءا160 
specter,‏ لۇلفتە آن آوبرسفیلد 17065/214 ۸۳06 - صدر عن دار نشر 
E05 Sociales, Paris, 1981‏ _ وهو الجزء الثانى من كتاب قراءة 
المسرح - ترجمة مى التلمسائى» الذى صدرت طبعته العربية عن مهرجان 
القاهرة الدولى للمسرح التجريى عام ۰۱۹۹۶ 

++ ترجمة مى التلمسانی مدرس اف مركز اللغات والترجمة 
- أكاديمية الفنون» القاهرة. 


د 


۱:۸ 


يجيب السرح بالنفی» حتی السرح الضربی! 
فالصورة والخطاب فی البرج متصلان» هما جسد 
الممثل هما تکوینه الحی ؛ و و ١الهيروغليفى»‏ كما يقول 
آرتو ùj . Artaud‏ مادية الحرف الملموسة (صوتية كانت أم 
مرئیة» لیست غريبة عن سحر السرح ولاعن الشعور 
بالارتياب الذى يشقل عليه. إن اللفظ جسد. والفکرة 
والكلام امجح مثقلان بكل مادية الجسد: وعند حدود 


التعبير نلتقى بركام من الجسد والمعنى؛ . 
فلنحاول رغم كل شئ أن نزيل غموض هذا 
الركام. 


١-1‏ . اغخطاب الثنائى 

لايؤنى تخليل عمل المثل فى مجالاته الختلفة 
(إلقاء» إيماء"١2؛‏ دراسة المسافة عداوذ06:) ثماره إذا 
تم الفصل بين هذه المجالات. فالممثل لا يعرض قط 
جانبا ونحدآ وإنما الدين معآ: إما اثنين داخل نسق 
العلامات نفسه» أو انين ينتميان إلى أنساق مختلفة. 





كما هو الحال مثلاً فى حالة الاعتراف بالحب بنبرة 


(؟) كلمات الخطاب: ومدلولها - وأحبك». 


(ب) موسيقى سيقى الكلام : ومدلولها - لايؤخذ هذا 
الاعتراف مأخذ الجد. 


ایحول هذا التجاور دون وقوع العلامة فى أسر 
سطحية مدلرل بدیهی» وشیر التقابل بين شقیه تساژل 
التفرج. ولایکتسب التجاور معنی الا فی حالة «ٍدراجه 
فى سیاق معین٩:‏ 
(أ) تعمل جملة أنا أحبك» عملا مكرراً وا 
ومقابلاً لعلامات العرض/ النص الأخرى. 
(ب) ولاتکسب موسیقی الکلام/ الاستخفاف؟ 
معنی الا فی علاقتها بالعلامات الاخعری. 
ومن الممكن أن تکتسسب اجموع:ة 
السيمنطيقية (خبر منطوق + موسيقى 
الكلام) معنی ما داخل #عائین اثنين» 
۱ - کتمان القلق العاطفی. 
۲ - لامبالاة الشخصية التحررة. 


من المکن أن تزيل بقية علامات العر ض/ التص 
شيئاً من الغموض (الالتباس)؛ أو أن تختار بين صيغتين 
جائزتين أو تتركهما تتعايشان جباً إلى جنب» إن احتاج 
الأمر. 


۱ ۲. توافقات. 


ینبفی» إذن؛ على كل خلیل سیمیوطیقی للعرض 
الملموس أن يدرس العلامات التى بنتجها المثل؛ ليس 
يوصفها أنساقاً منفصلة وإنما بوصفها مزيجاً من العناصر 
المتصلة. 


خطاب الممثل : الإيماء 


هكذا يتعين علينا تخليل علاقات كل من: 

الإيماءة 2 - الكلام (مدلول الخطاب) . 

الإيماءة 3 الإلقاء (موسيقى الكلام» 
الایقاع إلخ) ۰ 

الإيماءة - شغل الفضاء. 

الإيماءة ت الملابس. 

الإيماءة - التعبير بالوجه. 

التعبير بالوجه - الصوت. 

الصوت - شغل الفضاء. 

إننا تتصور أن عمل الممثل الفعلى لايتطلب فقط 


قيام هذه العلاقات الثنائية بين الأنساق الدالة» وإنما 
المزاوجة بينهما بشكل أكثر تعقيداً. غير أن المنهج السليم 
يقتضى دراسة العلاقات بين الأنساق فى شكلها الشائى 
أرلا؛ حيث إن الممثل فى غالبية الأحيان يقوم بعمله 
كالتالى: يعمل الممثل على العلاقة المباشرة بين نسقين 
من العلامات. ولنعط مثالاً على ذلك: كانت إحدى 
الطرق التى يتبعها جيرار Gerard Philippe malı‏ 
هی موازاة الالقّاء أو طريقة النطق 5256م المصطنعين 
- لا عن طريق كسر المعنى فحسب» ولكن أيضاً عن 
طريق نبر اللغة الفرنسية المعتاد مع الأداء الحركى 
الواضح والرحب بشكل مذهل. وكان هذا التناقض من 
شأنه أن يجعل أداء جيرار فيليب المسرحى فعالاً لوضوحه 
واثلائية آبعاده», بینما تشیر اللسجیلات الصوتبة التی 
لاتعید سوی الجزء الصوتی من العلامات (اللفظية وغیر 
اللفظية) إلى اصطناع وسطحية الإلقاء. 


فى مسرحية (دون چوان 1120 007) لولییر - 
إخراج فيتيز 217/162 یؤدی چان ۔ كلرد دوران ٠‏ 628ل 
sg Claude Durand‏ دائماً على خلاف ما يقول به أو 
مایقترحه اللص : فهو یسب الفیر ۳۱۷6 فی الفصل 
الأول بينما يربت على ساقيها. لا تكتسب الإهانة معناها 
إلا فى استدعائها «الأساس المستمرة للرغبة» كما تؤكد 


104 


آن آربرسفیلد 





الفصل الرابع طهارة حبها رکونه مجرد ٩جرعة‏ 
حنان» بالغة القداسة» ؛ بینما تمنح یدیها وذراعیها لن 


يردت اھا 

۹ ا 

۱ ۔ ۲ ١‏ بعض ملاحظات حول الإيمائية 7 : 
ملاحظات أولية: 


۱ - ان الایماء حتى إن بدا طبيعياًء هو إيماء 
اجتماعی» بالابمائية فی السرح اجتماعية 
لسببین؛ حیث |نها تقوم علی الاتصال ۳ » 
فهی کون وقرل فی آن. 

- على النقيض من اللغة المنطوقة (اللغة)» 
يصعب عُليل لغة الإيماء: 

(أ) حيث يصعب تدوينهاء كما أن تدوينها 

. لايكون مرضياً(إلا فى حالة الرقص 
الکلاسیکی - فی حدود معينة) . 

(ب) واذا استطعنا تقسیمها الی وحدات من طبفة 
أدنى» أو كما يقول كوشلان إلى 
کینیم» ۶ فان هذا الشفکيك 
غالبا ما لا یکون مرضیاً ویسی التعبیر عن 
وحدة الح رکة. : 


(جب) تقيم الإيماءة علاقة معقدة مع اللغة؛ فهی 
متصلة بها جزئياً؛ حيث يمكن ترجمة 
الإيماءة إلى جملة (عندما آغر ساجدة 
على الأرض فهذا يعنى: (إنتى أصلى» أو 
«إننى أتوسل؛ إلى الله أو إلى شخص ذى 
سلطة أو إلى الكائن الذى «أحبه»)ء غير أن 
هناك من الإيماءات ما لايمكن التعبير عنه 
باللفظ» فالإيماء فى تعريفة يحتوىئ 
بالضرورة جانباً لالفظياً. 





۳ - یلاحظ جریماس 0761۳25 عن حق أن أحد 
أسباب فقر لغة الإيماء يرجع إلى أن فاعل 
الخبر وفاعل الاخبار فی الايمائية منفصلان؛ 
ولايمكن الجمع بينهما. غبر أن المسرح يعدء 
فی هذا النحال؛ استثناء للقاعدة: فالإيماءة فى 
المسرح مرتبطة؛ نظراً لكونها معروضة ثلى 
الخشبة:؛ بعملية الاتصال؛ فهى «فعل) 
واقول» فی آن» بشكل لا يقبل الفصل. 
فالممثل لايقوم فقط بالإيماءء کأن یسط 
ذراعه فی اناه زميله؛ بل هو يقول وهو يفعل 
ذلك» اه ییسط ذراعه: ٍنه لایصل بنا عن 
طريق بسط الذراع وإنما ينقل إلينا عملية 
ایسط هله. 


۲-۳۱ الایماءة علی خشبة السرح. 
بعض ملاحظات عامة عن [یماء المثل فی شکله 
المستقل وفى علاقاته مع: 
( أ٠‏ أشكال أخرى من العرض الإيمائى (الرقص» 
الرياضة» إلخ) . 
(ب) الشفرات الايمائية والعلاقة بين المسافات9؟) 
الخاصة بثقافة الممثل. 
(ج) أنساق علامات العرض الأخرى. 
ما الایماءة فى السرح؟ 
(]) للايماءة خاصية ثنائية أيقونية وإشارية: فهى 
أيقونة إيماءة فى العالم بما أنها یتم 
«تعرفهاه بوصفها إيماءة لكذا أو كذاء كما 
أنها أيضا أيقرنة عنصر ما فى العالم تقوم 
الإيماءة «بوصفه» أو بالإشارة إليه'*' . ومن 
ناحية أخرى: تعد الإيماءة «موشرآ؛ على 
سلوك معي أو إحساسٌ ما أو علاقة بالاخر 
أو واقع غير مرئى.. ولنلاحظ أن الجانب غير 
السيمنطيقى فى الإيماءة؛ وهو الجانب 





الذى لانستطيع قصره على مدلول بعينه) 
والذى لا يعمل بوصفه أيقونة أو مؤٌشراًء هذا 
الجانب لايكون معدوماً قط؛ حيث يبفى 


دوماً شع ما غير سيميوطيقى. 


(ب) الایماءة هی معادل جذر الكلمة فی العجم 
أو معادل خبر ما فی ثنائية التص/ العرض 
وفى إيماء المثل نفسه؛ الذی یعد «نصاً 
منتظماه . 

(ج) الایماءة عنصر من عداصر لاتصال 
السرحی غیر اللفظی؛ وهی تعمل بوصفها 
کذلك» سواء بوصفها عنصراً «مستقلاه 
داخل الاتصال السرحی «الثنائی»» و 
بوصفها عنصراً اغير لفظی:۲ (لترخيم؛ 
التعليق على» تكرار أو تخفيف الكلام) 
وهذه الوظائف ليست منفصلة وإنما تختلط 
ببعضها البعض عادة. 

( د ) هنال عنصیر العبی تلاونلنا فی کل 
(یماءة ی ت۱۱ فهناك ليس فقط 
إيماءات لعبية (الأمر الذى يعلمه جيداً كل 
من عمل بالإيماءة الصعبة أو الأكروباتية 
من الخرجين والممثلين)؛ وإنما عملية 
«أداء» الإيماءة فی ذاتها تمنحها بعداً لعبيا 
یستطیع المثل استغلاله و حجبه. 


۳۰۳۱ الایماءة والکلام. 

فى المسرح الغربى؛ حيث يتحمل الممثل مسؤرلية 
الإيماء والكلام» تبدو الإيماءة عامة فى المرتبة الشانية 
بالنسبة إلى الخطاب المنطوق. 

هكذا نستطيع أن نعتبر الإيماءة: 

۱ - علامة ترقیم - توضيحية للکلام. تبین لنا 
لحدی وحات القرن التاسم عشر الشهيرة المثلة راشیل 


خطاب المثل : الایماء 


Rachel‏ فی دور (روكسان) 801876 وهی تعزز بح رکة 
إشارية عنيفة جملتها: «احرج من هنا!» . فى إطار 
إلبلاغة الإيمائيةء تكون الإيماءة تطويراً للكلمة؛ حيث 
تشير إلى مواضع التكرار» وت کد الاشارات اللغوية: «هناء 
هناك أناء أنت...٠.‏ 

۲ - تکراراً للخطاب اللفظی*۰۲ وهی الحالة 
العادية البسيطة؛ حيث تعادل الإيماءة شفرة الإيماء 
اليومى لجماعة ما أو تعادل الشفرة المسرحية: يقفز 
7 کان ۸۳۱۵۵۱0 معبرا عن سعادتهء بينما تضع الخادمة 
رو معبرا عن تضع 
قبضتها على مؤخرتها فى مسرح موليير کی تؤکد 
سبابها؛ ويمتلك الشجاع المزيف الكون حين يسير 
بخطى واسعة. 1 

۳ - تبدو الإيماءة تطويراً لما لا يقال فى الکلام أو 


تعلیقاً یوضح مسلمات الكلام أو زيفه. فى مسرحية 


(لورنزاشیو 1۵:۵002:6610) لوسیه اد5ها36 - وهو عرض 
فی مسج مله سی - یژکد « کلود ریش» ۵۷06 
111 مشهد المبارزة المرقوضة بحركة غريبة من اليد» مثل 
إيماءة بهلوانية يائسة؛ تلیر قلق الشفرج. فی آفضل 
الحالات» يوم الایماء بتوضیح ما لا یستطیع الکلام 
فوله؛ فهو یوضح (یترجم - یکشف عن) الانفعالات 
التى لا يقولها الخطاب. يقول رادار 12085 عن عرض 
مولییر - فیتیز: 

«إن الإيماء الذى يطلق العنان لتخييلات 

إيروس 1205 (غريزة الحب» يتجاوز التقاليد 

الاحتفالية والخطاب العقلانی» مخلصاً پیاهما 

من سخريتهما الهزلیةه۲۱۰۱. 
٩-۳ ٩‏ الایماء ونفتت اخطاب. 

من المکن أن بقلب عمل المؤدى العلاقة بين 

الإيماءة والكلام. عندئذ يصبح الكلام فى المرتبة الثانية» 
وتمهد له الإيماءة» وتعد لعملية تفتيته» كما لو كان 
الموقن الجسدى أو الإيماءة هو الذى يدفع الممثل - 


۱۱ 


ازا با حیبست تست ي ےپ د 


الشخصية إلى أن يقول ما قاله» وهو الذى يضفى المعنى 
على الكلام المنطوق: عندئذ يدو الكلام كأنه لا مناص 
منه. هکذا یمکننا أن ندرك مفهوم «الإيماءة الأساسية» 
فی السرح اللحمی الذی 
يضم ليس فقط الإيماء بوصف كذلككء وإنما أيضاً 
الموقف الجسدى برمته؛ أى «المظهر؛ ‏ «الهيكئة 
الخارجية؛ 405أةط الذى يعادل موقف الشخصية الرئيسى 

من العالم ومن الآخرين. . كما يتحكم هذا الموقف أيضاً 

فى الكلام بوصفه ناعاً عن لأسباب تفي ٠‏ . وقد 
يظهر نوع من التناقض بينه وبين الكلام عندما تضطره 
القيود الاجتماعية إلى إخفاء إما الكلام وإما الإيماءة 
الأساسية. وفى الأحوال كافة؛ يدر الكلام مكملاً 
للایماءة» منبثقاً عنها. هكذا يدعو فيتيز ممثليه لمثل هذا 
العمل الذى يقسوم بالاساس على احتراع إيماءات 
لاتنتج إلا الكلام المراد النطق به؛ حيث يقوم عمل 
المثل - وعذا هو العنی التربوی لدی فیتیز - على إيجاد 
لغة تخاطب للجسدء أو شبكة من الایماءات التی تسمح 
بتفتت الخطاب الذى يليها بشكل حتمى. ولنعط مثالا 
على ذلك كلمة «أنطاكيرس» ۸00015 الشیرة 
للسخرية التی تختتم بها مسرحية (بیرپنیس 286760106 
لراسین ۵6 حین یقول : «ياللأسف». يبرر أنطوان 
فيتيز مخرج العرض ومؤدى دور أنطاكيوس كلمة 
ەياللاسف» قائلا إنه عندما تبلغ بيرينيس مؤخرة الخشبة 
کی ترحل , یمس بها أنطاكيوس برهة ويضمها بين 
ذراعيه فتفلت منه كلمة «باللأسف؛؛ لتصبح نفحة 

الداع التى يطلقسها الرجل حين يفتح 5راعيه تاركاً 
محبوبته تنسل من بينهما إلى الأبد . هكذا تفلت الكلمة 
كأنما الإمساك بها مستحيل. إن قيمة فيتيز الحقيقية 
وأصالته من حیث هو معلم وموجه للممثلین تکمن فی 
بنائه الایماءة؛ حيث تقوم الإيماءة المبتكرة مقام الموقف 
المصغر لكلمات متخيلة. فمسرحيات مولبير الأريع كانت 
تضج بالحركات الإيمائية المبتكرة التى تعبر عن العلاقة 
بين الممثل ‏ الشخصية وبين كلامه وصحته. فبينما 


عند بريخت» وهى الإيماءة و 


1Y 


يتشاجر إخوة إلقير يريت دون جوان على يمامة صغيرة 
مبرراً بهذه الايماءة الفرية صمته آمام الشجار التوحش: 
فبینما یتفاتل هذان الکائنان حتى الموت» أو يحاولان 
ذلك؛ يداعب هو العصفور- الحياة» العصفور - اللذ 

من الممكن أن تكون الإيماءة عملية إخراج للغة؛ 
أى أن تكون التحمّق المادى للاستعارة أو غالبا التحقق 
الادی للمجاز (ر الاستعارة الممحوة) Catachrèse‏ llغa‏ 
الحياة اليومية: «مطاردة شخص ما بالداعبات» نتوازی مع 
جولة الناوی فوق خشبة السرح» بينما تتوازى جملة 
«يوطد أقدامهه مع امساك دون چوان بساق کل واحدة 
من النساء اللاتی یقعن فى حبائله. ان الایماءة تظهر 
الضمون الادی للفة. 


۵-۳۱ تاکید احطاب. 

يقوم الإيماء أيضاً بتأكيد الخطاب وتفصيله؛ أى 
نفتيته إلى وحدات (متتالیات صغری) داخل التبار 
الخطابى. غالباً ما تتم الإشارة إلى هذه التفصيلات فى 
نص الارشادات السرحية؛ ولكنها غالبا ما تكون من 
ابتكا, و وتفصيل الخطاب» أو 


فى مسرحية (الاعترافات الكاذية وعدوسة دما 
(Confidences‏ تالیف «ماریشوا ۷۸۵۳۵ وإخراج 
اسال 85۵10:]» یجلس دوبوا 5أمطناط على درجة السلم 
دانعاً آرامشت ۲۵ بشکل ضمنی الی آن غذر 
حذوه ومغيراً بذلك - نجات معنی واناه اعترافه 
(إسراره) بحب دورانت 201306: فهو يدفع أرامنت 
بحركته الإيمائية هذه إلى أن تتواطأ معه فى خطابه من 
حیث هو خادم - تابع جالس على السلم.. وعندما قام 
فلیب افرون Philippe Avron‏ بدور سجانریل 5802076116 
(مسرحية مولییر - اخراج بلانشون #مطعصداط) ؛ وعند 
الصيحة الثالئة ويا له من رجل!؛)» یتحول استنکار الخادم 
إلى إعجاب بالسيد الماكر بشكل فاضح. 





۰-۴-۱ 
لا تقوم الإيماءة بوظائف مصاحبة أو استهلال أو 
إنهاء أو تأكيد الجملة فقطء بل هى تتمتع بخطاب 
خاص بهاء دون أن يكون خطابها هذا مستقلاً تمام 
الاستقلال؛ حيث يدو فى العرض بوصفه نصاً- تمثل 
الإيماءة جزءاً مله - ولكنه جرء ذو بنية وذو معنى خاص 

به. 
ولنتأمل هذه الأمثلة: فى (مدرسة الزوجات 
)L ecole des femmes‏ من تاليف مولییر - اخراج فیتیزه 
تلقی ا 5 بنفسها مرات عدة بین اخضتان 
أرنولف Anmolphe‏ وهى ترندی وب طفلة؛ فتعبر 
بإيماءانها هذه عن علاقة البنوة وعن الحب الحقیقی 
الذى نشعر به نحو أرنولف» وطبيعة الحب المْحرّم الذى 
يشعر به الأخير نحوها. تعمل الإيماءة هنا بوصفها 
«مؤشرأ» على المشاعرء هكذا ترى أن الإيماءة ١علامة‏ 
إشارية وأيقونيةة فى آن: فهى من حيث كرنها أيقونة 
بلة ال تهة العسغيرة تعد مؤشراً على نمط معين من 
العلاقات العاطفية. 





فى مسرحية (هاملت» لليوبيموف ٣0۷‏ iطuہنا‏ 
یرندی المثل اتی شیرت؟ آسود اللون وسروالة ذا ۱ کمرا 
منخفض وقلادة نضية» ثم یرنع طرف ال«تي شیرت! 
لیثبته بالقلادة معرياً بطنه: إن هذا الملبس «الشاذ) مؤشر 
علی «انجنون». وعندما ییقی وحیداً یمود ال اتی 
شیرت» الی مکانه الطبیعی» ثم حين یفاجثه بولونبوس 
دنانمه[۳ یعود هاملت للی رفع ال«تی شیرت» خلسة 
ويعلقه فى القلادة: هنا الايماءة موشر علی الجنون 
الصطنع» الزیف . 

نی بعض اشکال السرح تحمل الإيماءة» التى 
تقترب أو تبصد عن الرقص, «حطابا منظماه موازياً 
للخطاب النطوق الذی یتولاه مودون آحرون؛ الأمر الذى 
نراه فى مسرح الکاتا کالی 21:05 الهندی؛ حیث 


خطاب الممثل : الإيماء 


تعمل السيمفونية الإيمائية بمصاحبة القصة التى ينشدها 
الآخرون. 
۷-۳-۱ الایماءة الهيروغليفية. 

فی آشکال السرح الاسیوی» خاصة السرح 
الهندی, الكاتاكالى رالبهاراتا ناتيام N12"‏ هادمةم8, 
تكون الإيماءة ذات شفرة محددة: كل إيماءة تعادل 
جذر كلمة أو جملة معينة؛ فتلك الإيماءة ثعبان؛ وتلك 
الإيماءة نهرء والأخرى إيماءة التأمل. هكذا تعبر 
الایماءات فی تتابعها مثلاً عن معان من مثل: «الشعبان 
بهدد البطل؛ آر «البطل یمبر النهرا . بعض هذه 
الإيماءات يتمتع بخاصية أيقونية نسبية: إيماءة الشعبان 
نخاکی حركة التعبان» وإيماءة النهر تخاکی انسياب الماء؟ 
والبعض الآخر إيماءات اصطلاحية محضة:؛ مثل المودراس 
mudras‏ (وضع الأيدى للإشارة بشكل اصطلاحى إلى 
موقق نفسى معين) . 

يقرأ المتفرج الإيماءة بشكل قليلاً ما يحتمل 
اللبس» تماما مثلما يقرأ جملة ما فى الخطاب المنطوق. 
بعض هذه الإيماءات ذو شفرة محددة ثقافياًء مثل 
الإيماءات التقليدية التى تحدث فى الحياة اليومية» 
وبعضها الآخر لا يرتبط إلا بشفرة السرح» ویتطلب 
معرفة هذه اللغة الخاصة والخبرة بها. 


4-۱ قراءة سیمنطیقا الايماءة. 

نصل هنا إلى إشكال قراءة الإيماءة: إذا كانت 
تقوم فقط بمصاحبة أو بتجديد الكلام؛ فهى لاتكاذ 
ختاج إلى قراءة مستفلة: فالکلام هو الذى يكسبها معنى 
أو يؤكد مغزاها. وفى الحالات الأخرى جميعاء يكرن 
للإيماءة معنى خاص؛ حيث تتحمل الإيماءة مهمة 
قول - عرض عدد من الأمور . 


۱ 


أن أوبرسفيلد 


١-4-١‏ تحليل الإيماءة. 

يجب ليل الدال الإيمائى على مستويين النين: 

8 ) على مستوى تعاقبية الإيماءة diach r02‏ 
ومختلف الحركات والأوضاع ‏ الکینیم 
(عناصر متحركة فى مقابل عناصر ثابتة) - 
التى تشكل الإيماءة. من غير المجدى أن 
نعاود الحديث عن الصاعب الجمة التى 
تواجه تدوين الإيماءات فى تتابعهاء سواء 
كان تدويناً لفظیاً اوجرا شر آنا نستطيع 
تقطيع الدال الإيمائى إلى متتاليات صغرى» 
شريطة أن نقوم بتحليل متتالية قصيرة. 

(ب) علی مستری ترامنية الایماءة 5۱06۱۳016 : 
تنقفسم الایماءة بین ائنین أو أكشر من 
شخصيات العرض. هناك سيمفونيات 
إيمائية ؛ أى نصوص مركبة تعمل مختلف 
عناصرها فى صورة تألفات سيمنطيقية 
ولوحات بصرية» فإذا كان الأمر يتعلق بمؤد 
واحدء فإن جسد الممثل يصبح موضع 
إيماءات مختلفة؛ مشکلاً بذلك نصاً إيمائياً. 
هکذا یکون من الجائز دراسة ٍیماء الأیدی» 
حركة الساقين؛ الهيئة العامة فى مواجهة 
الممثل المشارك أو فى مواجهة الجمهور» 
كل على حدة» مع توضيح العلاقة بين 
مختلف هذه العناصر. 


۲-۱ الضمون: 
الإيماءة «قول وعرض» عند نقطة السفاء الخیال 
والعرض؛ کما آن اخختيار الشئ الذی برغب المثل فی 
قوله وعرضه یملی علیه نمط الایماء: 
50 ففى إمكانه أن يقدم عرضاً للشخصية 
بوصفها فرداً له خصوصيته الجسدية أو 
النفسية؛ وأن يختار وضعاً أو هيكة معينة» أو 








نمطا من الحركاتء أو حتى نوعا من 
«اللازمات» أو الإشارات الخاصة؛ عندئذ 
يقوم الممثل بالتعامل مع عدد من الإيماءات 
المتكررة. 
(ب) كما يستطيع الممثل تقديم الشخصية 
الاجتماعية: إيماءات متعلقة بالعمل» 
بالحياة اليومية العادية؛ بالحياة الاجتماعية» 
وبكل العناصر التى تشكل الإيماء البريختى . 
(ج) وفى إمكانه أيضاً أن يقول/ يعرض العواطف 
وأثرها على السلوك الجسدى؛ مثل الخوف 
أو الرغبة. 
١‏ د ) أر أن يقول/ يعرض الحدث المنفذ على 
الخشبة. 
(ه) أو أن يقول/ يعرض «الزمكان» المتخيل» 
كمافعل داريو فو 0 88510 عندما شکل 
فی الهراء بيديه مكتبة فى دير. 
فى الأحوال كافة؛ يعد أساس الإيماء هو محاكاة 
الإيماء فى العالم (فيما عدا الحالة الأخيرة غالبا : كما 
هو الحال فى إيماء البخيل الذى يتضمن كافة 
إمكانات اخمتراع إيماءات جديدةء أو توليف إيماءات 
مشفرة؛ أو تعدى الشفرات والتأسيس لشفرات جديدة؛ إن 
عمل الممثل» بوصفه قولا وعرضاه يقوم على المحاكاة 
والابتكار فی آن؛ حبث تنبع متعة الشاهد من تمرف 
الایماءة القديمة وإدراك كنه الجديدة. 


۳-۱ وظائف اخطاب الایمائی. 

يمكننا تحليل الخطاب الإيمائى انطلاقاً من 
(وظائفه» » كما هو الحال بالنسبة إلى خطاب الممثل فى 
مجمله» خاصة الخطاب اللفظی. ونستطیع أن نستعین 
هنا بوظائق الخطابات الست التى أبرزها ياكوبسون 
1:90 : الوظيفة الرجعية: الایماءة حامل معلومة» 





فهى تقول شيئاً ما؛ الوظيفة المعرفية: الإيماءة تأمر أر 
تتوسل أو تدافع ..إلخ؛ وظيفة التوصيل: الإيماءة حلقة 
وصل» فهى تقول أو تدعو إلى الاتصال؛ الوظيفة التعبيرية 
التى ترتبط بتعبيرية الإيماءة؛ الوظيفة الشعرية: أى 
علاقات الإيماءات فيما بينهاء أو شاعرية الإيماءة 
المرتبطة بالرقص؛ والوظيفة اللغوية الوأاصفة: من الممكن 
أن تكون الإيماءة تعليقاً على خخطاب ما (لفظى أر 
إيمائى) ومن الممكن أن تعنى بلغة الكلام: «أريد أن 
أوضح ١‏ أو دما يعنى كذاه. 

وقد نسعطيع مخليل الخطاب الإيمائى بشكل 
مختلف باستخدام مفاهيم أفعال اللغة عند المدرسة 
الإنجليزية. هكذا تصبح وظائف الإيماء كالتالى: 


۳ ) وظيفة الکحدث ۲6زمانا۱0۵ 1006100 ولن 
نؤكد كثيراً آهمیتها؛ فالخبر الایمائی» مئله 
مثل أى خبر آخر» يقول شيئاً ما. 


3 


(ب) وظيفة عبر - تعبيرية ۳6۲00010[16؟ حيث 
تثير الايماءة مشاعر کل من المثل الشارك 
والمتفرج؛ المرسل إليهما. 
(ج) وظيفة تعبيرية #ذوانهه!!1: فالإيماءة أكثر 
من أى خبر آخر» خبر - فعل؛ حيث إنها 
تأمر وتنهى وتنكر وتژكد وتقسم.. إلخ. 
داخل هذه الوظائف المتنوعة التى لاغنى عن 
استخدامها من قبل كل من يريد تخليل الإيماء فى 
العرضء تبدو الإيماءة وحيدة أو متصلة/ متناقضة مع 
الأخبار اللفظية التى تعمل الإيماءة فى علاقة تكرار 
معهاء أو فى علاقة اختلاف أو حتى فى علاقة تعارض. 
إن تخيل وجود وظائف للخطاب الإيمائى مجرد 
تقدیر استقرائی عام؛ الأمر الذی یعنی مقارنة الخطاب 
الإيمائى «بالكلام؛ ؛ وهى مقارنة أقل جرأة؛ حيث إننا 


خطاب الممثل : الإيماء 


تعصرر أن المتفرج أثناء العرض يخلق أخباراً تعادل 
الإيماءة: تعادل إيماءة الإصبع التى تشير إلى باب 
الخروج خبر #اخرج من هناء» ما یسمح لنا بتحلیل 
وظائفهاء مثلما نحلل وظائف ۳ خبر لغوی آخر. 


4-١‏ - 4 الشاذ والمعتم. 

فى مجال الإيماءة؛ أكثر من أى مجال آخر ينتج 
فيه الممثل علامات أخرىء» هناك جانب غير قابل 
«للسمطقةا ؛ وهو الجانب الذی یتعدی الصفة اللعبية. 


ولنعط مثالا على ذلك: علينا أن نمشرف - رغم 
مرارة هذا الاعتراف - بأن جزءاً من متعة المتفرج الغربى 
الكبرى التى يمنحه إياها المسرح الآسيوى (ومنه مسرح 
الكاتاكالى) تعتمد أساساً على كونه لا يفهم جيداً (فى 
أحسن الأحوال) أو لا يفهم مطلقاً تلك اللغة المسرحية» 
كما أن هذا الإيماء يصطبغ عنده بصبغة الرقص الذى 
لامدلول له؛ وفى الوقت نفسه بطابع الأحجية التى لا 
حل لها. 

والواقع؛ حتى فى أمثلة الإيماءات الشاذة والغريبة 
القصوی, آن عمل الایماءة «العتمة» اکثر ترکیباً 
وتعقیداً ما نتصور: لکنها لیست مطلقة التعتیم. 

فرغم أن الإيماءة غير قابلة لأن يعبر عنها باللفظ» 
فهى مفهومة «فى جانب ما منها» من التفرجین - کما 
يقول امحلل النفسى عن مرضاه: «فی جانب ماء هم 
یعلمود؟ .. فی جاني ماء اى فى علافتهم باجسادهم - 
وربما أيضاً فى إحساسهم العضرى الكامن. 

عند ظهور سيليمان  ©6110886‏ بشکل مذهل 
فی بداية الفصل الشانی من ( کاره البشر -عذ24 16 
۵ من تأليف مولییر - (خراج فیتیز» وقد حملها 
الیسنت ۶ بین ذراعبه , تظهر مسکة بطرف ذراعها 
شمعداناً (ثقيلاً جداً) وقد ترکت ذراعها معلقة فى 


1 


آن أوبرسفيلد 





تراخ» «یفهم التفرج الذی تثیره هذه الایماءة الغريية. وبشكل أعم» هناك جانب من الإيماء ليس له» 
وعندما یخلم آلسست حذاءه ويؤدى مشهده الكبير مع ولايمكن أن يكون له؛ تفسير عقلانى أو مقارب 


سيليمان مرتدياً الحذاء فی ناحية والجوارب فی ناحية 


آخری» فان ذلك من شأنه آن ینتج» کما بقول فیتیز» 


للحقيقة؛ فالایماءات أسعلة بلالجابة و ریما کانت 
عملية اتصال استنتاجبة بین جسدین» لایمکن التعبیر 
عنها باللفظ. إننا نستطيع أن نؤسس أنماط الإيماء وفقأ 


۱ نا (فتلك انماءة لانسعطم د 5 
کی ییا ت ای ا ل موه بای الم ی مق تمه نی سم 
تفسيرها تفسيراً قريباً من الحقيقة)» وإنما ينتج أثراً مزيفاًء ‏ الأخير نقول إن مدلول الإيماءة العتمة هو تعتیمها فی 
أو فعلاً ناقصاً. داته. 


الهوامش 


0) 


۲) 


۳( 
(4) 


(o) 
CU 


۷ 
(A) 
(4) 


(۱۰) انظر: 


اعتمدنا فى ترجمتنا مصطلح «الإيماءة؛ معادلا للمصطلح الفرنسی 466۵06۱ أ توساوع 4 رالإيماء» معادلا ل 065006116 ردالایمائیة! معادلا ل -جوتا 
۱۷۵1 (الرجمة] . 

فيما يخص إشكال اللغة الإيمائية» نحبل القارئ إلى العدد الخاص من مجلة نها (رقم ۰۱۰ بونیو ۲۱۹۳۸ خاصة للی مقال جریماس 62۳8۱0۵5 : 
شروط سيميوطيقا العالم الطبيعى. أما فيما بخص قضية التدرين» نحيل القارئ إلى مقال كوحلان 0٠٤11١‏ التقنيات السدية وتدرينها بالرمز. 

حول هذه القضية الرئيسية؛ انظر فى العدد السايق نفسه مقال چولیا کربستبفا :۲0:00 .1: الویماءة مارسة ام اتصال. 

حول مسألة الملاقة بين الأجساد والمسافة الفاملة بينها انظر أعمال «هرل» 11011 : البعد الحفى La dimension cachée‏ ؛ ولغة الصمت -أ5 ععدعمما مآ 
:68616 حيث بحلل الژلف فى هذين العملين الخاصية الاجتماعية للمسافة الفاصلة بين الأجساد البشرية وفتا للثقافات اختلفة . 

عن الإيماءة بوصفها مثيرأ مبرمجاً: انظر إمبرتر لیکو 20 ۱۳0۳۵00 , القارئ فی الحكاية دأباه! 10 ۱60۱0۲ ؛ ریتر بروك :3001 ۳۵۱۵۲ مزتمر الطیور. 

إا نتحدث بأعضائنا الصوتية» لكننا نتخاطب بأجسادنا كاملة. إن الخاطبة ليسث مجرد ثبادل كلمات منطرقة فمصطلح «غير لغرى؛ 836312080386 يستخدم 
للإحالة إلى أنشطة اتصال غير لفظية تصاحب مرکا لمظباً أناء امحاطبة. (انظر Abercrombie, «Paralanguage», in J. Laver.. Communication in‏ 
(,64.م ۰ face to face interaction, London, Penguin,‏ 

انظر أعمال کونستان 00081800 رفرقته المسرحية کورنوف 200۳60۷6 ذا عل ۳1405 

يمد هنا التقابل الرئيسى بين التخبلى والمعررض» كما يرد فى كل ما قبل عن المسرج. 

يعد حشرا ولغوا حبن تكرث الإيماءة زائدة عن الحاجة» وتكرارا عندما تبدر نطويرً ضرورباً يضفى مدلولً: فى مسرحية كاره البشر من إخراج فيتيز» عندما تعترف 
أرسينويه 4 بحبها لألسست 4100518 » تقف خلفه رربت على رأسه عن بعد دون أن تلمسه: تضيف هذه الإيماءة فكرة الحبيب الذى لا يجرؤ على 
التصريح الكامل فيلجأ إلى بعض الحيل «الملترية» . 

Cahiers - Théatre, Louvain, 37 p.40 


)١1(‏ عن الإيماءة يقول بريخت: «إننا نعتى بالإيماءة 065005 مجموعة مركبة من الإيماءات المننوعة المتفرقة التى نرتبط بأحادبث ماء وهى مبدأ عملية التبادل الإنسائى 


11 


القابلة للمزل» وتتعلق بالموقف العام الذى يتبناه كل من يشاركرت فى هذه العملية (إدانة رجل ما من قبل رجال آخرين» مناقشة» معركة... إلخ). أو هى مجمرعة 
م ركبة من الإيماءات ومن الأحاديث التى تثير عملية معينة عند قيام فرد منعرل بها (مرقف هاملت المتردد؛ إعلان جالبلير عفيدته .. إلخ) . أر هى ببساطة موقف 
أساسى لرجل ما (مثل الشعور بالرضا أو الانتظار) . إن الإيماءة تشبر إلى العلاقات بين البشره . (انقثر يريخت؛ كتايات فی السرح؛ الکتاب الثاني ؛ ص 6۹۵ 





ل 





ضبط العلاقة بين 


معملية التجريب المسرخى 


۱ 


وجماهيرية اما تور الشعبی 





۳3 
عبد الرحمن عرنوس 


۱ 


إذا كان ما يعنيه هذا العنواك هو كيفية عمل 
التوازن بين التجريب المسملى المسرحى والأثور الشعبى 
الجماهيرى؛ فإن من الجائز أن يعوق هذا التوازن عملية 
الابداع عند التعامل مع هذا المأثور» وقد يعمل على 
خجيمه؛ ذلك أنه عندما تحجم عملية التجريب فى المأثور 
الشعبى من خلال ضوابط فقد يتوقف الإبداع؛ حيدما 
يتقيد التجريب عن طريق الضبطء لآن الضبط توازن» 
والتوازن هو التعامل بین طرفین بنسب مقننة ومحسوبة» 
والتجريب يبحث عن نتائج غامضة تتطلب ديمومة 
البحثء لا يحدها ضرابط ولا حدود للرصول إلى 
الهدف. 

أما إذا كان اللقصود هو الحصول على تقييم 
العلاقة بين التتجريب المسرحى المعملى والمألور الشعبى) 





* مخرج مسرحى» ومحاضر بأكاديمية الفنون» بالقاهرة . 





فمن المکن متابعة عملية التفاعل فی محاولات 
التجریب للاحظة نتائج البحث عند التعامل مع مفردات 
المأثور الشعبى المنطوق والمرئى فى التجريب ا مسرحى» 
وتسجيل ما توصلت إليه علاقة التجرية المعملية المسرحية 
فى المأثور الشعبى . 

أما إذا كان المقصود هوكيفية الإفادة من التجريب 
المعملى» عند الخوض فى التعامل مع الأثور» ومن خلال 
ما توصلت إليه من نتائج توضع بوصفها ضوابط تفيد 
من يأنى من المستكشفين فى هذا الدرب لتنير لهم طريق 
الابداع» عند التعامل فى هذا الحقل» فتكفى محاولة 
العرفة ثم تأتی عملية ضبط هذه العلاقة. وعلى هذاء 
تستبت کلمة «معملیة» من «معمل», وتعنی کلمة 
معمل؛ كما جاءت فى أمهات کتب تفسیر العنی عند 
ابن منظور وغيره؛ وكما سجله لنا إبراهيم أنيس وأخرون 
فى «المعجم الوسيط) :- إنه يعنى ١‏ المكان الذى يجتمع 


1 


عبد الرحمن عرنوس 


فيه العمال وآلات العمل وهو الختبر الذى ججرى فيه 
التجا 08 
جار ب8 . 


وبالرغم ما جاء فى القفسير السابق على أن 
«المعمل» هو المكان الذى مجرى فيه التجارب» فإنه 
يمكن أن يكون الوحدة التى تنفذ الاكتشافات العلمية 
السبقة؛ حیث ان «العمل» جاء من الفعل اعمل). 
وعلی هذا قد یکون «انختبر» هو الوحدة الا کثر تخصصا 
لا کتشاف ماهية الشوم؛ حیث ان الختبر هو لغة مأخوذة 
من الفعل «خبره الشئ أى فحصه وتأكد منهء وهو 
الکان الذی ری فيه التجارب العملية (۳۲. 


وعلى هذاء قد بی فحص الشئ واختباره قبل 
العمل والتعامل معه. وبغض النظر عن مناقشة الاختلاف 
فى البحث عن المعنى الدقيق للمعملية» فإنه يتحتم علينا 
البحث فى كيفية الإفادة من التجريب المعملى المسرحى 
عند التعامل مع المأثور الشعبى الجماهيرى من حيث هو 
مادة خام» وعلینا أيضا البحث فى تعامل الفنان المبدع» 
مؤلفا كان أو مخرجا أو مصمما لاحدی مفردات الصورة 
المرئية» مع هذه الخامة. 


وقبل الخوض فى هذه النقطة» وجب علينا التنويه 
وتعرف معنى المأثور والتجريب. فقد أورد أحد الآراء أن 
المصطلح العلمى للإبداع الشعبى هو «المأثورات 
الشعبية؛» وذلك كترجمة دقيقة لمصطلح «فلکلور؛ 
الامجلیزی الذی استخدمه للمرة الاولی العالم الإمجليزى 
سیرجون ولیام تومز (۱۸۰۳- ۱۸۸۵) (۳ 


أما التجريب» فبأتى من التسجربة» ويرى وليم 
جيمس أن التجربة هى مصدر ثقعناء فيجب ألا نهمل 
التجارب الجديدة» وينبغى أن نقوم دائما بعملية جرد 
مخرننا القديم» فقد نكتشف بتجربة جديدة أن بعض 
أجزاء المستودع القديم معارض لبعض. ومن هناء يشعر 
الإنسان بالقلق والحاجة إلى الخروج منه؛ ووسيلته إلى 
ذلك هى التوفيق بين القديم والجدید"*؟. وعلی هذاء قد 


1A 





ی A‏ 
(الاضی) وجدل مع هذا ال لتراکم فى (الحاضر)ء وإعادة 
تشکیله وصياغة مفرداته بعد اکتشاف غموضه لتصبح 

موروثا فى (الآتى) . 


والان؛ بعد محاولة تفتيت مكونات العنوان المتناول 
لتعرف ما يعنيه» حتى تتسنى لنا محاولة الإجابة عن 


السوال الطروح سلفا؛ وهو كيفية الإفادة من علاقة 


التجريب المعملى المسرحى والمأثور الشعبى؛ باعتبار هذا 
المأثور مادة خاما ‏ عندما يتعاما المبدء مه عناصر تلك 
الخامة للتجریب والبحث» عندما یمس ۳ زيادة تفاعل 
عناصر المأثور المنطوقة كالكلمة: والمرئية كالحركة» 
أو يوازن بينها متحكما فى ضبطهاء أو يخفف من 
عناصرها السمعية لتظهر بلاغة (الصورة البصرية؛ للتعبير 
عن الهدف والحصول على المكنون الذى يريده من 
خلال رؤيته؛ عندما تتفاعل عناصر ایداعه «السمعی 
البصرى؛ عند سید الأثور الشعبی» من مبداً الحذف 
والإضافة: أو التعديل مع التبديل» أو التقديم والتأخير 


ومثال ذلك عندما تسيطر الكلمة وتسكن الحركة» 
أر حينما يتفجر الجدل بين السكون والحركة ليسيطر 
الصمت تارة» و الحرکة تارة آخسری» علی الصورة 
المسرحية فتتسيد الحركة / الجسدء أو حركة الضوءء 
أو حركة تتابع الإيقاع زيادة أو بطئا لتعجسد ١بلاغة‏ 
الصورة المسرحية؛ بين الصمت والح ركة عن طريق 
الإيقاع المنسق أو المتنافر. ومن ثم؛ يصبح المجسرب 
المسرحى فى تعامله مع المادة الخام مثل الكيميائى الذى 
يجرى تعديلاته على نسب العناصر فى جاربه» للوصول 
إلى تتائج غير معروفة ليحاول اكتشافهاء مثلما 
حدث فى بعض مارب مختبر اليرموك المسرحى بالاردن 
فی الفترة من ۱۹۸۳ - ۶۱۹۸۷ عندما أجريت على 


* ارب قام بها طلبة مختبر جامعة الیرموك السرحی حت إشراف «الباحث؛ 
حینما کان محاضرا هناك فی الفترة من ۱۹۸۳ - ۰۱۹۸۷ 


اس صسسسسسسس ‏ بح ضبط العلاقة بين معملية التجريب 


3 


خامة من الموروث الشعبى لحكاية من الحكايات الشعبية 
فى المجتمع الفلسطينى بعنوان (تزوجت ابنها التى تحمل 
فى ثناياها ملامح من قصة (أوديب الملك)2*0: وحكاية 
أخرى بعنوان (رطل لحم من لحمه) نشم منها رائحة 
(ناجر البندقية)27. وقد تجسدت فيهما عناصر الضوء 
والصوت المنطوق والصوت المجرد واللون فى المناظر 
المسرحية والملابسء إضافة للتعبير الحركى من خلال 
إعداد الممثل"ء ما جعل الناقد الأردنى مفيد حوامدة 
يطلق على هذه التجربة مصطلح (الضو صو لونية»» ثم 
عاد وسجل هذا الصطلح عند مخلیله لأحد العروض 
قائلا: 


«يقرم هذا الاحجاه على عدم التمثيل.. وعلى 
السماح للجسم والمشاعر بالانطلاق الحر 
المريح إزاء الاستجابة للمثير المرئى والمسموع 
على المستوى الفردى للممثل من خلال 
تفاعله مع غيره من الممثلين على خشبة 
السرح كاستجابة لمنطوقات الضوء والصوت 
واللون التی تتفاعل لتنتج آثرا مختلفا عن 
مجموع العناصر المتفاعلة.. ولذا فقد 
أقترح تسمية نتيجة تفاعل هذه العناصر 
ب (الضوصولونیة) )۳۱ 
هذاء ومن خلال الاستطراد فی البحث عن علاقة 
التجريب المعملى والأثور» يبقى أن نتناول مفردات الأثور 
دفعا للبس الذى ترسخ عند البعض حينما يتناولون علاقة 
التجريب بالمأثور من زاوية واحدة؛ ألا وهى زاوية النص 
الذی دونه جامعو التراث الشفاهی. 


فهل يحق التعامل مع المأثور من زاوية النص فقط؟ 

لذاء كان لابد لنا من البحث لععرف آراء هل 
التخصص: لشرح مفردات الثور السموعة والرئية التی 
یمکن التعامل معها جریا 


مفردات المأثور ورديفه الفولكلور: 
فإذا افترضنا أن المأثور هو ما أثره الشعب وتناقلته 

الأجيال قرلا وفعلاء فإن تعدد المطروح من تفسيراته 

ومرادفات تسمياته يحتم علينا أن نلاحق بعضا منهاء منعا 

للخلط بين مصطلح «الفولكلور؛ ومصطلح «المأثورا» 

بالرغم من اختيار المأثورء بوصفه مصطلحا علميا أدق من 

الفولكلور» كما سبق. وعلى الرغم من هذاء فهناك من 
يفسر الفولكلور على أنه دراسة الموروثات الشقافية من 
حيث هى أفعال أو مارسات أو مأثورات شفوية ومعتقدات 

لدى العنصر المتخلف فى مجتمع أكثر تخضراً (29. 
آما الأثوره فقد حددت (حدی حلقات النظمة 

العربية للتربية والطقافة والعلرم مفردانه کالتالی: 

۱ - السیر الشعبية التی تتردد فی الوطن العربی» کسيرة 
عنترة والزیر سالم وغیرهما. 

۲ - الحكايات الشعبية النثرية على اختلاف أنواعهاء مثل 
حكايات التسلية والحكم وغيرها. 

۳ - النوادر التى تتجمع حول صفة أو مهنة أو نزعة 
أخلاقية؛ مثل نوادر الحمقى والمغفلين والبخلاء 
والعمیان» ونوادر الشخصيات مثل نوادر جحا وغيره. 

؛ ‏ الأدب الشعبى فى المناسبات» مثل الحيج والزيارة. 

ه ‏ الأشعار البدوية كالتى تتعلق بالرحلة؛ والسفرء وما 
يقترن بالخيل والإبل والصيد. 

5 الأغنية الشعبية» ومنها أغانى العمل واللعب والزواج 
والميلاد والختان... إلخ . 

الظواهر التمشيلية» كالفصول المضحكة المرتجلة» 
والتعبیر الدرامی الذی یصاحب مارسات شعبية. 

8 الأمثال الشعبية والأقوال. المأنورة. 


5 الأحاجى والألفاظ. 


۱۹۹ 


عبد الرحمن عرنوس 


٠‏ النداءات ذات القيمة أو الدلالة التى يلقيها 


الباعة 2300, 


ويضيف شريف عناكنة بعض التفاصيل لمفردات 
الفولكلور كرديف «دللمأثورات» » ومی أن الفولكلور 
یشمل الاساطیر والخرافات» والقصص الشعبية, والنکات» 
والأمشال» والحزازير» والألغاز» ولشرانیم» والسصاویذ» 
والتبریکات؛ واللعنات» والشتائم والسبات؛ والأيمان» 
والاجابات ال قليدية» والفاهرة» والعايرة» واللایس 
الشعبية والفن الشعبی؛ والوسیقی الشعبية وأسماء 
الما کن» والواقع» والایماءات» واللاحم الشعبية» وما 
یکتب علی القبور والسیارات والجدران؛ والبیوت» 
والأسوار» وبیوت الحیوانات» وما يقال لطرد الحيوانات أو 
استدعائهاء وما يقال عند العطس والسعال» والاحتفالات 
الشعبية فی الواسم والاعیاد انختلفة ١‏ . 


إذن» وبعد تعرف مفردات المأثور ورديفه» حسب ما 
جاء عند علماء الاختصاص» نطرح عددا من 
التساؤلاات: 


لماذا لا تدحل مرادفات المأثور المرئية السابقة» 
أو بعض منهاء فى نطاق معملية التجريب إلى جانب 
تصوص الائور المسموعة؟ كمشال دعوة كل من على 
الراعی الی #الکومیدیا الرتجلة» ؛ ومنذ محاولات شوقى 
عبد الحكيم فى جمع نضوص منها وتعامله مع التراث 
الى مثل شفيقة ومتولی والستحبی رغیرها» وقد صاع 
بعضها معارضا بعض الناهج القديمة"'' التى لا ترى 
التعامل مع التراث إلا جرد إحيائه وبعثه. 

[ذن» هناك من یری ضرورة الحفاظ علی التراث 
رعدم الساس به» وفى المقابل هناك من يسمح لنفسه 
باستخدامه لخدمة قضايا عصره. لكن لا يغيب عنا رأى 
يوسف إدريس بالا جاه إلى الجذور رالتعامل مع مسرحنا 
المحلى وأشكاله الجنينية التى ذكرها فى بياناته» وكذلك 
فى البحث عن النص. وقد أشار إلى أنه لابد لنا » لکی 


۱۷۰ 


نسلك طريقناء فى ذلكء أن نكتشف أنفسنا ونكتشفها 
فی نقطة یکتنفها غموض کثیر» هی طبیعتها الدرامية. 
وتابع رأيه مقررا أن المشكلة لا تقعصر على القأليف 
السرحى وحده» ولكنها تشمل طرق التمثيل والإخراج» 
رحتی شکل السرح نفسه وهندسته(۱۳. 


ومن هذا الرأى ما يمكن أن يجيب عن ما طرحناه 
عن إمكان التجريب المعملى المسرحى فى المفردات 
السموعة والرئية للموروث الشعبی» کما یمکن آن 
نلمح فيه الدعوة إلى توازن التجريب فى مفردات العرض 
المسرحى» وما يمكن أن يحقق الدعوة إلى ضبط علاقة 
التجريب بالأثور الشعبى. وإن صح هذا التفسير» فيمكن 
أن یکون مقیقا لا يعنيه رأس موضوعدا المطروح وتأكيدا 
أن المأثور ليس القولى والمنطوق - كما سبق واستشعرنا - 
وإنما يشمل المرئى أيضا. وفى هذا ما يمكن أن يجعلنا 
نستشعر أن ضبط هذه العلاقة المعملية يستلزم أن يشمل 
التجريب المعملى مفردات الأثور سمعيا ومرئياء ليتحقق 
هذا الطرح فى التجسيد المرئى لمفردات العرض المسرحى» 
وألا تكون المعملية قاصرة على النص وحدهء بل تشمل 


٠‏ كل تلك المفردات بشكل متوازن» وفى هذا قد يتحقق 


القصود من عنوان هذا الطرح. 

رمع هذاء لا یفوتنا تسجیل بعض احاولات التی 
تعاملت مع الموروث الشعبى على ساحتناء وتناولها بعض 
المسرحيين المبدعين كتابا ومفسرين» وإن كنا نطمع فى 
الزید من معملية التجریب العملی فی مفردات الأئور 
البصری, والحرکی» مثل ح رکة آبناء الحرف اختلفة 
وغیرها. 

فمن مبدعی الاخراج والتألیف سعد الله ونوس 
وزملاژه فی سوریاء وعبد الرحیم عمر وجبریل الشیخ 
وخالد الطریفی ونادر عمران وحاتم السید؛ وباسم 
الدلقمونی؛ حکیم حرب والصمادی والضمور إضافة 
لی محاولات هانی صنوبر فی الأردن» ثم فرقة البلالين 








وفرقة الكشكول فى الأرض انحتلة» وتخارب الحكواتى فى 
النص ومفردات العرض فى لبنان وفلسطين» وفى الكويت 
. ظهرت محاولات فی التعامل مع التراث فى لغة العرض 
مثل محاولات فوّاد الشطی والرحوم صقر الرشود. وفی 
التأليف هناك محاولات عبد العزيز السريع وغیرهم» وفی 
العراق نلاحظ محاولات قاسم محمد (فی بغداد الأزل 
بین الجد والهزل)»؛ و (مجالس التراث)ء إضافة إلى 
محاولات غيره» وفى مصر هناك محاولات ألفريد فرج 
ويسرى الجندى ومحفوظ عبد الرحمن وغيرهم؛ رفى 
السودان نلمح محاولات عادل حربى والسنى دفع الله 
وعبد الحكيم الطاهرء باهمتمامهم بالصورة البصرية 
الشعبية واهتمامهم بالحركة الجسدية. 


هذاء ويمكن ملاحظة محاولات العجريبيين 
الليبيين من شباب المسرح الوطنى فى طرابلس وبنى 
غازى: أما فى تونس فيمكن ملاحظة تفجر الإبداع فی 
النص وتعامله مع العراث عند عز الدين المدنى المتعددة 
وسمیر العیادی الذی قدم (الجازية الهلالية)ء ثم هس رححية 
(علی بابا) تأليف الجعايبى والجزيرى؛ وغيرهمء إلى 
جانب المجددين التوانسة فى الصورة المسرحية» أمثال 
الحبيب شبیل وزملائه ومریدیه» وفی الجزائر استعان 
عبد الرحمن ولد کاکی بالاأسطورة فی مشرحية (کل 
واحد وحکمه)؛ وفی الفرب برزت محاولات الطیب 
العلج والصدیقی وبرشید وبن زيدان "۹۹ . 


ويمكن القول : إن بعض الكتاب المسرحيين 
العرب حاولوا التعامل مع بعض السير الشعبية عن طريق 
إسقاط واقعهم المعيش على الأحداث» كما حاولوا 
تجسيد الشخصيات واستحضارها لتتحاور وتتصارع من 
علال قواعد التألیف التبعةء لیجسدها أداء الممثل 
المعاصر مخالفا أو مطورا طريقة الأداء المتبعة فى السيرة 
الشعبية التى سجلها لنا عبد الحميد يونس ووصفها 
شارحا: «إن السيرة يقوم بها فرد واحد لا أكثر لأنه يلبس 
لكل حالة لبوسها ويضع نفسه فى مواضع الأبطال؛» 


ضبط العلاقة بين معملية التجريب 


ويضيف قائلا إنه ورد فى السيرة الخطاب المباشر والحوار 
عن طریق وسائل صناعية فی الصوت کالتفخيم» 
والترقیق» والجهر, والخفوت؛ تساعده عوامل الاشارة 
بالاصایم(۱۵) 
بالأصابع*. 


وفى الوصف السابق ما يضع أيدينا على الفرق بين 
أداء السيرة والأداء المسرحى؛ كما يجعلنا نحس 
بالتجريب عند بعض كتاب المسرح» فى محاولتهم اختبار 
نماذج من الحكايات والسير الشعبية» وتعاملهم مع 
النص» وتصرفهم فى الأحداث واختصار بعضهاء ويبدر 
أن هذا التصرف «التجريبى؛ من قبل البعض كان من 
كثرة أحداث هذه السيرة فى أماكن متعددة وأزمنة 
متغيرة؛ إضافة إلى شمولية القضايا التى تتناولها. 
فعلى سبيل الثال» يورد أحد محللى هذه السير؛ 
وهو الناقد فاروق خورشيد» تفسيرا مخليليا لسيرة عنترة 
التى تناولها بعض كتابنا قائلا: 
«فعنترة بن شداد من أوائل السیر الشعبية التی 
حفظها لنا التاريخ» والقضية انجتمعية التی 
تعالجها هی قضية الشعريية وموقف العرب 
من أبناء الأجئاس الأخری » ونحن نعتبرها 
أضخم هذه الأعمال الشعبية لا من حيث 
حجمها ولا من حيث رصدها لقضية من 
أخطر القضايا التى شغلت المجتمع العربى» 
وهى قضية الشعوبية وحسبء ولكن من 
حيث مضمونها الإنسانى العظيي"'. 
ومن أمثلة من تناول بعض هذه الحكايا والسير 
الکاتب الصری یسری الجندی» عندما تناول عنترة» إلى 
جانب غیره من کتابناالعرب علی ساحتدا؛ مثل أحمد 
الطيب العلج الذى تسجل له الأبحاث والدراسات أن له 
رصيداً هائلا من الأعمال التى تنطلق من التراث» ففى 
مسرحيته (القاضی والحلقة) ينحو منحى الفرجة 
واستغلال التراث. والعلح - کما تقول الدراسة نفسها - 


۱۷ 


عبد الرحمن عرنوس 


أقل ميلا إلى التجريب والبحث فى الصيغ والأساليب 
السرحية الفنية» » ویمکن اعتبار مسرحه مسرح الكلمة 
والمادة الشعبية «الخام؛ أساساء لأنه منجم ثری بهذه 
الادة» پعتمد علی حاسة لاقطة للرصد؛ غنية الخبرة فی 
مجال الشفوى؛ ولعله يلتقى مع الصديقى من حيث 
الوقف الاجتماعی؛ إلا ان عناصر الفرجة عند الصديقى 
أكثر كثافة واغتناء وتطويعا 23 

وإذا كان العلج قد لجأ - فى بعض الأحيان القن 
التراث ىف كتابة النص » كما جاء فی الرأى السابق» فاننا 
لنجد محاولات كثيرة فى الساحة المغربية لاستلهام 
الوروث» مثل مربة الصدیقی فی «سلطان الطلبة) ؛ وهی 
تألین مشترك مع عبد الصمد الكنفاوى» ثم مجد مجربة 
(الغرب واحد) التی قدمها فی میدان مصارعة الثیران» 
بالدار البیضاء» كذلك “قندم مسرحيات (مولای 
إسماعيل) و(الرأس والشعكوكة) » و(الحراز) ثم 
(مقامات بديع الزمان الهمذانى) ٠سيدى‏ عبد الرحمن 
اجذوب) ۲ . هذا» وقد قدم الصديقى أعماله فى 
الأسواق الشعبية وعند أبوات الدن التاريخية رفی القهی 
والمعمل والخيمة. وهنا نلاحظ أن تجارب الصديقى 
تعاملت مع المأثور الشعبى؛ منطوقا ومرئياء مستغلا الديوان 
والحلقة» والحلبة؛ وهی تراث هندسی شعبى ٠‏ 

وکمایری بعض امحللین » فان الاحتفالية تطرح 
بیاناتها بنکل صدامی؛ رتسعي الی مخفیق خطاب 
مسرحی اصیل؛ معتبرة التراث لبنة اساسية لابد من العودة 
إليهاء لاستحضار أشکالها الجمالية القادرة علی خلق 
صيغة متميزة للمسرح العربی(*. 

وتتفق إبداعات الصديقى فى استخدام الأشكال 
ا متعددة لخشبة المسرح مع ما دعا إليه الناقد المغربى 
عبد الكريم برشيد» وسجله فى کتابه (حدود الكائن 
رالمکن)؛ مؤكدا أن «المسرح ولد بالعراء؛ » ويؤكد هذا 

ما نراه فى الظواهر الاحتفالية المغربية ذات الملامح 


المسرحية التى يحصرها الناقد المغربى محمد أديب - 


اللاوى نحت عنوان «الأشكال الاحتفالية المغربية؛» وقد 
ذكر أنها: الحلقة. وتتميز بحلبتها الدائرية» وهى فرجة 


۱۷۲ 





شعبية لها معمارية خاصة: البساطء والداحون» 
والولودية» والغناء متعدد الأصوات؛ واحتفالات الواسم؛ 
وسلطان الطلبة» وعرفات عبیدات الرحاء سیدی الکنفی 
وغیرها ۰۲۲۰۱ 


والی جانب هذاء نلاحظ اهتمام السرحیین العرب 
باستخدام الوروث العماری العربی والشمبی لاقامة 
عروضهم؛ ومنها جربة سعدى يونس الذی قدم (حکاية 
الفلاح عبد المطيع) فى مقهى (الصالحية؛ فى 
بغداد"""“. كما قدم انخرج الأردنى عبد الحكيم حرب 
نی مقهى «كان زمان» ‏ أحد الآثار العثمانية القديمة ‏ 
مسرحیات من التراث الشعبى العربى والأردنى؛ ثم قدم 
فى مقهى «الفينيق»العروض نفسهاء ثم قدم الخرج غنام 
غنام فى مقهى «الفينيق» مسرحية (عنتر زمانه» و(اسطبل 
خیل). آما فی مصرء فقد قدم الّلف السرحی ناجی 
جورج وانخرج محمد فاضل مجربة مسرحية بعتوان (قهوة 
المعلم أبو الهول) فى مقهى «احعلط بمیدان العتبة 
بالقاهرة فى بداية السبعيئيات» إلى جانب محاولات 
أخرى منها ما سجله من رصيد تلك التجارب حینما 
قال*: 


«مسرح الفنان الشامل الذى أسسه.. بقهوة 
الكلوب المصرى بالحسين ثم انتقل إلى قهوة 
آسترا بالتحرير» ثم نقابة احامین ثم نقابة 
الصحفیین ومن أشهر عروضه مسرحية اما 
الذی حدث بالصالة»(۲۲۲. 


الریف الصری فى 
الفترة نفسها؛ اٍذ استغل انخرجون الساحات التی یطلق 
عليها الأجران» ومناطق الحصاد (البيادر)» مشل مجربة 
هناء عبد الفتاح فى قرية دنشواىء وتجربة عبد العزیز 
مخيون فى ريف محافظة الجيزة» ثم مخارب أخرى لبعض 


هذا وقد أجريت يخارب فى 





« (....) يقصد كاتب الدراسة. 





مخرجى الثقافة الجماهيرية. وعلى ساحل بور سعيد 

قدمت فرقة شباب البحر الجامعية ‏ التى شاركت فرقة 

أبناء السويس بقيادة « کابتن غزال» ؛ التی کان یطلق 

علیها «أرلاد الأرض؛ - بعض التجارب نذ کر منها* 

١‏ - مسرحية (القنال الدامى) على أطلال قاعدة تمثال 
ديليسبس. 


۲ مسرح السيارة الثابت فى الميادين المزود بوحدة صوت 
وضوء؛ وصممت خشبة السرح على هيئة 
مدرجات» کما استخدم فضاء المكان كمنظر 
مسر حى ؛ وكانت تقدم عليه عروض المنودراما 
تصاحبها التكوينات الحركية نحت الأضواء التعبيرية 
بمصاحبة الموسيقى التى تصور الحالة. هذا إلى 
جانب أغانى البحارة بالتشكيلات التى تعبر عن 
حرف البحر وأبناء البلدة. 

٣‏ - التهی اشقافی؛ فی مقاهی: الاغاد والفلاح 

والعزبی وغیرها» وکانت تقدم فی البداية معارض فنون 
تشكيلية إلى جانب فنون الكلمة وفنون الحركة 9" , 

4 مسرح الحديقة: بنادى المسرح ببورسعید؛ حت رعاية 
الاستاذ محمد حسن رشدى احامی راعی الفنون 
والمسرح والشعر والأدب آنذاك؛ ومن أشهر 
المسرحيات التى قدمها نادى المسرح ببورسعيد 
مسرحية (حورية من الریخ) » وقام يبطولتها فى بداية 
الستینیات الفتانات: سميحة ایوب» زهرة العلا؛ 
والرحومة آمال زاید» بالاشتراك مع آبناء البلدة: 
محمد البحیری» وحسن جاد ومحمد جعفر؛ 
وغیرهم . 

ه ليالى الصيف المسرحية: كانت تقدم على الشاطئ 
وقد استخدمت شباك الصيد وقوارب الصيادين 
كخشبة مسرح على الشاطئ. كما كانت تستخدم 





*» هذه تجارب قدمها الباحث منذ نهاية الخمسينيات. 


ضبط العلاقة بين معملية التجريب 


الإضاءة من فوانيس الصيادين تساعدها إضاءة 
السفن البحرية والمشاعل. وكانت موضوعاتها نحت 
عنوان (القطط السمان»»؛ وكان بعض الممثلين 
يقدمون بعض هذه القطع المسرحية على ساريات 
القوارب» مستخدمين الحبال وأدوات الصيد والشباك 
من البيئة كمكملات مسرحية. 


٩‏ - مسرح السیارة الشحركه: فی الناسبات الوطنية 


والهرجانات» وهو نموذج قدمته فرقة شباب البحر 
الجامعية على سیارة صممت کمسرح - کما ذکر 
سابفا- ولکنها کانت تسیر علی مهل» وکانت 
تقدم فى وقت خروج العمال» ومن أمثلتها ما كانت 
تقدمه فى أعياد النصر وغيرهاء لحظة خروج عمال 
هيئة قناة السويس الذين كانوا يركبون الدراجات» 
يتابعون مشاهدة الأغنيات الدرامية التعبيرية التى 
كانت تصاحب قصة حكاية بطل استشهد قابعا على 
مدفعه مصرا على الدفاع عن موقعه عندما نهاجمه 
الطاثرات الغيرة. وکانت مثل هذه القصص التعبيرية 
تؤدى بالتعبير الحركى والمنطوق الجماعى؛ تصاحبها 
المؤثرات المسموعة والمرئية كالقنابل والأضواء المعبرة 
- حينما يعم القلام والسيارة تسیر بتؤدة والجمهور 
على الدراجات أو يمشى الهوبنى يتابعهاء أما شرفات 
المنازل فكانت تستعمل مثل (بناوير) المسارح حيئما 

۱ يطل منها السكان؛ وكثيرا ما كانت السيارة المسرح 
تقف حتی ینتهی الشهد. بینما يشارك الجمهور 
حول السيارة باضاءة الشموع حینما تنطفی أضواء 
وحدة السیارة لاستکمال القطع السرحية؛ أا 
جمهور شرفات النازل فکثیراً ما کانوا بشارکون 
الحفل بأن ينشروا الشيكولاتة على الموكب» وهذه 
عادة قديمة لجمهور بورسعيد فى مثل هذه 
الاحتفالات. 


۷ مسرح الأنقاض: مجربة قامت بها فرقة شباب البحر 


الجامعية, باسترجاع البطولات الشعبية لأبطال 


۱۷۳ 


عبد الرحمن عرنوس 


القاومة مثل معارك ۰۵5۰4۸ 1۷ . ومثلما فعلت 
فرقة «أولاد الأرض» بالسويس التى كانت تقدم 
أغنياتها الدرامية فى الخنادق؛ قدم أبناء بورسعيد 
فترة ٩۷‏ - ۱۹۷۳ هذا المسرح فى جبهات القتال؛ 


وعلى أنقاض المعارك» وفى معرض الغنائم بساحة" 


سوق القاهرة الدولى(مكان الأوبرا الحالى)؛ لتروى 
حكايات أبطال الحرب على حطام الدبابات 
والأسلحة. 


۸ - مسرح البواخر السياحية: قدمت عليه عروض فنية 
مثل البانتوميم ؛ تعبر عن انحرف والعادات الشعبية 
للبيعة احلية» رمعارض للفنون التطبيقية والتشكيلية 
احلية. 

٩‏ - مسرح الصیادین: علی شاطی بورسعيد الذى يطل 
على بحيرة المنزلة» وفى وسط البحيرة عند عودة 
الصيادين من رحلة الصيد وبعد جمع شباكهم 
ومحصولهم؛ وهم یتناولون الغذاء؛ تأنى إليهم 
الركب!/ المسرح » فتتجمع مراكب الصيادين حولها 
فی حلفة؛ وبقدمون لهم آخبار الأهل» والزواج» 
والميلاد؛ والحج» ثم يقدمون لهم صوراً کاریکاتورية 
درامية عن جشم (قطاعبی الأسماك ونجار السمك. 
وأخیراً يسير بينهم ال ركب/ المسرح «بموتوره» دون 
سارية؛ لتقدم الفرقة تكوينات وتشكيلات غنائية 
شعبية فى رحلة العودة إلى مدينة المطرية بمحافظة 
الدقهلية» مستخدمة فوائيس البحارة والمشاعل 
والشموع للإضاءة؛ مع وحدة صوت متحركة وآلة 
السمسمية الشعبية» وصوت الأمواج والرياح 
كمؤثرات. 

٠‏ مسرح محطات المترو: فكرت الفرقة فى تقديم 
عروضها لجمهور محطات المترو بعد إعادة تكوينها 
مخت اسم «نرقة مسرح الفنان؛ فى التسعيتيات» 


1 





لتقديم المنودراما عن مشاكل رجل الشارع اليوم» 
بالإضافة إلى معارض تشكيلية» وقد بدأت مرحلة 
التشاور للحصول على الموافقة. 
هذا » ونلاحظ أن هناك جارب عربية فى ساحتنا 
العربية» عند المبدعين العرب» حاولت استغلال المبانى 
القديمة فى معظم الأقطار» مثل استغلال الخرج التونسى 
عز الدين جنون حينما قدم عروضه فى مثل هذه الأبنية» 
ومن الأمثلة على هذا فى مبنى :وكالة الغورى؛ العتيق 
فى قاهرة المعز» وكذلك قدم الخرج البحرينى عبد الله 
السعداوى؛ والفنان العراقى عزيز خیون» كما قدم عونى 
آكرومى مسرحية (ترنيمة الكرسى الهزاز) فى منزل عراقى 


قدیم. 


والآن ؛ بعد استعراض بعض التجارب العربية التی 
استغلت أشکال الوروث الشعبية العمارية لاستغلال 
عبقرية الکان؛ وکذا استلهام الأثور السمعی» من المکن 
البحث عن أمثلة من عاداتنا القديمة الحبيبة إلينا والمأثورة 
لديناء التى من المکن آن تکون مادة خاما للشجریب 
السملی السرحی؛ حتی يتسنى للمجرب العربی 
استغلالها للحصول علی صورة مسرحية لها خصوصية 


عربية. 


لذاء من المکن أن تقوم علاقة بين التجريب 
المعملى فى المسرح والتراث الشعبى على ساحتنا العربية» 
بعد دراسة الفنون الشفوية والمسموعة كالموسيقى» 
والإفادة منها من مراكز جمعها وتصنيفها. فمثلاء 
الأغانى تدرس نصوصها وألحانها للإفادة منهاء والموسيقى 
تدرس الاتها وطبيعتها للإفادة منهاء وكذلك جمع 
اللهجات الختلفة وطريقة إلقائها وأدائها فى المناسبات 
الختلفة '» وكذلك يمكن الإفادة من طرق الأداء فى 
مراسم الاحتفالات الختلفة» كالخطبة والزواج وما يقال 


1 7 (۲۵) 
فيها من تعبيرات : 





ويختلف الأداء الصوتى فى الأحزان والأفراح» 
وکذا الناسبات الذينية؛ ویمکن جمعها راستلهامها 
وتوظیفها فی الأداء السرحی الجماعی. فمثلا؛ يصف 
لنا محمد فهمی عبد اللطیف طريقة الداحین فیقول: 


«وللمداحین فی آدائهم طريقة لا يشا ركهم 
فیها غیرهم» ولیس لها شبیه فی ای لون من 
ألوان الفنون الشعبية» وهى أقرب ما تكون 
إلى طريقة الإنشاد والترتيل؛ يعتمدون فيها 
على براعة التوقيع وحسن التقسيم أكثر بما 
یتمدون علی نداوة الصوت۳؟. 


هذا » ویمکن الرجوع إلى الأداء الدينى عند عرب 
الغرب فى احتفالات «الولودیة» ۲۷ وعرب الشرق» فى 
طريقة أداء الأذكار «الجماعبة؛» وغیرها للوقوف علی 
طريقة الأداء المیزة لها 
وقد تتنوع إيقاعات مثل هذا الأداء- فى بعض 
البلدان - كما يحدث فى موكب الحضرة الذى يحدد 
لنا إيقاعها الباحث الليبى الصيد على العيانى فيقول: 
«والدفوف بالطريقة السلامية عبارة عن 
مجموعة من الإيقاعات المتنوعة» تبدأ بإيقاع 
بطم یطلقون علیه اسم «نوبة التسلیم ۰٩‏ ثم 
يتبعها بعد ذلك إيقاعات متنوعة» منها علی 
سبيل المثال» العجمية؛ الفيتورية» المزوغية» 
الغمسةء والطیارة بوهذا الایفاع لا بقدم 
إلا فى الختام حیث تقفل به جمیع 
الإيقاعات) 040 
ومن خلال ما سیق» یمکن رصد تدریعات الأداء 
الصوتی للافادة منها فی تدریبات صوت المثل الشعبی» 
وهو الركيزة الأساسية فى الصورة المسرحية للإفادة من 
المأثور الشعبى المسموعء هذا إلى جانب الغناء متعدد 
الأصوات للرجال والنساء فی الواحات الصحراوية, الذی 
أطلعنا علیه الباحث الفربی محمد آدیب السلاوی"* ۰۳ 


ضبط العلاقة بين معملية التجريب 


الأداء | فى الموروث الشعبى: 
خرکی فى المورر 
«أمغلة ونماذج» 


يمكن رصد الأداء الحركى فى الاحتفالات 
الختلفة فى المناسبات المتعددة کی تدخل فى نطاق 
التجريب المعملى للموروث الشعبى والإقادة منه فى إثراء 
الصورة البصرية. فعلى سبيل المثال يمكن الرجوع إلى 
حفلات العرس فى مجتمع الخليج» ومنها حفلات 
الفرق الشعبية فى الكويت ‏ وغيرها فى مجتمعات الدول 
العربية - والفنون الحركية والقولية !۳۰؟, وکذلك طقوس 
الغوص '" . 

هذاء ومن الممكن متابعة الأداء الحسرکی 
والممارسات التعبيرية الشعبية فى تلك المجتمعات» 
کمراسم «الختان» وغيرها » ما رصده لنا جامعو التراث» 
ومنهم آحمد حلمی الملاف الباحث السوری» وسا 
یحدث فیها من تعبیر حرکی ومنطوق "۲۳۳ ویصسف 
الباحث حفلات العرس وما یجدث فیه من سا 
عندما يتوقف عند أحد أجزاء مراسم هذا الاحتفال» 
تحت عنوان ما آسماه «بالتفتیلةه قائلا: 


هى عبارة عن اجتماع النساء فى باحة الدار 

على شکل دوثر متحدة خلف بعضها 

وبأیدیهن الشموع اللونة الجميلة موقدة فتری 

مذه الدواثر تدور بتسرتیب ونظام جمسیل 

وكلهن فى أفخر الثياب كالحور العین»(۳۳. 

وما سبق؛ یمکن ملاحظة تشکیلات الرقص 
والتعبیر فیما ورثناه من تعبیر حرکی» وما نقله لناالباحث 
من صورة بصرية یمکن التعامل معها نجریبیا فی الصور 
السرحية لمن يشاء أن يستلهم ترائنا الحركى والبصرى» 
هذا إلى جانب حركة الرقصات المعبرة فى مجتمعاتنا 
العربية» فى الشرق والغرب. ومن أمثلة التعبيرات الحركية 
فى الرقص, التی من المکن أن تكون مادة للتجريب 


۱۷۰ 


عبد الرحمن عرنوس 


السملی فی السرح؛ الرقصات علی الساحة الليبية 
العلجية «الجاریة» ورقصة الدفوف ورقصة المكارية والككا 
وغیرها (۳۹), علی أنه لا تفوتنا الاشارة الی ما وصفه لنا 
الباحث الا نجلیزی |دوارد ولیم لين فی رصفه تفاصیل 
الحياة الشعبية والحرف والاحتفالات» وغیرها ما یزحر 
بالأداء الحركى» إذ يقول: 
«واشتبك رجلان» مسلحان بالسيف والترس» 
فى قشال مصطنم. وکان هناك رجل آخر 
ی رکب حصانا ویلبس لباسا غریبا من جلد 
الخراف» وفلنسوة جلدية مرتفعة وذقنا مقلدة 
مضحكةء تتكون من قطع صغيرة من الفتل 
الصوفية» حسب الظاهر. وشاربين من ريشتين 
سمراوين وكان الرجل يتظاهر بكتابة 
«فتاری) (re)‏ 


وفى هذا الوصف ما يضع أيدنيا على الموروث 
الحركى والتشخيص من خلال ما ورد فى الصورة 
البصرية» بما يمكن أن يكون مادة يستلهم منها اجرب 
المعملى المسرحى. هذا إلى جانب وصف احتفالات رؤية 
هلال رمضان ومایحدث فیه من تعبیرات حركية 
لأصحاب الحرف والمهن التى اندثرت. وكذلك هناك ما 
وصف لنا من قبل المؤرخخين » من أمثال ابن إياس» لما 
كان يحدث من تعبير فى الفرجة الشعبية فى احتفالات 
الشعب ET‏ 


وإلى جانب ذلك؛ يمكن ملاحظة ألوان من التعبير 
الحرکی والقولى أيضا » فيما رصده لنا الباحئون من 
أمئال أحمد رشدى صالح؛ فهو يعلق لنا على الرقص 
والغناء والتقليد والتمثيل الساخر وبقية فنون «المسخرة 
الشعبية»» ومن خلال هذا الرصد يمكن ملاحظة أنها 
كانت خعوى على الأداء الحركى والتعبيرء وذلك عندما 
يقول: 


۱۷ 





«إننا نلاحظ أن بعض هذه الفئون بدأ من 
المارسات الاعتقادية كالرقص والتمشيل 
والإيماء - وانتهى إلى أن يكون دارجا فى 
مجال اللعب والتسلیة»۲۳۷. 


وما لاشك فيه أن الرقص والتمفيل والإيماء 
بالحركة وكذلك اللعب والتسلية؛ فنون تكون فيها 
الحركة من الركائز الأساسية فى التعبير» وهى مجال أيضا 
لاطلاق خیال مبدعی هذا الفن للتجریب. هذا وقد 
رصدت آشکال من السلوك الاجتماعی وبعض التقالید 
کالسلام والتحية واحترام الکبیر .. الخ» وکلها ما یجعل 
الحركة العنصر الأساسى فى هذا السلوك المرئى. هذاء 
ويمكن ملاحظة ملامح التعبير الحركى فى بعض 
العادات والتقاليد الموررثة التى سجلها لنا كثير من 
الباحئین لاستفلالها فی ضبط الأداء فى الصورة 
المسرحية «المنتقاة»؛ مثل عادة الثأر التى يحمل فيها 
المنهم ملاءة بيضاء يلف بها جسمه حيئما يذهب إلى 
أهل الضحية من أجل القصاص. 


وقد سجل كثير من الدراسات والأبحاث مثل هذه 
السلوکات الوروئة فی انجتمم الصسحراوی؛ مشل 
محاکمات القضاء العرفی؛ ومنها طقوس البشعة التى 
تشبه جهاز کشف الكذب؛ فى اجتمع الحضری(۲۳۸, 
ويمكن للمجرب أن يجسد هذه السلوكات بالحركة 
التعبيرية والموسيقى» إلى غير ذلك. 


الأزياء والإكسسوار فى الموروث الشعبى: 

تناول كشير من الأبحاث تصميم الأزياء فى 
عصورها انختلفة. وقد جاء فی (الخطط التوفیقیة) لعلی 
مبارك وصف للملابس فى عصر المماليك للقادة 
والعسكرء وحدد ألوانها والخامات المصنوعة منهاء إضافة 
إلى طريقة تصفيف شعورهم.... إلى غير ذلك'؟". وهذا 


ااا سسسسصسس سس س- ضبط الملافة بين معملية التجريب 


يفتح لمجال أمام المصمم بالالتزام بخطوط زى العصر من 
خلال رؤية تلخص التفاصیل, ما قد یسهل عملية 
الانتاج» ققد ورد فى أحد الابحاث عن الازياء باهظة 
التکالین ما یلی: 


«ذکر این بطوطة فی‌ما شاهده من آزیاء 
القضاء فى مصر أن قاضى الإسكندرية عماد 
الدین السکندری کان یلبس عمامة تخالف 
غیرها من السمائم العتاد لبسها إذ ذاك» 
وقال: لم أر فى مشارق الأرض ومغاريها 
عمامة أعظم منهاء رأيته يوما قاعدا فى صدر 
محرابء» وقد كادت عمامته تملا 
احراب»("*. 
ویمکن الرجوع إلى المراجع التى عسملت على 
توثيق الأزياء للطبقات المختلفة وفى البيئات العربية» 
وملاحظة تطورهاء ومنها ما سجله لتا الباحثون المدققون 
من أهل الشقة؛ مثل السورى أحمد حلمى العلاف- 
صاحب کتاب (دمشق فی مطلع القرن العشرین) - 
ومثل إدوارد وليم لين» كما ذكر سابقا كتاب (الخطط 
التوفيقية) : وتاريخ الطبرى وغيرهم ‏ فی مصر - وحدیثا 
سعد الخادم. . ويمكن الرجوع إلى نماذج الأزياء التى 
سجلها هوّلاء «بالرسم والتصويرة؛ وكذلك يمكن 
الرجوع إلى ما سجله لنا الباحث صفوت كمال فى 
كعابه الذى يتناول أبناء الخليج من ذوى المهن الختلفة. 
هذا إلى جانب بعض الباحثين العرب الذين بحثوا فى 
هذا امجال فی الفترات المتتابعة وفى الأقاليم اختلفة: هذا 
إلى جانب تنوع وتطور «موديلات؛ الأحذية عبر العصور 
للإفادة منها ۱ 


معمليةالتجريب 
والثاث الشعبى المتوارث: 


يمكن ملاحظة تفاصيل الأثاث والأدوات المنزلية 
والفنون التطبيقية التی تستعمل ککسسوار» والتی 


آبدعها الرجدان الشعبی» وسجلها لنا الکشیرون ما 
ذکرناهم سایقا . ویمکن للمجرب السرحی العملی 
الرجوع إلى مثل هذه المراجع للاستعانة بها فى حقل 
تجاربه» حتى تكون مرتكزا للصدق التاريخى» مما يتيح له 
الوعى بالخامة لتصبح مصذرا للإبداع الفنى والتجريب 
وأمانته لتصوير الفترة من أجل الدقة: ثم إتاحة مجال 
للإبداع فى تشكيل الخامة حينما يمسرحها. 


نماذج من المأثور الرئی 
بوصفها مرتكزات لمعملية التجريب المسرحى 

لقد حفظت لنا وثائق المؤرخين الكثير من رصف 
الاحتفالات الشعبية والرسمية فى شتى المجالات الرياضية 
والاجتماعية والدينية» کاحتفالات سفر احمل الشریف 
وعودته؛ وغيرها من الاحتفالات الشعبية فى الناسبات 
الختلفة» ومنها وصف احتفال عرس «قطر الندى» ابنة 
حمارويه 9الطولونى» إلى ابن على بن المعتضد الخليفة 
فى الوصف ما يلى: 
رصحت يغداد ذات يوم على مركب 
مصری عجیب... عدد كبير من الفرسان 
على سروج مذهبة یلبسون الدیباج والحر؛ 
وبیدهم حراب من فضة؛ بتبعهم غلمان: .من 
لروم ومن ورائهم ما يربر على الخمسين دابة 
عليها لجم ذهب أو فضة محملة بأئمن 
العطاناة 40 , 


وهكذاء نری فی مثل هذا الوصف - منهلا ربا 
فى الموروث المرئى لمبدع التجریب عندما یحاول تلخیصه 
فى الصورة السرحية» هذا ویصف لنا الجبرنی آنفتان 
الوا کب الشعبية الدينية» وهو أحد الاحتفالات بسيدي 
علی زین .العابدین بن الحسين (رضى الله عنه)؛ حینما 
أشرف على مخديد مقامه علمان آغا التولی فیقول: 


الجديد فى بغدادء وجاء 


«فاجتهد عثمان أغا فعمره وزخرفه وبيضه 
وعمل به سترا وتاجا ليوضعا فى المقام وأرسل 


۱۷۳۷ 


عبد الرحمن عرنوس 


ونادى فى الطرق الشيطانية المعرفين بالأشاير 
وهم التحرقة وار ياب الحرف الرذولة الذين 
ينسبون أنفسهم رباب الضرائح الشهورین» 
واجتمعوا.. ناج من الطبول والزامیر 
والبيارق والاعلام والشراميط والخرق الملونة 
والمصبغة ولهم أنواع من الصيوح والنياح 
والصراخ الهائل» G2‏ 
ومن الممكن أن يكون هذا الوصف أحد المنابع 
التى تفير حيال المبدع لإبداع التشكيلات اللونية 
للملابس رالبيارق رالأعلام» ليصنع تداخلا حركيا 
وصوتيا يشرى إبداعه المرئى. ومن قبل سجل أبو الفرج 
لاصفهانی وصفا مرثيا لتحليل المضحكين والمندرين» 
عندما تعرض لتسجيل شعت بن جبیر جبير المضحك نقال: 
«ألبس تباناء وهو نوع من السراويل القصيرة» 
تصل إلى الركبة أو ما فوقها وتستر العورة» 
وجعل فی التبان ذنب قرد وشدت رجلیه 
آجراس روضعت فی عنقه جلاجل - فدخل 
وهو عجب من العجب»"؟۲. 


ويمكن إضافة هذا الوصف إلى الأئور الرئی الذی 
سجلته لنا كتب التراث کی یلهب خیال اجرب العملی 
فهذه الا کسسوارات واللابس قد تعتبر الشکل الذی 
يكون علاقة مع الأرضية؛ أى المنظر المسرحى؛ ليعمل 
على تكاملية الصورة المسرحية» ومن ثم يمكن اعتبار 
٠‏ المثال السابق إحدى مفردات التراث المرئى الموثق. 
وإلى جانب هذاء ختوى كتب توئیق التراث المرئى 
والشفاهى على أمثلة كثيرة؛ منها ابن إياس وغیره» 
وخصوصا وصف مباريات التحدى والمسامرة وغيرها 167 . 
ويمكن الرجوع إلى وصف العادات والعقاليد 
للإفادة منهاء مثل عادة السبوع والختان والميلاد والزواج 
وغيرهاء ويمكن أن نورد منها وصفا لحفلات الزواج فى 


۱۷۸ 


القرن الماضى » وجاء هذا الوصف مخت عنوان: #عرس 
على ضوء المشاعل» كما يلى: 
١‏ كان الموكب يقتم ببطء شسديد على 
النغمات... تخاكى صوت باب بثر... وكان 
الحسببون فى الضوضاء؛ وهم نحو عشرين 
شخصاء يسيرون وقد أحاط بهم رجال 
يحملون حرابا من اللهب.. ويلى هؤلاء صبية 
يحملون شمعدانات ضخمة تضئ شموعها 
كل ما حولها. واستمر التصارعون یعرضون 
آلعابهم طيلة الفترات العديدة التى كان فيها 
الوکب» وکان بعضهم یسیرون علی عکاکیز 
حديدية مرتفعة ویزینون رژوسهم بالریش 
ويتضاربون بالعصى الطويلة» وبعيدا عنهم مد 
شبابا يحملون الرايات والعصى وقد علتها 
الشعارات والمدائح المكتوبة بالخط المذهب 
على نحو ما يشاهد فى أعياد النصر الرومانية» 
ثم آخرون یحملون شجیرات مزدانة باکالیل 
الزهور والتیجان» وقد جملت فوق ذلك 
بالشموع الضاءة والکرات البراقة رکأنها 
شجرة عید الیلاد... ووسط هالة کبیرة من 
أنوار المشاعل والشمعدانات والمصابيح كان 
الشبح الأحمر الذی نحته من قبل يتقدم فى 
بطء ولم يكن سوى الزوجة الجديدة أى 
العروس»۲*۱۲. 
ومن الم ن اعتبار ما سبق خحامة جيدة يفيد منها 
امبدع المسرحى» إلى جانب إفادته من التراث التعبيرى 
فى الاحتفالات الشعبية 4؟ التى مازالت بقاياها قائمة 
فى بعض مدن القنال؛ مثل الاحتفال بحرق دمية اللورد 
اللنبی ق‌ند قوات الاحشلال فی الشرق الصربی عام 
۷ بوصفه رمزا للاستعمار» وما يقيمه شعب 
شم النسیم «عید الرییع» وما 
یحدث فیها من تعبیر جماعی حرکی وغنائی؛ یفوم 


بورسعید من طقوس ليلة 





بالتمثيل فيه أيناء الشعب فى كل حى من الأحياء. 
وهذا الطقس شبيه بما تقيمه مدينة بالنشيا الإسبانية كل 
عامء كذلك يشبه من يقام فى مهرجاتات الشعب 
اليوغوسلافى الفنيةء خاصة مهرجات #سيليت» الذى 
یقام فی شهر مارس من کل عام+ حيث يقيمون طقسا 
بعنوات «للرجل القش»» وقد أشارت إحدى الدراسات إلى 
آنه فی احتفال علم ۱۹۵۷ صنم السعب تمشالا لانسات 
من القشء وأطلقوا عليه قى ذلك العام اسم «الأمير 
حوات» » رهرا للعدواك على مصرء وتلققته ألسنة التاس 
بالققعات والتکات اللاذعة 2240 


و فى ۷ ۳ من ا ل عن 
منهج له خصوصية محطية» وذلك لتنمية الخيال 
للسرحىء كما فعل الفتان البرازيلى أوجسعو يوال الذى 
ذهب إلى ريف مدينة بيرو. كما يمكن أن يستغل 
موروثنا الغناگی فی تدریب صوت المثل» واست‌خدام 
منهج الاستبصار الناتی والتفریغ النفسی للحصول على 
الاسترخاء النفسى الذى يؤثر بلا شك على الاسترخاء 
الجسدی» والتدریب علی ارتجال موضوعات نايعة من 
الحکایات والسراث الشعبى للتدريب على التدفق 
والانطلاق وكسر الخجل الناغ من التقاليد المتزمتة فى 
بعض اجتمعات» ويمكن استغلال موضوعات من 
السرح الرتجل الشعبى فى البيئات الشعبية 0 ويمكن 
الارتكار على نظرية الإدراك الحسى عند العالم الاسلامی 


ملاحظة: 


ضبط العلاقة بين معملية التجريب 


الشيخ الرئيس ابن سينا فى تنمية الاحساس عند المثل» 
وذلك بتحليل نماذج من الأداء الشعبى عند الحكواتى 
وما شابهه فى التراث لمعرفة الحواس الظاهرة والحواس 
الباطنة عند الإنسان» حتى تتاح فرصة معملية التجريب 
فى الأداء الشعبى من حيث هو موروث سمعى يعشقه 
الشعب. والآن» بعد عرضنا مفردات المأثور الشعبى 
الشفاهی» القصصی والغنائی(السموع) ؛ ومفرداته المرئية 
من الموروث من الفن التشكيلى كالزخرفة وفن الخط... 
إلخ» والفنون التطبيقية (كالملابس والأزياء ‏ والأسلحة.. 
وغيرها)؛ من الممكن القول إن ضبط العلاقة بين 
معملية التجريب وجماهيرية المأثورء قد تعنى إمكان 
التحكم فى التجريب المعملى؛ ليس فى المأثور الشفاهى 
کالسیرة وحسب؛ يل فى بقية عناصر التجسيد المرئى 
للصورة المسرحية التى تجسد السيرة أو الحكاية: إذا تناولنا 
یا منهما. ويجب أن يتسق التجريب فى المنظر المسرحى 
المستوحى من السيرة؛ فى موقف ما مثلاء وكذا التجريب 
فى مفردات الصورة التى تجسدهاء مع التجريب فى 
استلهام السيرة أو مقطع منهاء حتى ينسق اللسموع مع 
افرئی. فلیس لنا آن جرب فی السموع ونترله الرئی» 
حتى لا يحدث خلط وتناقض فی الطرح أو الرؤية» ولن 
يتأنى هذا لا بالوعی بماهية الفردات وكيفية التعامل 
معهاء ثم بالفهم والعرفة الافية بالصادر» للوصول إلى 
الدقة لتاريخية» واستخدام الخیال للمبدغ الواعی لضبط 
هذه العلاقة حتی لا یحدث خلل فی السوصیل 
والتواصل . 


- استعنت فى هذا البحث بمعلومات من الجمع المبدانى لطلاب مختبر اليرموك المسرحى فى الفترة من ١84817‏ - ۰۱۹۸۷ حینما 


عملت محاضرا بة 


بقسم المسرح بكلية الآداب» من خلال ما طرحته على طلية البكالوريوس بعنوان «البحث عن الملامح التشخيصية فى الظواهر 


المسرحية الشعبية». والطلية آنذاك هم» محمد الصمادی» ومحمد الضمورء وعبد الحكيم حرب» وتاجح محمود» وصبری العتوم» منور 
الربيعات ومحمد ياسين نصارء ومحمد خخيرء وحسين نافع؛ وحسين الخطيب وغيرهم. وشكرا لهم. 


۱۷۹ 


عبد الرحمن عرنوس 


(۱) ابراهيم أنيس وآخرون - العجم الوسيط دار المعارفء القاهرة, سنة 1517/5 , ج١1‏ ط 1 :اص 114 

(؟) المرجع لفيةء ص ,5١6‏ 

(۳) صفرت کمال: مدخل لدراسة الفولکلور الکویتی» وزارة الاعلام؛ الکویت منة ۰۱۹۸۲ ط ۳ص ۲۳- 

(6) محمود زبدان؛ ولیم جیمی» دار العارف » الفاهرة : سنة ۱۹5۸ ص ۱ 

(۵) انشر: عمر عبد الرحمن السارین: احکاية الشعية فی اجتمع الفلسطیتی ,دار لکرمل» عماناه سنة ۰۱۹۸4 ص ٠. ٤١‏ 

الرجع نفسهء ص 98 م 

(۷) شربط يديو منهج تدربب الممثل ؛ مركز البحث والتطوير» جامعة اليرموك» عمان ‏ إريد منة 1945. 

(4) مفيد حوامدة: البحث عن مسرح» دار الأمل» إريد منة 01948 , 

۰۱۹ فوزی المتتبل: الفولکلور ما هوء دار النهضة العربية؛ سنة ۱۹۷۷ ص‎ )٩( 

٩ ۰۸ المنظمة العرية للتربية والثقافة والفبرن» العناصر المشتركة فی امالورات الشعيية فی الوطن العربی» القاهرة» تشرین ول سة ۱۹۷۱» ص‎ )٠١( 
. ٠١ عبد اللطيف البرغرنى ؛ الفلكلور والتراث؛ عالم الفكرء الکزیت, الجلد السابع عشره المدد الأزلء أبريل سنة 21445 ص‎ ۱ 

(۱۲) انظر: شوقی عبد الحکیم موسوعة الفلکلور والأساطير العربية؛ دار العردة؛ ببروت؛ سنة ۰۱۹۸۲ ط ۱+ مي 5 

(۱۳) انظر؛ يرسف إدريسء الفرافيرء مکتبة مصر القاهرة سنة ۱۹۸4 ص ۲۱- 

(۱4) انظر: مقالات عن.السرح العربی العاصرء مجلة «الأقلام؛ , عدد خاص بالسرح » وزارة الثقافة والإعلام» بغداده عدد ٩‏ مجلة آذار سنة ۰۱۹۸۰ 
)10( انظر: عبد الحمید بونس» الظاهر بیبرس في القصص الشعبی» دار القلم, مکنبة اللهضة الصریة» «الکنبة اللقافبةا دت عدد ۳+ ص ۰۱۱۱ 
)١5(‏ فاررق خورشید: آضواء على السيرة الشعيبة» القاهرة» دار القلم» منة ۰۱۹6 ص ۰۳۹ 

(۱۷) محمد نهیر: السرح الغربی والبحث عن هوهة - التأسیس» القرب, مکناس» سنة ۰۱۹۸۷ ص ۰۳۵ 

(۱۸) عبد الرحمن بن زيدان: أسيلة المسرح العربى؛ دار الثقافة» الدار البيضاء , منة ۱۱۹۸۷ ص ۰4۵ 

(1) انظر: محمد نهير التأسيس» مرجع مابق؛ ص ۰۳ 

(50) انظر: محمد أديب السلارى؛ الاحتفالية فى المسرح المغربى الحديث؛ دائرة 
(۲۱) انظر: عبد الکریم برشید» دود الكائن والممكن» دار الثقافة الدار البيضاء. 

() صفوت شملان: السرح؛ نادی المسرح القومى» القاهرة؛ سبتمبر 2151/4 عدد ۲+ ص 45.- 

(۲۳) انظر: حمدی الجزار؛ نادی السرح» قصر نقافة البدرشین » الهيعة العامة للثقافة الجماهيرية , مایو سنة ۱۹۹۸+ ص ۶ 

(۲) انظر: |سماعیل بن علی الا کرع؛ التقاليد اليمنية: المنظمة العربية للتدريب رالثقافة والفنون» مرجع سابل ص 4414 . 

(۲۵) انظر: الغادات والتقاليد فى المناسبات الختلفة : المرجع السابق » أبحاث متنوعة. 

(۲) بحمد فهمی عبد اللطیف: الوان من الفن الشعبی» وزارة الثقافة والإرشاد القرمى؛ المكتبة الثقافية» مع ب يونية 21554 ص ۰۱۳ 





الثقافية» بغداده سنة ۱۹۸۳ ص 6۲ وما بعدها. 


(۲۷) انظر: محمد دیب السلاری - مرجع مابق ص ٥۷‏ . 

(۲۸) الصید علی المبانی, تأملات فی الرقص الشعبی, داثرة التأليف والترجمة والدشر ؛ الجمهورية المرية الليية» العدد الأول ستة ۰۱۹۷۱ 
)۲٩(‏ انظر: محمد أديب السلارى ؛ مرجع سابل » ص 9۰ . 

(۳۰) انظر: صفوت كمال » مرجع سايق» ص ۰۱8۱ 

(۲۱) انظر: الرجع نقسه: ص ۱۸6 وما بمدها. 

(۳۲) انظر: أحمد حلمی العلاف» دمشق فى مطلع القرن العشرین؛ دار دمشق؛ دمشتی؛ سنة ۰۱۹۸۴ ط ۲+ ص ۷۲ وما بعدها. 

(۳۳) الرجم السابق؛ ص ۰۱۰۱ 

(۳۵) انظر: المنيد على ؛ مرجع سابق: ص ۰۷۱ وما بعدها. 

(۳۰) ادوارد ولیم لین » الصربرن شماتلهم وعاداتهم ءت: عدلی طاهر نوره دار النشر للجماعات الصرية , ۱۹۷۵ ط ۲ ص ۰1۰۸ 


A. 


(3) انظر: المرجع السابق؛ ص ۰۳۹۹ 
(۳۷) أحمد رشدی صالح: لدب الشعبی؛ دار التهضة المصريةء القاهرة ۰۱۹۷۱ ص ۰۳۲۳ 


(۳۸) انظر: محمد بو حسان؛ تراث البدو القضالی نظربا وعملیاء متشورات وزارة 





نوت» الأردن» د: ت» اطقوس الجاهر؛ العطوة 
(۳۹) سمد اخادم.» لاه الشعية.وزانالقافة واارشاد القومی» الکتة اقفة, ستة ۰۱۹۲۱ عتد 4٩‏ » مس ۱۱ 

(40) المرجع الساين» ص 15 . 

(41) انظر: المرجع السابق» ص ۵۳ - 1۷ . 








(۲)) محمود أحمد الحفنی: ثلاثة أعراس أودت باغزانة إلى الإفلاس » المؤسسة المصرية ال والنشر: المكتبة الثقافية» القاهرة» یونیر ۱۹7۸ ص ۰4۰ 
(1۳) عبد الرحمن الجبرتى: تاريخ الجبرتى , كتاب الشمب؛ لقاهرة, ۰۱۹۵4 جد ۷+ عده ۰8۱ ص ۰ 

()) أبر الفرج الأصفهائى: الأغانى؛ دار الكتب الصريةء القاهرة» ج ٠٠۹‏ ص ل ۱ 

(45) انظر: محمد أحمد بن إياس الحتفى المصرى: بدائع الزهور فى وقائع الدهور؛ کتاب الشمب» القاهرة» سنة ۱۹1۱ عدد ۰۱۱۷ ی ۰۸1۲ 

(45) جيرار دى نرقال: رحلة إلى الشرق» ت: كوثر عبد السلام البحيرى؛ م..بهير القلمارى؛ المؤلسة المصرنة للدأليف والترجمة» القاهرة . د.ت ٠‏ ص1؟١‏ ۰۱۲۸ 
(4۷) انظر: عبد الرحمن عرنوس : الارتجال وفن التمشيل؛ رسالة .اجستير غير منشورة» المسهد العالى للفنون المسرحية؛ أكاديمية الفنرن؛ القاهرة؛ منة ۰ ص ۰۱۰۹ 
(EA)‏ انظر: عبد النعم حسن, الفنون الشعية فى بوغنلافیاء دار المازن: مک الثقافة الشعبية» د: ت» ص ۹۷ ٠‏ 

(44) انظر: منهج تدریب. الم بمختبر جامعة لیرموك السرحی» نادی السرح» مرجع سابق» ص ٠ ۳٣‏ 





1A1 


۱ 





وان مسرحاً لایذخر بالسحر لایسبر مسرحاه 


أ . آرتو 





إن أهم ما کتب عن السرح فی القرن العشرین على 
الاطلاق. هی کتابات آنطونین آرتوکما قال عنها چان 
لوى باروء معتبراً یاه واحداً من أعظم موثرات المسرح 
الشرقى على الفرب» وهو بصدد الحدیث عن مجموعة 





* رلد آرتر فی مرسیلبا بوم 4 سبتمبر ۱۸۹۱ وترفی سنة ۰۱۹4۸ کال عثلا وسطرجاً 
وكاتباً مسرحياً وشاعرا ومنظرا للحركة السوربالية. حاول زحزحة المسرح البورجواز 
الكلاسيكى بما أسماء «مسرح القسرة» ويمثل مخربة فى البدائية والطقوسية تسعى 
إلى خرير اللارعى وكدف الإتسان أمام نفسه. أمضى آرئو شبابه فى الشرق الأرسط» 
راهنم بالتصوف؛ وكان يماني من اضطرابات عقلية أودعته المصحاث العقلية أكثر من 
مرة؛ كان اخبرها قبل موئه بسئرات قليلة. وقد انفصسل ارتو عن السوريالبين عندما 
نول قائدهم الشاعر أندربه بريتون إلى الشبوعية. وكان ارتو يعتفد أن فوة الحركة 
نكمن فى علم انشغالها بالسياسة» فانضم إلى المرحى ررجير فبتراك الذى كان قد 
انفصل عن السرباليين هو الآخرء وعملا معأ فى مسرح ألفريد جارى الذى لم يعمر 
طريلة. ومع أن أعمال أرتر كانت فاشلة جماهيرياً وعلى مستوى التقاد» فإنه كان ذا 
أثر عظيم على مسرح العبث وكتابه. عن دائرة المعارف البريطانية] . 

*» المقال المترجم هنا منقول عن كتاب لیرنار کایبل برونکر (۳80۱۷60 

السرح من الشرق والغرب. Theater East and West, Ûio.0f‏ 
califomia Press, London: 1967‏ 
ترجمة سمي يحبى رمضان: مدرسء مركز الات والترجمة؛ بأكاديمية 


الفتون . 





1A۲ 


المقالات المكونة للكتاب الذى تشر تخت عبوان المسرح 
وقرینه عام ۱۹۳۸ . 


وفی الحقيقة» یصعب حصر تأثیر آرتو علی الااه 
الذى اتخذه المسرح الفرنسی؛ وذلك لا لارتو من صلات 
بشیلار ودیولان وبارو وآخرین من انرجین والکتاب 
اللسرحيين الشبان: بل إن تأثيره ربما انسع ليشمل بلداناً 
أُخرى غير فرنسا على مدى العشرين أو الثلاثين عاماً 
الماضية. ويشكل عمل آرنو المفتاح للمنطقة الفاصلة بين 
الشرق والغرب فى المسرحء وذلك بسبب رؤيته النقدية 
التى ترتكز على تصور للمسرح يميز بين نمطين: 

الأرل؛ سیکولوچی» هامشى» ذهنى» وغير 
ميتافيزيقى. أما الثانى؛ فدينى» متكامل» ميتافيزيقى 
وحسى. والفقرة الافتتاحية لقال ارتر السمی «عن 
السرح فی بالی» ليست مجرد مقدمة؛ بل فی وسعنا 





اعتبارها ملخصا وتعريفا وبرنامجا للعودة إلى الميتافيزيقيا 
والتراث والمسرح الكامل . يقول ارتو: 

«إثذ هييئة السرح فی بالی» ای محتوی الرقص 

والغناء والایم وقلیلاً من السرح - کما نعرفه فی 

اللضرب - تعید السرح» من خلال الطقوس 

الاحتفالية التديمة التى أبعت فاعليتهاء إلى 

«قدره الاصلی؛» مستخدمة کل هذه العوامل 

منصهرة فی منظور من الهلوسة والخوف» "۰ 

ند السرح فی بالی یقدم» کما یقول آرتو» مربة 
مسرحية مقعلة؛ من المکن آن تسمی «میتافیزیقیا 
تشیطةه* » قالتجربة تستخدم کل السبل التاحة للمسرح 
من خحلال متظر محکوم باحترام الجذور شبه الدينية 
مالاحتفالية للاراما. لقد کب آرتو هذا القال (وهو 
مقال طويل تشر الجزء الأول منه فى «النوفيل ريشو 
قرانسيز» بعدما شاهد الراقصين البالينيزيين * * فى معرض 
المستعمرات* * * عام 1451 فى باريس» ويعتبر إلى 
جانب مقالین آخرین (لسرح الشرقی والسرح الغربی؛ 
ودالیتافیزيقیا والاخراج») آهم شهادة علی حلم آرتو 
بمسرح مسخوحی من جزر بالی. هذا لاینفی أن 
الإشارات إلى بالى والدراما الاسيوية الاخری تتواتر فی 
کل مقالات کتاب (السرح وقرینه):, كما أن الروح 
الوحية لجمالیات السرح عامةء المی تبناها آرتوه تابعة 
من مفاهیم استنبطها وربطها بالرقص والدراما فی جزر 
بالی. 
لم يكن رجل الخامسة والشلائين الذى جلس فى 

صیف ۱۹۳۱ فى مسرح البندبيو فى السرادق الهولتدى 
فی معرض الم ستعمرات حدیث العهد بقنون الشرق 





Metaphysics- in - action الأصل‎ ٠ 
نسبة إلى بالى وقد آثرت الاحتفاظ بالنطق الغربى لما قد يستدعيه الشكل‎ * » 
العربى من معان أخرى» فى حرف القارىء» عن المعنى ولو لحظباً مثال:‎ 
«اللعتقدات البالية القديمة» الذى سوف بجئ بعد ذلك فى النص.‎ 

[ا مترجمة] 
هو معارض حية للحياة أو التجارة أو الزراعة فى المستعمرات: كانت نقام فى فرتسا 
واشتركت فيها مصر عام 4 . انظر: تیموی میتشل استعمار مصر[ الترجمف] . 


آنطونین ارتو وحلم جزر بالى 


وأسالیبه. لقد آهلته سنین طويلة أمضاها فى القراءة 
المتنوعة» كما أهله ميله الطبیعی لکل ما هو صوفی النزعة 
وسحری» والتزامه بمفهوم آن حياة آلانسان الداعلية هی 
الأسمی, وقناعته الششددة بأن الغرب ما هو إلا «قبر 
مدهون بالجير»» مكان «للكلاب» والفكر المنعفن»» 
خانق للروح» أضف ای هذا فشله - مشلا ومخرجا - 
كل هذه الأسباب مجتمعة أهلته للتجربة التتى جعلت منه 
أعظم ؛ميتافيزيقيى المسرح؛ فى القرن العشرين. 
لقد كان ارتو مسجنوناً بالشرق حتى قبل لحظة 
الكشف التى واتته فى صيف 1571. حضر آرتو رل 
عرض لمسرح الشرق الأقصى فى الأتيليه عام ۰۱۹۲۲ 
عندما كان عضرا فى قرقة ديولان* * * *؛ وكان العرض 
قد أقيم فى مرسيليا أمام منظر لعدد من معابد اتجكور 
أعيد بناؤها لعرض الفرقة الكمبودية. وكان آرنو فى ذلك 
الوقت على دراية كبيرة بهذا المجال» كما كان على 
قناعة بأن التجديد المستقبلى فى المسرح وولادته من 
جدید. تتبعان من امجاه الشرق. 
قال عنه واحد من الذين كتبوا سيرته: 
وإنه كان مهوساً بالتقنية والأقنعة المستخدمة 
فى مسرح بالى والمسرح الصینی» وکان یقرً 
عنهما الكثير ويتذكر الكثيرء ولم يكن يكف 
عن الحديث عنهما»(۳. 
فى عام ۲ كتب آرتو لأحد أصدقائه» يصف 
عمل دیولان» بحماس: 
«إن الديكور أكثر رمزية وأكثر اهتماماً بالأسلوب 
منه فى الي وكولوبييه* * ** *. إن مثاله الأعظم 





» *» » شارل ديرلان  184(‏ 1444) أسي فرقته التی اعتبر مسرح 
الأتیلیه مقرا لها عام ۰۱۹۱۸ وسرعان ما لقیت النجاح باعتبارها هر فرف 
فرنسا تنظيماً وإبداعاً. تأثر بكوبر الذى عمل معه فی فرقة الفی رکولومبییه. 
وأصبح مديراً للكوميدى فرانسيزعام 1577. كان أستاذآ فذاً لفن التمثيل 
وتدرب فى المدرسة الملحقة بالمسرح الكثيرون من ممثلى فرنسا عن قاموس 
المسرح لجون راسل تايلور. داربنجوين للنشر 1175 [المترجمة! . 

Colombier » * « « «‏ - »نولا الفرقة التى كان ديولان أحد أعضائها 
الزسسین مع كوبر, ثم أسس بعدھا فرقت التى انضم لها أرتر في مسرح 
مدرسة الأنيلب (معناعنهة'! عل عاوعة"!] de‏ ۲3۱6۵0۲6) [الثرجمت]. 


۱۸۳ 


كابيل برونكر 


[ديولان] هو الممثل اليابانى الذى يمثل دون 
مساعدة العناصر ال حری»۳) 


وقد قال ديولان نفسه؛ وهو بسترجم حماس آرتر 
الشاب للمسرح الشرقی» وکان الحدیث لروچیه بلان 
بعدها بسنوات: 
«فى حين كنت أنا فى بداية انجذابى نحو 
تقنية المسرح الشرقى؛ كان هو قد قطع شوطا 
أبعد منى فى هذا الاتجاهء وكان ذلك يورطه 
من وجهة نظر عملية فی مواقف خطرة. کان 
يمثل على سبيل المثال دور رجل الأعمال 
فى مسرحية بيراندللو (متعة الشرق عتناكةءام 
اكد he‏ 206 ء فظهر على احشبة المسرح 
ذات أمسية وعلى وجهه مكياج مسترحی من 
الأقنعة الصغيرة التى يستعملها الممغلون 
۰ الصینیون للاحتذاء بها وهم یضعون 
مكياجهم؛ ومو مکیساج رمبزی لایلیق 
بمسرحية حديئة بالطبم» !۹ , 
فی عام ۱۹۲۶ تعرف آرتو على كل من بريتون» 
أراجون؛ دينوء وفيتراك ممن شكلوا نواة الحركة ١‏ 
وصار عضوأ نشيطأً فى الحركة. 
وقد ظهر العدد الشالث من مجلتهم «الثورة 
السوريالية؛ (La Revolution suréaliste)‏ عت ادارته» 
وكتب هو معظم مقالات هذا العدد التى نسب بعضها 
إلى أعضاء آخرين فى المجموعةء فوصف أحدهم العدد 
بأنه «تمجيد للشرق وقيمه» (o)‏ ل" 
وتؤكد مقالتا آرتو» فى هذا العددء #خطاب لمدارس 
بوذا؛ الخطاب للدلای لاماء» کل الجوانب السلبية 
والجوانب الإيجابية التى وجدها السورياليون فى التموذج 
الشرقى؛ إذ تؤكد ‏ من ناحية ‏ القوة المدمرة والبربرية 
التى بدأت من المادية ومن المنطق ومن مفاهيم الفلسفة 


۱۸۶ 





الوضعية اليفينية * » التى اعتبروها نموذجاً لأسلوب 
الحياة الفربية. وت کد - من ناحية أخرى ‏ الدعوة 
للروحانية والوحدة؛ الدعوة للحياة الداخلية والی نوع من 
لفن يعكس هذه الحياة الداخلية. لقد كان السورياليون 
معجبين بكل من الشرق الذى يمثله بوذا والآخر الذى 
يمثله أتيللا **. 
یقول آرتو فی خطابه» محدثاً الدلاى لاما: 
انحن خدمك ا آیها اللاما العظیم» 
نهمها! مقول ارو اللوئة» وان كان 
ضرورياء غير من أرواحنا واجعل لنا أرواحا 


تسجه الی العلی ا حيث تنجو روح 
الانسان من العذاب»(. 


ويتوجه بالدعاء لبوذا بأن ابجئ کی يحطم بیوتنا! . 

لقد كان ولاء أرتو للشرق أقوى من ولائه 
للسورياليين » وکان لابد لن هو علی مثل تمسکه 
بفرديته والانحياز لأفكاره» أن بترك اجموعة أو يطرد 
منها. 

وقد نقدهم ارنو بقسوة بالغة نیما بعد» وانتقد 
انتماءاتهم السباسية واتتصار محاولاتهم علی الشورة 
الاجتماعية والتزامهم بکل ما هو فیزیقی » فى حين إن 
الثورة العظمی رالحقيقية التی ارتآها آرتو كانت تعنى له 
الشورة نی الروح» ومن أجل التحول والاستحالة فیما 
آسماه الررح . وهذه نقطة مهمة فى اعتقادى؛ لأنها 





» فلفة آوجست کونت التی تن بالظراهر رالوافائع اليقبنية فحسب» 
«مهملة کل تفکیر مجریدی فی الأسباب الطلقة» وهی تطوير لاسانن - 
سیمونية» اتی عرفتها مصر علی ید مستشاری اسماعیل الفرنسیین 
[الترجمة] . 

*»* مليك وقائد قبائل الهانى من 1۳4 حتی 46۳. والهانی شمب رعویا 
من شمال وسط آسیا تسیب فی خساثر فادحة للامبراطورية الروسانية 
الشرقية, ووصلت جبوشه حنی آرلینز. وکان یسمی «بلاء اثرب»» وکانت 
الإمبراطورية تدفع له جزية ۷۰۰ رطل من الذهب. الإشارة فى هذا السباق 


غرية. 





تؤكد نوع الثورة التى تمناها آرتو للمسرح. لقد اعتقد 
آرتو أن التغيرات الفعلية» كما فى حياة الإنسان» لاتنتج 
إلا من تغير جذرى فى الظروف الداخلية. يقول ارتو عن 
السوريالية إنها: 
«لم تكن [بالنسبة إليه] أبداً أكثر من نوع جديد 
من السحرء من الخيال والأحلام؛ من مخرر 
اللارعى وهدقه أن يطفو على سطح الروح بكل 
ماهو فى العادة ‏ مخباء وهو أمر من الضرورة 
أن يأنى يتحولات عميقة على مسترى المظهرء 
فى القيمة السيمتطيقية وفى رهزية الإبداع0). 
لقد كان آرتو مشغولا طيلة حياته بما أسماه «ثقافة 
السحره» وسافر لهذا الغرض بالذات الی الکسيك فی 
عام ۰۱۹۳۲ وعاش مم هنود التاراهورا وتعاعفی أعشابهم 
انخدرة» وشاهد رقصاتهم الطقوسية. فی محاولة منه آن 
يفقد الشعور بذاته؛ وینوب ریتمائل مع الجبال والطبيعة 
الخشنة من حوله؛ إذ أحس أنها تخاطب أساه الداخلى. 
ولو أن آرتو أتيحت له فرصة تعرف ثقافة بالى السحرية 
بالقدر نفسهء وهى ثقافة متكاملة ومتمحورة تماماً حول 
الدین؛ كما أنها ثقافة أكثر تعقيداً من ثقافة 
التراهوماراس» لأشبعه ذلك بشكل أكثر عمقا. إن بالى 
تمثل ثقافة شاذة فى عالمنا اليوم؛ فهی حضارة عاشت 
بضع مات من السنین بجانب حضارات أخرى مختلفة 
عنها تماماً. ومع ذلكء استطاعت الحفاظ على تقائهاء 
وربما يرجع ذلك إلى مرونتها الفائقة؛ فأهل بالى 
يستقبلون المؤثرات الخارجية ويتمثلونها تماماًء حتى 
لتصبح جزءا من الثقافة البالينيزية الأصلية. 
ولاشك أن هذه القدرة المدهشة على الاستيعاب مع 
الاحتفاظ بالنقاءء يمكن ردها إلى الدين الذى يؤلف 
بين مظاهر الحياة المتعددة فى الجزيرة. إن المرء لايشعر 
فى أى مكان آخر غير بالى بمظاهر الحياة امختلفة وقد 
ترکزت حول الحياة الدینیة؛ فمن احال آن یفصل الرء 
فى بالى بين ما هو دينى وما هو غير دينى أو دنيوى. إن 


أنطونين آرتو وحلم جسزر بالى 


کل ما یفعله الانسان» سواء کان عملا ار لهراًء وسواء 
كان نتاجه اللذة أو الألم؛ له علاقة بالآلهة» ويؤدى فى 
سبيل الآلهة؛ فإذا رقص فإنما يرقص للآلهة حتى يفرحها 
ويريها مدى ابتهاجه بأنه ينتمى لبالى؛ ويعبر لها عن 
امتنانه من أن وطنه هو تلك الجزيرة البديعة؛ ولو كان 
الوقت وقت فاقة وشدة فهو يرقص ليستثير عطف الآلهة 
ومساعدتها. 


إن الراقص البالينيزى ليس راقصاً محترفاً بالمعنى 
الغربى للاحتراف. وهو نادراً ما يقيم حياته على الرقص» 
وفى الغالب يعمل فى الحقول أو القرى؛ وعليه أن يترك 
عمله عندما ينزل سائح إلى الجزيرة ليؤدى رقصته أمام 
الضيف دون مقابل. أما ما قد يدفعه الزائر فيذهب إلى 
صندوق النذور فى المعبد» ويستعمل لشراء ملابس جديدة 
للراقصين» أو آلات جديدة للجاملان (الفرقة العازفة على 
الأجراس قرصية الشكل (Gongs‏ « أو لصيانة الالات 
القديمة. وربما كانت أكثر التحولات إبهاراً فى عالم 
السرح علی الاطلاق؛ هی تلك التی حدث عندسا 
یتحول امحارب البطل» ذو العینین الواسعتین الشدود عوده 
کالوتر وهو يرقص رقصة الباريز (82:5) فى حال انتهاء 
الرقصة؛ إلى تلميذ ضحوك أو فلاح خجولء» دون أن 
يرفع مكياجاً عن وجهه لأنه لم يضع - ابتداء ‏ أية 
مساحيق. إلا أن الراقص البالينيزى يعد محترفاً بمعنى 
لايعرفه امحترف الأرروبى ؛ فهو يقضى سنوات من النظام 
والتمرین الصارمين كى يتعلم تقنيات الرقص» ويتدرب 
على استعمال حباله الصوتية؛ والتحكم التام فى كل 
أجزاء جسده والسيطرة الكاملة على كل عضلة فى 
الساقين والذراعين والجذع والرأس والوجه. 

والرقص فى بالى» أكثر منه فى أية ثقافة أخصرى 
معروفة لناء شئ عضوى» وحيوى بالنسبة إلى حياة 
الجماعة. والواقع أننا حين نتحدث عن الرقص فى بالى» 
علينا أن نقول الرقص والدراما؛ لأن كلا منهما يحتوى 
الآخر ولاينفصل عنه؛ وليس هناك تمييز بينهما قائم 


1A0 


كابيل برونكو 


على مواصفات مختلفة. فالعروض لاتصنف على أساس 
ما إذا كانت تسودها الكلمات أو تسودها الحركات 
المصممة ١‏ كوريوجرافى) : وإنما تصنف على أساس نوع 
القصية التى تمكسها . وأى احتفال ذي أهمية» 
ولوضتيلة» تصاحبه الدراما الراقصة. ونادراً ما تخلو أمسية 
من شكل من أشكال الرقص. والمدهشء فى هذا البلد 
الذى يسوده الرقص على هذا النحوء أنهم لایعرفون 
الرقص الاجتماعی (مممدل ادنههع) ! فالرقص فی بالى 
متخصص إلى حد بعيد» حتى إن العروض لاتقام إلا بعد 
القيام ببعض الطفوس الدينية. ولكن» فى الوقت نفسهء 
يظل المسرح بعيداً بعداً كافياً عن الطقوس الفعلية» وبنظر 
إليه على أساس أنه عرض مؤدى فى صيغة مرئية أو 
ترفيهية. ان دراما الرقص؛ کما هو معروف؛ التی تعتبر 
«عرضاه » تمثل خاصية من خصائص المراحل المتطورة 
نسبياً من الحضارة» فى حين أن الرقصات الطقوسية 
والسحرية أكثر انتساباً فيما يبدو إلى المستويات البدائية فى 
الثقافات امختلفة. أما فن المسرح فى بالى» فيمثل اللحظة 
التى يخرج فيها الطقس الدينى عن أصوله الطقوسية 
النقية ليدخل بدايات ما تعرفه نحن بالمسرح. 

لقد وصفت لنا الانسة بريل دی زرته (7066 06)» 
باقتدار فرید ؛ الدراما والرقص البالینیزی فی دراسة مثيرة 
للإعجاب مخت عنوان ؛الرقص والدراما فی بالی» 
«(Dance and Drama in Bali)‏ كما تام الباحث میجیل 
کوفاروبیاز (كدنطلهة007 اعناع1!) بعمل مثيل فی کتابه 
(جزيرة بالى 11د8 05 00هاوا ) . ولا نزعم هنا أننا بصدد 
وصف تفصیلی للموضرع. فقد قام هذان الباحثان 
بالمهمة خير قيام» ويمتلك عملهما قيمة أخرى بالنسبة 
إلى موضوعنا. لقد نشر العملان فى عام 19117 
و4 على التوالى» وهى الفترة نفسها التى شاهد فيها 
آرتو الراقصين البالينيزيين فى معرض المستعمرات الذى 
أشرنا إليه. والرقص البالينيزى؛ على مرونته؛ لم یتخیر 
بشكل جذرى منذ ذلك التاريخ. وإن سحر الشعب 


۱۸۹ 





البالينيزى الباقى - كما تفول بریل دی زوته - هو آن 
ترائه راسخ» ومع لك فهو مرن» (*. 

فالی جانب العناصر الشرائية القوية؛ هناك شغف 
بالتجدید والتجریب» ما يؤدى إلى تنويع عجيب من قرية 
إلى قرية؛ وحتى من سنة إلى سنة فی القرية الواحدة 

إن الرقصات تظهر وتختفى لتنبثق رقصات جديدة من 
الرقصات القديمة؛ وتترك المؤثرات الأجنبية بصمتها 
(مثلما حدث مع أوبرا المالايو) على المضمون أو 
الملابس؛ دون أن يشعر البالينيزيون بعدم الاتساق. والمؤدى 
البالینیزی» مثله مثل الذين يبدعون الرقصات والدراما 
أنفسهم؛ غير معروف الهوية؛ بمعنى أن النجومية ليست 
معروفة هناك (باستثناء ماريو المعروف عالميا وهو مبتدع 
الكابيار) . فالراقص البالينيزى» عندما يعتلى خشبة المسرح 
- وهى فى بالى يمكن أن تكون أى مكان ‏ يصبح دوره 
هو الذى يتقمصه وليس العكس. ومع أنه قد يرقص طيلة 
ساعات دون أن يعرف على وجه التحديد أى شخصية 
يرسمها (بما أن الحكايات قد تقرر موضوعاتها بعد أن 
يكون العرض قد بدأ؛ فانه دائماً يكون أداة للرقصة؛ فهو 
لايعبر عن ذاه أبداً. وكثيراً ما يحدث أن يسمع المشاهد 
بعد انتهاء رقصة سحرية أو طقوسية أن الذى كان يرقص 
هو هذا الإله أو ذاك الشيطان؛ وأن المؤدى كان متقمصاً 
تماماً. وبالفعل» هناك فتيات صغيرات شوهدن يؤدين 
رقصات معقدة للغاية وهن فى حالة غيبوبة» واققات على 
أكتاف الرجال ! حاضرين» دون أن يكن قد تلقين أى 
نوع من أنواع التدريب. 

ولسنا فى حاجة إلى القول بأن آرتو كان حساساً جداً 
غل هذه ال عالة من الغيبوبة والتقمص » أو الحالة الذهنية 
المغايرة للراقسين البالينيزيين. إن أكثر ما كتب آرتو إلهاماً 
كان وصفه اللحظات التى يبدو فيها المؤدى كأنه يصل 
ما بین عالنا وقوة حفية علوية: 





وها نحن فجأة فى خضم عذاب ميتافيزيقى 

عميق ومنظر الجسد المتخشب فى الغيبوبة 

ا صلب من فعل الأمواج الكوتية التى 

تخاصره؛ ليعبر عنها بشكل مدهش عجيب» 

هذا الرقص «المجذوب» متمثلاً فى تقلصات 

الزوايا الحادة التى يشعر المرء معها أن عقله 

يهوى إلى أسفل فجأةء كأن أمواجا من المادة 

تتدحرج فوق بعضها محطمة زبدها فی 
الأعماقء ثم طائرة من كل نواصى الأفق» 

حتى تنغلق على جزء متناهى الصغر من 

الرعشة والغيبوبة ‏ وتغطى هوة الخوف»”١21.‏ 

إن هذه الحالة من الانغماس مهمة جداً لفهم رد 
فعل آرتو للرقص البالينيزىء وهى تبرر إلى حد بعيد» 
.ودون شلك» التأثير السحرى لمثل هذا الرقص الذى يصبح 
فيه الراقص أشبه بالوسيط» ويوضع فيه المشاهد فى وضع 
اتصال (مهما كان خافتا) مع ما وراء جربة الحياة اليومية 
الفيزيقية العهودة» ويتاح لناء هناء الوصول إلى ما أسماه 
أرتو «المطلق؛ . إن هذه هى بالتحديد وظيفة المسرح 
بالسبة لی آرتوه ولیس آن یعالج السرح الخیانات الزوجية 
التافهة و الاهتمامات الاجتماعية واللفسية والسياسية 
المعاصرة. إن المسرح ‏ عند آرتو- يجب أن بهدف إلى 
شكل أعمقء أكثر عالمية؛ وأثرى معنى؛ فى نهاية الأمرء 
من عوالم الأشرار والمغقلين. إن ما يتصوره آرتو للمسرح 
هو نوع من التراجيديا الكونية؛ حيث المواضيع عظيمة 
عن الخلق؛ والتحول والفوضى والدمار. أما فى وضعنا 
الراهن التردی» فیشمر آرتو آن هذا الهدف لایمکن 
بلوغه إلا من خلال أبداننا؛ أو كما تصور آرتو - آن 
الهجوم علينا يجب أن يكون عن طريق الحواس. والمسرح 
البالينيزى يترك بالفعل انطباعاً يأن هذه «الثيمات» 
الكونية التى تخدث عنها آرتو قد وجدت طريقها إلى 
أجساد الراقصين البالينيزيين» وأصبحت من خلالهم 
أفكاراً فى حالة نقاء تام» من قبل أن تختزل فى لغة 


أنطونين آرتو وحلم جسزر بالى 


منطقية أو قوالب قابلة للفهم السهل. فحركات الراقصين 
وسلایسهم وتعبیرات وجوههم» وما یضعونه علی 
رعوسهم؛ تدی کلها دور الرمز. وهی, مثلها مثل الرمز» 
لابد ألا تكون واضحة تماماًء وإنما يجب أن تشير بشكل 
مبهم فى اتجاه مطلق ما أو حقيقة سرية ما. فعلى حقائق 
الأسطورة والرمز أن تظل غامضة ومتعددة مواقع الظهور. 
وآرتو يلحظ الملاحظة نفسها على المسرح. إن فهم هذه 
المستويات .السرية لايهم؛ وذلك لأنه: 
«یقلل من قدرهاء وهو أمر لافائدة منه 
ولامنطق له. المهم هو أن توضع الحساسية 
[للعمل] موضعاً يتيح لها إدراكا أحد وأعمق 
من خلال وسائل إيجابية. هذا هر هدف 
السحر والطقوس التى يعتبر المسرح مجرد 
انمکاس لها۱۳. 
لیس غریاء إذنء إن بدا المسرح البالينيزى لآرتوكأنه 
يحمل الإجابة عن كل أمراض المسرح الغربى ومساوئه؛ 
فالرقص الدرامی نی بالى يقع عند نقطة تفرع السحر 
والطقس. وضرورة هذا الغموض تکمن فی آن اللغة» 
بوصفها وسيلة للاتصال الذهنی » لیست ذات وظيفة 
مخصى فى الدراما. فلو أننا اتفقنا على أن هدف الدراما 
يجب أن يكون شبيهاً بهدف الشعر» كما تصوره الشعراء 
الرمزیون؛ لايسعنا إذنء فى هذا الصددء إلا أن نذكر أن 
بحث الرمزيين عن المطلق أدى إلى رفض الكلمات. فى 
حالة الشعر؛ يصبح هذا الرفض ۷ با اج فله 
موارد ومنابع أخرى. وكان من أهم أهداف آرتو تأكيد أن 
المسرح مكان فيزيقى قبل كل شئء وأن علينا أن نملا 
هذا المكان؛ وهی حقيقة یبدو أننا قد نسيناها من زمن» 
إلا أنها كان لها أثر طيب جنداً عندما تذكرناها مرة 
أخرى فى الثلاثينيات. 
وفى أكشر لحظاته تعصباًء يهاجم أرتو» بعنف» قلة 
فائدة اللغة. إلا أنه ظل معترفاً بأن للكلمات وظيفة فى 
العرض المسرحى» لكنه ظل مصراً أَنِضاً على أن هذه 


۱۸۷ 


كابيل برونكر 


الوظيفة يجب أن يعاد تعريفها؛ لأننا نقدنا قدرتنا على 
تصور مسرح مستقل عن الأدب. وقد رأی آرتو أن اللغة 
يجب أن تنتزع من رظيفتها «الطبيعية»» وتجبر إجباراً 
على التعبير عن شئ جديد» بدلا من “كونها محض أداة 
للفكر وتوصيل الأفكار؛ فهو يؤكد ضرورة: 
«آن تفصح اللفة عن احتمالانها وقدرتها علی 
تاج الصدمات الجسدیة؛ آن تقسمها 
وتوزعها بنشاط فى المساحة؛ وتعالج التجويد 
بشکل ملموس وتستعید له قدرته علی مطیم 
الأشياء وعلى إظهارها كذلك؛ أن تتحول 
اللغة ضد وظائفها الوضيعة وأصولها البدائية 
السجينة» وأخيراً أن تصبح اللغة لوناً من ألوان 
لترانیم ٩۱۲۱»‏ . 
من خلال مثل هذه اللغة التی تعخذ شکلاً جدیداً 
من الحضورء ومن خلال حركات الممثلين» نبدع «شعراً 
طبيعيأة ؛ «شعراً فى المكان؛» وهو ما يجب أن يكون عليه 
الشعر الحسّى الحقيقى للمسرح. ولنا أن نعلق بأن مثل 
هذا الاستخدام المتخيل للغة لايستطيع بالطبع أن يعالج 
الأفكار فى ترابطها. لكن آرتو لايطلب أفكاراً واضحة 
مترابطة فى المسرحء لأنه كان يعتقد أن الأفكار الواضحة 
«فى المسرح »كما فى كل مكانء هى أفكار ميتة» 
آفکار منتهیةم(6۱۳. 
المطلوب» إذنء هو أن نحارل الوصول إلى عمل فى 
دينامى متغير دائماً» يبدو فيه المعنى كأنه على وشك 
الخروج الى الواقع من داخل أعماقه بصفة مستمرة. 
فهذا الثيار الكهربى المتذبذب دائماً ما بين الكينونة 
والعدم ؛ يشير إلى عالم من المطلقات؛ عالم غير مرئى 
من القوی الكونية» وهو العالم الذى يجب أن يكون هم 
المسرح الحقيقى. إن الدراما يجب أن تكون مثل الطقوس 


الدينية: نقطة الالتقاء بين ما هو إنسانى وما هو تابع 


۱۸۸ 


للعوالم الأخری"؛ بین العنی والفوضی؛ بین احىدود 
واللامحدود. والرقص البالینیزی یطرح مثل هذا البعد 
الیتافيزیقی علی مستویات عدة. آما الحكايات نفسهاء 
فمسترحاة من الکتب الهندوسية العظيمة (الرمابانا 
والمهابهارانا)» أو من الأساطير البالينيزية القديمة والعناصر 
الطقوسية؛ مثل حالة الغيبوبة التى مخدثنا عنها؛ كما أن 
البعد الميتافيزيقى مطروح فى اثيمات؛ الصراع الكونى 
المنمثل فى رقصات الباررخ والراخداء والتعبیرات التغيرة 
بصفة دائمة على وجوه المؤدين وحركاتهم الرفرافة» 
وحتی فی ملابسهم التی یشمر آرتو آنها تصلهم بصلة 
قرابة للطبيعة» وحتى إلى ماورائها: 
«فهم مثل حشرات عملاقة مليئة بالخطوط 
وبالأجزاء المرسومة بهدف وصلهم بمنظور 
طبیعی غیر معروف یبدون منه مجرد خطوط 
هندسية منفردةه(*۱). 
ولعل أكثر هذه الأساليب الكونية - [ذا صح التعبیر - 
درامية؛ هى الوحوش التى تظهر فى الكثير من أشكال 
الدراما والرقص البالينيزى. يبدو أنناء فى الغرب؛ فقدنا 
حساسيتنا لمثل هذه التجسيدات للقوى الكونية. وقد 
نوشك على الضحكء كما يقول آرتو؛ لكنا سرعان 
ماتجد أنفسنا نرتعش أمام منظر الوحوش البالينيزية؛ لأنها 
تعيد إلى المسرح بشكل مؤثر وبسيطء «قليلاً من ذاك 
الخوف الميتافيزيقى الذى هو أساس كل مسرح 
تدیم» *۲۱. ما الوسیقی التی تصاحب الرقص 
البالينيزى والدراماء فتلعب هى الأخخرى دوراً كبيراً فى 
شحذ الحساسية !ذه القوى غير المرئية. 
إن موسيقى الجاملان (مداعسه0) المؤلفة فى معظمها 
من الالات» تشبه الأجراس قرصية الشكل (60885)» 
یتب‌این ما یصدر عنها من أصوات ما بین الرنسین 
* الاأصل 2000۵0 والترجمة الحرفية تعطینا «لالنسانی» أو دغير إنسانى» 


فى حين أن المقصود ما هو مغاير للانسانية عموماء وقد یکون ما هو لهی 
أو ما هو حیوانی. [الترجمة]. 





والخداع * السمعى» وبين هدیر عاصف عنیف» رهی 
موسیقی تمتص السامع إلى داخل أنماطها المعقدة 
بشكل مذهل»؛ وتمارس عليه قوة جذب مغناطيسية تؤدى 
أحياناً إلى حالة من الغيبوبة لدى كل من المؤدى 
والمتلقى. والعلاقة بين المؤدى والعازف من الحميمية 
بحيث إنه؛ فى بعض الرقصات» يملى الراقص إيقاعه 
على الجاملان» ويترك لدى المشاهد الانطباع بأن حركاته 
هى التى تأتى بالأصوات المعدنية الخفيضة للأجراس» 


أو بالضربات الحادة للطبول. 


يصف لنا آرتو هذا المنظر بحماسه وشاعريته المعتادة 


فیقول: 
«إن هؤلاء الميعافيزيقيين» كهنة الفنوضى 
الطبيعية» يستعيدون لنا حين يرقصون - 
كل ذرة صوت وكل إدراك محجزئ» كأن 
هذه الذرات والإدراكات على وشك أن تنضم 
مرة ثانية إلى مبادئها المولدة الأولية؛ نهم 
يزاوجون بين الحركة والصوت بشكل كامل» 
حتى إن الراقصين يبدون كأن لهم عظاماً 
مفرغة يصطنعون بها هذه الأصوات المقروعة 
علی الطبول من خلال آرجلهم وأیدیهم التی 
تبدو كأنها قدت من الخشب انجوف»۲۱. 
إن الكون الذى توحى به دراما الرقص تلك؛ مثله 
مثل عالم القروى البالينيزى؛ عالم سحری؛ فالسحری 
والميتافيزيقى أساسيان للدين وامجتمع فى بالى. كما أن 
الطبيعى والخارق للطبيعة لايكونان عالمين منفصلين» 
وإنما هما وجهان مختلفان من أوجه الأمور المعتادة فى 
العالم الیومی. ان الالینیزی یعتاد من طفولته البکرة» من 
خلال مسرحيات الظل ذات الطابع السحری القوى ومن 
خلال دراما الرقص ورقصات الغيبربة؛ آن بری التمثیل 





* الأصل beguilê‏ وتستدعی صوتاً قادما من بعید يشد ويسحرء مثلما هو حال 
التشدات في رحلة أوديسيوس [المترجمة] . 


أنطونين أرنو وحلم جزر بالى 


الرمزى على أنه واقع معيش فى حد ذاته. ويتعلم 
البالينيزى للأسباب نفسها أن ينظر إلى الأشكال المتعددة 
للواقع علی آنها رسوز ۰ وان لم یمتلك القدرة علی 
التعبير عن ذلك نظرياً. إن البالينيزى يجلس لساعات 
طويلة» الليلة بعد الليلة» مشدودا ومشدوها أمام المناظر 
التى تلتقى فيها الآلهة وأنصاف الآلهة والساحرات 
والشياطين والأبطال مع الأمراء والوزراء والناس العاديين 
والهرجین والحیوانات. وفي الاوقات العصيبة» يشهد 
رقصات الفيبوبة التی تنزل فیها الألهة بنفسها من جبال 
أجوغ لتمشى على وجه الأرض. إن البالينيزئ يواجه 
السحر والترانیم والطقوس جمیعاء باستمرار: فى حياته 
اليومية. سر لي طالب شاب من آبود (0۳۵) ذات مرة أنه 
يكره امرأة معينة لأنها ما أسماه (ليلاك؛ (لداناما)؛ أى 
شيطانة» تأكل لحوم البشر» وكان على قناعة بذلك لأنه 
رآها ذات ليلة فى الطريق تتحول فجأة إلى أرنب. إن 
الخارق للطبيعة يعد اعتيادياً بالنسبة إلى البالينيزى» وبما 
أن المسرح هو بالنسبة إليه أى مكان وكل مكان» فمن 
الممكن أن يقال الشئ نفسه عن مجربته فيه. ومكان 
السرح غالبا ما يكون أمام حائط العبد» الا آنه قد یکون 
كذلك فسحة فى الطريق أو سرادقا أقيم خصيصاً 
لاجتماع ما. والبالينيزى مثله مثل الإليزابيثى أو الصينى 
أر اليابانى؛ يشعر بالحميمية مع العرضء ويستطيع أن 
يشاهده من ثلاث أو حتى أربع نواح. 


لكن الفارق بين المسرح الباليترى والمسارح الأخرى 
هو أن المسارح الكلاسيكية فى إنجلترا والصين واليابان قد 
تجاوزت بداياتها الطقوسية؛ وبالتالى تطور لدى أصحابها 
شعور يميز بين الممثل والمشاهد. أما فى بالى» فالأطفال 
والکبار یزدحمون حول #خشبة» العرض» یجلسون 
القرفصاء و یقفون لساعات تمتد وتمتد. والفرقة 
الوسيقيء (الجاملان) تقبع فی رکن من السرح؛ 
ویتوقف شکل وتکرین الفرقة على نوع القصة والأسلوب 


۱۹ 


کابیل برونکو 


التبع فى الدراما العروضة. ولا یستدعی هذا السرح 
وجود دیکور»کما آنه لا توجد أية إشارات مرئية لتغيير 
الناظر. فالکان یوحی به الدیالوج والح رک أو تعبير 
الوجه. إن الخصائص السرحية؛ بما فی ذلك الستار 
الذى يدخل منه الراقصونء والأعلام والرماح والرارح 
واالشمسیات)؛ قلیلة للغاية, كما آنهم لا يستخدمون 
الاکیاچ. فباستناء السحوق (البودرة) والشامات الرسومة 
علی الوجه (التی یستعملها الرجال والساء علی السواء) 
والأقنعة المستعملة فى بعض الأحيان ووجه المهمرج 
الأبيضء فإن تعبيرات الوجه وحركات الجسد الموحية 
ودرجات التكثيف فى القوة والرقة؛ هى التى مخول رجلا 
عجوزاً إلى مقاتل شاب أو حتى إلى أميرة جميلة. 


والشخصيات فى دراما الرقص البالينيزية؛ مثلها مثل 
شخصيات الكوميديا دى لارتى» شخصيات مختزلة ذاتٌ 
بعد أحادى. أما أدوار النساء» فتعبر عن الأميرة الرقيقة أو 
الملكة أو الشيطانة» وتأحذ الغريمة أو زوج الأب الأدوار 
الساندة» وهن فى العادة لساء مسترجلات بعض الشی» 
ی الچوندوغ أو الوصيفة فى هذه المرتبة أيضاً. 


أما أدوار الرجالء فهى عموما للملوك والأمراء 
والعشاق والشياطين؛ وهى أدوار تصنف إلى أدوار ذات 
سلوب راق «الأريز» (aloes)‏ « أو ذات أسلوب خسشن 
+ کراسا» (162250) . ما آدوار الرجال الساندة؛ فهی فی 
العادة لاثنين من القائمين على نخدمة الملوك والأمراء: 
الياناسار (مدعدهعم) » وهو ياوران الاحتفالات أو وزير يقوم 
كذلك بدور المترجم أو المفسّر ويتحدث باسم الشخصية 
الرئيسية ويفسر لغتها إلى اللهجة الحلية؛ والكارتالا 
(داقامة»ا) أو المهرج الذى يرججّل الكشير من كلامه 
وحركاته. ولهذين الخادمين شعبية كبيرة لدى الجمهور, 
وعادة ما يسمح لهما بتطویر الفاصل الکومیدی ويأن 
يطيلا فيه كما يحلو لهما. 


11. 





إن استعمال الحركة والإيماءة فى 
علم مركب للغاية» ومنظم إلى حد بعيد من قبل التراث. 
إلا أنه نادراً ما تستعمل المودراس (50025) » وهى لون 
من لغة الإشارة خاصة بالرقص الهندى. فالحركات فى 
الرقص البالينيزى توحى بالمشاعر والأمزجة والتوجهات» 
إلا أنها لا تحل محل الكلمات كما يحدث فى البلاد 
الأقرب إلى الهند. وأنواع دراما الرقص فى بالى كشيرة 
ومتنوعة» وتتراوح بين البساطة المتناهية ورقص الغيبوبة 
والرقصات المعقدة. لقد أتيحت لى فرصة مشاهدة عدد 
من هذه الرقصات خلال رحلة قمت بها إلى بالى عام 
۶ سوف أصف منها هنا خمسة عروض من أكثر 
ما رأيت إبهاراً؛ وقد شاهد آرتو منها اللیجوغ (008وع1) 
والباريز (8:5) فی معرض الستعمرات عام ۰۱۹۳۱ 
وکان لی حظ حضور عروض الفرقة نفسها (جاملان 
الپلیانان) التی شاهدها آرتو نی السرض. لم یزل علی 
الأقل واحد من أعضاء الفرقة التنى عرضت فی معرض 
باریس یمئل فی الجاملان نفسها. آماالرقصات الأخرى 
التى أصفها هناء مثل الکیتچاك (1600) والسانجیاغ 
دچاران )Sanghyang Daran)‏ والاروچ (Barong)‏ « 
فغالباً لم يشاهدها آرتوء إلا آنها کلها ساهمت فى 
العرض الذى .حضره ارتوء ثما يساعدنا على فهم ردود 
أفعاله إزاء هذا الرقص. 


الرقص البالينيزى 


والليجوخ هى أكثر الرقصات البالينيزية يجريداً 
وشفافية» وهى المسؤولة بلا شك عن الفكرة الخاطة 
الشائعة فى الغرب بأن كل الراقصين فى بالى من 
الفتيات الصغيرات. أما الواقع؛ فهو أن الفتيات من جميع 
الأعمار يؤدين الرقصات؛ ولكن لا يسمح بالرقص فى 
الليجوغ بالذات إلا للفتيات اللاتى لم يبلغن بعد. 
ولاشك أن ذلك برجع إلى أسباب دينية لها علاقة بالنقاء 
والطهارة المنسوبة فى العادة إلى فترة ما قبل الحيض» إلا 


أن هناك أسباباً جمالية على الدرجة نفسها من القوة. 
فی بالی الشهورة نساژها بالرقة والجمال».لا بختار 
لمروض اللیجو الصعبة من الصغيرات إلا من هن 
أجمل وأكثر رقة. وهن يتمتعن بقدر من التميز فى 
اجتمع؛ وفی الوقت نفسه یضفین علی العرض الهيبة 
والاحترام لما لهن من مهارات. واللیجوغ تژدیها ثلاث 
فتیات یلبسن تیجاناً عالية على هيشة هرم مصنوعة من 
الریش الذهب والذهب الدقوق؛ وسشغولة بدقة نائقة 
وه مرشقة؛ بالورود. أما أجسادهن فمضغوطة فى الحرائر 
الشقيلة والقماش المقصب بالذهب والأحمر القانى 
اللامع. أما موضوع الرقصة فهو حكاية ملك اسمه 
لاسیم (100)؛ احتطف ابنة عدوه وحاول حطب 
ودهاء إلا أنها تعرض عنه فیذهب لیحارب آباهاء لکنه 
يقابل طائراً من طيور الشؤم فى الطريق ويقاتله. والفتيات 
فى الواقع لا يمثلن» وذلك لأن قصة الملك «لاسيمة 
تظل موضع الإيحاء غير المؤكدء وعلى المشاهد أن يكون 
على دراية مسبقة بالأحداث لأن الليجوغ بعيدة كل 
البعد عن السرد» حتى إنها تكاد تكون رقصاً خالصاً. 


تدخل أولى الراقصات وأصابعها مفرودة ومثنية إلى 
الوراء فی جهة الرسغ» مرتعشة باستمرار؛ آما جسدها 
فيكون فى وضع خاص بالرقصات البالينيزية» وضع 
لاسیمتری» وهی عادة ما تكون اکر تلبلا من 
الأخريين » وتسمی الدچوندوغ (080008ز0) أى وصيفة 
الأميرة. بعدها تدخل الأميرة وتقوم بدورها فتاتان 
صغیرتال» ولایزعج هذا الخیال الزدوج الحاضرين. كما 
تمثل إحدى هاتين الفعاتين دور الملك الذى يحاول 
خطب ود الأخرى. بعدها تدخل واحدة من الراقصات 
الثلاث وهى تضع أجنحة على ذراعيهاء وتبدأ فى رقص 
الجزء الأكثر تمثيلية (!625813]1083مع:) من الرقصة» 
وعندما تهاجم اللك یدافع الملك عن نفسه مستعملاً 


آنطونین آرتر وحلم جنر یالی 


مروحة کانها سیف» ویفعل الشئ نفسه فى الع رکة 
التالية ضد أخحى الأميرة. 


تختلف رقصة اللیجوغ من قرية إلى قرية. وقد تعرض 
كاملة أو تعرض أجزاء منها فقطء إلا أن جوهر الليجوتم 
يظل فى جميع أشكالها واحدا: ويشمثل فى عدم 
وضرحها الملغز» ومزجها الشفافية بالجاذبية القوية فى 
الأجزاء التى تستثير فيها الفتيات اللاتى لا تزيد أعمارهن 
على العاشرة خيال الملك بشكل حالم؛ فيقع فى الحب 
أو يذهب للحرب ويخوض المعارك. 


ما رقصة الباریز (190710)» وان کانت قريية الشبه فی 
أسلوبها باللیجوغ» فرقصة حرب احتفالية» وهی علی 
عکس اللیجوغ مليلة بالحيوية» ويقوم برقصها فى الأعم 
فتى صغير أو مجموعات من الرجال. لكنها اليوم 
لاتعرض عادة إلا فى شكل «سولوا» وبوصفها رقصة * 
ذات مجريدية عالية؛ لا تخشتوى على مضمون سردى» 
وتصاحبها موسیقی الجاملان عالية» نابضة ومتوحشة. 

والح کات الحادة السريعة العصبية للراقص وعیناه 
الفتوحتان لا تکفان عن الح رکة یمیناً ساره تستدعی 
فی ذهن الحاضرین مشهداً لقاتل یتأهب للقاء العدو؛ 
فى حالة من الحذر الترقب» یتوخی الخطر من کل 
الجهات؛ ويعمل على حماية نفسه وهو مشدود 
الأعصاب ومستنفر. 


وإذا كانت الليجوخ والباريز شكلين فى غاية الرقى» 
فالكيتجاك تنتمى إلى نوع أكثر بدائية من الرقص. 

والرقصة التى تسمى رقصة النسئاس شهيرة جدأء 
يشاهدها كل سائح ينزل فى بالى. أما الراقتصون 
فمجموعة من الشباب حاملی الشاعل» تلمع أجسادهم 
المارية سوی من رداء صفیر فی وهج النار. ویجلسون 


۱۹۱ 


كسابيل برونكر 


متقاربين» أحياناً فى سكون وأحياناً متحركين إلى الأمام» 
وهم يرعشون أياديهم فى الهواء وأحياناً يستلقون 
بظهورهم فی حجر الشخص الجالس خلفهم» وهم 
لایکنسون عن تردید: «اتشساك بت اتشساك - انشا - 
اتشاك»؛ ويعلو الموت فى ظلمة الليل حول حلقة 
الضوء التی تخاصرهم. فی أحیان» یعلو نصف الدائرة 
مثل الحائط ویسقط النصف الاخبر فی توال. ویظل 
الشباب یفنون فی لیقع سحری؛ ویتقدم راو أو راقص أو 
اثنان من وسط الراقصين أو من خارج الحلبة» فیستدعی 
الراقصون والراوى قصة «الرمايانا» التى تصف قصة 
خطف الملك لانكا الشيطانى لعروس راماء وكيف يطلب 
راما مساعدة الإله القرد وجيوشه لاستعادة عروسه التى 
خطفها الملك. وحديئو العهد بالرقص البالينيزى لا 
یلحظون - کما فی حالة اللیجوغ - آن هناك قصة یعاد 
تمشیلها. والجزء من الفصة الأْصلية الذی یستدعی 
بختلف من قرية إلى أخرى» كما يختلف من سنة إلى 


أخرى”. 

إن القصة لا تهم فى الواقع» وذلك لأن الدراما التى 
تختوى عليها معظم الرقصات البالينيزية مختلفة تماماً عن 
الدراما الغربية الكلاسيكية. 

والمشاهد البالينيزى لا تهمه القصة فى حد ذاتهاء 
لان کل القصص معروفة له تمامأ وأى جزء من القصة 
قد يحل محل القصة بأسرهاء كما أن المشاهد فيما يبدو 
لا يهتم كثيراً بالنقطة التى يبدأ منها العرض أو بنتهى. 

إن الدراما بالنسبة إلى البالينيزى هى الفعل الدرامی 
(ممناءة) ؛ ولذلك فهو مأخوذ تماما بالایقاع من خلال 
الفعل الدرامى فى إجماله؛ كما تقول بريل دى زوته 





* فى النص الأصلى توجد هنا فقرة صغيرة فى حوالى سطرين تستعيد التغيرات 
التى قد تطرژ علی اللیجوغ دون مضاهاة بالاصل وتصف ما فد تضیفه 
الفتیات على ملابسهن وقد حذفتها نها تخل بالسیاق [الترجمة]. 


۱۹۲ 





التى تؤكد أن الدراما تصل المشاهد عن طريق الایفاع 
المتصاعد للرقص لا عن طريق التسطيح للوقائه 3 , 


لقد ظهرت رقصة الكاتيجاك من خلال رقص 
الغيبوبة» ولاتزال تحعفظ حتى اليوم بهالئها الغربية 
السحرية المهلوسة التى عادة ما ترتبط فى الأذهان 
بالتقمص.والغيبوبة. وقد شاهدتء فى .القرية نفسهاء 
رقصة «الخيل الغيبوبية» أو السالتجياج دجاران 
)Sanghyang Djaran)‏ ؛ الشباب أنفسسهم» بالازياء 
نفسهاء يغنون إلا أنهم لا يلوحون بالمشاعل بل يجلسون 
علی جالب قصی من منطقة العرض. فی منتصف مکان 
السرض؛ كانت هناك بقايا نار قد بدأت لعوها فى 
الانطفاء؛ وحين وصلنا قام أحد القرويين وحركهاء 
وعندما اشتعلت من جديد بقوة أحذ منها القروى بضع 
جمرات ووزعهاً علی شکل دائرة قطرها حوالی ثلائة و 
أربعة أقدام. بعدها دحل كاهن القرية مرتدياً زيا غرياء 
حاملاً حول خصره صورة حصان له شعر أبيض غزير 
حول رقبته؛ صغير الرأس؛ وساحبا ذيلاً يمتد وراءه فى 
الهواء بطول حوالى ستة أقدام. عندما يدخل الكاهن فى 
الغيبوبة» يبدأ نی الهرولة جيثة وذهاباً رافساً الجمرات 
المشتعلة بقدميه الحافيتين. 


وحين يسدأ الكورس فى الغناء على جانب يكون 
الكاهن قد اجه ناحية الغناءء ثم ينجذب إلى الناحية 
الأخرى عندما يبدأ بها الغناء مخترقاً النار. والعرض 
طقوسى تمامأء هدفه إذكاء التأثير الطيب للآلهة؛ ولم 
يكن يجرى فى خط واحد بعينه» ولا يمكن تصنيفه 
على أنه رقص إلا مجازاً؛ فلم يكن له أى أسلوب 
حركى» ولا يدم عن أدنى تصميم مسبق للحركات. ولو 
أن غيبوبة الكاهن امتدت أطول مما يجب لكان الأمر فى 
منتهى المذل» وذلك لأن الوسائل الفنية لم تكن كافية 
لفعل فعلها السحرى على غير المؤمنين. لكن العرض 








ترك لدينا انطباعآ مؤثراً للغاية عندما وق الكاهن فى 
النهاية متخشباً على الأرض»؛ ودعانا رئيس القبيلة إلى أن 
نفحصه عن قرب لو أردنا. ولدهشتنا لم تكن هناك أية 
آثار للاحتراق على قدميه؛ وأشار إلى ذلك على أنه دليل 
على أن من كان يرقص لم يكن الكاهن بل كان إلها 
نزل للرقص من خلال الکاهن, رأن الاله هو الذی کان 
یرفس الجمرا 

وعلی التقیض تماما من هذا الثال البدائی؛ توجد 
مسرحیات الباروغ العقدة والتچالونا رتنج الندرجة تحت 
الساتجیاغ دچاران الطقوسية. والباروغ» مثل کل الاشیاء 
فى بالى» لها العديد من الأشکال» لا آنها - فى جميع 
آشکالها وعلی الرغم من آنها تبعد کل البعد عن 
الطقوس الخالصة - لاتزال العناصر الدينية والسحرية 
واضحة فیها. 


والباروغ تستخدم فیها کل آشکال الدراما والرقص 
۳ : اراقی 4 الخشن والصاخب» “اتات 
المنطوق 0 مع مصاحبات الجاملان. 


أما شكلها الأكثر شعبية» فيعرض أجزاء من أحداث 
الصراع بين الملك الجاوى* أرلنجا الذى عاش فى القرن 
الحادى عشرء ورانجدا الساحرة الأرملة الشريرة صاحبة 
القرة الخارقة» وهى سيد لكل ما هو سفلى وقاتل أو 
حافل بسمات الكوارث فى الدراما البالينيزية. 

وتتداخل فواصل من الرقص الخالص والكوميديا 
الرخيصة الخشنة: لتلطف من أثر اللحظات ال التى 


و ل لق اب 0 
الأطفال وتستعد لجلب المصائب على بالى» 0 





من جاوه [الترجمة]- 


آنطونین آرتو وحلم جنر بالی 


الأمیر لیتحدأها. ولحظة الذروة فی هذه السرحية هی 
لحظة محاولة الباروخ قتل راتجداء والبارویغ وحش طیب 
يساعد الإنسان. وفى الوقت الذى يدو فيه أن الباروج 
سوف يخسر المعركةء تسرع إليه مجموعة من شباب 
القرية یساعدونه» وهوّلاء یتوخی فیهم استمداد خاص 
للدخول فى الغيبوبة. ویهاجم الشباب الساحرة الشریرة» 
إلا أن قماشها السحرى يحميها منهم. 


ويحبط الشباب ويدخلون فى غيبوبة» محولين 
رماحهم فى ااه صدورهم هم؛ ویحاولون اختراق 
صدورهم إلا أن قوة الباروغ الطيبة تمنعهم من إصابة 
أنفسهم. وإذا وضح أن أحدهم قد يصبح خطراً على 
الآخرين» يتقدم منه مساعد من المساعدين ليأخذ منه 
الرمح؛ كما أن الكاهن يقف مستعداً بالماء المقدس 
والزهور ليخرج به من حالة الغيبوبة. 


إن مشاهدة هذا العرض تنأى بنا عن كل ماهو 
عقلانی وکل ما هو یومی واعتیادی» رتنجذب دون إرادة 
لی السحر الذی یمثله الصراع الکونی العظیم الداثر آمام 
ناظريناء ونؤخحذ أخذاً پلی العالم الخفی للاوعی الانسانی 
وما وراءه. وما بثیر الفضول والدهشة فی هذه الدراما نها 
لا تتحل عقدتها؛ فلا يوجد مجال للتحقق من أن 
الباروغ تغلب على راتجدا أو أن راتجدا انتصرت. والامر 
كذلك لأنهم يعت قدون أن رالنجدا لو هزمت هزيمة 
ساحقة فى المسرحية فإن روحها قد تغضب وتنزل الشر 
بالقرية عن طريق الساحرات. إن عالم الشر يجب تملقه 
درءاً له. لكن العالم البالينيزى يؤمن بأن التوازن بين 
الخير والدر واقع: طالر ن هناك مخزوناً كبيراً من السحر 
والكوارث. 


من الصعب ألا يكون هذا العالم السحرى - حيث 
يقف الإنسان فى الوسط بين عالم الشياطين من ناحية 


الأبيض لدى الجماعة يمنع الأمراض 


۱۹۳ 


كابيل برونكر 


وعالم الألهة من ناحية آخری؛ کما یظهر فی الباررغ 
بشکل مژثر - من الصعب ألا يكون قد أثار إعجاب آرتو. 


رالسرنامج الذی شاهده آرتو فی السرادق الهولندی 
بمعرض المستعمرات من المؤكد أنه أعطاه فكرة سخية 
عن المظاهر امختلفة للرقص البالينيزى. فالبرنامج تضمن 
نسع فقرات؛ هی الجوغ الوسيقية نم رقصة الجوغ؛ 
والكيبيار» والدجنجارء لاسیم لیجوغ» وباریز» والساشا 


OA 
. والبارو ج‎ 


إن شعر المسرح ‏ وهو شعر فى المكان وحضور حى - 
بری أحیاناً على أنه الصوت وقد انعكس مرئياً. مثل هذا 
الشعر كما اعتقد أرتو*: من الممكن أن «يسحر الأبدان 
ویتلع الحواس ويضع الروح على درب مختلف فيزيقيا . 


ورفصة الجوغ» وهى من نوع الكيبيار» مثال عظیم 
على هذا الشعر الرئی. وفی العادة یمثلها رجل شاب 
جالساً وسط الجاملان؛ نادراً ما يقف على قدميه وإنما 
يحرك جزعه فقط فوق ساقيه المضمومتين اللتين 
يستعملهما كأنهما: سوستة؛ مطاطة. ومثل هذا 
الرقص يتطلب علاقة وثيقة بين الراقص والموسيقى. 
والواقع أن حركة الراقص هى عرض للموسيقى؛ فى 
الكثير من الأحيان؛ ونرجمة للموسيقى فى الإيماءة 
والإيحاء. 
ومهما کانت رهافة الایقاع والیلودی؛ فان حركة 
الراقص التباينة وتعبیرات وجهه احسوبة لایفوته منهما 
شوم؛ وهو ما یصفه آرتو علی النحو التالی: 
«إن الموت [أيا كان] له ما يضاهيه فى 
الحركة. وبدلاً من أن تكون الحركة ديكوراً 


* أعنقد أن أرتو عنى أن مثل هذا السحر من الممكن أن بمثل شركا فعلياً 


لأعضاء البدن. [المترجمة] . 


15 





إضافياً؛ تصبح مصاحبة تماما للفكرةء 
وتتسبب فی حركة الافکار» توجهها» تقضی 
عليها وتبدلها تماما . 


ورصف بريل دى زوته للكيبار يستحق الاقتباس بشئ 
من التفصيل» لما فيه من وضوح وحيوية؛ وهو يؤكد لنا 
أن حماس آرتو وتقديره للرقص البالينيزى لم يكن أمراً 
غربياً. القارق الوحيد بین ما تقول دی زوته ووصف آرتوء 
هو آن دی زوته أکثر موضوعية من الشاعر الفرنسی» 
وهی لا تتطرق للجانب المبتافيزيقى فى وصفها ح رکات 
الرقصة, الا آنها لا ند مفراً من التعامل مع هذا الجانب 
عندما تصف مقابلة راتجدا والباروغ . 


تقول دی زونه: 


«إن راقص الکیپیار یجلس ورآسه محنی ویده 
مروحة فى وسط المربع المكون للجاملان... 
يعطى قارع الطبل إشارة ويسمع صوت وترى 
مد عندها يقفز الراقص للحياة؛ مشدوداً 
٠‏ ومتوترأء منتصب القامة؛ ومروحته ترفرف 
بعنف» وعیناه تتح رکان من آقصی الیمین 
إلى أقصى اليسار وإلى أعلى وإلى أسفل» 
وترتعش رقبته فى حركة مذهلة فى سرعتها 
(وإن کانت حرکتها محسوبة بدقة» من 
ناحية إلى أخرى؛ وجسده بأسره استجابة 
مرتعشة للموسيقى. وتتوالى اللحظات 
الشاعرية الحلوة تضاهيها التأكيدات المحمومة 
امجنونة» فينطلق الراقص أماماً كالإعصار ثم 
یتجمد کأه استلاً حتى تيبس بالصوت 
القارع. وتضيق عيناه كأنما يدافع عن نفسه 
ضد الأصوات القارعة؛ غالقاً عليها كل 
مدال جنده واه . لکن الکییار سرية 
وکل أحوالها زائلة؛ فما آن بتجمد الجسد 





حتى يقفز فجأة فى إبهار بصرى عائداً 
للحياة» ویعیش لحظات لامعاً فی الهواء وكل 
خيط فى نسیج بدنه , عیناه» صابعه» عنقه ؛ 
رسغاه» ردفاه» أعضازه كلها مستجيبة 
للموسيقى» ؛ على أنغام توزيع او رکسترالی 
داخلى. 

وهو حين يرمى بمروحته» يبدو كأنه يغزل 
نسيج اموسيقى التى تصبح مرئية من خلال 
أصابعه المدهشة؛ ومجويفات ذراعيه ورسغيه 
لبدیمین»(۲۳۳. 


إن مثل هذا المرض يعكس امات من الشاعر» 
ويوحى بالرعب والخوف فى لحظة والحلاوة المغطرة فى 
اللحظة التى تليهاء وينتقل من الشك والسبخرية إلى 
الاندهاش والإعجاب بشكل يجذب المشاهدء دون أن 
يدرى» نحو جربة هذه المشاعر بنفسه. كل هذا فى إطار 
من المهارة الفائقة؛ والتدريب الواضحء واستدعاء التراث 
(علی الرغم من أن الكيبيار شكل حديث) يسمح 
للمؤدى أن يخلق كوناً مكتملاً من المشاعر فى شكل 
مقتصد وبدیع؛ فیخلق - بالتالی - شعراً مرئیاً یکون معناه 
متضمنا فی العرض ذانه. 


آما الجزء الذی آبهر آرتو فی برنامج العرض أكثر من 
غيره؛ فهو بلا شك الفقرة الأخيرة التى 
الحرب الأخاذة» أو الباريز: وهی الرقص: التی تسبق 
الراکشاسا والباروغ» کما بقول البرنامج. ویعلی آرتر 
بوجه حاص علی الثراء السرحی الذی تجح البالینیزیون 
فى إضفائه على الصراع الداحلی للبطل؛ وهو صراع 
بينه وبين عالم من الأشباح يطلق كل قوى الخوف 
الکونی والفوضی التربصة خلف أقنعة النظام التى تخاول 
السيطرة بها على الحياة. أما الرقصة النهائية فى البرنامج» 


فیبدو آنها مستوحاة من رقصة الباروغ - حسب وصف 


تبداً برفصة 


آنطونین آرتر وحلم جسزر بالی 


آرتو - مع آن الباروغ سید للقوی الشيطانية السوداء 
وتمثل رانجدا الشربرة اکثر نما تمثل الباروغ الطیب» الا 
آن آرتو یصف ما رآه کما یلی: 


إن أرجونا (بطل الباراتا یودا وهی القصید: 
لجاوية عن الع رکة فی الهابهارانا) يهجر 
لحياة المدنية ویشخذ طریق الندم الحق 
للحصول على سلاح يستطيع به القضاء على 
أعدائه. لكن شيا يود امتحانه قبل أن بيسر له 
لحصول على السلاح» فيبعث له بحوريات 
من الجنة لیحدن به عن هدفه لکنهن یفشلن 
فی إغرائه» فیبعث له شیشا سويرابا أجمل 
لحوريات» لكنها تفشل هى الاخرى فى 
إغراء أرجوناء فيقرر شيها أنه كفؤ لاستعمال 
لسلاح المعجز. أما الشياطين نتعمل كل 
جهدها لدرء محاولات أرجونا للصعود إلى 
لحياة الروحية الخالصة» وتبعث براكشاسا 
الشيطان للب للبحث عنه لکنه لا یجده» فیتحول 
راكشاسا إلى وحش أسطورى اسمه الباروج» 
ويتحرش بأرجوناء ولكن أرجونا ينتتصر عليه 
ويقتله؛ . 





إن «إحساس البالينيزى باللوازم التشكيلية فى المسرح 
لا يضاهيه سوى معرفته العميقة بالخوف على مستوى 
الجسد؛ وتمكنه من وسائل إطلاقه؛؛ رهو ما يذكره آرتو 
حین یسترجم منازلة الشیطان انخیف وأرجونا. 


إن المسرح الفربی القید بقیود الاهتمام بما هو یومی» 

تسى الد لنشوة الدرامية الستقاة من مجرد مشاهدة ما هو 
وحشى. يذكرنا هذا بعرض أخير لمسرحية (ست 
شخصيات تبحث عن مؤلف) حين تخطو مدام بيسى 
خلال ستارة دکانها السبحية, ويمسك الجمهور أنفاسه 
للحظة تتطول؛ فأمام ناظريه ممثلة ضخمة جداً تزن 
ثلاثمائة أو أربعمائة رطل؛ وحش لا معقول من اللحم 


15 


كابيل برونكر 


المكدس يبدو كأنه يجسيد مرثئى للشر المحيق بالشخصيات 
الأخمرى. لو كان لهذا الوحش علاقة حقيقية بأعمق 
اهتماماتناء ألا يؤثر هذا المنظر فينا بشكل بالغ» آلیس 
یجرحنا ویدمیدا؟ آما السارح الشرقية» فلم یزل فی 
|سکانها هذه القدرة علی التأثیر ذی الغزی؛ فالبالینیزیون 
لا بزالون یستمتمون بالوحوش والشیاطین والساحرات 
الستوحاة من قصص آلهتهم. وما لا شك فيه أن الباروخ 
والرامدا من أعظم هولاء. 


لقد شاهد آرتو الباروغ فى واحد من أشكالها 
التعددة؛ وفى سبتمبر من العام نفسه شاهد مسرحية 
(الرامجدا) الشبيهة برقصة التچالوناراغ الدرامية, کما 
شاهد «الساحیاغ الغیبوبیة» والتوینج (۱0۲608) آو 
المسرحية المقنعة. 


وراتجدا الشريرة, صائدة القابر» أكشر الوحوش 
لبالينيزية رعباً بلا شك. وهی تلبس قناعاً أبيض قبيحاً له 
نف وجبهة مذهبة» وعينان كبيرتان جاحظتان» وأنياب 
بيضاء كبيرة تخرج من جانى الفم؛ ومجموعة من 
الأسنان الحادة اللامعة يسقط من بينها لسان أحمر 
عريض مغطى بالرايا وأشكال أخرى من الزينة؛ وشعرها 
المصنوع من فراء الماعز الأبيض يحيط برأسها بغزارة 
ويصل حتى قدميهاء وتلبس فى يديها قفازاً له أصابع 
مشعرة وأظافر طويلة؛ ويتدلى أمامها صدر طويل وأمعاء 
الأموات الذين التهمتهم؛ وتحمل قماشاً أبيض سحرياً 
يساعدها على التخفى ويحميها من أعدائها. 

أما حصمها فى التجالوناراغ » فهو باروخ الطیب. 
(وهو تخل واحد من مجليات أخرى كثيرة يظهر فيها هذا 
الوحش) » ويحرك الوحش العظيم من الداخل رجلان 
ویکون واحد منهما مسژولا عن الجزء الامامی والاخر 
عن الجزء الخلفى» ويتحكم الأول فى الفك المتحرك 
والرأس الأرجوانى الصغير المزين بالجلد؛ ذى العينين 


۱۹۹ 





الناريتين الجاحظين واللحية السوداء. والرأس صفيرة جداً 
بالنسبة إلى باقى جسد الباروج» رتغوص فی کم هائل 
من الشعر. أما الذيل» فيعلو سحة أمتار أو ثمانية فى 
الهواء؛ ويتدلى منه جرس يرن مع كل خطرة يخطوها 
الباروغ» فييدو سخيفاً بعض الشئ وهو یتقافز منماً عن 
مزاجه الطيب. فى استطاعة الإنسان أن يضحك مع آلهته 
ومنهاء عندما لا ينفصل الدين عن الحياة. 


إن دراما الرقص تؤثر فى المشاهد على مستوى الوعى 
الأدنى » وتتسبب كذلك فى ردود أفعال على مستوى 
الجسد؛ ليس فقط فى حالة الغيبوبة التى غالبا ما تعقب 
ظهور الرانتجداء ولكن كذلك فى نشوة الخوف الذى 
يتملك المشاهدء وفى القوة المذهلة التى تأخذنا بها هذه 
الرؤى الحقيقية.. غير الحقيقية. 


ومن المؤكد أن الإنان لا يشرك العرض وهو على 

القدر تفسه من القناعة والاطمئنان اللذين دخله بهما. 

إن مفردات لغة الحواس التى تستخدم لاستدعاء 

استجابات روحية ولا واعية تشير إلى اتحاد عوالم الرح 

والحواس» وهى حالة بدائية يمتزج فيها الكيان دون 

تمايزه وهى الحالة التى يحاول الشعر الرجوع إليها منذ 

لقرن التاسع عشر. ویستممل ارتو كلمة بودلیر الفضلة 

(Correspondance)‏ أو «التمائل؛ للتعبیر عن الوحدة 

بين المظاهر الفيزيقية وأصلها * «المالى» أو «المطلق»» 
ويعطى آرتو مثالا على ظاهرة العمائل تللك» فيقول: 

«إن من أكثر مظاهر التمائل شيوعاً هى تلك 

الملحوظة بين النظر والصوت» وبين الذهنى 

وا محسوس من الحركة والإيماءة لشخصية ماء 

وحتى الاستدعاء لحركات البنات من خلال 

صرخة الة موسيقية ما. إن تنهدات الات 





» فى التص ۲۵۵1٤۷‏ = حقيقتها بالمعنى الأقلاطونى[الترجمة) ‏ 





النفخ تطيل من اهتزازات الأحبال الصوتية 
للاتسان» بإحساس من الامحاد لا تدرى معه 
ذا ماکان الصوت تفسه یستکمل التفمة أم 
أن هذه هى الهوية التى امتصت الصوت من 
البداية*. إن هديل المفاصل والزوايا الموسيقية 
التى تصنعها الأيدى والأذرع» الأقدام الهاوية 
ومفاصل الركبة المثنية وأصابع اليد التى تبدر 
مشتبكة على وهن فى الأكف» كلها مرايا 
عاكسة لتحولات الأعضاء الإنسانية التى تبدو 
مفعمة بالصدی والانسجام مع نوتة 
الأوركسترا وهمس آلات النفخ الذی 
يستدعى مشهد قنص عظيم للطيور الوحشية؛ 
حيث الممثلون أجنحة مرفرفة("" . 
إن مثل هذه «الحركة الميتافيزيقية» » مثلها مثل الكثير 
من الشعر الحديثء لا تسعى إلى تقديم الأفكار بشكل 
واضح مفهوم مقدماً. ولا يتوقع منا أن نستقى من معانى 
الدراما الراقية أو من تفسيرها متعة ذهنية خاصة. فهذه 
الدراما لا تصلح موضوعاً للحديث أو للقراءة و الوصف؛ 
إنها دراما لا يمكن تعرفها إلا بالشكل الوحيد الذى 
يمكن أن تعرف به الدراما: فى العرض. نحن أمام دراما 
خالصة» کما یقول آرتوه نخوض مجربة نتذوق فیها لغات 
السرح العديدة (یما فى ذلك هيلوغرافية ما هو إنسانى) » 
وهى تخلق الشعر فى المساحة وتزلزل الوجود على كل 
المستويات. 
إن هدف المسرح هو التعبير بموضوعية عن حقائق 
سرية بعينها - أقول «بموضوعية؛ لأن هذه الحقائق تنقل 
لها فى صورة صور على الخشبة» وليس هناك حقيقة 
واضحة سوى المنظر نفسه. 





* الترجمة لهذه الجملة حرفية لنموض مرجمية «[1160111» فى الأصل 
[الخرجمة] 


أنطونين أرتو وحلم جزر بالى 


إن الدراما البالينيزية تختفى عندما يتوقف الراقصون؛ 
عندما يقف فيضان الأصوات النابع من الجاملان؛ وذلك 
على عكس الدراما التى نعرفها فى الغرب» والتی - طبقاً 
لما يظنه البعض على أية حال لاتزال قائمة فى النص 
دون أن یسرض. رآرتو واحد من برون أن النص المكتوب 
لا یعتبر دراما الا حين یمرض علی الخشبة» ولا یتخذ 
أبعاده الكاملة إلا عندما يصبح مرئياً. وحتى بعد أن 
یحدث ذلك لا یعتبر ارتو السرح الغربی «دراما؛ ؛ لانه 
مسرح مهموم بمشکلات لیس السرح مکانها فی ریه. 
|ن السرح» کمایراه ارتوه لم يوجد ليحل عقدة 
الصراعات الاجتماعية والسيكولوجية للانسان الحدیث. 


ویدعی آرتو آن السرح البدائی یعد استجاية ناجعة 
لوظيفة الدراما. ان آرتو غالباً علی حق. لقد کان یسعی؛ 
بالرجوع إلى المنابع» إلى اكتشاف أصول الدراما ‏ 
السحرية - الدينية» محارلا آن یعثر علی «روح الحوادیت؛ 
التى أضعناها. 


وارتو حتى عندما يشاهد رقصة على بساطة 
الدجاتجار, التى يصفها البرنامج على أنها تمثل «نصائح 
وتهديدات أب لابنته التی محخدت التقالید؛؛ بری فیها 
أبعاداً تجعله يقول إن موضوع الرقصة مجرد عذر لقول 
شئ آخر؛ ويعيد تسميتها فیقول عنها « اسکتش 
رمزى»» ويشير إلى أن الصراع ليس صراعاً بين المشاعرء 
وإنما صراع بين الدرجات الروحية التى تشركز فى 
الإيماءات» وبذا تبدو موضوعية. أما النتيجة؛ فهى أننا 
تصبح فی موضوع یسمح لنا آن نختبر الدراما بشكل 
مباشرء دون تدخل من العقل يضح الحدود بيننا وبين 
التجربة التى نخوضها. وتصبح» بذلك, الدراما «حلقة زار 
لإخراج الأرواح الشريرة؛ ما یسمح لارواحدا آن 
تتطلق»(۲۳۳. 


۱۹۷ 


ا س ص 


ومثل هذا الاهتمام بغير الرئى من الحقائق الدأخخلية؛ 
كان جزءاً من هوس آرتو الذى شاركه فيه السورياليوا 
وتشهد على هذا الهوس بحوثه فی الشعر والدرآما تا 
ذاتهاء التى كان يبحث فيهاعن كل ماهرثابت» 
لامتسرك؛ کل ما هو نابض فی مرک الوجود. وكان 
بحثه الدائب هذا هو الذی دنعه لی اکتشاف البوجا 
ودراسة الكيمياء القديمة وأوراق الكوتشينة (التارو) ؛ وهو 
الذى دفعه إلى السفر إلى المكسيك. كان مركز الأشياء» 
فى رأيه» هو ما يجب الكشف عنه. ولكن حتى يتسنى 
للدراما فعل ذلك عليها أن تتحدث لغات مسرحية 
متعددة؛ يذب الحواس وترفض لغة الكلام إلى أتصى 
حد مکن» وترفض |غراءات العقل المدقف. كما أن 
مسرحاً كهذا عليه أن برفض دور الکانب وظهور انخرج 
فیه. ویمتقد آرتر آن اظرج هو خالق مجمل التجربة 
المسرحية؛ وأنه مسؤول تماماً عن النص (أو السينارير 
بالأحرى)» إلى جانب مسؤوليته عن العرض. إن إعطاء 
النص والكلمات» الأدب بمعلی آخر ذرجة أقل أهمية 
فى التجربة المسرحية؛ لهو من وجهة النظر الغربية على 
الأقل - أعظم الهرطقات التى تفوه بها آرتو. لكن علينا 
الشذكر أن آرتو يتسمى إلى جيل كان على وعى عال 
بانخفاض مستوى المسرح فى أيامه؛ جيل حاول الشورة 
والعودة إلى الأصول؛ 
صورة الترانيم كما فعل جيراردرء أو وعن طريق خخاز 3 
الشعر المرئى فى مسرح كركتوء أو بالاستخدام الكامل 
لواد السرح التی دعا لها آمثال بای وماکس راینهارت» 
ولم نزل نحن فى بداية زب تفر هذه الشورة الیسوم 
[971١؟6‏ أو علنا لم نرل |زاء وج نضجها. وربما كان 
فی استطاعة ارتو» على تطرفه» أن يؤسس لتوازن صحى 
فى ثقافة اتخذت من النص إلهاء وأدرجت العناصر 
الأخرى المساهمة فى المسرح فى مرتبة ثانوية. 


سواء عر ن طريق استخدام اللغة فى 


على أية حال؛ فما یصعب نفیه هو تأثير أرتو الواضح 
على المسرح اليوم فى أعمال مخرجین من آمثال باروه 


154 


رمؤلفين مختلفين مثل يونسكو وآداموف وجينيه ووايس 

فمن المستحيل أن يقرأ أ الرء کتاب (السرح وقرینه) دون 
آن تبهره» الرة بعد الأخرى» خصربة أفكار آرتو فيما 
يتعلق بأهمية الدیکرر والخصائص السرحية» فنهاآشیاء 
حية فى السرحية ووصفه الصفة الادية اللموسة للغة» 
والعظمة الرئية لا هو وحشى وعملاقء والتأثير العميق 

قسوة» التى تود لو اقتلعتنا من فتورنا . لقد كان تعرف 
5 البالينيزى أمراً قدر؛ ی؛ فقد وجد فيه أحلامه عن 
المسرح كما يجب أن يكون مجستدة آمامه. 


ومن المدهش أن يكون آرتو قد فهم هذا المسرح بهذا 
الرضوح؛ لأنه على الرغم من استعداده الذى أهله له 
اهتمامه بالادیان والفنون الشرقية» لم يكن على دراية 
حميمة بجزيرة بالى أو بالرقص البالينيزى قبل مشاهدته 
هذه الفرقة فی معرض الستعمرات عام ۱۱۹۳۱ فلم 
يكن قد نشر عن هذا الفن شئ فى فرنسا فى ذلك 
الحين. 

لكن آرتو كان على درجة عالية جداً من الحساسية ٠‏ 
لروح الفن البالينيزى؛ فكان أن جح - من خلال 
مراجهة قصيرة - فى أن يفهم أهم ما يميز الرفص 
والدراما وتكاملهما مع الحياة فى بالى. وآرتو من أكثر 
المفسرين إبداعاً وتفهما أ لبالى» وهو حتى عندما يسئ فهم 
جزئية ما يعوض ذلك بقدر الذكاء والحساسية التى 
يتعامل بها مع موضوعه. وقد يعترض البعض على آرتو 
بأنه يرى فى رقص بالى أكثر مما يراه البالينيزى العادى. 
لكن» ألم يكن ور الناقد والشاعر العبقرى دائماً هو 
رؤية ةمالا يراه ا لقد كان من عبفریه ة آرتر آه 
أمسك بالرو ح المتألقة للرقص والجاملان » مس خلال نثره 
رداك مسي راهنا . ومن 
الغريب أن إبداعات آرتو السرحية» وسیناریوهاته ونصوص 
مسرحیته (الستسی زوع و1.6)ء لا يوجد بينها وبين 
التقنية التى تربطه بالرقص البالينيزى أى تشابه. لكن آرتر 





لم يكن من الجنون بحيث يعتقد أن حساسية أجنبية ما 
تكونت على مدى قرون طويلة من الممكن نقلها برمتها 
إلى الثقافة الغربية . 


ولو أنا حاولنا وضع الراتجدا أو الباروغ فى سياق 
مسرحية غربية؛ أو استخذمنا حركات الأصابع المرفرفة 
نفسها أو العيون المتحركة يمينا ويساراً نفسهاء كما 
یحدث فی اللیجوغ أو الباريزء لكان طريقنا مسدوداً. 


إن مشكلتنا تنحصر فى أن لنجد ما يضاهى هذه 
المظاهر فى مسرحنا. مدام اپیسی؛ الضخمة فى (ست 
شخصيات) والأم #بيب؛ فى مسرحية يونسكو (القاتل) » 
قد نكونان من أمثلة جد شبيها لها أيضاً على مستوى 
الحلم الفانتازی» فی [یداعات شخصيات جينيه: 
«الچنرال » هالأسقن؛»» «القاضی؛ فی (البل کون 719۰ 
)ار «الومس التوحسشت»؛ «وردةه؛ فی 
(الشاشات 50۲6605 1۳۵ . إن الاحتمالات كثيرة؛ وقد 
تقودنا مثل هذه الاكتشافات فى هذا المجال إلى إعادة 
اكتشاف جزء من أنفسناء كان المسرح الشغوف بالعقلنة 
قد آعمانا عنه. 


إن العلاقة بين بالى والغرب مختلفة عنها بين الغرب 
والبلدان الأخرى التى سوف نعالج الدراما فيها فيما بعد. 
فالصين واليابان؛ على اختلافهما عن أورريا وأمريكاء قد 
حققتا حضارات معقد:ة تطورت علی مدی فرود؛ 
وانفتحت بالتدريج على المؤثرات الخارجية؛ ولم تعد 
ثقافات متکاملة؛ وانشسمت مظاهر الحياة فیها مثل 
اتقسامها فى حنضارتنا. ولكن هل يعنى هذا آننا 
لانستطيع است‌خدام الروح المذكية للفنون البالينيزية 
وتقنيتهاء لأنها غريبة عن طريقة تفكيرنا وطريقتنا فى 
تنظيم مجتمعنا المنمّسم على ذاته. فى اعتقادى أن 
العكس صحيح؛ وأن تفهما أفضل للمسرح البالينيزى قد 
يعود بنا إلى دراما خاصة بنا وأكثر محورية بالنسبة إلى 


أنطونين آرتو وحلم جزر بالى 


ربسا الحيانية. إن بالى تجسدء كما لا يتجسد فى أى 
بلد حديث فى الغرب» «فكرة السرح» (idea of‏ 
(۱۱۵۵0 التی یستدعیها فرانسیس فیرجسول» وهی 
الفكرة التى تقول بأن السرح حیوی لحياة البلد 
وصحتها. إن مثل هذه الفكرة» لو فهمناها» قد تساعدنا 
على العمل على وجود مسرح يستنطق المنابع السرية 
لوجودناء وللأصول الملغزة للحال الإتسانى (human‏ 
«condition)‏ من خلال كشن ملكات العمل قبل 
النطق» والاقتراب من القوى الموحدة فى حياتنا بدلاً من 
التعامل مع الأحداث فى لحظة بعينها. ولو أصبح فى 
رها البالينيزيون؛ لكان 


مقدورنا استخدام التقنية التى 


: ذلك من حسن الحظ؛ فهم قد يساعدوننا فى خلق 


مسرح يتحدث إلى الرجل كاملاً من خلال جميع 
الحواس. وقد نعيد كذلك تعلم تأثير العيون والشفاه 
والأذرع والسيقان الموظفة فى أشكال غير واقعية» وإمكان 
المزج بين الأقنعة والأسلبة العالية والواقعية التامة. 


ومثال التوبنج (100608) یثبت لنا (مکان ذلك. فى 
التوبنج أو الدراما المقنعة, توجد شخصیات علی الدرجة 
نفسها التی علیها شخصیات مسرحنا الفربی من حيث 
الواقعية والحيوية؛ حتی إن شاباً يافعأ يستطيع» عن طريق 
الحركة «المتأسلبة» والقناع» أن يبدو لنا على هيئة رجل 
عجوز فى أدق تفاصيله الطبيعية؛ وهو يتمخط؛ و 
يحك ذراعه؛ وهو بلتقط القمل من ثنايا جسده. ولكن» 
حتى یتحقق السجدید الذى أراده ارتو فى «ثيمات» 
المسرح وتقنياته» علينا أولاً إعادة صياغة فهمنا لهذا 
الفن» علينا إعادة توجيه موقفنا الذهنى منه؛ وعلينا تذكر 
أن آرتو لم يكن مهموماً بما هو غريب أو قديم أو 
هامشی فی السرح البالینبزی» بقدر ما کان مهموماً 
بالعلاقة بين هذه الأمور وما هو جوهرى فى هذا المسرح. 
إن سعى آرتو لم يكن بغرض فرض ما هو هامشى أو 
فائض عن حاجة المسرح» بل كان سعياً فى ايجاه تجديد 
حقيقى للروح الأصيلة لهذا الفن. 


۱۹۹ 





ک سابل وگو سس بآ" 


هوامش. 


(۱) _آنطونین آرنره السرح وقرینه, ترجمة ماری کارولین ریتشاردز (نبوبورث: ۱۹9۸)» ی ۰9۳ 
(۲) چین هورت» آتطونین آرتو النتحر واجتمع فاقزعمه 1Le suicidê de 1a‏ 
(چیبف: ادبسیون کونانره ۱۹۹۰ ص ۰۳۲۸ 
(۳) پرل تیانونء ۱۸۹٦١‏ ۔ ۱۹٤۸‏ كراسات Cahiers de la compagnie Madeleine jale‏ 
رینو چان لوی بارو. رتم ۲۲ - ۲۳ (مایو ۱۹۵۸)» ص ۹. 
 )4(‏ الرجع نفسه» ص ۰۲۱ 
(0) موريس نادره تاريخ السوريالية, Histoire du Surrêalisme‏ (باریس : ادیسیون دی میول» ۱۹46) ص ۰۱۳۷ 
() _نیفانون» الرجم السابق ذکره» ص ۲۳. 
(۷) _آنطرنین آرنوه الاعمال الکاملة :60۳۳۱۵46 Euyres‏ 
( أجزاء) باریس: جالیمار» ۱۹۵۲ - ۱۹۲) الجزء لول س ۲۰۲ 
(۸) المرجع نفسه» ص ۲۸۷ 
( بیربل دی زونه ووالتر سپایزه الرقص والدراما فی بالی ناه38 Dance and Drama in‏ 
(لندن: قيبر وفيير: ۱۹۳۸)؛ ص ٤١‏ . 
)١(‏ آرتوء المسرح وقرينه» ص ٥٦‏ . 
)١1(‏ المرجع تفسه» ص ۰۹۱ 
(۱۲) الرجم تفسه» ص 4 . 
(15) المرجع تفسهء ص ۰1۱ 
(16) المرجع نفسه» ص 14 . 
(۱۵) الرجم نفسهء ص 44. 
7 امرجم نفسه» ص٩٠‏ . 
۷ دی زوته وسپایز» المرجع السابق ذکره» ص ۱۷ - ۰۱۸ 
(۸) آنا مدین لصدیقی السید ملفین فیلیبس بهذه العلومات المفصّلة؛ وجهده المبور فى مجميع البرامج الذى قام به نيابة عنى فى باربس» منذ سنراث. 
(19) أرتر؛ المسرح وقرينه؛ ص 74. 
(۲۰) دی زونه وسپایزه الرجم السابی ذکره» ص ۲۳۹ - 
(۲۱) آرتوه السرح وقرینه. ص ۵۵ "9. 
2 المرجع نفسه» ص ۰۰ 





Hrant)‏ ات 


تالا 














مسارح آسيا 





8 
جون جاكو 


ل 


أصبحت الكتابة الدرامية الشرقية مألوفة لديناء بعد 
مرور نصف قرن من الترجمات ومن محاولات الإعداد 
السرحی للتصوص السرحية الأدبية؛ ومن زبارات الفرق 
الآسيوية لفرنسا. وتم ذلك أيضا بفضل لجوء أرلئك 
الذين أرادوا تجديد مسرحنا وإطلاقه خارج إطار العلبة 
الإيطالية» بتحريره من استعباد الإيهام؛ وبالتخلى عن 
المحاكاة المباشرة؛ لكى يستعيد المسرح قيمته ويستعيد 
التمثيل أسلوبه الفنى» إلى تقنيات المسرح الشرقى إلى 
جانب مسرح العصور الوسطى أو المسرح الإليزاييئى. من 
تاحية أخرى؛ ومن بين العروض الاسيوية التى قدمت لنا 
فى السنوات الأخيرة» هناك عروض اتسمت بأصالة 
شديدة» لكن لم يكن متاحا للجميع مشاهدتها (مثل 
عروض ال «نو4)» وهناك عروض کانت تسعی إلى إغراء 
الجمهور الغربی من خلال تنازلات ماء أوكانت تحمل 


تس خن ی سح 
# ترجمة نورا أمين بأكاديمية الفنون بالقاهرة؛ من کتاب 


مسارح آسياء مجموعة دراسات نحت إشراف جرد جاكو 
120001 629 . 


علامات انحطاط فنی نزل بها |لی مستوی عروض 
«اليوزيك هول» . 

من هناء وجب علينا أن نتناول الأشكال المسرحية 
الترائية فى آسيا بالدراسة والتوضيحء لاسيما أن فهم هذه 
الأشكال يعد لازما لاستيعاب التطور المسرحى هناك؛ وهو 
تطور تأثر بالفن الغربى من ناحية؛ وبالتحولات السياسية 
والاجتماعية من ناحية أخرى. 

بمجرد أن تتجاوز انطباع ال «غرابة؛ الأولء الذى 
يجعلنا نعتبر المسارح الاسيوية كلها مختلفة عن 
مسرحناء نعى تعددية هذه المسارح؛ حيث من الصعب 
تمييز سمات مشتركة بين كل مسرح منها والآخر. وما 
لاا شك فيه أن أول ما نلحظه هو أهمية مسرحى الهند 
والصين» إلا أن تأثيرهما على الحضارات الأخرى (حيث 
لا يمكن الفصل أحيانا بين التأثير الهندى والصینی) 
أنتج آثارا غاية فى الاحتلاف. هكذاء مثلاء يختلف تأثير 
البوذية» النابعة من الهندء على مسرح التبت ذى الوظيفة 
الطقسية؛ عن تأثیرها علی ال«نوه ذی الغایات الجمالية» 


۲.1 











جرن جاكر 


وحیث تسهم العتفدات الدينية فی خلق جو الدراما وفى 
تعریف موضوعانها. آما فى أندونيسياء فتواصل الهندوسية 
إلهامها لمسرح الرقص ومسرح خیال الظل من خلال 
أسطورتى (المهابهارانا» و(الرامايانا) القدستین» وذلك 
على الرغم من دخول الإسلام هناك. ولا يقتصر إشعاع 
الهند على مجالى الدين والأدب؛ بل يصل أيضا إلى 
أسلوب الرقص» مثل نموذجی چافا وبالی. 

كذلك لا يقل إشعاع الصين أهمية؛ فإسهامها فى 
الفن البابانی قديم جدا؛ حيث تعتبر رقصات البلاط 


الملكى (بوجاكو ناطةعنا8) والترفيه الأكثر شعبية 


(سانجاکو 520۵000) نقطة انطلاق لتطور أدى إلى . 


إبداع أشكال درامية غاية فى التميز. وعلى العكس من 
ذلك نتج المسرح الفسيتنامى التراثى عن استيراد شكل 
مسرحى قائم أصلا فى الصين؛ للدرجة التی مدا 
نستطيع أن نتبين صلات عندة تربط هذا المسرح 
الفيتنامى» برغم ذبوله المتسزايد» بالمسرح الصينى 
الکلاسیکی؛ على مستویات التنظیم الادی وتقنية 
التمشيل والربرتوار. ومع ذلك» فلا ينبغى أن نظن أن 
المسرح الفيتنامى ما هو إلا عبد لمحاكاة مسرح آخر» 
حيث لا يمكن إنكار تميز الإسهام الفيتنامى» خاصة فى 
الموسيقى والغناء. 


هکذا تم استیعاب التأثیرات الهندية والصينية بطرق 


مختلفة جعلتها تسهم فی أشکال متتوعة من الازدهار . 


الفنى. وإذا أردنا أن نصف هذه التأثيرات فى مجملهاء 
فهل نستطيع القول بأن المسارح الآسيوية تختلف عن 
مسارحنا بسبب الأهمية الكبيرة التى توليها للعنصر 
الدينى؟ على أية حال» نستطيع أن نؤكد وجود مساحة 
واسعة فى التدرج من المقدس إلى الدنيوى؛ بما أن بعض 
الأشكال الدرامية مازال يمتزج بعناصر طقسية. وفى 
العبت» لا يسمح لمن لا دين لهم» إلا بحضور الرقصات 
أو فواصل التمثيل الصامت المقدمة داخل المعابد؛ من 


۳۰۲ 





بين جميع الأشكال الطقسية. وتشترك فواصل التمثیل 
الصامت هذه مع المسرحيات الدرامية فى عدد من 
النقاط؛ مرجعها استناد الاثنتين إلى خلفية مشتركة من 
العتقدات» وللی اعتماد موضوعات السرحیات التی 
صممها رجال الدين على الأساطير المرتبطة بالحیوات 
السابقة لبوذا. 


فى الحضارات التى يصحب الطقس فيها 
الاهتمامات الرئيسية فى الحياة» لا يجب أن نندهش 
لوجود احتفاليات نضرع إلى الآلهة مرتبطة بالاستعداد 
للعرض؛ سواء کان الأمر یتعلی بظهور مسرح مؤقت فى 
الهند فى العصور الكلاسيكية؛ أو كان يتعلق بعروض 
مسرح خيال الظل فى دولة مالیزیا فی الکیلانتان؛ کما 
تصفها الأنسة کویزینیه (0100ادن0). ربما ينبغى أن 
نتحدث عن غياب خط واحد مشترك بين الدنيوى 
والمقدسء أو عن انتشار المقدس فى كل تظاهرات الحياة 
التى امتد إليها تأثير الهند أينما كانت (لا يفوتنى هنا أن 
أشير إلى كل العوامل الاقتصادية والاجتماعية التى تدفع 
الأمور فى انجاه نزع صفة القدسية عن كل شئ؛ وتضع 
إلحاح وجود الفن التراثى محل تساؤل) . 

وإذا تناولنا نموذج الرقسص الهندى الكلاسيكى 
- الذى رأينا مؤدييه الرائعين فى باريس - لوجدناه يشمل 
جزئيا التضرع إلى الآلهة من خلال تمثيل أفعالها 
وتخولاتها فى أشكال أخرى؛ أو من خلال تقديم حوار 
الروح المضطرمة فى العبادة مع موضوع إيمانها فى شكل 
يشبّه الحب الإنسانى بالحب الإلهى. وتشير كل 
الإيماءات الرمزية الى تعلق على القصيدة المغناة ‏ حتى 
إن كان موضوعها دنيويا- إلى مظاهر جمال العالم 


- كلهاء كما لو كانت تمتدح الخليقة. ويتطلب تقدير 


مثل هذا الفن ‏ حتى لو كان تقديرا جماليا فحسب- 
الرجوع إلى تماثيل الأديرة ورسوماتها الجدارية المرتبطة به 
ارتباطا وثيقًا. 


سس سس مسارح أسيا 


على عكس ذلكء فنحن لسنا على هذه الدرجة 


من الوعى بوجود المقدس فى المسرح الترائى الصينى؛ 


حيث نصدم » للوهلة الاولی» بعقنية الممثل وباحتلال 
مهارانه مساحة کبیرة من العرض السرحی. مع ذلك؛ 
يبدو أن منانشات علماء التراث الصینی فی رایومون 
)Royaumon)‏ سروف تقودنا إلى القول يعدم وجود 
أصول دينية للمسرح الصينى؛ أو على الأقل بسهولة 
مح آثار هذه الأصول» على اعتبار آن الهدف الأساسی 
من هذا المسرح هو التسلية وليس التثقيف. 

أما فيما يتعلق بال «نوه؛ فهو یلمس فینا مستوی 
أكثر عمما. ولاشك أن تبطئة العزف الموسيقى فيه قد 
أضفى عليه مظهرا قدسيا لم يمتلكه فى الأصل» إلا أنه 
ب مع اختلافه عما هو مقدس بسبب الهدف منه ‏ يقدم 
لنا رؤية للعالم تحمل بصمة المعتقدات البوذية؛ وتتميز 
بسمو وتونر ما يغرينا بمقارنتها بالتراجيديا الإغريقية. 


* 


إذا درسنا مسارح آسيا فى علاقتها بالجمهور الذى 
تتوجه إليه؛ لوجدنا أنفسنا أمام تنوع كبير فى نوعية 
الجمهور» تماما كما يحدث فى الغرب. فقد كان 
المسرح الهندى الكلاسيكى يتوجه أصلا إلى جمهور 
أرستقراطى ومشقف؛ حيث كانت اللغة السانسكريتية 
تستخدم للتعبير عن الشخوص التى تنتمى إلى الطبقة 
العلیا؛ وتستخدم اللغة الدارجة لتقديم أولئك الذين 
ینتمون إلى أوضاع اجتماعية مغايرة» ما يؤكد التوجه 
الأصلى لهذا المسرح؛ كما يعكس صورة المجتمع الطبقى 
الذى ينتمى إليه. من ناحية أخرى» هناك جمهور واسع 
یتذوق السرح الشرائی الي رتد لما أن 
القصص التى يجسدها على خشبة المسرح تعد جزءا من 
الوروث الشعب » اتتشر من خلال المغنين والرواة فى 
الشوارع والميادين. 


وعلى ذلك» فالحفاظ على الأشكال السرحية 
الرئيسية منذ ال «نوه فى اليابان إنما يؤكد إمكان تغير 
جمهور شكل درامى ما. فبعد أن كان ال (نو؛ يعرض» 
فی الاضی,» آمام جمهور واسع ومتنوع »لم يعد فى 
القرن السابع عشر يصل إلا إلى الجمهور الأرستقراطى » 
فى حين أخذ شكل جديد ‏ وهو مسرح العرائس 
gı — «Mingyê-Jêruri»‏ الاحتياجات الدرامية للطبقة 
البرجوازية. التى تعمل بالتجارة. وحینما دخلت العرائن 
الماريونيت بدورها مرحلة الانحسارء بدأنا نشهد نمو 
الكابوكى وتطوره (مستعيرا عروض ال 1۵70) استجابة 
لمطالب جمهور شعبى جديد. 


إلى جانب هذه المسارح التى وصلت إلى مستری 
عال من الاحتراف فى الصين واليابان» نجد أشكلا 
ا - یقوم أغلبها على التمثيل الصامت والرقص - 
تعتبرها التجمعات الريفية وسيلتها للتعبير» تلك الأشكال 
التى يصل أسلوبها أحيانا إلى درجة ة جمال غير عادية؛ 
كما هو الحال فى بعض مناطق الهندء وبالى بالطبع. 
بالإضافة إلى ذلك» هناك أشكال متواضعة» بل بدائية» 
من المسرح الشعبى بى» التى يمكنها أن تصلح نقطة انطلاق 
لجهود التجديد التى نشهدها فى بعض البلاد مثل ال 
م06 1136 فى شمال فیتنام» رال 160۳۲۵1 فی چافا. 


* 


من الممكن دراسة مسارح 
فالغرب يعرفها ويقدر ET‏ 
العنصر الأدبى فيها ويكون ذا أهبمية خاصةء آو حیضما 
يرتبط هذا العنصر بالتمثيل الصامت والموسيقى 
والرقص ارتباطا شدیدا . ويمتلك ا مسرج السانسكريتى 
الذى لم يعد يقدمه أحد فى الهند قيمة أدبية تفسر مجاح 
ترجماته العديدة التى جح لونییه - _ بو ع74-80وننا فى 
تقديم اثنتين منها على السرح عام ۱۸۹۵» وکانتا 
بعنوان «عرية أرض الطوب الد (le chariot de terre §s‏ 


آسيا من زاوية أخرى» 


۳۰۳ 


جون جاكو 


©اننه ووفساكونتالا) (001218هع). لکن,» إذا كانت 
مسرحيات كاليداسا 16814850 تعد من الأعمال العظيمة 
فى الأدب العالمى» فإنها تفقد الكثير عند ترجمتهاء 
لاسيما فى المقاطع الشعرية الغنائية التى تتخلل الحوارات. 
کذلك. یبدر السرح الهندی الکلاسیکی بالنسبة إلى 
السید لوی رونو 8670 5نلام]؛ ومن خلال التصوص التی 

وصلتنا, کما لو کان «لعبة مرکبة» یکون نیها مزیج 
اللغات والاسالیب» مع الشداخل بین الحوار والغناء» 
والتكامل بين الرقص والموسيقى» فنا شاملا . 


ویستحق السرح الکلاسیکی الیابانی هو الأخر 
مکانة خاصة فى الاب العالی» بفضل عبقرية مبدعی 
ال «نوا» کانامی نصفهه۲ وزیمی ۰722 وبفضل 
تشیکاماتسو اعاقهانط الذى ری ربرتوار مسرح 
العرائس بمولفانه. وعلی الرغم ما يفقده النص عند 
الترجمة؛ فإن ذكر الحروب أو قصص الحب من خلال 
شبح تعيس كان أصلا بطل هذه القصص يترك لدينا 
انطباعا عمیقا عند قراءة مسرحيات ال (نو». أما مشاهدة 
عرض مسرحى من هذه النصوص تقدمه فرقة يابانية» 
فتجرية مختلفة تماما؛ حيث تتضافر بحور الشعر 
والترانيم» مع المقاطع الكورالية وعزفی الفلوت والب رکشن 
لانتاج عمل جماعى متكامل» بينما كل ما يبدو غریبا 
علینا فی اللبرات والرنین الوسیقی وأنماط تقديم الغناء 
يضفى على العمل تميزا شعوريا خاصا. 

كذلك؛ يمتلك المسرح الصينى أعمالا كلاسية 
ذات قيمة أدبية عالية» كما هو الحال فى الأعمال 
المؤلفة فى عصر أسرة يوان 0دنالاء خاصة أعمال كوان 
هانكينج Kauan Han-K;ing‏ الذى تم الاحتفال بذكرى 
ميلاده السبعمائة؛ منذ عامين» احتقالا خاصا. وينطيق 
هذا الكلام أيضا على أعمال مدرسة الجنوب التى 
ازدهرت منذ القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع 
عشر. وعلى عكس ذلك» يتأسس مسرح بكين» الذى 


۳۰ 





عرفناه عبر عروضه فى الغرب؛ علی مولفات ذات قيمة 
أدبية ضحلة فى الأغلب» وذلك على الرغم من أن 
ممثليه الكبار مثل مى لان فاج Mei Lan-fang‏ قد لجأوا 
إلى الأدباء لإثراء: ربرتوار عروضهمء رأيضا برغم أن النظام 
الشيوعى قد أكد أهمميةالعمتق الفكرى فى 
السرحیات التی یتذوقها الجمهور ليس من ناحية 
الوضوعات - فهی معروفة منذ القدم - ولکن من ناحية 
نوعية الأداء. 


فى مسرح عصر ال (يوان؛ «نالاء كان البطل 
فقط هو الذی یغنی» وكانت بقية الشخصيات تقوم 
بالحوار. آما فی مدرسة الجنوب؛ فکانت الشخصیات 
تبادل بين المقاطع الكلامية والمقاطع المغناة» وبين التمثيل 
الصامت والرقص » مع موسیقی متنوعة الجرس تساند 
الغناء وتضبط إيقاع الحدث. 

نستطیع - إذن ‏ أن نقول إنه حتى فى مسارح 
آسيا ذات الشعبير الأدبى الصالی» نادرا ما تضیب 
الوسیقی والتمثيل الصامت والرقص» حيث يشكلون 
عنصرا لا غنی للعرض - من حیث هو کل متکامل - 
عنه» لدرجة أنهم ینافسون الحوار الکلامی فى الأهمية 
فی بعض الأشکال الدرامية . آما فی الغرب» فلا نمیز 
بهذه الصرامة بین ما نطلق علیه السرح الغناثی ومسرح 
الحوار العادی» فهذا الأخير غالبا ما لا يوجد إلا فى 
الکتابة الدرامية الحديثة النابعة من الغرب. ویحقق السرح 
الترائى عادة تركيبة قائمة على المزج بين مختلف وسائل 
التعبير الفنية بدرجات متنوعة. وفى حالة الرقصات 
الكلاسية فى الهندء يحول الاعتماد المتبادل بين عناصر 
المرض کلها دون معرفة انحر الأساسى لها؛ حيث 
يعمل کل شئ وفقا لایقاع دقیق ينظم الشعر والماءه» 
كما يضبط الموسيقى والرقص. وإذا كان المغنى يبدو فى 
البداية کما لو کات یدرب العازفین والراقصین, فانه لا 





يئوانى أيضا عن أن يتلقى تدريبا منهم؛ فالموسيقى 
والرقص» وشعر الكلمة رالإيماءة» كلها عناصر يا 
بالتبادل» وبالتنافس الأبدى» فيما بينها. 


3 


استطعنا ‏ إذن - أن نتوصل إلى السمة الأولى 
المشتركة بين معظم المسارح الترائية فى آسيا ‏ إن لم 
يكن كلها وهى التأليف بين الوسائل الفنية. ومن 
الشائع؛ الاعتراف بسمة ثانية يتحدث عنها الجميع؛ وهی 
ارتباط هذه المسارح بتشفير وتقاليد وصنعة :وأسلبة) 
خاصة يهاء لكن ينبغى مخديد معنى كل من هذه 
السمیات عند تطبیقها فى آسيا. وعلينا أن نتساءل عما 
إذا لم تكن التقاليد الدرامية الشرقية تصدمنا لأننا لم 
تألفهاء بل لأنها تكاد تتعارض مع ما اعتدنا عليه من 
تقاليد المسرح الغربى التى صارت جزءا من طبيعتنا. وإذا 
كان المسرح الشرقى يتميز بقلة اهتمامه بمحاكاة الواقع 
مباشرة؛ فيجب أن نعرف ما إذا كان يضعنا بهذا فى عالم 
مصطنع لاطائل من ورائه» أم يجعلنا تلمس حقيقة ذات 
عمق. 

ترجع أهمية .ال «بهاراتيا ناتيا ساسترا» ناه3087 
gl} Nêtya Çûstra‏ أنه أقدم بحث فى الفن الدرامى عثر 
عليه فى أسيا وهو فى حالة جيدة؛ كما اشتقت منه 
نظرية البناء والأداء كلها فى الدراما الكلاسية الهندية. 
وتندهش للوهلة الأولى من أن تعاليمه قائمة على 
تصنيفات شديدة التطور» تشمل الأنواع الدرامية» 
ومختلف أنماط البطل والشخوص الأخرى» وكذلك 
آنواع ال «رازا؛ ۸۵۵ ؛ وھی ‏ فى تعريف بسيط - 
نوعية الاحساس آو «الحالة الروحیة) الرتبطة باكشمة 
الجمالية فى كل مسرحية. 

ويذكرنا الاستخدام الرمزى لألوان خلفية العرض» 
التى ينسغى أن تسوافق مع الاتجاه العام للأحداث 
بممارساتنا المسرحية فى العصور الوسطى» وكذلك 





مسسارح ند کیت 


تذکرنا بها اللابس والاکیاج؛ حیث تخددان اللمط 
الاجتماعی للدور وشخصیته, وحیث مد مرادفا لهما فی 
المسرح الترائى الصينى. ولا يستغرب هذا الاستخدام 
الرمزى فى المسرح إذا ما وضعناه فى سياق الحضارات 
التى تشمتع فيها الفئات الاجتماعية الختلفة بثبات 
واستقرار» وتتميز كل منها بعلامات خارجية محددة. وإذا 
كان التقسيم الاجتماعى للشخوص فى المسرحيات قائماً 
على التقسيم الفعلى فى الواقع» فإن ذلك يعنى اكتساب 
هذا التقسیم قیمة التقلید الدرامی الشابت» الذی يشبه 
وضع آنماط الکومیدیا دی لارتی 461,۸6 09۳07704 » 
لاسيما أن الباحثين الأوروبيين يرجعون إليها عند 
وصفهم لا يرد من حوار فى لهجات ولغات غير اللغة 
السانسكريتية الخالصة, 

ويعتبر وصف الأنماط امحتلفة للأحداث 
وللشخوص فى ال (ناتيا ساستراة هتاعق ۱۷۵0۷۵ - الرفق 
ببيان مبادئ تأليف الأنواع الدرامية الختلفة ‏ أكثر أهمية 
من تشفيرعلاماتها الخارجية الذى تقتصر قيمته على 
داخليات أسلوب العرض. ويسمح هذا الوصف بتعريف 
شروط الإبداع الدرامى؛ حيث تتضافر المكونات المسرحية 
فيما بينها لتكرين كل متجانس وفعال» يمكن إرجاعه 
إلى التجربة الإنسانية فى الواقع» كما تؤكد ذلك نظرية 
ال «رازا؛ ۰۳۵۵۵ وترتكر هذه النظرية على مخلیل نفسی 
دقیق للحالة الشعورية التی تضفی نبرتها على كل عمل» 
ولأسبابها وآثارهاء وللعلاقات بين الشخصية التى تمر 
يإحساس أو شعور ما بكل مترتباته» والممثل المفترض فيه 
أن يحسها ويوصلها إلى الجمهر؛ والمتفرج الذى يشعر 
بأحاسيس الشخصية دون أن تقع عليه نتائجهاء وكل 
ذلك داخل عملية الإشباع الجمالى. 

ولا نستطيع فى الغالب أن نحكم على قيمة هذه 
التعاليم النظرية فى الدراما الكلاسية الهندية» إلا من زارية 
المستوى الأدبى للأعمال. وعلى العكس من ذلك» 
نستطيع أن نتأكد من فعالية الأداء فى الرقص الكلاسى؛ 


۳۰۵ 


جون جاكر مب ب ب ب ب ا ب د سسس 


حيث تتعاقب الرقصات الخالصة مع الرقصات الدرامية؛ 
لأنه نتتاج تراث كامل وضع بصمته عليه؛ حتى إن لم 
يكن استوحاه مباشرة. وتعتمد ال ناتيا ساسترا» فى 


الحقيقة على الرقص الذى اول جميع وسائله أن تحقق , 


ال «رازاه 8۳00 , سواء من خلال الشعر أو الموسيقى أو 
حركات الراقصين. وما يصدم المتفرج الغربى غير 
التسلح بمعرفة کافية عن الراقصین الهنود الهرة؛ 
التحكم الكامل فى الحركة والجسدء الذى يتطلب تدريا 
صارما وطويلا. وربما كان من غير الملائم الحديث هنا 
عن المهارة الفردية؛ حيث لكل وسيلة فى العرض غاية 
جماعية:؛ ويتوفر لدى المؤدى مخزون مركب من 
الایماءات والتعبیرات التی يستخدمها كما لو كانت لْغة» 
لكل مفردة فيها تأثیر محدد یعرف الراقص جيدا كيف 
يصل به إلى الكمال. مع ذلكء لا يعتبر المؤدى هنا 
بمثابة إنسان ألى فشخصيته لا تمحى بل تضع 
نفسها فى خدمة رسالة معيئة؛ وتصبح أداة لتكشف 
حقيقة ما. 

ولا توجد أبحاث عن الفن الدرامی الصینی علی 
القدر نفسه من أهمية ما جده فى الهند أو اليابان؛ حيث 
يقعصر ما نعرفه من الأبحاث الصينية على التقنية فى 
العرض. ومع ذلك» يتفق الأوروبيون المعجبون بهذا 
السرح - عندما تتیح لهم معرفتهم الطويلة به أن يتحدثوا 
عنه بوصفهم علماء به على أن قدرته على الإغراء 
تكمن فى كمال أداء الممثل؛ أى فى قدرته على القيام 
بمجموعة من الإيماءات والحركات التى تأسلبت من 
خلال تراث طويل. ويفسر لنا ذلك (على الأقل حتى 
ات التى أصبح النظام الجديد فيها يتطلب تقاليد 
أفضل للعروض) عدم اکتراث الهواة الحقیقیین بکل ما 
يمكن أن بشوش علی ترکیزهم (مثل عمال المسرح 
الذين لا یعبأون بما یجری علی خشبة السرح» أو مثل 
حركة الجلوس والقيام فى الصالة)؛ حيث كانوا 
مندمجين إلى أقصى درجة فى تفاصيل أدائهم الوائق من 


۳۰۹ 


نفسه؛ ثقة ريشة الرسام الصينى القدير الذى يحفر على 
الخشب أو الذى يجمع أوراق الزهور ويزينها. 

وتعتبر أبحاث زيمى 26081 السرية ثمرة تأملاته 
حول فن ال «نوا؛ ومی تأحذ شکل نصائح عملية 
تسمح بالتمييز بین «التجربة الفیدة» واالتجرية الجامدة» . 
وتكشف هذه النصائح عن معرفة عميقة بعلاقات المثل 
والجمهور» کما تکد ضرورة اختیار العروض رفقا 
لامکانات المثل» وعلی ملاءمة اختیار السرحیات ونوع 
الاداء للجماهیر اختلفة بهدف مفیق توازن متجانس بین 
هذه العناصر الثلاثة للعرض. لكن؛ من خلال تعریف 
الدرجات التسع للطبقات الجمالية» یدو زیمی مهتما 
جدا ليس فحسب بكمال أداء هذه العناصر الثلاثة؛ لکن 
بكمال مطلق نادرا ما يصل إليه أحد. كما يشير عنوان 
مثل «انتقال وردة الأداء إلى اعتبار النجاح كل مرة 
شیک لذیذا مرهفا. ۱ 


يبدو إذن- أن المسارح الرئيسية فى آسياء 
بخلاف اشتراکها جميعا فى تنوع وسائل التعبير الفنى 
واكتمالها (الموسيقى والشعر والرقص والتمثيل 
الصامت)؛ تشترك أيضا فى السعى إلى الكمال فى 
الأداء» بمساعدة مخزون من الصيغ يتطلب كل منها 
تحكما مطلقا من المؤدى. ولا يتوقع المنفرج من الممثل 
مجرد تجسيد النص بإخلاص» بل أيضا تنفيذ كل نبرات 
الصوت وتعبيرات الوجه وإيماءات اليدين وحركات 
الجسد بأمانة شديدة» كما لو كانت مكتوبة فى نوتة 
موسيقية. وعلى الرغم من ذلك» نستطيع أن نرى على 
الور أن الممثل الشرقى ليس هو من يمتلك بالأساس 
هذه اجموعة من الصیغ» لکنه من يستطيع أن يربط 
ويوفق فيما بينها حتى تكون لغة حية! لغة لا يمكن أن 
یا - أيا كانت «صيفتها» ‏ إلا إذا كانت تصور الحياة 
الواقعية: أو تمس المصادر العميقة للشعور عند 
التفرج. 








ويهدف إعطاء الأرلوية فى المسرح الشسرقى إلى 
متطلبات الأسلوب قبل محاكاة الطبيعة» إلى إغراء أوفك 
الذين يعترضون - فى أوروبا - علی الاسهاب فی الطبيعية 
أو على إساءة استخدام الزينة» ويسعون بالتحديد نحو 
الأسلوب. ولاحاجة بنا للقول إن التقاليد السرحية فی 
حد ذاتها ليست جذابة فى شئ؛ فاستخدام الماكياج 
باللون الأصفر للإشارة إلى القسوة؛ أو استخدام الملابس 
باللون الوردى للتعريف برجل عسكرى قديم؛ لا يمثل 
فى ذانه شيئا مدهشا. وكذلك فالصعود فوق مقعد ما 
إشارة إلى الصعود فوق قمة جبلء أر الاهتزاز نوق 
حصان وهمىء إنما يستمتع بهما الأطفال الصغار فقط› 
إلا إذا كانوا يعرفون أنه لا يجب إعطاء أهمية أكبر من 
اللازم للأشياء الثانوية فى المسرح. مع ذلك؛ فالمسارح 
الشرقية؛ تعطی - من خللال أعظم تظاهراتها ‏ دليلا 
على أن كل فن عظيم ينبغى أن يبحث عن الحقيقة 
العميقة خلف المظاهر الأولية. ومما لا شك فيهء أن هذا 
ينطبق تماما على مسارحنا فى الغرب» حتى إن كان 
للأسیویین طرقهم الخاصة للوصول الی هذه الحقيقة. 
وإذا كان دور البطولة النسائية فى عرض صينى يلعبه 
ممثل» فى حين تلعب ممثلة دور البطولة الرجالية» فإن 
ذلك يشير إلى خصوصية التعبير الصينى ورقيه فى هذا 
امجال. ووراء المفارقة التى تجعل رجلا يعبر عن الأنوثة من 
خلال الفن بشكل أكثر إقناعا من تعبير المرأة الطبيعى 
عنه» فکرة نظرية صائبة؛ آفلا تفشل بعض المثلات فی 
أداء شخصية «جولييت» أحيانا بسبب صغر سنهن وقلة 
نضجهن بالنسبة إلى هذا الدور؟ 


۱ وهناك مثال آخر لهذه المفارقة الجمالية فى الشرق. 

فقد أمکننا مشاهدة فیلم فی رایومون 803007001 عن 
مسرح العرائس فى أوساكا؛ حيث كان منظر العروس 
الضخمة يحركها شخص دون أن يراهاء ويمساعدة 
آخرين يرتدون ملابس سوداء ويغطون وجوههم بغطاء فيه 
ثقبين للعينين فى حين يعلق شخص أخر على 





مسسارح ان سنا 


الأحدآت» أو يلقى بصوته عبارات خخاصة بهذه العررس 
بمصاحبة عازفين موسيقيين ‏ منظرا مدهشا فى حد 
ذاتة. وكانت العروس تبدو كما لو كانت مستقلة بذاتهاء 
أو كما لو كانت كائنا بشريا تصارعه الأقدار عندما 
تتحكم فيها أيدى محركيها. ومن الجدير بالذكر أن هذه 
العروس الصنوعة من الخشب والقماش کانت جسد 
اکثر الأدوار تعبیرا عن الشاعر الفياضة وعن اللحظات 
العاطفية» حتى بدت کما لو کان لها قلب ینبض. 
5 

وهكذا » وبعد أن كانت محاكاة البشر هدفا من 
أهداف مسرح العرائس؛ أصبح مغريا للممثل نفسه أن 
یحاکی العروس الخشبيتة التى تقلده؛ وقد مر مثلو 
الکابوکی بهذه الرحلة أثناء تطور مسرحهم» حینما , 
کانوا یستعیرون عروضهم من عروض مسرح العرائس. 


ما یشهد علی قدرة مسارح الشرق علی التحول 
من نمط إلى أخمرء تطور الكابوكى من خلال ما 
استوحاه من مسرح العرائس» وعثوره - بعد ذلك - على 
أسلوب خاص به» وإثراء عروضه بأعمال قرية ومتميزة» 
مثل أعمال موكوامى 01:دنها810 فى القرن التاسع عشر.. 
وفى أيامنا هذهء نرى المسرح الشرقى يستوحى من المسرح 
الغربى تقنيات الإخراج وتصميم خشبة المسرح. مما يقدم 
دليسلا على حيويته؛ مثلما فى أعمال كينوشيتا 
Kinoshita‏ ؛ حيث جد المشكلات المطروحة على الوعى 
اليابانى اليوم تعبيرا دراميا لها. : 

وبناء على الاحتكاك مع الغرب أيضاء تشكلت 7 
مسارح حديثة فى الهند والصين؛ يهمنا أن نتمرف 
أعمالها وظروف نموها. وحتى نحصر المسألة فى المسارح 
الترائية» علينا أن نتساءل عن مستقبلها فی قارة مازالت 
تطرأ عليها تحولات عميقة؛ وتخول مشكلة رفع مستوى 
المعيشة فيها دون الاهتمام الجماهيرى بالمسائل الجمالية. 


۳۰۷ 








چون جاکسو 3 


لتقل أولا إن رسوخ الوعى القومى فى هذه ایسلاد؛ 
وحصولها علی الاستقلال» قد لعبا دورا فی مصلحة 
المسارح التراثية؛ حيث كات من المهم تأكيد استمرارية 
التعبير الفنى عبر العصورء وإحياء الأشكال الفنية المهملة. 


وتستطيع هذه الأشكال الفنية نفسها أن تصبح 
وسیلة رائعة للتبادل الشقافی؛ فعروض الرقص الكلاسى 
الهندی, الذی تم احیاژه» هی بمثابة رسول للحضارة 
الهندية. ومع ذلك» فربما تژدی مجاملة ذوق الجمهور 
الغربى إلى تنازلات مر الندم. فقد شاهدنا مؤخراء من 
خلال برنامج عروض لا غبار علیها» راقصا هندیا شابا 
يرقص ال «خاتاكالى» 102:0121. بمصاحبة موسیقی 
توصيفية تذكرنا بأسوأ نماذج الموسيقى التى تدعى 
اتدماءها إلى الشرق بهدف الربح المادى» مثل موسيقى 
«کیتیلبی» 16۱۵/۳ وکذلك شاهدتا عروضا ضعيفة 
: الستوی» کان هدفها الوحید الحصول على تدعیم 


مج له اند لاد 


فى العدد القادم : 


السرح والتجریب: 


ندوة یشارك فیها؛ 


رسمی من باريس لتقوم بجولة فنية فى أكبر القاعات 
الوسيقية بأوروبا. 


لد صدمنا فی هذا الوقت بدرجة الشدمیسر 
والهدم التى يمكن أن تطول تراثا قديما بكل قيمته 
ونبله. ولا شك أن هناك مشكلات و تساؤلات بلا إجابة 
جاهزةء تواجه أولكك الذين يحفظون فنا مثل هذا يرجع 
إلى عصور بعيدة؛ نهل يقتصر دورهم على مشاهدته 
وهو يتخلخل» وإلى أى مدى يستطيعون مجديده ‏ دون 
خیانته - وملاءمته لاوضاع الحياة الحدیثة؛ حيث 
يتکثف التبادل الثقافی كل يوم عن ذى قبل. 

كان الهدف من هذه الورقات القليلة التذكير بثراء 
الدراما التراثية» وحتى إذا كان كل ما فيها يهدف إلى 
كمال الأسلوب؛ فذلك لا يمكن له أن يجمدها عند 
نقطة واحدة. وقد اجتهدنا لنوضح أن صيغ هذه الدراما 
هی بمشابة عناصر لغة إنسانية» لا نهاية لقدرتها على 
المزج والتأليف. 





جابر عصفور . رئيف کرم . عادل قرشولی . عبد الرحمن 
بن زیدان . عبد الکریم برشید . عز الدین قنون . عز الدین آلدنی - 
عصام السید . محمد عبازة - هدی وصفی. 





و ين موجه 


اک 


ااا سل تاماهتا 





التجريبية والحدائة ©“ 





فى المسرح الإسبانى المعاصر 
جماليات المسرح الحائق 





حسن عطية" 


سس 


تشکل التجريبية وجها من أوجه التجديد المستمر فى 
المسرح الإسبانى فى القرن العشرين» وتشکل الحدائة تياراً 
معصلا من الإبداع الساعى إلى كسر الأنماط المألوفة 
لمسرح العصر الذهبی - التصف الثانی من القرن السادس 
عشر اللصف الاول من السابع عشر ‏ وتأثيرات الرؤى 
والابنية الفرنسية علی مسرح القرنین الشامن عشر 
والتاسم عشره وذلك منذ انطلاق مفهوم الحدانهة 
0 وتبنيه فى الشعر وفى المسرح؛ فى 
العقدين الأولين من القرن العشرين» وعبر إبداعات 
آجیال ۹۸ و ۱6و۲۷ وبإنجازات خوان رامون خيمينيث 
و أونامونو وأنطوتيو ومانويل ماتشادو وباى أنكلان ولوركا 
ورافائيل ألبرتى» وصولا إلى إبداعات فرانئيسكو نييبا 


اليوم؛ حیث تصبح التجارب الحدائية» فی هذا اللتصل 
O O‏ سا یج 


٭مدرس بقسم الدراماء بمعهد الفنون السرحية . الماهرة. 





الصاعد الهابط؛ نغمة دائمة الترددء تصارع المألوف 
والسائد والمستقر؛ حتى تتحول هى إلى «تابوة» يتطلب 
تسفه وطیمه بتجارب حداثية أخرى» ثما لايجعل الحياة 
السرحية - والثقافية بانتالی تقف عند حدود أقانيم 
معينة وتوصیفات جمالية محددة لفهوم التجریب. 


فمن الخطأ البين أن نقف فى البدء؛ وفى أى بدء» 
عند تخديد واضح وصريح ومحدد للتجربة الحدائية التى 
هی؛ بطبیعتها» ترفض التحديد والشبات. قد يمكن أن 
نعرفهاء فى امجمل» تعريفاً فضفاضا يراها سعيا نحو «غزو 
المجهول؛ : مؤكدين علة غائية أصيلة فيها ترى أن ما بين 
اليد قد استنفد مهامه الجمالية؛ وأن فكر اليوم فى حاجة 
إلى صياغات تتناغم معه؛ دون آن نسقط بهذا التعریف 
العام فى هوة الألاعیب التقنية والصیاغات الشكلية التی 
تبتعد بالفن عن حركة جماهيره فى زمان ومكات 
معینین » فذلك «انجهول» مع مجهوليتهء كامن فى زمانية 


۲ 





وجغرافية حاضر امجتمع؛ أو فى زمانية وجغراقية متصلتين 
به» ومن ثم فالتجربة الحداثية عامة» وفى المسرح بوجه 
خاص؛ هي وليدة احتیاج اجتماعي وفكرى وفنى 
للبحث عن صيغ جديدة للفكر الجديدء عن أبنية تعسق 
والجمالية النبشقة من رض الواقع . صحیع آن تلك 
الصيغ والأبنية قد تتصادم» أو هی تتصادم بالحتم؛ مع 
التوجهات السائدة والمسيطرة» ولكن ذلك التصادم هو 
مصدر حدائتها وثوريتها فى آنء وذلك هو'مماناتها فى 
شق مسار النهر الجديد؛ فى صحراء الجدب التى اعتاد 
أصحابها النهل من الآبار القديمة. 

إن التجربة الحدائية؛ من ثم» صراعية بالضرورة» تبلق 
فى رمن قلق» مصار: عة الزسان و الوجود والجمالیات 
الستقرة» وساعية إلى تخطيم جدران التحقق المسرحى 
كافة » وكل الأطر المغلقة للوحة صامتة أو حية؛ مد رکة» 
فى الوقت ذانه» آنها متصلة ومتجاوزة بالتاريخ» ومرتبطة 
ومتعارضة مع المجتمع؛ ومتعلقة وثائرة على الفن المنتمية 
إليه؛ دراميا كان أو شعريا أو تشكيلياء فدون آراء وتجارب 
ونظريات ستانسلافسكى وآرتو ومايرهولد ما كان يمكن 
أن يظهر بريخت ونييبا وكانتور» کل فی تواصله وثورته 
على الآخر. 

هكذا تكون أعمال باى أنكلان ورؤيته حول 
«الإسبربنتو؛ وكوميدياته البربرية» التى صودرت. فى عهد 
ديكتاتورية فرانکو (۳۹ -۱۹۷۵)» ولبداعات جارئیا 
لورکا السوريالية, بخاصة مسرحیتیه (الجمهور) و(هکذا 
تمضى خمس سنوات) » غير المعروفتين فى مجتمعنا 
العربى لأسباب مزدوجة كامنة فى الأعمال اللوركية 
اسي العربى معاء بل إن مسرحية (الجمهور) لم 

يستطع المسرح الإسبانى ذاته تقديمها إلا منذ سنوات 

هكذا أيضاء تكون أعمال فراشيسكو نييبا التى لم 

یستطم تقدیمها للجمهور العام » إلا بعد الغياب الجسدی 


۳۹۰ 


لاچنرال فرانکو؛ بموته وسقوط ديكتاتوريته بشكل فعلى » 
حين قدم له المفرج الشهیر الراحل خوسیه لويس ألونسو 
(۱۹۲4 - ۱۹۹۰), مسرحیتیه القصیرتین: (العربة 
ذات الرصاص المتوهج) و (معركة أوبال وتاسيا»؛ على 
مسرح #فيجاروة بمدريد عام ۷۲ فمنذ عودته» من 
منفاه الاختیاری بباریس؛ ٍلی ٍسبانیا عام ۰۱۹۹۶ وحتی 


تقديم مسرحيتيه تلك؛ لم يستطع أن يقدم إبداعه 
الکتوب علی المسرح» سوى مرة واحدة وداخل إحدى 
فاعات الدرسة اللكية العلیا للفن الدرامی والرقص؛ 
حينما أقدم سانتیاجو باربیدس علی اخراج مسرحیته (من 
الجيد عدم امتلاك رأس) عام ۰۱۸۷۱ ولکن بطريقة 
یال الظل» كسيمفونية من الضوء والظلال تسخر من 
کیت الفكرى ومن الرقابة التى 
کلمة واحدة من مسرحیاته» لست بسيط للغاية, أنها 


لم تستطع أن تحذف 


منعتها من العرض كاملة. كانت الرقابة» كعهدهاء تعبیرا 


عن ديكتاتورية فكر محافظ مسيطر على البلاد متمسك 
بالتقاليد» متحالف مع الكنيسة» وواقف ضد أى يديد 
يهز بنيانه غير المستقر إلا بقرة العسكريين ودعم رجالات 
الدين» فتقف الرقابة غير الو واعية فى وجه كل شخصية 
وكل كلمة؛ خاصة فى أجواء مسرحه الأسطورية» ظانة 
أن وراء ما تفوله؛ بشكل غامض عليهاء رسالة سرية 
هدامة» وترى البنية المؤسساتية فى المجتمع أن مسرحه أت 
فى غير أواته» كما لم يهتم المول الخاص» كأى ممول 
حاص» بالنجريبية فى مسرحه» بقدر اهتمامه بالعائد 
الادى للمسرح الذى يقدمه. 


تجرببية وأكاديمية 

إن الاقعراب من عالم تييبا المسرحى» وهو المؤلف 
وانضرج والکانب ومصمم الناظر والملابس المسرحية 
وصاحب آراء وافکار وفرقة مسرحية تحمل اسمه؛ ینطلق 
هذا الاقتراب ‏ من ذلك التناقض الظاهرى البادى بين 
قارب مس حه الحدائية, وتصادمها مع الجمالية الستقرة» 
وكونه عضوا فى الأكاديمية الملكية للغةء ومی التی 





غافظ بطبیعتها ورسالتها على الجماليات والأفكار 
والأسس القائمة» وذلك حين تم انتخابه عضوأ بهاء فى 
العام نفسه الذى أخخرج فيه رابسوديته التجريبية الحائقة 
والثيرة للجدل ( کوروناد! والشور) ؛ بفرفة ال رکز الدرامی 
القومی علی مسرح (ماریا جیریرو) عام ۱۹۸۲ء وھو ما 
يفجر تلك العلاقة المتداخلة بين التجريبى والأكاديمى؛ 
فمن طبيعة الأكاديميات ترسيخ ما هو قائم ودعم ما هر 
ثابت» بينما من عادة التجريبى اختراق احذور» وتجاوز 
الثابت ودعم المتغير. ومع ذلك» فالمسألة؛ تاريخبا وعملياء 
ليست صحيحة برمتهاء فالأكاديمية الفرنسية التى وقفت 
يوما ضد مجديدات كورنى؛ هى التى قبلت فى يوم آخر 
لعضويتها المسرحى المجدد جان كوكتر والسينمائى الثاثر 
رينيه كلير» كما أن مسرح نيبا ذاته يجمع؛ كمادة كل 
مسرح حقیقی؛ بين تواصله مع ما هو سابق عليه؛ وثورته 
على ما هو ثابت فى طريقه؛ ثما دعى الشاعر المكسيكى 
الکبیر آوکتابیو باث - نوبل ۱۹۹۰ - ورئیس لجنة اختیار 
الستحق لجائزة «أمیر استوریاس للاداب؛ عام ۰۱۹۹۲ 
التى منحت لنييباء فى 79 مايو 247 دعاه للقول بأن 
مسرح نييبا التجديدى هو ١وصل‏ للتراث المسرعتى لباى 
أنکلان؛ وبشكل ماء للوركاء بما نسسمیه بالتراث 
السرحی الناطق بالاسبانية والشحد بالکون». فی الونت 
ذاته» وفى أقل من أسبوع» وبالضبط فى الأول من يونير» 
منحت للنییبا «الجائزة الشومية للمسرح» عن أحدث 
آعماله السرحية الكوميدية السحرية «انخطوطة امشور 
علیها فی سرقسطة» والعدّة عن رواية للکونت البولندی 
الغامض بوتوكى بالاسم نفسهء وقد منحت الجائزة لنييبا 
عن هذه المسرحية (لتجديدها الكبير فى اللغة الدرامية» . 
بويطيقا مسرحية 

يعد نشاط الإنسان الحر هو الأساس الموضوعى 
للتمثل الجمالى للعالم فى مسرح نييبا ؛ ففی هذا 
النشاط يتطور جوهر الإنسان الفرد وقواه الإبداعية؛ عبر 
سعيه المستمر إلى استيعاب العالم وإدراكه وإخضاعة أرؤاه 


تاد تس تن سس حي 


السجريبية والحداة 


المستقبلية. ولذلك: تصبح الحرية الفردية هى محور إبداعه 
وبنيته وعلة وجوده وعلته الغائية» ويساعدنا التبصر الجدلى 
للتاريخ المعاصر لعلم الجمال على رؤية أعمال نييبا فى 
ضوء استمرارية التاریخ وعلاقته بالتجديد المتدفق نحو 
الامام ما بتطلب دوما ضرورة توسیع مفهوم الواقعية فی 
مواجهة حركة الواقع من جهة؛ وتتجاور التحديدات 
«المؤدلجة» من جهة أخرى» فتخلخل أو انهيار البنية 
الكلية لنظام سيامى أو اجتماعی أو فنى يعنى أن ثمة 
خللا ما بین البنية واحتوی الفکری التی تعبر عنه من 
ناحية» وبينها وبين حركة الواقع التى توجد فيه وتسعى 
لی تنظیم وجوده من ناحية أخرى؛ ومن ثم فإن العلاقة 
بين البنية وامحتوى الفكرى والموضوعة (التيمة) وحركة 
الواقع هى علاقة تكاملية؛ تترابط فيها كل العناصر فى 
صلة تبادلية تسير نحو الغاية ذاتهاء فلا مجريبية فى بنية 
تتضمن محتوی محافظا أو موضوعة مستهلكة نتخلق فى 
حركة وانع یسیر نحو الامجاه الضاد. 


العمل المبدع؛ والسرحی بوجه خاص» هو فی حوار 
دائم مع واقعه» وينتظم فى بنيته الجمالية مع بنية هذا 
الواقع الاجتماعية؛ فالعلاقة الداخلية بين عناصر بنية 
التراجيديا الإغريقية تسير فى تناغم دائم مع موضوعتها 
الفنية ومحتواها الفكرى وعلتها الغائية الساعية إلى 
إحداث التطهير (الكاثارسيس)» وتتناغم فى الوقت ذاته 
مع بنية الجتمع اليونانى القديم القائم على ديمقراطية 
(الأحرار)ء مبعدا عن ساحته العبيد والاقنان وعامة 
الشعب» الذين تم إبعادهم أيضا من ساحة التراجيديا. 
ويسعى هذا امجتمع الحر إلى نبذ الكبت الفكرى باعتماد 
لغة التحاور سياسياء وإلى إلغاء الكبت النفسى بتفجير 
کل مشاعر القسوة والغضب والتمرد عبر تراچیدیاته 
وغاياتها التطهيرية» بمعانيها النفسية والطبية والاجتماعية 


من هناء نستطيع أن نرى واقعية مسرح نييبا الغارق 
فى أجواء السحر والأساطير والسوريالية؟ فهى واقعية ذات 


۳۱ 


منطلق جمالى مختلف عن الواقعيات المتداولة من نقدية 
واشتراكية إلى سحرية وخيالية؛ هى واقعية تعارض تزييف 
الواقع » بمعنى حصره فى شكل وزمانية محددین» ولا 
تسمی لتفسیر الواقع» ناهینا عن تغییره» وانما تعمل علی 
صیاغته وفق رژتها الخاصة والقائمة فلسفيا على 
۵ أى على مركزية الإنسان 
رأهمیته الطلقة فی الکون وفی الابداع» والقائمة شعربا 
- بويطيقا المسرح عنده ‏ على الحالة الشعائرية الصاخبة 
امختفية خلف جدران الواقع المقنن. 


وعلى هذين العنصرين: الفلسفى (الفردى) والشعر 
مسرحى (الشعائرى)؛ تقف جمالية نييبا فى مواجهة 
السوسيولوجيا التى تراها جمالية هاربة من حركة الواقع 
الفوارة؛ تسعى إلى التجريب بغرس نفسها فى دنيا 
الأساطیر» وتنجز حداثتها فى كهف الأحلام؛ وكذلك 
فى مواجهة الإيديولوجيا التى قد تراها نوعا من جمالية 
المسرح الساقط فى هوة الكوابيس الشخصية التى هى فى 
حاجة إلى محلل نفسى أكثر من حاجتها إلى ناقد فنى. 

والحقيقة أن السوسيولوجيا والإيديولوجيا لا تقعان» 
عند نييباء فى مأزق التحجر (الدوجما» الذى يتطلب 
تفسیر الواقع بشکل صارم» والتزاما کاملا بالهموم 
اليومية؛ نی اتفسیر الضيق لكل من السوسيولوجيا 
والإيديولوجيا؛ فرغم أن أعماله تبدو أنها ستسقط فى 
الفوضی» فانها فی الحقيقة؛ تتوغل فی أعماق الذات 
العقدة, معتمدة علی الحرية من حیث هى بعد 
إيديولوجى» والخيال المتحرر من حيث هو بعد فنى» 
فيتحرر الفراغ المسرحى من كل أعباء واقعية تقليدية؛ 
ونتحرر الكتابة المسرحية من كل صيغة كلاسيكية 
جامدة؛ وتتحرر اللغة المسرحية من كل بنية استهلاكية 
مكررة يومياء ويمتلئ الوجود المسرحى بالأشباح والرعب 
والسحر والخيالات فى إطار شاعرية الفضاء المسرحى» 
سواء احتوی هذا الفضاء رسائل تحريضية أو تخيبرية. 


۳۲ 





إن السخر والأساطير وعدم مشاكلة الواقع فی مسرح 
نييبا الحدالی؛ ليست جمالية نزوية» بقدر ما هى شكل 
پیمازی جدید» وتعیبیر عن واقع قابل للادراك» رغم 
صعوبته » وصياغة هذا الواقع بصورة تسعى إلى تزییفه » 
عن طريق تثبيته فى لحظة زمانية معينة» أو خريفه بصورة 
تشل القدرة على رؤية الشراء القابع خلف صورته 
الظاهرية» فتدجین الوافع وخدیده, هما فى حقيقتهما 
إحدى عمليات تزییفه. 


ورغم اعتماده الحرية للطلقة منطلقا |یدیولوچیا 
وجمالیا آیضا» فان حربته الطلقة تلك لا تقوده إلى 
عدمية الفوضوية» وانما نتموضم الحرية الطلقة عنده فی 
العلاقة بين الإنسان والواقع؛ فى منح هذا الإنسان أو 
السماح له بشحذ كل قواه اللامحدودة لاختراق حجب 
هذا الواقع الملموس» حتى ولو بروح تصوفية لاكتشاف 
المكونات اللامحدودة» أيضاء لهذا الواقع . وتصبح جربته 
الحدائية حرة من كل قيدء فى إطار الواقع الإسبانى» لا 
يوجد بها أى فقدان مدرك للحرية عندما تنتقل من الفكر 
إلى الكلمةء ومن الخيال إلى الفضاء المسرحى. وتكمن 
قيمة جربته تلك ليس فقط فى إبداعه لعالمه المتخيل» 
وإنما فى صياغته صياغة فنية متناغمة معه» تهتز وتتجزا 
مع اهتزازه ومجزئه» فرؤيته الكلية للواقع» التى لا تراه واقعا 
متکاملا ثابت البنیان» مختاج درما إلى سينوجرافية مجزأة 
ومفتتة ومتح ركة وغامضة فى الوقت ذاته» تعيد ت ركيب 
وتولیف الواقم ترکیبا وتولیفا یخضع لفن #الوتاج» 
الجمالی الذی لا يصبح فيه المسرح «شريحة من الحياة؛» 
كما رآه الطبيعيون من قبل؛ وانما یصبح «الحیاة» ذانها 
بكل مطلقیتها؛ التی هی آشمل من الحياة اليومية التی 
نعيشها بشكل جزئى. 

هذه الإعادة» المشروعة فى الفن؛ لصياغة جزئيات 
الواقع فى بنية مسرحية مفتوحة؛ تمزج بين الغنائية 
والجرونسكية بطابع باروكى تبرز فيه الزخرفة المرئية 
والتأثير الضوئى والتدميق اللغوى اللامع؛ تؤدى بنا إلى 


ا 5 





N‏ سوم 


لل لل مشهت يهشي ب اللجرييةزالحداة 


الأسطورية» ووم فى سمائها تشوهات باى أنكلان 
وقسوة آرتو وشاعرية بريخت وشطحات بازولينى. 


نبيبا بين أرتو و بريخت 

ولد فرانشيسكو نييبا فى مدينة «بالديبنياس» بمقاطعة 
ثیرداد ریال بوسط سبانیا عام ۰۱۹۲۷ ومارس هوایته 
وحرفته الأولى الرسم فى أراخخر الأربعينيات؛ وعرض أول 
أعماله بجاليرى «كلان) بمدريد؛ جنا إلى جنب أعمال 
رینوار وجان کرکتو. وبمنحة لدراسة الفن التشكيلى 
سافر إلى باريس عام ۲ لاحقا ب رکب النفیین 
(جبارا واحتیارا من ديكتاتورية نظام الچنرال فرانكوء باقیا 
هناك لأكثر من عشرسنوات؛ متعرفا فى مدينة النور على 
بیکیت ویونسکو واداموف» وعلی کولیت الاندی؛ 
القريية الصلة من أنطونا آرتو التى فتحت له الطريق نحو 
رؤى هذا المسرحى الكبير وإبداعه؛ ووضعته فى قلب 
جربة مسرح القسوة التی کانت لاتزال مثار جدل» رغم 
موت صاحبها قبل وصول نییبا الی باریس باربع سنوات 
کاملة (۱۹۹۸) ومستمرة علی آیدی چان لوی بارو 
وجان فيلارء وإثارة ما فى دعوة هذا السرح من شاعرية 
قاسية» تقتحم عالم السحرء وتخترق الواقع اللموس» 
توغلا فى عوالم الأسطورة والخيال واميتافيزيقاء وسعيا إلى 
تأسيس فراغ مسرحى عاصف يعبر تشكيليا وفيزيقيا عما 
يجرى فى منطقة اللاشعورء معتمدا الحلم» ككافة 
السورياليين» طريقا غير منظم للكشف عما لا يمكن 
التقاطه والامساك به فی الحياة اليومية المعتادة. 

کانت فکرة «مسرح القسوة؟ أو امسرح النشوة 
العاصفة) » بجمالياته الشاعرية المتدفقة وبنيته الصادمة 
لتقاليد التلقى المسترخحى» هى التى استهوت نييبا فى 
تجريسية أنطونان آرتو» ماعقية مع تأسسه الوجدانى 
التتشكيلى فى عالم السوریالیین» وتأسسه الفکری الدرامی 
فى مسرح إسبانيا الثلث الأول من القرن العشرين: مسرح 


شاعرية االکلمة» وقسوتها عند ماتشادو وباى أنكلان 
ولورکا وألبرتى؛ ومن ثم لم يستطع أن يستبعد أهمية 
#النص» من شعر المسرح» كما حاول أرتوء فراح يستلهم 
من بریخت؛ لارژیته الإيديولوجية: وإنما وعيه بأهمية 
الكلمة المكتوبة / المنطوقة فى فضاء العرض المسرحى 
واهتمامه بينية النص المتمردة على مقدساتها الأرسطية» 
وشاعرية مسرحه وما تسرب فيه من قيم تعبيرية قادمة من 
مراحل بريخت المسرحية الأولى. 

كانت خمسينيات باريس الصاخبة هى البوتقة التى 
انصهر فيها فكر نييبا وفنه. ولذلك» كان لابد أن يلعب 
مسرح العبث» وأفكار يونسكو وبيكيت وأداموف المتألقة 
وقتذاك؛ دورا تأثيريا فى رؤية نييبا الجمالية للمسرح» جنبا 
إلى جنب تأثيرات آرتو وبريخت ومواطنيه باى أنكلان 
ولوركا وألبرتى» فكانت الرؤية الهزلية لمأساة العبث فى 
العالم ھی ركيزة ذلك الاستلهام» الى ستشكل محور 
أعماله: الوعى بعبثية الوجود المنظم للعالم والتمرد على 
بيه العقلانية الباردة» والرغبة فى خطيم وتشويه 
المواضعات كافة التى أدت إلى حربين عاليتين فى أقل 
من ربع قرن؛ وراح ضحيتها ملايين من الابرياء الذين 
وثقوا بعقلانية الحضارة الغربية. لذلك» كان لايد مس 
التمرد على ذلك البناء العقلانى لتلك الحضارة» 
والتخلى عن أى تصور للوجود صاغه العقل وتعلل به 
للفتك بالروح الإنسانية» ومواجهة المتلقى المشاهد بحقيقة 
خواء عالمه وفساد المسلمات التى يقبل بها وجود عابث. 

مکذا تضافرت عوامل التمرد الفکری والوعی 
الجمالی» فی غربة باریس؛ لتدفع بالرسام الشاب 
فرانئيسكو نييبا لاقتحام عالم السرح» فى قطيعة شبه 
كاملة مع العفالید المسرحية الغربية كافة؛ ومحققا ما 
أسماه هو نفسهء فيما بعدء بالمسرح الغاضب أُو «المسرح 
الحانق» العاصف بكل شى؛ بدءا من اللوحة الفلقة 
بخطوطها وألوانها الشابتة؛ إلى دينامية العرض المسرحى 
وجمالیانه التجددة کل لحظة؛ نیکتب أُول عمل 


۳۳ 


متكامل له باسم «الشعاع العلق» » متتبعا فيه خطى 
ألفريد جارى ويونسكو وغنائية فيسكونتى السيدمائية؛ 
ولكنه لا يجد من يقدمه له على السرح» ویزداد شعوره 
بالغربة والقطيعة مع واقع يعامله على أنه إسبانى مغترب 
خلال عشر سنوات كاملة؛ فهو لم يستطع أن يتفرنس 
کاملا کمواطنیه بیکاسو وبونیویل» ومن ثم يترك باريس 
إلى مدريدء عابرا ومقيما لمدة عام فی البندقية» بالقرب 
من مسكن الشاعر الإتخليزى إزرا باوند. 

عاد إلى مدريد» ليجد نفسه فى غربة وقطيعة أخرى 
مع اجتمم البرجوازي الخلاب وا متصنع » الذى يحجم 
حريته فى التمردء ومع نظام فرانكو الديكتاتورى الذى 
يصادر حريته فى التعبير؛ فراح يشارك فى النشاط 
المسرحى» عبر صياغة المناظر والملابس المسرحية لآخرين 
مثل انحرجین: خوسبه لویس آلونسو أدولفو مارسیياك 
وميجيل نارّوس» ولنصوص أغلبها غير إسبانية مثل: 
(بیجمالیون) و (الملك یموت) » و (بعد السقوط) ؛ 
وامارا - صاد) » و (تارتوف) » و (سسجناء الطونا)؛ 
و(رومانس الذئاب) ... إلخ. ورغم أنه حصل على جوائز 
عدة فى هذا المضمارء فإنه كان يشعر بأن شيا ناقصا 
لدیه» فأعماقه تمتزج داخلها الرؤى البلاستيكية والأدبية 
والدرامية والمسرحية» وكتاباته حبيسة الأدراج» ورؤيته 
كاملة لا تخرج إلى فضاء المسرح الرحب؛ ولذلك راح 
يكتب أعمالا تنتمى إلى ما أسماه هو أيضا بمسرح 
«الواقعة والأثر» مثل (طيف وخيال لارًا) عن الحياة 
الخاطفة للكاتب والصحفى الإسبانى ماريانو خوسيه لارا 
(۹ -_۱۸۳۷)ء رهو عمل أقرب إلى الصياغات 
التعليمية والبيوجرافية المسرحة ولا یقدم الوجه التجریبی 
الحدای الحقیقی للییبا. 


مسي المهزلة والصيبة 
يقسم نيبا مسرحه إلى مجموعات ثلاث» أو توجهات 
ثلاثة تحمل عناؤين رئيسية؛ هى: «مسرح الواقعة والأثرة» 


٤ 





المشار إليه تواء ويهدف إلى معالجة أحداث وشخصيات 
تاريخية محددة» و «مسرح الهزلة والصیبة» ؛ وهو مسرح 
مراوغ» أقل راديكالية» ويقوم على فكرة «أن تضحك من 
مصيبتك وعليها؛ جامعا بين الرومانسية والسوريالية» 
ویتضخم فیه الانفعال التراچیدی (البائوس) والنمط 
الدرامی» وتقل كورالية الحدث وتمقد الشخصیات 
فاقدة فى الرقت ذاته» القدرة على امتلاك بنية 
سيكولوجية عميقة» وتسيطر عليه بوجه عام روح قوطية. 


تعد مسررحية (رقصة المتأججين) نموذجاً دالاً على 
هذا النوع الثانی من مسرحه؛ وهى واحدة من ثلاثية 
خملل عنوانا عاما هو (الثلائية الابطالية» وتدور أحدانها 
فى جدوب إيطاليا القرن الشامن عشر الی جانب 
مسرحیتی: (سلباتور روسا) - لم تعرض بعد - 
و(الإسبان نحت الأرض) ؛ عرضت فی العرض الدولی 
«اکسبو ۰۹۲ علی حین قدم نييبا مسرحيته (رقصة 
التأججین) فی مهرجان مدرید الدولی العاشر للمسرح 
عام ۱۹۹۰ من |خراجه وتصمیمه للمناظر واللابس 
السرحية, مقدما عبرها شوقا عارما (لی خریر الرغبة 
الإنسانية من قبود الواقع وأعرافه التاريخية؛ طارحا فی 
انفضاء السرحی وجودا آسطوریا كاملاء أقرب إلى 
كوميديات أرسطوفان ومساخر فيللينى: مستخدما فيه 
المنظر المسرحى ببراعة» ومنطلقا من موقف واقعى 
تقلیدی» بقدم عبره الفتی « کامبیئیو) واقفا بين يدى أبيه 
المنتمى إلى أسرة أرستقراطية بيوريتانية من أصل إجليزى» 
تعيش بإسبانياء وتعانى حينكذ من أنهيار اقتصادى لدعائم 
وجودها الاجتماعى. لذاء يطلب الأب من ابنه الشاب أن 
يذهب إلى صديق ثرى له فى نابولى بإيطالياء يعيش 
بجزيرة صغيرة بالقرب من جزيرة سيشل الكبيرة » حينما 
كانت نابولى وسيشل تابعتين للتاج الإسبانى» وذلك من 
أجل الزواج بإحدى بناته القبيحات؛ زواج مصلحة» 
يتغافل النوازع الإنسانية؛ من أجل تثبيت واقع طبقى فى 
طريقه للانهيار. يوافق الفتى على مضضء ويتحرك ملقيا 





بنفسه إلى العالم المجهرل؛ أرض غريبة علیه» بشر لا 
يعرفهم من قبل» وعلاقه زواج أبدى مقبل عليه بلا 
عاطفة» ومن هنا يبدأ الحدث فى التنامى» منتقلا من 
عالم الواقع إلى عالم الأسطورة؛ حيث يقابل الفتى 
« کامبیشیوه على ظهر الم ركب «ظل» انسان؛ یحادثه 
بأسلوب ملغزء لكنه يشير مخاورفه ثما هو مقبل عليه» 
مبجسدا أمامه عاطفته التواقة إلى حياة يرغبها هر 
والمتعارضة مع الزواج امجهول الساعى إليه بدوافع طبقية. 


وحينما نصل إلى أرض الجزيرة؛ يقف الفتى مترددا 
نیز قصر الكونت (أورا لاه صديق أبيه» فيفاجاً بأنه قصر 
متهدم؛ وليس كما كان يأمله؛ فيقرر العودة من حيث 
كانء لکن ید الکونتيسة «امبيريا جرافونى) عشيقة 
الكونت تدفعه إلى الدخول ليجد نفسه أمام عالم غريب؛ 
حيث يشغل الجانب الأيمن من خشبة المسرح جزءا من 
قصر الکونت بينما يقبع على اليسار ضريح العائلة 
الملسمى ب «كهف الرحمة ١‏ حيث يدفن فیه الوتی؛ 
ويقام فيه أيضا عرس الفتى» بديلا عن صالون القصر؛ 
ودلالة على اقتران الزواج بالموت» وتحقيقا لآلية (النقل» 
السيكولوجية. 
داخل هذا الإطارء يلتقى الفتى بغرابة العالم المدفوع 
إليه؛ فالكونت الأب غريب الأطوار ينبت له قرن صغير 
بجبهته: ويناته الشلاث قبيحاتء بينهن قزمة حادة 
الصوت» وامرأنه تتعبد بشكل ساخر أمام تمثال للمسبح 
متحرك الذراع لتحية القادمين؛ وعشيقة الكونت يختبئ 
بين ثيابها كائن غير مرئى» مثبتا وجوده بين الحين 
والاخر بالنفخ فى صفارة صغيرة حادة الصوت. ويزداد 
الأمر غرابة حينما يكتشف الفتى أن زواجه لإنقاذ وضع 
آسرته الطبقی؛ لن یکون من واحدة من بنات الکونت 
القبیحات الراغبات فيه» وانما من الکونت نفسه, الذی 
یکشف عن وجهه الشاذ» وسعیه إلى حقميق الرغبة 
لتحررة من كل ضوابط» يقول الكونت للفتى: ٠‏ أدعوك 
للحياة بشكل مبتكر ومبهج؛ أن تعيش مرة واحدة كزوجة 





« التجريبية والحدانة 


لى وكصديق... ثم یمکنك الطلاق) ؛ هنا تبرز مجموعة 
غرائز الحب والحياة (الإيروس) لتتصارع مع غريزة الهدم 
والموت» التى تفجرها داخخله رغبة الكونت فى الاقتران به» 
ويدفعه إلى اجتياز حد الخطيئة ‏ بالفهم السیحی لها - 
اننماسا فی الخضم العاطفی» واقترانا فى حضن الموت. 


ويقف الفتی حائرا بين کهف الکونت الجهنمی» 
المسمى كهف الرحمة؛ وركن تعبد زوجة الكونت 
القائلة له: (إن كل الأزمئة يجرى هلاكهاء وهذا 
العصر سيكون الأخير» هذا مؤكده ¢ ویتارجح الفتی 
داحل القصر المغلق عليه بين الاندفاع للسقوط فى 
رة زر نحو التعبد ولتجردالحسی داخل 
مؤسسة دينية يسخر منها العرض عبر زوجة الکونت 
وذراع المسيح المتحركة؛ ومن خلال راهب یوزع 
ويساعد الكونت نفسه على إخفاء حقيقته ورغباته» 
تلك الحقيقة التى يصر الفتى على البقاء لاكتشافهاء 
بعد توصله لد لى أن ئمة جذراً نصف إلهى لتلك 
الأسرة» وبالتالى يرسل إلى أبيه رسالة يخبره فيها بقراره 
فی البقاء فی عاله الجدید» بعد أن انتصر علی الرعب 
والتردد داخحله» وقرر الغوص فى العالم الجدید بظلاله 
الأسطورية بحثا عن حقيقته. 


القسم الثالث من مسرح نييباء الذى يحمل عنوان 
«المسرح الحانق؛ أو شديد الغضبء هو بالفعل الذى 


٠‏ یمثل وجهه الحقیقی؛ حاملا قدرا هائلا من الحنق 


التراچیدی؛ البهم کالریح الماصفة؛ مسرح ریضی 
يسعى إلى إثارة الغضب لدى متلقيه واستنفار حرية 
الإرادة» والبطش بأية قيود معرقلة لها. وتبرز فيه بشكل 

واضح فروض نييبا الجمالية الأساسية: الخطأ والخالفة 
والإسراف العاطفى والحسى وقهر الإنسان بأنظمة عملية 
محافظة وضاغطة» فی (طار من الغنائية الساتيرية» العتمدة 


۳۹۵ 


على سرعة الحدث ومفاجأة البلاغة الهزلية؛ والقائمة 
على حدث جوهرى مكثف ينبع دوما من الإيمان 
بخلود الروح فى الشعور الإسبانى؛ مسرح تتوازن فيه 
جمالیات الصورة الرئية في الفراغ المسرحى» كما يتناغم 
فيه التزام الأكاديمى بجراءة التجريبى فى اقتحام الجدید» 
وإن كان بسيطر عليه؛ فى مجمله؛ الدمط البارركى 
الزخرفى اللامع» لغة مكتوبة أو مرئية؛ مقابل اللمط 
القوطى المسيطر على مسرحه السابق امسرح المهزلة 
والمصيبة؛ » ومن ثم تفقد اللغة واقعيتها المفخمة لتدخل 
إلى عالم جروتسكى الطابع» يقترب فى تشويهه الساخر 
للعالم من «اسبربنتوه بای أنكلان وسخريته المشوهة 
للواقع الإسبانى فى بداية هذا القرن. 

فى إطار صرفى خحالص» يعدفق الزمن» فى ذلك 
السرح» منفلتا من مسيرة التاریخی التقلیدی ویغیب 
تعینه» وان كان يحمل دوما دلالة احافظة والسواد 
والكبت» على حين يتموضع المكان داخل إسبانيا أو فى 
أورربا الوسطى» فالوقائع خرى دوما فى «إسبانيا السوداءة 
(إسبانيا الديكتانورية)» أر فى قرية محددة كقرية 
«فارولييوة بسان بلاس» على حين يتحدد العصر بازمن 
إسبانيا امحافظة) ‏ مسرحية (كورونادا والثور» - أو يتخرى 
فی مدرید #منذ زمن طويل» قبل نهاية العالم» ‏ مسرحية 
(قليل من العاصفة) ‏ بكل ما يدل عليه ذلك التناقض 
والتداخل بين إحدى الجملتين السابقتين «منذ زمن 
طويل؛ و «قبل نهاية العالم؛؛ فهو يشير إلى أن وقائع 
المسرحية قد جرت منذ زمن طويل» غير الزمن المعيش» 
ومع ذلك فهو زمن قبل نهاية العالم التى لم تأت بعدء 
زمن يود أن ينكره عقلياء لكنه قائم شعوريا وواقعيا. 


کوروناد! والشور 

إن دفع الوقائع خارج الزمانية العقليدية؛ أو مزجها 
بالسحر والخيال الأسطورى؛ يساعد على نزع أية دلالات 
يومية محددة عنهاء ويعطيها قدراً من المطلقية التراجيدية» 


۳۹۹ 


ويجعل الصراع صراعاً أبديا بين الفرد والنظام» بين 
الحرية الذاتية والأجهزة القامعة لهاء مسقطا من حسابه 
الأبنية الاجعماعية والاقتصادية والدينية التى تلعب أدوارا 
مهمة فى تلك العلاقة الأزلية بين الذات والآخر. 

ولأن المبدع وأعماله فى تطور مستمرء تتطور أيضا 
رؤيته لتلك العلاقة سالفة الذكر؛ فبعد عشرة أعوام على 
مسرحیته السابقة (قلیل من العاصفة) » يقدم رؤية أكثر 
تطورا فی مسرحیته ( کورونادا والغور) - ۱۹۷۳ - وقبل 
عامین فقط من موت الديكتاتور» إدانة کاملة لخنوع 
الشعب واستسلامه للسلطة المتحالفة مع الکنيسة» مقدما 
حبكته الدرامية عبر أبرز تقاليد الحياة الإسبانية (مصارعة 
الشیران) ؛ حيث العلاقة المشيرة بين العقل والجسد»ء 
الإنسان والحيوان: الإبداع والتدمير داخل احتفال 
شعائرى يتحد فيه المشاهد بشخصية المصارع» معتزاً 
بشخصيته وبوجوده» یلامس كل لحظة الموت بحركات 
راقصة متقنة. لمة علاقة واضحة وشديدة فی إسبانيا بين 
مصارعة الثیران ورقص الفلامنکو, آما فی مسرحیتنا هذه» 
نالصارع جبان؛ یواجه ثورا اکثر جبنا وعجزا؛ تتحد به, 
بالقابل» شخصيةالعمدة/ الحاکم والتموذج 
الکاریکانوری للدیکتاتور. 


السلطة الديكتاتورية تبدو عند نییبا - دوما - کحیوان 
قذر وجبان؛ باطش دون وعی بحرية الانسان» وان كان 
هذا الفهوم بتطور من دلالة الحیوان الشهوانی القذر 
امولود فى مزبلة مدريد فى (قليل من العاصفة)» إلى 
الشور الباطش الذى تتحد به شخصية الحاكم المتحالف 
مع رجالات الدين فى زمن إسبانى راضح المعالم؛ كما 
أن إدانة الشعبء تشاؤما من قدرته على الفعل فى 
المسرحية الأولى» تصبح فى الثانية إدانة مثيرة للحوافز؛ 
وإيمانا متفائلاً بالقدرة على الوقوف ضد كل ديكتاتورية 
قامعة للحرية الانسانية, سواء خلعت علی نفسها رداء 
سياسيا أو دينياء وبالتالى يصبح الا کثر ثباتا فى المسرحية 
الأول : أكثر اهتزازا فى الثانية» وتتكشف عوالم تهدمه. 


اا صسضمّسةش©ٌةسس*بيشسسصسصس م م سد النجريببة رالحدائة 


ذروة صراعية 

إن جمالية مسرح نییبا الحانق هذاء الذی یضم فیما 
بين العملين الذ کورین الکثیر من الأعمال التمیزة مثل 
(نوسفیراتو) ٩۱‏ و (السيدة التتریة) ۷۰ بل إن البعض 
يعو د بذلك الاتجاه المسرحى إلى بدايات نييبا فى أوائل 
الخمسینیات ویضم إليه مسرحيته الأولى ذات العنوان 
والوضوع الثیرین (الشعاع العلق) 9 
الجمالية بشعور رژیری مرعب وطاغ» كأن العالم 
وصل إلى لحظة الذروة الصراعية بين الشيطان ا 
وفى انتظار نهايته؛ يحلم بزمن امحاكمة النهائية؛ أو بيوم 
الحساب الذى قد يخلصه من العالم الحيوانى الذى 
يعيشهء وان كان ذلك الحلم مازال يتسلل إليه أمل فى 
الخلاص على الأرض؛ وهر ما تحقق جزئيا برحيل 
الديكتاتور موناء وتخول إسبانيا إلى الديمقراطية» رغم 
الرعب الدائم عند نييبا من عودة 9إسيانيا السوداء» 
ووالعالم الأسودة . 

هذا الأمل الباقى, هو الذى ينقذ مسرح نييبا من 
السقوط فی هوة التشاژم» ویمنحه تماسکا وقوة؛ ويجعل 
من فضائه المسرحى وجودا تتجدد فيه الرؤى والأحلام» 
وتسقط فیه الأشباح والهواجس» وتصبح حرية الانسان 


هی القیمة الباقية الدائمة التطلعة دوما لتحقیق کرامة 
الانسان وحقه فی الحياة. 
يبدو فى هذا التوجه المسرحى المتميز عند نييباء 


بشكل أعمق من سابقيه» ذلك اللقاء الفعال بين الرسم 
- هوايته وحرفته الأولى - والدراما؛ ذلك الفضاء 
المسرحى الذى برع فى صياغته بوصفه مصمما للمناظر 
والملابس ا مسرحية» سواء لأعماله أو و لأعمال غيره» وهو 
ما ینقذ آعماله؛ من جهة ة أخرى» من السقوط - حين 

تغضب - فى هوة مسرح الكلمة العارية ا فى 
السیه» التی قد یتمادل تأثیر تلقیها حین مطالعتها فی 


كتاب أو سماعها فى مسرح» ولکن عند تییبا؛ وعند 
الحدالیین الجدد» تنفاعل الكلمة المكتوبة/ النطرقة مع 
الصورة التشكبلية, دون طغیان لعنصر على الاخره داخل 
بنية حسية بلاستيکية؛ تصبح للكلمة فيها إشعاعاتها 
اللونية وللوحة الدينامية تأثيراتها اللغوية؛ معارضا بذلك 
التقليد المسرحى الإسبانى ‏ والعالمى - القصير النظر الذی 
مازال يؤكد إمكان أن يغمض المشاهد عينيه ليستمع إلى 
أفضل النصوص وأقوى الكلماتء وعلى ضرورة خضوع 
الصورة المرئية للضرورة التصورية الحرفية للكلمة درنما 
إدراك للعلاقة الجدلية بين الكلمة والصورة المرئية التى قد 
تكون مضادة لهاء لكنها تخلق فى تخاورها معها مفهرما 
يشارك بقية العناصر فى صياغة الرؤية الكلية للعرض 
السرحی؛ الذى ليس هو النص المسرحى محققا على 
خشبة المسرح» وليس هو الممثل المؤدى لكلمات النص» 
أو المنظر المحدد لزمان وجغرافية الفعل المسرحى» وإنما هو 
السرح من حیث هو وجود جمالی شمری دینامی 
متکامل. 


أعمال فرايسكونييا المسرحية 
١‏ «اللعنة على كورونادا وابنائها؛ ‏ کعب فيما بين 
98 - نشر ۱۹۸۰ . 


۳9 «الشعاع المعلق» ‏ کتب ۲ نشر ۰۷۵ عرض 
١3‏ . 


«صراع أوبال وتاسيا؛ - مقدمة أو ركسترالية صغيرة - 
کتب ۰۵۳ نشر ۷۲ عرض ۱۹۷۲ . 


- «قمریات وغسق و.. ستار؟ - تنویعات حول السرح‎ - ٤ 
. ۱۹۷۲ کتب ۵۳؛ نشر‎ 


- «عید الفصح الأسود» - کتب ونشر بباریس عام 
100 . 

_ «أغنية الفاندانجو المفيرةه - مهزلة شعبية غاضبة فى 
مدح سان رامون دی لا کروث - کتب ۰۱۹۷۱ 


۷ «نوسفیراتو» - كتب عام لل ونشره/ا؟1. 


۳۷ 


۸ - «قلیل من العاصفةه - کتب 1۲ ونشر ۰۱۹۷۳ 
١ 5‏ من الجيد عدم امتلاك رأس» - حوارية درامية بالضوء 
والظلال - کتب 10 ونشر وعرض عام ۰۱۹۷۱ 


٠‏ «الزكام العجيب للوره باشافمل؛ - کتب فى فيينا 
۰ ما بین عامی ۱۷ و۱۹۱۸ ۰ 


۱- الفزاد الشط» - کتب ۸ ونشر ۱۹۷۹ . 

. ۱۹۸۰ «السيدة العریة؛ - کتب ۷۰ نشر وعرض‎ ١7 

۳- العربة ذات الرصاص الترهج)؛ احتفالية سوداء - 
کتب ۷۱ - نشر ۰۷۲ عرض ۱۹۷۲ . 

4 «جناز ومارش شعبي» - کتب ۱۹۷۱ . 

۵- «کورونادا والشوره رابسودية اسب‌انية - کتب ونشر 
۳ عرض ۱۹۸۲ . 

7- «رقصة امدائز الکرییة» - عن نصوص لجلدرود - 
عرض ۱۹۷۲ . 

۷ «نسیج الاهانات؛ - کتب ۷ رنشر ۱۹۷۵ . 


درقصة المتأججين؛ ‏ أفعال من السحر والمغامرة فى 
العالم اللانينى - کتب ۷ نشر ۰۷۵ عرض 
۱۹۹۰ 


9 «الإسبان تحت الأرض» ‏ كتب ١۷؛‏ عرض 





۰ - «احتال» - کتب ۱۹۷۵ . 
۱ - ۱طیف وخیال لازا؛ - نشر وعرض ۰۱۹۷۲ 
۲ - «کاسدرا؛ کتب ۷۲ » عرض ۱۹۸٤‏ . 
۳- «السلام؛: احتفالية جروتسكية حول آرسطرفان - 
کتب وعرض ۷۷ ونشر ۱۹۸۰ . 
٤‏ «هذیان اخب العدانی؛ - کتب ۰۷۷ عرض ۰۷۸ 
نشر ۱1۹۸۰ . 
۵ - «آیلاحیةه کتب ۱۹۷۸ . 
1 - «تیرانت البلانکوه, معالجة حرة لعمل چوانوت 
مارتوریل - کتب ۷۸ - عرض ۱۹۸۸ ۰ 
۷ - «حمامات الجزائر » معالجة لنصوص لثيربانتس - 
عرض ۰۷۹ نشر ۱۹۸۰ . 
۸ - «دون البارو آر سطوة القدره » معالجة لسرحية دوق 
دی ریباس - عرض عام ۸۳ . 
۹ - «مانفریدره - معالجة لنص بیرون - عرض ,۸۷ 
۰ - «احبك ياغانية» ليس حقيقة؛ ‏ عرض عام ب/0 
۱ - «قلب طائر الآربيا الحرافى؛ - عرض 484 . 
۲ - «الازدراء بلازدراء: - معالجة لنصوص موریتو- 
عرض عام ۱۹۹۱ . 





۳۸ 


مالم ااانا نا قالطلل الالالال 





قراءة فى عرض مسرحية المحسة 





سالم أکویندی " 


ااا اطانطا اا ةا اااة.لالة ا سنا 


أو : النص الأصدى مسرحية المهمة: 
ذكريات عن ثورة 
۱۱ مقدمات مهجية : 


قبل تقدیم هذا التطبیق النجز حول مسرحية ‏ 


(الهمة) , لابد من الاشارة إلى بعض الإجراءات المنهجية 
المعتمدة فى القراءة. 
١ - ١-١‏ الإجراء الأول: 

التركيز على النص المسرحى؛ وفى هذا الإطار نعتبر 
النص الأصلى للمسرحية 2١”‏ هو المنطلق الأساسى 
للسرض السرحی القدم ثم التص الذى يحمله 
العرض ". 

والتركيز على النص» من حيث هو إجراء منهجى 
أول» يرجع بالأساس لكون الفضاء النصى لا علاقة له 





٭ باحث مغريى. 


بالإرشادات المكانية التى يتتضمنها النص الدرامي» بل 
منطوق النص ذاته هو الذى يتضمن الفضاء الدرامى 
والكيفية التى تعطى بها الجمل والخطابات؛ لأنها تتم 
فى مكان ماء كما أن «كل نص مسرحى يرسم 
دراماتورجيا ما مقترحة... ولأن الدراماتورجيا لا تتحقق 
إلا فی علاقة قاعة/ خشبة»(۳) وهذا ما تسعفنا فيه 
معالجة التص السرحی» حيث سنقف على نوعية هذه 
الدراماتورجياء ثم على كيفية تحقيقها لعلاقة 
قاعة/ خشبة؛ وحسب أى أفق سيتم ذلك التواصل»؛ 
الافتراضات(؟۴. 


۲۱-۱ الاجراء النانی: 

الوقوف على توزیع الشخصیات محورتها؛ وذلك 
حسب ورودها بالنص الأصلى أولاء ثم النص الذى 
يحمله العرض والذى هو نص الاشتغال المسرحى» باعتبار 
أن مفهوم الشخصيات هنا سيأخذ منحى دالا مادام 


۳۹ 





سالم أكويندى 


عنصراً سيميولوجيًاء ينحصر فى جسد إنسانى على حد 
تعبير إمبرتو إيكو0©»؛ ما یعنی آن الشخصية علاقة (شارية, 
الأمر الذى لا يجعلها بالضرورة تشكل صررة أيقونية 
شمن العرض السرحی. 
۳۱۰۱ الاجراء الثالث: 

فى هذا الإجراء نعمل على مقاربة المفاهيم المتعامل 
معها فى هذه القراءة؛ وهذه المفاهيم هى : 


۱-۳-۱-۱ الفضاء: 
ونستممله باعتباره مساحة للادراك» انطلاقا من 
القاعة. وبهذا فهو فضاء بنائى: يتم ملؤه بكل العلامات 
وأنساق الخشبة:؛ مما يجعله يتشكل بها وفيها (الخشبة)» 
كما أن هذا الاستعمال يقتضى امتداد الفضاء ليشمل 
الحدث المسرحى» والكتابة السينوغرافية؛ والمكان الذى 
يشغله الجمهورء والمعمار المسرحى. وبالامتداد نفسه 
يشمل الفنضاء المسرحى محيط البناية المسرحية: الحى؛ 
المدينة... حتى نتمكن من تعرف الكيفية التى ينعكس 
بها الفضاء الاجتماعى للناس فى نمط الفضاء 
السینوغرافی للعصر وأسلوب الحياة المعطى. وهكذاء 
نلاحظ أن الفضاء المسرحى يساهم فى تكوين الممثل» 
انطلاقا من حركاته السينوغرافية من حيث هى امتداد 
لجسده. 


۲-۳-۱-۱ الفضاء السینوغرافی: 

رهو فضاء مرئى» لأه ینبنی علی آشیاء مادية 
موضوعية أو تتحرك علی الخشبة» كما أن هذا الفضاء 
يشمل الخشبة وهندستها؛ بما هى تقسيمات لمواقع تنقّل 
الممثلين» أو مخريك قطع الدیکور بوصفها آدرات أولا ثم 
علامات دالة وواصلة. وضمن تضاعيف هذا الفضاء 
یندرج فضاء الخشبة بوصفه حیزا ومسافة. 
2۳-۱۱ ۳: فضاء اللعب : 

هذا الفضاءء بتعدده» هو ما یمکننا نمته بالفضاء 
السرحی» وضمن هذا الفضاء بتحقق الاخراج 


۳۳۰ 





السرحی؛ بحیث یصبح معطی من معطیات اتضرج 
للجمهور. 
4-۳-۱-۱ الفضاء الدرامی: 

وهذا الفضاء ینقلنا من الخشبة من حيث هی فضاء 
مسرحی سینوغرافی» مادی مرئی؛ الی الانمکاسات 
الخارجية للخشبة فى خيال المتلقى مادام مرتبطا بالنص 
المسرحى. لهذا؛ فهو فضاء غير مرئى» ولا يمكننا التعامل 
معه بنوع من الإطلاق؛ لأنه خاص بتخيلات الجمهور 
ومرتبط بتعدد هذا الجمهور وعدم جانسه؛ رغم ان 
الفضاء المسرحى/ المرئى يحدد لنا معطيات معينة بوصفها 
صوراً مادية لانطلاق الخيال؛ ولكن كيفية اشتغال الخيال 
کيقیة خاصة؛ مادام فعل التخيل فعلاً سيكولوجياء 
انطلافاً من المتخيل من حيث هو إبداع مخزون فى 
لاوعی التلفی. 

وهذا الفهوم؛ هو الذی تطلق علیه جماعة السرح 
الثالت (النضاء الثالت) ؛ ذ یکون همها هو الجمهور 
والانعكاسات الخارجية للخشبة فى وعى الناس أو 
لارعيهم باعتباره فضاء مجميعيا ”"©. ويهذا الاعتبار» مجد 
أن الفضاء الدرامى فضاء ينتجه المتلقى وبشكل انبنائى 
من أجل خديد إطار عمل الحركة والشخصيات؛ خاصة 
أن العرض المسرحى المقدم هو تجسيد شكلى للدلالة» 
کما قول رولان بارت“ . 

كما أن هذا الفضاء له علاقة بالنص الدرامى» 
وتخديد الفضاء يمكن استنتاجه من تعليقات الجمهرر؛ 
لأن هذه التعليقات هى النقد الموجه للعرض من قبل 
الجمهور. 


۶-۱-۱ الاجراء الرابع: 

يتعلق هذا الإجراء بالكيفية التى نقرأ بها العرض» 
وتتحدد هذه الكيفية بانتقاء وحدات من العرض المسرحى 
المقدم, لأننا نتعامل مع العرض المسرحى»؛ من حيث هو 


ااا لصي خ سح علاقة النص بالعرض المسرحى 


متوالية فى سلسلة مشهدية تمر أمام أعيننا بشكل لا 
يمكننا ضبطه إلا فى حدود نظرة إجمالية؛ الأمر الذى 
يفرض علينا أن نعتمد مبدأ الانتقاء والتلقائية فى هذا 
الانتقاءء لأتنا لا نملك من العرض المسرحى إلا ما 
يتحصل على مستوى إدراكنا الحسى. ومع ذلك» فإن 
e‏ 

أنى ذلك فى عرض ثان أواثالث. .. علما بأن هذه 
را أننا نشاهد العرض الأول 

كما أن اعتماد عنصر التوئيق يساعدنا على الرجوع 
إليها كلما تعلق الأمر بالقراءة. 


والجوانب التعلقة بالتوئیق, تجدها فی التص السرحی 
الکتوب؛ سواء کان نصا أصلیا آو معدلا» تبعا لعملية 
الإعداد المسرحى. وهذا ما قمنا به فى هذه القراءة» 
إضافة إلى دفاتر الاحراج واحافظة.. وردود نمل 
الجمهور. 


- ۲ بناء السرحية الأصلية: ذكريات عن ثورة: 

اعتمد المؤلف هاينر موللر» فى كتابته لهذا النص2» 
على الإفادة من نصوص مسرحية سابقة؛ إذ إنه لم يكن 
أبدا مخترعا للمادة المسرحية» بل ظل دوما بحاجة إلى 
الرجوع إلى التصوص الأصلية الأجنبية» سواء لسوفركل 
آو شکب 9 » شأنه فى ذلك شأن بیرتولد بریشت» 
حيث يتراءى لنا كأنه يفيد من الأجناس الأدبية, خاصة 
الشعرء علمًا بأن هذا المؤلف المسرحى شاعر أصلا. 
وبهذاء يكون قد طور الكتابات السابقة لهذا النص» إن 
لم نقل إنه يتخذ منها موقض #تصفية حساب؟ ودعوة 
لاستخلاص العبرة من الماضىء لأنه يختلف معها من 
كونها قراءة من وجهة نظر مخالفة» كما يشير إلى ذلك 
محمد مفتاح فى محديد مستويات التناص 7 2, 
والنصوص السابقة التى يحيلنا عليها المؤلف هاينزمولار 


هی: (موت دانتون) لبوختر !۰۲۱۱ و دروسبیر) لرومان؛ 


رولان!۱۳» و(ماراصاد)_لبیترفایس"۲۱۳) حیث لا نکون 
فقط أمام تناص» كما توحی بذلك هذه التصوص 
المسرحية باعتبارها تصوصا سابقة بل منکون أمام 
اقتراحات دراماتورجية يحملها كل نص نص من النصوص 
السابقة» مادامت هذه الدراماتورجية اقتراحا قابلا للإتجاز 
حسب النصوص التى تحملهاء وهذا ما أشرنا إليه فى 
بداية هذه الدراسة؛ وهو ما یجعلنا نفهم موقع هاینزموللر 
من حيث هو مؤلف مسرحى بل دراماتورج أى معد 
مسرحی بالدرجة الأولى؛ حيث نكون فى هذا النص أمام 
دراماتور+ جيا مركبة تساير فى طرحها طبيعة الخطاب 
المسرحى المتميز بالكثافة؛ وبذلك يكون هاينز موللر قد 
أثرى الصيغة البريختية فى الكتابة المسرحية؛ إذ يأنى بناء 
هذه المسرحية مركزا على بداية تدل على لحظة الفعل 
الدرامي للمسرحية؛ بما هى الآن وهنا؛ الأمر الذى 
يوضحه لنا ريشارمونو فى المسرح باللحظة الراهنة والمعيشة 


أثناء العرض المسرحى من جهة؛ ومن جهة أخرى لحظة 


الأحكية المقدمة ذريعة لقول ذلكء مما يوحى بثنائية 
الزمان» الذى ليس فى الحقيقة إلا ثنائية الزمان والمكان» 
مادامت الأحكية رسالة ككل الرسائل تملك تركيبا 
زمكانيًا خاصا بهاء رغم أنها (الأحكية) تأتى ضمن 
العرض الذى يؤطرها فى أبعاد ثلاثة» وذلك حسسب 
الشكل الذى تحقق به (المستوى اللسانى فى تلفظ 
الممثل وهذا محض بعد زمانی) . آما الستوی الکتابی: 
اللانتات؛ فهی نفسها بعد مکانی. وتبقی الرسائل 
الحركية التى هى متمائلة الأبعاد مادامت فضائية كما 
أنها فى الوقت نفسه عرضة لضوابط زمانية 47" . 

هذا ما تدل عليه شخصيات البداية فى هذا النص» 
وهم: البحار وأنطوان الموظف الصغيرء وزوجه . أما 
الحدث الرئيسى لهذه البداية» فهو الرسالة المحمولة؛ من 
قبل البحارء للموظف الصغير أنطوان الذى يمثل 
الشخصية الأساسية للفعل الدرامى فى هذه المسرحية؛ ثم 
زوجه التى تشكل عمق الذكريات المتداعية عن ثورة في 


۳۳۱ 


سالم أكويندى 


إطار مهمة التبشير بهذه الثورة التى لم تعد كما كانت. 
ومن هناء يكون تداعى الذكريات ولعبة «الشورة؛ ذاتها 
ليسا إلا من تداعيات الذكرى فى أحضان الزوجة؛ وهر 
ما تمثله عملية المضاجعة؛ بوصفها رغبة مقصوردة» 
لتحقيق الثورة التى لم تعد فى الواقع إلا ذ کریات» لکن 
ورودها أساسى بالنص الْأَصْلى وبالشكل الذى تمت به؛ 
أى لعبة التمفيل فى التمثيل (المسرح فى المسرح)» أو ما 
يمكن أن نسميه ب (ميتا مسرح» )1٠١(‏ رغم أنها ليست 
اللغة الواصفة» بقدر ما هى عناصر أساسية فى البناء 
الدرامى للمسرحية؛ وهذا ما يجعلها تقدم بالأقنعة التى 
تشحول150) من كونها كذلك فى النص إلى أدرار 
لدوبویسون؟ » و « کالوديك» » «وسلاسبور تاس#؛ حیث 
يكون الدور هنا مجرد صورة أيقونية؛ مادام الدور مرتبطا 
بالمثل» وحالما يتلفظ (هذا الأخير) تعمل لغته كأيقونة. 

وهذا الارتباط مجده جد متواشج بالشخصیهة؛ حیث 
یکون الدور الرحی هو مجموع النص الدرامی واللمب 
على الخشبة المرتبط أساسا بالشخصية:؛ أى يزارج بين 
فضاء اللعب والفضاء الدرامى» كما رأينا فى مستهل هذا 
القال» علما بأن الشخصية نفسها تدخل فى بناء النسق 
العام لباقى الشخصيات الواردة فى النص المسرحى» وهذا 
ما تجده متمثلا فى العرض المسرحى. 

من هذا النطلق نتابع حول الشخصیات الفواعل 
Les actants‏ أنطوان وزوجهء ثم احارب بوصفه مساعد) 
لlفاعJ Adjuvant‏ الذی بدوره ره يشغل حيز فاعل ۸٩131۲‏ 

ضمن الجزء الأول من النص الأصلى الذى نعتناه هنا 

بالبداية؛ حيث يكتسب دوره بوصفه نقيضا معارضا 
Opposant‏ . 

إذنء على المستوى الت ركيبى للنص» تتبادل الأدوار 
والشخصيات مواقعها ودلالاتها الفاعلة والمساعدة ضمن 
الفعل الدرامي» وتتجلى فيه فضاء درامياء وهذا ما يركز 
عليه العرض باعتباره عرضا يندرج فى إطار اختيار محدد 
بالمسرح الغالث الذى يتوخى هذا الفضاء؛ أى الفضاء 


YY 





الدرامى» مادام يستجيب لاختيار المسرح الثالث بما هر 
فضاء تمثيلى من حيث الفعل. وهكذاء جد من كان 
فاعلا فى بداية المسرحية يصبح مساعدا أثناء تقديم 
اللعبة: التمثيل فى التمثیل؛ حیث یتم تقدیم مسرح 
الشورة . ولفظة #السرحه هنا تأحذ معنی افضاء » بما 
هر المساحة التى لن تكون إلا مساحة الثورة؛ وخيين 
لحظتها بأدق تعبير» وذلك من أجل الإفصاح عن فعلها. 
أما على مستوى الكتابة الدرامية» فإنها مجرد تقنية فى 
الک رکیب الد رامى ضمن هذا النصء وهذا مستوى 
للاشتغای الدراماتورجی لدی هاینز موللر لتقدیم الفعل 
الدرامی (ذريعة للقول) ٠‏ كما أن هذا المستوى من 
الاشتفال الدراماتورجی هو ما وسمناه بالتطور الحاصل 
فی کتابات هاینر موللر؛ لٍذ إنه تخول من الصيغة البريختية 
ببعديها التعليمى والملحمى» ليتقرب من الصيغة الجدلية 
للمسرح التى دعا إليها برتولد بريخت فى أعماله 
الأخيرة» خاصة مسرحية حياة (جاليلى جاليلر)؛ أو 
مايسميه ألتوسير بالمسرح المادى. 

وتبعا لهذاء نفهم العلاقة التبادلية بين الشخصيات 
والأدرارء a,‏ ولات الفواعل 5ا۸۵0 والساعدین 
ئاز والمعارضين 080053015 فى هذا النص 
المسرحى؛ وضمن هذا التداخل النصى من حيث هو 
كتابة تناصية تنبنى على الانتهاك -15ة؟) عل ۲۵020۲۲ 
ومع وحمل تقنياتها ضمنهاء ونفهم كذلك ثنائية 
لحظتى الفعل الدرامى: الآن وهنا: جمايكا/ هايتى 
الأمريكيتان: وهناك بدلالات الماضى من حيث هو 
ذكرى: فرنسا وبريطانياء أيام الشورة البرجوازية» وفى 
مرحلتها التجارية لا الإمبريالية» التى يتم التعبير عنها 
بالبداية والخاتمة» والتی تختصر فی الرغبة, حيث لا 
تكفيهم هذه الرغبة العطاة بوصفها رغبة ذاتية: المارسة 
الجنسية لتأكيد عهر الحدث المسرح ضمن لعبة 
التمثیل فی التمثیل» بینما الرغبة تتأکد فعلا یمتزج 
بانحلم لاٍنجاز الحقیقی للثورة فی عصر الإمبريالية : الان 





وهناء ما یعطی لهذه الرغبة دلالتها ميلا لوعی یتمثل 
حاضوه من الاضی والستقبل: الاستلهام والتمثل: 
استلهام التراث» وتمشل الواقع» رالنص يؤكد هذا عندما 
يشتغل على والذكريات») ويستعد للقيام وبا مهمة): 
ولت رکیز یقم هنا على الموظف الصغير أنطوان وزوجهء 
إنها ثنائية الإحباط والأمل فى عصر الثورة الحقيقى دون 
تيه أو ضلال: مشهد عودة الابن الضال/ فيكتور الذى 
ليس إلا دوبويسون لممارسة الخيانة. وفى حدود هذه 
الثنائية يمكئنا ملاحظة نحت أسماء الشخصيات المقدمة 
فى هذا المشهدء وهى: 

ساسبورتا سروسبييرت > ساسبورتاس + رويسبيير. 

کالود یکدانتون < كالوديك + دانتوث. 


هذا النحت الثنائى فى أسماء الشخصيات يعنى 
الازدواج والخلط فى المواقف لتقديم حدث الثورة 
الفرنسية كما تم فعلاء وبسخرية مرة للكشف عن زيف 
فعل الشورة الفرنسية فى محقيق شعارها ذالان وهناه؛ 
وليس فى الماضى فقطء مما يجعل فعل الثورة لايزال قائما 
ومن منطلق جديدءكأنها لم تنته بعدء وهذا ما يحيل إلى 
معطی «الآن وهنا بقوة فى شخصية أنطوان الوظف 
الصغير وضياعه بتأثير الأوامر البيروقراطية ١الت‏ لتی لاهم لها 
سوی أن تنتظر احتفاء الانسان» (مجلة الکرمل عدد ۸ 
ص ۱۱۷)۱4۰. وقد تأتی دلك عندسا وضع الرظف 
الصغير فى مصعد.قديم وبطئ الحركة (المرجع السابق 
ص ۲۱)۱۳۷. 

إن تقنية الكتابة المسرحية المعتمدة فى هذا النص 
توحى بغناها الدلالى: لاستمرار الثورة؛ ليس فى صورتها 
الفرنسية:؛ ولكن فى معطى اليومى وا لمعيشى» بما هر 
المتحكم فى الیات هذه الحياة» ونموذج هذا هو الوظف 
الصغير الذى يعتبر أصدق معبر عن فشل مثل هذه الثورة 
المعتمدة أساسا على التبشير بالمساواة والأخوة والحرية» إلا 
أنها تأتمر بأوامر البيروقراطية بقدر ما هى شعور يفداحة 





علاقة النص بالعرض المسرحى 


اليومى وأشكال الهدم فيه. ولعل مرجعية الكتابة هاته 
تخيلنا على موطن الكاتب هاينزمولر (ألمانيا الشرقية 
سابتا», كما أنها تنة تنفتح دعوة للانعتاق الوطنى؛ إذ لا 
تصدیر للشورة؛ بل هی فعل یومی مجب مارسته مادام 
دوبویسون يستفيق على قولته: «حين يخلد الشعب للنوم 
یستیقظ الچنرالات...» (الرجع السابق ص ۳*۳)۱4۱. 


ویبقی فی النهاية أن نشير إلى التيمات الأساسية فى 
النص الأصلى للمسرحية» وبذلك تکتمل عناصر البناء 
الدرامی فیها؛ حيث مد هذه التیمات ترد کما یلی: 
- محاکمة الثورة الفرنسية» انطلاقا من اللحظة الراهنة, 
- خيانة الثورة لم تتم إلا من طرف رموزها. 
- الإيمان بالثورة واستمرارها. 
> فشل الغو لثورة عندما تعتمد علی نقیضها. 


ويمكن مجميع هذه التيمات ومحورتها فى تيمة 
كبرى هى: «الإيمان باستمرارية الشورة التى لم تكتمل 
مادامت تتضمن مجموعة النقائض». هذه النقائض هی 
ما يمكن نعته بالتيمات الثانوية بل المساعدة أو المعارضة» 
حسب النموذج العاملی - لتحقیق الثورة من حیث هی 
أوليات فاعلة بقصد هذا التحقيق؛ وتتمثل فى: خيانة 
الثو رة ة لاعتمادها على تقیضها . ولا نقوا ل النقیض الطبقی 
مادام هذا المفهوم غير وارد بالنص» إلا بعد انتهاء الثورة 
بمدة کافیة؛ حيث يتم التصریح بهذا الفهوم؛ بمعنى 
الخيانة التى مورست فى إطار فهم معين وجدل خاص 
للغورة؛ وإلا كان شعارها الأساسى هو الحرية والمساواة 
والأخوة؛ الأمر الذى يتيح للخيانة أن تتم؛ وهو ما يعطى 
ترجمة صحيحة للشعار فى الواقع الفرنسى آنذاك» وكأن 
قانون التعاطى هذا كان وليد هذا التوجه» ومن هنا جد 
نص هاينزموللر يؤكد اسعمرارية الشورة» الآن وهناء دون 
الاعتماد علی مثل هذا الشعاره مادام مفهوم الشعار فى 


۳۳۳ 





سالم أكريندى 


حد ذاته لا يعنى إلا ترجمة ذانه هر فی السلوك الیومی 
للناس يما هم متبنو الشعار. 

نلاحفظد أن الدعسرة للشورة تتم باستی‌باء أدرات 
مفاهيمية حالية؛ أى أنها فى الحقيقة تعيدنا إلى ستالين 
وترونسکی » ونحن نلمس هذا من مسوقع الکاتب 
هاينرمولار الألمانى الشرقىء ولعل هذا التحديد يعنى ما 
يعنى آنذاك”' "2 مما يؤكد أن تسمية الثورة الفرنسية ليست 
إلا الحامل لخطاب آخر وثورة أخرىء ولا نعتقد أنها 
مسكوت عنها فى هذا النص. وحسب هذا السياق 
(سياق النص الأصلى للمسرحية) ؛ وراهنيته؛ تبرز لنا 
صلاحية الثورة وجدواهاء مقابل عدم صلاحية الشعار 
المصاغ إبان الثورة الفرنسية» ومن ثمء كان الاعتماد على 
الموظف الصغير أنطوان» بكل مواصفاته الطبقية الآنية, ثم 
الرسالة المحمل بها من طرف البحار كأنها رسالة/ المهمة 
التاريخية لهذه الاستمرارية؛ حيث تم سرد أحداث الثورة 
فى لعبة مسرحية (المسرح داخخل المسرح) لإبراز أبعاد 
الفشل وذریمته؛ الشعار/ الكذبة وتبرز التيمة الشانوية 
الأخرى؛ وهى المحاكمة: ولا شئ يحاكم إلا شعار الثورة 
وفهمه الآن وهناء أى خخارج إطاره التاريخى؛ بما هر 
شرط محَمَقَه من حيث هو وعى بمعطيات تلك اللحظة. 
أما الآن؛ فإن البؤر الثورية متعددة. وحسب النص الأصلى 
تتحدد فی جمایکا» هایتی.... بما یعنی صعوبة المهمة» 
إن لم نقل استحالتها» مالم یقع تمثل راهنية الظرف 
ومعطياته المثقلة بقيود البيروقراطية: المصعد بطئ الحركة» 
لمقابلة مع السيد المديرء البدلة» ربطة العنق... كأن من 
يوكل إليهم الأمير هم موظفو الشورة لا الطيقات 
لاجتماعية المعنية؛ الأمر الذى لا يعطى فى النهاية إلا 
لفشل والخيانة التى يتم تأكيدها ضمن النص الأصلى 
للمسرحية؛ الذى يمكننا من استنتاج مجموعة من 
الدلالات المؤشرة على صحته فى الواتع ؛ ما یعنی غناه 


وثراءه على الستوی الدلالى. 





۳۳ 








إذ تجد الغنى الدلالى لهذه الترسيمة متمثلا فی 
المرأة/ الغورة» المضاجعة/ الخيانة» البحارا الصيرورة» 
الرسالة/ المهمة» الموظف/ الطبقة/ الوظيفة/ الثورة. 


وهكذاء يمكننا قراءة المسرحية باعتمادها على المربع 
السيميائى لجريماس الذى طور من قبل آن أوبر سفيلد 
بالشکل احدد السابق» والذی یمکن آن نعطیه فى صيغة 
تعميمية ومناسبة للمسرح؛ وما المسرحية التى نحن 
بصددها إلا أنموذج لتمثل مثل هذه القراءة: 


البحار يس الرسالة يس الثورة يس أنطوان. 
Opposant m~ Objet me Sujet am Adjuvant‏ 


وضمن هذه القراءة المقترحة» تصبح المسرحية/ اللص 
الأصلى» بمثابة الأحكية الكبرى. 

أما الأحكية الصغرى» التى ننعتها هنا بحكاية الحكاية 
(الیتا مسرح) والتی جاءت ضمن النص على شكل 
المسرح داخل السرح» للتعبير عن طبيعة البناء السرحی 
وهيكلة نصه؛ أى من كون هذا النص حامل خطابه؛ 
حیث يرتكز فى ذلك على صیغتین مسرحیتین: الذراما 
بمفهومها الارسطی ؛ ثم اللحمة بمفهومها البریختی ؛ 
وهو ما وفق فیه اللف؛ اذ استطاع الزاوجة بین هاتین 
الصيغتين ليعطينا نصا مسرحيا مغايرا لما هو معروف» 
وبذلك يمكننا نعته بالنص المخالف» أو نص الاختلاف» 


ليس على مستوى الشكل فقط بل حتى على مستوى 


اا سس علاقة النص بالمرض المسرحى 


الضسمون» فی تساوله لشسورة والتعبیر عنها» من 
حيث هى طموح إنسانى مشروع يتجدد فى كل 
العصور. 

وورود الصيغتين المسرحيتين يتم كما يلى: 

الصيغة الدرامية الأرسطية تعمثل فى البدايةء ثم 
اللوحة/ المشهد المتعلق بالموظف الصغير أنطوان داخل 
المصعد بطئ الحركة. 

أما الصيغة الثانية الملحمية البريختية» فتنطرح فى 
مسرح الشورة؛ حیث یتم ابراز مسهمة دوبویسون 
وکالدريك وساسبورتاس لیتسنی له دمج الصیختین فی 
لحظة وعی؛ عندما یتوقف تنامی الحدث الدرامى» كأننا 

. هنا ننزاح بصيغة ثالشة فى السرح, وهو ما یتجلی لدی 

بيكيت بالخصوص» وبالتحدید فی مسرحية (فی انتظار 
جودو) . ولعل هذا التوقف یژشر بفشل الهمة الطالب 
بانازها دوبویسون/ ساسبوتاس/ كالدريك» ومن نم 
الاتحدار للمنحی اللحمی لتمثیل الحدث فی صورة 
ماض» ومن بعد زمانى کاف هو لحظة الوظف الصغیر 
آنطوان وزوجه» بما هی لحظة زمن الحکی الذی هو زمن 
السرحية باعتبارها کلا واحدا؛ إذ يتوافق هنا ولحظة 
الكاتب هاينزموللر فى «ألمانيا الشرقية٠»‏ ويمكننا توضيح 
هذا بالخطاطة أسفل الصفحة: 


الآن هنا 


2 


البحار | الرسالة 


جه 
له الذكريات 


أنسطوان 


الزرجة 


لحظة الكاتب 


هذا التوافق هو ما نراه فى الشخصيات الواردة بالنص 
المسرحى الأصلىء وهذا البروز الذى لا يتم بشكل 
اعتباطى فى نظرناء باعتبار هذره الشخصیات (علامات 
واصلة ۳۳0072 رذات مضمون) لا تستمد معناها 
إلا فى فعل الکلام» وهذا ما يجعلهاء كماسبقت 
الإشارة؛ أيقونات فى العرض؛ كما أن هذا المعنى هو ما 
نلمسه فى ثنايا النص» وحوار الشخصيات, التى هى 
ساسا شخصیات واصلة 8:۵۶ تدل علی حضور 
المؤلف فى النص» وإبدال حضوره هذا بالأشخاص 
الناطقين بلمانه. 
انم : توزیع الشخصيات المسرحية 

حسب بروزها فی النص والعرض 

إن تركيزنا على احور التوزيعى للشخصيات يأنى من 
الاعتبارات التالية : 
۲ 

أبعاد النزعة السيكولوجية فى التحليل؛ إذ يحسن 
النظر إلى الشخصية على أنها علاقة؛ ودمجها فى 
مجموع الرسالة اللغوية» مادامت ولغة الممثل فى 
السرح - لها تقريبا جميع إشارات اللغة الشعرية؛ زيادة 
على أنها إحدى مقومات الفعل الدرامى "٠...‏ . 





۳۳۵ 


ل سس سس سس سس 


۲-۲ 
إن مفهوم الشخصية بالحصر مفهوما أدبياء كما أن 
هذا الحصر لا يجعلها إنسانية أو مرتبطة بنظام علاماتى 

(إشارى) . 

۳-۲ 
الإفادة من بعض النماذج التطبيقية فى دراسة 
الشخصية؛ حيث تخحدد هذه التطبيقات ثلاثة نماذج 
كبرى من العلامات مطابقة لغلاثة نماذج من 

الشخصيات» وهى: 


۱-۳-۲ 

علامات إرجاعية ميل إلى راقع من العالم الخارجى: 
ما يجعل شخصيات النص يل إلى مرجعيتهاء وهی هنا 
مرجعية تاريخية: الثورة الفرنسية بفعل تأثير الواقع؛ ليس 
على القارئ الذى هو هنا قارئ فعلى» بل حتى على 
المؤلف نفسه. 
۲-۳-۲ 

علامات واصسلة» أی آنهبا علامات ذات 
مضمون, تأحذ معناها بالسبة الی فعل الکلام؛ وهذا 
ما أشرنا إليه فى الفقرة السابقة بحضور المؤلفء انطلاقا 
من لحظته التى هی الآن وهنا (ألمانيا الشرقية سنة 
۷ 


۳-۳-۲ 
علامات تكرارية 202۲100۹65 د6«عنه» وهی ما 
يتجلى فى السلسلة المحكية؛ ما یجعل لشخصیات النص 
وعرضه العتمد هنا وظيفة سابقة ولاحقة فی آن» بل إنها 
علاقة تبادلية حسب نوعية الحکی» وطريقة |مجاز العرض» 
كما سترى. ورغم أن تكرار الشخصيات بهذا الشكل 
یدل علی النظام الخاص بالسرحيتة؛ الذی نعتناه فی 


۳۳۹ 


دراستنا هذه ببناء التص وكيفية انبناء العرض» فإن هذا 
التحليل يهتم بكيفية التنظيم الداخلى للأنساق الدلالية 
لهما (النص والعرض)". كما أن لهذا الانتظام دورا 
مقويا لذاكرة القارئ / الخرج؛ بحيث لا بنفصل هنا 
المؤلف عن هذا الدور» وبذلك تقترب من الغاية المحددة 
لشكل الكتابة السرحبة والسینوغرافية» وهو ما یتوخاه 
الولف بقصد التنبو والاعتراف بفشل الثورة واستگناف 
مهامها» رغم هذا الفشل فى اللحظة الراهنة التى دللنا 
عليها بالآن وهنا. 


1 
ويمكننا أن نخلص إلى أن مسرحية (المهمة) تسعى 
إلى بناء مدلولها 56نمع51 بفعل: التكرار ؛ تكرار 
الشخصيات حسب ورودها فى النص رفى العرض ؛ ثم 
بفعل التراكم تراكم الأحداث: الرسالة» المهمة» التبشير 
بالشورة واستمرارهاء من خلال الثورة نفسها رغم فشلها 
آنذاك» ثم بفعل التحول تخول الشخصيات حسب 
وظائفها: أنطوان الموظف الصغير إلى أبطال «وشخصيات» 
الثورة؛ وبذلك يتم دمج الماضى بالحاضر أو اعتبار الماضى 
مستمرا فى الحاضر وفاعلا فيه من أجل المستقبل الذى 
يعبر عنه عنوان المسرحية (الملهمة؛؛ حیث یتقوی 
هذا التحول بفعل التعارض» وهذا ما لاحظناه فى 

مؤشرات مربع جريماس السيميائى. 


8۲ 
هذه الاعتبارات یمکن ملامستها من التوزیع التالی 
الذی نصوغه علی هذا الشکل الش رکیبی انطلاقا من: 
القضية» النقيضء القضية: وهى صياغة أحالنا 
إليها النص الأصلى للمسرحية» ما يجعل هذا النص أكثر 
انفتاحاء أو يجعله نصا مفتوحا حسب تعبير امبرتر 

إيكو: 





علاقة النص بالعرض المسرحى 


فى الأحكية الأولى يس البداية/ النهاية )1( Fable‏ 


الشخصيات البحار 
الريسية ۱ أنطوان 
الزوجة 


فى اللعبة / الأحكية الثانية )۲ ( Fable‏ 


مجموعة دوبويسون 
الأدوار كالوديك 
الأولى تیور لام 
مجموعة دانتون 
الأدوار / بروسبير ا 
الثانية 

فیکتور - دوسون 
دور 1 الأم - العاهرة - 
الثالثة الزنجی - ساسبورتاس 


أحكية الأحكية مسرح الثورة 
( مرح السرح 


مستوی التأويل 


فى الأحكية الثالثة سجس (۳) Fable‏ 


الدیر 


الشخصیات + الوظف الصفیر - آنطوان 
ا 


الرئيسية 


فى الأحكية الرابعة ‏ النهاية / البداية ) € ( Fable‏ 


مجموعة . دوبویسون 

الادوار كالوديك 

الارلى ساسبورتاس 
هی ۷ 


ول ما نلاحظه هو انفتاح النص علی نهایته منذ 
البداية أو البدء بالنهاية» وبذلك تأتى النهاية التى هى 
البداية. كأن المؤلف يشير إلى أن الشورة لم تبدأ إلا الآن 
وهناء وهو ما یتوخاه المرض السرحی (الهمة) ؛ حیث 
یکون احتیار الشکل هو اختيار القضية ی الضمون. 
جيا المقترحة فى هذه 
الكتابة السينوغرافية بما هى دراماتورجيا تتحقق بتحقق 
علاقة قاعة/ خشبة؛ أى أن المتلقى هو المعنى بالدرجة 
الأولى» والغورة موكولة على عاتقه؛ وهذا ما مخيلنا إليه 


ومن ثم» تتحدد نوعیته الد راماتور+ 


وحدات الاستقرار الدرامی للحدث؛ بما آن هذه الوحدات 
هی فصول المسرحية الموزعة إلى لوحات وحسب 
اللحظات التى استطاع المؤلف اختيارهاء وهذا ما تخيل 
إليه كذلك وجهة نظر الأحكية وإيقاعها الدرامى 9" . 
۲-۵-۲ 

ثانى ملاحظة نقف عليها هى انعراج ج النص الذى 
يبتدئ برسالة المهمة إلى مهمة الثورة ثم ثورة المهمة» أو 


عودة الوعى بضرورة إنجاز الثورة التى تبقى دعوة لا تعنى 
المتلقى وحده بقدر ما تعنى كذلك الكاتب نفسه. 


۳۳۷ 


ثالث ملاحظة؛ تداخل الحكاية الكبرى بالأحكيات 
الغلاث الصغرىء وهو ما نعتناه «باللعبة الأحكية» أو بما 
يمكن أن نسميه بالمسرح والقضية؛ أى الانتقال من لغة 
الحكى إلى لغة الوصف. ونحن نعلم أن ما يميز المسرح 
عن الأجناس الأدبية (الرواية» القصة» الشعر) هو غياب 
الوصف منهء الذى لا يأتى مجرداء كما أنه يخلو من 
التأمل والسرد الخاص؛ الأمر الذى يجعل المسرح غير 
معد للقراءة العادية الا فی حالات استثنائية ۲۲٩‏ » كما 
أن لغة الوصفء هناء لا تعنی الا السرح داخل السرح» 


و الیتا مسرح. 

ثالثا: العرض المسرحى للمهمة كما انجزته 
جمعية انوار سوس 

۱-۳ 


الإجاز المسرحى لسرحية (الهمة) «ذکریات عن 
الثورة؛ قامت به جمعية أنوار سوس بأغاديرء للمرة الأولى 
عام ٥‏ 4؛ حيث قدمت فی إطار الملتقى الخامس» ثم 
أعيد تفديمها بالملتقى السابع بأغادير؛ وذلك باللقاء 
السیرحی الوطتی الشالث بمکناس سنة ۰۱۹۸۷ وکل 
هذه العروض المقدمة للمسرحية تمت بإخراج عبد القادر 
اعبابو. 
ری 

أول ما نلاحظه على هذه العروض المسرحية الثلاثة 
هو اعتمادها على الأحكية الثانية والثالثة والرابعة؛ حسب 
ورودها بالتحليل المقدم فى الفقرة السابقة. 

وهكذاء نستنتج الاستغناء عن الأحكية الأولى: 
البداية» ما يجعل المتلقى غير مدرك للحظة العمل 
اللسرحى» بما تعنى هذه الأحكية راهنيته» كما رأينا. 
كما أن هذه الأحكية تعتمد مدخلا دراميا حسب النص 


YA 


المععمدء أى أن الإمجاز المسرحى اكتفى فى بدايته 
بالصيغة الملحمية؛ وبذلك أغفل الصيغة الدرامية 
بمفهومها الأرسطىء غير أن هذه الصيغة الملحمية تتحول 
إلى معطى درامى» ولعل هذا التحول يعود بالدرجة الأولى 
إلى غياب لحظة البدء الفعلية» بل تذويب كل الدلالات 
المسرحية وخلو باقى الأحكيات هناء التى لم تعد فى 
العرض محض مشاهد مسرحية ضمن سياق العرض» 
وبالعالى تغييب لحظات الكتابة وتنميقها ضمن 
دراماتورجبة جديدة» هى هنا التى أعطت درامية العرض 
فى سياقه الجديد» الأمر الذى يجعلنا نعتبرها أكثر حوارية 
من النص السابق أو من دراماتورجية المقترحة» وفى هذا 
الاشتغال نلاحظ أبعاد بلاغة النص وحضور بلاغة 
العرض المعتمدة أساسا على: 
- الاستعارة: التمثلة هنا فی خلفية الدیکور» التی تمثل 
هنا أجواء معمل: سلم» پیز ۳۲۹۸ 
المجاز بالنمجاورة: المصعد الذى يقوم مقام الراتب 
الإدارى؛ مكتب المدير معلا 599 , 


كما أن الاستبدال المجازى المعمق فى هذا العرض 
يرتبط بالمشاهد مادامت الشواهد لا تقوم مقام الأيقونة 
لأنها مجازية بالمجاورة؛ وهنا جدها ترد على أنها مجاررة 
مادية للأيقونة؛ حيث مجدها متمثلة فى الزى: ملابس 
العمال والفلاحين؛ القبعات الواقية من الشمس. 


وكل عملية المجاز هنا تأخذ بعدها المسرحىء ما 
يجعلنا أمام مجاز مسرحى؛ حيث يمكننا استبدال الكل 
بالجزءء وهذا ما يفسر لاذا تم إخمضاع النص الأصلى 
لعملية الانتقاء من طرف المخرج؛ وهذا أيضا ما أفسح 
لمجال لعملية الإخراج المسرحى بحيث تعتبر العلامة 
المسرحية مجازية الجزء من الكل: وجود الصينية» إبريق 
الشاىء مما يعنى هنا الواقع المغربى فى بعده القومى/ 
العربى. وهذا النزوع معمول به فى المسرح» وهو ما يميزه 
عن باقی الفنون الاخرى خاصة الآدب؛ حيث يصبح 





المسرح على شكل الدلالة الأكثر بدائية: أى التعريف 
بالمئال» وذلك بهدف الرجوع إلى موضوع ما وتعيينه 
وتعريفه؛ وهذا ما يعمل العرض المسرحى الذى نحن 
بصدده على إبرازه. 

كما أن هذا هو ما تجلى فى تلفظات الممثلين باعتبار 
لغة الممعل» تعمل كأيقونة كما سبقت الإشارة 99 , 


۴ 


طريقة الاشتغال هذه مجدها واضحة على مستوى 
الكتابة المسرحية ببيعدها النصى 072102153008 هآ 
والسسينؤغرافى 1160121159000 1؛ حيث تنحو هذه 
الطريقة منحى دراماتورجياء إلا أن الاشتغال الدراماتررجى 
هذا يفرض علينا النظر إلبه من زوايا أشمل تدمثل فى 
كونها دراماتورجيات (بالجمع) تختلف باختلاف رؤى 
ومنطلقات الدراماتورجيين فى هذا الميدان؛ إذ يصبح 
الدراماتورج هو رئيس فريق العمل المسرحى ضمن 
جمعية أنوار سوس» وبهذا يمكننا القول إن: 
۳ 1۳ 

عرض مسرحية (الهمة) اللجز من طرف جمعية 
آنوار سوس» حسب اللاحظات التی سقناهاء یندرج فی 
(طار دراماتورجیا اقتصاد الدلالة» وهذا ما تریده توجیهات 
عمل السرح الثالث وآوراقه. 


۲ 


الاقتصاد الدلالى المشتغل به وعلیه يريد أولاً تکثیف 
دواله وجعلها محملة يها حسب الان وهتا: الغرب» 
أغادير» جمعية أنوار سوس؛ بکل تعالقاتها الاجتماعیة/ 
الثقافية» الأمر الذى نكاد نلمسه فى الإخراج الجدلى 
الذى يرتكز مفهوماً على فعل التثليث: فعل اللغة 
الدرامية» فعل الحدثء فعل الشخصيات أى أنه انتقاء 
یتوخی ملسلة مشهدية, أی اعتبار العرض السرحی 


س علاقة النص بالعرض السرحی 


شبكة وحدات سينمائية» كما يذهب إلى ذلك يان 
موكاروفكى 8" . وهذا المصطلح «الاقتصاد الدلالى؛؛ 
الملاحظ فى هذا العرض المسرحىء هو ما نعتناه بالتفسير 
بالمثال الذى يعتمد شكل الدلالة الأكثر بدائية. ومن هناء 
نفهم اللوئين الأصفر والأسود المعتمدين فى العرض 
المسرحى. 


AY 


الاتتصاد الدلالى فى منظور الإخراج الجدلى فرض 
سكونية على المستوى الأيقونى للعرض؛ أى عدم إعطاء 
الأْهمية للممثل بل للوازم السرحية الأحری» وبالتالی 
آنسح انجال للمجاز با مجاورة. وهذا ما جعل العرض يبدو 
أكثر إغلاقاً من حیث انتاج العانی؛ یکرر ما بجده فى 
الدراماتورجية التی بقترحها علینا هاینزموللر. 
2 

رغم هذه الملاحظةء فإن طبيعة هذه القراءة تفرض 
علینا التعامل معه (العرض السرحی) بنوع من الدينامية؛ 
خاصة أن هذه الدينامية هى من طبيعة العرض المسرحى» 
أى عرضء باعتباره أساسا متيناً للتحليل. 
و 


کان منطلق التحلیل الشتفل علیه فی التص السرحی 
هو النموذج العاملى؛ وبالتحديد الشخصيات والأدوار» 
وهذا المنطلق نراه يتحكم فينا حتى فى سياق العرض 
السرحی النجز الذى سيتم بقوته التحولية ليس على 
مستوى الشخصيات مادامت مستشناة فى سكونية 
الممثلين» وعدم اعتمادها كأيقونات أثناء تلفظهاء ولكن 
فى علاماته المادية باعتبارها مجازا مجاوراء وهذه أهم 
سمة یتمیز بها العرض السرحی» وهو ما یعرفه البلاغیون 
بالتبوغرافياء أى تقديم الشبه على أساس استعارى محض 
بين التمثيل اللفظى والمشهد الموصوف*©؛ كما أن 
هذه السمة يحيلنا إليها مفهوم الإخراج الجدلى فى 


۳۳۹ 


سالم أكويندى 


أوراق المسرح الثالث أو الفقيزء المعدمد أساسا على 
البساطة والمباشرة» إضافة إلى كون النص المسرحى يدخل 
ضمن نظام الأنظمة المشكلة لكلية العرض المسرحى» 
حسب رأي أونکار زيلك «ع2 ع۲۳۰(۵:۲, لهذا: اعتمدنا 
على معطيات النص المسرحى الأصلى لقراءة العرض 
المقدم من قبل جمعية آنوار سوس؛ حيث ترمز إشارات 
العرض المسرحى إلى إشارات أخرى ليست بالضرورة هی 
ما يرمى إليه المؤلف» لكن ما يرمى إليه سياق العرض 
الذى هو هنا من نظم ارج مادام هو رئيس الفريق 
المسرحى بالمفهوم الدراماتورجى. وهكذا تجد: ربطة 
العنق» قضبان السجن» السلالم» إبريق الشاى والكؤوس» 
علاقات ترمى إلى علاقبات أحری (مضاعفات 
العلامات) ؛ ٍذ براد لها في منطوق الاعراج الجدلی 
التعبير عن أنية اللحظة وراهنيتهاء بینما هی علی الستوی 
الأيقونى مجميد الحركة وسكونيتهاء إلا أنها فى العرض» 
وأثناء ظهورها على الخشبة؛ تنجاوز كونها علامات 
واقعسية بما هى هنا والآن (المغرب»؛ لتأخذ مداها 
الدلالى؛ حيث تصبح ربطة العنق دلالة على الوظيفية 
الاجتماعية لأنطوان الذى رأينا آنه الوظف الصفیر» كما 
أن القضبان رمز للعلاقة البيروقراطية وتراتبية العمل 
المفروضة على الموظف الصغير الذى لا تنحصر مهمته 
فى الوظيفة (موظف الثورة» بل ثورة الموظف» كما أن 
القضبان دلالة أخمرى للمصعد المعطل؛ أى عدم 
الالسحاق, أو العلاقة البيروقراطية وتقليص المراتب» 
مادامت ثورة الموظف لم تستأئف مهمتها. | ' 
9۳ 


(ذن» اتعصاد الدلالة» والاماز: یئوخیان قول الشیه 
امحدد أى مفهوم الاقتصاد السيميائى كما نركز عليه فى 
هذه القراءة. ولهذاء بجد مفهوم الاقتصاد السيميائى 
صنوا لفهوم اقتصاد الدلالة» ما دام المرض السرحی 
الذی نحن بصدده برتبط بالمثل والدور السند الیه, ی 
قیامه بمجموعة من الأدوار (۳/. 


۳۳۰ 





وهذا الاسناد نعتمد فیه علی مفهوم المثل الذاتی/ 
الوضوعی الذی نحته یبری فالتروسکی؛ والذی من 
خلاله تتحرك جمیم حاملات العلامة السرحية البشرية 
وفیرها فی سیاق التمثیل... ۲۳۲۱ الذی هو سیاق العرض 
النجز. ومن هناء تتحرك العملية الدلالية بقوة (۴۳۳» وهذا 
ما نقصد باقتصاد الدلالة. وم خلال هذاء نفهم البعد 
الشانی للإشارات المسرحية الموظفة هنا؛ حيث ينساب 
باتجاهها العرض ويتوقف عندها قصد انحرج» خاصة آن 
الإشارات المسرحية - كما يوضح ذلك أوتكار زيك - 
تتضمن وظيفتين: وظيفة الوصف الفوتوغرافی للشخوص 
والمكان والفعل» ثم وظيفة الوصف أو المشاركة الدرامية. 
وحسب العرض المنجز» فإن الوظيفة الثانية هى التی 
تحضر مادام التركيز هنا اقتصر على اللغة العملية» كما 
أن الإحراج الجدلى المععمد فى إتجاز العرض يتم فيه 
التركيز على الفضاء الخيالى؛ وهو ما تسميه أوراق 
المسرح الشالث بالفضاء الغالث. كما رأيناء فإن هذا 
الفضاء يجمع ما بين الفضاء الدرامى من حيث هر 
فضاء غير حرکی» وهو مجال الخیال وعملية التخیل» ثم 
الفضاء السینوغرافی» وهو فضاء مرئی یمثل تأطیرا 
للفضاء الأول. ورغم هذاء فإن نظام اللغة المشار إليه 
بوحی بتعدد |شارانه, الا آن العرض - کما سبق القول - 
هو الذى أعطاها مميزات وخصائص معينة؛ هى ما نعتناه 
بالاقتصاد الدلالى؛ إذ أصبح المتكلم الممثل وتعدد الأدوار 
المسندة إليه تعبيرا عن المضمون فحسب» ومن ثم يكون 
المثل فی «الحرکات الاتفاقية التی یقوم بها وتجعله 
بتساق السلم الخیالی... وهذه العلامات التی بژدیها 
تبلغ التفرج من طبيعة الواضیع الخبالية» ۳۹ . 

وبه ذا التزاوج فى فضائى الدراما والسينوغرافية . 
اللاحظين فى العرض» نستطيع التمييز بين نمطين 
للمادة المسرحية المقدمة: 


علاقة النص بالعرض المسرحى 





ول + 


- الشمط الذى تم إنتاجه فى المسرح يم نص العرض. والمؤكد أن هذا النوجه الإخراجى للعرض يقترح 
- النمط الذى تم تأليفه من أجل المسرح ج النص i OE‏ 
الکتوب(۲۳۹. المسرح مثل كير لیلام ۳3 


الهوامش : 
(۷) . هاینز موللره مسرحية ذکریات عن ثورة ترجمة صالح کاظم» مجلة «الکرمل» غدد ۸ سنة ۱۹۸۲ من الصفحة 177 إلى ص ۰۱6۷ 
(۷) . عرض مسرحية المهمة المأخوذة عن مسرحية ذكربات عن لورةء من إتجاز جمعبة أنوار سوس بأغادير» من إخراج عبدالقادر عبابو. 

۰۱۹۷۷ ربشارموند. نصوص السرح ص: ۱۸۹ - باریس‎  )۳( 

(4) . نقترح هذه الافتراضات فى غياب استقصاء ميدانى يعتمد الاستبيان لمعرفة ردود فعل الجمهورء كما نقتضى ذلك نظرية التلفى لدى مدرمة كرنستانس » خحاصة تمرة إيزر. 
(5) أندرى هيلبرء الوحى الإلهى للكومهديا؛ ترجمة حسن المنيعى. جريدة «أنوال المغربية» . 

27 قاموس المسرح., باتريس بافيس المطبعة الاجتماعية» باريس 198. ص ۰۱۳۵ 

(۷) مداخلة المقدمة تحت عنران جمالية التواصل للمسرح الثالث ياسم اغختبر الفنى للمسرح الثالث» سعد الله عبدانجید» المسكينى الصغير. 
(4) عن أندرى هيلبر؛ ترجمة حمن الیعی؛ مرجع سابق. 

(4) . هاینز موللر- جريدة «الشرق الأوسط). 

(۱۰) محمد مفتاحء استرائيجية المحطاب الشعرى. 

)041 موت دانتون» «مجلة المسرح المصرية) ‏ 

(۱۲) رومان رولان؛ روييسبيرء سلسلة المسرح العالمى» عدد ۸١‏ سنة» ١۱۹۷ء‏ ترجمة عبدا سيح ستیتی. 

(۱۳) بیترلایس» ماراصاد ترجمة یسری خميسء سلسلة المسرح العالمى المصرهة. 

(۱8) كير إيلام ؛ سيمياء المسرح ؛ ترجمة رئيف كريم: مجلة «كتابات معاصرفه عدد ٩‏ سنة 1541 ص ۰۲۰ 

(۱۵) نهاد صلیحةء مسرح التعازی مجلة «السرح» العدد ۵ متة ۰۱۹۸۸ ص ۳۷. 

۲ بيثر بوجاتيرف » السيمياء فى المسرح الشعبي: ترجمة مجلة «الآداب الأجتبية؛, عدد 48 السنة 211 سنة ۰۱۹۸۵ 

(۷ مجلة «الکرمل» - مرجم مابق؛ می ۰۱۹۰ 

۱۸0 مجلة دالکرمل» - مرجم سابق» ص ۰۱۳۷ 

( مجلة «الکرمل؛ مرجع سابق» ص ۰۱4۱ 

۲۰ الإشارة هنا إلى التبؤ بالتحول الذى وقع فى ألمانيا الشرقبةء حيث كتبت هذه الدرامة سنة 14417 للمرة الأولى وأعيدت كتابتها خلال شهر مارس ۰۱۹۹۲ 
(۲۱) السیمهاء فی السرح الشعی؛ مرجم سابق. 

(۲) في السرح ومکانته الاجتماعية» مجلة «الفکر المربی» عدد ۰۱6 منة ۰۱۹۸۰ 

(۲۳) ريشارموندء نصوص السرح» ص ۰۲۳ 

(۲۸)_ ولیم رای؛ العنی الأدبی» ترجمة بوئیل بوسف عزیز » دار الأمون» العراق سنة ۱۹۸۷ . 

(1) كير إيلام؛ سهمهاء المسرحء مرجع سابق» ص 7١‏ . 

(0 الرجم السابق. 

(۷) الرجع نقسه. 

(۲۸) الرجع نفسه. 

(4) الرجم نفسه. 

(۳۰) سيمياء المسرح الشعبى ؛ مرجم سایق . 


۳۳۱ 


سالم أكويندى 


(TY) 
(FY 
(rr) 
(TE) 
(Fo) 
(TY 





کیر لبلام؛ سيمياء المسرح» مرجع ساب ص ۲٢‏ . 
المرجع السابق. 
ا مرجع نفسه. 
ا مرجع نفسه. 
المرجع نفسه, 
الرجع نفسه. 


الراجع 


-Les textes de théitre - Richard Monod. CEDIC. Paris :1977. 
= Lire le thédtre, Anne Ubersfeld . Editions sociales . 4 me edition Méssidor 1 
- Dictionnaire du théûtre, Patrice Pavis Editions Sociales - Paris: 1980, 


= Dictionnaire raisonné de la théorie du Langage. Greimas en call, avec, Courtès. Paris: Hachette 1979. 


قصول 


مجسسطة الششسد الأ ل 





فى العدد القادم : 





أصول التجريب فى المسرح المعاصر .............. هذاء عبدالفتاح 
- التجريب والشكل الشعائرى المقدس 
- مدخل إلى دراسة التجريب Ra‏ 


ا ا سب جاجح تسحح 





1 ا قلات ا تاجتا ااا ااا اتا !111 





التناولات النسائية 
لنسياسة والمسسرح” 





xX 
جیل دولان‎ 


جنب ل 


مشلما حققت الساء الکثیر فی مجالات الحياة 
الاجتماعية والسياسية» حققن الکثیر آیضا فی مجال 
السرح فی الولایات التحدة خلال العقدین الاضبین» 
ومازال ينتظرهن المزيد . وعندما ننظر إلى السبعينيات الآن» 
بعين التسعينيات؛ مجدها فترة ولد فيهاء وانتشر» المسرح 
الذى يموجه إلى المرأة - وبالشتحديد المسرح «النسنائي» . 
ووفقا للحركة السياسية التى خرج منها هذا المسرح» 
تكونت جماعات مسرح المرأة - بتقنيانها الراديكالية 
ومبادئها الأساسية - رتنظمت فى كبرى الراكز الحضرية 
حول الریف؛ حيث تعددت هذه الجماعات واكتسبت صفة 
امحلية بما أن مسرحها كان يتوجه مباشرة إلى مؤسسيه. 
dyiallGreaham ۳۵۱۹۵۲5, Ni Jark: St. Maria’ S Press‏ الأصلى 


1992. Persanat, Political, Polemical: Feminist ۸۵0۲020۲ للمقال‎ 
es lo Politics and Theatre 


** ترجمة واعداد ور أمين معيدة ومترجمة بمركز اللفات 


والترجمة با كاديمية الفنون. 


ریما نتذ کر اللمانینیات ان بوصفها عقدا تخلخلت 
فيه» ونشلت؛ أعمال السرح الجماعی الرادیکالی الذی 
كان ينتمى إلى فترة السبعینیات» کما بدأت فيه النساء 
ذوات الطموح فى العمل فى السرح الرسمى على 
مستوى الاحتراف» وفى الوصول إلى أهدافهن. وأثبتت 
الكتابات النسائية جدواها بحصول ثلاث كاتبات على 
جائزة «بوليترز» فى الدراما خلال الثماتينيات؛ وهن: بث 
هدلى Beth Henley‏ سرحیتها جرائم الل Crimes of‏ 
The Heart‏ عام ۱ ومارشا نورمان Marsha Nor-‏ 
0 لسرحیتها (اللیل» الام (Night, Mother‏ عام 
۳ و وندی واسيرشتاين Wendy Wasserstein‏ 
لمسرحيتها (مذكرات ulaدJ (The Heidi Chronicles‏ 
عام ۱۹۸۹ وبعد سنوات عدة من تجاهل الكتابات 
النسائية, آحذت لجنة مطیم جائزة بولیترز تلحظ آخیرا 
هذه الواهب «الجدید:» » وسعها لجنة جوائز تونی التی 
كرمت وندى واسيرشتاين بمنح مسرحيتها جائزة أفضل 


rrr 


جسيل دولان 


مسرحية عام ۱۹۸۹ء للمرة الأرلى فى تاريخ جوائز 
التأليف المسرحى. 

مع لك ؛ پستتر خلف جاح الكتابات النسائية فى 
المسرح الرسمى» عدد من القضايا السياسية التى ماتلبث 
أن تدين المجال النسائی والسرحی؛ فمعظم المسرحيات 
وكشيرة التعرض للإخراج المسرحىء يميل إلى الاجا 
مسرحية بث هنلی ۲۱۵0۱6 Beth‏ (جرائم القلب) 
)rimes of the Heart‏ بمشابة کسوميديا عن عائلة من 
الجنوب تتغلب فيها الشقيقات الثلاث على نزعاتهن 
الفردية للحفاظ على الرباط الأسرى بينهن. فى هذا 
السياق؛ لاتوجد إلا إشارات قليلة إلى الوضع السياسى 
العام» أو إلى وضع النساء خخارج الطبقة الشوسطة. ما 
مسرحية مارشانورمان Marsha N0٩‏ (الليلء الأم 
Mother‏ ,اNigh)‏ فقد اثارت خلافا واسعا فى الرأى فى 
الصحافة النسائية حول اخختيار البطلةالمسبق للانتحاره 
وأسلوب حياتها اليائس والمنعزل عن المجتمع. وتعتبر 
أحدث المسرحيات الفائزة» وهى مسرحية وندى 
واسيرشتاين Wendy Wasserstein‏ (مذ کرات هایدى” 

)he Heidi Chronicles‏ بمثابة نقد للحركة النسائية 
من خلال شخصية تدعى الواقعية؛ فى حين تستغل هذه 
الصورة لتأمين حريتها الشخصية ذات الطابع الإنسانى. 
وهكذاء تنطوى إشارة المسرحية إلى الحركة النسائية فى 
السبعينيات على أنها انتهت ولم يعد لإمجازاتها وجود. 


بينما تستعرض مسرحية وندى واسيرشتاين الجماهيرية 
فكرة موت النسوية؛ على أحد مسارح برودواى المترفة» 
يحدث شوم آحر مختلف نماما فی الشوارع اجاورة. 
فعلى الرغم من أن المسرح النسائى البديل ظل هزيلاء 
باستشناء بعض الفرق المسرحية المؤسسة منذ زمن طويل» 
فإن الحركات النسائية الليبرالية والراديكالية فى الولايات 
المتحدة كانت آخذة فى اكتساب وضع نضالى ماء 


E 





عضده مبدئيا الهجوم على حقوق المرأة فى الإتجاب» إلى 
جانب سياستى» ريجان وبوش الرجعيتين. 

ومع بداية التسعينيات» بدا الناخ السياسى السائد فى 
الولايات المتحدة؛ خخاصة فى الخارج فى أوروبا الشرقية؛ 
کما لو کان ملائما لاحیاء فورة الستینیات» فمع خروج 
مظاهرات الدفاع عن حق الاجهاض رحماية مرضی 
الایدز ی شوارع الولایات التحدة» یتساءل الرء عما إذا 
کان السرح النسائی - آیضا - سوف یصبح مرة أخری 
ساحة لللضال السیاسی. 


التأريخ للنسوية والمسرح 

علينا أن نعود إلى أواخر الستینیات وبداية السبعینیات؛ 
حيث ظهرت الموجة الثانية من الحركة النسائية على إثر 
حركة الحقوق المدنية ونكوين صوت قوى وحيوى لليسار 
الجدید» حتی نستوعب إمكان مجديد الراديكالية المسرحية 
فى التسعينيات. فمنذ نهاية الستينيات؛ والمناضلون ' 


یحاولون مراجعة العلاقات الشخصية داخل المجتمع ونسق 


القيم الثقافية وفقا لإيديولوجيا أكثر عدلا. 

لكن» فى سیاق دفاع الیسسار عن التسحسریر 
العنصری والاتحصادی» وعن !عادة النظر فی الفیم 
الثقافية» ظلت السياسة الخاصة بالعلاقة بین الجنسین 
محافظة . 


بدأ المسرح النسائى بوصفه إحدى تظاهرات الثقافة 
النسائية: فعلى مسرح It's a bright to be a woman‏ ى 
نيويورك - وهو من أوائل الفرق المسرحية - ظهرت حركة 
من الوعى السياسى تؤازر ضرورة طرح الحياة الشخصية 
للمرأة للنقاش. وقد استخدمت هذه الفرقة تقنيات المسرح 
السياسى ومسرح الشارع ومسرح الخوارء وهى تقنيات 
مستعارة من السرح التجريبى ذى التوجه الشرقى الذى 
تضاعف وجوده فى الولايات المتحدة فى أراخر الستينيات 
وبدإية السبعينيات. 


ااا ___  __‏ سس التناولات التسائية للسياسة وللسرح 


وقد كان ظهور المسرح الحى؛ والمسرح المفتوح» 
ومجموعة العرض - مثلا ‏ بمثابة قطيعة مع الأسلوب 
النفسى الواقعى الذى كان يسيطر على المسارح المحترفة 
فى الولایات التحدة. وشکلت هذه الجماعات المسرحية 
التجريبية تکتلات ارت على التقسیم السیاسی الطبقی : 
اللف/ المثل/ الخرج» وعلی الفصل بین التفرجین 
والمؤدين المقيدين بإطار خحشبة اسح الخارجى (Prosce-‏ 
arch)‏ مستد كذلككء أدى ١‏ 
جررتوفسكى الفقير إلى جانب «مسرح القسوة؛ لآرنو 
رفكرة «التعذيب! لبريشت» إلى تغيير جماليات المسرح 
التجريبى فى الولايات المنحدة تغييرا جذريا؛ فلم يعد 
النص مقدساء بل أصبحت الطقوس والأحداث التلقائية 
أساسا أوليا للعمل المسرحىء وأخذت القضايا الاجتماعية 
والسياسة تغذى العروض المسرحية وأشكالها الفنية. 


ومع أن أعمال المسرح التجريى فى هذه الفترة كانت 
تتعرض لقضايا حيوية تتعلق بالحياة المدنية وتعترض على 
حرب فییتنام» فإنها لم تسد للمرأة أية خدمات لم يقدمها 
اليسار من قبل بشکل عام. من هناء ترکت بعض النساء 
- مثل ميجان تيرى ودوبرتا سكلار- العمل فى المسارح 
التى كن يستترن فيها وراء الغرج أو السؤول الرجل؛ 
ليؤسسن فرقا مسرحية نسائية خاصة بهن. وهكذاء 
جددت جماعات المسرح التجريبى النسائى فى الشكل 
السرحی من خلال نظریات السرح الطفسی؛ کما 
عدلت فى الفكرة المؤسسة للنوع المسرحىء» القائمة على 
الفصل بين الجمهور والممثلين؛ وذلك بالجمع بينهم 
فی حلبة واحدة یتحرکون فیها معا 
من ناحية أخرى» أخحذت الحركة النسائية تتقدم إلى 
0 التى جعلت الجميع ينصاع إلى مطالبها حول 
ضع المرأة السيامى والاقتصادى فى الطبقة المتوسطة» 
علي الرغم من عدم الالسفات إلى وضع المرأة السوداء 
والأقليات العرقية الأخرى. 


استيراد تقنيات مسرخ 


فى اللمانینیات» بدأ السرح الرسمى يمنح جوائزه 
الرئيسية للنساءء نتينجة لضغوط الحركة النسائية الليبرالية. 
ومع ذلك؛ بدأت الممارسات المسرحية النسائية تتراجع» 
فى حين شهد هذا العقد بداية النقد النسائى الملتزم 
ونظريته التى أصبحت شيعا حيويا جدا للعمل النضالى 
والفكرى فى دائرة المسرح ودراسته الأكاديمية. 


السوية الادية والنظرية النقدية الجديدة 

بدا لنقد السرحی اللسائی فی الشمانینیات التعلیق 
على المسرح النسائی ومسرح النساء, فی محاولة لتمییز 
بين وجهات النظر الإيديولوجية فى الأعمال التی تکتبها 
النساء. وبناء على خصوصية ة كتابات المرأة فى بقية 
المجالات أيضاء بدأ نقاد المسرح ومنظروه يسحثون عن 
الاختلافات التى تحملها على مستويات الشكل 
والضمون والسیاق, إذا كانت تنتمى إلى الالجاه النسائى . 
اللیبرالی أو الراديكالى أو المادى. 

ويذهب اهتمام النظرية النقدية النسائية المادية إلى 


أبعد من فنون العرض؛ فهى تأخذ فى اعتبارها الجهاز 


الفكرى الذى يبدع هذه الصور للجمهور وعلاقته ببنية 
الثقافة النابع منها وتقسيم السلطة فيها. أما مسائل خشبة 
السرح والاضاءة والدیکور والشمشیل والح رکة؛ وكل 
أشكال العرض المادية» فتأتى فى مرحلة تالية للإبداع 
الفکری» لتحدد شکله الفنی ومعناه النهائى. كما تؤكد 
هذه النظرية آهمية اعتبار التفرج بوصفه مشارکا فعلیا 
فی العرض السرحی وفی تکوین معناه. 

وفقا لنظرية العرض المسرحى النسائية المادية؛ يعتبر 
وضع المرأة على خشبة المسرح فعلا سياسيا بلا جدال. 
فوجود امرأة داخل إطار خشبة المسرح فى حين ينظر ٠‏ 
(لیها الشاهدون» یحقق موقفا لیدیولوچیا له معنى فى 
علاقة الشاهد بالشاهد - بکسر الهاء ثم بفتحها-؛ 
خاصة إذا کان جنسه مونثاء ما یحمل آیضا مضمونا 
سياسيا. وتقترح هذه النظرية إعادة النظر فى «بويطيقا؛ 


۳۳۰ 


جيل دولان 


العرض المسرحى من خلال القیام بمراجعة جذرية 
للشكل والمضمون؛ ومحاولة التعبير بشكل كامل عن 
الذوات النسائية المتنوعة عبر الأجتاس والأعراق والطبقات 
الاجتماعية. وربما نصل بهذا إلى بويطيقا جديدة لا 
تختمل الفصل بین الشكل والمضمونء وترى فى فكرة 
محاكاة الواقع ‏ أو اعتبار المسرح مرأة له وسيلة 
لتعضيد هذا الواقع بنقله إلى ا مسرح وبمحاولة فرض 
الامخاد مع الشخوص السرحية علی الجمهوره بل تری 
أن هذا الممهوم للمسرح إنما يساعد على حجب 
الأسباب الإيديولوجية لهذا الواقع؛ ومعها كل تصور اخر 
مخالف للواقع الاجتماعى. 


رتعتمد النظرية السرحية النسائية الادية والنقد اللتمی 
لها علی آراء ونظریات فرنسية متنوعة» متعلقة بالتحلیل 
النفسى» مثل آراء ونظریات هیلین سیکسو -*) 1101606 
5ناه وجوليا كريستيفًا 108510673 2اناز ولوس إيريجاراى 
دموا ععسا» وکذلك تعتمد علی استراتیچیات دیریدا 
التفكيكية؛ وعّليل میشیل ف وکو ۴0۵601 ۸/6۲۵۱ 
للسلطة والجنس؛ وعلی مراجعات جاك لاکان 1269065 
8 للتحلیل النفسی» ونظریات مابعد البنيوية. 

من هناء نری كيف أن تنوع مصادر هذه النظرية 
وتعددها يمكن أن يكون قد أبعدها جدا عن الشجربة 
النسائية الشخصية التى كان من المفترض أن تتميز بها 
هذه النظرية النسائية التى» لذلك» أصبحت محل نقد من 
الشروع الفكرية النسائية الأخرى» ومحل سخرية فى 
الثقافة الشعبية؛ ما أضعف من فعاليتها. 

حاولت فرق المسرح الرسمى من ناحيتها أن 
تستوعب التيار الفكرى النسائى» وتضمنه فى عروضها 
التى تنتمى إلى سياق ثقافى - أو إلى مؤسسات- 
محافظ. ومع ذلكء ظل التيار النسائى - أو النسوية - 
يحمل داخله مقاومة للثقافة السائدة المهيمنة تظهر فى 
أشكال من المسرح النسائى البديل ونظريته؛ حيث جد 


Y7 


حسا من الفضب والشمرد علی السلطة والشقافة السائدة 
متزجا بطابع نضالی. 


وختاما» وحتی نوضح هذه النظرية وأفکارها اکثر 
سوف نسوق مثالین لسرحیتین نسائیتین» الاولی هی 
مسرحية : ( مذ كرات هlيدJ ja (The Heidi Chronicles‏ 
تألیف وندی واسیرشتاین 17ع/۷۷/۵5۵0۳۵ ۷/۳۵ والثانية 
(عرض ثعبان وينتو الزيتى من مديئة ويجوام) Winetou’s‏ 
ja «snake oil show from wigwam city‏ تأليف وإخراج 
«مسرح المرأة العنکبوت ۲12۲۴۲ w0۳0‏ ۲لم . تعتبر 
المسرحية الأولى من المسرحيات الرسمية لما بعد النسوية» 
التى تشوه التاريخ السياسى للنسوية فى الولايات المتحدة 
من منتصف الستينيات وحتى أواخر الشمانینیات؛ فهی 
تقلل من شأن المكاسب النسائية الحيوية» وتقمع الغضب 
النسوى» بل تعضامن مع توقع الثقافة السائدة نهاية 
«النسوية؛. ويساعد الشكل الواقعى التقليدى للمسرحية 
على تأكيد إيديولوجيتها المحافظة. أما المسرحية الثانية؛ 
فتستخدم - على عكس الأولى ‏ التقنيات البريختية 
والطقسية للخروج من حيز الواقعية الإيديولرجى 
والشکلی الضیق. وتعبر عن الغضب العنصرى جاه 
محاولة تخویر القافة الا ميريكية الهندية لتلائم السياسة 
المهيمنة» كما تعبر عن إمكانات الذوات النسائية وقدراتها 
الكامنة. 


وفقا لنظرية النقد السرحی النسائی» تظهر «مذ کرات 
هایدی» بوصفها نموذجا للغضب الذی ضل طریقه؛ 
حيث يقمع النص الأدبى الواقعى الغضب النسوی 
ولایترك منه الا فورات متقطعة تهاجم تاریخ الح رکة 
النسائية. إن هذه المسرحية تستخدم النسوية على مستوى 
الضمون فقط » کما تقمع فى طريقها أيضا الاختلاف 
الطبقى والعرقی» وتفدم لی الشفرج الأبيض الوصف 
الذی بریده لفترة آواخر اللمانینیات. هکذا تفشل الکانبة 
فى الوصول إلى جذور القهر فى المجتمع؛ ولاتدرك إلا 
فعل الرأة الظامری فی مقیق كل أحلامها كلها. 





أما مسرحية فرقة (المرأة العسكبوت؛» فلا تتوانى فى 
التمرد على تهمیش انجتمغ للمرأة وعلى إجبارها على 
التكيف معه. فى هذا الإطار» تستخدم المسرحية الكوميديا 
لعسخر من تقاليد الثقافة السائدة؛ ولكى تتحدی 
المنفرجين البیض - فالفرقة من النساء السود - وتجعلهم 
يتأملون مسؤوليتهم مجاه الأوضاع التى تعرضها المسرحية. 
وتخاطر الرأة العنكبوت بجمهورها الليبرالى فى مقابل 
تقديم رسالة تؤمن بها وتؤسس عليها مسرحها النسائى 
البديل؛ فهى ترفض الانتماء للمسمى نفسه الذى يضم 
کتابات بقية النساء» مثل وندى واسيرشتاين؛ ألارهو 


التناولات النسائية للسياسة والمسرح 


(مسرح النساء»» كما تفز متفرجيها نحو تأمل 
لاوضاع السياسية وتغییرها. 

هكذا یخضح لنا موقف (مذکرات هایدی) التی 
تدعى انتماءها للمسرح النسائى فى حين تختلف عنه 
فى حقيقتهاء بما أنها تسهم فی نفاق التفرجین 
رثقافتهم الحافظة . 

ربما - إذن ‏ تمثل أعمال فرقة «المرأة العنكبوت» 
السوداء مستقبل المسرح النسائى فى التسعينيات: عندما 
يتمرد على (مذکرات هایدی) ؛ ویحل كل تناقضاتهء 
على أمل تحقيق طموحاته لمستقبل المرأة ومسرحها 
السائی. 





۳۳۷ 


ااانا سالا سق لا اه سس 





جون أور 


و دراجان كليك 


ااانا ااا ا ةا ااا اناالا ااا ااه انا لاا اللا 


تقديم : 

يكاد يكون من المستحيل أن نعرّف الإرهاب تعريفاً 
دقيقاً. ولكنه» بعبارات عامة؛ نوع من العمل العنيف 
الذى يقصد به إحداث تأثير عام موجه عادة ضد أفراد أر 
مؤسسات الدولة. ويمكن أن يوجه الإرهاب أيضا ضد 
شرائح عشوائية من السکان» وهو يهدف فى الأغلب 
الأعم ليس إلى إيذاء ضحاياه الرئيسيين فحسب» بل كل 
أولكك الذين يناصرونهم. فعندما يكون هدف الإرهاب 
هو رجال السلطة» فإنه يعمل على تهديد بناء السلطة 
باکمله. سا عندسا یکون هدف الارهاب هو آنباع 
السلطة» فانه یممل علی تهدید من كان على شاكلتهم 
أيضا. وأيا كان القناع الذى يتستر وراءه الإرهاب» فإنه 
يوجد لتنهجيع مؤيديه وتثبيط همم أعدائه» من خلال 
خلق مناخ من الخوف؛ يصيب الناس بالعجز عن 


ما ا بات تت 
« فصل من کتاب بالعنوان نفسه» ترجمة أمين حسين الرباط» 
كاديمية الفنون بالقاهرة. 


۳۳۸ 


التصرف ويعطى للإرهابى فى الوقت ذاته قسدرة على 
التستر. بيد أن هذا الأمر غالبا ما ينجح فى المدى القصير 
فقطء إذ إن الإرهابيين بمکن عزلهم عن المجتمع» 
ریمکن خیانتهم وکشفهم؛ ويمكن كذلك مجاهلهم من 
قبل من يطمحون فى كسب تأبيدهم. ومن الممكن أيضا 
آن یقعوا ضحية لارهاب الدولة - بدورهم - حيث لخشد 
الدولة لهم الکثیر من الامکانات» وتطور طرق الراقبة 
والعقاب والانتقام. وربما توجه العملیات الارهايية ضد 
أعداء يتم اخختيارهم داخل جهاز الحكومة؛ أو ضد أوئك 
الذين يعتبرون مذنبين بحكم اقترانهم وتعاونهم مع من 
يعتبره الإرهابيون عدوا لهم. فالبراءة فى نظر معظم 
الإرهابيين مسأله نسبية» وتعريف التعاون والتواطؤ عندهم 
واسع مطاط» فعلی سبیل المكال من يقل من المارة» أو 
یصاب بالتشوه فى انفجارات الارهاب؛ فذلك لأنه 
- حسب منطق الارهاییین - لم بخذ الاحتیاطات 
الضرورية, و لأنه تواجد فی الکان غیر الناسب فی 


الوقت غیر الناسب. 


سس مي سد الإرهاب والمسسرح الحديث 


على هذا النحوء فإن تعريف الإرهاب ليس بالأمر 
لين وليست هناك مناقشة للإرهاب تخلر من 
القيمة: فقد يعتبر المقائل من أجل الحرية؛ فى دولة ماء 
إرهابياً فى دولة أحرى. ولكن ثمة مساحة شيقة من 
الاتفاق؛ اذ یلاحظ کثیر من العلقین الطبيعة السرحية 
للإرهاب فى العالم المعاصر؛ فهو يتضمن نوعاً من 
الاخراج السرحی انخطط للاحداث التی مخول الجماهیر 
الغافلة إلى متفرجين رغم إرادتهم؛ وإلى رهائن للمشهد 
الدامی» وذلك من حلال الاستخدام التنوع للمتفجرات؛ 
واخحتطاف الطاثرات والبشر» وعملیات الاغتیال. ویجری 
الدفاع دائما عن مثل هذه الأحداث فی ضوء آهداف 
سياسية واد نظام الدولة أو الحكومة أو تغيير 
سياسة بعينها. وفى الوقت ذاته» يتمثل هدف الا إرهابيين 
الباشر في تصش على الاعتداءات الغاشمة نی 
۱ لاتستطیع الجماهیر - #التفرجود؟ _ تجاهلها أو غض 
الطرف عنهاء والتى لابد أن يتجاوب معها أعداء الإرهابى 
الباشرون من ره 
انحاصرة بالارهاب. لیس من قبیل الصادفة آن الارهاب 
قد أصبح ظاهرة عالية فی خلال الأعوام العشرین 
الماضية؛ بل صبح جزءاً ایتجزاً من عصر الإلكترونبات 
السمعية والبصرية؛ الذى أصبحت فيه المعلومات ممكنة 
رمتاحة على مستوى العالم؛ حيث تنقل وتعرض فوراً 
وفى وقت واحد فى يلدان مختلفة من شتى أنحاء العالم. 
وقد لاحظ المسزح» باهتمام» هذا الحدث المسرحى 
علی ساحة العالم؛ فصنع - بدوره - من مشهد الإرهاب 
موضوعاً محورياً فى الدراما الحديثة المعاصرة. وكانت 
تلك هی نقطة البداية لهذا «انجلد الضخم» . تم تمثیل 
أعمال العنف على المسرح ضد الممتلكات وضد 
الأشخاص لأنواع مختلفة من المتفرجين فى وقت واحد» 
أحيانا بقصد التخویف, وأحیانا آحری بهدف السهدید» 
ولكن عادة بهدف استفزاز عدو الدولة ودفعه إلى الخوف 
المضاد غير الشعبى وغير احبوب. ويبقى دائما أن نؤكد 


جال السلطة والمناصب العليا فى الدولة . 


آن العمل الارهابی لایمکن مجاهله من قبل السرح» بل 
إن مثل هذه الاعتداءات الغاشمة تصبح لاشئع؛ ضرباً من 
ضروب العدم؛ دون تأثيرها المسرحى. إن الاعداءات 
الإرهابية تعد بمثابة مزج بين شيئين متناقضين: المشهد 
والسرّية . فالإرهابيون يبتغون لأعمالهم أثرأ مدوياً متفجرأء 
علی الستوی انجازی والحرفی؛ ولكنهم فى الوقت نفسه 
يريدون لذواتهم أن تظل فى منأى عن الوصول إليهاء 
كما أنهم يريدون لأساليبهم أن تظل من الصعب التنبؤ 
بها. يجب ألا يعرف أحد ین سيوجهون ضربتهم التالية. 
فهم بتربصون ویکمنون فی الزوایا على أمل أن يضعهم 
لتوقیت والدقة اللتان یتمتعان بهما فی قلب السرح. 


وإذا واصلنا هذه الاستمارة؛ جد أن الا رهاب 


ایستخدم مسرحاً متحرکا» مثلوه م غالباً غير منظورين» 


لايمكن رؤيتهم. أما أعداء الإرهاب من رجال الدولة» 
فإنهم يردون إما بكبح الحدث على أنه واقعة عامة ويردوث 
بإرهاب مضاد؛ أو بإعطاء صورة رسمية للأحداث» 
وتخويل الجانب المسرحى بالغ الخطر فيها إلى مجرد 
مشهد سیاسی نحت السيطرة؛ وذلك عندما يواجهون 
بطوفان من العلومات العامة. 

وعلى هذا النجوء فان سلطات الدولة ورسائل 
الاعلام تسعی جاهدة إلى إدارة مشهد الإرهاب مسرحیا» 
وتجعل من العمل الإرهابى مصدراً للغضب الأخلاقى 
واسم الاتسشاره وتغرق الصحافة ورسائل الاعلام 
الالکترونية «یمیلودراما؛ - مسرحية مبالغ فیها- من 
العاناة والاستنکار» تستهدف ويل سلاح الدعاية إلى 
نحر الارهابیین؛ وتقدیم تفاصيل مستفيضة؛ بطريقة 
مسرحية» عن محاکمات الشتبه فیهم» المقبوض علیهم» 
ومن ثم تقدمهم لی انجتمع فی صورة وحوش. ترتيباً 
على ما تقدمء فإنه يبدو أمراً طبيعياً أن تعنى الدراما 
بالإرهاب» ولاسيما ذلك النوع من الإرهاب المسرحى» 
وأن تعنى كذلك بالاستجابات المضادة التى تتراوج ما 
بین الارهاب الضاد والادارة السرحية للمشاهد السياسية. 


۳۳۹ 


جون آور و دراجان كليك - 


والارهاب» فی هذا القام» یعنی آمسرین: «الحدث؟؛ 
الأشياء التى تقع» و«العملية؛ ؛ أى أن الإرهاب يتكون 
من العلاقات التى تتطور بين الشخصيات الرئيسية» علاقة 
ثدائهة بين الإرهاب والسلطة من ناحية» وعلاقة ذات ثلاثة 
أبعاد تجمع بين الدولة والإرهاببين والجمهور» من ناحية 
أخرى. وفى نهاية الأمر» فإننا ندرك هذا بطرق مختلفة 
فى كل أنحاء العالم خارج حدود الدولة المعنية. إن رغبة 
الإرهابيين فى خلق السخط والعدف وثارة الفزع» على 
كل تلك المستويات المشار إليها سابقاً؛ تجعل منهم 
موضوعاً خصبآ للمسرح. أما الإرهاب ‏ من حيث هو 
حدث عام» يتجاوز عالم المسرح ‏ فإنه يقع وراء عالم 
المسرح تماماء إذ إنه نوع من «العرض) الذى يفرض 
على المتفرجين ‏ الجمهور غير الراغب فيه إنه أيضا 
حدث بلا سيناريو مكتوب» يمكن أن ینتهی نهاية سيثة» 
وهو دائما ما ينتهى تلك النهاية. أما النص الدرامى» فإنة 
بلتقط عناصر وجوانب من هذا الحدث الارهابی ویمید 
طرحها فى الساحة الرسمية للعرض؛ آلا وهی السرح 
الحديث. 

ومن الضرورى أن نضع هذه العملية فى سياقها 
التاريخى» فالإرهاب من حيث هو نتاج سرى منظم 
المسرح القسوة».. ربما يكون سمة مستمرة وثابتة 
لعصرنا الحديث. أما الرعب السياسى» فى جوهره؛ فإن له 
تاريخاً طويلاً فى تطور الدولة الحديثة. ما كان للإرهاب 
أن ينمو ويتطور مطلقاً لولا الرعب المنتشر فى الدولة 
الحديثة والتعقیدات الناجمة عنه. ونحن جد فى الدراما 
الحديئة أن هذا الرعب فى أشكاله الميكرة كان عنصراً 
مکوناً قوياً وفاعلا فى التراجيديا فى عصر النهضة؛ وأنه 
قد انتقل إلى قوالب مسرحية جديدة ومتنوعة» حتى 
وصل إلينا فى القرن العشرين. وقد كان تطور 
الإيديولوجيات السياسية الجردة منذ عام 1784 أمراً بالغ 
الأممية فى هذالمجال؛ وقد تتبع عدد من 
المشاركين فى هذا الكتاب تسلسل هذه الفكرة؛ ومدى 


Yt. 





السحر الذى كانت محتوى عليه فيما يتصل بامجتمع 


الحديث. 


یضع دانیال چیرولد 0670014 عنم هذا التطور 
فی منظوره التاریخی السلیم؛ عندما یوضح افنتتان 
ال لیزابیشیین 211200610205 وانبهارهم بالرعب بوصفه 
سلاحاً یمثل سطوة الدولة. وتذ کرنا مناقشة چیرولد بأن 
الرعب لم يكن سلاح الأقوياء دائما فقطء بل إن 
المركزية المتزايدة للدولة الحديثة قد أضافت إلى الرعب 
(مکانات جديدة. ویذ کرنا انبهار تیمورلنك 1970007 
نا بکرستوفر مارلو» جاسوس الحکومة» وانبهار رتشارد 
الثالث بشيكسبير» بأن التراجيديا فى عصر النهضة تمتد 
بجذورها إلى الرعب المتمثل فى عصر تيسودور 06اناة» 
وفى الدولة البريطانية التى كانت لم تزل بعد جنينء 
وبالقدر نفسه فى المدينة الإيطالية التى عاش بها 
ميكيافيللى. ولكن الاستخدام الإيديولوجى المنظم للرعب 
يظهر- كما يوضح جيرولد ‏ بعد ذلك بقرون» مع قيام ' 
الثورة الفرنسية. 

ذلك هو الأصل الفكرى للرعب المنظمء الذى 
نطلق عليه الیوم الا رهاب : الاستخدام المنظم للرعب 
فى خدمة العقيدة الكلية. ويبين چیرولد 6007014 
و بشخصية روبسبییر 130009۲10076 باعتباره أول 

منظر پیدیرلوچی للرعب فى مسرحيات چورج بشنر 
7 60 فی القرن التاسع عشرء وكذلك 
شخصية ستانيسلاوا برزيبزيواسكا Stanislawa Przy-‏ 
داوع دورط فى المقرن العشرين؛ التى ينظر الكاتب 
المسرحى البولندى إلى بطلها الشائر الفرنسى من منظور 
يختلف عن منظور ثورة ۱۹۱۷ . وإذا كان الرعب قد 
لازمنا طيلة فترة الحضارة الأوروبية » فإن الإرهاب - النبت 
الحديث للرعب ‏ ظل يلازمنا باستمرار طيلة القرن 
العشرين» وقد بات الآن ظاهرة عالمية. إنه تناج عصر 
الإيديولوجيات التى نظرت إلى الرعب ‏ خطأ- على أنه 
أداة يمكن من خلالها التعجيل بالكفاح الثورى. وعندما 


ينظر إلى الرعب على أنه أداة لتطوير النضال؛ فإن كل 
المؤشرات تدل على الانهيار الخجل للقيم الثورية. 

يجب أن نتذكر أن الخط الفاصل بين الرعب 
والإرهاب يكون فى بعض الأحيان غاية فى الدقة. 
ويتمثل هذا فى احتقار ماركس لنيكاييف ۱۷۵6۱۵۷6۷ 
واستخدام جماعته الإرهاب العدمى فى روسياء وكان هذا 
أيضا جزءاً من الهجوم على الاستراتيجيات الفوضوية التى 
كان يمارسها ياكونين 015نا 801 والتى فشلت فى حشد 
لطبقة العاملة. وعلى الرغم من رفض أتباع لينين» 
بالروح نفسهاء الاعتداءات الإرهابية التى كانت تقوم بها 
لجماعات السرية؛ فإنهم فى مرحلة متأخرة آمنوا بأن 
لرعب هو الملجأ لضروری لصراع الطبقات آثناء الحرب 
لأهلية أو الشورة. وعلى الجائب الآخرء لنجد أن 
لبولشی فیین 1301916۷1۵ - رغم رفضهم الشديد 
الاعتداءات الإرهابية التى لاتميز بين جهة وأخرى» مثل 
لانفجارات الضخمة والاغتيالات التى قام بها ثوار روسيا 
الاجتماعيون ‏ يعتبرون الرعب «العاقل» المقنن» واللجوء 
إلى التهديد باستخدام العنف لإرهاب الناس حتى يبتعدوا 
عن تأبيد الثورة المضادة؛ أسلحة مشروعة فى صراع 
لطبقات وفى المواقف الشورية!! وبالمثل» استخدم 
الفايتكوجج ۵۵ الرعب فى مناطق معيئة فى الحرب 
لفيتنامية, برغم أن هذا الرعب لايمكن مقارنته بالرعب 
الجماهيرى المنظم الذی مارسه الخمير ال مر 
0۷۵۵ 16۳/00۴ عندما استولوا علی السلطة فی. کمبودیا 
دنطعسوهد؟! .و إذا ما قارنًا هذا بما يحدث فی الغرب؛ 
فإننا نجد أن معظم العمليات الإرهابية الحديثة تبوء 
بالفشل ولامحظى بكسب تأييد الجماهير» ومن ثم أصبح 
الإرهاب غاية فى حد ذاته» كما أن مسرح عمليات 
الارهاب احدود يدقع بأهدافه السياسية بعيداً» ويصدم 





بعنفه من يحتمل أن یتعاطفوا معه. 


ولذلك» قان الارهاب لايمكن أن ينظر إليه باعتباره 
الملجأ الأخير لمن فشلوا فى حشد التأبيد الشعبى: كما 


الإرهاب والمسرح الحديث 


يدعى بعض التّقاد الليبراليين . ومن ناحية أخرى» 
لانستطيع أن نسقط الإرهاب من حسابنا تماما ونعتبره 
مجرد ممارساتٍ مجرمين متهورين لاعقيدة لهمء كما 
يعتقد بعض النقاد المحافظين. وفى غضون ربع القرت 
الماضى؛ لم تكن لمعظم أشكال الرعب صلة قسوية 
بالاتتفاضات الجماهيرية فى أورويا وأمريكا الشمالية» بل , 
كان الإرهاب هو الملجأ الأخير لأولتك الذين تخلوا عن 
النضال السياسى بحثاً عن تأبيد الجماهير. إن الإرهاب 
المعاصر فى أسوأ أحواله؛ وهو ينشاً من اليأس الفاعل 
والساخط أحيانا لأرلكك الذين لديهم إيمان شديد 
بقضاياهم. أما إرهاب الجماعات التى تطلق على نفسها 
«الجماعات الشورية؛» فهو إرهاب غير ثورى بالمرةء واية 
ذلك أن تلك الجماعات قد فقدت التأیید الجماهیری 
وسیت بالفشل الستمر فی استعادة هذا التأیید» رفى 
نهاية الأمر فقدت القدرة والإرادة علی تولید وتفجیر 
التأييد الشعبى مرة أخرى. فضلا عن هذاء فإن فشل 
الإرهابيين فى إقناع الناس يزداد نتيجة لتوجيه العنف 
الذى لامعنى ولامبرر له نحو أولئك الذين يفترض 
اجتذابهم إلى جانب الإرهاببين. والحقيقة أن الغالبية 
العظمى من الإرهابيين تضع العربة أمام الجواد. إن يأس 
الارهایی یأس.واع» وهر فى تشدده وتزمته يصبح شخصية 
شديدة الانفصام السيكولوچى؛ وشديدة الرغبة فى تدمير 
الذات. بالاضافة إلى ما سبق» فإن صورة الإرهابى أمام 
ذانه کشهید یدافع عن قضية عامة؛ أو كعميل يسعى 
إلى إحداث التغيير الراديكالى؛ تجعله يتصرف كأنه 
عارض متشنج علی مسرح اجتمع العریض. 

وفی الوقت ذاته, يصبح نموذجاً هائلاً للشخصية 
الرئيسية فى الدراما الحديثة» تلك الشخصية المدشقة على 
الجماعات التى تهدد المجتمع» وربما يصبح صورة أخرى 
عصرية للشرير فى دراما عصر النهضة أو بطلاً هامشى 
الدور فى تراجيديا رومانسية. 





جون أور و دراجان كليك 


ولد أصبحت المعضلة الثورية المتمثلة فى الاختيار 
بين الإرهاب أو الشورة الجماهيرية - بل محاولة جنب 
الاختيار بين الائنین - موضوعا حيويا فى المسرح 
السیاسی الالانی. ویستکشف مایکل باترسون اع۸41۵«۵ 
۲ فى مقالته عن إخراج بسکاتور ۳562107 
لاعمال شیللر 501107 جذور الارهاب» ویحلل الارهاب 
الشورى عند برخت 8:06. ویزعم باترسون أن مسرحية 
شیلار التى ألفها سنة ۰ يمكن أن تعتبر أول 
مسرحية إرهابية فى قائمة المسرحيات الأوروبية» ويعزز 
هذا الادعاء استخدام بسكاتور الزى الحديث فى إتتاجه 
لها عام ۰۱۹۲۲ ویأنی الاختیار الرئیسی لخیال بسکائور 
- من وجهة نظر باترسون - فی رسمه شخصية 
1|سبیجیلبرت؟ ۵ - علی أنه شریر العصابة 
الفوضوية الذى يستخدمه انخرج لاختبار الأهداف 
الحقيقية لكارل مور 11006 162:1 الزعيم الذى يحيل 
اللصرص إلى مجموعة إرهابية. ولاشك أن مقتل الرفيق 
الشاب على أيدى رفاقه الشيوعيين وبرضائه فى مسرحية 
برخت السياسية المثيرة للجدل, التی اعتبرها کثیر من 
النقاد عملا مؤيداً لستالين» لاشك أن مقتل هذا الرفيق 
يشير تسازلاً ضخماً حول مدى عقلانية الرعب. 
وتستكشف المسرحية الحد الفاصل المتحرك بين الرعب 
رالإرهاب» فى إطار الحزب الشيوعى فى الثلاثينيات من 
هذا القرن. 

ينظر لادر كرالج زا۸۲ ٥۵۵ا‏ إلى بعد مختلف من 
أبعاد المسرح الألمانى» وهو الحركة التعبيرية قبل الحرب 
وبعدهاء ويكشف عن رؤيا ورغبة يائسة (ذات نغمات 
رومانسية ومسيحية عالية) نحو فجر جدید نی اجتمع 
الحديث؛ ويتمخض هذا عن إحساس إرهابى جذيد. 
ويأنَى التحول العالمى؛ من الرؤيا الدينية إلى العدمية؛ من 
خلال تأثیر نیتعشه ۱۵۷۸۰0۵ الضوی؛ بالإضافة إلى 
تمزيق أوصال المجتمع البورجوازى؛ ثم من خلال ثورة 
العقل» التی ترید آن حقق نتائج فعلية. ومن الأشكال 


TEY 





انجوهرية لتمرد الأفراد الفوضوى فى مجال الحركة 
التعبيرية قتل الآباء باعتباره عملاً سياسياًء ويتجلى هذا 
الموضوع ‏ قتل الآباء رغم بشاعته وقسوته فى 
السرحیات الاماسية لکل من رینهارد سورج 13600004 

ع ور هازنکلافر :112560612۷6 ۷۲ وارنولت 
برونین LÎ .Arnolt Bronnen‏ الوضرع التالی» فهو 
موضوع الشورة الجماعية الذی یعرض لتجربة ورة 
۸ القريبة فى أعمال انیت تولر Emest Toller‏ 
وجورج كيزر :56أهك! ج0001 . ويرى كرالج فى هذا 
الالنتجاه حركة جادة نحو یوتوییا جماعية؛ ولکنها لم يقدر 
لها لاستمرار إذ قوضها دور القائد «الکارزمی؛ اللهم 
الذى يرعب ويدمر أولئك الذين يسعى لتجسيد دورهم» 
بدعرى أنه صانع لعالم جديد. 


ولقد أصبح الإرهاب ظاهرة منظمة واسعة الانتشار 
فى الحقبة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية» وقد ظهر 
بين جماعات فشلت فى الوصول إلى السلطة السياسية. 
وحقيقة الأمر, أن ظاهرة الإرهاب تلك صارت بارزة 
واضحة للعيان أثناء حرب الجزائر» وتصاعد الحرب 
الفيتنامية والصراع العربى الإسرائيلى فى منطقة الشرق 
الأوسط . وجدير بالذكر أن أول مجموعة إرهابية كبيرة 
تظهر على أرض أوروبية فى تلك الفترة کانت «منظمة 
الجيش السرى؛ الى خاضت حرباأ سرية ضد 
الشوار الجزائريين» واجبهة السحریر الوطنی» علی 
أُرض فرنسية التی حاولت اغتیال شارل دیجول وزعزعة 
استقرار الجمهورية الخامسة. آما الظاهرة التاريخية 
الکبری الأخری التی وقعت فی فرنسا» وکانت 
حاسمة فی تطویرها وتتمیتها الإرهاب» فهى أحداث 
مایو ۰۱۹7۸ 


علی الجانب الاخر ینظر کل من عايدة هوزيك 
Aid Hozic‏ ودراجان کلیك e‏ ھا۸ Dragan‏ إلى التائج 
امختللفة التى أسفرت عنها تلك الفترة المعقدة والمؤثرة من 
الناحية السياسية؛ ومن وجهة نظر الدراما اليوغسلافية 





المعاصرة. فتثير هوزيك نقاطاً عدة حيوية بالنسبة إلى 
الإرهاب المعاصرء وهى نقاط يجب ألا نبالغ فى تأكيدها. 
مثال ذلك أنها ترى فى الإرهاب ظاهرة متنامية تمر 
بسغییرات تاريخية. وعندما یفشل الورهاب فی بلوغ 
الدعاية التى يصبو إليهاء فإنه يلجأ إلى تصعيد أعماله من 
التهديد أو اختطاف الضحايا إلى تفجير القنابل والقتلء 
وتعتمد قدرته على خلق التأثير المسرحى على استقبال 
الأحداث من قبل الجماهير والأهمية التى ترليها 
السلطات لهذه الأحداث. إن السلطات الحكومية هى 
التى تقرر هل حول طبيعة الإرهاب الذى يقع خارج 
نطاق المسرح إلى مشهد مقررء يتزايد جمهوره من خلال 
الإعلام وتتسع دوائر مشاهديه. وهكذاء تستطيع السلطات 
أن تغير من الأثر المسرحى الذى يحاول الإرهاب خلقه 
الإرهاب فى أوروبا الغربية فى أوائل السبعينيات؛ فى ضوء 
العنف المتزايد وفى ضوء الاستجابة المضادة للإعلام 
والدعاية من قبل الدولة. وهى تختتم مقالها قائلة: إن 

: معنى الإرهاب لم يكن قط معنى سوياً مستقيماء بل إنه 
ظاهرة معمّدة؛ تحمل أفعالها رسائل مختلفة» جموعات 
مختلفة من الناس. 


أما كليك؛ فإنه يركز عن قرب على التطور 
الإيديولوجى لمفهوم الإرهابء وينظر إلى العقدين التاليين 
لعام 1574 على أنهما أسوأ فترة فى الثقافة الأوروبية. 
فبعد أن تبخرت حالة الفرحة الغامرة فى بداية عام 
۸ بدأ ظهور الإرهاب؛ بدأ الإرهابيون المثاليون 
الجدد يتحولون إلى عالم الخيال والأحلام؛ فهم «آخر 
المؤمنين بأحلام لا يريد أحد أن يأخذها على محمل 
الجد . 


ریمتبر الکنب السرحی الیوفسلافی دوسان 
جوفانوفك 107200016 متكتالط من أبرز من علقوا على 
انتشار التمرد وموله لی سخط یدمر ذاته ویهزم نفسه. 
ويتناول كليك العناصر امختلفة فى أعمال جوفانوفك 


ی 


لارهاب والسسرح الحدیث 


بالتحليل » خاصة عناصر تدمير الذات والسلوك السرحی 
شديد الوعى بذاته؛ التى ألمرت وطوعت شكلاً درامياً 
جدیداً من التزاوج غیر احتمل بین الارهاب والعيش فى 
عالم أحلام مشالی. ففی مسرحية (تلوث الهواء) 
۱ - ۱۹۷۲ یمرض الولف ثورة داحل قعنر علی 
مسرح تقليدى» يتحول فيما بعد إلى أحد « کومیونات» 
الطليعة» كمثال على مدينة أحلام أصابها الجنون 
فتتحول إلى أحد معسكرات الاعتقال المصغرة» تقيم 
التاریس فی مواجهة السلطات العادية الوجودة خارج 
معسکر الاعتقال. ویعالج جوفانوفك فى مسرحياته التالية 
موضوع جهاز الدولة العقائدى الذى يهزم الامال 
والطموحات الثالیة» كما يتناول الدوافع غير الرشيدة 
لأتباع ذلك الجهاز الذى يقوض الرغبة المثالية فى 
المنطق. 

إذا نظرنا إلى الإرهاب على أنه خارج نطاق 
السرح» واعتبرناه شکللاً من آشکال الدراما الاجتماعية؛ 
فإننا نواجه سؤالاً حيوياً: ما القالب الدرامی الذی ینبغی 
أن يتخذه على خشبة المسرح؟ كيف يحول المرء شيثاً 
يحمل بذور المسرح فى أعماقه» كالإرهاب» إلى مسرح 
حقيقى؟ يقول جون اور 0 [١‏ إن إحدى نقاط 
الجذب فى الإرهاب» من وجهة نظر الكاتب المسرحى» 
هى الأثر الدرامى الذى يمكن أن يكون مباشراً ومثيراً 
للمشاعر والأصداء الواسعة فى آن. وبصفة خاصة؛ يمثل 
الهجوم العنيف على الدولة حدیاً مباشراً لکثاب السرح 
السياسى. ومع هذاء فإن أكثر كتّاب المسرح فاعلية وتأثيراً 
هم أولئك الذين يتسنى لهم المزج بين مباشرة الحدث 
وبعد المسافة الذى يتحقق من خلال التقنيات المسرحية 
التى تختلف اختلافآ كبيراً عن تقنيات الأفلام الوثائفية 
والتحقيقات الصحفية التى تقدمها وسائل الإعلام. ويظهر 
استخدام داریو فو ۳0 ۳710 عنصر «الفارس ۳۵۲6۵ ۰۲ 
وکذلك استخدام جنیت 000606 هأمبتون 112602108 
وسوینکا 50:7۵ عنصر التراجیدیا الكوميدية» سخافات 


TEY 


جون و و دراجان کاب .سس سس 


ومهازل الوقف الارهابی من ناحية» كما يظهر ضعف 
وسقوط أولئك المتورطين فى تلك المهازل. أما المسرحيات 
التاريخية لبوند 8000 وبرنتون 2860600 فهی تلجأ إلى 
استخدام المسافة الزمنية لتوليد النظور السیاسی؛ وهی 
تاج إلى تقويم نقدى لاستخدامها أساليب بريخت 
الفنية فى «التغريب» وإحداث المؤثرات الجماعية. من 
ناحية أخرى» فإن «مسرحيات الارهاب العاصر؛ تلتزم 


التزاماً شديداً بأعراف المسرح الطبيعى» وتقترب اقتراباً 


شدیدا من الوضوع» فتصبح ذات طابع ميلودرامى 
فضلا عن إغراقها فى العواطف. 

أما المقالات التى يقدمها ري 
000 3وديفيك رأبيه David Rabey‏ › فإنھا تؤکد الدور 
احوری الذی لعبه الارهاب لاعادة الحيوية إلى السرح 
البریطانی فی السبعینیات من هذا القرن. ويتوفر بون على 
دراسة أعمال هوارد برنتون 3:60:00 1۱۵۷۵70 دراسة 
متأنية» ويحدد جذور أعماله بأنها مستمدة من مشاهد 
المواقف عام 147/8 » علماً بأن هوارد برنتسون هو من 
كتّاب المسرح البارزين فى هذه الحقبة. ويحمل البطل 
الإرهابى لمسرحيات برنتون المبكرة تأثير الموقف؛ ولكن 
برنتون يرفض البطل الارهابی فی مسرحیته (الروعة)؛ 
حيث يتجه إلى التيار الرئيسى للمسرح» متخلياً عن 
مسرح المعارضة. فهو على خلاف أعماله الأخيرة يسمح 
للبطل بأن يسيطر على الحدث؛ رغم مت 
سياسياً. وجدير بالذكر أن برنتون يتجاهل التاریخ» ویعتبر 
معادياً اجتمم المواقفة فى أعماله المبكرة» ولكند : فی 
أعماله المتأخرة يصر على الحاجة إلى مواجهة التاريخ 
والتعلم من الماضى . 

أما رابيه» قنانه يتناول صور الإرهاب فى الدراما 
البريطانية فى السبعینیات والثمانینیات بصورة عامة» وهو 
برع مجال المشكلة التى يثيرها برتون فى مسرحيته 
(الروعة)» وهى مشكلة البطل الإرهابى ومدى تكامله مع 
شبكة إرهابية واسعة أو انفصاله نهائيا عنها. ومر 


يتشارد بون Richard‏ 


ومن ثمء فان 


Yé 


رابيه ينظر إلى مشاكل الانفصال والالتزام فى داخل 
الخلية الإرهابية» ويقوم بدراسة وفحص مسرحية بوند 
السماة ة (الموالم)» ومسرحية ة (الأحلام الحقيقية) لمؤلفها 
جریفیٹز 61۴11۲5 » ومسرحية ة (فار فى الجمجمة) تأليف 
هتشنسون 1100000501 ؛ ومسرحية ة (أورا اق اعتماد 
متعاطف) لهوارد با رکر Howard Barker‏ « ثم أخيراً 
مسرحية (هذا الخير الذى يجمعنا) للمؤلف نفسه. 
ویزعم رایبه آن مفسهوم الشبكة الإرهابية التخريبية 
الجماعى يتعارض والعظمة والسمو التقليديين للبطل 
الدرامى الوحيد» والانقسام الذى يقع بين العامة والخاصة 


ترکز ماری کارین داهل Mary Karen Dah!‏ على 
الصورة الدرامية للإرهابى بدرجة أقل» بینما ترکز بدرجة 
أكبر على الاستجابة الدرامية لإرهاب الدولة فى العالم 
المعاصر. وهى تنظر إلى السرح العالی من انججاهات 
مختلفة:» باعتباره بؤرة المقاومة لإرهاب الدولة؛ فهو 
بوصفه شكلاً من أشكال الفن» يمثل حدثاً جماهيرياً 
وجماعياً. إن المشاهدين من جمهور المسرح بستطیعون 
أن يستشعروا المقاومة الجماعية للإرهاب بغض النظر عن 
كونهم من ضحاباه أم لاء وبغض النظر أيضاً عن كونهم 
بعيشون فى تلك الدولة التى تتعرض المسرحية لللإرهاب 
فيها أم لا. وتعترض مارى داهم ل على الجماهير التلقائية 
التى تذهب إلى مسرح المعارضة الذى يعرض قيا 
مصطنعة وغير حقيقية خاول الدولة خلقها من خلال 
العهديد والخوف. إن السرح فی الدولة التی یحکمها 
اثرعب وال ر هاب يعد أحد المستودعات القليلة للقيم 
الجماعية الأصيلة» ويعد أيضاً شكلا أصيلاً من أشكال 
التحدى الإنساتى. 


من العجيب أن من ملامح الإرهاب المعاصر فى 
الغرب» تزايد أعداد النساء اللاتى يتورطن فى الجماعات 
الار هابية الصغيرة» ويشاركن فى التخطيط والتنفيذ 
للعمليات الإرهابية. وقد أدى هذاء بدوره» إلى استجابة 


کے واک ا ج و ا چ ر الإرهاب والمسرح الحديث 


کتاب السرح من النساءء مثل ¢Anne Devliı jl ù‏ 
وكاريل تشرشل Caryl Churchill‏ وفرانکا Franca py‏ 
۵ لملاحظة هذه الظاهرة. تثير سوزان جر 

هالج Suzanne Green Halgh‏ فى معرض r‏ 
القوية دور المرأة الإرهابية فى الدراما المعاصرة قضية 
الجنس (من حيث التذكير والتأنيث فى اللغة»» أو قضية 
«الجنس اللغوى» بوصفها قضية أساسية. فهى تنظر إلى 
الأسلوب الذى يتولد عنه الرعب والإرهاب بواسطة اللغة» 
والصور الخيالية؛ والأحداثء وتوزيع أدوار الذكور 
والإناث. وهى تسارع برفض فكرة إن النساء اللاتى 
يتورطن فى الإرهاب يتم تصويرهن على أنهن «رموز 
للارهاب» » وهی تقول بأن الإرهاب يقدم مجالاً 
للتحدى؛ حيث يمكن تصوير أدوار بالغة التعقيد فى 
امججمعات الغربية؛ وأن هذا يعطى مصداقاً للنظريات 
السائية الحديثة عن «مسرح الأمومة ۲۸۵۵۳۷۵۱ 


. (Theatre 


رفى النهاية: يمكننا القول بأن الإرهاب وثيق ٠‏ 


الصلة بالدراماء لسببين: أولهما كما سبق أن أكدنا- 
الطابع السرحی العنيف والموحى بالموت الذى يحيط 
بالإرهاب» والذى لابد أن يجذب رجالات المسرح. أما 
السبب الشانی» فهو أن الإرهاب - شأنه شأن «المعاصرة» 
ذاتها - قد صار قد رناء ومو قدر آهون وبدیل آسهل من 
إخضاع كل شیم لحكم العقل 3 و «الترشید» الذى يحدثنا 


عنه ماکس قبر ۱۷۷69۵۲ 0/9 وتيودر آدورنو Theodor‏ 


0 وجورجن هابرماس Jurgen Habermas‏ وآخرون. 
وهر أمر محورى لفهم العالم الصناعی التقدم: أن نخضم 
كل شى لحكم العقل والترشيد. أما الإرهاب» فهو تخد 
لحکم العقل والترشید» وهو شکل من أشکال التخلص 
من السحر والافتتان بتلك الظاهرة العقدة التی بسمیها 
قبر بسذاجة بظاهرة «الكاريزما» أُو «القيادة الملهمة». إن 
الإرهاب يثير الفوضى واللاعقلانية والفزع وعدم القدرة 
على التنبؤ بما يمكن أن يحدث فى مواجهة النظام» 
ولرشد والعقل رالوضوح: وهی کلها جوانب لتجرية 
فنية بحارل كياب الدراما الحدثون الامساك بها؛ 
0 فى أعمالهم مبذ عهد «الرمزیین دادذاه5(۳) . 
ليس للإرهاب قادة عظام وا 
00 وأساطير خاصة بهء أو بالأحرى هناك أنماط 
لشخصية الارهابی» ومناظر تفرض علینا فرضا وأنماط 
لقرارات معينة تشکل دراما العنف السیاسی. قد بصل 
بعض الإرهابيين إلى الشهرة» ولکنها شهرة سیكة سرعان 
ما تنسی . إن الإرهاب شئ ثقيل بغيضء ولكنه سوف 
يستمر بوصفه ملجأ أخيرا للعنف والتحرر من الأوهام» 
وهو قادر على شن حرب على نطاق ضيق. إنه نوع من 
امرض الجرثومى الذى اعتدناه وألفناه» فأصبح شيئا عادياء 
ومن المکن السیطرة علیه: ولکن من الستحیل القضاء 
عليه تماما. لقد أصبح الارهاب مشهداً ابتاً - وان جاء 
على فترات ‏ فى وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة» 
ولکنه - فى النهاية ‏ لا يحقق إلا القلیل» فيماعدا 
خلق حدث مسرحى مقتضب سرعان ما يتوارى أثره. 


ولا رموز حقيقية» وإن كان له 





oO ه‎ 

3 N 3 

3 00 3 
۱ 2 


0000/۹ 


الوعی بالکان ود لته 
فى قصص «محمد العمرى» 


شاكر عبد الحميد 





۱ را( 


9 عدوت بين الماء والغيمة 
بين الحلم .. واليقظة 
. مسلرب الرشد 


ومذ خرجت من بلادى .. لم أعد ..» 





مقدمة : 

یستخدم الشعراء والقصاصون وغيرهم من الفنانين 
والبدعین الصور الخاصة بالکان من أجل إثارة أو تكوين 
حالات نفسية خاصة داخلنا . فالفن ‏ كما يؤكد بعض 
الباحثين المعاصرين فى سيكولوجية الفن ‏ بطبيعته 
مکانی » وهو مثله فی ذلك مشل الحياة بتطلب مکانا 
معينا يصبح ساحة لاثحداث ؛ مکانا یمکن تقدیم 
التفاصيل والأحداث والصور والشخصيات فيه ؛ ومن 
خلاله ؛ مكانا يمكن أن يصبح ساحة لتصوير الواقع » أو 
إعادة إنتاجه فنيآ , أو لإنتاج الأحداث الخيالية الخاصة 
التى يتطلبها العمل الفنى فيه . فالرواية التاريخية » مثلا » 
ليست مجرد رواية تتعامل مع فترة زمنية ماضية » لكنها 


(أحمد عبد العطی حجازی » طردیة) 


آیضا رواية یقوم من خلالها البدع باعادة البناء والانتاج 
لواقع ما » فی مکان ما » فی زمان ما » بطريقة ما » 
تؤكد على نحو بارز تلك العلاقة التفاعلية الخاصة التی 
نشأت بين الإنسان والمكان . 

لد عرف بعض الباحشین » أمثال ست وکولز 8:0 
Schomachergz>lagy Koles‏ عام ۸ الکان 
باعتباره السياق الجغرافى والمعمارى للسلوك . فهو أى 
المكان ‏ يشير إلى حيز ما يحيط بالإنسان ويطلق عد ٠.‏ 
هذا الإنسان اسما . وهنا المكان لابد أن يت . 
بصفات محددة ومحسومة: برغم أنه أصلا ريد » أر 
فکرة عقاية مجردة . والی هذا الکان نتم نم..: 
- أو ربط - بعض المعانى الاجتماعية والشخصصسية 


۳:۹ 





شاكر عبد الحميد 


من خلال الاستخدام ا مشكرر لهذه الصفات 
الما 


معنى ذلك » أن أى مكان لابد له من مجموعة 
من الخصائص الفيزيقية ‏ أو الطبيعية ‏ المميزة 
(كالمساحة والتضاريس والمناخ .. إلخ) » لكن هذه 
الخصائص الطبيعية هى فقط بمثابة الشرط الضرورى 
كديا ليست شرطا كافيا كما يقول المناطقة ‏ فلابد 
من وجود الإطار الخاص بالعلاقة والمعنى والانتماء » وهو 
الإطار الذى يخلعه الشخص على المكان » فينسبه إلى 
نفسه وينسب نفسه إليه . فالمكانء إذن » إضافة إلى 
خصائصه الطبيعية والجغرافية الميزة, لابد أن ينظر إليه 
على أنه تكوينات أو بنى أو حالات معرفية ووجدانية » 
تکون موجودة لدی الأفراد والجماعات؛ وتسهم على 
نحو واضح فى تحقيق إحساسهم بالهوية الفردية 
والجماعية:؛ وفى استمرارية وجود هذا الإحساس 
لدیهم!؟؟ 5 

يبدو اهتمام محمد عبد السلام العمری «بالکان» 
على نحو واضح فى جميع أعماله القصصية ٠‏ ويتجلى 
ذلك لديه بدرجات متفاوتة تتراوح من تضمين المكان 
فى عناوین بعض القصص (مثل : والساحة الخالیة) ؛ 
«المدن الجديدة»» (رائحة البلاد البعيدة؛ء و «طريق 
الکفاره » وبر الخیام» واغناء أرواح القبور؛ » ضمن 
مجموعة (شمس بیضاء) ومثل : «صمت الرمل» » 
و «النصب التذكارى» و «الصحارى وضيق الأمكنةا» 
ضمن مجموعة (إكليل من الزهور)؛ إلى الاهتدمام 
بالمكان بأبعاده الجغرافية والرمزية والتعبيرية»كما سيتضح 
ذلك خلال هذه الدراسة . 


یستخدم العماریون وغيرهم من مصممى المدن 
والبانی تعبیر الاحساس بالکان 011۵66 56756 لوصف 


تلك القدرة التى : يمتلكها مکان معين على احداث 
واستحضار معان هشت ركة » لکنها تتسم بالخصوصية فى 





الوقت نفسه ء ويتم هذا من خلال النشر أو العرض 
لعناصر فيزيقية (أى طبيعية) معينة » تستدعى بدورها 
مجموعة ثرية من الأفكار والمشاعر والتداعيات. ونحن 
نفترض أنه ليست كل البيئات الطبيعية التى نقطنها هى 
أماكن ذات معنى؛ فقد قارن أحد الباحثين وهو ريلف 
Relph‏ عام ۷۲ بين فكرة الإحساس بالمكان » وفكرة 
فقدان الاحساس بالمكان و5عمدوع! ععداط ؛ ففى عدد من 
المدن المعاصرة فى عالنا اليوم » دی الاستفراق فی 
عمليات تفنين العناصر ؛ وتجانس وحدات وأشكال 
البناء» وتزايد الحاجة إلى إسكان أعداد كبيرة متزايدة من 
البشر» الی احتفاء اللامح احلية والخصال الفریدة 
المیزة للمکان » التى يمكن من خلالها القارنة بين 
شعب وشعب آخره أو بين جماعة بشرية وجماعة أخرى. 
ويقول بعض الباحثين إن ذلك قد أدى إلى فقدان 
الإحساس بالمكان فى حالات كثيرة » وقد أدى التدمير 
لا اطلقت علیه سبیفاك 50:۵0 اسم «أماکن الأنماط 
الدولية» Archetypica! Places‏ (مسخدمة تعبیر احلل 
اللفسی الشهور کارل جوستاف یوغ)؛ وهی الأماكن 
التی تعمضند تکامل الاسرة وانجتمم والهوية الفردية 
والقومية » دی ذلك - کما يقول بعض الباحثين - إلى 
تزاید الاضطراب فی السلوك الاجتماعی وفقدان الشعور 
بالأمان أو حسن الحال . إن ما يكمن فى المكان الفريد 
اللدميز هو نلك الخصائص التى تعمل على تنشيط 
التعبيرات الرمزية عن الذات وعن ذكريات هذه الذات 
وطموحاتها وخيالاتها . 

وبالنظر فى مسجموعتى (شمس بيضاء)”” 
و(إكليل من الزهور)”؟» للقاص محمد العمرى؛ يمكننا 
أن نكتشف أن الأماكن التى استأئرت باهتمامه إيجابا أو 
سلبا كانت هى الأماكن التالية : 


: البيوت القديمة‎ -١ 


ويظهر هذا النمط من الأماكن على نحو خاص 
فى قصة «المساحة الخالية؛ [مجموعة (شمس بيضاء)] ؛ 





حیث یهتم الکاتب بتصویر خصائص البيوت القديمة 

التى أخنى عليها الدهر فيقول: 
«بخشب الباب من الخارج ملمس خشن .. 
ونتوءات بارزة وبشور غائرة » وبين كل لوح 
ولوح فاصل صغير ملتحم من أعلى » منفرج 
من أسفل بغير انتظام » والسطح الخارجى 
متعدد التعاریج» . 

ويقول أيضا: 
اوالکان علیه طبقة کبيرة من ترسبات أتربة 
تتدلی منه خیوط العنا کب. 


۹ 


۰ 


«تتوه الرژی متداخلة فی غبشة ظلام الکان 
لواسع ال علی شارع ضیق ملوم اباب 
والقاذورات ... الاضاءة اللبعثة من الصباح 
لاتبدد ظلام المكان .. فالإضاءة نفسها 

مخلوقة). 
يمثل قدم المكان فى هذه القصة وفى قصص 
أخرى غيرهاء لدى هذا الكاتب» وسيلة للتعبير عن 
إحساسه بتسرب الزمن وضياعه منه ومناء وتبدد العمر 
وانقضائه السريع» لديه ولديناء فيصاحب مرور العمر 
وتقدمه بلى المكان وقدمه؛ حيث ينتشر فيه الذباب 
والعنا کب؛ والقاذورات» فی جو كابوسى خانق فانم 
يسيطر على المكان؛ فالأبواب.متاكلة؛ والنوافذ مهترئة» 
والأرضيات باهتة سوداء يتراكم فوقها التراب. وهناك 
مايشى بأن هذا المكان الموضوعى محدد الخصائص هو 
القابل الخارجی الوضوعی لهذا الکان الداعلی الذی 
بددته ید الزمن : مکان الذاکرة التی آصمبحت خرابا 
(بلامداخل ولا آبواب) ؛ ومکان الحلم الذی أصبح 
كابوساء ومكان الأمل الذى أصبح كارثة؛ أوكما يقول 
الكاتب فى هذه القصة: «فلما تعددت الهموم وتباريح 
الاستشفاف المؤرق وال ركض خلف الاحلام فقدت 


الوعى بالمكان ودلالاته 


الذاكرة وتاهت الأبواب». وبرغم مافى هذه الفقرة من 
إنشائية واضحة؛ فإنها تلخص جوهر هذه القصة الذى 
أراد الكاتب التعبير عنه. 

مخضر فى قصة «المساحة الخالية) تعبيرات كثيرة 
تصور الخصائص الجغرافية للمكان؛ لكن هذه الخصائص 
لا يمكن فصلها لديه عن الخصائص النفسية:؛ فنجد 
التعبیرات الخاصة عن الارتفاعات والاتخفاضات» عن 
النبات والحركة؛ عن التعرج والتوازى والتقابل 
والاشتراك» فهناك آماکن مرتفعة وأماکن منخفضة ‏ 
وأماكن ثابتة » وأماكن متحركة ء وأماكن غامضة » 
وأماکن واضحة » آماکن محببة وأماکن كريهة, هناك 
حجرات ومکاتب وبیوت . وعلاقة الشخصية بالکان هنا 
هى علاقة خرف وكراهية » فالشخصية هنا تکره 
الأماكن الضيقة القذرة المقيدة للحركة والقائلة للحرية » 
فهذه الأماكن تصاحبها ذاكرة مقيدة وأحلام مخنوقة . 
والقصة أقرب إلى أجواء الكوابيس » فالمكان خائق 
يحاصر الوعى ؛ ولا يفتح أمامه تافذة يتسرب منها 
الضوء. 


۲- الیبوت احدينة : 

يظهر هذا الدمط من الأماكن بوجه خاص فى 
قصة 1درجة الغليان» [مجموعة (شمس بيضاء) ]؛ وهى 
قصة عن الحصار والفوضی والقهر واحتلاط العاییر . 
وزحف الظلمة والتخلف علی حساب النور والتقدم . 
فالمنزل الذى يقيم فيه المثقف المعروف بطل هذه القصة 
محصور بین الطافیع ومخزن آنابیب البوتاجاز خلف نادی 
النصر! وإضافة إلى هذه الفوضى فى تخطيط المبانى 
والمنشآت والمرافق» هناك ذلك التجاوز المعروف فى وطننا 
الآن لكل القوانين واللوائح والقيم ؛ فعندما ذهب الرارى 
باعتباره مهندسا معمارياً أو مقاولاً إلى بيت الكاتب 
ليعاين المشكلة التى يعانى منهاء وجد فى الجهة التى 
حددها له باعتبارها جوهر المشكلة: 


آشکی 


شاکر عبد الحمید الس ااا 


«بلک ونة مقفلة بالخشب والزجاج تفطیها 
سيول القطران المنسابة من أعسلى 
السطح .. ا منزل مرتفع يحتوى على عشر 
وارتفع .. ونسى فى سرعة العدو أن یخصص 
مساحة للمصعد) . 
كماوجدأن هذا القطران النسكب من أعلى 
السطح قد «أحکم قبضته علی الکتب وعلى أرضية 
العقةه .. حدت ذلك عندما فکر هذا الکانب الشقف 
المعروف فى إضافة مساحة البلكونة إلى الشقة » فالشقة 
التى يعيش فيها ضيقة وكتبه كثيرة ؛ وعندما أصبحت 
البلکونة هی الکتبة تدفقت قطرات القطران علی الکتب 
وأغرقتهاء ومن هذا المكان القاتم یشاهد الراوی البیوت 
الاخری الحديثة ویصفها بكراهية واضحة: 
وكانت كل أسطح المنازل المجاورة بادية 
أمسفلناء كانت مملوءة بالقساذورات وعلب 
العصير الفارغة وبقايا البناء من كتل الخرسانة 
والطوب والحديد وبراميل القطران» . 
والقصة فيها كثير من المعانى الرمزية التى تشير إلى 
الحصار الذى يحيط بالمثقفين؛ سواء داخل بيوتهم أو 
خارجهاء ؛ ومنها ما يشير إلى أن الظلمة التى يرمز إليها 
القطران التسزاید علی الکتب توشاث أن تكون عامة, 
فالراوی عندما یعود إلى بیته بجد قطرات القطران تتسرب 
۱ إلى كتبه هو أيضاء واللون الأسود (القطران») فى هذه 
القصة يرمز إلى الظلمة والشر والوت» الی العاره واليأس» 
والتدمير ... إلخ. 


“_المدن الجديدة : 

ف مجموغه (شمس بيضاء) قصة بهذا العنوان : 
«المدن الجديدة؛ » وفیها تصوير لحالة ازدحام الشوارع 
بالسیارات العامة والخاصة» ولافتقاد الناس ا معايير 
الإنسانية والسلوك المتحضرء ولازدحام وسائل الواصلات 


YoY 


العامة بالناس» ولاجراحات التفوس والأجساد البشرية 
وامتهانها التکرر فیهاء ولانهیار القیم وانقلاب المعايرء 
وانعتلاط الحایل باتابل وفقدان الإنسان آدميته طوعا أو 
كرهاً. وفى القصة دعوة إلى التمرد والمقاومة وقهر 
الخوف الذى يشل الوعی والتفکیسر والسلوك... وفى 
القصة مشاهد عنيفة متتالية تبدأ بإنزال أربعة من البلطجية 
وضربهم سائق ویس وإذلاله بشكل عنيف ثم قيامهم 
بإنزال الركاب وصقهم فى طابور طويل أضافوا إليه 
ركاب السيارات الخاصة أيضا بعد إنزالهم من سیاراتهم» 
ما يشير إلى أن الشر شر حين يجىء يكون عاما لا يفرق بين 
غنى وفقير. يقول الكاتب عن الناس الذين اصطفوا فى 
هذا الطابور الطويل إنهم بدوا افی الغبشة كجنود أسرى 
مهزومين وذليلين» هدهم الشعب ونال منهم الشوار 
الطويل»؛ وفى هذا الطابور كان الناس» برغم الإذلال 
والمهانة» «غير قلقين» وأنهم لا یتکلمون ولا یتساءلون». 
كان الراوى هو الوحيد الذى تمرد على هذا الانصياع 
وهذه المسايرة وهذا الخضوع الذليل لسطوة القهر 
وال رهاب» فقد رفض أن يننظم فى طابور الخائفين .بل 
إنه عندما هرب وضمن سلامته عاد مرة : أخرى إلى ذلك 
الطابور حیث کان الکل ما زال «منكس الرأس» الشفاه 
مرتخية» والعيون شمعية؛؛ ارم بالبلطجية وسحب 

بعض الصحف التي يحملها أفراد الطابور وأشعلها وأشمل 

بعض السيارات أيضاء ونع اشحداد اندلاع النيران 

تفككت الأجساد وانداح الخراء اللاصق» راختلجت 
الأعين واهتزت الرژوس المطأطئة» . والقصة فيها أبعاد 
رمزية مسطحة إن لم نقل مستهلكة ففكرة الطابور 
أصبحت تعنى مباشرة الانتظام والطاعة والخضوع 
والقوالب الجامدة وعدم التمرد أو التفرد أو السعى نحو 
الاختلاف» وفكرة ۳ تشير مباشرة إلى التطهير 
والخلاص والتمرد والحرية. لكن أهمية القصة لا تقف 
عند استخدامها هذه الرموز بهذا الشکل فقط, بل تمتد 
لتتصور لنا حالة الإنسان الجفید فى المدن الجديدةء تلك 
التى تصب الناس فى قوالب نمطية متشابهة متمائلة 
لا اختلاف بين ی منها. 


بت ور وی هچب س الوعى بالمكان ودلالاته 


كما أن هذه القصة تعطينا إشارات واضحة إلى 
عناصر القهر والتخلف والاستبداد؛ التی ما فتكت تتكون 
وتتشكل وتتضخم فى المدن الجديدة ( 
أيضا) . وفى القصة أجواء كابوسية تؤكد أن محاولات 
التمرد الفردية سرعان ما یقضی عليهاء وأنّ الأمر يحتاج 
إلى تكاتف كل القوى من أجل النهضة والتغيير. فالرجل 
الضخم الشرس فى القصة يتحول بفعل النيران إلى وحش 
أسطورى أكبر حجما وأشد قوة» وتصبح بوابات الحياة 
أشد صلابة وأكبر مساحة» وعلى إنسان المدن الجديدة أن 
يختار ما بين أن يظل خلف هذه البوابات خاضعاً لسطوة 
وحشها الأسطورى » أو أن يتمرد بشكل جماعى فيقهر 
الوحش ویحطم البوابات » وينطلق بشكل جديد فى 


فضاء الحرية والإبداع والحياة الجديدة . 


بل فى القديمة 


4 المقاهى : 
القهی» بوصفه مکاناً له خصوصيانه ودلالاته 
الجدیدة؛ یحضر فی قصة !کش ملك) بوجه خاص؛ 
فهر مكان للقيام بالمساومات وعقد الصفقات » وهو یبدو 
كأنه لا يغلق أبوابه بداً حتی لا تتوقف النشاطات التی 
غذت فيه ليلا أو نهاراء أو كما يقول الكاتب : 
«المقهى مزدحم ومكتظ ¢ وبدأت الكراسى 
المختزنة منذ الليلة السابقة تطل لملاحقة الزحام 
الذى يزداد كلما أرغل الليل » والنشارة 
الخشبية تنداح حت أحذية السيقان الكثيرة 
التى لا یسمم لها صوت 4. 
ويقول أيضا: 
«يقرم ناس ويأنى آخرون وبين المجئ والرحيل 
يخال المرء أن لا نهاية لليالى المقاهى ولا أحد 
يريد ذلك» . 
لکن هذا المكانء الذى كان موضعا للقاء 
الأصدقاء وقضاء وقت الفراغ بطريقة محببة؛ يصبح 
خانقا ضاغطا حین تترا کم فیه عناصر الفساد ؛ إنه يصبح 


بمثابة الآ التى ينكس فيها كل ما يحدث فى امجتمع 
الكبير . تصبح الأصوات داخل المقهى مزعجة بضجيجها ٠‏ 
وجلبتها التى لا تنقطع » وتصبح الكلمات المسموعة فيه 
زائفة » لحدوث انفصال واضح بين الألفاظ والمعانى . 
الأصوات تطارد الشخص انحوری والکذب بخنقه فیهرب 
من المقهى» لكن ملصقات الحوائط وإعلانات التليفزيون 
والأحاديث الإذاعية كلها متخحاصره وتطارده لأنه 
يعرف أن العملية کلها کذب فی کذب » وان کل شئ 
يباع ويشترى . يقول لزوجه : «الموت يترصدنا › يت اکم 
فى عينيها الخوف والقلق؛ ؛ تتسع حدود المقهى لتشمل 
الجتمع كله فيصبح لدينا المجتمع ‏ المقهى بدلا من 


۵ - الغرف الضيقة : 

غالبا ما ترتبط الأماكن الضيقة لدى هذا الكاتب 
بالوت ؛ سواء كان هذا الموت ماديا أو معنويا . وتخضر 
هذه الأماكن على نحو حاص فى كثير من القصص فى 
مجموعثى (شمس بيضاء) و (إكليل من الزهور) على 
حد سواء. ولخد ذلك واضحا فى قصص «زوجة لابن 
الأرملة» و «درجة الغليان» و وكش ملك؛ من مجموعة 
(شمس بیضاء) » وتجده فی قصتی اضیق الأمکنةه » 
وارقصة ة الملائكة) بوجه خاص» من مجموعة ة (إكليل 
من الزهور) . ففى قصة «زوجة لابن الأرملة؛ مشلاء 
هناك أماكن عدة » منها الحدائق والبيوت وغيرهاء لكن 
غرفة ة النوم تظل بؤرة ة الأحداث . وداخل هذه الغرفة 
خلال النوم تحدث الكوابيس والأحلام التى تناب 
الزوجین . وهناك ما يشى بفتور شامل فى العلاقة بينهما 
مع علاقات خاصة شبه مرضية بين الابن وأمه . وهناك 
تنافس حاد بين الأم والزوجة على امتلاك الابن نما يقلب 
حیاته جحیما أ » فيبدو مسلوب الإرادة غير قادر على 
الفعل ليلا أو نهارا رح اشد زور رفا م 
الفرضی بیته » وهی فوضی تنتشر بداخله اکشر من 
انتشارها خارجه » وما الفوضى الخارجية فى بيته إلا 
مظهر من مظاهر الفوضی الداحلية فیل ذاته وفی حیانه. 


Yor 


شاكر عبد الحميد 


وتعتبر الشباشب المقلوية والأوراق المكومة ولعب الأطفال 
اللقاة بإهمالء التى أشار إليها الكاتب أكثر من مرة فى 
القصة » تعتبر دلالات على الانسحاق والفوضى التى 
يعانى منهما » وعلى الحنين إلى الطفولة والرغبة الجامحة 
فى الهروب إليها من الحاضر الذى يعانى منه بكل 
آماکنه وأزمنته وأشخاصه : 

فى قصة «درجة الغليان» هناك ذلك الشعور الحاد 
بضیق الکان» لدی الکاتب الثقف. الذى جعله يحاول 
توسیع الساحة التی یعیش فیها لتستوعب كتبه الكثيرة» 
وکیف انقلب الامر عليه وعلى غيره فی النهاية . وکما 
سبق آن أشرنا فی قصة 9 کش مللث4» يهرب الراوى من 
جر القهی الخانق بعد أن يشاهد حادثة إطلاق رصاص 
على بعض الأشخاص ويلتقط أرقام السيارة الهاربة التى 
ارتكب ركابها الحادث » ويجلس فى بيته لا يخرج منه 
ويغلق الأبواب والنوافذ ولا يكلم أحدا. وتنتابه فكرة 
الرحيل من المدينة تماما لكنه يشعر بأن الحصار محكم. 
وتتتابه الشكوك شبه الرضية فی کل ما يتذوقه أو يشمه 
آریسمعه» یتخیل کل آنواع المذاب التی یمکن آن 
يتعرض لها. وخلال ذلك كله يحيط به الظلام والأوهام 
وفنحيح الرياح والرعب» فالظلام يغمره تماما فى تلك 
الغرفة : #التى تضیق علی لحظة بعد أخرى؛ حتى أكاد 
ألمس جدرانها الأربعة بيدى أو ساقى؛. يضطرب وعيه 
وتختلط علیه حدود الزمان والکان بتأثیر حالة الرعب 
التى تغير الوعى ونشوه الإدراك : 

فى هذه القصة استطرادات كثيرة كان ينبغى على 
الكاتب أن يكثفهاء وأن يتنامى بحالة الرعب - المبشوثة 
فى القصة ‏ التى عبر عنها بعض الكتاب قبله (كافكا 
فى «القلعة» مثلاء وهمنجواى فى «القتلة؛؛ ومحمود 
الوردانی فی «رائحة البرتقال)) ؛ ولذلك ظلت أرصاف 
الکانب هنا وتصویرانه لحالة الرعب منجاورة أکشر منها 
متصاعدة» أفقية اکثر منها رأسية. والقصة كما قلنا قصة 
كابوسية لكن فيها تلميحات وإيحاءات ورموز كشيرة 
تخيل مباشرة إلى الواقع العام؛ أو إلى الواقع العام عبر 


Yof 





الوعی الخاص» وفيها دعوة للتمرد على الانهيار» ولعدم 
الاستسلام للخوف أو التبعية لصادر هذا الخوف الظاهرة 
أو الكامنة, 

فى فصة «ضيق الأْمکنة؛ یصبح الکان الضیق نوعا 
ماء وهو الصالة؛ وسيلة لابلاغ رسائل عدة عن الفساد 
الذى انتاب العلاقات الإنسانية؛ كما يتحول الجلوس أمام 
نار الفرن خلال إعداد الخبز إلى وسيلة للحديث عن 
الوت وعالم القبور والعذاب والرعب والأنين» وإلى تصوير 
مقابر القرية وطقوس الدفن وأفكار الناس وأساطيرهم 
ومعتقداتهم حول الموت وحول ما بعد الموت. 

تحدث قصة ٠رقصة‏ الملائكة؛ فى إحدى الغرف 
بإحدى المستشفيات. وداخل هذه الغرفة يصور الكاتب 
عالم المرض والموت'المادى والمعنوى من خلال وصفه 
عالم المستشفيات وطرائق العلاج؛ وأيضا تصويره العلاقة 
التى تنشأ بين ابن المريضة و الممرضة التى نركها زوجها 
وذهب يعمل خخارج الوطن. وبشكل عام؛ فإننا تجمد أن 
هذه الأماكن الضيقة أو الصغيرة التى يصورها الكاتب» 
سواء كانت عبارة عن غرف فى البيوت أو المستشفيات أو 
كانت قبورا توضع فيها أجساد الموتى» أو كانت مقهى 
أو وسيلة من وسائل التقل العام أو الخاص (أوتوبيس أو 
سیارة) ؛ کل هذه الأْماکن لا تکون مقصودة فى حد 
ذاتهاء بل تكون وسيلة لفتح أبواب ذلك انجتمع الکبیر 
الذى تمثل هذه الأماكن الضيقة مجرد بعض نقاطه 
الكاشفة فقط. 


؟ ‏ النوافذ والأبواب : 

مثلما تكون الغرف والأماكن الضيقة وسيلة إلى 
استکشاف المالم الکبیر» فکذلك تکون النوافذ والأبواب 
وسائل الکانب لاطلاع علی هذا العالم واستکشافه؛ 
وتخديد مواتف الشخصیات منه. وتوجد تعبیرات کثیرة؛ 
خاصة فی مجموعة (شمس بیضاء)» توکد لنا ولع 
الکانب بتصویر اللوافذ والأبواب؛ ففى قصة «المساحة 
الخالية؛ يقول: «للباب خوخة من الحديد عند مستوى , 


اس سس سس 7۰ الوعی بالمكان ودلالاته 


النظرء وله أيضا مقبض حديدى يعلوه الصدأ ». ويقول: 
وشمرت عن ماعدى وفتحت النافذة وأخذت فى تنظيف 
الکان.. وحت من بعید رجلا قادما؛ . 
وفى قصة «زوجة لابن اأ رملة» ؛ «تنظر إليه فیتناوم 
فعقوم بالنظر من شيش شباك البلكونة إلى الخلاء 
الواسع ؛ وأيضاً: «نظر من خلال الباب إلى زوجته التى 
تواصل ارسال الصوت العالی التقطع؛ . 
ویقول فی قصة «درجة الغلیان» : 
«عندما دخلت مکتبی أقفلت الباب خلفی» 
واثر نتح التوافذ اقتحم الحجرة الصهد الناری 
المتراكم خلفهاء فاختلط الظل بالجحيم؛ . 
وتوجد فى معظم قصص هذه المجموعة إشارات عدة 
للأبواب والنوافذ التى يكثر الكاتب من الحديث عنها 
ليصور ذلك العالم الصغير؛ عالم الداخل» عالم الذات 
بكل صراعاته وأحلامه المتكسرة وطموحاته المهزومة 
وصراعاته غير الحلولة. هناك فى هذه الجموعة تصوير 
لعالم الداخل ‏ الذى يواجه عالم الخارج الكبير - الذى 
يموج بالظلمة والقهر والانهيار. أما فى مجموعة (إكليل 
من الزهور) ؛ فإننا جد الغرف والأبواب أيضاء خاصة فى 


تصص «قصة اللائکت» واأحادیث الشتاء» واحوار . 


الحضارات» » لکن ما تجده أکثر هو عالم الصحاری 
حیث لا آبواب ولا نوافذ» یل فضاء قاس متسع» عالم 
تكون فیه الذات مجرد قطرة صغيرة فى محيطء أو حبة 
رمل تكاد لا ترى فى صحراء قاحلة. 


۷ الأماكن الواسعة : 
يمكن أن تكون هذه الأماكن بمشابة الحدائق أو 
بمشابة الأرض الواسعة (الوسعاية) المرتبطة بذكريات 
الطفولة والصبا. ففی قصة «رمادیات الغروب»من 
مجموعة (شمس بیضاء) ؛ یتحدث الکانب عن ذکریات 
قديمة نوعا ما للشخصية انحورية فی القصة؛ ذكرياته 
حين كان طالبا على وشك التخرج فى كلية الهندسة 


وكان يحب ويحلم بالمستقبل» وحيث كان هناك «الربيع 
والسماء الصافية والحديقة واسعة وعشبها الاخضر عنيف 
الخصوية والحديقة قارغة لا منهما» . هی قصة ذکری» 
ذكريات الشياب والأحلام الوردية التى يظن أصحابها 
أنها يمكن أن تتحقق أو أنها متحققة فعلاء ثم يفاجأون 
بالسراب امحيط بهم من كل جانب. أما فى قصة ازوجة 
لابن الأرملة؛: «فمن الحديقة تأنيه رائحة زهر الليمون 
والرائحة الطازجة للأرض الخضراء والحقول الندية تبعث 
فیه الانتعاش4» لكننا نعرف أيضا أَنّه داخخل المنزل الذى 
تخيط به هذه الحديقة تکمن مشاعر الفتور والغیرة 
العمیاء والکراهية وعدم التحقق. 
رفی قصة «الصهیل» ؛ وهی قصة نموذجية فی هذا 

السیاق» تصویر لأفکار الراهقین ومشاعرهم وصراعانهم 
ومحاولاتهم الهيمنة علی مکان صغير يحيط بهم هو 
عالهم؛ عالم الوسماية الذی یکاد یکون هو عالم 
المستقبل : 

«أرض الوسعاية المالحة العراب.. المتدرجة 

الانحدار.. المحاطة بالنخيل بها آثار رذاذ مطر 

اليوم وحفر مطر الأمس». 

يعبر الراوى هذه الأرض الواسعة بعد أن كبر ويتذكر ما 

كان يحدث فيها أيام الصبا والشبابء وينتابه التعب 
والشعور بالإنهاك والحزن على ما فاتء فالمكان يمكن أن 
يكون مجددا للطاقة إذا كان مليئا بالاحتمالات والحركة 
والحرية؛ وإذا كان زاخرا بالنبهات الحسية البصرية 
والسمعية والشمية واللمسية والتذوقية. لکنه يمكن أن 
يكون مبدداً للطاقة ساحبا لها مشتتا قوتهاء إذا كان مقيدا 
محدودا مقفلا يسير على وتيرة واحدة لا دد فیها ولا 
تجديد؛ ولا تنويع فيه للمشيرات والمتبهات الحسية 
والعقلية. هنا یصبح الکان مکانا رثا یعث علی الإحباط 
والتراخی والشعور السریع بالانهاك. آجواء هذه القصة 
أشبه بأحلام اليقظة» ففيها تنبعث ذاكرة الماضى» وفيها ' 
تفتح على عوالم الرجولة والجنس ومحاولة الخلاص من 
قیود الضعف والهزيمة والانهاك. 


شاكر عبد الحميد 


هنا يكون الحصان القادم مندفعا بقوة فى نهاية 
القصة معادلا لحلم الخلاص؛ فهو عندما يصهل يبدو 
«كأنه يصهل فى آبار واسعة لا تبين لها شطآنء والذيل 
معقوص بأئفة وكبرياء». وعندما یجذبه فارسه: 
« يتراجع الحصان للخلف فى تأن وانتساه 
وغضب وشراسة رافعا رأسه برقبته مع الصدر 
متحديا السماءء ثانيا ساقيه الأماميتين ثم 
یرخی له» آسمع صوت السنابك قويا عند 
النزول إلى الأرض؛ . 
ولا تشير القصة إلى خلاص بطلها من مخاوفه 
وهواجسه؛ بقدر ما تشير إلى رغبته فى هذا الخلاص 
وحلمه به» وارتباط هذا الخلاص بالأماكن الواسعة حيث 
الحرية والخیال والانطلاق والتحرر. فالحصان؛ لكل ما 
جاء معه وبا اتسم به من قوة وألفة وکبریاء وسرعة 
واجتیاز للمکان کالبرق النطلق» کان یمتطیه فارس 
تغلب عليه سيماء التجهم والغلظة والاستبداد : 
و كان البيريه الموج بالنسر يعتلى هامته 
وحزامه العريض الأسود متمكنا من وسطه 
الذى ظهر أسفله المسدس واضحاء . 
إذن» تشير هذه القصة بطريقة رمزية إلى أن القهر 
مستمر والتسلط حاضرء والاستبداد متتابع؛ سواء كان 
ا لمكان وسعايةء أو حارة» أو وطنا. 
فالعلاقات المتحكمة فى الواقع» كما تصورها 
القصةء تقوم على أساس الهيمنة والخضوعء وإن كان 


هذا لا يعنى أبدأ اتفاء إمكانات التغيير والمواجهة . 


والخلاص. 
۸- الصحاری : 

الصحراء من الأماكن المتكررة فى قصص محمد 
- عبد السلام العمرى» بل يكاد يكون هذا الكاتب أكثر 
كتاب جيله؛ بل الأجيال السابقة عليه أو اللاحقة له 
حتى الآن» تعبيراً عن خبرة الصحراء والسفر إليها والعودة 


۳۰۹ 





منها. صحيح أن هناك بعض الكتاب الذين صوروا هذا 
العالم فى أعمال إبداعية مختلفة؛ كما هو الحال مثلا 
فى قصة «لا أحد» لسليمان فياض التى تعتبر رائدة فى 
هذا الاماه» وفى بعض قصص محمد النسی قندیل 
السمیزة» وفی رواية (البلدة الاحری) لابراهیم عبد المجيد 
وغيرهم من الکتاب» لكن اسم محمد عبد السلام 
العمرى يظل أكثر الأسماء ارتباطا بهذا العالم» خاصة 
فى القصة القصيرة» حتى الآن. 

يحضر عالم الصحراء العربية والخليج العربى فى 
قصص عدة لدی هذا الکانب؛ مثل قصص : «الاطراف 
الصناعیة» ؛ واطریق الکفار»» وهوبر الخیام» فى مجموعة 
(شمس بیضاء)» وفی تصص : اریاح السموم) » 
و«صمت الرمل»» وإلى حد مافى قصة ارقصة 
الملائكة؛ فى مجموعة (إكليل الزهور): کما خضر 
صحراء سيناء فى قصة ١الصحارى»‏ من هذه المجموعة 
على وجه خاص. وتكاد تكون قصص الصحراء هذه 
بمثابة السيرة الذاتية لهذا الكاتب؛ ففيها إشارات كثيرة 
إلى رحلته خارج مصر وإقامته بعض الوقت فى منطقة 
الخلیج. وفیها أيضاً مهنته - وهو مهندس معمارى - 
كما يظهر ذلك مثلا فی قصة «الاطراف الصناعية» التی 
يتحدث فيها عن المرحلة الأولى من سفره خارج الوطن 
وإقامته فى الخليج وتعرفه أماكن جديدة وبشراً جدداً. 
وفیها آیضاً الكثير من مفردات مهنته مثل: الجسات - 
المكان المناسب ‏ الياردات ‏ الأقدام ‏ البوصات ‏ الشدة 
الخشبية - ألواح السقف - الزبدة الإسمنتية للخرسانة ‏ 
السامیر - حدید التسلیح - سقف الخشب - الحدید - 
الحدادين ‏ النجارين - العمال - الزوايا المائلة والمستقيمة 
صب السقف - الواجهات الخارجية - التوزیع 
الداخلی - الحدائق - الفسشیات» وغیر ذلك من 
المفردات التى تجعلنا نشعر أننا نقرأ تقريرا عن عملية بناء 
أكثر من قراءتنا قصة قصيرة عن حالة رحیل خارج 
الوطن. وتبدو هذه الفردات والصفات بمشابة القناع 
الخارجى أو السطح الذى يحاول الكاتب أن يخفى وراءء 





ما جاش بداخله من مشاعر وأفکار علال تلك الفترة؛ 
وهى مشاعر وأفكار يبدو أنها كانت لها صلابة الخرسانة 
والحدید وجفاف الاسمنت والخشب وتدیب السامیر 
والزوایا الستقيمة. 
ید الکاتب فی قصة ۱طریق الکفار» فی کشف 
مشاعره الباطنة؛ يبدأ فى الهروب من فیظ الصحراء 
وهوائها الساخن إلى ذكريات الطفولة والصباء والحکایات 
التى كان یسمعها عن الاسكندرية وبنات الحرر والسرح 
الرومانى وألعاب الماضى الممتعة. لكنه لا يستطيع أبدأ أن 
يهرب من جفاف الصحراء: 
«تتساءل الأعين الحائرة» وتتوه تساؤلاتها فى 
تلك الصحراء الصضراء» التى تمتوى على 
تلال من الرمال التح ركة؛ الراوغة .. وتتحول 
تلال الرمال إلى شخوص وثعابين ومياه تسبح 
فيها حيوانات بحرية هلامية ننأى بنفسها عن 
التيارات التحتية فى انتظار فريستهاه . 
هناء لا یکون متاحا سوی «الأسی» وواللیالی 
الباردة» واعویل الریاح فى الليالى المظلمة» وواهتزار 
النخیل ونحیبها القیاض» . ونی ظل هذا الرعب والخوف 
والقلق ینتابه الحنین لبلده وتتملکه الرغبة فی الصیاح 
والبکاء» ویفتقد ازدحام بلاده وقذارتها راشجارها 
وأطفالها وحفرها ومجاریها وزرعها» وناسها الیین برغم 
ما فيهم من ذلة وخنوع. 
فى قصة «وبر الخيام؛؛ تظل رمال الصحراء 
المنبسطة والمترامية هى الساحة التئ تدور فيها أحداث 
القصة؛ حيث توجد خيالات القيظ الصحراوية 9وضبابية 
الشمس البيضاءه التي یحسبها الرائی حقيقة, کما توجد 
البلاوزرات والحفارات والهراسات واللواری والا حجبار 
الصغيرة والکبيرة ومواسیر الصرف والیاه» وکلها تضیف 
قسوة إلى قسوة عانی منها الرارى. 
وتحخضرهالخيمة؛ بوصفها مكاناً يرتبط بالصحراء 
فی هذه القصة أيضاء وفيها تصوير لحالات الجاليات 


الو عى بالکان ودلالاته 


الختلفة التى تعمل فى الخليج من مصربين وسودانبين 
وهنود وباكستانيين» بهمومهم ومشاكلهم وطموحاتهم 
ومزاياهم وعيوبهم. وفى غربته يتذكر الراوی آمه الربضة 
وأخته؛ ويشتاق لبلده ويفكر فى الزراج» ويحلم 
بالتسحرر من أسر العمل وبالقراءة: «لأستعيد لفتی 
ولأجلو عقلى ثما ترسب عليه من رمال الصحراء 
التربة» » لکن هذا کان بمثابة الحلم الذى لم يحققه 
الا بعد عردته. 


فى قصة ریاح السموم؟ ؛ وهی من فضل 
القصص التى كتبها هذا القاص» توجد الصحراء؛ الخیام 
ورحلات صید الصفور وفیها وصف شدید الدقة 
لعمليات تدريب الصقور وترويضها » ولتأثير رمال الصحراء 
وریاحها وحشرانها وطیورها وحیواناتها علی حياة الناس 
هناك. كما أن فيها وصفا دقيما أقرب إلى التحليل 
النفسى المحكم لنفسية الشيخ الذى يدرب الصقور بقسوة» 
لكنه شديد الضعف أمام زوجه الجميلة. وفيها وصف 
لعلاقات السيطرة والتبعية بين من فى يدهم السلطة 
والقوة والمال ومن يحتاجون إليهم ويعملون لديهم. 
وتبدو المرأة الجميلة زوجة الشيخ هنا بمثابة الصةر 
الجميل الموضوع فى القفص» قد يتحكم فيه مؤقتاء 
لكنه لا يضمن أبداً إن أطلقه أن يعود إليه» فالعلاقة هنا 
قائمة على أساس الخوف والألم » لا على أساس القبول 
والحب والتراضى. ويتبع الشيخ مع الصقور أسلوب العصا 
والجزرة؛ أو الثواب والعقاب» وذلك كى يضمن طاعتها 
له (هى فكرة الطابور والانصياع والمسايرة نفسها). 
والقصة مليئة بالدلالات الرمزية التى تدخل كلها ضمن 
إطار التمرد والمقاومة الذى يتبناه فى رجه كل 
محاولات التطبيع زالتدجين والترويض وسلب الإرادة 
بكل صورها. 

آما قصة «صمت الرمل» فهی - آیضا - قصة من 
قصص الصحراء لکنها لا تصور الحياة فی الصحراء فى 
حد ذانها بقدر ما تصور تأثیرات هذه الحياة علی مشاعر 


۳۰۷ 


تاکر دا ا ب ا م جه بي رج 0 


وأفكار وحياة وعلاقات الناس. ففى القصة زوجة تنتظر 
زوجها الذى سافر بمفرده بعد زواجهما بفترة وجيزة إلى 
إحدى بلاد الخليج» حالما بالثروة والحياة المريحة الهانئة» 
وبعد عام انصل بها هذا الزوج يخبرها بأنه سيعود بعد 
يومين. ويصور الكاتب كيف استعدت الزوجة ماديا 
ونعنویا بكل اللهفة والشوق لاستقبال زوجهاء وكيف 
عاد منكسرا ذابلا حائرا زاهدا فيها وفى الحياة» يفتقد 
البسمة والضحكة الأليفة؛ ويهتم فقط بالحقائب والأموال 
التی أحضرها. 

وفی القصة أُوصاف وتصویرات کثبرة لحالة التهیژ 
والاستعداد التی انتابت الزوجة قبل مجی زوجهاء ولحالة 
ال رکود النفسی والعقلی والکابة التی کان علیها الزوج 
بعد عودته» ولحالة الفتور والبرود التی انتابت علاقتهما 
بعد عودته. لكن هذه القصة فى واقع الأمر مليئة 
بالاستطرادات والاستدراكات وعمليات الحشو والتطويل 
التى لم تخدم الخط الدرامی للقصتة» بل ساعدت علی 
ترهله وعلى إصابة القارئ - كما حدث بالنسبة إلى 
على الأقل ‏ بالملل» وقد أكثر الكاتب فى هذه القصة 
من استخدام أفعال المضارع؛ وهى قد لا تكون مناسبة 
هنا للإيحاء بتتصاعد الأحداث ولوصف حالة التوتر 
واللهفة التى كانت تعتور الزوجة برغم أنها كانت مفيدة 
فى وصف حالة الملل والركود والفتور التى أصابت 
الزوج وأصابت علاقتهما بعد ذلك. لذلك» فإننى أعتقد 
أن العمرى لم ينجح» فى هذه القصة؛ فی الانتصار فى 
ذلك التحدى الخاص الذى وصف سامى خشبة به 
كتاباته» وهو «تخدى التعبير عن الفتورء درن أن يتسلل 
الفتور إلى التعبير»2*0؟ لقد ممح الفتور فى التسلل إلى 
التعبير فى حالات هى » جوهريا » نقيض الفتور. 
المكان الداخلى - الحاجة إلى مكان: 

ركزنا فى المفحات السابقة على الخاصية 
الجغرافية للمكانء لكننا كنا نقوم أيضاً بربط الخصائص 
الجغرافية للمكان (سواء كان بوتا قديمة أو حديثة أو 


YoA 


مقهى أو صحراء ... إلخ) بالخصائص النفسية 
والاجتماعية والتاريخية للمكان» ونعتقد أن هذا الجانب 
الأخير يحتاج إلى بعض التوسع» وهو ما سنفعله فيما 
يلى. 

إضافة إلى الوظيفة الجغرافية للمکان» یتحدث 
العلماء عن وظائف أخری للمکان» منها على سبيل 
المثال لا الحصر: 


الوظيفة الرمزية للمكان: 

ونرتبط هذه الوظيفة ارتباطا كبيرا بالوظيفة 
الجغرافية للمكان. فالمكان تكون له وظيفته الرمزية التى 
تفيد فى تأكيد وتعضيد البناء الأساسى للشخصية لدى 
الفردء فالخبرات المتكررة فى مكان معين تساعد فى 
تطویر (حساس ما بالامتمراري. وشعور ما بالانتماء لمكان 
معين يجاوز الأفراد وظروفهم الخاصة المباشرة. ولا يشترط 
أن تكون الأماكن التى تدعم إحساس المرء السميق 
بالهوية هى الأماكن التى يتحرك هذا المرء فيها وينشط 
الآن» بل يمكن أن تكون أماكن تنتمى إلى الماضى أو 
تتمی إلى الحاضر وهو بعيد عنها الآن؛ يحن إليها 
ويتمنى أن يفنى فيها (كما فى حالات الغربة الإرادية أو 
اللاإرادية مثلا) ؛ فالذكريات والتخيلات وأحلام اليقظة» 
وكذلك المعلومات الحقيقية المرتبطة بأماكن معينة» تفيد 
فى تأكيد إحساس الرء بذاته وفى تاکید هویته» وفی 
ترسيخ شعوره باستمرارية هذه الهوية. 

|ذن؛ یمکننا تلخیص کل ما قلناه عن الوظيفة 
الرمزية للمكان فى کلمة واحدة هی «الانتماء؟» و 
كلمة أو مفهوم جد دلائل أو مصادقات كثيرة عليه فى 
أعمال محمد عبد السلام العمرىء منها مثلا ما يشيع 
فى القصص من رغبة واحدة عند مستوى التمنى والحلم 
فى التحقق الخاص والعام؛ وهی رغبة بقابلها حضور 
واضح عند مستوی الواقع لاحباطات وانکسارات کثيرة. 
ففی قصة «کش ملك؛ مثلا, [مجموعة (شمس 





بيضاء)] يقول الكاتب: :وتعود ذاكرتى بأحلامى التى 
لم تعطنى الدوامة فرصة لتحقيقهاه » فيظهر حلم الرغبة: 
فى معاشرة كل الجميلات والتطلع إلى 
قراءة كل من أضاف بإبداعاته. وأحلم ضمن 
ما أحلم بارتياد متاحف العالم ومعرفة آثاره 
والسياحة فى كل ألوان البحار والغوص فى 
الأعماق والتحليق فى الآفاق الرحبة الواسعة» . 
وبرغم ما فى الجمل الأخيرة من هذه الفقرة من خطابية 
وإنشائية واضحة ؛ فإن هذه الفقرة تكاد تكون بمشابة 
تلخيص للسيرة الذاتية للكاتب التى يوضحها الكثير من 
أعماله؛ حیث الفربة والضیاع ودوامة الحياة» ثم محاولة 
استعادة ما مضی والحلم به والتشبث باللحظات الجميلة 
الهاربة التى تنقضى بسرعة ولا تترك وراءها سوى الأسى . 
وفى هذه القصة دعوة واضحة للتمرد على الانهيار 
والضمف» وعدم الاستسلام لكل أشكال الخوف والتبعية 
والقسوة والتطرف والظلام . 
توجد فى قصص المجموعتين أماكن كثيرة توحى 
بأجواء كابوسية أو شبه كابوسية » حلمية أوشبه حلمية» 
منها علی سبیل الثال لا الحصر قصص: « کش ملك» + 
«المدن الجديدة» ؛ اشمس بیضاء) » «الصهیل؛ ؛ االنصب 
التذ کاری) » «ضیق الأمكنةه > صمت الرمل» ...إلخ . 
وسواء کان الکان الذی بصوره الکاتب مکانا 
داخحل الوطن أو حارجه» فإننا نلمح دائما ذلك الحس 
التقدى الرافض الذى لا يقنع بالوضع الراهن ويدعو إلى 
التمرد عليه وتغييره؛ ويستنكر ما يحدث من فساد فى 
التفكير والأخلاق والسلوك وينادى بقيم العدالة والحرية. 
فقصة النصب التذ کاری مثلا هی بمثابة الصرخة الفنية 
الرافضة لاستباحة الوطن ؛ فقد أضحی الدخل الرخامی 
للنصب التذ کاری مکانا لمارسة الحب (الجنس طبعا)» 
فالأجانب يمارسون الجنس ويعاقرون بنت الحان 
ویسکرون ویعبشون ویختلط حابلهم بنابلهم؛ فى المكان 





الوعی بالکان ودلالائه 


الذى كان مفروضا أن يكون رمزا للمقاومة والوطنية 

والشهادة والخلود والطهارة ؛ لذلك : 
«أضحى البهو الرخامى الأنيق ذو السجاد 
القرمزى من فرط استعمالات الكاميرات 
وأوراقها المصورة صورة من فوضى الشارع 
السعامد » اٍذ امتلا بالأوراق وعلب الأقلام 
واعقاب السجاثر وعلب الکبریت والسجاثر 
الأجنبية الفارغة» . 

لذلك يصاب الرارى الذى کی القصة على لسانه 

بالفزع والرعب: 
٠ينتفض‏ من هول مسا يرى » وتروح نظراته 
جوب المكان ماسحة » تتطلع إلى شمس 
السماء العالية » وترتد إلى جنود الحرس 
النکسرین فى خنوع واستسلام > محاولین 
قدر طاقاتهم الفردية الفوز بصورة مع هولاء 
الزوارا . 

فى مواجهة هذا الانکسار والتردی» تنبعث الذاكرة 

القومية بداخله؛ فى محاولة لمواجهة ما- على مستوى 

التذكر والحلم - ا لم يستطع مواجهته عند مستوى الواقع : 
ايرى مركبة رمسيس الثانى منتصبة ومتأهبة 
ينطلق بها جوادان ملجمان مزینان بالريش 
بعتليهما الفارس القاتل وحامل الرس ؛ 
وبيدو المقاتل ماسكا بأعنة الخيل التى يلهبها 
بسوطه» وعلى الجانب الأيسر من صندوق 
المركية جعبتان مخويان سياطا وعصيا وأسهماء 
وهو الفارس عاقد الأعنة حول وسطه يبدو 
طليق اليدين مستعدا » وعلى ظهره جعبة 
سهام ذات نصال من العظم ثم المعدن. 
والمقاتل فى حالة استعداد وحامل السرس 
الخشبی يحميه » تغطى رأسيهما قلانس من 
جلد الحیوان وجسداهما یتدثران بنوع من 
الحمایة؟ . 


“0۹ 


شاكر عبد الحميد 


ثم يمر بنا الكاتب عبر فترات تاريخية مختلفة 
سادتها الانتصارات أو الانكسارات» ليقدم لنا الاتتصارات 
القديمة والانکسارات الحديثة» هزيمة ٠۹١۷‏ خحاصة» 
التى حفرت فى قلبهء وفی قلوبناه جروحا لا تندمل 
(والتی صور الکانب آنارها فی قصة #الصحاری» أیضا) ؛ 
لذلك فهو : 
«یحس بادراك مذهل (حباطاته الداخلية 
ووحدته وأن البرودة التی تمتریه لا یمادلها 
برودة أو صقيع فيفتقد الشجر الواقف أمامه » 
المتدلية أفرعه القاحلة » يفتقد أحدا ينتشله من 
هذا الکان » ويذهب إلى بيته ؛ وكأن دهرا 
مر علی مغادرته له » یفتشد بسمه طفله 
الصنیر ؛ وحضن زوجته » واشتياقه إلى 
تساؤلاتها التى طالما تبرم بها عن أسباب كثرة 
تفیبه عن النزل والبیت بالخارج وتساژلانها 
الحائرة التى لا تنطق بها والمكتوبة على 
عينيها) . 
ومکذا » فاننا مد دائما أن شخصيات قصص هذا 
الکانب دائما ما تعود (لی الداحل عندما تواجه هذه 
الصدمات والاحباطات فی الخارج . وقد یکون هذا 
الداخل هو الوطن (إذا كانت الشخصية موجودة 
خارجه) » وقد یکون هذا الداخل هوالبیست 
والأسرة آو القرية أو الاضی. ففى قصة «أحاديث 
الشتاء»» [مجموعة (إكليل من الزهور)] دعوة واضحة 
لی الوحدة الوطنية ونبذ التطرف والعدوان والعدوان 
الضاد بين عنصری الوطن,» بل إننا جمد أن الصداقة 
الوجودة بین محمد ومجدی (وهو مسیحی هنا) نفمة 
ییزفها الکانب فی عدد من قصص هائین اجمرعتین . 
فى «أحاديث الشتاء؛ دعوة إلى الألفة والحبة والود 
ولتكاتف. ويرى الكاتب أن هذه الجوانب الإيجابية 
موجودة على نحو خخاص فى القرية. لذلك؛ فهو يتحدث 
بحب شديد عن القصب (خد الجمیل) وعن البرتقال 


1. 


اليوسفى و«العجوة المنسولة) » ويتحدث أيضا عن «الجمل 
الوديع احمل بأغمار الذرة الخضراء التى تطل شواشيها 
من حت الحيش» » ويتحدث بحنين شديد عن «أحاديث 
الشتاء الدافكة الودودة؛؛ وعن جلوس الناس حول راكية 
نار التدفعة» وبحلم بوجه صدیقه» ۱مجدی)»؛ اویتذ کر 
طفولتهما وصباهما وذكرياتهما فى المدرسة وذ 
الحياة» . ويتذ كر أيضا «رائحة العشاء» والطبيخ الساخن» 
القلقاس وحرارته الكامنة» الأرز واللحم والسلاطة» أياد 
تتلقف وأفواه تقتحمء ثم يتذكر كيف جاء خاله 
(المتعصب) وكيف نظر إلى (مجدی نظرة ملؤها الغيظ 
والحقد؛؛ وکیف لم یجد الصدیقان وسیلة لا کمال 
السهرة بطريقة محببة إلا بالانسحاب والذهاب إلى بيت 
مجدى كى يواصلا سهرهما وفرحهما. 

يفيد الكاتب فى هذه القصة من مفردات كثيرة 
قائمة فى حياة الناس » فى القرية المصرية خاصة » کی 
يصور لنا ما يجول بأذهانهم وما يضطرم فى أعماقهم من 
أحلام ومشاعر وطموحات وذ کریات» فقصب خد 
الجميل الذى يصفه الكاتب بعشق شديدء والبرتقال» 
واليوسفى» والذرة المشوية؛ والجمال؛ والقطط» والئاس» 
والطعام» كلها مفردات يريد أن یرمز من خلالها 
أو يومئ أو يشير ضمدا- إلى قيم غابت وقيم جاءت: إنه 
يريد أن يشير ضمنا إلى قيم ومشاعر المودة» والاحترام» 
والتكانف؛ والشرح الفطرى التلقائى؛ والصداقة المدزهة 
عن الهوی» رکلها قیم ومشاعر توشك أن تنقرض لتحل 
محلها قیم ومشاعر العداوة, والتفككء والانفصال» 
والتشاؤم» والا فتعال» والمصلحة» والبراجماتية القيتة» 
والتعصبء وغير ذلك من القيم والمشاعر التى يمكن إن 
سادت أن مجعل صفحة حياتنا أشد ظلاماً. 


الوظيفة التعبيرية للمكان : 
فاختيار المرء وتعبيره ووصفه الأماكن وانتقاله 


عبرها» يسمح له بالتعبير عن القيم الفردية والجماعية 
الأساسية الى يؤمن بها هذا الفرد وهذه الجماعة» 





أو يدمنى حدرثهاء وهى يمكن أن تكون مجموعة من 
القيم الدينية والأخلاقية أو مجموعة من القيم الاقتصادية 
والاجتماعية أو الجمالية؛ أو غير ذلك. 

فتصویر الشاهد التی خدث فیها نشاطانناء أو 
حديثنا عن هذه المشاهد وهذه النشاطات ؛ يمكنه أن يعبر 
عما نحن فيه أو عليه الآن » وعما نطمح إلى أن نكون 
عليه فى المستقبل» وترتبط هذه الوظيفة بدرجة كبيرة 
بالوظيفة الجغرافية والوظيفة الرمزية للمكان. 

وقد رأينا عبر القصص السابقة أن الأماكن التى 
تكثر فيها الأحداث هى أماكن كثيرة» قد تكون داخل 
الوطن أو خخارجه؛ لكنها جميعها بمثابة الوسائل أر 
الأدوات انتى تنقل رؤية الكاتب الخاصة للحياة وتعبر 
عنها . وقد رأينا أن هذه الرؤية تلتئم فيها مجموعة من 
العناصر التکاملة التی تعبر عن رفض هذا الکانب کل ما 
هو سلبی وانهزامی فی الحياة, وعن دعوته الدائمة للتمرد 
والرفض والتحرر من كل مظاهر وأشكال التبعية, 
الضعفء والاعتماد على الآخمرين» والمداجرة بالقيم 
وبالمبادئ» وبالتاریخ» ومصادقة الاعداء ومعاداة الاصدقاء» 
. :تعصبء والتطرف» والتزمت؛ وضيق الافق» وافتقاد 
اللمسه الجمالية فى الحياة الخاصة والعامة, والدعوة إلى 
الوحدة الوطنية؛ وإلى التكاتفء وإِلى انبعاث حلم قوبى 
جديد یحرر الوطن من خیباته ومشاکله وهمومه. 


الکان وأزمة الهوية : 

يمكن أن نتتحدث عن وظائف أخرى للمكان» 
مثل الوظيفة المعرفية ممناعددة عالاتدعدهت التى يرودنا 
الکان فیها بالهادیات أو المعينات أو المعلومات المناسبة 
للسلوك» كما يزودنا بوسائل لاستعادة ذكرياتنا الخاصة 
والعامة (وهى أيضا نمط من المعلومات والمعرقة» . 

وأيضا يمكننا الحديث عن الوظيفة الأداتية أو 
الو سيلية function‏ اstrumenta!‏ للمكانء التى تشير إلى 
أننا نستخدم المكان بوصفه وسيلة للاتصال المتكرر مع 


الوعی بالکان ردلالانه 


الجماعات الختلفة» وأيضا للقيام بالنشاطات المرغوبة أو 
غیر الرغوبة (كما وضح ذلك فى أماكن مثل : المقهى 
والبیت والوسعاية والصحراء وللدن الجديدة, لدی هذا 
الكانب) . لكننا نفضل أن نتكلم الآن عن علاقة الکان 
بالهوية الخاصة والعامة. 

ويرتبط بموضوع الهوية بشكل وثيق موضوع آخر 
يكاد يكون بمثابة الوجه الآخر للعملة » ألا وهو موضوع 
أزمة الهوية. وهناك وجهات عدة من النظر فى الفكر 
السيكولوجى المعاصر حول الهوية. وقد قامت هذه 
الوجهات بالت رکیز علی عملیات تشکیل أر تکوین 
الهوية» وأعطت اهتماما تحاسا للتحولات التی خدث فى 
هذه الهوية ؛ وهى التحولات التى يش e‏ 
نحو نشط» وقد تعانى الذات أو تمر خلال ذلك 
بتحولات مؤثرة أو دراماتيكية فی حياتهاء ما يحدث 
انقطاعا مع الذات المبكرة. ويتجلى ذلك على نحو واضح 
عندما نقارن بين القصص التى يتحدث فيها الكاتب 
من خلال الذاکرة غالبا - عن عالم الاضی وعالم 
القربة وطفولته وذكرياته القديمة من -جهة؛ والقصص 
التى يقدم لنا فيها هذا الواقع» داخل الوطن أو خارجه » 
شديد القسوة والصرامة والبررد من جهة أخرى. وفى كل 
قصة هناك معاناة » ومن خلال المعاناة تقشکل ذات 
جدیدة آشد صلابة لکنها اکثر تشاژما. 

ولا تمثل هذه الانقطاعبات مم الذات البکرة 
عملیات فشل ملازمة لتکوین أُوصیاغة الهوية بالضرورة؛ 
لكنها قد تمثل حركات إيجابية جاوز التحديدات المبكرة 
المتصلبة والمقيدة للذات» وتوسیعا واضحا فی داثرة الوعی » 
وقد تتطلب بعض هذه التحولات قطع الروابط - مژقتا 
أو دائما ‏ مع الأماكن القديمة أو مع الأشخاص الذين 
يمثلونهاء ويصبح تخول الهوية كاملاء رعبور الشخصية 
للأزمة ناجحا ‏ فقط ‏ عندما يكتشف المرء صيغة مناسبة 
تجمع بين الذات والمكاث» فيحدث لديه إحساس 
بالتعرف» كأنه ينظر إلى ذاته وإلى مكانه للمرة الأولى. 


4 


شاكر عبد الحميد مم سس سس سس سس سس ل سس 


إنه يبدو كما لو كان ينظر إلى مرآة المكان التى تعكس 
الذات الحقيقية. 
فى الأعمال الشعرية والقصصية التقليدية والحديثة 
يكتمل الوصول إلى الذات عبر رحلة ماء فى الصحراء أو 
البحرء أو عبر بلدان عدة؛ جد ذلك مثلا فى (الأرديسة) 
لهوميروس» (العجوز والبحر) لهمنجوای» (موبى ديك) 
لملفيل »۽ (حد الوسی) لسومرست موم» وغیرها. رده 
فی «طردیةه أحيد عبد المعطى حجازى » وفى العديد 
من روایات وأعمال عبد الرحمن منیف» وادوار الخراط» 
وجمال الغیطانی» ويوسف إدريس» وإبراهيم عبد امجيد؛ 
وحبا مينه؛ ويحيى حقى ؛ والطيب صالح ؛ وسليمان 
فیاض: (أصوات) ودلا أحده مثلا » وهو موضوع يحتاج 
ای مزید من الدراسات النقدية العربية. 
إن الرحلة ذاتهاء إجبارية كانت أو اخعيارية» 
برصفها علاقة ما للذات مع الکان وعبره» ومن خلاله, 
قد تكون هى العملية التى یکتمل من خلالها حول 
الهوية . وتقوم التأويلات والأعمال الأدبية الهتمة بنمو 
الذات بالتركيز على رحلة ماء كما قلناء بوصفها مظهراً 
خارجیاً - و وسبلة - للتفیرات التی محدث فى الداخل» 
وهی رحلة تکون» فی واقع الأمر» بعشابة احاولة التی 
يقوم بها المرء داخل العمل الأدبى للبحث عن آقرب 
الأشياء إليه وأبعدها عنه فى الوقت نفسه. إنها رحلة 
للبحث عن الذات وعن الوطن وعن كل مايفكر 
الإنسان فيه ويحلم به ويهرب منه وإليه. 
کان اريك اریکسون (احلل اللفسی العروف) 
یقول إن على الناس أن يضعوا أنفسهم فى سياق تاريخى» 
وفی مناخ اجتماعی» من أجل الوصول إلى هوية للأنا 
۱0609۷۲ مع ؛ وإن هذه العملية تشتمل على فهم لدی 
تواؤم المرء مع الزمن الذى يعيش فيه» وكذلك على فهم 
لمدى ملاءمة العلاقات انختلفة القائمة بين المرء 


والاخرين . 


5 


هناك رحلة ما تتجلى آثارها عبر عدد من قصص 
هاتين المجمرعتين: هى رحلة داخل الوطن عبر أماكنه؛ 
ریفه ومدنه» ورحلة خارجه » هی الأكثر هيمنة؛ رحلة 
قام بها الكاتب إلى إحدى دول الخليج. وهی رحلة 
ترکت آثارها الکبيرة على حیاته وعلی کتابانه . وتتجلی 
مظاهر وأبعاد وخبرات هذه الرحلة فی عدد من قصص 
المجموعتين كما سبق أن ذکرنا» ونحن نتحدث عن 
القصص التى كانت الصحراء وعوالمها هى المهيمنة على 
الأجواء القصصية. كما تتجلى آثار هذه الرحلة أيضأ فى 
عدد من القصص الأخرىء أو تتبدى فى تعبير ما يظهر 
فجأة» ومن خلاله تتكشف تلك الآثار التى تركتها تلك 
الرحلة فى وعى الكاتب وفى ذاكرته؛ لقد كانت رحلته 
خارج بلده بمثابة الاكتشاف لإطار أكبر تنتمى إليه مصر 
ولا تستطیع أبدا أن تفلت منه. فالحركة النحورية داخل 
قصص هذا الكاتب هى من الوطن وإليه» من داخله إلى 
خارجه ثم إلى داخله مرة أخرى. ولقد كانت رحلته 
خارج الوطن (بالعنی الضیق) بمثابة اکتشافه والحنین 
إليه والامتلاء به » حتى إذا عاد إلبه كانت هذه التجربة 
المليكة بالأفكار والمشاعر والصور المتناقضة. لقد أدت هذه 
الرحلة إلى مزيد من الاكتشاف للذات وقدراتها المبدعة» 
وإلى مزيد من الامتلاء بالوطن وهمومه وصراعاته 
وأحلامه» وإلى مزيد من الإيمان بقيم العدالة والحرية 
والاستقلال والتحقق والتقدم» وهى قيم تتجلى لدى هذا 
الكاتب وفى كتاباته على أنها راسخة. 
خانمة :1 

عرضتا فى الصفحات السابقة للأبعاد امختلفة عند 
القاص محمد عبد السلام العمرى» كما جلى ذلك 
على نجو واضح فی مجموعتیه (شمس بیضاء) ۰۱۹۸۹ 
و (کلیل من الزهور) ۱۹۹۱ ۰ 

عندما نقارن بین قصص هاتین اجموعتین» سنجد 
أن المنطلقات التى يتحرك الکاتب منها والیها تکاد تکون 





واحدة؛ فعالمه واحد وإن تعددت أماكنه ومظاهره» 
وأشکال التعبیر عنه » ورژیته واحدة متماسكة؛ توضحها 
القيم والمبادئ المحركة لهذا العالم » لكننا ينبغى أن نقول 
أيضا إن هذا الكانب قد أصبح فى مجموعة (إكليل من 
الزهور) أكثر قربا من مادتهء أو أكثر قربا من موضوعه 
عما كان عليه حاله فى مجموعة (شمس بيضاء) ؛ لقد 
صارت العوالم أكثر حميمية برغم ما يصطرع فيها من 
قسوة وجهامةء وظهرت طاقة من اللور توحی ببصیص 
من الأمل يوشك أن يعسلل إلى المكان. لقد صارت 
الشخصیات برغم ما تعانیه من عذاب وقسوة ویأس 
وإحباطات أكثر دفئا وإنسانية؛ ولم تعد اللغة تقف حاجراً 
بين الكاتب وعالمه؛ ومن ثم بينه وبين قارئه » كما كان 
الحال فى بعض قصص (شمس بيضاء»). لقد كانت 
الوظيفة الجغرافية للمكان التى أسماها عبد الفتاح رزق 
«التصویر الالکترونی للمکان» هى المحددة لمسار وطبيعة 
حرکة الفرد والجماعة داخل هذا الکان» وذلك بالنسبة 
إلى مجموعة (شمس بيضاء». أما فى (إكليل من 
الزهور) » فقد أصبح إحساس الشخصيات الرئيسية الختلفة 
- التى تكاد تكون شخصية واحدة برغم تعدد مجلياتها- 
بالکان هو الذی یحدد مدی حضور هذا الکان بداخله 
او مدی غیابه عنه؛ ومن ثم فقد جد إحدى الشخصيات 
داحل أحد الأماكن (جغرافيا)» لكنها فى الوقت نفسه 
خارجه لأنها تكون (رمزيا ومعرفيا وتعبيريا) فى مكان 
آخر» تتذ کره وتخلم به وتتمناه » ويكون هذا المكان هو 
الوطن إذا كانت الشخصية خخارجه؛ ويكون هذا المكان 
هو القرية [ذا كانت الشخصية داخل الوطن لكنها فى 


الموامش : 


الوعى بالمكان ودلالاته 


إحدى ملته؛ حيث الضجيج والقسوة والعلاقسات 
الإنسانية المفككة أو اللاإنسانية . 

لذلكء فإننا جد أن هذا الكاتب كانت تكثر لديه 
فی قصص (شمس بیضاء) التعبیرات الدالة علی 
الخصائص الصلبة والخشنة للمکان ؛ وهی التعبیرات التی 
أراد أن یصور من خلالها صلابة الخرسانة والحدید 
وجفاف الاسمنت والخشب وتدبب السامیر والزوایا» 
كما سبن أن ذكرناء إضافة إلى اهتمامه بالأفكار 
والشاعر والعلاقات الإنسانية المتساوقة مع هذه الصورء 
لكنه فى (إكليل من الزهور) صار أكثر اهتماما بصلابة 
الحياة وخشونتها من اهتمامه بصلابة الحديد والخرسانة 
وخخشونتهاء وصار أكثر التفاتا إلى الجفاف الذى يسود 
العلاقات الإنسانية من التفاته إلى جفاف الإسمنت» 
وصار أكثر ولعا بالتعبير عن القيم والمشاعر الحادة 
والعنيفة من اهتمامه بالمسامير والزوايا الحادة والمنفرجة؛ 
لقد صار أكثر امتلاء بالمكان كما ينعكس فى الداخل» 
من اهتمامه بالمكان كما يرتسم فى الخارج؛ ولسنا فى 
حاجة إلى تأكيد وجود تفاعل دائم بين هذين العالمين. 
لم يعد الكاتب برصد عاله الأثير بوصفه مهندساء بل 
أصيح يراقبه ویرصده وتفاعل معه من خلال عين 
الفنان. وما قاله علاء الديب عن قصص (شمس 
بيضاء)“ من أنها مكتوبة بقصدية واضحة وتعمد؛ ما 
يذكرنا بقول يحيى حقى ؛ ١لا‏ أحب أن أسمع صرير 
القلم على الورق»؛ هو أقل انطباقا على قصص (إكليل 
من الزهور) منه بالنسبة إلى قصص (شمس بيضاء؟ ٠‏ 


Woods, M & Agostein, F. Personal identity and The Imagery of Place, Psychological Issues and Litrary themes: Journal of : رظil‎ (1) 


(۲) الرجع نفه. 


Mental Images, 1984, No 8, 3, pp. 5L - 66. 


(۳) مجمد عبد السلام العمرئ : شمس بيضاء » مختارات فصول» الهيعة المصرية العامة للكتاب» القاهرة 1۹۸۹ - 

(4) محمد عبد السلام العمرى: إكليل من الزهورء القاهرة؛ أصدقاء الكتاب للتشرء 1551 1 

(6) مامى خخشبة :كلمة على الغلان الأخير ججموعة شمس بيضاء ٠‏ مختارات فصولء الهيئة المصرية العامة للكتاب» القاهرة 15/44 
(5) علاء الديب: شمس بيضاء فوق مدن جديدة: مجلة دصباح الخيره القاهرةء ۱۹۹۱/۱۱/۳ 


۳۹۳ 


ااا راتلاططاطتنالاتهاة مطل نا 


قراءة فى كناب 


الرواية والتراث السردى 


حسن حهاد 


www 


كثيرة هى النصوص الروائية التى تتشكل عن طريق 
العلاقات التی تقيمها مع نصوص التراث السردى العربى 
القديم. ويبحث هذا الكتاب (الرواية والتراث السردى)7©» 
الذى يحمل عنوانا فرعيا "من أجل وعى جديد للتراث؛ 
لسمید یقطین» طبيعة هذه العلاقة التی نتحدث عنهاء 
بين النصوص الروائية المعاصرة والنصوص السردية الترائية . 


فمازال النقد العربى يختزل كل علاقات النصوص 
التى تعقدها بعضها ببعض» فى نوع أو نمط واحد من 
مذه السلاقات؛ وأعنى به «التناص 6اللهن ا «ع 1م21 » 
متجاهلا كل الأنواع والأنماط الأخرى للتداخل النصى 
التى تقوم بها النصوص. 

وهنا على وجه التحديد تأتى أهمية الدور الذى قام به 
سعيد يقطين فى هذا الكتاب» من أجل توسيع دائرة 
البحث فى التداخل النصىء مستندا فى ذلك على جيرار 
1 جينيت 067616 .0 الناقد الأدبى صاحب المسيرة المتميزة 
فی دراسة التداخل النصی۲۳. 


ME 


ومن بين الأنماط الخمسة للتداخل النصى التى 
حددها جينيت فى كتابه (الالواح الممسوحة Palimp-‏ 
5 وهی : التناص 1016160116 » والتوازى النصى 
۲۵۵ والیتانصية »Métatextualité‏ والتصية 
الشاملة ۸۵۱60۵166 والتعلق النصی ۲۷866 
کاناه » يركز يقطين فى هذا الکتاب علی دراسة نوع 
واحد فقط من هذه الانماط هو التعلق النصى Hyper-‏ 
6( نظراً لتميزه عن غيره من أنماط التداخل 
الأخرى التى لها طبيعة جزئية؛ بكونه يحمل طبيعة 
كلية» وبوصفه نمطا من التداخل يحدث بين نصين 
محددین» متكاملين. فالتعلق النصى هو العلاقة التى 
تقوم بين نصين أولهما سابق 12006 والانی لاحق 
۷۵( : حيث إن النص اللاحق يكتب النص 
السابق بطريقة جديدة. 


وتقوم دراسة يقطين على اعتبار أن النص السردى 
الترانى نص سابق» أقامت معه الرواية علاقة باعتبارها نصا 


سس سس قراءة فى كتاب الرواية والتراث لمردی 


لاحقا. ومن هذه الزاوية جاء يقطين ليبحث فى موضوع 
معين هو علاقة الرواية بالتراث؛ فهو يدرس علاقة التعلق 
النصى للنص الروائى ضمن إشكالية عامة؛ هى علاقة 
الروائى بالتراث السردی القدیم من خلال فعل الكتابة» 
۱ - «الزینی برکات) : (بدائم الزهور) . 
؟ - (ليالى ألف ليلة» : (ألف ليلة وليلة) . 
۳ - (نوار اللوز) : (تغربية بنى هلال) . 
؛ - (ليون الأفريقى) : (وصف أفريقيا . 
ويتكون الكتاب من ثمانية نصول حوی مقدمة 
وخانمة. 
الفصل الأول: 
وهو مقدمة تنظيرية يعرض فيه يقطين لنمط التعالق 
لذى استند عليه كما جاء عند جينيت؛ عن طريق 
عرض مركز حول ما يسميه جينيت «التنفل النصى 
۵۵۵۵6 من حيث هر منطلق نظرى يمكن 
لقارئ من تكوين فكرة عن الطريقة التى يشتغل بها 
يقطين فى خليل النص الروائى العربى فى علاقته بالنص 
لتراثى السردى. وتوسيعا لدائرة البحث ؛ فإننا بجده 
يبحث فى العلاقات النصية عند العرب القدامى وطريقة 
رصدهم لظاهرة العلاقات بين النصوص» خاصة نوعية 
الفهم وكيفية التصور الذى مورس قديما فى دید نمط 
التعالق أو علاقة النص السابق بالنص اللاحق فى النقد 
العربى . 
إذن تنقسم المقدمة إلى منطلقين نظريين هما: 








أولا - العلاقات النصية عند العرب القدامى : 
ويسعى الباحث خت هذا العنوان إلى توضيح كيفية 
فهم العرب لعلاقات النصوص بعضها ببعض» رالخلفية 


لتی غکمت فی التقعید لهاء محاولا الوصول الی 
الذهنية التى ساهمت فى طبع النص العربی بطوابع 
معينة» والتی حددت علاقة النص السابق بالنص اللاحق» 
كما يتساءل عن مدی استمرار هذه الذهنية القديمة فی 
وعى ومارسة النقاد» وتأثرهم بها فى الوقت الراهن. 
ويهتم الباحث هنا بما يسميه «النص النمرذج؛ أو المثال 
امحتذى؛ وهو نص له مواصفات نصية نموذجية تمتلئ 
بها مختلف الکتب والصنفات الخاصة بسر صناعة 
الأدب عند العرب. والتص النموذج تبعا لأغلب هذه 
الکب متحقق فی الاضی؛ فبرغم جودة الحدثين أحياناء 
لا آن الفضل دائما یظل للسابی علی اللاحق. ویحاول 
الباحث أن يقعد لكيفية الاتصال بالنص النموذج عند 
البلاغيين القدامى» فيحدد الباحث كيفية التعلق به 
باعتباره نصا سابقا فى ثلاثة أشياء: 

١‏ الأدوات والمواد. 

۲ - الزمن. 

۳ - الطرائق التی تساعد الکاتب علی احتذاء 

هذا النص الأنموذج. 
أما «المادة؛» ويقصد بها الباحث ما كان يسميه النقاد 

القدامى بالمعنى الذى يأنى للكاتب من ضرورة التزود 
بنصوص الآخخرين عن طريق اتساع حافظته لشعر فحول 
الشعراء» ورسائل وخخطب البلغاء؛ وأمثال العرب... وهی 
تصوص عامة بعكس «الأداة» التى يقصد بها الباحث 
النصوص الخاصة بالجنس الذى یبد ع الکاتب من خلاله 
أدبه. أى أن حافظة المبدع لابد أن تترسخ فیها صفات 
النص النموذج» الذى يؤثر فى كل نصوصه اللاحقة 
التى تنتسخ فيها عناصر من النص السابق. إلا أن القدماء 
يشترطون على المبدع «نسیال» ما املا به من نصوص 
غيره» وليس هذا الشرط - فى رأى الباحث ‏ إلا لطمس 
معالم النص السابق حتى لا يظهر بوضوح فى النص 
اللاحقء بل يظل فى الخلفية يعمل فى الخفاء 


۳۹۵ 


خسن 


ولا شعوريا ولا صرناء فى حالة بروزه أو علانیته» أمام 
تسميات معيبة مثل السرقة. 


أما «الزمن) فيقصد به علاقة المبدع بزمن إبداع 
النصء الذى يختلف فيه شعور المبدع صاحب النص 
اللاحق بالنص السابق فى هذه اللحظة من الزمن» فإذا 
كان هذا الشعور بالنص السابق غائبا أو متوارياً أو غير 
مدرك؛ فإنها إذن لحظة مواتية للإبداع يشتغل فيها 
«النص النموذج» بحرية فى النص الإبداعى. أما إذا كان 
هذا الشعور مستيقظا ومدركاء يكون للنص السابق 
حضوره الخاص الذی یشوش علی التص اللاحق» فيأتى 
هذا الأخير غير متشرب لغيره من النصوص» ولکنه یبد 
قولها فقطء أى لا يتفاعل معها بل ينقلها. ولذلك , فإن 
شرط النسيان الذى يلح النقاد العرب القدامى عليه ما هو 
إلا شرط من أجل ضمان البعد الزمنى أو من أجل 
ضمان تلاشى وجود النص السابق من الشعور ووجوده 
فى اللاشعورء أى أن تجربة الكاتب مع النصوص السابقة 
قد اختمرت بالشکل الکافی. 


أما عن «طرق ممارسة» الكاتب التعالق بالنص السابق» 
أر كيفية توظیفه نصوص غیره من البدعین؛ برکا 
الباحث أن النقاد العرب الفدامی کانوا ینظرون لی 
الاقتباس» والتضمين؛ والاستشهاد» نظرة إيجابية بل 
ضرورية أيضا لعملية الإبداع؛ وهو ما اتضح عند الكلام 
عن «المادة» و«الأداة». كما أن السرقة أيضا عند 
الجرجانى من الممكن فهمها على أنها إعادة بناء على 
أساس أن النص اللاحق لا يمكن أن يتأسس إلا على 
علاقة ما بالنص السابق. أى أن العرب لم بروا توظیف 
الكاتب لنصوص غيره من النقائص. وما الاقفتباس 
والتضمين إلا أشكال لتوظيف نص الآخر. 

وعن آنواع التفاعل النصى عند الصرب القدامی» 
یتحدث الباحث عن صنفین: الصنف الاول هو التفاعل 
النصی الخاص, والصنف الثانی هو العفاعل النصی العام. 


۳۹۹ 


ماد سس ااا 


أما التفاعل النصى الخاص فيبدو حين يقيم نص علاقة 

مع نص آخر محدد» وهى علاقة تظهر على صعيد 

الجنس والنوع والنمط. وأما التفاعل النصى العام؛ فيبدر 
حين يقيم نص ما علاقة/ علاقات مع نصوص عدة 
برغم ما بينهما من اختلاف على صعيد الجنس والتوع 

والنمط. 

وقد أوضح الباحث أن النقاد العرب القدامى قد 
وجهوا عنايتهم الكبرى واهتمامهم الزائد للتفاعل النصى 
الخاصء ويعود السبب فى ذلك إلى أن تخليلاتهم 
للنصوص كانت جزئية وليست كلية. فالتفاعل النصى 
لم يكن ينظر إليه من خلال النص فى كليته؛ بل كان 
البحث عن الشاهد أساسيا فى نمط التفكير. فهم الناقد 
كان يتحدد فى أن يجد علاقة بين بيت شعرى وبيت 
آخر بوصنه نظيرا له فى الذاكرة النصية» ثم يقيم علافة 

ويحدد نوعهاء ويوجد لها مصطلحا يناسب هذه العلاقة, 

ويلخص الباحث وجهة نظره فى كيفية تناول النقاد 
العرب القدامى للتفاعل النصى فى عدة نقاط أو 

ملاحظات: 

١‏ أن المعالجة كانت جرئية» إلا أنها كانت دقيقة فى 
تقصى ومعاينة مختلف الطرق الموظفة لرصد 
التفاعل النصى. 

؟ ‏ أن جزئية المعالجة جعلت القدماء بنظرون إليه من 
زاوية بلاغية محضةء» مثل مواطن الإجادة والرداءة 
فى علاقة النص اللاحق بالسابق» مع الانحياز إلى 
أن الفضل يظل للسابق. 

 *‏ أن الأسماء الكثيرة للمصطلحات نتيجة 
للملاحظتين السابقتين (الجزئية والبلاغية), 
ويمكن اختزالها إلى مصطلحات محددة ومركزة. 

وبناء على هذه الملاحظات؛ فإن الباحث يدعو | 
اعتبار أن المصطلحات العربية للتفاعل النصى كالتضمين 


م كوك حو ل يلت يض راي فق کتاب ارية ترا لسرذعا 


والاقتباس والاستشهاد.... بمختلف ما تحويه من أضرب 
محمودة أو حتى مذمومة هى .شئ واحد يمكن أن يختزل 
ويدرس ويسحث فى أنواعه بطريقة تراعى المشسرك 
والمختلف. ولعل هذا هو الذى يساعدنا على رصد 
المصطلحات من جهة؛ وعلى تطوير التصور العربى لما 
تقدمه لا النصوص الحديثة والنظریات الجديدة من جهه 
ان 

والحقيقة أن ما يدعو إليه الباحث هنا هو شئ 
ضروری وملح؛ بل منطقی» حاصة عندما یکون ذلك هو 
ما فعله تقرييا جیرار جینیت نفسه - وهو صاحب السيرة 
المتميزة فى دراسة التداخل النصی - وذلك عند توسیعه 
دائرة البحث فى التداخل النصى» وتخطى مفهوم 
التناص الكرستيفى وهو المفهوم المؤسس» واعتباره 
مجرد نوع واحد فقط من أنواع التدقل النصى ۲۲۵۸5-۰ 
textualité‏ . 


ثانيا . المتعاليات النصية 
عند جینیت 6606016 .06 : 

یحاول الباحث هنا دراسة أنماط التداخل عند 
جينيت من أجل تمهید نظری بساعد علی المارسة 
والتطبیق. ولذلك» فان ما یهمه هو طبيعة العلاقة بين 
أنماط التداخل. وبناء عليه فهو يلاحظ أولا: أن نمطین 
محددين هما التعلق النصى ومعمارية النص لهما طبيعة 
كلية؛ بعكس باقى الأنماط الأخرى التى تحمل طبيعة 
جرئية: ثانينا: أن الأ.ماط ذات الطبيعة الجزئية تأنى 
برصفها بنيات نصية تعمل من خلال نمط التعلق 
التصی صاحب الطبيمة الكلية» ولذلك فانه مدار درسه 
واهتمامه» حيث إنه نوع خاص من أنواع التفاعل 
النصى . 

ويفرق يقطين بين نوعين من التفاعل النصى؛ هما 
التفاعل العام الذى يحدث بين مختلف آنواع النصوص 


وأنماطها وأجناسهاء والتفاعل الخاص الذى يقصد به 
التعلق النصئ . 

أما أنواع التفاعل العام فهى : 
_ المتناص : بنية نصية محولة ومتداخلة مع بنية أخرى. 
الميتانص : بنية نصية يعلق بواسطتها. 

أما أنواع التفاعل الخاص فهى : 
المحاكاة : التى ترمى إلى تثبيت القيم النصية واستعادتها 


بهدف إدامتها. 
- التحویل : تنويع على القيم نفسها لكنه لا يقدر على 
تغييرها. 


المعارضة : هى التى يتم فيها تغير القيم النصية. 


الفصل الثانى : ليالى ألف ليلة وألف ليلة وليلة 

ويدرس الباحث فى هذا الفصل رواية (ليالى ألف 
ليلة» لنجيب محفوظ بوصفها نصا «متعلق» تعالق 
ب (ألف ليلة وليلة) بوصفها نصا «متعلق به»» لکی 
يصل إلى إدراك مدى إتناجية وحصوصية نص (لیالی 
ألف ليلة) ومدی تمیزها باعتبارها نصاً لاحقاً عن التص 
السابق الذی تفاعلت ممه سواء علی مستوی الادة أو 
مستوی الخطاب. . 


ويدرس الباحث علاقة التعالق هاته نحت ثلاثة 
عنارين: 
١‏ ألف ليلة وليلة 


وييحث يقطين شخت هذا العنوان عن مبدأ الحكى فى 
(ألف ليلة وليلة» الذى يعتقد أن جوهره يكمن فى 
مقولة شهر زاد وأن ما سأحكيه أعجب مما حكيت؛» 
ويحمل هذا المبدأ المقترح من وجهة نظره للحكى بعدين 
أساسيين ؛ هما الزمن والعجب. 


۳۷ 


حسن حماد 


أما الزمن» فهو الذى تسعى شهرزاد من خلاله إلى 
مارسة الحکی حتى يتأجل الموت. وأما العجب فهو 
الحافز أو الدافع لمواصلة الحكى من جانب شهريار؛ 
فالمجب هر الذى يجعله مستسلما للحكى ولتأجيل قرار 
الوت. وبالطبع» فإن الزمن هنا خمارج إطار القصنء أما 
العجب فمتداخل معه من خلال القصص العجيبة 


المتضمنة. 
۲ - لیالی نیب محفوظ: 


يأحذ یب محفوظ القصة الاطار 1 (ألف ليلة) 
ویجملها مدار حکیه, لتکون نهایتها بداية لیالیه, إلا أنه 
یمد هذا اللص النتهی مرة أخری عن طریق استعادة 
بعض عوالم القصص التضمنة لیحکیها لنا بوصفها 
وقائم جارية لا بوصفها حکایات منشهبة. ویمکتنا مع 
الباحث رصد تولات العناصبر والواد الحكائية التی 
وظفها میب عن طریق نقط الاختلاف بین النصین: 
١‏ على صعيد الشكل السردى : إذا كانت شهرزاد فى 

(ألف ليلة) صوتا سرديا مكلفا بالحكى فهى عند 

جيب فاعل فى الأحداث:» فى الوقت الذى يتكفل 

بالحکی ناظم خارجی آخر (الذات الثانية للکانب)» 

وبذلك تبتعد السافة بين الصونین السردیین. 

١‏ - على صعيد الشكل الحكائى: إذا كانت (ألف ليلة) 
تعتمد علی التأطیر والتضمین فان (لیالی) جیب 
تأخذ التضمین وععله امتدادا للقصة الاطار» وبذلك 
تضیق السافة بين الواقع الوطر والحکی الضمن: 
وییرز لنا هذا عن طریق الشابهة والتحویل. 

۳ - اشتفال التعلق التصی فی (لیالی اف لیلة) : 
فی «لبالی آلف لبلة» ند آننا آمام بتاء تسلسلی 

تتطور فیه الا حداث من بداية إلى نهاية, وهو ما يقدم لنا 

الصورة العامة لشحويل النص المتعلق به إلى النص من 
خلال الانتقال من عالم الحكاية إلى عالم الواقع» مما 


YA 





يدل على أن العجب الموجود فى عالم الحكاية 
يوجد نظيره فى الواقع. حيث إن مبدأ الحكى فى 
(لیالی) تیب هو: «یبقی الحکی ما بقی العجب؛ . ولا 
یعنی المجب عند محفوظ سوی الشر الذی هو نواة 
السرد فى (ليالى ألف ليلة)» والذی ینظم مختلف 
الحكايات. 


وفى الأخير يستنتج الباحث ما يلى : 

١-أن‏ النص الجديد الذى أنشجه جيب انبنى على 
مشابهة النص الأصلى فى مادة حكيه وبعض مميزاته 
النوعبة» وبالأخص بعده العجائبى الناظم والمولد 
للعديد من الأحداث والشخصیات» الذی یتطلب 
قراءة خاصة. 

١‏ - ينبنى النص الجديد أيضا على خويل المبدأ الجرهرى 
للحكى الذى تبرز لنا من خلاله إنتاجية نص جيب 
محفوظ مجسدة من خلال تقديمه للحكاية العجيبة 
فى شكل جديد هو الرواية» مستوعبا يذلك مختلف 
البنيات والأنواع الحكائية التى نتضمنها. 


الفصل الثالث : نوار اللوز: 
تغريية صالح بن عامر الزوفرى 

واسينى الأعرج روائى جزائرى يدرس يقطين فى هذا 
الفصل روايته (نوار اللوز) وتعلقها بالسيرة بوصفها نوعاً 
سردياً له ملامح شعبية» وخاصة السيرة الهلالية وقسمها 
المتعلق بالتغريية؛ أى أنه يدرس تغريبة صالح بن عامر 
فى تعلقها بتغريبة بنى هلال. ويتم هذا تحت عدة 
عناوين : 


١‏ - النص والمناص: 

«الناصةه عند یقطین هو ترجمة مقابل ال -ج«عاهء5 
6 عند جينيت» وهو نمط من بين أنماط التداخل 
التى حددها جینیت» ویهتم فيه بالنصوص الوجودة حول 





التص مثل العناوین؛ ونصوص التقديم؛ ونصوص التذييل 
وعلاقتها بالنص الأصلى. أما #المناص» فهو النص الذى 
يتعالق حت هذا الدمط. لذلك؛ فإن ترجمة سعيد يقطين 
له بالمناص قد تنشئع نوعا من سوء الفهم للمصطلح, 
بعکس ما نقترحه له مثل «التص الوازی» . 

وبطبيعة الحال؛ فان العنوان هنا باعتباره نصا متوازیا 
مع النص الأصلى (نص الرواية) يبدو مدخلا ضروريا 
للبحث؛ خاصة إذا تم ربطه بنص متواز آخر هو مقدمة 
لكاتب أو فائحة الكتاب» التى يدعو فيها الكانب القارئ 
إلى قراءة تغربية بنى هلال أولا قبل قراءة الروايةء تلك 
النغريبة التى حدما شنجد فيها تفسيرا واضحا للجوخ 
والبؤس الذى مازال بيننا. وهذا الربط هو بالضبط ما فعله 
لباحث هنا؛ حسيث يحاول قراءة النص على ضوء 
نصوصه الوازية» و «مناصانه؛ الداخلیة") کما یسمیها 
یقطین . حیث ان علاقة الغريية الهلالية (التاریخ) بتفريية 
لرواية (الواقم) - وصف الباحث التغرییة/ الرواية بالواقع 
راجع إلى أن الكاتب/ الروائى قد وضح فى أحد نصوصه 
لموازية للنص أن أى تشابه بين الرواية ليس عن طريق 
لصدفة ‏ هى التى دفعت الباحث إلى العنوان التالى. 





۲ - التغريية : التاريخ والواقع 
حت هذا العنوان يدرس الباحث نقط الاختلاف 
والاشتراك بين النصين أو التغريبتين عن طريق السياق 
الذى انتح فيه النصان من جهة؛ وفى قصديتهما التى 
تختلف باختلاف سياقهما النصى من جهة أخرى. 


۳ - اشتغال التعلق النصی: 

يوضح الباحث أننا أمام هذه الرواية جد أنفسنا أمام 
نص شفاف یظهر من حته نص آخرء اى أننا أمام نصين 
لا نص واحد؛ وهی صورة قد رسمها جینیت من قبل 
#صورة الطرس المسوح» الذى استعار اسمه لکتابه 
Pain pse‏ والذی یتحدث فيه عن التتقل النصى . 


قراءة فى كتاب الرولية والتراث السردی 


ونظرا لشدة التعالق بين التغريبتين: فإن يقطين يحاول 
تغطية التعالق عن طريق رصد عدة أنماط للتداخل وليس 
نمط «التعلق؛ فقط. 


-١‏ التناص : أما التساص فيرصده الباحث عن 
طريق أسماء الأعلام الموجودة بكثرة شديدة فى 
الرواية؛ كان شخصيات بنى هلال جزء لا يتجزء 
من تغريبة صالح بن عامر. ويعطى يقطين أمثلة 
كثيرة على ذلك. 

۲ - الناصة : والناصة هداء آی علاقة التصوص التوازية 
للنص مثل مقاطم التخرية القتبسة من التخريبة 
الهلالية لتتجاور مع بنيات نصية للتغريبة الروائية, 
والجدیر بالذ کر آن اللصوص التوازية التی یتحدث 
عنها لباحث هی نصوص خارجية لیست من انتاج 
الکاتب؛ بعکس التصوص التوازية الداخلية التی 
ينتجها الکاتب حول نصه » مثل العناوین الفرعية 
ونصوص التقديم والتذيبل وما إلى ذلك. وتأتی 
المناصة (التوازى النصى) فى هذه الرواية موظفة 
فى سياق صراع تناحرى فى غالب الأحوال. 


 "‏ الميتانصية : يفهم يقطين الميتائصية على أساس 
أنها تتجسد من خلال النقد الذى يوجهه المتفاعل 
النصى الأصل ١النص‏ المتعلق) للبنيات النصية 
السابقة. وعلى ذلك» فهو يرى أنها تتحقق فى هذه 
الرواية التى توجه النقد إلى تغغريية بنى هلال من 
خلال بعض عوالمها. ويأنى يبعض الأمثلة من النص 
التی توضح ذلك. 
إلا أن الیتانصية لا تأتی دائما لنقد البنیات النصية. 
إن الیتانصية هی العلاقة التی تربط نصا بنص آعر 
پتحدت عنه» دون آن یکون هناك بالضرورة استشهاد 
بجمل منه, بشکل واضح جلی؛ نها توجد ساسا بين 
النص والبنيات التصيةء وهو ما یلاحظ فی تبادل شحن 


بو و و ب ب تي ب ااا ا 0 0 


الحمولات الجمالية والفكرية بين الرواية وطريقة الكتابة 
التاريخية: أو طريقة القص الشعبى على سبيل المثال» 
كاستعانة الرواية ببعض من العناصر الأسلوبية الخاصة 
بهذه الكتابة أو هذا القص» ولم يقعصر الأمر على هذا 
بل تعدى إلى تطويع البنى الأسلوبية والدلالية لمقتضيات 
القص الشعبى؛ أو الكتابة التاريخية؛ وإدراجها فى أساليب 
السرد الروائی. صحیح آن أسالیب السرد الرواثی من 
المکن آن تأئی لتحاکی وتسخر من بنیات نصية معينة» 
إلا أنها فى معظم الأحيان تتشرب» وتستوعبء ولا تنقد. 


ويرى يقطين أن الكاتب قد حقق إنجاز نصه من 
خلال نص تغريبة بنى هلال عن طريق : 


١‏ الاستيعاب : وقد تم عن طريق موازاة عالم النص 
السابق بعالم النص اللاحق. . 


ب العارضة : وهو الطابع إلذى یجاوز الأول ویحدده؛ 
ثم يعارضه ويتخذ الموقف النقدى منه. 


أبعاد التفاعل النصى: 

يتحدث يقطين هنا عن مستويين للتفاعل النصى» 
المستوى الأول نصى» والثانى غير نصى. المستوى النصى: 
يبرز أثر تعالق تغريبة صالح بتغريبة بنى هلال من خلال 
جابین؛ الجانب الاول هو طبيعة السرد الشعبی الذی 
یتجلی فی الراية سواء على مستوى اللغة أو عن طريق 
الترهين السردى. أما الجانب الثانى» فهو تكسير عمودية 
السرد الذى يتم عن طريق إقحام البنيات السردية للنص 
المتعلق به. ونتيجة لهذين الجانبين يستنتج الباحث أن 
الروائى ينطلق من نوع سردى قديم: (السيرة) لكنه 
يسعى إلى تكسير نوعية هذا النص وإنتاج نص جديد 
يستوعب بنيات السيرة ويجاوزها ويعارضها وبأخذ موقف 
لیس فقط من عوالم التغربية ولكن أيضا من طريقة 
كتابتها. 


ی 


أما المستوى الخارج نصی: فهو یحاول الامساك به 
من خلال الزمن من حیث هو بعد يجاوز ما هو داخلى 
فى القصة والخطاب والنص إلى ما هو حارجی یمس 
أبعاده التاريخية والاجتماعية» كما هى مقدمة إلينا من 


داخل النص ذاته. 


الفصل الرابع : ليون الأفريقى ووصف أفريقيا 

يتناول هذا الفصل تعالق رواية (ليون الأفريقى) 
لأمين معلوف بكتاب (وصف أفريقيا) للحسن بن 
الوزان. ويحاول الباحث مخليل نص الرواية من خلال 
نقطتين أساسيتين؛ الأولى: صورة الغرب كما يجسدها 
لنا (ليون الأفريقى) والثانية: مقارنة (ليون الأفريقى) 
ب (الزيبى برکات) لالتقائهما حول حدث م ركزى هو 
احتلال القاهرة وسقوطها بيد العشمانيين» لكى يتمكن 
بعد ذلك من الوقوف على أوجه العلاقات التى تقيمها 
رواية (ليون الأفريقى) مع كتاب (وصف أفريقيا» وإبراز 
ملامحها رأشكالها وأبعادها. وبناء على عملية التفاعل 
هانه وما تتضمنه من تعلق نصی» يلاحظ الباحث أن 
الکاتب سواء علی مستوی بناء النص أو لغته أو أسلوبه 
السردى لم يقف عند استرجاع المادة منبهرا أمامهاء كما 
كان يحدث فى بعض الأعمال التى تأسست على 
محاكاة المادة التاريخية» كما نجد فی الروايات التاريخية 
فى بدايات هذا القرن» بل أنتج نصا جديدا تخقق بناء 
على تفاعل إيجابى مع النص الترائی» ما يدل على وعى 
متقدم بالتراث بوجه عام. وهو ما يميز هذه الرواية التى 
جسدت (نصية» متفردة و«محولة) عن نص متعلق به هر 
(وصف أفريقيا) . 


الفصل الخامس : التراث ووعى الكتابة الروائية 

نی هذا الفصل يتحدث الباحث عن علاقة الکتابة 
الروائية بالتناص» عن طريق دراسة نصوص الكاتب الموازية 
لنصه الأصلىء التى يكتبها الروائى على هامش نصوصهء 


ااا سسءسسسسس سح قراءة فى كتاب الرواية والتراث السردى 


ولکن بشکل مستقل عنهاء مثل المسودات؛ والحوارات» 
والشهادات الأدبية؛ حيث إن هذه النصوص هى التى 
تكشف خلفية الكاتب النصية؛ ووعیه بالکتابة» وتفاعلاته 
مع النصوص الأخرىء لأنها بمثابة «العقبات» التى 
تساعدنا على الولوج إلى النص. ويأخذ الباحث هنا مجربة 
الغيطانى من حيث هى نموذج للشرح؛ حيث إن 

الباحث يعتبره من أهم كتاب السرد العربى المعاصرين. 

ولذلك» فإنه مسن خلال دراسة تعلق الزينى يركات 

ب (بدائع الزهور)؛ توسيعاً لدائرة البحث فى (الزينى 

ب رکات) ۰ يتكلم غن: 

۱ - التراث ووعی الکتابة: کما یتجلی من خلال الناص 
الخارجی الذی یحدد فیه الغیطانی مجربته فی کتابة 
القصة والرواية. ويركز الباحث هنا على إحساس 
الغيطانى الخاص جدا بالزمن؛ الذى نفهم من 
خلاله كيفية تعامله مع التراث» وكيفية تعلقه 
بالتاريخ؛ حيث إن فهمه للزمن المتسرب هو الذى 
يقوده إلى التفاعل مع اللحظات غير المدرنة وغير 
المهتم بها فى تاريخ التجارب الإنسانية. كما يحاول 
الباحث بعد ذلك كشف الخلفية النصية التى 
يتعامل معها الغيطانى؛ والتى تتكون من نصوص 
هامشية أو شعبية غالباء وترفض النصوص الرسمية. 
ويظهر ذلك فى تفضيله ابن لياس على الطیری. 
وعموماء فإن التراث هو الذى شكل وعى الكتابة 
عند الغيطانى وجعل ججربته منفردة. 

۲ - التراث والکتابة الروائية: کما تقدمها لنا مجربة 
الفیطانی فی «الزینی برکات)» وهی تتعلق 
ب (بدائع الزهور) . وبما أن التعلق النصی فی نظر 
الباحث لا يخرج عن ثلاثة أنواع: المحاكاة والتحويل 
والمعارضة» فهو يسعى هنا إلى مخديد نوع التعلق 
الذى يشتغل به الغيطانى وفق تصوره الخاص 
للتراث ومارسته التفاعل معه. 


ویستخلص الباحث» من خلال التحليل» أن الغیطانی 
وهو یفهم الزمن فهما جدیداء یتعلق بنص سردی قدیم» 
هو التاریخ» لخلق نص جدید له دلالة جديدة. وفى هذا 
النطاق يمد أن التفاعل النصى الإيجابى أو الخلاق» هر 
الذى يدفع إلى يجاوز احاكاة البسيطة أو الاستنساخية؛ 
ويحقق لدى الكاتب القدرة على إنتاج نص جديد 
«یحاور» النص القديم و«يحوله؛ تعبيريا ودلاليا. وهذا 
التحويل هو التجسيد الأسمى لعلاقة النص اللاحق 
بالنص السابق. وتحقق هذا العمل بهذا الشكل هو إلذى 
جعل (الزينى بركات) نصا جديدا يتأسس على قاعدة 
التعلق النصى بالتراث» وجعل الغيطانى روائيا متميزا فى 
وعيه بالتراث. 


الفصل السادس : الرواية والتراث 
جدل التفاعل والإبداع 
فى هذا الفصل يأنى الباحث بعد أن حلل النصوص 

لكى يحاول الإجابة عن سؤالين : 

١‏ - كيف محقق التعلق النصى بين هذه النصوض 
والتراث السردى القديم؟ 

۲ ما مصدر انصيةه هذه النصوص وما مدى مجاحها 
فى إنتاج نص جديد؟ ويحاول يقطين الإجابة عن 
هذین السوالین عن طریق مدید نوعية وطبیعهة 
النصین «التعلق» او «التعلق به؛» ثم ينتقل بعد 
ذلك إلى كيفية محقق التعلق من خلال القصة 
والخطاب والأسلوب والدلالة. 

فى النص المتعلق به: 

يلاحظ الباحث أن النصوص المتعلق بها تنقسم إلى 
قسمين؛ فمن حيث المؤلف جد أن نصين ينسبان إلى 
مؤلف محدهء (بدائع الزهور) وينسب إلى ابن إياس 
و(وصف آفریقیا» وينسب للحسن بن الوزان. أما النصان 
الآخران: (الليالى»؛ و(التغريية) فمجهرلا المؤلف. ومن 


۳۷ 


10000 د 


حيث الزمن أيضا مجد أن (البدائع) و(وصف أفريقيا) 
ظهرا فى القرن العاشر الهجرى:؛ بعكس (الليالى) 
و(التغريبة) فيظل زمنهما صعب التحديد. أما من حيث 
النو ع» یدخل النصان الاولان فی الشقافة «العالة» » 
وتدخل «(الليالى) و(التغريبة» فى الثقافة «الشعبية) . 


فى النص المتعلق : 

إذا كانت النصوص المتعلق بها تتشم إلى أنواع 
كثيرة؛ فإن النص المتعلق هنا هو الرواية التی» كما يوضح 
«باحتین», مخاکی بسخرية کل الانواع الاخحری» وهی 
بذلك تکشف عن آشکالها ولفتها التعاقدية. (نها تقصی 
بعضهاء وتدمج بعضها الاخر فی بنیتها الخاصة, معيدة 
تأويلها ومانحة إياها نبرة أخرى من أجل إنتاج نص جدید 
وبلورة مجخربة روائية إبداعية خاصة. وتلتقى النصوص 
الروائية موضع الدرس على صعيد زمن الإنتاج فهى 
مجتمعة ظهرت بعد سنة ۱۹١۷‏ بوصفها انعطافة تاريخية 
عربية معاصرة لتتسائل: لماذا انهزمنا؟ وتخاول أن جيب 
عن هذه الأسثلة من خلال فهم «الواقع؛ فى علاقته 
ب «التاریخ) ؛ وبالأخص الغيطانى الذى حاول ترهين 
السؤال عن الهزائم القديمة باعتبارها «مشابهةه لهزائمنا 
العاصرة. 


فى التعلق النصى : 

يتجسد التعلق النصى فی التن احلل على صعيد 
كل من مادة الحكى (القصة)»؛ وطريقة تقديمها 
(الخطاب) ؛ وطريقة صیاغتها (السلوب) وأبعادها 
الدلالية (الدلالة) , محاکاة وتخویلا ومعارضة. وهو ما 
یحلله الباحث تحت هذا العنوان من خلال هذه النقط 


الأربع : 


١‏ المادة الحكائية؛ وهى فى كل النصوص الروائية 
السابقة مستلهمة من النصوص المتعلق بها باستثناء 
(نوار اللوز) التى تزدوج المادة الحكائية فيها إلى 


۳۷۲ 





مادتین؛ مادة مستلهمة من التغريية» ومادة من 
الواقع السیش. وبرغم آن الادة الحکائية تحاکی 
الادة التعلق بهاء إلا أن هذه المحاكاة التى تمت 
على صعيد المادة تم تحويلها؛ وإعادة بنائها 
وصياغتها. 

أما الخطاب فتزول عنه امحاكاة تماماء فالنوع 
الجدید (الروایة) یستوعب الأٌنوا ع القديمة» ویسلبها 
نوعيتهاء معیدا بذلك نظمها من جدید» ويبرز هذا 
من خلال الزمن السردی والنظور السردی. 

آما الأسلوب فنجد احتلافا بين الروئیین فی 
ستخداماته؛ فبینما جد جيب محفوظ قد حول 
أسلوب (الليالى) المنحط (حسب بعض التقاليد 
لأدبية) إلى أسلوب سام فى التعبير والصياغة» جد 
فى (الزينى بركات» و(ليون الأفريقى) «محاكاةة 
أسلوب الخطاب التاريخى والجغرافى؛ وتنفرد (نوار 
للوز) بين الأسلوبين السامى والمنحط. 

الدلالة: إن طريقة التعلق النصى بالشكل الذى 
انتتهجه الروائيون يؤدى إلى إنتاج دلالة جدیدة» 
تختلف فيها وظائف الحكى فى الرواية عنها فى 
لنصوص المتعلق بها؛ حيث إن هذه الوظائف التى 
تحملها النصوص المتعلق بها تجدها «محولة» فى 
لنصوص المتعلقة. ويوضح الباحث أن مجربة الكاتب 
فی احشیار النص المتعلق به تبرز لنا من خلال 
عمليتين اثنتين» هما الامتداد والاستعادة. يتحقق 
الامتداد فى (الليالى) و(نوار اللوز) ؛ وتتحقق 
الاستعادة فی (الزینی) و(تغريبة صالح). ومعنى 
ذلك أنه توجد بين الواقعی والتاریخی مائلة. هذه 
المائلة بنوعیها - المتد والستماد - تمثیل لجدل 
التفاعل مع النص والواقع الذاتى والعصرء وتعبر عن 
جدل الإبداع الروائى فى تفاعله مع التاریخ والواقع؛ 
هذا التفاعل الذى تتجسد نصية الرواية العربية 
الجديدة من خلاله. 








الفصل السابع :.من أجل وعى جديد بالتراث 
يحاول الباحث فى هذا الفصل الإجابة عن سؤال 
محتواه: بأى وعى نتعامل مع التراث؟ حيث إن التراث 
أصبح خزان نصوص أو نصا ذا حدين نوظفه للاستشهادء 
سواء لنا أو عليناء وأن الكشير مما قيل فی السراث - من 
وجهة نظره ‏ مازال محكوما بقصر النظر وظرفية المرحلة» 
وأنه يقول الكلام ذاته بلغات عدة. ولذلك؛ فإن الباحث 
ينقل التفاعل من حقله الأدبى إلى حقله النصى العام 
الذى يجاوز الأنبى إلى الفكرىء لكى يبين الفوارق بين 
المشتغلين بالإبداع والمشتغلين بالبحث حول قضية 
جوهرية هى التراث. ولذلك؛ فإنه يبحث فى إنتاجية 
النص المتفاعل وفياس درجة هذه الإنتداجية؛ حيث لا 
يكون النص منتجا إلا لو تفاعل تفاعلا إيجابيا مع واقعه 
الذائى الذى مازال يتفاعل مع التراث باعتباره امتدادا 
ثقافيا. ويرى الباحث أن «المتفاعل النصى» العربى 
الحديث لم يتحول إلى نص. إن المشكلة الجوهرية فى 
هذا التفاعل» حسب رأی الباحث» هی بحثه الدائم عن 
انصیته» فی النصوص الاخری «التراث - الغرب) » وقد 
استمر هذا البحث عن هذه النصية ردحا من الزمن 
وسيستمر مالم يتحقق لدينا وعى جذرى بمسألة 
التفاعل النصى نظريا وعمليا. واستكمالا لنقل المتفاعل 
النصی من الستوی الأدبی الابداعی» بتحدث الباحث 
عن علاقة التفاعل النصی الادبی والترات؛ ولکن لیس 


الهوامش والتعلیقات : 


قراءة فى كتاب الرواية والتراث السردى 


بوصفه إبداعا كما فعل فى الرواية» ولكن يقصد به 
«الميشاخطاب؟ الذى أنتج على الخطاب الأدبى النقدى 
فى التراث العربى. كما يتحدث أيضا عن علاقة التفاعل 
النصى الفكرى بالتراث. . ليوضح أن الدعوة إلى إنتتاج 
وعى جديد بالتراث ضرورة تاريخية ملحة ولا تتم إلا من 
خلال: ۲ 

١‏ عملية الفهم. 

۲ _ الاستيعاب. 

۳ - القراءة النتجة. 

وفى الخاتمة: يقول الباحث إن الدراسة الأدبية فى 

علاقتها بالتراث مطروح عليها تجديد أدراتها وإجراءاتها 
وأستلتها لمانقة ترائنا الأدبى والفکری معانقة جدیدة» 
وان علینا ترهین مختلف القضایا الغيبة والسکوت عنها» 
من منظور جديد وبتفاعل جدید» حيث إنه من 
مستلزمات الوعى الجديد بالتراث بوجه عام . 


وفى الأخير» فإذا كان سعيد یقطین قد وفق إلى حد 
كبير فى دراسة تعالق البدعین بالشراث عن طریق 
المنفاعل النصى الأدبى وتعالقاته» فإنه على صعيد 
التفاعل النصی الفکری لم یمنحنا وعیا جدیدا بالتراث؛ 
فهل تصبح دراسته محکومة بقصر النظر کما قال هو 
عن دراسات الاخرین؟ 


(۱) الرراية والسراث السردی» من أجل وعی جدید بالشراث, الرکز الشقانی السربی ۰۱۹٩۲‏ 
2 یعد مشروع جينيت النقدى بحق مسيرة متميزة ف دراسة التداحل التصی منذ Introduction ã L'architext, it Théorie des Genres, Sei! 1983 alî‏ 
الذى ترجم إلى اللغة العربية باسم مدخل إلى جامع النص ترجمة: عبدالرحمن أيوب» دار تویقال» والذی یتحدث فيه عن معمارية النص التى اعتبرها بعد ذلك 
نمطا مهما من أنماط التداخل النصى؛ ذلك التداخل الذى كنف اهتمامه به بعد ذلك فحاول تنميط العلاقات النصية فى كتابه الشهير اأناء5 :كع )كعكم دراه 


2 ثم جاء اهتمامه الخاص بتمط معين هو التوازى النصى فى كتاب عتبات» 1987 نا8 :اع . 


۳۷۳ 


حسن حماد 


() أفضل مصطلح «التتقل التصی» فی مقابل 6اذلةنة:عاكانة76 بدلا من «التعالی التصی؛ الذى يستخدمه كثير من النقاد. وعلى ذلك» فمن الممكن التحدث عن 
١التنقلات‏ النصية» وليس عن «المتماليات النصية» عند جيتيت. 

4 لم يفد الباحث من الشق النظرى العربى الذى طرحه فى اللقدمة» ولذلك فلا يوجد مبرر لحضرره قى هذا الکتاب؛ فقد كان الاعتماد الأكبر فى التطبيق على 
الطرح الغربی. 

(6) هذا التقسیم هو الافادة الوحيدة من الطرح النظری العریی. 

(5) التصوص المرازية الداخلية هى التى كتبها الروائى حول النص؛ وتختلف عن التصوص الموازية الخارجية التى تكمثل فى المقاطع التى يأخذها اروثی من نصوص 
الغير» مثل المقاطع المأخوذة عن تغربية بنى هلال فى تغربية صالح. 1 

( درس الباحث التفاعل التصی فی الزینی برکات من قبل فى كتابه » انفتاح التص الروائي: ۱۹۸۹ المركز الثقافى العربى. 





۳۷ 


سس 


التشکیل الدال۰۰. 


قراء فی دیوان اشراقات رفعت سلام 


أشرف عطية هاشم 





ان 


ت 
توطة: 


(إشراقات رفعت سلام)'“ هو الديوان الثاني للشاعر 
المصرى رفعت سلام بعد ديوانه الأول (وردة الفوضى 
الجميلة) ؛ وتعتمد التجربة الشعرية فى ديوان (إشراقات ٠٠.‏ 
على أقصى إفادة ممكنة من فضاء الصفحة الشعرية؛ بغية 
تقديم تجربة «تشكيلية؛ تقوم على التحولات السصرية 
المستمرة التى تنتهك قوانين القراءة القائمة على المتابعة 
البصرية التقليدية للنص ‏ باعتباره تشابعاً منتظماً 
للکلمات والسطور - لتفرض علی القاری) نموذجاً آخر 
للقراءة تم فیه التابعة البصرية عبر محورين: أفقى 
ورأسى ؛ فالعين تلحظ أثناء فعل القراءة ثلائة مستویات 
متمايزة یتشکل منها النصء منها اثنان يأخذان موقعهما 
فى متن الصفحة وثالث يتموقع فى حاشيتهاء يمينا أو 
يساراً. كما أن كل مستوى من المستويات الثلائة يصطنع 
نمطه الخاص فی الکتابة» وكذا حجم الحروف الطباعية 
الانسب للتعبیر عنه. 


والمستوى الأول للمتن یکتب بالدمط الشری - من 
حیث الشکل ولیس الخصائص النوعية - فیما یتبدی 
الستوی الشانی للمتن معتمداً علی نموذج السطر 
التفعيلى القصيرء كما تصبح الحروف الطباعية فى هذا 
المستوى أكثر بروزاً منها فى المستوى الأول للمئن. 
ويشغل مستوى الحاشية ‏ وهو المستوى الثالث - 
جوانب صفحات الديوان؛ بحيث يصبح إحالات من 
مستوی التن النثرى عبر كلمات أو مؤشرات مرقومة لها 
وضعيتها وخصوصيتها داخل مستوى ال متن النثرى. 
ويتفق كل من مستوى الحاشية ومستوى المتن 
الشعرى فى اعتمادهما شعر التفعيلة نمعطاً فى الكتابة» 
وان كانت الحروف الطباعية ف مستوى الحاشية أقل 
بروزاً منها فى المستويين الآخرين : : 
«واستخدام الخط وإمكاناته » والكلمة المكتوبة 
وتتابعها الهندسی» يشكل عنصراً مهما فى 
الشعر» خحصوصا مايطلق عليه «الشعر 
التشكيلى»» الذى جد أمثلة منه فى تراث 


۳۷۵ 


أشرف عطية هاشم 


منطقتناء وفى السراث الصسينى واليابانى 
والأوروبى. ففى عصر النهضة شاع فى أوروبا 
ماسمى بالقصائد الشعارية Emblem Poetry‏ + 
لأنهاكانت تستخدم شعاراً تشكياياً لمعمارية 
الصفحة الشمرية, كما فى قصيدة إنكليزية 
مجهول بعنوان «عمّدة العشق؛؛ حيث كتبها 
فى شكل عقد متشابكة, وکما فی قصيدة 
جورج هربرت بعنوان #الْذْبح»» حیث صفت 
الکلمات بحیث تشکل مذبحاً علی الصفحة 
الشمرية. کذلك فان الشعراء الستقبلیین 
كتبوا ماسمى اانا بالشعر «العینی)» ومنه 
قصيدة لأبولينير عن المطرء وفيها تهطل 
الكلمات وتتنائر على الصفحة كأنها 
م 
نص رفعت سلام ‏ إذن ‏ لايدعى أنه خطاب شعرى 
تشیسی منبت الصلة عن تلك احاولات السابقة 
لاستشمار فراغ الصفحة الشعربة» وإنما ينبغى النظر إليه - 
من ناحية التشكيل البصرى - 22 باعتباره تواصلاً حدائياً 
مع تلك المحاولات التى أنتتجت فى سياقات حضارية 
ومعرفية مغايرة» فهو إفادة من طرائق الكتابة السابقة 
وكذلك المعاصرة له؛ بحيث يبدو نتاجاً لتفاعل حركة 
نصوص عربية قديمة وحديثة ‏ منها الشعرى وغير 
الشعرى ‏ اتخذت لنفسها أنماطاً خاصة لتشكيل 
صفحانهاء ومنها الموشحة قديماً وقصيدة النثر حديثاًء بل 
إن ديوان (إشراقات) - فى تشكله إلى متن وحاشية ‏ 
ربما أخذ من الشروح المتأخرة لمتون كتب البلاغة والنحو 
مرجعيته التشكيلية أكثر من سواها. 
وستهتم دراستنا أساساً بالكشف عن مغزى هذا 
التشكيل واكتناه دلالته اعتمادا على تخليل النص 
والوقوف على آليات عمله وفك شفرته» ثم خديد أنماط 
العلاقات الختلفة التى تتواشج بها نصوص المتن والحاشية 


: 


معا. 


۳۷۳ 





وقبل أن نشرع فى التحليل؛ سنقدم منظومة 
المصطلحات والمفاهيم التى ستتردد من حين لآخر فى 
معالجتتا؛ اذ سنفرق بين الستویات الللائة للنص باعتبار 
أن: 
)١(‏ مستوى اللاوعى: 
وهو يمثل نصوص المتن المكتوبة نثرأء التى يتوقف فيها 
تتابع الخطاب من حين لآخر؛ بحيث مخيلنا 
النصوص - إلى الحاشية. 
() الستوی الوسیط : 
ویمثل نصوص المتن الکتوبة بنمط شعر التفعيلة؛ 
وتستخدم عموماً نی هذا الستوی الحروف 
' الطباعية الا کثر بروزاً بین الستویات الثلاثة. 
(۳) ستوی الوعی: 
ویمثل نصوص الحاشية التی تستخدم النمط 
التفعيلى نفسه فى الكتابة الشعرية؛ بینما 
تستخدم الحروف الطباعية الأقل بروزاً بين 
المستويات الثلاثة. 
وقد نستخدم مصطلح «مستوى المتن النشرى» بدلا 
من #مستوی اللاوعی4» کما قد نستخدم مصطلح 
«مستوی التن الشمری؟ بدلامن «الستوى 
الوسیط»» وک لك مصطلح «مستوی الحاشیة؟ 
بدلامن #مستوىق الوعى؟ » وذلك فی سياقات يقتضيها 
التحليل. 
وسنفرق بين أنماط العلاقات التى تربط الحاشية 
والمتن معاً على النحو التالى: 
)١(‏ علاقات الوصف: 
وهى أحد أنماط العلاقات الى تربط مستوى 
الحاشية بمستوى المتن التشرى؛ بحيث تقوم 
الحاشية - من خلال هذا النمط من العلاقات - بوصف 


میت ما و یت هی ال شکیل الدال 


الفهرم الذى يتوقف عنده تتابع الخطاب فى مستوى 
المتن التثرى. ويتجاوز هذا الوصف حدود شرح المفهوم أر 
التعليق عليه إلى القيام- وظيفيا ‏ بإعادة إنتاج المفهوم 
فى الوعى. 
(۲) علاقات التخالف: 

رهی نمط العلاقات الذى تقوم الحاشية من خلاله 
بهدم الفهوم - كلية ‏ وإعادة تخليقه بواسطة دال المغايرة 
[ حرف النفى او الفعل الناسخ «لیسا]. 
(۳) علاقات الانقطاع الظاهرى: 


ویتم من خلالها المغايرة (الظاهریة» بین دلالتی 
الخطاب النقطم - لحظیاً - فى مستوی التن النشری 
والخطاب الجدید فی الحاشية. 


)٤(‏ علاقات التتمیم: 

وهی نمط من العلاقات بربط بین الحاشية ومستوی 
التن النشری» کما بربط بين مستوى المتن التشرى 
ومستوى المتن الشعرى؛ على السواء. وغالباً ما يستخدم 
فی النرع الأول من الربط مفائيح أسلوبية مثل حروف 
العطف او جملة النداء بدایات للخطاب الشعرى 706110 
(Discourse‏ فى الحاشية. 


(ه) علاقات التدوير: 


وفيها يتم الاتتقال بالخطاب من دال أسلوبى انقطع 
عنده الخطاب فى مستوى المتن النشري» ليبدا مستوی 
الحاشية بالدال نفسه وكذلك ينتهى به. 


ب 

يمكن النظر إلى قصائد الديوان وعددها أربع عشرة 
قصيدة باعتبارها بنيات جزئية تتضافر فيما بينها لتشكل 
البنية الكلية التى تتحمّق بها دلالة النص؛ وهذا التضافر 
- وليس التشابع - بين تلك البئيات الجزئية محكوم 
بحركية درامية لا يمكن فيها استبدال بنية محل أخرى؛ 
ذلك أن هذا الاستبدال يخل بالقانون العام الذى يحكم 
حركة الميكانيزم المهيمن على تلك البنيات الجرئية. 


وئمة إشارات أسلوبية دالة فى نهاية معظم القصائد 
تؤكد لنا هذه النسقية التى تحكم وضعية القصيدة- 
موقعياً - بين قصائد الديوان وعلاقتهاء من ناحية آخری» 
بمایلیها من تصائد: «رسانبشکم فى القصيدة 
القادمة بتأويل مالم تستطيعوا عليه صبراً فصبرأة »أو 
قوله «فدعونى ووداعاً حتى يوم قادم فى أسبوع قادم فى 
شهر قادم فی منة قادمة فی القضيدة القادمةه (۳۴, 

موقع البنية الجزئية (القصيدة) محكومء إذن» 
بوظيفتها داحل السياق الکلی (قصائد الدیوان مجتمعة) ؛ 
حيث تتخلق داخل البنية الجزئية الواحدة صراعاتها 
الختلفة وتتحد الذات التکلمة مع ذوات أخرى تتجدد 
باستمرار» ویصبح منطق الصراعات وخصوصية هذا 
الاقاد للذات اکلمة اشتراطات نصية تتأسس علیها 
حرکة السیاق الکلی. 

وعلی ذلك؛ ينبغى النظر إلى النص باعتباره بنية 
مستمرة من التحولات التى تكتنف الذات المتكلمة؛ وهى 
حولات تتجاوز لیات الذات إلى المخقاطب ‏ داخل 
النس - وکذا أنساق اللغة والصورة؛ فلیس هناك مستوی 
معیاری للصورة يمكن الإمساك به وتخليل بنيته وأليات 
عمله, کما آن الذات التکلمة تبدی فی جليات شتى؛ 
شأنها شأن الخاطب فى النص. 

وهذه التحولات التى تشمل العناصر السابقة هى التى 
تسوغ للشاعر بت فى تقديرنا - استخدام هذا النمط 
التشكيلى الذى ينتهك النموذج التقليدى فى استشمار 
فراغ الصفحة الشعرية ؛ بحيث يصبح التشكيل البصرى 
الراوغ دال على الطبيعة (المراوغة) للنص داخلياً من 
خلال بنية التحولات التى يقرم على أساسهاء وكذلك 
يمكن النظر إلى هذا النمط من التشكيل باعتباره 
استفزازا لذائقة القارئ ‏ وهو مشارك شاء أم أبى فى 
إنتاج النص - من خلال ما يسميه الفيلسوف والناقد 
البولتدى رومان انحاردن ب 9صنع الترابطات الضمنية 
وملء فجوات النص وإضفاء أوجه التحدد عليهة 90 . 


۳۷۷ 


أشرف عطية هاشم 


هذا التشكيل المشتت لفعل القراءة التقليدى ليس- 
إذن- مجرد مغامرة فى الشكل؛ وإنما هودال يشير إلى 
مدلوله فى النص؛ واخمتبار عناصر النص الختلفة التى 
تشملها بئية التحولات یفضی بنا- کما سنری لاحقاً - 
لی فهم فلسفة هذا التشکیل البصری. 

والتص - فی اعتماده على تلك التحولات - يستغى 
هدفاً محدداًء وهو الكشف عن ماهية الذات إزاء واقعها 
الذى يهيمن على حركتها فيهمشها حينا ويشيؤها حيناً 
آخر. ويقتضى هذا الكشف والفهم لماهية الذات خليلاً 
عميقاً لوعيها ولاوعيهاء ركذا علاقتها بترائها ولحظتها 
التاريخية الراهنة؛ وموقفها من السلطة والتابو الاجتماعی. 

وهذا الزخم من العلاقات لایطرح الذات - فى النص - 
باعتبارها مفهوماً متجانساً یتحرك وفق شروط وظروف 
ثابتة؛ وإنما تنبنى حركة الذات فى واقعها على أساس من 
التعارضات الخارجية حتى فى إطار اللحظة أو السياق 
الواحد» ما يفضى بها إلى هذه التعارضات الداخلية التى 
نكون سبباً فى تفتتها وتناقضها الحاد. 

وانطلاقاً من بنية التحولات» تتراوح.حركة الذات 
المتكلمة فى النص - فى مختلف جلياتها بين أساسين؛ 
إذ تصبح المرأة أداة كاشفة لماهية هذه الذات وموقعها من 
عالمهاء فيما يصبح الآخرون (الناس العاديون) أداة أخرى - 
فى سیاق مختلف - لهذا الکشف. 


الآخرون 
أمامية الخطاب 
(اج٬ھ....(‏ 


الرأة 
أمامية الخطاب 
(ب» ده وه ,) 


۳۷۸ 








ويدخل الجميع فی حوار یکون التکلم فيه دائماً هر 
الذات: بینما الخاطب متغيرء وهو تغیر یأعذ شکلاً 
تبادلياً؛ بحيث یصبح انفصام العلاقة بین الذات التکلمة 
وامخاطب (الآخرين مثلا» مهيئا لانزياح هذا الدموذج 
واحلال نموذج العلاقة بين الذات التکلمة وانخاطب 
المرأة (بوصفها بديلا للكشف). ويبقى دائماً أحد 
الخاطبين فى أمامية الخطاب رالآخر فى خلفيته» ويمكن 
فهم هذا العنى من المقطع التالى: 
افأقفز قفزة مسعورة فى الفراغ المراوغ أنشب 
فيه مخالبى فأتعلق بين اليثم والانتظار بين 
الرماد والانكسار ألف شظية سامة على الرمال 
الشمالية لا ألتم ولا أتبدد أو تدركنى عوامل 
التعرية فتعرینی منی لاییقی غیر وتر موتور 
مرمئ تتقاذفه الأقدام فكونى قوسا أو متراسا 
كونى نخلة تمتد فى المدى سدى أكن 
حریقا آو طریقاً مقف إلا من الشراك 
والأشراك كونى مرة أو لا تكونى وردة أو 
جون جامح فى ليلة اتتهی اکن رصاصة 
فى الظهر ....) , 


ويمكن تمثيل حركة الخطاب التبادلى المستمر طوال , 
النص فى الشکل التالی. 


المرأة 2 
خلفية الخطاب 


(أ٬جاه....)‏ و 


(ب درو .) 





وتشير الخطوط المتصلة فى الشكل السابق إلى أمامية 
الخطاب بینما تشیر الخطوط التقطعة الی خلفية 
الخطاب؛ بحيث يعبر الاتصال عن حضور طرف من 
أطراف الخطاب وغياب الآخرء فيما يعبر الانقطاع عن 
غياب طرف وحضور الاخره وتعبر العلاقة بين مجموعتى 
الحروف الأبجلية ( ج» ه.»..)» (ب» ده وه ..) 
عن الصفة التبادلية للخطاب باعتباره انتقالا بین سیاقات 


واذا كانت الذات المتكلمة حتفظ بمرقعها الثابت 
فی الخطاب من حیث توسطها بین أمامية الخطاب 
وخلفیته فان هذا الثبات ال رکزی لایعکس بالضرورة 
ثباتها الداخلى» بل إن هذا الموقع المركزى فى الخطاب 
هو ذاته الذى يسوغ التجلیات اختلفة للذات؛ من حيث 
تراوحها بين الصوفى والصعلوك والشاعر ابن لحظته 
التاريخية بكل هزائمها وانكساراتها. 
وحضرر «الأنا؛ الصوفية واضح فى النص؛ إذ يكفى 
أن نطالع العنوان اللافت للديوان (إشراقات)؛ وکذا 
عناوين القصائد امختلفة: مراوحةء مكابدة» مراودة.. 
وكلها إشارات دالة على هذا الحضور الصوفى الطاغى 
فى النص» فضلاً عن تلك الألفاظ والمصطلحات التى 
تعد من أدبيات الفلسفة الصوفية مثل: «المقامةء 
«الغیاب)» «سکة السالکین وغيرها. 
والصوفی فی اللص لیس منشفلاً بتقدیم فلسفته 
النظرية بقدر ما تشغله ترجمة هذه الفلسفة الخالصة 
- التى ارتبطت فى تراثنا الفكرى الإسلامى بالسلبية 
والتغييب الإرادى للذات ازاء الواقع الاجتماعی - لی 
فعل ناجز ومژثر فی حرکة الواقع وموقف محدد ماه 
متغيراته : 
«وأمضى فى طريقى درنما أسف على نفسى 
الأمارة بالسوء رافعاً خراقتى / خرقتى 
وعلامتى فهل أدلكم على شجرة الجنون 
اتبعونى أنا السيد الوحيد 80 ٠‏ 


العشكيل الدال 


هذا الموقف المتمرد نفسه يطبع حركة الأنا فى تجليها 
«الصعل وكى» : 
«فلا يتبقى غير أن أكتب أهجية للعمر 
الكثيب موشاة بحوشی الکلام ومسهجور 
العالم رقفاه بلا افتعال أو مداراة.. .7 . 
وبين هذين التجليين يعود الشاعر إلى «أناه» الخاصة 
من حين لاخر: 
«وأحسب ما نبقى من نقود فى جيبى 
اللدقرب لا تكفى تذكرة الأتوبيس أو المترو | 
بضع ملیمات منوعة من الصرف فأمضى 
یسلمنی شارع الی شارع مستصوجباً 
بالجنون...۱۳۱0. 
وهذه الشجلیات لانتم بشکل فجائی برقعها فی فخ 
الالية آو الاستدعاء الباشر حسب القام» وانما تتداخل 
هذه التجلیات - مراراً- فی السیاق الواحد بما يشبه 
الكيمياء التى يصعب فیها دید العنصر الهیمن» وعلة 
هذا التداحل والانسباك بين هذه التجليات الختلفة ذلك 
التوزع الذى يعترى الذات المتكلمة ‏ طوال النص - 
ويدفعها دفعاً للاحتماء بأية لافتة تظنها محققة لوجودها 
الإنسانى المأمول ما يوقعها فى تعددية الانتماءات 
- وبالتالى التجليات - فى اللحظة الواحدة. 


وعلی العکس ما یمکن آن توحی به هذه التجلیات 
من فاعلية وحركة للذات فى واقعهاء فإن كل جل من 
هذه التجليات تكتنفه حالة من التردد والانقسام بين 
الشئ ونقيضه والقناعة وضدها: 
«اتركونى ساعة أو لا تت ركوتى.. م" » 
«اترکونی فوردة الرماد تطفو علی الاء 
المناسب فينكسر النعاس واحتمال أى شئ 
أسنا أمضى وكل الظن إثم وحوريات الليل لا 
تواتینی للمرة الأخيرة فلا تت ركونى "٠...‏ . 


۳۷۹ 


أشرف عطية هاشم 


وهذا الاتقسام هو الذى يخلق ذلك التخلخل 
الأسلوبى الذى يطبع لغة النص ‏ على اختلاف 
أنساقها ‏ يطابعه؛ وهو إن كان يعكس الشك فى جدوى 
العلاقة بين الدات التکلمة وانحاطب فانه یعکس یضاً - 


وهذا هو الأهم - تفتت الذات داخلياً واستلابهاء وهو 


مايؤكده دال أسلوبى آخر يتكرر فى صيغة السؤال 
الزسس علی اختیار موقف محدد من بين موقفين 
متناقضين يفصلهما حرف التخيير «أم؛ ودائما نظل 
الذات - بفعل تفتتها الداخلى ‏ دون الختيار» وهى إن 
اخعارت فإنها تفشل فى مخقيق أية فاعلية حقيقبية فى 
حركية واقعها: «فهل لى أن أسميك امرأة من الزبد 
والرقى السحرية والحناء أم أسرج الحلم حصاناً...1906 . 
وثمة دال أسلوبى ثالث يؤكد هذا التفعت الداخلى 
للذات؛ وهو ما ينعكس على رذية الذات للأشياء وموقفها 
منهاء وشمثل هذا الدال فی الاستخدام الطرد لحرف 
الاستدراك «لکن) : ولا ليست الحمى القرمزية ولا 
السمال الدیکی ولکئه الخواء العذب...»(*۲. ولذا کان 
العنی بعده۱ لکن» یعکس عادة الوثوق فيه وأفضليته 
على المعنى قبل «لكن»» فإن الذات المتكلمة ما تلبث أن 


تعدل عن هذا المعنى الجديد لتستأنف حيرتها وشكها فى 


رؤيتها عالمهاء وهو ما يدفعها للسخرية المستمرة من 
مخزونها الإبستمولوجى» من ترائها؛ لتتصاعد دوماً حالة 
الاستغراق المتواصل فى السؤال والاستدراك. 

وحتی محتفظ الذات بأی قدر من التوازن الداحلی 
(الوهمی)» فانها تخلع تفتتها علی العالم نفسه؛ فتصبح 
المرأة «منزلة بين المنزلتين وياء البين؛ ۰۲۱۹ فیما یوصف 
الآخرون بعبارة «لستم القتلة ولا أنتم المقتولون ولکنکم 
حال بين الحالين...221306» بيئما تقول الأنا المتكلمة عن 
ذائها دلا ألتم ولا أتبدد .8 . 

وهذه التجليات التى تكتنف الذات وكذلك التراوح 
الذى يسم كل جل منها هما اللذان یولدان تنوع 


YA. 








الأنساق اللغوية 39 التى يتشكل بها النص؛ فالتجلى 

الصوفی للذات هو الذی یسوغ ظهور هذا النسق اللغوی 

الموغل فى الشطح والترميز: 
«واترکوا نی المناخ لرارح ؛ بنتاً وییتاً وسائدة 
مشتهاة على الساحل الأقصى من القلب لا 
تستميل سواى ارکضوا فی البراح خفافا أنا 
قاعد أحرس الغيم والشهوات ۳۳1 أمتطى 
الوقت ألعوبة أو حماراً حرونا إلى قبة من 
سواد فألقى غزالاً من الصمت غابة من ريش 
طاووس وشمساً تصنع القهوة للضيوف 
العابرين طيورا من نحاس.. و . 

وحيئما تتبدى «أناه الشاعر الخاصة یکون النسق 

اللغوى نثريا حالصا لاتكاد تعشر على أى أثر فيه للشعرية 

: Poetics 
دلا أدارى الجنون عن ملامحى إذا اندفعت‎ 
هائجا إلى الميدان كاستغائة أو قنبلة زمنية‎ 
تتفجر فى الوطن الخراب فتنهدم الأحزاب‎ 
العلنية والسرية والشرطة والصحف اليومية‎ 
. ٠... رالأسبوعية والشهرية‎ 

فیمایتناغم السجلی «الصعلوکی؛ للذات مع هذا 

اللسق اللغوی الذی يتوسط شطح النسق الأول ونشرية 

النسق الثانى» وهو ما يجعلنا نسمیه نسق *األبین بین4» 

وهو بوسطيته هذه يحاول أن يحافظ على اللغة التى قامت 

عليها المؤمسسة الشعرية المعاصرة واستقرت بذائقة بعينها: 

«خاب مسعاى الأليم. 


ليس لى من برهة من فضة» 


231 ۳ 22 
آو فضة من مستحیل لا یریم» 


وکما آن تخلیات الذات قد تتتابع پاعتلاف السیاقات 
۲ 0 فى السیاق الواحد» فان أنساق اللغة الثلائة قد 
ور أو تسبك معا وفی الحالتین - السجاور و 





الانسباك - یصعب مخلیل نسق لغوی ما بمرجعیته الذاتية 
دون النظر إلى حالة التلازم التى تحكم علاقة هذا النسق 
بالنسقين الآحرين. فنص (إشراقات) - من الناحية 
اللغوية - يمكن أن نعتبره سلسلة من الانقطاعات على 
حد تعبير رولان بارت الذى يرى أن لذة النص تتأتى: 


«من بعض الانقطاعات (أو من بعض 
التصادمات» : ينعقد الاتصال بين قوانین 
متنافرة (النبيل والمبتذل مثلا) . تستحدث 
كلمات فخمة (سخيقة! وتصب البلاغات 
الخلاعية فى جمل هى من النقاء بحيث قد 
تظن أمثلة نحوية. فاللسان يعاد توزيعه» كما 
تقول نظرية النص: وإعادة التوزيع هذه تخصل 
دائماً بواسطة انقطاعات ...۹۲۱۱6 . 


ویقودنا ذلك إلى القول بأن الحكم على النسق 
الشرى ‏ مثلاً ‏ فى نص رفعت سلام فى ذاته» مجرداً 
عن مجاورته أو انسباكه مع النسقين اللغويين الآخرين» 
سيضعنا مباشرة أمام حقيقة إخراجه من دائرة الشعر 
كلية:؛ ولكن لأن النص - انطلاقاً من اعتباره بنية 
تخولات مستمرة - لا یقدم نفسه وفق مجموعة من 
الاشتراطات التجانسة بل ن فلسفة کتابته أصلاً تقوم 
على هذا «الوزاييك اختلط» من عناصر الكتابة المتوترة» 
وشعریته تتشأ - اساسا - بعلة التغایر لا اللبات. ان هذا 
الفهم الدینامی للنص هو نفسه الذی یجعلنا نفهم 
فلسفته النثرية التی یتشکل بها السق النشری؛ وذلك فى 
إطار من استجابته ومرونته إزاء حركة النسقين الآخرين؛ 
بحيث يظل هذا الشعور الدائم بأن ثمة هارمونية لغوية 
- رغم تغاير الأنساق اللغوية ‏ تسيطر على عمل النص. 


عات 
التحولات المستمرة ‏ إذن ‏ التى كم حركية النص 
وعناصره المختلفة التى تنطوى فى الوقت ذائه على درجة 
عالية من التراوح والتوتر» هی التی تجعل التشکیل 


التشكيل الدال 


البصری للصفحة الشعرية - کما ذکرنا سابقاً - بتأتی 
على هذه الصورة التوزعة عبر ثلالة مستویات دالة؛ لكل 
منها وظیفته فی النص. 


فنص التن النشری - وهو الذی یمثله مستوی 
اللاوعی - ینساب فی تداع مستمر حتی ینقطم عند 
الوشرات الرقومة التی حبلنا بصریاً ی نص الحاشية» 
ویمکن النظر إلى تلك المؤشرات المرقومة باعتبارها 
حركات تمفصلء أو نقاط ول للخطاب فی مستوی 
اللاوعی من التداعی الخالص لی الوعى الخالص فى 
نص الحاشية. وعبر شبكة معقدة من العلاقات الختلفة 
التى تسربط مستوى المتن النثرى بمستوى الحاشية معا 
كما سنفصل فيما يلى ‏ يتم إعادة مجرى النص مرة 
أخرى إلى مساره الطبيعى فى مستوى المتن النثرى بعد 
إضفاء قدر من العقلنة على حركة التداعى فى نص المتن 
النشرى. بيد أن حركة التداعى ما تلبث أن تعود مرة 
أخرى كلما أوغل النص فى جريانه بعيداً عن حركة 
التمفصل» وهكذا يستمر التراوح المستمر بين الوعى 
واللارعى كلما انبثقت حركة تمفصل جديدة داحل 
مستوى اللاوعى. 


ویمثل الستوی الوسیط «(الستوی الشعری للمتن) 
حالة مرکبة من الوعی واللاوعی. وتدلنا الحروف 
الطباعية الأكثر بروزاً لهذا الستوی عن سواه» وكذلك 
انتپاء آخر قصائد الدیوان به» على أنه الحالة الأقرب 
للذات التكلمة والا کثر دلالة علیها؛ فالتحولات انختلفة 
للذات تعکس - عموما ‏ التراوح بين الفعل وعدم 
الفعل بالقدر الذى يترك الذات تتحرّك فى عالمها وفق 
مفاهیم یختلط فیها الوعی باللاوعی, وهذا ما یجمل 
المستوى الوسيط أكثر المستويات تعبيراً عن المتكلم فى 
النص. ۱ 

ويتم تحول الخطاب من اللاوعى إلى الحالة المتوسطة 
من الوعى واللاوعى بواسطة حركة مستوى الوعى نفسه 
(الحاشیة) » وهذا ما يؤكده التوسط الموقعى للحاشية 


YA1 


أشرف عطية هاشم 


بين مستوبى المتن» كما أن جانبية الحاشية ‏ على 

يسار أو يمين الصفحة ‏ لا تعنی هامشية دورها فی 

الخطاب الشعری» وانما توٍ کد عجز الذات التکلمة 
: وإنما تؤكد عجز 

وغياب وعيها. 


واختبار کل مستوی من هذه الستویات یوضح لنا 
النسقية الهائلة التى بنى علیها کل مستوی منهاء 
. فمستوى اللاوعى نشری یتسق مع حالة التداعى الحر 
للذات» كما أن اختفاء علامات الترقيم (النقطة» 
الفاصلة....) دال آخر علی هذا التداعی» وهذا التداعی 
ذاته هو الذى ينتج فى النهاية هذا التنوع فى الأنساق 
اللغوية ‏ كما أسلفنا القول ‏ فى مستوى اللاوعى. 
ويمكن النظر إلى الأسطر التفعيلية القصيرة التى يتشكل 
بها مستوی الحاشية, وانحافظة علی هذا الکم اللغمی 
التکرر فی نهاية تلك الأسطر (القوافی)» وکذا الاعتماد 
على علامات الشرقيم؛ باعتبارها دوال على الرعى 
والانضباط . 
وإذا كان المستوى الوسيط حالة مركبة من الوعى 
واللاوعى » فانه یصمم بحیث یستوعب السمات الائزة 
لمستوبى الوعى واللاوعى» فهو یتشکل - موقعیاً - فى 
التن علی غرار مستوی اللاوعی» وعادة ما یسبق الستوی 
الوسیط بعبارة دالة یشهی بها مستوی اللاوعی لتکون 
مفتاحاً للمقطع الخاص بالستوی الوسیط » وغالبا ما 
تکون هذه العبارة الدالة المهدة متعلقة بارادة الفعل 
«القول- الغناء - الراء ...).فنجد مستوی اللاوعی 
ینتهی بعبارة من مثل : 
«وأمضی لحال سبیلی آدندن لحناً هداماً فى 
امتداح الخراب الجمیل ...»(۳۳. 
ليبدأ المستوى الوسيط بعد هذه الجملة المهدة 
غنائياً: 
ولك المجد. 


فأنت الأزرق المكنون فى الأفق 
الباغت»(۲۳۳. 


YAY 





وغياب القدرة على الفعل الناجز فى مستوى اللاو 
ینتفی من خلال توهم الفعل فى الستوی الوسیط » بما 
یمتلکه هذا الستوی من طبيعة غنائية تتسق مع خالة 
توهم الفعل هذه؛ وهو ما یعید التوازن للذات التکلمة. 
ويمكن النظر إلى هذا المستوى أيضا باعتباره رئة يتنفس 
من خلالها النصء كما أنه يضطلع ‏ مع مستوى الوعى 
- بوظيفة ثالئة» وهی كسر الرتابة التشكيلية للتتابع 
النغرى الذى يشكل النمط الكتابى لمستوى اللاوعى. 


ويأخذ المستوى الوسيط من مستوى الوعى اتزانه 
التشکیلی؛ فهو یتمائل معه فی احافظة علی علامات 
الترقيم والاعتماد على القافية من حيث هى صيغة 
نغمية:؛ وكذا اتزان الصورة التى لا تميل ‏ إن صح 
التعبير ‏ إلى الجنوح الفنتازى فى علاقاتها التركيبية؛ 
وأخيراً اعتماد هذا المستوى على الدمط التفعيلى الذى» 
وان کان خروجاً على العمود الشعرى؛ يظل دالا على 
الروح المحافظة قياسًا بمستوى اللاوعى الذى يؤسس 
شعریته (الغایرة» اعتماداً علی التتابع النشری الذی بتسق 
مع حالتى التوتر والتمرد اللتین تطبعان حركة الذات فى 
تجلياتهاكافة. 

وإذا كانت الصورة الشعرية فى كل من مستوى 
الوعى والمستوى الوسيط نتشكل بحيث تتجاوز التقليدية 
ولا تغامر فى الوقت ذاته بتجريب علاقات تركيبية 
جدیدة» فان الصورة الشعرية فی مستوی اللاوعى تتشكل 
مثل اللغة - تبعاً لتجلیات الذات؛ لی ثلائة مستویات. 
فسيطرة الأنا الصوفية ولغتها المؤسسة على الشطح والترميز 
تنتج تلك الصورة الأكثر تركيباً وتعقيداً والأكثر مغامرة 
فى مخالفة المألوف» فيما تصبح الصورة الشعرية المنبثقة 
عن صعود «الأناه الصعلوك فى النص أكثر تعبيراً عن 
الانضباط ؛ بحيث تنعقد العلاقات بين أطراف الصورة فى 
إطار من التعقل واحافظة. 

وتكاد تغيب الصورة - بمعناها الفنی - عندما تطل 
«آناه الشاعر الخاصة: ویقترب تشکیل الصورة من 
التشكيل النشرى الخالص؛ حیث ترتفع التبرة الخطابية 


ج لع حرمت ل لوي ل 5 التشكيل الدال 


داخل النص الشعرى؛ وهو ما يجعل الاهتمام الأكبر 
منصباً علی نقل الرسالة ولیس تشکیلها الشعری: 

«أجى عاريً من الخليل والجرجانى وابن قتيبة 

حتی آخر وغد عصرى ينبح فى الصفحات 

الأدبية عارباً منى أكثر منى يوم ولدت ويوم 

مرک 

وينبغى الإشارة - فى هذا السياق - إلى أن هذا 
التقسيم النظرى لأنماط الصورة لا ينطوى على حكم 
قيمى يفضل نمطا على آخر؛ إذ يظل الحكم دائماً 
متملقاً بمدى كفاية التشكيل الخاص للصورة بالتعبير 
عن سياقها الخاص الذى وردت فيه؛ بغض النظر عن 
تعقد علاقانها الت ركيبية أو بساطتهاء كما أن هذا الحكم 
ينبغى أن ينظر إلى الصورة باعتبارها نتاجا مباشرا لتجليات 
الذات وتعدد الأنساق اللغوية؛ وهو ما يقتضىء أولا؛ 
تنويعاً فى أنماط تشكيل الصررة وطبيعة علاقاتها 
التركيبية؛ كما يقتضىء ثانياء فهم الصورة وتخليلها فى 
إطار متداخل من علاقتها بالتجلى الخاص للذات 
المتكلمة التى صدر عنها هذا التشكيل الخاص للصورة 
الشعرية؛ ركذا علاقتها بنسق اللغة المسيطر فى السياق 
الذى وردت فيه. 
ویتعلق بالصورة الشعرية ودرجة ترکیبها ما یسمی 

بظاهرة التولید» فإذا كان مستوى اللاوعی یتمحور حول 
فکرة ترارح الأنا وحساراتها الشجددة؛ بحيث يتأسس 
الخطاب فى هذا المستوى من خلال نشاط فعل التداعی 
فى النصء وهو ما يؤهله للتوليد المستمر للصورة» 
فإن دوران التجربة - فى مستوى المتن الرئيسى بشكل 
خاص - حول هذه الدلالة نفسها (التراوح والخسارات 
العجددة) هر ما یجعل هذا التولید محدودا؛ بحیث 
یشکل مستوی الحاشية مستوی تعویضباً لتولید احدرد 
فى مستوی اللاوعی؛ فالوعی فی الحاشية فعل متاح 
للذات لا جده فى مستوى المتن النثرى: 

«ضاعت. 

مملكة من الرماد والعواء. 


فارتمت على يدى 
زرقة الفضاء. 
فضاء يتوجنى 
سيد الغرابة. 

غرابة تتوجنى 
شید الخواءء*". 


فالقطع السابق تتوالی فیه أربع جمل رئيسية ينبنى 
على أساسها توليد الصورة؛ فجملة (ارئمت... زرقة 
الفضاء؛ صورة يتولد عن آخر كلمة منها صورة جديدة 
تبدأ بالکلمة نفسها التی انتهت بها الصورة الأولى» 
فتكون الصورة الجديدة: ١فضاء‏ يتوجنى سيد الغرابة؛ » 
کذلك فاد الصورة الثالشة تعشکل ابتداء من آخر 
كلمة انتهت بها الجملة الثانية؛ فتصبح الصورة الثالئة: 
«غرابة تتوجنی سید الخواء» ؛ فیما نلحظ» مشاكلة - فى 
الدلالة - بین «الخواء» ومی آخر کلم فی القطع 
عموماً ووضاعت» وهی أول كلمة فى المقطع نفسه. 

وربما ساعدت هذه الطبيعة الغنائية للمستوى الوسيط 
فى الولع - أيضاً- بتولید الصورة الشعرية» غیر آن هذه 
السمة نظل أكثر وضوحاً فى مستوى الحاشية أكثر منها 
فى المستوى الوسيط . 

وئمة حصیصة آخری تتضح فی کل من مستوی 
الوعی والستوی الوسيط؛ ولا نكاد ننجدها فی مستوی 
اللارعى » وهى (الهندسية التشكيلية» فى تصميم 
المقاطع؛ حيث يأخذ الشكل ‏ بصرباً- فى سياقات 
معينة النمط المتموج رالنمط الشاقولى"" فى الكتابة » 
غير أن هذه الخصيصة ليست مطردة فى كل الأحوال؛ 
فهى تتبدى - فيما نرى - فى الحالات التى تنعكس فيها رغية 
الذات المفتعة فى التماسكء ويتمثل هذا النمط الشاقولى- فى 
التشكيز - فى مستوى الوعى على النحو التالى: 

«أصعده 


صمتاء 


YAY 


آشرف عطبة هاشم 


صمتاً. 
وأدق» 
يفتح لی. 
آمرق: 
أرفل: 
وقتاء 
کی افطل 
فى التوقيت القاتل: 
موتاً 
موتا + 0 

يضعنا المقطع السابق أمام أمرين لافتين يعكسان 
دلالة واحدة» فالمقطع يبدأ بالفعل «أصعده فيما تشال 
الكلمات لأسفل؛ وهى مفارقة تشكيلية تؤكد ‏ ما 
ذکرناه - من رغبة الذات فی مقیق التمامك الفقود؛ 
وهو ما لایتأنی الا بتغییر واقعها. ولا کان هذا التغیبر غير 
متاح للذات» فانها تعکسه علی الکتابة» وهى الأداة التى 
تملکها الذات وتتصور حريتها فيهاء وهذه الرغبة تفسها 
فى إضفاء التمامك علی الذات تعضح فی القطع ذانه؛ 
حيث تنتشر الأفعال الخاصة بالتکلم: أصعده؛ أدق» 
أرفل؛ أهطل» وكلها تعبر عن فاعلية تفتقدها الذات فى 
مستوی اللاوعی. 

ويمكن تمثيل الشكل المعبر عن هندسية الدمط 
الشاقولی علی الصورة الانية: 


مصاحبات لتشکیل 


«أدق» أرفل» أهطل) 





YAL 





وتتضح هذه الخصيصة االهندسية التشكيلية» فى 
المستوى الوسيط من خلال النمط المتموج فى الكتابة: 
مرت خيول الوقت فى حسدى وئيدا. 
مرت خیول الوقت. ۳ 
وأنا - بمنتصف الطریق الر - منتصب» 
وفی جسدی: 
صهلت خيول الصمت. 1 
وتات بمنتصف اشتعال اللون - منطفی» 
وفی جسدی: 
فرت خیول الوت»(۲۳۸. 
یعتمد تشکیل القطع السابق- کتابیاً - علی تکرار 
شبه الجملة الاعتراضية بين المبتدأ والخبر بشكل 
هندسى» كما يتم التبادل (الهندسى أيضا) بين الأسطر 
الطريلة والققصيرة مع المحافظة المقصودة على الرنین 
المنبعث من تكرار قافية التاء. 
إن القراءة التمهلة العميقة للمستويات الثلاثة فى 
قصائد الديوان توقفنا على الخصوصية البنائية لكل 
مستوى منها؛ تلك الخصرصية التى لا تعنى انعرالية 
مستوی عن الستویین الاخرین؛ وإنما يصبح الستری 
الراحد مساحة ح رکة بديلة للمستوی الأخر - فی سیاق 
بعینه - کمایصبح مهدا من ناحية أخرى لحركة 
الستوی الثالث. 
فاذا کانت الحاشية تلعب دور اضفاء العقلنة علی 
مستوی اللارعی» فانها تمهد فی الوقت ذانه لح رکة 
الستوی الوسیط. 
بل إن هذا اللعب الصوتى ‏ الذى يبدو عبثاً فى 
الظاهر - فی ثنایا مستوی اللاوعی» لیس لا محاولة 
لاضفاء التجانس علی الواقع والذات معا. وهذا العنی 
- فی واقع الأمر - حصيلة هذه الدفقات الواعبة التی 
ییشها مستوی الوعی باستمرار لضبط ح رکة التداعی فى 
مستوی اللاوعی؛ ویتجلی هذا اللعب اللغوی الذی آشرنا 
إليه فى موقعين يكرر فيهما الشاعر استخدام صوتی الخاء 


۲ امه ل ل یه ی ۳ العشكيل الدال 


والسین بصورة لافتة للنظر؛ وسنشییر هنا للسین 
كمثال: 


دفلا يأعذنى النعاس والنسيان السهل على 
سلم المساء أسيرا کسیراً کسوسنة بلا سینین 
أو سلحفاة بلا رأس سبيلى سالك لا مستحيل 
واستدارة ساعتى تسعى فتستلب السؤال بلا 
سوال ثم تشعى تستدير وتستدير فأستغيث 
بساحرانی لیس یسمعن استفائتی فأسحب 


سیفی الکسور أصرخ فی السیاق سدی. 


مسعای مسدی فيسرقنى النعاس والنسيان 
على سلسم المساء أسبيراً كسيرً...) 2110 : 


كك 

یکتسب الخطاب الشعری فی نص رفعت سلام 
ديناميته بفعل هذا التخلخل الناشئ عن التناوب الطرد 
لكل من سياقات التوقف والاستكناف؛ وهى سياقات 
محكومة بالانبغاق المدروس لحركات التسمفصل التنى 
لا ينبغى النظر إليها باعتبارها مجرد إحالات من المتن 
على الحاشية؛ إذ هى انحراف بالنص عن مجراه الرئيسى 
وخلق مساحات جديدة لحركة النصء» كما أن هذا 
الانحراف (النصى لا يتأسس على افتراض وجود منطقة 
حرکتة فی الداخحل (التن) وأخسری فی الخارج 
(الحاشية» » فالنص يتحرك ويتحرك معه فعل القراءة عبر 
مساحات الصفحة الشمرية - طولیاً وعرضياً ‏ بالقدر 
الذی یلنی هذا التفریق الشکلی بين ما یسمی «خارجاه 
و «داخحلا4؛ وتکاد تتحول الساحة البیضاء - الصغيرة 
جداً- بین مش الصفحة وهامشها إلى مجرد حافز 
بصری یسمح بالعهيؤ اللحظی البصری ومن ثم الانتقال 
للتشكيل الخایر النتظر. وكذلكء فإن هذه الكلمات 
والتراكيب التى يتوقف عندها النص ‏ بسبب انبثاق 
حركات التمفصل - ينبغى جاوز النظرة إليها ياعتبارها 
كلمات مكونة من أصوات إلى التعامل معها بوصفها 


مفاهيم تتوزع وضعيتها ‏ الموقعية ‏ فى النص وبالتالى 
دلالتها بین مستوبی الوعی واللاوعى؛ حيث ترد هذه 
الكلمات (المفاهيم) فى مستوى المتن النشرى فى سياق 
التداعى الحرء ثم يعاد إنناجها فى مستوى الحاشية 
بمرجعية الوعی. 

ولعل ذلك هو ما يفسر أن الكلمات والتراكيب التى 
ينقطع عندها تعابع مستوی اللاوعی تتکرر بنصها- 
غالباً- فی مستوی الوعی» ما یعنی انتقالها لستوی آخر 
من السحلیل والانتاج الدلالی بحیث تعدخل الذاکرة 
التاريخية المحصة للذات المتكلمة؛ وكذلك خبرتها 
امتجددة بالعالم لإضفاء هذه الدلالة الجديدة. 


وحتی تتم عملبة اعادة الانتاج واضفاء الدلالات 
لهذه الفاهیم؛ فإنه لابد من وسائط بین التن والحاشية» 
وهذا ما یسمح بظهور تلك الملاقات اختلفة التی نتوزع 
بين أنماط الوصف والتتسمیم والانقطاع الظاهری 
والتخالف والتدویر. 

العلاقات ‏ إذن - تضطلع وظيفياً بتأكيد الطابع 
الجدلى للارتباط بين المتن والحاشية» وعلى أساسها تدم 
عملية إعادة إنتاج المفاهيم فى مستوى الوعى. 

ويكاد يمثل نمط العلاقات الوصفية النسبة الأكبر 
_ كما بين الأنماط انختلفة للعلاقات. وکی نوضح 
هذا انمط الخاص من العلاقات؛ فإننا بحاجة إلى 
استحضار کل من مستوبی الوعی واللاوعی واختبار 
عمل الملاقة الوصفية بینهما؛ ففی القطع التالی من 
مستوی اللاوعى ينثال التداعى حتى يتوقف عند كلمة 
الرتی: «هل أللمها آکومها بجنب الحائط المهدوم أم 
أسضى على قلق كأن الربح متحتى أم أدمدم بالعويل 
لاوقظ الونی...» ۳۲۲ ثم تکون الاحالة - عبر حركة 
التمفصل ‏ على مستوی الوعی؛ حیث تبدا علاقة 
الوصف فى العمل بحيث يتم تقايم تفصيل كامل 
لفهوم الوتی: 


۳۸۰ 


اشرف عطية هاشم لاسبس ب سس سس 


«ماتوا 
كحبات رمال كظيمة. 
هل كنت صحوا صاخباً 
يرف فى سماء قديمة. 
ظهيرة الوقت كنت» 
قلت: 
ها أنا ذا 
فاخرجوا لى من موتكم 
- ساعة 
کی أحدد سكة قلبى الرجيمة "١‏ . 
وما يلبث سياق اللاوعى أن يستأنف :«وأعدو عابراً 
إن علاقة الوصف هى التى تتيح للتفصيل وتوليد 
الدلالة الفرصة للحركة؛ بحيث يتم التحديد الواعى 
لسمت «هژلاء الونی» - باستخدام کاف التشبیه - ثم 
يتبع ذلك السؤال الذى لا ينفصم عن اكتناه الدلالات 
وتغطية أوجهها الختلفة من خلال التبين والاستدلال؛ وما 
إن تتم الإجابة حتی یتبعها فعل الأمر «اخحرجواه » وهو 
يأخذ هنا صفة الاشتراط ؛ إذ هو الطرف الأول فى العلاقة 
السببیة: «اخرجوا .. کی أحدد..». 
وهذا التفصیل والتحدید رترتیب القولات الاشتراطية 
لا يمكن أن يحتملها مستوى اللاوعى بكل مايكتنفه 
من ضبابية وتضاربات فى حركة الذات المتكلمة. 
وإذا كانت علاقات التتميم ‏ كما ذكرنا سابقاً- 
هى النمط الوحید من العلاقات التی یتواشج بها نصا 
تن (مستوی اللاوعی - الستوی الوسیط), فانها تبدی 
بوصفها أحد أنماط العلاقة بين مستوبى الوعى 
راللارعی؛ حيث يتم من خلالها قطع حركة تداعى 
مستوی اللارعی وتکملة الخطاب فی مستوی الوعی 


YA 


بواسطة دوال أسلوبية معينة كحروف العطف أو جمل 
الندای رقد يكون هذا القطع بين شيئين متلازمين 
( کالفعل والتعلق به أُو النعت والمنعوت) ؛ فنص المتن 
الشرى الذى يرقف صصد كلمة «تریاقا» فى المقطع 
التالى: 
«لی أن اس الليل ترياقا ...۾ ۳ء ثم تتم الإحالة 
علی الحاشية كما يلى: 

...وسا أليفاً. 

ینز فی جسدی 

عواء قاتلا 

أو 

صبوة فائرة» 

وبأسأ وريفاً. 

لالیل لی» 

ولى ليل يلائمنى 

ویطلقنی إلى الليل العادی: 

وردة سوداء 

أو 

قمراً مخيفا "". 
ثم يعود مستوى المتن النشرى إلى الاتصال ابتداء من 
الصفة «أليف؛ حيث إن كلمة «ترياق» هى الموصوف 
السابق - ويتم استكناف التتابع على النحو التالى :«أليفاً 
والنهار مفازة... . 

إن القطع يعطى الاعتبار الأكبر للعطف على حساب 

النعت؛ وهو أمر لا یخلو من دلالة؛ إذ يلغى أسبقية 
حركة التقابل بين (الشرياق؛ والسم) فى الوعى على 
حركة الوصف. 





ولعل مايزكى هذا التوجه أن نص الحاشية يشهى 

بكلمة «مخيفاه التى يتشكل بينها وبين أول كلمة فى 
نص التن النشری الستأنف «ألیفاه حرکه تقابل جديدة. 
وتمثل علاقات التخالف انحرافاً کاملاً بالخطاب عن 
مساره فی مستوی اللاوعی؛ فمثلما یعید مستوی انتاج 
الفاهیم التی یتوقف عندها تتابع نص مستوی اللاوعی 
فإنه قد يهدمها آیضاً بشکل کلی؛ بحیث یخلق سیاقه 
الخاص والیات عمله الخاصة, وهذا مسا تضطلع به 
علاقات التخالف. فسیاق مستوی التن الشری یأئی علی 
هذه الصورة: 

«مستباح على القارعة لمن يرمى لى 

كسرة خبز أو سيجارة أو امرأة ألوكها 

حينا إلى أن أعثر على البديل الشورى 

الاس» ۹« 
ويتوقف السياق عند هذه الكلمة الأخيرة ثم تبدأ علاقة 
التخالف فى العمل فى حاشيتها على النحو التالى: 

ولا بديل لى. 

هل أمدد الساقين» 

متكئا على ظلى » 

اعابت ما سيسقط فى يدى 

من ظلمة 

أو غاشية» 

أم 

هل أمد يدى 

فأحمش وجه هذا الليل» 

يهطل فوق رای 

جثة مبقورة 

أو ولولات حانية» ۳9 

وبحکم طبيعة هذا النمط من العلاقات» فان الحاشية 

التى تتضمنه غالباً ما يتصدرها دال النفى (لاء لم» 


العشكيل الدال 


لیس)» كما أنه يشتمل فى معظم تجلياته على رؤية 
استباقية تعكس الوعى الحاد بح رکة الذات والواقع. وتبدر 
علاقة الانقطاع الظاهرى كما لو كانت انصالاً واهياً 
بين نصين غريبين لايبجمعهما جامع؛ وربما كان 
تصميم نص الحاشية؛ بحيث لا بیدا بتلك الكلمة أر 
التركيب الذی یتوقف عنده سياق التتابع - عادة - فی 
مستوى المتن النشرى» هو الذى يعمق الانطباع بهذه 
الغربة بين النصين. 
بيد أن الجامع المشترك بين نصى المتن والحاشية 
يمكن اكتشافه من هذا الصدى والإيقاع النفسى الذى 
يت ركه كل من النصين دلالياً لدى قارئ النص أو محلله. 
والقطع التالی - من مستوی اللاوعی - یتوقف عند 
ترکیب «عصا آأبی یوم الخمیس؟؛ وهو یألی علی النحو 
التالى: 
«قلت یا سيدة الانکسار متی یکون لی قالت 
بلا وعد وصاح الديك صيحته الأخيرة 
فانسحبت والكلام شوكة فى العين لا تنام 
فاغفری لی جرأنى وخوفى من عصا 
أبسى يوم الخميس..» "". 
فيما يتحول الخطاب فى مستوى الوعى على الصورة 
التالية:. 
دليل مبلل بغامض خبىء. 
رصاصة ترف فى فضاء مضىء. 
وقطرة حامضة 
تلوب فى دماء قادم بطىء. 
وأشجار الفرار عالية. ٠‏ 
وکنت کسرة مكسورة 
تبيح جرحها 
للغامض الجریء » 9" , 


TAV 


آشرف عطبة هاشم 


فمستوى اللاوعى يقدم لنا حالة (نموذجية) للهزيمة 
واليأس » وتتشكل هذه الحالة من عناصر: (تمنع السيدة» 
وانسحابهء وخوفه من عصا أبيه يوم الخمیس) ؛ بینما 
تترجم تلك الحالة فى مستوى الوعى من خلال ألفاظ 
وجمل وتراكيب تقدم الدلالات السابقة نفسها: (ليل 
رصاصة: أشجار الفرار» کنت کسرة مکسورة؛ تبیح 
جرحها) . 

تمائل الانطب‌اعین» (ذن» هو الذی ی کد ظاهرية 
علاقة الانقطاع لا حقيقته. 

أما الدمط الأخير من العلاقات» وهو علاقات التدوير» 
ففيه يتوقف خطاب التداعى فى مستوى اللاوعى عند 
كلمة أو تركيب معين؛ بحيث تبدأ الحاشية بهذه الكلمة 
أو التركيب ثم تنتهى بها (أو به) أيضاً. 


والقطع التالی - من مستوی اللاوعی - بتوقف عند 
کلمة الاجراس السوداء: 
«فلا یکرن لى غير المراوغة الأليمة إلى 
ماقبل قيام القيامة بدقيقة فأقول قولى وأمضى 
فأدق الأجراس السوداء.. ع 2580 


لم تبدأ الحاشية وتنتهى على النحو التالى: 


«أجراس سوداء 
هل كان الوقت قطيعاً برياً 
يرعى جسدی 


الهوامش والحواشى والراجع: 





المبسرط على هارية, ‏ 


م كانت يدها طائر بحر 


رفرف فى أعضائى ملحا وصفيراء 
أم كنت أحلق فوق الماء وثيدء 
وأحط على آجراس سوداء E:‏ 

ويعكس هذا الدمط من العلاقات التقارب الشديد 
بين مستوبى الوعى واللاوعى؛ بحيث تستغلق اللحظة 
التاريخية التى تعيشها الذات المتكلمة ‏ حتی فی مستوی 
الوعى ‏ على الفهم. 

إن فهم منطق العلاقات التئ تتواشج بها المستويات 
معأ (وبشكل خاص مستوى الوعى واللاوعى) لا يمكننا 
فقط من عملية إعادة إنتاج المفاهيم أو تخليقها بعد 
نفيهاء وإنما يضعنا أمام حقيقة أساسية؛ هى هذه 
الدينامية أو الحركية الهائلة التى تتمتع بها قصائد 
الديوان» انتی آثرت دائماً أن أسميها «النص؛ بدلا من 
«القصائد؛» نظراً لهذا التواشج الشديد بين هذه 
«القصائد؛ الختلفة التى ما كان لها أن تتواشج وتنصهر 
معا لولا هذه القدرة الهائلة لبدع النص» ومی القدرة 
التی مکنته من الح رکة بین هذه الستویات اختلفة» 
ومكنتنا فى الوقت ذاته من التعايش مع هذه الحالة 
الإبداعية الخاصة التى هى فى واقع الأمر قراءة «فنية) 
للذات والمجموع معاً. 


() رفمت سلام؛ إشراقات رفعت سلام.. الهيكة الصرية العامة للکتاب» القاهرةء ۰۱۹۹۲ 
(۲) انظر: فربال جبورى غزرل» نحو تنظیر سيميوطيقي لترجمة الابداع الشعری» مجلة فصول الصرية؛ العددان الأول والثانى: برلیو ۱۹۹۱ أخسطس ۱۹۹۱ انجلد 


الماشر» عدد خاصی ب «قضاباالابداع»» انجزه الأول- 


(۳) استعرنا المصطلح من علوی الهاشمی» اتظر دراسته القيمة :تشكيل فضاء النص بصرياء مجلة الوحدة الفربية, المدد ۰۸۲ ۰۸۳ بولیوا أغسطس ۰۱۹۹۱ 


(4) انظر: الدیوان؛ ص» ۲۲. 
)٥(‏ انظر: الدیوان» ص ٤٤‏ . 


(5) انظر: تيرى إيجلتون؛ مقدمة فى نظرية الأدب» ترجمة آحمد حسان» ماسلة کتابات نقدية الهيئة العامة لقصور الثقافة: القاهرة؛ سبتمبر 1۹۹۱ء حيث يعالج هذا 


اللفهوم وغيره من المغاهيم النعلقة بجماليات التلقی» ص ۹۸ رما بعدهاء 


YAA 





العشكيل الدال 


0 الديوانء ص 1۵. 

(۸) الدیران. ص ۲۹. 

() الدیوان, ص ۱۸. 

(۰) الدیران ص ۲۵ 

(۷) اللیوان ص ۳۸ 

(۲) الدیوانة ص ۳۷ 

(۱۳) الدیران ص ٩‏ 

(۱4) الدیران ص ۲۷ 

١١ الديوان ص‎ )١6( 

() الدیوان ص ۱٩‏ 

(۷) استخدنا مصطلح «الأنساق اللغويةة بدلا من «المستويات اللغوية» لاعتبارين: آرلهما آن مصعفلح الستویات اللغوية يتسع ليشمل درجات مختلفة من اللغة تبدأ باللغة 
الرسمية رتنتهى باللخة العامية وبينهما درجات أخرى من الستوبات, وهذا لیس محل التحلیل هناء انبهما آن مصطلح «نسق اللفة» بنطری علي انتظام لايدل عليه 
مصطلح (مستوى اللغة) ودراستنا ننحو أصالا إلى البحث عن جه اهنا ران خلال اخخبار العناصر الختلفة للنص الشعری. 

(18) الديوان ص ۰۹٩‏ ص ۷۰ 

(19) الديوان ص :١4‏ ص ١6‏ 

(۲۰) الدیوان ۱۷ 

(۲۱) انظر رولان بارط» لة الق ترجمة فژاد صفا والحسین سبحان دار تومقال للنشره الدار البيضاء؛ الفرب؛ ۰۱۹۸۸ ص ۰۱ 

(۲۲) الدیوان ص ۲۵ 

(۲۳) الدیران ص ۲۵ 

(۲) الایران ص ۱6 

(۲۵) الدیران ۱۰(۸۱) الدیوا؛ ص ۲۵. 

۱ اللیران. ص ۰۳۸ 

(۱۲) الدیران؛ ص ۳۷. 

(۱۳) الدیوان, ص ۰٩‏ 

(۱4) الدیران؛ ص ۰۲۷ 

۰۱۱ الديوان؛ ص‎ )١5( 

(15) الديوان؛ م 19. 

۷ استخدمنا مصطلح «الأنساق اللغوبة» بدلا من «المستويات اللغوية» لاعتبارين: أولهما أن مصطلح المستويات اللغوية ينسع ليشمل درجات مختلفة من اللغة تبدأ باللغة 
الرسمية وتنتهى باللغة العامية وبينهما درجات أخرى من المستويات: وهذا ليس محل التحليل هنا. ثانبهما أن مصطلح «نسق اللغة؛ ينطرى على انتظام لايدل عليه 
مصطلح (متوی اللغة) : ودراستنا تنحو أصلاً إلى البحث عن هذا الانتظام والنسقية من خلال اختبار العناصر الختلفة للنص الشعرى. 

(۸) الایوان» ص ص ۰3٩‏ ۰۷۰ 

() الدیران, ص ص ۰۱۶ ه. 

(۲) الدیوان؛ ۱۷ ۰ 

(۲۱) انظر رولان بارط ؛ لذة النص» ترجمة فؤاد صفا والحسين سبحان, دار توبقال للنشره الدار البيضاء؛ المغرب» ۱۹۸۸ » ص ۰۱۱ 

(؟؟) الديوان؛ ص ۵. 

(۲۳) الایوان؛ ص ۲۵. 

(4؟) الایوات, ص ۰۱6 


(5؟) الديران» س ۸۱ 


A۹ 





أشرف عطية هاشم 


يستخدم علوى الهاشمى مصطلح «التشکیل اللموج؛ للتعبير.عن أحد انتظامات شعر التفعيلة بصرباً. انظر دراسته تشكيل فضاء النص بصرياً؛ مجلة الرحدة 
الغربية المدد ۸۳۱۸۲ لمام 195 ؛ وكذلك يستخدم كمال أبو ديب مصطلح: احور الشاقولى؛ مرادفاً للمحور الرأمی» وقد أفدنا فى السياق المشار إليه من 
الصطلحین. 
(۲۷) الدوان؛ ص ۰۳۲ 
۰ الديوان؛ ص ۰۲۸ 
(۲۹) الدیوان» ص ۰4۳ 
(۳۰) الدیوان؛ ص ۸۳. 
۲ ) الدیوان؛ ص ۰۸۳ 
(۳۲) الدیوان؛ ص ۰۷۹ 
(۳۳) الایوان؛ ص 74 
(۳۸) الدپوان؛ ص ۰4۷ 
(۳۵) الدیوان» ص ۰4۷ 
۲ الديوان» ص ۰*۱۳ 
(۳۷) الديوان» ص ۰۱۳ ۱ 
(۳۸) الدیران ص ۰٩‏ 
(۲) الدیران؛ ص 5. 





۳۹۰